صفحة 5 من 28 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 17 إلى 20 من 110

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء التاسع)


  1. #17
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر الخبر عن غضب المعتصم على الأفشين وحبسه

    وفيها غضب المعتصم على الأفشين فحبسه.
    ذكر الخبر عن سبب غضبه عليه وحبسه إياه
    ذكر أن الأفشين كان أيّام حربه بابك ومقامه بأرض الخرّمية؛ لا يأتيه هدية من أهل إرمينية إلا وجّه بها إلى أشروسنة، فيجتاز ذلك بعبد الله بن طاهر، فيكتب عبد الله إلى المعتصم بخبره؛ فكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر يأمر بتعريف جميع ما يوجّه به الأفشين من الهدايا إلى أشروسنة؛ ففعل عبد الله بذلك؛ وكان الأفشين كلّما تهيّأ عنده مال حمّله أوساط أصحابه من الدنانير والهمايين بقدر طاقتهم؛ كان الرجل يحمل من الألف فما فوقه من الدنانير في وسطه؛ فأخبر عبد الله بذلك؛ فبينا هو في يوم من الأيام، وقد نزل رسل الأفشين معهم الهدايا نيسابور وجّه إليهم عبد الله بن طاهر، وأخذهم ففتّشهم، فوجد في أوساطهم همايين، فأخذها منهم، وقال لهم: من أين لكم هذا المال؟ فقالوا: هذه هدايا الأفشين؛ وهذه أمواله. فقال: كذبتم؛ لو أراد أخي الأفشين أن يرسل بمثل هذه الأموال لكتب إلىّ يعلمني ذلك لآمر بحراسته وبذرقته؛ لأن هذا مال عظيم؛ وإنما أنتم لصوص. فأخذ عبد الله بن طاهر المال، وأعطاه الجند قبّله، وكتب إلى الأفشين يذكر له ما قال القوم، وقال: أنا أنكر أن تكون وجّهت بمثل هذا المال إلى أشروسنة، ولم تكتب إلي تعلمني لأبذرقه؛ فإن كان هذا المال ليس لك فقد أعطيته الجند مكان المال الذي يوجّهه إلىّ أمير المؤمين في كلّ سنة، وإن كا المال لك - كما زعم القوم. فإذا جاء المال من قبل أمير المؤمنين رددته إليك؛ وإن يكن غير ذلك فأمير المؤمنين أحقّ بهذا المال؛ وإنما دفعته إلى الجند لأني أريد أن أو جههم إلى بلاد الترك فكتب إليه الأفشين يعلمه أن ماله ومال أمير المؤمنين واحد. ويسأله إطلاق القوم ليمضوا إلى أشروسنة؛ فأطلقهم عبد الله بن طاهر، فمضوا؛ فكان ذلك سبب الوحشة بين عبد الله بن طاهر وبين الأفشين.
    ثم جعل عبد الله يتتبع عليه، وكان الأفشين يسمع أحيانًا من المعتصم كلامًا يدل على أنه يريد أن يعزل آل طاهر عن خراسان، فطمع الأفشين في ولايتها فجعل يكاتب مازيار، ويبعثه على الخلاف، ويضمن له القيام بالدفع عنه عند السلطان؛ ظنًا منه أن مازيار إن خالف احتاج المعتصم إلى أن يوجهه لمحاربته، ويعزل عبد الله بن طاهر ويوليه خراسان؛ فكان من أمر مازيار ما قد مضى ذكره.
    وكان من أمر منكجور بأذربيجان ما قد وصفنا قبل. فتحقق عند المعتصم - بما كان من أمر الأفشين ومكاتبته مازيار بما كان يكاتبه به - ما كان اتهمه به من أمر منكجور؛ وأن ذلك كان عن رأي الأفشين وأمره إياه به؛ فتغير المعتصم للأفشين لذلك؛ وأحس الأفشين بذلك، وعلم تغير حاله عنده، فلم يدر ما يصنع، فعزم - فيما ذكر - على أن يهئ أطوافًا في قصره، ويحتال في يوم شغل المعتصم وقواده أن يأخذ طريق الموصل، ويعبر الزاب على تلك الأطواف؛ حتى يصير إلى بلاد أرمينية ثم إلى بلاد الخزر، فعسر ذلك عليه، فهيأ سمًا كثيرًا، وعزم على أن يعمل طعامًا ويدعو المعتصم وقواده فيسقيهم؛ فإن لم يحبه المعتصم استأذن في قواده الأتراك، مثل أشناس وإيتاخ وغيرهم في يوم تشاغل أمير المؤمنين، فإذا صاروا إليه أطعمهم وسقاهم وسمهم؛ فإذا انصرفوا من عنده خرج من أول الليل، وحمل تلك الأطواف والآلة التي يعبر بها على ظهور الدواب حتى يجئ إلى الزاب فيعبر بأثقاله على الأطراف، ويعبر الدواب سباحة كما أمكنه، ثم يرسل الأطواف حتى يعبر في دجلة، ويدخل هو بلاد أرمينية؛ وكانت ولاية أرمينية إليه، ثم يصير هو إلى بلاد الخرز مستأمنًا، ثم يدور من بلاد الخزر إلى بلاد الترك، ويرجع من بلاد الترك إلى بلاد أشروسنة، ثم يستميل الخزر على أهل الإسلام؛ فكان في تهيئة ذلك، وطال به الأمر فلم يمكنه ذلك.
