" ماذا عنّي أنا ؟؟ تتركيني وحدي ؟؟ "
سألتُ دانة التي تقف أمام المرآة تجرّب ارتداء فستان السهرة الجديد ، الذي اشترته لارتدائه في الحفلة البسيطة ... يوم الغد
لم تكن تعيريني أي اهتمام.. و خلال الأيام الماضية عوملت معاملة جافة من قبلها و قبل سامر .. بتهمة الخيانة !
" دانة أحدّثك ! ألا تسمعين ؟؟ "
" ماذا تريدين يا رغد ؟ "
" لا أريد البقاء وحدي هنا "
" سامر معك "
قلت باستياء :
" لا أريد البقاء مع سامر بمفردنا "
الآن التفتت إلي و قالت :
" إنه خطيبك .. فإن كنت لا تثقين به فهذه مشكلتك ! "
شعرت بضعف شديد و قلة حيلة .. فوليد ، الشخص الذي كان يقف إلى جانبي و يتولى الدفاع عني قد اختفى.. و لابد لي من الرضوخ لقدري أخيرا...
خرجت من غرفتها و ذهبت إلى غرفتي، و من هناك اتصلت بوالدي ّ و طلبت منهما أن يعودا بأي وسيلة.. لأنني وحيدة و تعيسة جدا..
و يا ليتني لم أفعل ...
بعد ذلك ، جاء سامر إلى غرفتي يحمل علبة هدّية ما ...
كان يبتسم .. اقترب مني و حاول التحدث معي بلطف و كرر الاعتذار عما بدر منه تلك الليلة ، إلا أنني صددته بجفاء.
" وفر هداياك يا سامر .. فأنا لن أقتنع بفكرة الزواج بهذا الشكل مطلقا.."
غضب سامر و تحوّل لطفه إلى خشونة و نعومة حديثه إلى قسوة..
قال :
" حين يعود والداي سيتم كل شيء "
قلت :
" حين يعود والداي سينتهي كل شيء "
سامر فقد السيطرة على أعصابه و زمجر بعنف :
" كل هذا من أجل وليد ؟؟ "
ونظرت إليه نظرة تحد ٍ لم يستطع تجاهلها..
أطبق علي بقسوة و قال :
" و إن تخليت ِ عني ، لن أسمح له بأخذك مطلقا .. أتفهمين ؟؟ "
" بل سأطلب منه أن يأتي لأخذي فأنا لن أعيش معك بمفردي "
" رغد لا تثيري جنوني.. لا تجعليني أؤذيك .. إنني أحبك .. أتفهمين معنى أحبك ؟ "
هتفت :
" لكني أحب وليد .. ألم تفهم بعد ؟؟ "
سامر دفع بي نحو السرير ، و تناول علبة الهدية و رطمها بالجدار بقوة ...
قال :
" ماذا تحبين فيه ؟ أخبريني ؟؟ ماذا رأيت منه جعل رأسك يدور هكذا ؟؟ "
ثم أقبل نحوي و هزني بعنف و هو يقول :
" أ تحبّين رجلا قاتلا ؟ مجرما ؟ سفاحا ؟؟ "
صرخت بفزع :
" ما الذي تقوله ؟؟ "
قال مندفعا :
" ألا تعلمين ؟؟ إنها الحقيقة أيتها المغفلة .. كنت ِ تظنين أنه سافر ليدرس في الخارج ..طوال تلك السنين .. أتعلمين أين كان وقتها ؟؟ أتعلمين ؟؟ "
كان الشرر يتطاير من عيني سامر .. المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها عينيه بهذا الشكل ... أصابني الروع من نظراته و كلماته ..
أتم جملته :
" لقد كان في السجن "
صعقت ، و لم أصدّق ... هززت رأسي تكذيبا ، إلا أن سامر هزني و قال بحدة :
" نعم في السجن .. ثمان سنوات قضاها مرميا في السجن مع المجرمين و القتلة.. ألا تصدقين ؟ اسألي والدي ّ .. أو اسأليه هو.. في السجن يا رغد.. السجن.. و قد أخفينا الأمر عنكما أنت و دانة لصغر سنكما "
صرخت غير مصدقة ..
" كلا .. كلا .. أنت تكذب ! "
قال بحدّة :
" تأكدّي بنفسك.. و لسوف تندمين على صرف مشاعرك على قاتل متوحّش "
دفعت سامر بعيدا عني و ركضت مسرعة نحو غرفة دانة ، التي كانت لا تزال أمام المرآة ...
" دانة "
هتفت بقوة أجبرتها على الالتفات إلي بشيء من الدهشة و الخوف ...
قلت :
" وليد .. وليد... "
فزعت دانة ، قالت :
" ما به ؟؟"
قلت :
" كان في السجن ؟؟ "
دانة تحملق بي في دهشة و عدم استيعاب .. صرخت ُ :
" وليد كان في السجن ؟؟ أخبريني ؟؟ "
ظهر سامر من خلفي فنظرت إليه دانة
قال :
" أخبريها فهي لا تصدقني "
دانة جالت ببصرها بيننا ثم قالت :
" أجل... لثمان سنين .. "
صرخت :
" لا ! "
قالت :
" بلى ، و بجريمة قتل "
" مستحيل ! "
لم أشأ أن أسمع .. أن أفهم .. أن أصدق .. أن أدرك ..
