صفحة 48 من 60 الأولىالأولى ... 38464748495058 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 189 إلى 192 من 239

الموضوع: العقد الفريد/الجزء الثاني/7


  1. #189
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 670
    Array

    مِن خلقك ما تَرتاع به عقولُهم ويملأ قلوبهم من رَعْد تَفزع له القُلوِب وبَرْق يَخْطِف الأبصار وملائكةً خَلقتَهم وأسكنتهم سمواتِك وليست فيهم فتْرة ولا عَندهم غَفْلة ولا بهم مَعْصية‏.‏ هم أعلم خَلقك بك وأخوفهم لك وأقومُهم بطاعتك ليس يَغشاهم نوم العُيون ولا سَهْو العقود لم يَسْكنُوا الأصلاب ولم تضمهم الأرحام أنشأتَهم إنشاء وأسكنتهم سمواتِك وأكرمتهم بجوارك وائتمنتهبم على وَحْيك وَجنَبتهم الأفات ووَقَيتهم السيآت وطَهّرتهم من الذنوب فلولا تقويتك لم يَقْوَوِا ولولا تَثْبيتك لم يَثْبتوا ولولا رَهْبتك لم يطيعوا ولولاك لم يكونوا‏.‏ أمّا إنهم على مكانتهم منك ومنزلتهم عندك وطُول طاعتهم إياك لو يُعاينون ما يَخفىِ عليهمٍ لاحتقروا أعمالهم ولعلموا أنهم لم يَعْبدوك حقَّ عبادتك‏.‏ فسُبحانك حالقاً ومعبوداً ومَحموداً بحُسن بلائك عند خَلقك‏!‏ أنت خلقت ما دبَّرته مَطْعماً ومَشرباً ثم أرسلت داعياً إلينا فلا الدَّاعي أَجبنا ولا فيما رَغّبْتنا فيه رغِبنا ولا إلى ما شوَّقتنا إليه اشتقنا‏.‏ أقبلنا كُلنا على جِيفة نأكل منها ولا نَشبع وقد زاد بعضُنا على بعض حرصاً لما يرى بعضُنا من بعض فافتضحنا بأكلها واصطلحنا على حُبها فأعمت أبصارَ صُلاَّحنا وفُقهائنا فهم ينظرون بأعين غير صحيحة ويسمعون بآذان غير سَميعة فحيثما زالت زالوا معها وحيثما مالت أقبلوا إليها وقد عاينوا المأخوذين على الغِرّة كيف فجأتهم الأمور ونزل بهم المحذور وجاءهم من فراق الأحبّة ما كانوا يتوقعون وقَدموا من الآخرًة إلى ما كانوا يُوعدون‏.‏ فارقوا الدُّنيا وصاروا إلى القُبور وعَرفوا ما كانوا فيه من الغُرور فاجتمعت عليه حَسْرتان حَسْرة الفَوت وحَسْرة الموت فاغبرت لها وُجوههم وتَغيّرت بها ألوانهم وعَرِقت بها جباهُهم وشَخَصت أبصارهم وبَردت أطرافُهم وحِيل بينهم وبين المنطق وإنّ أحدَهمِ لَبينْ أهله يَنْظر ببصره ويسمع بأُذنه‏.