    وكان قواد الأفشين ينوبون في دار أمير المؤمنين كما ينوب القواد؛ فكان واجن الأشروسني قد جرى بينه وبين من قد اطلع على أمر الأفشين حديث؛ فذكر له واجن أن هذا الأمر لا أراه يمكن ولا يتم؛ فذهب ذلك الرجل الذي سمع قول واجن فحكاه للأفشين. وسمع بعض من يميل إلى واجن من خدم الأفشين وخاصته ما قال الأفشين في واجن، فلما انصرف واجن من النوبة في بعض الليل أتاه فأخبره أن قد ألقي ذلك إلى الأفشين، فحذر واجن على نفسه، فركب من ساعته في جوف الليل حتى دار أمير المؤمنين؛ وقد نام المعتصم؛ فصار إلى إيتاخ، فقال: إن لأمير المؤمنين عندي نصيحة فقال له إيتاخ: ألي الساعة كنت ها هنا! قد نام أمير المؤمنين. فقال له واجن: ليس يمكنني أن أصبر إلى غد، فدق إيتاخ الباب على بعض من يعلم المعتصم بالذي قال واجن فقال المعتصم: قل له انصرف الليلة إلى منزله، ويبكر علىّ في غد. فقال واجن: إن انصرفت الليلة ذهبت نفسي، فأرسل المعتصم إلى إيتاخ: بيته الليلة عندك. فبيته إيتاخ عنده؛ فلما أصبح بكربه مع صلاة الغداة، فأوصله إلى المعتصم، فأخبره بجميع ما كان عنده؛ فدعا المعتصم محمد بن حماد بن دنقش الكاتب، فوجهه يدعو الأفشين، فجاء الأفشين في سواد، فأمر المعتصم بأخذ سواده، وحبسه، فحبس في الجوسق؛ ثم بنى له حبسًا مرتفعًا، وسماه لؤلؤة داخل الجوسق، وهو يعرف إلى الآن بالأفشين. وكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر في الإحتيال للحسن بن الأفشين - وكان الحسن قد كثرت كتبه إلى عبد الله بن طاهر في نوح بن أسد - يعلمه تحامله على ضياعه وناحيته، فكتب عبد الله بن طاهر إلى نوح بن أسد يعلمه ما كتب به أمير المؤمنين في أمره، ويأمره بجمع أصحابه والتأهب له؛ فإذا قدم عليه الحسن ابن الأفشين بكتاب ولايته استوثق منه، وحمله إليه. فكتب عبد الله بن طاهر إلى الحسن بن الأفشين يعلمه أنه عزل نوح بن أسد، وأنه قد ولاه الناحية، ووجه إليه بكتاب عزل نوح بن أسد فخرج الحسن بن الأفشين في قلة من أصحابه وسلاحه؛ حتى ورد على نوح بن أسد، وهو يظن أنه والي الناحية، فأخذه نوح بن أسد وشده وثاقًا. ووجه به إلى عبد الله بن طاهر، فوجه به عبد الله إلى المعتصم. وكان الحبس الذي بنى للأفشين شبيهًا بالمنارة، وجعل في وسطها مقدار مجلسه؛ وكان الرجال ينوبون تحتها كما تدور.
    وذكر عن هارون بن عيسى بن المنصور، أنه قال: شهدت دار المعتصم وفيها أحمد بن أبي داود وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب ومحمد بن عبد الملك الزيات فأتى بالأفشين ولم يكن بعد في الحبس الشديد، فأحضر قوم من الوجوه لتبكيت الأفشين بما هو عليه ولم يترك في الدار أحدٌ من أصحاب المراتب إلا ولد المنصور، وصرف الناس.
    وكان المناظر له محمد بن عبد الملك الزيات، وكان الذين أحضروا المازيار صاحب طبرستان والموبذ والمرزبان بن تركش - وهو أحد ملوك السغد - ورجلان من أهل السغد؛ فدعا محمد بن عبد الملك بالرجلين، وعليهما ثياب رثة فقال لهما محمد بن عبد الملك: ما شأنكما؟ فكشفا عن ظهورهما وهي عارية من اللحم، فقال له محمد: تعرف هذين؟ قال: نعم، هذا مؤذن وهذا إمام، بينا مسجدًا بأشروسنة، فضربت كل واحد منهما ألف سوط؛ وذلك أن بيني وبين ملوك السغد عهدًا وشرطًا، أن أترك كل قوم على دينهم وما هم عليه؛ فوثب هذان على كل بيت كان فيه أصنامهم - يعني أهل أشروسنة - فأخرجا الأصنام، واتخذاه مسجدًا فضربتهما على هذا ألفًا ألفًا لتعديهما، ومنعهما القوم من بيعتهم. فقال له محمد: ما كتاب عندك قد زينته بالذهب والجواهر والديباج، فيه الكفر بالله؟ قال: هذا كتاب ورثته عن أبي، فيه أدب من آداب العجم؛ وما ذكرت من الكفر؛ فكنت أستمتع منه بالأدب، وأترك ما سوى ذلك، ووجدته محلى، فلم تضطرني الحاجة إلى أخذ الحلية منه؛ فتركته على حاله؛ ككتاب كليلة ودمنة وكتاب مزدك في منزلك؛ فما ظننت أن هذا يخرج من الإسلام.
    قال: ثم تقدم الموبذ، فقال: إن هذا كان يأكل المخوقة، ويحملني على أكلها، ويزعم أنها أرطب لحمًا من الذبوحة؛ وكان يقتل شاو سوداء كلّ يوم أربعاء، يضرب وسطها بالسّيف يمشي بين نصفيها ويأكل لحمها.
    وقال لي يومًا: إني قد دخلت لهؤلاء لبقوم في كلّ شيء أكرهه؛ حتى أكلت لهم الزيت وركبت الجمل ولبست النعل؛ غير أني إلى هذه الغاية لم تسقط عي شعرة - لم يطّل ولم يختن.
    فقال الأفشين: خبروني عن هذا الذي يتكلم بهذا الكلام، ثقةٌ هم في دينه؟ - وكان الموبذ مجوسيًا أسلم بعد على يد المتوكل ونادمه - قالوا: لا، قال: فما معنى قبولكم شهادة من لا تثقون به ولا تعدلّونه! ثم أقبل على الموبذ، فقال: هل كان بين منزلي ومنزلك باب أو كوّة تطلع علي منها وتعرف أخباري منها؟ قال: لان أفليس كنت أدخلك إلي وأبثك سرى وأخبرك بالأعجمية وميلي إليها وإلى أهلها؟ قال: نعم، قال: فلست بالثقة في دينك ولا بالكريم في عهدك؛ إذا أفشيت علي سرًّا أسررته إليك.
