صفحة 5 من 21 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 17 إلى 20 من 81

الموضوع: الأضواء الكاشفة


  1. #17
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    قال: (وأخرج ابن ماجه عن عبد الله بن أبي ليلى قال: «قلت لزيد بن أرقم: حدثنا عن رسول الله قال: كبرنا ونسينا، والحديث عن رسول الله شديد». أقول: أحاديث زيد موجودة في الكتب، وقد قدمنا أنهم كانوا لا يحبون أن يحدثوا بدون حضور حاجة، ويتأكد ذلك عند خشية الخطأ - وانتظر.
    قال: (وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث: وكان كثير من جلة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله ص كأبي بكر والزبير وأبي عبيدة والعباس بن عبد المطلب يقلون الرواية عنه، بل كان بعضهم لا يكاد يروي عنه شيئًا كسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المشهود لهم بالجنة) قال أبو رية: (ولو أنك تصفحت البخاري ومسلم لما وجدت فيهما حديثًا واحدًا لأمين هذه الأمة أبي عبيدة عامر بن [عبد الله بن] الجراح. وليس فيهما كذلك حديث لعتبة بن غزوان وأبي كبشة مولى رسول الله وكثيرين غيرهم) ثم قال أبو رية: (كان الخلفاء الراشدون وكبار الصحابة وأهل الفتيا منهم كما علمت يتقون كثرة الأحاديث عن النبي ص، بل كانوا يرغبون عن روايته إذ كانوا يعلمون أن النبي ص قد نهى عن كتابة حديثه، وأنهم إذا حدثوا عنه قد لا يستطيعون أن يؤدوا كل ما سمعوه… على وجهه الصحيح؛ لأن الذاكرة لا يمكن أن تضبط كل ما تسمع وما تحفظه مما تسمعه لا يمكن أن يبقى فيها على أصله… ما كانوا ليرضوا بما رضي به بعضهم ومن جاء بعدهم من رواية الحديث بالمعنى؛ لأنهم كانوا يعلمون أن تغيير اللفظ قد يغير المعنى، وكلام الرسول ص ليس كغيره إذ كل لفظة من كلامه ص يكمن وراءها معنى يقصده).
    أقول: كان الصحابة يفتون، وكل من طالت صحبته فبلغت سنة فأكثر فهو من العلماء، وإن كان بعضهم أعلم من بعض، وقد قال الشافعي في الأم (7: 244): «أصحاب النبي ص كلهم ممن له أن يقول في العلم) وتبليغ الأحاديث فرض كفاية كالفتوى، فأما الصديق فقل حديثه وفتواه؛ لأنه اشتغل بالخلافة حتى مات بعد سنتين وأشهر، وكان يكفيه غيره الفتوى والتحديث. وأما أبو عبيدة فشغل بفتح الشام حتى مات سنة 18 وكان معه في الجيش كثير من الصحابة كمعاذ بن جبل وغيره يكفونه الفتيا والتحديث. وقد جاءت عنه عدة أحاديث لم يتفق أن يكون منها ماهو على شرط الشيخين مما احتاجا إليه. وأما الزبير والعباس فكانا مشتغلين بمزارعهما غير منبسطين لعامة الناس، فاكتفى الناس غالبًا ببقية الصحابة وهم كثير. وأما سعيد بن زيد
    43
    فكان منقبضًا مقبلًا على العبادة. وأما عتبة بن غزوان فحاله كحال أبي عبيدة بقي في الجهاد والفتوح حتى مات سنة 17، وأما أبو كبشة فقديم الموت، توفي يوم مات أبو بكر أو بعده بيوم. وكما قلّت أحاديث هؤلاء قلت فتاواهم، مع العلم بأن الفتوى فرض كفاية، وأنه إذا لم يوجد إلا مفتٍ واحد والقضية واقعة تعينت عليه، وكما كانوا يتقون الفتوى في القضايا التي ليست واقعة حيننئذ حتى روي عن عمر أنه لعن من يسأل عما لم يكن. وأنه قال وهو على المنبر: وأحرج