‏ ثم زاد الموتُ في جسده حتى خالط بَصره فذهبت من الدنيا مَعرفته وهَلكت عند ذلك حُجته وعاين هولَ أمر كان مُغطَىً عليه فأحدّ لذلك بَصره‏.‏ ثم زاد الموتُ في جَسده حتىِ بلغت نَفسه الحُلقوم ثم خَرج روحه من جسده فصار جسداً مُلقى لا يُجيب داعياَ ولا يَسمع باكياً فنزعوا ثيابه وخاتَمه ثم وَضئوه وضوء الصلاة ثم غَسلوه وكَفنوه أدراجاً في أكفانه وحَنَطوه ثم حملوه إلى قبره فدلَوه في حُفرته وتركوه مُخلى بمقطعات من الأمور وتحت مسألة مُنكر ونكير مع ظُلمة وضِيق ووَحشة قبر فذاك مَثواه حتى يَبْلى جسدُه ويَصيرَ تُراباً‏.‏ حتى إذا بلغ الأمر إلى مِقداره وأُلحق آخرً الخَلق بأوله وجاءه أمرٌ من خالقه أراد به تجديد خَلقه فأمر بصوت من سمواته فمارت السمواتُ مَوْراً وفَرخ مَن فيها وبقي ملائكتُها على أرجائها ثم وَصل الأمر إلى الأرضٍ - والخلق رُفات لا يَشْعرون - فأرج أرضَهم وأرجفها وزَلزلها وقَلع جبالَها ونَسفها وسيرها ورَكِبَ بعضُها بعضاً من هَيبته وجلاله وأخرج من فيها فجددهم بعد بلائهم وجَمعهم بعد تفرّقهم يُريد أن يُحصيهم ويُميزهم‏:‏ فريقاً في ثوابه وفريقاً في عِقابه فخَلَد الأمرُلأبده دائماً خيْرُه وشره ثم لم يَنْس الطاعة من المُطيعِين ولا المَعصية من العاصين فأراد عز وجل أن يجازي هؤلاء ويَنتقم من هؤلاء فأثَاب أهل الطاعة بجواره وحُلول داره وعَيْش رَغَد وخُلود أَبَد ومجاورة الرّب ومُوافقة محمد حيث لا ظَعْن ولا تَغيّر وحيث لا تُصيبهم الأحزان ولا تَعْتَرضهم الأخطار ولا تشخِصهم الأسفار‏.‏ وأما أهل المعصية فخلَّدهم في النار وأَوْثق منهم الأقدام وغُلَت منهم الأيدي إلى الأعناق في لَهَب قد اشتد حرّه ونار مُطْبَقة على أهلها لا يدخل عليهم بها رَوْح همهم شديد وعَذابهم يَزيد ولا مُدَّة للدار تَنْقَضي ولا أَجَل للقوم ينتهي‏.‏ اللهم إني أسألك بأن لك الفضل والرحمةَ بيدك فأنت وليّهما لا يليهما أحدٌ غيرك وأسألك باسمك المَخْزون المَكْنون الذي قال به عرْشُك وكرسيّك وسمواتُك وأرضُك وبه ابتدعت خَلْقك الصلاةَ على محمد والنَجاةَ من النار برحمتك آمين إنك وليّ كريم‏.‏ وخطب أيضاًً فقال أيها الناس احفظوا عنّى خمساً فلو شَددتم إليها المَطايا حتى تُنضوها لم تَظفروا بمثلها‏:‏ إلا لا يرجونِّ أحَدُكم إلا ربّه ولا يخَافن إلا