    ثم تنحىّ الموبذ، وتقدم المرزبان بن تركش، فقالوا للأفشين: هل تعرف هذا؟ قال: لا، فقيل للمرزبان: هل تعرف هذا؟ قال: نعم، هذا الأفشين، قالوا له: هذا المرزبان، يا ممخرق، كم تدافع وتموّه! قال له الأفشين: يا طويل اللحية، ما تقول؟ قال: كيف يكتب إليك أهل مملكتك؟ قال: كما كانوا يكتبون إلى أبى وجدي. قال: فقل، قال: لا أقول، فقال المرزبان: أليس يكتبون إليك بكذا وكذا بالأشروسنية؟ قال: بلى، قال: أفليس تفسيره بالعربية " إلى إله الآلهة من عبده فلان بن فلان "، قالك بلى! قال محمد بن عبد الملك: والمسلمو يحتملون أن يقال لهم هذا! فما بقيّت لفرعو حين قال لقومه: " أنا ربّكم الأعلى "! قال: كانت هذه عادة القوم لأبي وجدي، ولي قبل أن أدخل في الإسلام، فكرهت أن أضع نفسي دونهم فتفسد على طاعتهم. فقال له إسحاق بن إبراهيم بم مصعب: ويحك يا خيذر! كيف تحلف باللذه لنا فنصدقك ونصدق يمينك ونجريك مجرى المسلمين وأنت تدعى ما ادّعى فرعون! قال: يا أبا الحسين؛ هذه سورة قرأها عحجيف على علي بن هشام، وأنت تقرؤها علي فانظر غدًا من يقرؤها عليك! قال: ثم قدّم مازيار صاحب طبرستان، فقالوا للأفغشين: تعرف هذا؟ قال: لا، قالوا للمازيار: تعرف هذا؟ قال: عم، هذا الأفشي، فقالوا له: هذا المازيار؟ قال: نعم، قد عرفته الآ، قالوا: هل كاتبته؟ قال: لا، قالوا للمازيار: هل كتب إليك؟ قال: نعم، كاب أخوه خاش إلى أخي قوهيار؛ أنه لم يكن ينصر هذا الدين الأليض غيري وغيرك وغير بابك؛ فأما بابك فإنه بحمقه قتيل نفسه، ولقد جهدت أن أصرف عه الموت فأبى حمقه إلا أن دلّاه فما وقع فيه، فإن خالفت لم يكن للقوم من يرمونك به غيري ومعي الفرسان وأهل النجدة والبأس؛ فإن وجّهت إليه لم يبق أحد يحاربنا إلا ثلاثة: العرب، والمغاربة، والأتراك، والعربي بمنزلة الكلب اطرح له كسرة ثم اضرب رأسه بالدبّوس؛ وهؤلاء الذباب - يعني المغاربة - إنما هم أكلة رأس، وأولاد الشياطين - يعيني الأتراك - فإنما هي ساعة حتى تنفذ سهامهم، ثم تجول الخيل جولة فتأتي على آخرهم؛ ويعود الدين إلى ما لم يزل عليه أيام العجم. فقال الأفشين: هذا يدّعي على أخيه وأخي دعوى لا تجب علي، ولو كنت كتبت بهذا الكتاب إليه لأستميله إلي ويثق بناحيتي كان غير مستنكر؛ لأني إذا نصرت الخليفة بيدي، كنت بالحيلة أحرى أن أنصره لآخذ بقفاه، وآتي به الخليفة لأحظى به عنده، كما حظي به عبد الله بن طاهر عند الخليفة. ثم نحّى المازيار.
    ولما قال الأفشين للمرزيان التركشي ما قال، وقال لإسحاق بن إبراهيم ما قال، زجر ابن أبي داود الأفشين، فقال له الأفشين: أنت يا أبا عبد الله ترفع طيلسانك بيدك، فلا تضعه على عاتقك حتى تقتل به جماعة، فقال له ابن أبي داود: أمطهّر أنت؟ قال: لا، قال: فما منعك من ذلك، وبه تمام الإسلام، والطهور من النجاسة! قال: أو ليس في دين الإسلام استعمال التقيّة؟ قال: بلى، قال: خفت أن أقطع ذلك العضو من جسدي فأموت قال: أنت تطعن بالرمح، وتضرب بالسيف، فلا يمنعك ذلك من أن تكون في الحرب وتجزع من قطع قلفة! قال: تلك ضرورة تعنيني فأصبر عليها إذا وقعت؛ وهذا شيء أستجلبه فلا آمن معه خروج نفسي، ولم أعلم أن في تركها الخروج من الإسلام فقال ابن أبي داود: قد بان لكم أمره يابغًا - لبغا الكبير أبي موسى التركي - عليك به! قال: فضرب بيده بغا على منطقته فجذبها، فقال قد كنت أتوقّع هذا منكم قبل اليوم، فقلب بغا ذيل القباء على رأسه، ثم أخذ بمجامع القباء من عند عنقه، ثم أخرجه من باب الوزيري إلى محبسه.
    وفي هذه السنة حمل عبد الله بن طاهر الحسن بن الأفشين وأترنجة بنت أشناس إلى سامرا.
    وحجّ بالناس في هذه السنة محمد بن داود.


  • #18
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائتين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    خبر وثوب علي بن إسحاق برجاء بن أبي الضحاك

    فمن ذلك ما كان فيها من ثوب علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ - وكان على المعونة بدمشق من قبل صول أرتكين - برجاء بن أبي الضحاك؛ وكان على الخراج، فقتله، وأظهر الوسواس، ثم تكلم أحمد بن أبي داود فيه، فأطلق من محبسه؛ فكان الحسن بن رجاء يلقاه في طريق سامرّا، فقال البحتري الطائي:
    عفا علي بن إسحاق بفتكته ** على غرائب تيهٍ كنّ في الحسن
    أنسته تنقيعه في اللفظ نازلة ** لم تبق فيه سوى التسليم للزمن
    فلم يكن كابن حجرٍ حين ثار ولا ** أخي كليبٍ ولا سيف بن ذي يزن
    ولم يقل لك في وترٍ طلبت به ** تلك المكارم لا قعبان من لبن
    وفيها مات محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، فصلّى عليه المعتصم في دار محمد.
    ذكر الخبر عن موت الأفشين

    وفيها مات الأفشين.