بالله على من سأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن» أخرجهما الدارمي وغيره. وروي أنهم كانوا يتدافعون الفتوى، كل واحد يود أن يكفيه غيره، فكذلك كان شأنهم في التحديث حين كان الصحابة متوافرين، وعامة من تقدم أنه قليل الحديث أو أنه سئل أن يحدث فامتنع، قد ثبتت عنهم أحاديث بين مكثر ومقل، وذلك يبين قطعًا أن قلة حديثهم إنما كانت لما تقدم. ويوضح ذلك أنه لم يأت عن أحد منهم ما يؤخذ منه أنه امتنع من التحديث بحديث عنده مع حضور الحاجة إليه وعدم كفاية غيره له. إنك لا تجد بهذا المعنى حرفًا واحدًا، فاختيارهم أن لا يحدثوا إلا عند حضور الحاجة إلى تحديثهم خاصة هو السبب الوحيد لاتقاء الإكثار ولما يصح في الجملة من الرغبة عن الرواية، أما النهي عن الكتابة فقد فرغنا منه البتة فيما تقدم (ص22)، وأما خشية الخطأ فهذا من البواعث على تحري أن لا يحدثوا إلا عند الحاجة. راجع (ص31) قوله: إن ما وعته الذاكرة (لا يمكن أن يبقى فيها على أصله) إن أراد بذلك ألفاظ الأحاديث القولية فليس كما قال، بل يمكن أن يبقى بعض ذلك، بل قوله: إن (الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة وأهل الفتيا… لم يكونوا ليرضوا بما رضي به بعضهم… من رواية الحديث بالمعنى) اعتراف منه بأن ما ثبت عن هؤلاء روايته من الأحاديث القولية قد رووه بلفظ النبي ص على وجهه الصحيح. وإن أراد الأحاديث الفعلية ومعاني القولية فباطل، بل يبقى فيها الكثير من ذلك كما لا يخفى على أحد. قوله: (إن تغيير اللفظ قد يغير المعنى) قلنا: قد، ولكن الغالب فيمن ضبط المعنى ضبطًا يثق به أنه لا يغير. قوله: (كل لفظة من كلامه ص يكمن وراءها معنى يقصده) أقول: نعوذ بالله من غلو يتذرع به إلى جحود، «كان ص يكلم الناس ليفهموا عنه، فكان يتحرى إفهامهم، إن كان ليحدث الحديث لو شاء العاد أن يحصيه أحصاه» كما في سنن أبي داود عن عائشة، وأصله في الصحيحين. «وكان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم» كما في صحيح البخاري عن أنس. ويقال لأبي رية: أمفهومة كانت
    44
    تلك المقاصد الكامنة وراء كل لفظة للصحابة، أم لا؟ إن كانت مفهومة لهم أمكنهم أن يؤدوها بغير تلك الألفاظ. وإلا فكيف يخاطبون بما لا يفهمونه؟ فأما حديث: «فرب مبلغ أوعى من سامع» فإنما يتفق في قليل كما تفيد كلمة (رب)، وذلك كأن يكون الصحابي ممن قرب عهده بالإسلام ولم يكن عنده علم فيؤديه إلى عالم يفهمه على وجهه، والغالب أن الصحابة أفهم لكلام النبي ص ممن بعدهم.
    تشديد الصحابة في قبول الأخبار

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #18
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    قال أبو رية (ص33): (كانوا يتشددون في قبول الأخبار من إخوانهم في الصحبة مهما بلغت درجاتهم ويحتاطون في ذلك أشد الاحتياط حتى كان أبو بكر لا يقبل من أحد حديثًا إلا بشهادة غيره على أنه سمعه من رسول الله ).
    أقول: هذه دعوى لا تقبل إلا بدليل كأن يكون أبو بكر صرح بذلك، أو تكرر منه رد خبر الآحاد الذين لم يكن مع كل منهم آخر، وليس بيد أبي رية شيء من هذا، إنما ذكر الواقعة الآتية وسيأتي النظر فيها.
