صفحة 5 من 19 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 17 إلى 20 من 73

الموضوع: مقدمة ابن خلدون - الجزء الرابع


  1. #17
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل الثالث في أن المدن العظيمة و الهياكل المرتفعة إنما يشيدها الملك الكثير

    قد قدمنا ذلك في آثار الدولة من المباني و غيرها و أنها تكون على نسبتها و ذلك أن تشييد المدن إنما يحصل باجتماع الفعلة و كثرتهم و تعاونهم فإذا كانت الدولة عظيمة متسعة الممالك حشر الفعلة من أقطارها و جمعت أيديهم على عملها و ربما استعين في ذلك في أكثر الأمر بالهندام الذي يضاعف القوي و القدر في حمل أثقال البناء لعجز القوة البشرية و ضعفها عن ذلك كالمخال و غيره و ربما يتوهم كثير من الناس إذا نظر إلى آثار الأقدمين و مصانعهم العظيمة مثل إيوان كسرى و أهرام مصر و حنايا المعلقة و شرشال بالمغرب إنما كانت بقدرهم متفرقين أو مجتمعين فيتخيل لهم أجساماً تناسب ذلك أعظم من هذه بكثير في طولها و قدرها لتناسب بينها و بين القدر التي صدرت تلك المباني عنها و يغفل عن شأن الهندام و المخال و ما اقتضته في ذلك الصناعة الهندسية و كثير من المتغلبين في البلاد يعاين في شأن البناء و استعمال الحيل في نقل الأجرام عند أهل الدولة المعتنين بذلك من العجم ما يشهد له بما قلناه عياناً و أكثر آثار الأقدمين لهذا العهد تسميها العامة عاديةً نسبةً إلى قوم عاد لتوهمهم أن مباني عاد و مصانعهم إنما عظمت لعظم أجسامهم و تضاعف قدرهم. و ليس كذلك، فقد نجد آثاراً كثيرة من آثار الذين تعرف مقادير أجسامهم من الأمم و هي في مثل ذلك العظم أو أعظم كإيوان كسرى و مباني العبيديين من الشيعة بأفريقية و الصنهاجيين وأثرهم باد إلى اليوم في صومعة قلعة بني حماد و كذلك بناء الأغالبة في جامع القيروان و بناء الموحدين في رباط الفتح و رباط السلطان أبي سعيد لعهد أربعين سنة في المنصورة بإزاء تلمسان و كذلك الحنايا التي جلب إليها أهل قرطاجنة الماء في القناة الراكبة عليها ماثلة لهذا العهد و غير ذلك من المباني و الهياكل التي نقلت إلينا أخبار أهلها قريباً و بعيداً و تيقناً أنهم لم يكونوا بإفراط في مقادير أجسامهم و إنما هذا رأي ولع به القصاص عن قوم عاد و ثمود و العمالقة. و نجد بيوت ثمود في الحجر منحوتة إلى هذا العهد و قد ثبت في الحديث الصحيح أنها بيوتهم يمر بها الركب الحجازي في أكثر السنين و يشاهدونها لا تزيد في جوها و مساحتها و سمكها على المتعاهد و إنهم ليبالغون فيما يعتقدون من ذلك حتى أنهم ليزعمون أن عوج بن عناق من جيل العمالقة كان يتناول السمك من البحر طريئاً فيشويه في الشمس يزعمون بذلك أن الشمس حارة فيما قرب منها و لا يعلمون أن الحر فيما لدينا هو الضوء لانعكاس الشعاع بمقابلة سطح الأرض و الهواء و أما الشمس في نفسها فغير حارة و لا باردة و إنما هي كوكب مضيىء لا مزاج له و قد تقدم شيء من هذا في الفصل الثاني حيث ذكرنا أن آثار الدولة على نسبة كل قوتها في أصلها. و الله يخلق ما يشاء و يحكم ما يريد.


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #18
    مغترب سوبر نشيط
    الحالة : زهرة البنفسج غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1045
    المشاركات: 150
    معدل تقييم المستوى : 33
    Array

    من منا لايعرف ابن خلدون فهو مؤسس علم الاجتماع وهو احد العلماء الذي تفتخر به الحضارة الاسلاميه


    لقد اعجبني كثيرآهذا القسم الثاني من الفصل الثالث و الخمسون في أمر الفاطمي


    لك جزيل الشكر على هذا الطرح القيم


  • #19
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جداً لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة

    و السبب في ذلك ما ذكرناه من حاجة البناء إلى التعاون و مضاعفة القدر البشرية و قد تكون المباني في عظمها أكثر من القدر مفردة أو مضاعفة بالهندام كما قلناه فيحتاج إلى معاودة قدر أخرى مثلها في أزمنة متعاقبة إلى أن تتم. فيبتدئ الأول منهم بالبناء، و يعقبه الثاني و الثالث، و كل واحد منهم قد استكمل شأنه في حشر الفعلة و جمع الأيدي حتى يتم القصد من ذلك و يكمل و يكون ماثلاً للعيان يظنه من يراه من الآخرين أنه بناء دولة واحدة. و انظر في ذلك ما نقله المؤرخون في بناء سد مأرب و أن الذي بناه سبأ بن يشخب و ساق إليه سبعين وادياً و عاقه الموت عن إتمامه فأتمه ملوك حمير من بعده و مثل هذا ما نقل في بناء قرطاجنة و قناتها الراكبة على الحنايا العادية و أكثر المباني العظيمة في الغالب هذا شأنها و يشهد لذلك أن المباني العظيمة لعهدنا نجد الملك الواحد يشرع في اختطاطها و تأسيسها فإذا لم يتبع أثره من بعده من الملوك في إتمامها بقيت بحالها و لم يكمل القصد فيها. و يشهد لذلك أيضاً أنا نجد آثاراً كثيرة من المباني العظيمة تعجز الدول عن هدمها و تخريبها مع أن الهدم أيسر من البناء بكثير لأن الهدم رجوع إلى الأصل الذي هو العدم و البناء على خلاف الأصل.
    فإذا وجدنا بناء تضعف قوتنا البشرية عن هدمه مع سهولة الهدم علمنا أن القدرة التي أسسته مفرطة القوة و أنها ليست أثر دولة واحدة و هذا مثل ما وقع للعرب في إيوان كسرى لما اعتزم الرشيد على هدمه و بعث إلى يحيى بن خالد و هو في محبسه يستشيره في ذلك فقال يا أمير المؤمنين لا تفعل و اتركه ماثلاً يستدل به على عظم ملك آبائك الذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل فاتهمه في النصيحة و قال أخذته النعرة للعجم و الله لأصر عنه و شرع في هدمه و جمع الأيدي عليه و اتخذ له الفؤس و حماه بالنار و صب عليه الخل حتى إذا أدركه العجز بعد ذلك كله وخاف الفضيحة بعث إلى يحيى يستشيره ثانياً في التجافي عن الهدم فقال لا تفعل و استمر على ذلك لئلا يقال عجز أمير المؤمنين و ملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم فرفعها الرشيد و أقصر عن هدمه و كذلك اتفق للمأمون في هدم الأهرام التي بمصر و جمع الفعلة لهدمها فلم يحل بطائل و شرعوا في نقبه فانتهوا إلى جو بين الحائط و الظاهر و ما بعده من الحيطان و هنالك كان منتهى هدمهم و هو إلى اليوم فيما يقال منفذ ظاهر و يزعم الزاعمون أنه وجد ركازاً بين تلك الحيطان والله أعلم. و كذلك حنايا المعلقة إلى هذا العهد تحتاج أهل مدينة تونس إلى انتخاب الحجارة لبنائهم أو تستجيد الصناع حجارة تلك الحنايا فيحاولون على هدمها الأيام العديدة و لا يسقط الصغير من جدرانها إلا بعد عصب الريق و تجتمع له المحافل المشهورة شهدت منها في أيام صباي كثيراً والله خلقكم وما تعملون.


  • #20
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن و ما يحدث إذا غفل عن المراعاة