    ذكر الخبر عن موته وما فعل به عند موته وبعده
    ذكر عن حمدون بن إسماعيل، أنه قال: لما جاءت الفاكهة الحديثة، جمع المعتصم من الفواكه الحديثة في طبق، وقال لابنه هارون الواثق: اذهب بهذه الفاكهة بنفسك إلى الأفشين، فأدخلها إليه. فحملت مع هارون الواثق حتى صعد بها إليه في البناء الذي له يسمى لؤلؤة؛ فحبس فيه؛ فنظر إليه الأفشين، فافتقد بعض الفاكهة؛ إما الإجلاص وإما الشاهلوج؛ فقال للواثق: لا أله إلا الله، ما أحسنه من طبق ولكن ليس لي فيه إجاص ولا شاهلوج! فقال له الواثق، انصرف أوجه به إليك، ولم يمس من الفاكهة شيئًا؛ فلما أراد الوايق الإنصراف قال له الأفشين: اقرئ سيدي السلام وقل له: أسألك أن توجه إلى ثقة من قبلك يؤدي عني ما أقول، فأمر المعتصم حمدون بن إسماعيل - وكان حمدون في أيام المتوكل في حبس سليمان بن وهب في حبس الأفشين هذا؛ فحدث بهذا الحديث وهو فيه: قال حمدو: فبعث بي المعتصم إلى الأفشين، فقال لي: إنه سيطول عليك فلا تحتبس. قال: فدخلت عليه، وطبق الفاكهة بين يديه لم يمس منة واحدة فما فوقها، فقال لي: اجلس، فجلست فاستمالني بالدهقنة، فقلت: لا تطول، فإ أمير المؤمنين قد تقدم إلي ألا أحتبس عندك، فأوجز فقال: قل لأمير المؤمنين؛ أحسنت إلي وشرفتني وأوطأت الرجال عقبي، ثم قبلت في كلامًا لم يتحقق عندك؛ ولم تتدبره بعقلك؛ كيف يكو هذا، وكيف يجوز لي أن أفعل هذا الذي بلغك! تخبر بأني دسست إلي منكجور أن يخرج، وتقبله وتخبر أني قلت للقائد الذي وجهته إلى منكجور: لا تحاربه، واعذر، وإن أحسست بأحد منا فانهزم من بين يديه؛ أنت رجل قد عرفت الحرب، وحاربت الرجال وسست للعساكر؛ هذا يمكن رأس عسكر يقول لجند يلقون قومًا: افعلوا كذا وكذا؛ هذا ما لا يسوغ لأحد أن يفعله؛ ولو كان هذا يمكن ما كان ينبغي أن تقبله عدو قد عرفت سببه؛ وأنت أولى بي وإنما أنا عبد من عبيدك، وصنيعك؛ ولكن مثلي ومثلك يا أمير المؤمنين مثل رجل ربي عجلًا له حتى أسمنه وكبر، وحسنت حاله، كان أصحابه اشتهوا أن يأكلوا من لحمه، فعرضوا له بذبح العجل فلم يحبهم إلى ذلك، فاتفقوا جميعًا على أن قالوا له ذات يوم: ويحك! لم تربى هذا الأسد؟ هذا سبع، وقد كبر، والسبع إذا كبر إلى جنسه! فقال لهم: ويحك هذا عجل بقر، ما هو سبع، فقالوا: هذا سبع؛ سل من شئت عنه؛ وقد تقدموا إلى جميع من يعرفونه، فقالوا له: إن سألكم عن العجل، فقولوا له: هذا سبع؛ فكلما سأل الرجل إنسانًا عنه وقال له: أما ترى هذا العجل ما أحسنه! قال الآخر: هذا سبع؛ هذا أسد، ويحك! فأمر بالعجل فذبح؛ ولكني أنا ذلك العجل، كيف أقدر أن أكون أسدًا! الله الله في أمري؛ اصطنعتني وشرفتني وأنت سيدي ومولاي، أسأل الله يعطف بقلبك علي.
    قال حمدون: فقمت فانصرفت وتركت الطبق على حاله لم يمس منه شيئًا، ثم ما لبثنا إلا قليلًا حتى قيل: إنه يموت أو قد مات؛ فقال المعتصم: أروه ابنه، فأخرجوه فطرحوه بين يديه، فنتف لحيته وشعره، ثم أمر به فحمل إلى منزل إيتاخ.
    قال: وكان أحمد بن أبي داود دعا به في دار العامة من الحبس فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين أنك يا خيدر، أقلف، قال: نعم، وإنما أراد ابن أبي داود أن يشهد عليه؛ فإن تكشف تسب إلى الخرع؛ وإن لم يتكشف صح عليه أنه أقلف، فقال: نعم، أنا أقلف؛ وحضر الدار ذلك اليوم جميع القواد والناس؛ وكان ابن أبي داود أخرجه إلى دار العامة قبل مصير الواثق إليه بالفاكهة، وقلب مصير حمدون بن إسماعيل إليه.
    قال حمدون: فقلت له: أنت أقلف كما زعمت؟ فقال الأفشين: أخرجي إلى مثل ذلك الموضع، وجميع القواد والناس قد اجتمعوا، فقال لي ما قال؛ وإنما أراد أن يفضحني؛ إن قلت له: نعم لم يقبل قولي، وقال لي: تكشّف، فيفضحني بي الناس؛ فالموت كا أحبّ إلي من أن أتكشّف بين أيدي الناس؛ ولكن يا حمدون إن أحببت أن أتكشّف بين يديك حتى تراني فعلت؛ قال حمدون: فقلت له: أنت عندي صدوق؛ وما أريد أن تكشّف.
    فلما انصرف حمدون فأبلغ المعتصم رسالته، أمر بمنع الطعام منه إلّا القليل؛ فكان يدفع إليه في كلّ يوم رغيف حتى مات؛ فلما ذهب به بعد موته إلى دار إيتاخ، أخرجوه فصلبوه على باب العامّة ليراه الناس، ثم طرح بباب العامة مع خشبته؛ فأحرق وحول الرماد، وطرح في دجلة.
    وكان المعتصم حين أمر بحبسه وجّه سليمان بن وهب الكاتب يحصي جميع ما في دار الأفشين ويكتبه في ليلة من الليالي، وقصر الأفشين بالمطيرة، فوجد في داره بيت فيه تمثال إنسان من خشب، عليه حلية كثيرة وجوهر، وفي أذنيه حجران أبيضان مشتبكان؛ عليهما ذهب، فأخذ بعض من كان مع سليمان أحد الحجرين؛ وظنّ أنه جوهر له قيمة؛ وكان ذلك ليلًا؛ فلما أصبح ونزع عنه شباك الذهب، وجوده حجرًا شبيهًا بالصّدف الذي يسمى الحبرون، من جنس الصدف الذي يقال له البوق، من صدف أخرج من منزله صور السماجة وغيرها وأصنام وغير ذلك، والأطواف والخشب التي كان أعدّها؛ وكان له متاع بالوزيريّة، فوجد فيه أيضًا صنم آخر، ووجدوا في كتبه كتابًا من كتب المجوس يقال له زراوه وأشياء كثيرة من الكتب؛ فيها ديانته التي كان يدين بها ربه.
    وكان موت الأفشين في شعبان من سنة ست وعشرين ومائتين.
    وحجّ بالناس في هذه السنة محمد بن داود بأمر أشناس؛ وكان أشناس. حاجًّا في هذه السنة، فولّى كل بلدة يدخلها فدعى له جميع المنابر التي مر بها من سامرا إلى مكة والمدينة.
    وكان الذي دعا له على منبر الكوفة محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن موسى، ودعا منبر فيد هارون بن محمد بن أبي خالد المروروذي، وعلى منبر المدينة محمد بن أيوب بن جعفر بن سليمان وعلى منبر مكة محمد بن داود بن عيسى بن موسى، وسلم عليه في هذه الكور كلها بالإمارة وكانت ولايتها إلى أن يرجع إلى سامرا.
    ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    ذكر خبر خروج أبي حرب المبرقع

    فمن ذلك ما كان من خروج أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين وخلافه على السلطان.