    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!







  • #190
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 670
    Array

    ذَنبَه ولا يَسْتَحي أخدُكم إذا لم يعلم أن يتعلم وإذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول‏:‏ لا أعلم أي وإن الخامسةَ الصَبر فإن الصبرَ من الإيمان بمنزلة الرأس من الجَسَد‏.‏ مَن لا صَبْر له لا إيمان له ومَن لا رأسَ له لا جَسد له‏.‏ ولا خير في قراءة إلاَّ بتدبّر ولا في عبادة إلا بتفكر ولا في حِلْم إلا بعلم‏.‏ ألا أنبئكم بالعاِلم كُلِّ العالم مَن لم يُزيَن لعباد الله معاصيَ الله ولم يؤمنهم مَكْرَه ولم يُؤْيسهم من رَوْحه‏.‏ ولا تُنْزلوا المُطِيعين الجَنَّة ولا المُذْنبين المُوَحدين النار حتى يَقْضيَ الله فيهم بأمره‏.‏ لا تأمنوا على خير هذه الأمة عذابَ اللهّ فإنه يقول‏:‏ فَلاَ يَأمن مَكْر َاللهّ إلا القومُ الخاسِرُون‏.‏ ولا تُقْنِطوا شر هذه الأمة من رحمة اللهّ فإنّه لا ييأس من رَوْح الله إلا القومُ الكافرون‏.‏ من كلامه رضوان الله عليه‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ لما فرغ علي بن أبي طالب من وقعة الجمل دعا بأجرتين فعلاهما ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ يا أنصار المرأة وأصحابَ البهيمة رَغا فَجِئْتم وعُقِر فانهزمتم‏.‏ دخلتُ شرَ بلاد أبعدها من السماء بها يَغيض كل ماء ولها شر أسماء هي البصرة والبُصَيرة والمُؤتفكة وتَدْمر أين ابن عباس فدُعيت فقال لي‏:‏ مُرْ هذه المرأة فَلترجع إلى بيتها الذي أُمرت أن تَقَر فيه‏.‏ وتمثل عليّ بن أبي طالب رضيِ الله عنه بعد الحَكَمين‏:‏ زَلَلْت فيكم زلَةً فأعْتذِرْ سوف أكيسُ بعدها وأنشمِرْ خطب معاوية قال القَحْذَميّ‏:‏ لمَّا قَدِمَ مُعاويةُ المدينة عامَ الجماعة تلقّاه رجالُ قريش فقالوا‏:‏ الحمد اللهّ الذي أعزَ نَصْرَكَ وأَعْلى كَعْبك‏.‏ قال‏:‏ فوالله ما ردّ عليهم شيئاً حتى صَعِد المِنْبر فَحَمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أما بعد فإِني والله وَليتُها بمحبة علمتُها منكم ولا مَسَزَة بولايتي ولكني جالدتُكم بسيفي هذا مُجالدة ولقد رُضْتُ لكم نفسي على عمل ابن أبي قُحَافة وأردتُها على عمل عُمر فنفرتْ من ذلك نِفَاراً شديداً وأردتُها على مثل ثَنِيَّات عثمان فأبت عليَ فسلكتُ بها طريقاً لي ولكم فيه منفعةً مواكلة حَسنة ومُشاربة جميلة فإن لم تَجدوني خيركم فإني خيرٌ لكم ولايةً‏.‏ والله لا أحملً السيفَ على من لا سيف له وإن لم يكن منكم إلا ما يَسْتَشفي به القائلُ بلسانه فقد جعلتُ له ذلك دَبْرَ أُذني وتحت قدمي وإن لم تجدوني أقوا بحقّكم كُلَّه فاقبلوا منّي بعضَه فإنْ أتاكم منّي خيرٌ فاقبلوه فإن السيل إذا يزاد عَنى وإذا قلّ أَغنى وإياكم والفتنةَ فإنها تُفسد المَعيشة وتكدّر النّعمة ثم نزل‏.‏ خطبة أيضاًً لمعاوية حمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبيّ ثم قال‏:‏ أما بعد أيها الناس إنا قدِمْنا عليكم وإنما قَدِمنا على صَدِيق مُستبشر أو على عدوِّ مُستتر وناسٍ بين ذلك يَنْظرون ويَنْتظرون فإِنْ أُعْطوا منها رَضُوا وإنْ لم يُعْطَوْا منها إذا همِ يَسْخُطون‏.‏ ولستُ واسعاً كُلّ الناس فإن كانت مَحْمَدة فلا بدّ من مَذمَة فلوْماَ هوناً إذا ذُكِرَ غُفِر وإياكم والتي إن أُخْفِيت أوْ بقت‏.‏ وإن ذُكِرَت أوْثَقَت ثم نزل‏.‏ خطبته أيضاًً لمعاوية صَعِد مِنْبر المَدينة‏.‏ فحمد اللهّ وأثنى عليه ثم قال‏:‏ يأهل المدينة إنّي لست أُحِب أن تكونوا خَلْقاً كَخَلْق العِراق يَعيبون الشيء وهم فيه كلّ امرىء منهم شِيعةُ نَفْسه فاقبلونا بما فينا فإن ما وراءنا شر لكم وإنَّ معروف زماننا هذا مُنكَر زمان مَضى ومُنْكَرَ زماننا معروفُ زمان لم يأت ولو قد أتى فالرَّتْق خَيْرٌ من الفَتْق وفي كلًّ بلاغ ولا مُقام على الرزيّة‏.‏ خطبة لمعاوية أيضاً قال العُتْبي‏:‏ خَطَب معاويةُ الجمعة في يوم صائف شديد الحرّ فحمد الله



    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!