    قال: (روى ابن شهاب عن قبيصة «أن الجدة جاءت أبا بكر تلتمس أن تورث فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئًا، وما علمت أن رسول الله ذكر لك شيئًا ثم سأل الناس، فقام المغيرة فقال: كان رسول الله يعطيها السدس. فقال له: هل معك أحد.؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر».
    أقول: هذه واقعة حال واحدة ليس فيها ما يدل على أنه لو لم يكن مع المغيرة غيره لم يقبله أبو بكر. والعالم يحب تظاهر الحجج كما بينه الشافعي في الرسالة (ص432). ومما حسن ذلك هنا أن قول المغيرة: «كان رسول الله ص يعطيها السدس» [9] يعني [10] أن ذلك تكرر من قضاء النبي ص. وقد يستبعد أبو بكر تكرر ذلك ولم يعلمه هو مع أنه كان ألزم للنبي من المغيرة وأيضًا الدعوى قائمة، وخبر المغيرة يشبه الشهادة للمدعية ومع ذلك فهذا خبر تفرد به الزهري عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة، واحد عن واحد عن واحد. فلو كان في القصة ما يدل على أن الواحد لا يكفى لعاد ذلك بالنقض على الخبر نفسه. فكيف وهو منقطع؟ لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر، وعثمان بن إسحاق وإن وثق لا يعرف في الرواية إلا برواية الزهري وحده عنه هذا الخبر وحده.
    قال أبو رية: (وقد وضع بعمله هذا أول شروط علم الرواية، وهو شرط الإسناد الصحيح).
    45
    أقول: تلك أمانيهم، وقد بين الكتاب والسنة وجوب أن يقبل خبر العدل، وقرن الله تعالى تصديقه بالإيمان به سبحانه، قال تعالى في ذكر المنافقين: { وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } كلما أخبره أحد من الصحابة عنا بشر صدقه، قال تعالى: { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ }، أي: يصدقهم. وقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا }. فبين سبحانه أن خبر الفاسق مناف لخبر العدل، فمن حق خبر العدل أن يصدق كما صرحت به الآية الأولى، ومن حق خبر الفاسق أن يبحث عنه حتى يتبين أمره. وأما السنة فبيانها لوجوب أن يقبل خبر الواحد العدل أوضح، وقد أطال أهل العلم في ذلك وألفوا فيه، وانظر رسالة الشافعي (ص401-458) وأحكام ابن حزم (1: 108)، ومن أبين ما احتجوا به ما تواتر من بعث النبي آحاد الناس إلى القبائل والأقطار يبلغ كل واحد منهم من أرسل إليه ويعلمهم ويقيم لهم دينهم. قال ابن حزم: (بعث رسول الله معاذ إلى الجند وجهات من اليمن، وأبا موسى إلى جهة أخرى... وأبا عبيدة إلى نجران، وعليًا قاضيًا إلى اليمن، وكل من هؤلاء مضى إلى جهة ما معلمًا لهم شرائع الإسلام. وكذلك بعث أميرًا إلى كل جهة أسلمت… معلمًا لهم دينهم ومعلمًا لهم القرآن ومفتيًا لهم في أحكام دينهم وقاضيًا فيما وقع بينهم، وناقلًا إليهم ما يلزمهم عن الله تعالى ورسوله، وهم مأمورون بقبول ما يخبرونهم به عن نبيهم . وبعثة هؤلاء المذكورين مشهورة بنقل التواتر من كافر ومؤمن لا يشك فيها أحد… ولا في أن بعثتهم إنما كانت لما ذكرنا. [و] من المحال الباطل الممتنع أن يبعث إليه رسول الله من لا تقوم عليهم الحجة بتبليغه، ومن لا يلزمهم قبول ما علموهم من القرآن وأحكام الدين وما أفتوهم به في الشريعة… إذ لو كان ذلك لكانت بعثته لهم فضولًا، ولكان عليه السلام قائلًا للمسلمين: بعثت إليكم من لا يجب عليكم أن تقبلوا منه ما بلغكم عني، ومن حكمكم أن لا تلتفتوا إلى ما نقل إليكم عني… ومن قال بهذا فقد فارق الإسلام).
    والحجج في هذا الباب كثيرة، وإجماع السلف على ذلك محقق.