    ذكر الخبر عن سبب خروجه وما آل إليه أمره
    ذكر لي بعض أصحابي ممن ذكر أنه خبير بأمره، أن سبب خروجه على السلطان كان أن بعض الجند أراد النزول في داره وهو غائب عنها، وفيها إما زوجته وإما أخته، فمانعته ذلك؛ فضربها بسوط كان معه؛ فاتقته بذراعها، فأصاب السوط ذراعها فأثر فيها؛ فلما رجع أبو حرب إلى منزله بكت وشكت إليه ما فعل بها، وأرته الأثر الذي بذراعها من ضربه؛ فأخذ أبو حرب سيفه ومشى إلى الجندي وهو غار، فضربه به حتى قتله؛ ثم هرب وألبس وجهه برقعًا كي لا يعرف، فصار إلى جبل من جبال الأردن؛ فطلبه السلطان فلم يعرف له خبر؛ وكان أبو حرب يظهر بالنهار فيقعد على الجبل الذي أوى إليه متبرقعًا؛ فيراه الرائي فيأتيه، فيذكره ويحرضه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكر السلطان وما يأتي إلى الناس ويعيبه؛ فما زال ذلك دأبه حتى استجاب له قوم من حراثى أهل تلك الناحية وأهل القرى؛ وكان يزعم أنه أموى، فقال الذين استجابوا له: هذا هو السفياني؛ فلما كثرت غاشيته وتباعه من هذه الطبقة من الناس، دعا أهل البيوتات من أهل تلك الناحية؛ فاستجاب له منهم جماعة من رؤساء اليمانية؛ منهم رجل يقال له ابن بيهس، كان مطاعًا في أهل اليمن ورجلان آخران من أهل دمشق، فاتصل الخبر بالمعتصم وهو عليل؛ علته التي مات فيها؛ فبعث إليه رجاء بن أيوب الحضاري في زهاء ألف من الجند؛ فلما صار رجاء إليه وجده في عالم من الناس.
    فذكر الذي أخبرني بقصته أنه كان في زهاء مائة ألف؛ فكره رجاء مواقعته وعسكر بحذائه، وطاوله؛ حتى كان أول عمارة الناس الأرضين وحراثهم، وانصرف من كان من الحراثين مع أبي حرب إلى الحراثة وأرباب الأرضين إلى أرضيهم، وبقي أبو حرب في نفر زهاء ألف أو ألفين؛ ناجزه رجاء الحرب فالتقى العسكران: عسكر رجاء وعسكر المبرقع؛ فلما التقوا تأمل رجاء عسكر المبرقع فقال لأصحابه: ما أرى في عسكره رجلًا له فروسية غيره، وإنه سيظهر لأصحابه من نفسه بعض ما عده من الرجلة: فلا تعجلوا عليه. قال: وكان الأمر كما قال رجاء؛ فما لبث المبرقع أن حمل على عسكر رجاء، فقال رجاء لأصحابه: افرجوا له؛ فأفرجوا له؛ حتى جاوزهم ثم كر راجعًا فأمر رجاء أصحابه أن يفرجوا له، فأفرجوا له حتى جاوزهم، ورجع إلى عسكر نفسه؛ ثم أمهل رجاء وقال لأصحابه: إنه سيحمل عليكم مرة أخرى فأفرجوا له؛ فإذا أراد الرجوع فحولوا بينه وبين ذلك، وخذوه. ففعل المبرقع ذلك، فحمل على أصحاب رجاء، فأفرجوا له حتى جاوزهم، ثم كر راجعًا فأحاطوا به؛ فأخذوه فأنزلوه عن دابته.
    قال: وقد كان قدم على رجاء حين ترك معاجلة المبرقع الحرب من قبل المعتصم مستحث، فأخذ الرسول فقيده إلى أن كان من أمره، وأمر أبي حرب ما كا مما ذكرا، ثم أطلقه.
    قال: فلما كان يوم قدوم رجاء بأبي حرب على المعتصم، عزله المعتصم على ما فعل برسوله، فقال له رجاء: يا أمير المؤمنين؛ جعلني الله فداك! وجهتني في ألف إلى مائة ألف؛ فكرهت أن أعاجله فأهلك ويهلك من معي ولا نغني شيئًا؛ فتمهلت حتى خف من معه، ووجدت فرصة ورأيت لحربه وجهًا وقيامًا؛ فناهضته وقد خف من معه وهو في ضعف؛ ونحن في قوة، وقد جئتك بالرجل أسيرًا قال أبو جعفر: وأما غير من ذكرت أنه حدثني حديث أبي حرب على ما وصفت؛ فإنه زعم أن خروجه إنما كان في سنة ست وعشرين ومائتين بالرملة، فقالوا: إنه سفياني، فصار في خمسين ألفًا من أهل اليمن وغيرهم، واعتقد ابن بيهس وآخران معه من أهل دمشق، فوجه إليهم، المعتصم رجاء الحضاري في جماعة كبيرة، فواقعهم بدمشق؛ فقتل من أصحاب ابن بيهس وصاحبيه حوًا من خمسة آلاف؛ وأخذ ابن بيهس أسيرًا، فتل صاحبيه، وواقع أبا حرب بالرملة، فقتل من أصحابه نحوًا من عشرين ألفًا وأسر أبا حرب، فحمل إلى سامرا، فجعل وابن بيهس في المطبق.
    وفي هذه السنة أظهر جعفر بن مهرجش الكردي الخلاف، فبعث إليه المعتصم في المحرم إيتاخ إلى جبال الموصل لحربه، فوثب بجعفر بعض أصحابه فقتله.
    وفيها كانت وفاة بشر بن الحارث الحافي في شهر ربيع الأول وأصله من مرو.


  • #19
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر الخبر عن وفاة المعتصم والعلة التي مات بها

    وفيها كات وفاة المعتصم وذلك - فيما ذكر - يوم الخميس، فقال بعضهم: لثماني عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول لساعتين مضتا من النهار.
    ذكر الخبر عن العلة التي كانت منها وفاته وقدر مدة عمره وصفته
    ذكر أن بدء علته أنه احتجم أول يوم من المحرم، واعتل عندها، فذكر عن محمد بن أحمد بن رشيد عن زنام الزامر، قال: قد وجد المعتصم في علته التي توفي فيها إفاقة؛ فقال: هيئوا إلى الزلال لأركب، فركب وركبت معه، فمر في دجلة بإزاء منازله فقال: يا زنام: ازمر لي:
    يا منزلًا لم تبل أطلاله ** حاشى لأطلالك أن تبلى
    لم أبك أطلالك لكنني ** بكيت عيشي فيك إذ ولى
    والعيش أولى ما بكاه الفتى ** لا بد للمحزون أن يسلى
    قال: فما زالت أزمر هذا الصوت حتى دعا برطلية، فشرب منها قدحًا وجعلت أزمره وأكرره وقد تناول بين يديه؛ فما زال يبكي وتمسح دموعه فيه وينتحب؛ حتى رجع إلى منزله ولم يتسم شرب الرطليّة.
    وذكر عن علي بن الجعدانة، قال: لما احتضر المعتصم جعل يقول: ذهبت الحيلة ليست حيلة، حتى أصمت وذكر عن غيره أنه جعل يقول: إني أخذت من بين هذا الخلق.