  • #191
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 670
    Array

    وأثنى عليه وصلّى على رسوله ثم قال‏:‏ إن الله عز وجلّ خَلقكم فلم يَنْسكم ووَعظكم فلم يُهملكم فمال‏:‏ يأيها الذين آمنُوا اتّقوا الله حَقّ تُقاته ولا تَمُوتُنّ إلا وأنتم مُسْلمون‏.‏ قوموا إلى ذكر لعبيد الله بن زياد عند معاوية قال ابن دأب‏:‏ لما قَدِمَ عبيدُ الله بن زياد على معاوية بعد هلاك زياد فوجده لاهياً عنه أنكره فجعل يَتصدى له بخَلوة لَيسْبُر من رأيه ما كُرِهَ أن يُشرك به في عمله فاستأذن عليه بعد انصداع الطُلاب وإشعال الخاصة وافتراق العامة وهو يوم معاوية الذي كان يَخْلو فيه بنفسه‏.‏ ففَطِن معاوية لما أراد فَبعث إلى ابنه يزيد وإلى مْرْوَان بن الحكم وإلى سعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحكم وعمرو بن العاص‏.‏ فلما أخذوا مجالسهم آذنَ له فسلم ووقف واجماً يتصفح وجُوه القوم ثم قالت‏:‏ صَريح العُقوق مُكاتمة الأدْنين ولا خَيْرَ في اختصاص إن وَفر أحْمَد الله إليكم على الآلاء وأستعينه على الَلأوَاء وأسْتَهْدِيه من عَمىً مُجْهِد وأسْتَعينه على عدوٍّ مُرْصِد وأشْهدَ أن لا إله إلا الله المنقِذ بالأمين الصادق من شقاء هاوٍ ومن غَواية غاوٍ وصلواتُ الله على الزكيّ نبيِّ الرحمة وِنذير الأمَة وقائد الهُدى‏.‏ أما بعد يا أميرَ المؤمنين فقد عَسَف بنا ظَنّ فرَّع وفرَع صَدَّع حتى طَمِع السحيق ويئس الرّفيق ودَث الوُشاة بموت زياد فكلُّهم مُتحفّز للعداوة وقد قَلَّص الإزْرة وشَمَّرَ عن عِطافه ليقول‏:‏ مضى زِياد بما استُلْحقِ به وولّى على الدَّنية من مُسْتلحقه‏.‏ فليت أمير المؤمنين لسَم في دَعَتِه وأسْلم زياداً في ضَعَته فكان تِرْبَ عامّة وواحد رعيّة فلا تَشْخصِ إليه عين ناظر ولا إصبْع مُشير ولا تذلَقُ عليه أَلْسُن‏.‏ كَلَمته حيّا ونَبَشته مَيْتاً فإن تكن يا أميرَ المؤمنين حابيتَ زياداً بولاء رُفات ودَعْوة أموات فقد حاباك زِياد بجِدّ هَصُور وعزْم جَسُور حتى لانت شكائمُ الشَرِس وذلَت صَعْبة الأشوَس وبَذل لك أمير المؤمنين يمينَه ويساره تأخذ بهما المَنيع وتَقْهر بهما البزيع حتى مضى والله يَغْفِر له‏.‏ فإنْ يكن زيادٌ أخذ بحقّ فأنْزِلنا مَنازلَ الأقْرِبين فإنّ لنا بعدَه ما كان له بدالة الرَّحِم وقرَابة الحَمِيم ومالنا يا أمير المؤمنين نمشي الضراء وندِبّ الخَفاء وٍ لنا من خَيْرك أكمله وعليك من حَوبنا أثقلُه وقد شَهِد القوِم وما ساءني قرْبُهم ليُقرّوا حقّاً ويردُوا باطلاً فإنَ الحق مَناراً واضحاً وسبيلاً قَصْداً فقل يا أمير المؤمنين بأيّ أمْرَيْك شِئْت فما نأْرِز إلى غير جُحرنا ولا نَسْتكثر بغير حقِّنا واستغفر الله لي ولكم‏.