    قال أبو رية (ص34): (أما عمر فقد كان أشد من ذلك احتياطًا وتثبيتًا… روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: «كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثًا فلم يؤذن لي، فرجعت قال عمر: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول الله ص:
    46
    «إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع»، فقال: والله لتقيمين عليه بينة. زاد مسلم: وإلا أوجعتك وفي رواية ثالثة: فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا أمنكم أحد سمعه من النبي ص؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي قال ذلك».
    قال أبو رية: (فانظر كيف تشدد عمر في أمر ليس فيه حلال ولا حرام، وتدبر ماذا يكون الأمر لو كان الحديث في غير ذلك من أصول الدين أو فروعه. وقد استند إلى هذه القصة من يقولون: إن عمر كان لا يقبل خبر الواحد. واستدل به من قال إن خبر العدل بمفرده لا يقبل حتى ينضم إليه غيره…).
    أقول: قد ثبت عن عمر الأخذ بخبر الواحد في أمور عديدة، من ذلك أنه كان لا يورث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي أن النبي ص كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فرجع إليه عمر. وعمل بخبر عبد الرحمن بن عوف وحده في النهي عن دخول بلد فيها الطاعون وعمل بخبره وحده في أخذ الجزية من المجوس. وهذا كله ثابت، راجع رسالة الشافعي (426). وفي صحيح البخاري وغيره عن عمر أنه قال لابنه عبد الله: «إذا حدثك سعد عن رسول الله ص بشيء فلا تسأل عنه غيره» وكان سعد حدث عبد الله حديثًا في مسح الخفين. فأما قصة أبي موسى فإنما شدد عمر لأن الاستئذان مما يكثر وقوعه، وعمر أطول صحبة للنبي ص وأكثر ملازمة وأشد اختصاصًا، ولم يحفظ هو ذاك الحكم فاستغربه، ولهذا لما أخبره أبو سعيد عاد عمر باللائمة على نفسه فقال: «خفي عليَّ هذا من أمر رسول الله ص، ألهاني عنه الصفق بالأسواق» وهذا ثابت في الصحيحين، وأنكر أبي بن كعب على عمر تشديده على أبي موسى وقال: «فلا تكن يا ابن الخطاب عذابًا على أصحاب رسول الله ص، فقال عمر: إنما سمعت شيئًا فأحببت أن أتثبت» وهذا في صحيح مسلم. وقد كان عمر يسمي أبيًا سيدَ المسلمين. وفي الموطأ أن عمر قال لأبي موسى: «أما إني لم أتهمك، ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على الحديث عن رسول الله ص». قال ابن عبد البر: (يحتمل أن يكون حضر عنده من قرب عهده بالإسلام فخشي أن أحدهم يختلق الحديث عن رسول الله ص عن الرغبة والرهبة طالبًا للمخرج مما يدخل فيه) فأراد أن يعلمهم أن من فعل شيئًا من ذلك ينكر عليه حتى يأتي بالمخرج. وقد نقل أبو رية شيئًا من فتح الباري وترك ما يتصل به من الجواب الواضح عنه، فإن شئت فراجعه.
    47
    وقال أبو رية (ص8): (وكان علي يستحلف الصحابي على ما يرويه له).


  • #19
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    أقول: هذا شيء تفرد به أسماء بن الحكم الفزاري وهو رجل مجهول، وقد رده البخاري وغيره كما في ترجمة أسماء من تهذيب التهذيب. وتوثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان أو أوسع، فلا يقاوم إنكار البخاري وغيره على أسماء. على أنه لو فرض ثبوته فإنما هو مزيد الاحتياط، لا دليل على اشتراطه. هذا من المتواتر عن الخلفاء الأربعة أن كلًا منهم كان يقضي ويفتي بما عنده من السنة بدون حاجة إلى أن تكون عند غيره. وأنهم كان ينصبون العمال من الصحابة وغيرهم ويأمرونهم أن يقضي ويفتي كل منهم بما عنده من السنة بدون حاجة إلى وجودها عند غيره. هذا مع أن المنقول عن أبي بكر وعمر وجمهور العلماء أن القاضي لا يقضي بعلمه. وقال أبو بكر: «لو وجدت رجلًا على حد ما أقمته عليه حتى يكون معي غيري» وقال عكرمة: «قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: لو رأيت رجلًا على حد زنا أو سرقة وأنا أمير؟ فقال: شهادتك شهادة رجل من المسلمين قال: صدقت». (راجع فتح الباري 13: 139 و141). ولوكان عندهم أن خبر الواحد العدل ليس بحجة تامة لما كان للقاضي أن يقضي بخبر عنده حتى يكون معه غيره، ولا كان للمفتي أن يفتي بحسب خبر عنده ويلزم المستفتي العمل به حتى يكون معه غيره. فتدبر هذا فإنه إجماع. وقد مضى به العمل في عهد النبي ، وفيه الغنى.