    إعلم أن المدن قرار يتخذه الأمم عند حصول الغاية المطلوبة من الترف و دواعيه فتؤثر الدعة و السكون و تتوجه إلى اتخاذ المنازل للقرار و لما كان ذلك القرار و المأوى وجب أن يراعى فيه دفع المضار بالحماية من طوارقها و جلب المنافع و تسهيل المرافق لها فأما الحماية من المضار فيراعى لها أن يدار على منازلها جميعاً سياج الأسوار و أن يكون وضع ذلك في تمنع من الأمكنة إما على هضبة متوعرة من الجبل و إما باستدارة بحر أو نهر بها حتى لا يوصل إليها إلا بعد العبور على جسر أو قنطرة فيصعب منالها على العدو و يتضاعف امتناعها و حصنها.
    و مما يراعى في ذلك للحماية من الآفات السماوية طيب الهواء للسلامة من الأمراض. فإن الهواء إذا كان راكداً خبيثاً أو مجاوراً للمياه الفاسدة أو منافع متعفنة أو مروج خبيثة أسرع إليها العفن من مجاورتها فأسرع المرض للحيوان الكائن فيه لا محالة و هذا مشاهد.
    و المدن التي لم يراع فيها طيب الهواء كثيرة الأمراض في الغالب. و قد اشتهر بذلك في قطر المغرب بلد قابس من بلاد الجريد بأفريقية فلا يكاد ساكنها أو طارقها يخلص من حمى العفن بوجه. و لقد يقال أن ذلك حادث فيها و لم تكن كذلك من قبل و نقل البكري في سبب حدوثه أنه وقع فيها حفر ظهر فيه أناء من نحاس مختوم بالرصاص. فلما فض ختامه صعد منه دخان إلى الجو و انقطع. و كان ذلك مبدأ أمراض الحميات فيه و أراد بذلك أن الإناء كان مشتملاً على بعض أعمال الطلمسات لوبائه و أنه ذهب سره بذهابه فرجع إليها العغن و الوباء و هذه الحكاية من مذاهب العامة و مباحثهم الركيكة و البكري لم يكن من نباهة العلم و استنارة البصيرة بحيث يدفع مثل هذا أو يتبين خرفه فنقله كما سمعه. و الذي يكشف لك الحق في ذلك أن هذه الأهوية العفنة أكثر ما يهيئها لتعفين الأجسام و أمراض الحميات ركودها. فإذا تخللتها الريح و تفشت و ذهبت بها يميناً و شمالاً خف شأن العفن و المرض البادي منها للحيوانات. و البلد إذا كان كثير الساكن و كثرت حركات أهله فيتموج الهواء ضرورة و تحدث الريح المتخللة للهواء الراكد و يكون ذلك معيناً له على الحركة و التموج و إذا خف الساكن لم يجد الهواء معيناً على حركته و تموجه و بقي ساكناً راكداً و عظم عفنه و كثر ضرره. و بلد قابس هذه كانت عندما كانت أفريقية مستجدة العمران كثيرة الساكن تموج بأهلها موجاً فكان ذلك معيناً على تموج الهواء و اضطرابه و تخفيف الأذى منه فلم يكن فيها كثير عفن و لا مرض، وعندما خف ساكنها ركد هواؤها المتعفن بفساد مياهها فكثر العفن و المرض.
    فهذا و جهه لا غير. و قد رأينا عكس ذلك في بلاد وضعت و لم يراع فيها طيب الهواء و كانت أولاً قليلة الساكن فكانت أمراضها كثيرة فلما كثر سكانها انتقل حالها عن ذلك و هذا مثل دار الملك بفاس لهذا العهد المسمى بالبلد الجديد و كثير من ذلك في العالم فتفهمه تجد ما قلته لك. و أما جلب المنافع و المرافق للبلد فيراعى فيه أمور منها الماء بأن يكون البلد على نهر أو بإزائها عيون عذبة ثرة فإن وجود الماء قريباً من البلد يسهل على الساكني حاجة الماء و هي ضرورية فيكون لهم في وجوده مرفقة عظيمة عامة. و مما يراعى من المرافق في المدن طيب المراعي لسائمتهم إذ صاحب كل قرار لا بد له من دوجن الحيوان للنتاج و الضرع و الركوب و لا بد لها من المرعى فإذا كان قريباً طيباً كان ذلك أرفق بحالهم لما يعانون من المشقة في بعده و مما راعى أيضاً المزارع فإن الزروع هي الأقوات. فإذا كانت مزارع البلد بالقرب منها كان ذلك أسهل في اتخاذه و أقرب في تحصيله و من ذلك الشجر للحطب و البناء فإن الحطب مما تعم البلوى في اتخاذه لوقوب النيران للاصطلاء و الطبخ. و الخشب أيضاً ضروري لسقفهم و كثير مما يستعمل فيه الخشب من ضرورياتهم و قد يراعى أيضاً قربها من البحر لتسهيل الحاجات القاصية من البلاد النائية إلا أن ذلك ليس بمثابة الأول و هذه كلها متفاوتة بتفاوت الحاجات و ما تدعو إليه ضرورة الساكن. و قد يكون الواضع غافلاً عن حسن الاختيار الطبيعي أو إنما يراعي ما هو أهم على نفسه و قومه، و لا يذكر حاجة غيرهم كما فعله العرب لأول الإسلام في المدن التي اختطوها بالعراق و أفريقية فإنهم لم يراعوا فيها إلا الأهم عندهم من مراعي الإبل و ما يصلح لها من الشجر و الماء الملح و لم يراعوا الماء و لا المزارع و لا الحطب و لا مراعي السائمة من ذوات الظلف و لا غير ذلك كالقيروان و الكوفة و البصرة و أمثالها و لهذا كانت أقرب إلى الخراب ما لم تراع فيها الأمور الطبيعية.



  • صفحة 5 من 19 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. مقدمة ابن خلدون - الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 26
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 01:47 AM
    2. مقدمة ابن خلدون - الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 26
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 01:24 AM
    3. الشام شامك لو الزمن ضامك .. الجزء الرابع
      بواسطة شوالأخبار في المنتدى ملتقى صـــور ســــوريا الغالية Syria photographs
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 07-31-2010, 05:24 PM
    4. مقدمة أبن خلدون (الجزء الأول)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 22
      آخر مشاركة: 07-29-2010, 08:26 PM
    5. نون المنديل الوردي الجزء الرابع
      بواسطة ابوشادي في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 24
      آخر مشاركة: 07-22-2010, 04:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1