    وذكر عنه أنه قال: لو علمت أن عمري هكذا قصير ما فعلت ما فعلت.
    فلما مات دفن بسامرا؛ فكات خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر ويومين. فإن كا مولده سنة ثمانين ومائة فإن عمره كله كان ستًا وأرعي سنة وسبعة أشهر وثمانية عشر يومًا، وإن كان مولده سنة تسع وسبعين ومائة؛ فإن عمره كان سبعًا وأربعين سنة وشهرين وثمانية عشر يومًا.
    وكان - فيما ذكر - أبيض أصهب اللحية طويلها مربوعًا مشرب اللون حمرة، حسن العينين.
    وكان مولده بالخلد. وقال بعضهم: ولد سنة ثمانين ومائة في الشهر الثامن. وهو ثامن الخلفاء والثامن من ولد العباس، وعمره كان ثمانين وأربعين سنة. ومات عن ثمانية بنين وثمان بنات، وملك ثما سين وثمانية أشهر، فقال محمد بن عبد الملك الزيات.
    قد قلت إذ غيبوك واصطفقت ** عليك أيدٍ بالترب والطبن
    اذهب فنعم الحفيظ كنت على الد ** نيا ونعم الظهير للدين
    لا جبر الله أمة فقدت ** مثلك إلا بمثل هارون
    وقال مروان بن أبي الجنوب وهو ابن أبي حفصة:
    أبو إسحاق مات ضحى فمتنا ** وأمسنا بهارون حيينا
    لئن جاء الخميس بما كرهنا ** لقد جاء الخميس بما هوينا
    ذكر الخبر عن بعض أخلاق المعتصم وسيره

    ذكر عن ابن أبي داود أنه ذكر المعتصم بالله، فأسهب في ذكره، وأكثر في وصفه، وأطنب في فضله، وذكر من سعة أخلاقه وكرم أعراقه وطيب مركبه ولين جانبه، وجميل عشرته؛ فقال: قال لي يومًا ونحن بعمورية: ما تقول في البسر يا أبا عبد الله؟ قلت: يا أمير المؤمنين؛ نحن ببلاد الروم والبسر بالعراق؛ قال: صدقت قد وجهت إلى مدينة السلام، فجاءوا بكباستين، وعلمت أنك تشتهيه. ثم قال: يا إيتاخ هات إحدى الكباستين، فجاء بكباسة بسر، فمد ذراعه، وقبض عليها بيده، وقال: كل بحياتي عليك من يدي، فقلت: جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين! بل تضعها فأكل كما أريد، قال: لا والله إلا من يدي قال: فوالله ما زال حاسرًا عن ذراعه، ومادًا يده، وأنا أجتبي من الغدق، وآكل حتى رمى به خاليًا ما فيه بسرة.
    قال: وكنت كثيرًا ما أزامله في سفره ذلك؛ إلى أن قلت له يومًا: يا أمير المؤمنين، لو زاملك بعض مواليك وبطانتك فاسترحت مني إليهم مرّة ومنهم إلى مرة أخرى كان ذلك أنشط لقلبك، وأطيب لنفسك وأشدّ لراحتك؛ قال: فإنّ سيما الدمشقي يزاملني اليوم فمن يزاملك أنت؟ قلت: الحسن ابن يونس، فأنت وذاك. قال: فدعوت الحسن فزاملني. وتهيأ أن يركب المعتصم بغلًا، فاختار أن يكون منفردًا، قال: فجعل يسير بسير بعيري؛ فإذا أراد أن يكلمني رفع رأسه إلى، وإذا أردت أن أكلمه خفضت رأسي؛ قال: فانتهينا إلى واد ولم نعرف غوره؛ وقد خلقنا العسكر وراءنا، فقال لي: مكانك حتى أتقدم. فأعرف غور الماء وأطلب قلته، واتبع أنت موضع سيري، قال: فتقدم فدخل الوادي وجعل يطلب قلة الماء، فمرة ينحرف عن يمينه، ومرة ينحرف عن شماله، وتارة يمشي لسننه؛ وأنا خلفه متبع لأثره حتى قطعنا الوادي.
    قال: واستخرجت منه لأهل الشاش ألفى ألف درهم لكرى نهر لهم اندفن في صدر الإسلام؛ فأصر ذلك بهم، فقال لي: يا أبا عبد الله، مالي ومالك؛ تأخذ مالي لأهل الشاش وفرغانة! قلت: هم رعيتك يا أمير المؤمين: والأقصى والأدنى في حسن نظر الإمام سواء. وقال غيره: إنه إذا غضب لا يبالي من قتل ولا ما فعل.
    وذكر عن الفضل بن مروان أنه قال: لم يكن للمعتصم لذة في تزيين البناء؛ وكانت غايته فيه الإحكام. قال: لم يكن بالنفقة على شيء أسمح منه بالنفقة في الحرب.
    وذكر محمد بن راشد، قال: قال لي أبو الحسين إسحاق بن إبراهيم: دعاني أمير المؤمينين المعتصم يومًا، فدخلت عليه وعليه صدرة ومشى ومنطقة ذهب وخف أحمر، فقال لي: يا إسحاق، أحببت أن أضرب معك بالصوالجة؛ فبحياتي عليك إلّا لبست مثل لباسي؛ فاستعفيته من ذلك فأبى، فلبست مثل لباسه، ثم قدّم إليه فرس محلّاة بحلية الذهب، ودخلنا الميدان، فلما ضرب ساعة، قال لي: أراك كسلان، وأحسبك تكره هذا الزي، فقلت: هو ذاك يا أمير المؤمنين، فنزل وأخذ بيدي، ومضى يمشي وأنا معه إلى أن صار إلى حجرة الحمام، فقال: خذ ثيابي يا إسحاق؛ فأخذت ثيابه حتى تجرد، ثم أمرني بنزع ثيابي ففعلت؛ ثم دخلنا أنا وهو الحمام؛ وليس معنا غلام؛ فقمت عليه ودلكته وتولى أمير المؤمنين المعتصم متى مثل ذلك، وأنا في كل ذلك أستعفيه، فيأبى على، ثم خرج من الحمام فأعطيته ثيابه، ولبست ثيابي، ثم أخذ بيدي ومضى يمشي؛ وأنا معه حتى صار إلى مجلسه فقال: يا إسحاق؛ جئني بمصلي ومخدتين، فجئته بذلك، فوضع المخدتين، ونام على وجهه، ثم قال: هات مصلى ومخدتين، فجئت بهما، فقال: ألقه ونم عليه بحذائي، فحلفت ألا أفعل، فجلست عليه، ثم حضر إيتاخ التركي وأشناس، فقال لهما: امضيا إلى حيث إذا صحت سمعتما، ثم قال: يا إسحاق، في قلبي أمر أنا مفكر فيه منذ مدة طويلة؛ وإنما بسطتك في هذا الوقت لأفشيه إليك، فقلت: قل يا سيدي يا أمير المؤمنين؛ فإنما أنا عبدك وابن عبدك، قال: نظرت إلى أخي المأمون وقد اصطنع أربعة أنجبوا، واصطنعت أنا أربعة لم يفلح أحدٌ منهم؛ قلت: ومن الذين اصطنعهم أخوك؟ قال: طاهر بن الحسين؛ فقد رأيت وسمعت، وعبد الله بن طاهر، فهو الرجل الذي لم ير مثله، وأنت، فأنت والله لا يعتاض السلطان منك أبدًا، وأخوك محمد بن إبراهيم، وأين مثل محمد! وأنا فاصنعت الأفشين فقد رأيت إلى ما صار أمره، وأشناس ففشل آيه وإيتاخ فلا شيء، ووصيف فلا مغنى فيه؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك! أجيب على أمانٍ من غضبك. قال: قل، قلت: يا أمير المؤمنين أعزك الله نظر أخوك إلى الأصول؛ فاستعملها، فأنجبت فروعها، واستعمل أمير المؤمنين فروعًا لم تنجب إذ لا أصول لها، قال: يا إسحاق لمقاساة ما مر بي في طول هذه المدة أسهل علي من هذا الجواب.