    وذكر شيئًا عن أبي هريرة، وسيأتي في ترجمته رضي الله عنه.
    الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

    قال أبو رية (ص6): (لما قرأت حديث: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» غمرني الدهش لهذا القيد الذي لا يمكن أن يصدر من رسول جاء بالصدق وأمر به، ونهى عن الكذب وحذر منه، إذ ليس بخافٍ أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء أكان عمدًا أم غير عمد).
    ثم ذكر (ص9) كلمة "متعمدًا" (لم تأت في روايات كبار الصحابة قال: ويبدو أن هذه الكلمة قد تسللت إلى هذا الحديث على سبيل الإدراج لكي يتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم من جهة الخطأ أو الوهم أو الغلط… ذلك بأن المخطيء غير مأثوم. أو أن هذه الكلمة وضعت ليسوغ للذين يضعون الأحاديث عن غير عمد عملهم).
    ثم أطال الكلام (ص36) فزعم أن: (الروايات الصحيحة التي جاءت عن كبار الصحابة ومنهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين
    48
    تدل على أن هذا الحديث لم تكن فيه تلك الكلمة "متعمدًا"، قال: وكل ذي لب يستبعد أن يكون النبي قد نطق بها، لمنافاة ذلك للعقل والخلق اللذين كان الرسول متصفًا بالكمال فيهما).
    أقول: أما الرواية فقد جاءت عن كبار الصحابة وغيرهم بلفظ: «من كذب عليَّ فلبيتبوأ… إلخ» وبما يؤدي معناه مثل: (من قال عليَّ ما ألم أقل… إلخ) وجاءت بلفظ: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ… إلخ» وبما يؤدي معناه مثل: (من تعمد عليَّ كذبًا… إلخ) راجع البخاري من فتح الباري، وصحيح مسلم، ومسند أحمد، وتاريخ بغداد، وكنز العمال (5: 22)، ومشكل الآثار للطحاوي (1: 164-176). وقد يمكن الترجيح بالنظر إلى الرواية عن صحابي معين، فأما على الإطلاق فلا، وكما أن الله عز وجل كرر في القرآن بيان شدة الإثم في افتراء الكذب عليه فمعقول أن يكرر رسوله، وها هنا بحثان:
    البحث الأول: في البرهان العقلي الذي اعتمد عليه أبو رية إذ قال عن هذا القيد (متعمدًا): (لا يمكن أن يصدر من رسول جاء بالصدق… إلخ) وقال: (وكل ذي لب يستبعد أن يكون النبي قد نطق بها لمنافاة ذلك للعقل… إلخ).