‏ قال‏:‏ فنظر مُعاوية في وجوه القوم كالمُتعجب فتصفّحهم بلحظه رجلاً رجلاً وهو مُبْتسم‏.‏ ثم اتجه تِلْقاءه وعَقد حُبْوته وحسر عن يده وجعل يُومىء بها نحوَه ثم قال مُعاوية‏:‏ الحمد لله على ما نحنُ فيه فكُل خير منه وأشهد أن لا إله إلا اللهّ فكُلّ شيء خاضع له وأن محمداً عبدُه ورسولُه دل على نفسه بما بان عن عَجْز الخَلْق أن يؤتوا بمثله فهو خاتم النبيّين ومُصدِّق المُرسلين وحُجَّة ربّ العالمين وصلواتُ الله عليه وسلامُه وبركاته‏.‏ أما بعد فربّ خير مَستور وشرّ مَذْكور وما هو إلا السهم الأخْيَب لمن طارَ به والحَط المُرْغِب لمن فاز به فيهما التفاضُل وفيهما التغابنُ وقد صَفَقت يداي من أبيك صَفْقة ذي الجُلْبة من ضوارع الفُصْلان عامل اصطناعي له بالكُفر لما أَوْليتُه فما رَميت به إلا انتصل ولا انتضيتُه إلا غُلِّق جَفْنه وَزلَّت شفرته ولا قلتُ إلا عاندَ ولاقُمْت إلا قَعد حتِى اخترمه الموت وقد أُوقع بخَتْره ودلَّ على حِقد‏.‏ وقد كنتُ رأيتُ في أَبيك رأياَ حَضَرَه الخَطَل والتبس به الزَّلل فأخذ مني بحظّ الغَفْلة وما أُبرِّىءُ نَفْسي إن النَّفس لأمِّارة بالسُّوء فما بَرِحت هناة أبيك تَحْطِبُ في حَبْل القطيعة حتى انتكث المُبْرَم وانحل عِقد الوِداد‏.‏ فيالها توبةً تُؤْتنف من حَوْبة أوْرَثَت ندما اسْمَع بها الهاتف وشاعَت للشَامت فليهنأ الواصِم ما به احتقر‏.‏ وأراك تَحْمد من أبيك جدّاً وجُسوراً هما أوْفيا به على سَرف التَقَحُّم وغَمْط النِّعمة فَدَعْهما فقد أذكَرَتْنا منه ما زهَدَنا فيك من بَعْدَه وبهما مَشَيْتَ الضَرَاء ودببت الخفاء فاذهب إليك فأنت نَجْل الدّغَل وعِتْرة النَّغل والآخرً شرِّ‏.‏ فقال يزيد‏:‏ يا أمير المؤمنين إن للشاهد غير حَكم الغائب وقد حَضرك زِياد وله مَواطن مَعْدودة بخير لا يُفْسدها التظنِّي ولا تُغيّرها التُّهم وأهلوه أهلوك التحقوا بك وتوَسطوا شأنك فسافرت به الرُّكبان وسَمِعت به أهلُ البُلدان حتى اعتقده الجاهل وشَكّ فيه العالم فلا تتحجَّر يا أمير المؤمنين ما قد اتسع وكَثُرت فيه الشهادات وأعانك عليه قومٌ آخرًون‏.‏ فانحرف مِعاويةُ إلى مَن معه هذا وقد نَفِس عليه ببيعته وطَعن في إمرته يعلم ذلك كاحما اعلمه يا للرِّجال من آل أبي سُفيان‏!‏ لقد حَكَموا وبذّهم يزيد وحدَه‏.‏ ثم نظر إلى عُبَيد اللهّ فقال‏:‏ يا بن أخي إنّي لأعرَفُ بك من أبيك وكأني بك في غَمْرَة لا يَخْطُوها السابح فالزم ابنَ عمِّك فإنّ ما قال حق‏.‏ فخرجوا ولَزم عُبَيد اللهّ يزيد يَرِد مجلسه ويَطأ عَقِبه أياماً حتى رَمى به معاويةُ إلى البَصرة والياً عليها‏.‏ ثم لم تَزل تُوكِسه أفعالُه حتى قتَله الله بالجازر‏.‏





    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!