    وذكر عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، أنه قال: أتيت أمير المؤمنين المعتصم بالله يومًا وعنده قينة كان معجبًا بها، وهي تغنيه، فلما سلمت وأخذت مجلسي، قال لها: خذي فيما كنت فيه، فغنت فقال لي: كيف تراها يا إسحاق؟ قلت: يا أمير المؤمنين، أراها تقهره بحذق وتختله برفق، ولا تخرج من شيء إلا إلى أحسن منه، وفي صوتها قطع شذور أحسن من نظم الدر على النحور، فقال: سأل إسحاق، لصفتك لها أحسن منها ومن غنائها، وقال لابنه هارون: اسمع هذا الكلام.
    وذكر عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي أنه قال: قلت للمعتصم في شيء، فقال لي: يا إسحاق؛ إذا نصر الهوى بطل الرأي؛ فقلت له: كنت أحب يا أمير المؤمنين أن يكون معي شبابي؛ فأقوم من خدمتك بما أنويه، قال لي: أو لست كنت تبلغ إذ ذاك جهدك؟ قلت: بلى، قال: فأنت الآن تبلغ جهدك فسيان إذًا.
    وذكر عن أبي حسان أنه قال: كانت أم أبي إسحاق المعتصم من مولدات الكوفة يقال لها ماردة.
    وذكر عن الفضل بن مروان، أنه قال: كانت أم المعتصم ماردة سغدية، وكان أبوها نشأ بالسواد، قال: أحسبه بالبند نيجين.
    وكان للرشد من ماردة مع أبي إسحاق، أبو إسماعيل، وأم حبيب، وآخران لم يعرف اسماهما.
    وذكر عن أحمد بن أبي داود أنه قال: تصدق المعتصم ووهب على يدي وبسبي بقيمة مائل ألف ألف درهم.


  • #20
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    خلافة هارون الواثق أبي جعفر

    وبويع في يوم توفي المعتصم ابنه هارون الواثق بن محمد المعتصم، وذلك في يوم الأربعاء لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين وكان يكنى أبا جعفر، وأمه أم ولد رومية تسمى قراطيس.
    وهلك هذه السنة توفيل ملك الروم وكان ملكه اثني عشرة سنة.
    وفيها ملكت بعده امرأته تذورة، وابنها ميخائيل بن توفيل صبي.
    وحج بالناس فيها جعفر بن المعتصم، وكانت أم الواثق خرجت معه تريد الحج فماتت بالحيرة لأربع خلون من ذي القعدة ودفنت بالكوفة في دار داود بن عيسى.
    ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمن ذلك ما كان من الواثق إلى أشناس أن توجه وألبسه وشاحين بالجوهر في شهر رمضان.
    وفيها مات أبو الحسن المائني في منزل إسحاق بن إبراهيم الموصلي.
    وفيها مات حبيب بن أوس الطائي أبو تمام الشاعر.
    وفيها حج سليمان بن عبد الله بن طاهر.
    وفيها غلا السعر بطريق مكة، فبلغ رطل خبز بدرهم وراوية ماء بأربعين درهمًا. وأصاب الناس في الموقف حر شديد ثم مطر شديد فيه برد، فأضر بهم شدة الحر، ثم شدة البرد في ساعة واحدة، ومطروا بمنىً في يوم النحر مطرًا شديدًا لم يروا مثله، وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة قتلت عدة من الحاج.
    وحج بالناس في هذه السنة محمد بن داود.
    ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائتين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    ذكر الخبر عن حبس الواثق الكتاب وإلزامهم الأموال

    فمن ذلك ما كان من حبس الواثق بالله الكتّاب وإلزامهم أموالًا، فدفع أحمد بن إسرائيل إلى إسحاق بن يحيى بن معاذ صاحب الحرس، وأمر بضربه كل يوم عشرة أسواط؛ فضربه - فيما يقل - نحوًا من ألف سوط، فأدى ثمانين ألف دينار. وأخذ من سليمان بن وهب كاتب إيتاخ أربعمائة ألف دينار، ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألف دينار. وأخذ من أحمد بن الخصيب وكتابه ألف ألف دينار، ومن إبراهيم بن رباح وكتابه مائة ألف دينار، ومن نجاح ستين ألف دينار، ومن أبي الوزير صلحًا مائة ألف وأربعين ألف دينار؛ وذلك سوى ما أخذ من العمال بسبب عمالاتهم. ونصب محمد بن عبد الملك لابن أبي داود وسائر أصحاب المظالم العداوة، فكشفوا وحبسوا، وأجلس إسحاق بن إبراهيم؛ فنظر في أمرهم وأقيموا للناس ولقوا كل جهد.
    ذكر الخبر عن السبب الذي بعث الواثق على فعله ما ذكرت بالكتاب في هذه السنة
    ذكر عن عزون بن عبد العزيز الأنصاري، أنه قال: كنا ليلةً في هذه السنة عند الواثق، فقال: لست أشتهي الليلة النبيذ؛ ولكن هلموا نتحدث الليلة؛ فجلس في روايه الأوسط الهاروني في البناء الأول الذي كان إبراهيم بن رباح بناه؛ وقد كان في أحد شقي ذلك الرواق قبةٌ مرتفعة في السماء بيضاء، كأنها بيضة إلا قدر ذراع - فيما ترى العين - حولها في وسطها ساج منقوش مغشي باللازورد والذهب، وكانت تسمى قبة المنطقة؛ وكان ذلك الرواق يسمى رواق قبة المنطقة.