دارت بي الدنيا و تراقصت الأرض و تمايلت الجدران.. و أظلمت الأنوار.. و لم أشعر بنفسي إلا و سامر يمسكني بسرعة و يجلسني أرضا ...
بدأت الأنوار تضاء.. و بدأت أسمع نداءاتهما و أرى أعينهما القلقة حولي.. و أحس بأيديهما الممسكة بي ...
" رغد حبيبتي تماسكي "
" رغد ماذا جرى لك ؟؟ "
" ابقي مسترخية "
" اسم الله يحفظك "
حينما وعيت تماما وجدت نفسي ممدة على الأرضة و رأسي في حضن سامر و يدي بين يدي دانة ... و كنت أشعر ببلل الدموع الجارية على وجنتي...
قال سامر :
" أ أنت بخير ؟ "
أغمضت عيني بمرارة و تركت المجال لدموعي لتتدفق كيفما شاءت...
قالت دانة :
" رغد ... "
فتحت عيني و حاولت أن أتكلم، و عجزت إلا عن إصدار أنات متلاحقة... لا معنى لها و لا تفسير..
ساعدني الاثنان على النهوض و التوجه إلى غرفتي حيث استلقيت على سريري.. و جلس الاثنان قربي.. سامر يمسح على رأسي و دانة تشد على يدي...
قالت :
" لا بأس عليك.. كانت صدمة بالنسبة لي أنا أيضا "
تحشرج صوتي في حنجرتي ثم انطلق ناطقا :
" لماذا أخفيتم عني ؟؟ "
دانة نظرت إلى سامر.. كأنها تنقل السؤال إليه..
نظرت إلى سامر فرأيت وجهه متجهما حزينا...
" لماذا ؟ "
سامر حار في أمره .. و بعثر أنظاره فيما حولي ثم قال :
" كنتما صغيرتين .. ثم .. لم نشأ تقليب المواجع بعد خروجه .. "
" لا أصدق .. لا أصدٌق.. لا يمكن.. "
و انفجرت في بكاء أبكى دانة.. و كاد يبكي سامر أيضا..
قلت مخاطبة دانة :
" لماذا فعل ذلك ؟؟ "
و أيضا أحالت السؤال إلى سامر ..
قلت مخاطبة سامر :
" لماذا ؟؟ "
هذه المرّة سامر دقق النظر إلي .. نظرات عميقة غريبة ، ثم قال :
" ألا تعرفين ؟؟ "
" أنا ؟؟ "
سامر قال :
" لا نعرف الحقيقة بالضبط، لكن ... "
" لكن ماذا ؟؟ "
تردد سامر ثم قال :
" إنه يخفي سرا .. "
صمت ثوان ثم قال :
" سر على ما يبدو .. له علاقة بـ ... "
و تراجع عن إتمام جملته..
" بماذا ؟؟ "
سألت ، فظل ينظر إلي بتمعن .. و كأنه يشير إلي !
" بي أنا ؟؟!! "
و لم ينف كلامي ، فسألته دانة باستغراب :
" و ما علاقة رغد بالأمر ؟؟ "
سامر تردد و من ثم قال بنبرة غير الواثق من كلامه :
" لا أدري .. القضية غامضة .. و حزام الزي المدرسي الذي كانت رغد ترتديه ذلك اليوم – وهي نائمة في سيارة وليد - .. وجد للغرابة في مسرح الجريمة قرب القتيل مباشرة ! "
ما إن أتم سامر جملته .. حتى تهدّم في رأسي سد الذكريات فجأة .. و تدفقت شلالات الذكرى المفزعة .. و انتفضت و شهقت ثم هتفت بغتة :
" عمّار !!؟؟ "
الاثنان نظرا إلي بتعجب ..
جلست فجأة و وضعت يدي الاثنتين على صدري فاتحة عيني و فاغرة في ّ بذهول ما بعده ذهول ...
" رغد ؟؟ "
ناداني سامر ، فالتفت إليه .. ثم إلى دانة .. ثم إلى سامر فدانة بشكل تثير الشكوك ..
عاد سامر يقول :
" رغد ..؟؟ "
صرخت :
" لا "
" رغد .. هل رأيت شيئا ؟؟ "
صرخت بفزع :
" لا "
قال :
" أتذكرين شيئا ؟؟ "
" لا .. لا كلا .. "
و جذبت دانة نحوي و وضعت رأسي في حضنها و لففت ذراعي ّ حولها و أنا أصرخ بجنون :
" كلا .. كلا .. وليد.. وليد .. "
حتى غشي علي ...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
لأ ما اتفقنا بنوب هيك ......
برب نماز جمعه .....
متابع .....
تقبلي مروري
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 6 (0 من الأعضاء و 6 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)