  • #192
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 670
    Array

    العقد الفريد/الجزء الثالث/3
    خطبة لمعاوية أيضاً قال بهيثم بن عديّ‏:‏ لما حضرَت مُعاويةَ الوفاةُ ويزيد غائب دعا بمُسلم ابن عُقبة المر والضحَّاك بن قيس القهريّ وقال لهما‏:‏ أبلغا عني يزيد وقولا له‏:‏ انظر أهل الحجاز فهم عصابُتك اعترتك فمن أتاك منهم فأكرمه ومَن قعَدَ عنك فتعاهده وانظُر أهل العراق فإن سألوك عَزْل عامل في كل يوم فأعز له عنهم فإن عزل عامل واحد أهونُ عليك من سَلّ مائة ألف سيف ثم لا تدري عَلام أنت عليه منهم ثم انظُر أهلَ الشام فاجعلهم الشِّعار دون الدَثار فإنْ رابك من عدو رَيب فارْمه بهم فإن أظفرك اللهّ فارْدُد أهل الشام إلى بلادهم لا يُقيموا في غير بلادهم في فيتأدّبوا بغير أدابهم‏.‏ لست أخاف عليك غير عبد الله بن عمر وعَبدِ الله بن الزبير والحُسين بن علي‏.‏ فأما عبد الله بن عمر فرجل قد وَقَذَه الوَرع وأما الحُسين فأرجو أن يَكفيكه اللهّ بمنِ قَتلِ أباه وخَذَل أخاه وأما ابن الزُّبير فإنه خَبّ ضَبّ‏.‏ فإِنْ ظَفِرْت به فقطعه إرْباً إرْباً‏.‏ ومات معاوية‏.‏ فقام الضَّحَّاك بن قَيس خَطيبَاَ فقال‏:‏ إن أمير المؤمنين كان أنْفَ العرب وهذه أكفانه ونحن مُدْرِجوه فيها ومُخْلون بينه وبين ربّه فمن أراد حضوره بعد الظهر فليحضُر‏.‏ فصلّى عليه الضحَّاك‏.‏ ثم قَدِم يزيد فلم يَقْدَم أحدٌ عك تعزيته حتى دخل عليه عبدُ الله ابن همَام فأنشأ يقول‏:‏ اصْبِر يزيد فقد فارقتَ ذا مِقَةٍ واشكُر حِبَاء الذي بالمُلك حاباكا لا رّزْءَ أعظمُ في الأقوام قد عَلِموا مما رُزِئتَ ولا عُقْبى كعًقْبَاكا أصبحتَ راعِيَ أهل الدِّين كلِّهم فانْتَ ترعاهم والله يَرْعاكا وَفي مُعاوية الباقي لنا خَلف إذا بَقيت فلا نسمع بمَنْعاكا قال‏:‏ فانفتح الخطباء بالكلام‏.‏ خطبة أيضاًً لمعاوية ولما مرض معاويةُ مرَضَ وفاته قال لمولى له‏:‏ مَن بالباب قال‏:‏ نفر من قُريشَ يتباشرون بموتك‏.‏ قال‏:‏ وَيحك‏!‏ لمَ فوالله ما لهم بعدي إلا الذي يَسُوءهم‏.‏ وأذِن للناس فَدَخلوا فحمد الله وأثنى عليه وأوْجز ثمٍ قال‏:‏ أيها الناس إنا قد أصبحنا في دَهْر عنود وزمن شديد يُعدّ فيه المُحْسن مُسِيئاً ويزداد الظالم فيه عُتواً لا نَنْتفع بما عَلِمنا ولا نسأل عما جَهِلنا ولا نتخوّف قارعة حتى تَحُلّ بنا فالناس على أربعة أصناف‏:‏ منهم من لا يمْنعه مِن الفساد في الأرض إلا مهانة نَفْسه وكلال حدِّه ونَضِيض وَفْرِه ومنهم المُصْلِت لسَيْفه المُجْلِب برَجْله المُعْلن بشرِّه وقد أَشْرَط نفسَه وأوْبق دِينَه لحُطام يَنْتهزه أو مِقْنب يَقوده أو مِنْبر يَفْرعه وليس المَتْجران تراهما لنفسك ثمناً وبمالكَ عند الله عِوَضاً ومنهم من يَطْلب الدنيا بعمل الآخرًة ولا يطلب الآخرًة بعمل الدنيا قد طامَن من شَخْصه وقارب من خَطْوه‏.