    قال: فتحدثنا عامة الليل، فقال الواثق: من منكم يعلم السبب الذي به وثب جدي الرشيد على البرامكة فأزال نعمتهم؟ قال عزون: فقلت: أنا والله أحدثك يا أمير المؤمنين، كان سبب ذلك أن الرشيد ذكرت له جارية لعون الخياط، فأرسل إليها فاعترضها، فرضي جمالها وعقلها وحسن أدبها، فقال لعون: ما تقول في ثمنها؟ قال: يا أمير المؤمنين، أمر ثمنها واضح مشهور؛ حلفت بعتقها وعتق رقيق جميعًا وصدقة مالي الأيمان المغلظة التي لا مخرج منها لي، وأشهدت علي بذلك العدول ألا أنقص ثمنها عن مائة ألف دينار، ولا أحتال في ذلك بشيء من الحيل، هذه قضيتها. فقال أمير المؤمنين: قد أخذتها منك بمائة ألف دينار ثم أرسل إلى يحيى بن خالد يخبره بخبر الجارية، ويأمره أن يرسل إليه بمائة ألف دينار، فقال يحيى: هذا مفتاح سوء؛ إذا اجترأ في ثمن جارية واحدة على طلب مائة ألف دينار فهو أحرى أن يطلب المال على قدر ذلك؛ فأرسل يخبره أنه لا يقدر على ذلك، فغضب عليه الرشيد، وقال: ليس في بيت مالي مائة ألف دينار فأعاد عليه: لابد منها، فقال يحيى: اجعلوها دراهم، ليراها فيستكرثوها، فلعله يردها، فأرسل بها دراهم، وقال: هذه قيمة مائة ألف دينار، وأمر أن توضع في رواقه الذي يمر فيه إذا أراد المتوضأ لصلاة الظهر. قال: فخرج الرشيد في ذلك الوقت؛ فإذا جبل من بدر، فقال: ما هذا؟ قالوا: ثمن الجارية، لم تحضر دنانير، فأرسل قيمتها دراهم، فاستكثر ذلك ودعا خادمًا له، فقال: اضمم هذه إليك، واجعل لي بيت مال لأضم إليه ما أريده وسماه بيت مال العروس، وأمر برد الجارية إلى عون، وأخذ في التفتيش عن المال فوجد البرامكة قد استهلكوه، فأقبل يهم بهم ويمسك؛ فكان يرسل إلى الصحابة وإلى قوم من أهل الأدب من غيرهم فيسامرهم، ويتعشى معهم؛ فكان فيمن يحضر إنسان كان معروفًا بالأدب، وكان يعرف بكنيته يقال له أبو العود؛ فحضر ليلةً فيمن حضره، فأعجبه حديثه؛ فأمر خادمًا له أن يأتي يحيى بن خالد إذا أصبح، فيأمره أن يعطيه ثلاثي ألف درهم. ففعل، فقال يحيى لأبي العود: أفعل؛ وليس بحضرتنا اليوم مال، غدًا يجيء المال، ونعطيك إن شاء الله. ثم دافعه حتى طالت به الأيام، قال: فأقبل أبو العود يحتال أن يجد من الرشيد وقتًا يحرضه فيه على البرامكة - وقد شاع في الناس ما كان يهم به الرشيد في أمرهم - فدخل عليه ليلةً، فتحدثوا، فلم يزل أبو العود يحتال للحديث حتى وصله بقول عمر بن أبي ربيعة.
    وعدت هندٌ وما كانت تعد ** ليت هندًا أنجزتنا ما تعد
    واستبدت مرة واحدةً ** إنما العاجز من لا يستبد
    فقال الرشيد: أجل والله؛ إنما العاجز من لا يستبد حتى انقضى المجلس، وكان يحيى قد اتخذ من خدم الرشيد خادمًا يأتيه بأخباره، وأصبح يحيى غاديًا على الرشيد، فلما رآه قال: قد أردت البارحة أن أرسل إليك بشعرٍ أنشدنيه بعض من كان عندي ثم كرهت أن أزعجك، فأنشده البيتين، فقال: ما أحسنهما يا أمير المؤمنين! وفطن لما أراد، فلما انصرف أرسل إلى ذلك الخادم، فسأله عن إنشاد ذلك الشعر؛ فقال: أبو العود أنشده، فدعا الوزير يحيى بأبي العود، فقال له: إنا كنا قد لويناك بمالك، وقد جاءنا مال ثم قال لبعض خدمه: اذهب فأعطه ثلاثين ألف درهم من بيت مال أمير المؤمنين، وأعطه من عندي عشرين ألف درهم لمطلنا إياه، واذهب إلى الفضل وجعفر فقل لهما هذا رجل مستحق أن يبر، وكان أمير المؤمنين أمر له بمال فأطلت مطله، ثم حضر المال؛ فأمرت أن يعطى ووصلته من عندي صلة، وقد أحببت أن تصلاه، فسألا: بكم وصله قال: بعشرين ألف درهم؛ فوصله كل واحد منهما بعشرين ألف درهم؛ فانصرف بذلك المال كله إلى منزله. وجدّ الرشيد في أمرهم حتى وثب عليهم وأزال نعمتهم، وقتل جعفرًا فقال الواثق: صدق والله وجدي؛ إنما العاجز من لا يستبد! وأخذ في ذكر الخيانة وما يستحق أهلها.
    قال عزون: أحبسه: سيوقع بكتابه، فما مضى أسبوع حتى أوقع بكتابه، وأخذ إبراهيم بن رباح وسليمان بن وهب وأبا الوزير وأحمد بن الخصيب وجماعتهم. قال: وأمر الواثق بحبس سلما بن وهب كاتب إيتاخ، وأخذه بمائتي ألف درهم - وقيل دينار - فقيد وألبس مدرعة من مدارع الملاحين، فأدى مائة ألف درهم، وسأل أن يؤخذ بالباقي عشري شهرًا، فأجابه الواثق إلى ذلك، وأمر بتخلية سبيله ورده إلى كتابة إيتاخ، وأمره بلبس السواد.
    وفي هذه السنة ولي شارباميان لإيتاخ اليمن وشخص إليها في شهر ربيع الآخر.
    وفيها ولي محمد بن صالح بن العباس المدينة.
    وحج بالناس في هذه السنة محمد بن داود.

  • صفحة 5 من 28 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثامن)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 40
      آخر مشاركة: 09-01-2010, 05:38 AM
    2. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 80
      آخر مشاركة: 08-15-2010, 11:10 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 72
      آخر مشاركة: 08-14-2010, 11:05 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1