‏ وشمَر عن ثَوْبه وزَخْرَف نَفْسه بِالأمانة واتّخذ سِتْر الله ذَرِيعة إلى المَعْصية ومنهم مَن أَقعده عن طلب المُلْك ضآلة نفسه وانقطاع سَبَبِه فَقصِّرَت به الحال عن حاله فتحلِّى باسم القَناعة وتزيّا بلباس الزَّهادة وليس من ذلك في مَرَاح ولا مَغْدى‏.‏ وبِقي رجالٌ أغضّ أبصارَهم ذِكْرُ المرْجع وأراق دُموعَهم خوفُ المَضْجَع فهم بين شريد بادٍ وبين خائف مُنْقمع وساكت مَكْعوم وداعٍ مُحلص ومُوجع ثَكْلان قد أخْمَلتهم التقيّة وشَملتهم الذلة فهم في بحر أجَاج أفواهُهم ضامرة وقلوبهم قَرِحَة قد وُعظوا حتى مَلّوا وقهروا حتى ذَلّوا وقتُلوا حتى قلّوا‏.‏ فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر من حُثالة القَرَظ وقُرَاِدة الحَلَم واتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتّعِظ بكم من بعدكم وارفضوها ذميمةَ فقد رَفَضَت مَن كان أشفقَ بها منكم‏.‏ ليزيد بن معاوية بعد موت أبيه الحمد الله الذي ما شاء صَنع ومَن شاء أعطى ومَن شاء مَنَع ومن شاء خَفَض ومن شاء رَفع‏.‏ إن أميرَ المؤمنين كان حَبْلاً من حِبال الله مدَّه ما شاء أن يَمدَّه ثم قَطعه حين أراد أن يَقْطعه وكان‏.‏ دون مَنِ قبلَه وخيراً ممن يأتي بعدَه ولا أزَكِّيه عند ربّه وقد صار إليه فإن يَعْفُ عنه فَبِرَحْمته وإنْ يُعاقبه فَبِذَنبه وقد وُلِّيتُ بعدَه الأمرَ ولستُ أعتذر من جَهل ولا آسىَ على طَلَب عِلْم وعلى رِسْلكم إذا كَرِهَ الله شيئاً غيَّرَه وإذا أحبَّ شيئاً يسَّره‏.‏ وخطبة أيضاًً ليزيد الحمدُ لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكّل عليه ونَعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّات أعمالنا مَن يَهْد الله فلا مُضِلَّ له ومن يُضْلِل فلا هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحدًه لا شريك له وأن محمداً عبدُه ورسولُه اصطفاه لوَحْيه‏.‏ واختاره لرسالته بكتاب فَصَّله وفَضِّله وأعزَّه وأكرَمه ونَصره وحَفِظه ضرَب فيه الأمثال وحلّل فيه الحلال وحرَّم فيه




    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!






  • صفحة 48 من 60 الأولىالأولى ... 38464748495058 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. العقد الفريد/الجزء الثاني/2
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 08-04-2010, 01:12 AM
    2. العقد الفريد/الجزء الثاني/1
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 08-04-2010, 01:08 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1