    أقول: ما عسى أن يقول أبو رية في قول الله عز وجل: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ }. واقرأ: (6: 93 و 144)، (7: 37)، (10: 17)، (11: 18)، (18: 15)، (29: 68)، (61: 70) كل هذه الآيات تذكر افتراء الكذب على الله، وافتراء الكذب هو تعمده، والكذب على النبي لا يزيد على الكذب على الله، فلماذا لا يعقل أن يقيد النبي كما قيد القرآن؟
    وقال الله سبحانه: { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [11] وقد اعترف أبو رية (ص8) بأنه ليس في وسع من سمع الحديث أن لا يقع منه في تبليغه خطأ البتة، وعبارته: (وتركه يذهب بغير قيد إلى أذهان السامعين، تخضعه الذاكرة لحكمها القاهر، الذي لا يستطيع إنسان مهما كان أن ينكره أو ينازع فيه من سهو أو غلط أو نسيان). وإذا كان الله عز وجل لا يكلف نفسًا إلا وسعها فبماذا يستحق من وقع منه ما ليس في وسعه أن لا يقع أن يتبوأ منزلًا من جهنم؟ وقد علم الله عباده أن يقولوا: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } وما علمهم إلا ليستجيب لهم. وقد ثبت في الصحيح أن الصحابة لما قالوها قال الله تعالى: «قد فعلت» وقال الله تبارك وتعالى: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } وقال سبحانه: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } والمخطئ أولى بالعذر من المكره.
    49
    قد يقول أبو رية: كان للصحابة مندوحة عن الوقوع في الخطأ، وذلك بأن يَدَعوا الحديث عن النبي البتة.
    قلت: (أنى لهم ذلك وهم مأمورون أن يبلغ شاهدهم غائبهم، كان ذلك في حياة النبي وبعده، وكان أصحابه يبلغ بعضهم بعضًا، وكانوا يتناوبون كما في الصحيح عن عمر: «كنت أنا وجار لي من الأنصار... وكنا نتناوب النزول على رسول الله ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك.. ». وقد قال تعالى: { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }. وكان النبي يبعث الرسل والأمراء ويأمرهم أن يبلغوا من أرسلوا إليهم ويجيء أفراد من القبائل فيسلمون ويتعلمون ويسمعون ويرجعون إلى قبائلهم فيبلغونهم. وقد علموا أن محمدًا رسول الله إلى الناس كافة إلى يوم القيامة، وأن شريعته شريعة للناس كافة إلى يوم القيامة، وأن الله تعالى أمر الناس كافة باتباعه وطاعته والتأسي به وأخذ ما أتى به والانتهاء عما نهى، وجعله المبين عنه لما أنزله بقوله وفعله، وأنهم مأمورون بتبليغ الكتاب وبيانه، إذ كل ذلك دين الناس كافة إلى يوم القيامة، وأنهم مأمورورن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، والدلالة على الخير والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولعباده. وعلموا الوعيد الشديد على كتمان الحق، وكتمان ما أنزل الله من البينات والهدى، مع علمهم بأن كتمان بيان الكتاب بمنزلة كتمان الكتاب. وحسبنا أنهم كانوا أعلم بالله ودينه وما لهم وعليهم، وأتبع للحق وأحرص على النجاة من كل من جاء بعدهم، وقد حدث أفاضلهم وخيارهم ما بين مكثر ومقل، ولم يكن المقل يعيب على المكثر إلا أن يرى بعضهم أن الإكثار جدًا خلاف الأولى، وهذا عمر الذي نسب إليه كراهية الإكثار قد جاءت عنه -مع تقدم وفاته- أكثر من خمسمائة حديث، وله في صحيح البخاري وحده ستون حديثًا، وقد نسب إليه الوهم كما نسب إلى غيره، فالحق الذي لا يرتاب فيه عاقل أنهم كانوا مأمورين بالتبليغ عند الحاجة، مأذونًا لهم أن يحدثوا مطلقًا، مع العلم بشدة حرمة الكذب في جميع الأحوال، فمعنى ذلك أن عليهم ولهم أن يحدثوا بما يعتقدون أنهم صادقون فيه، ومع العلم بأن أحدهم إذا حدث معتقدًا أنه صادق فقد يقع له خطأ، وإن من وقع له ذلك مع بذله وسعه في التحري والتحفظ فهو معذور، وهذا هو الذي تقتضيه القضايا العقلية والنصوص القرآنية، حتى لو فرض أنه لم يأت في الحديث
    50
    لفظ (متعمدًا) ولا ما يؤدي معناه، فإن الأدلة القطعية توجب أن يكون هذا مرادًا في المعنى.
    ولا يتوهمن أحد أن كلمة "متعمدًا" تخرج من حدث جازمًا وهو شاك، كلا. فإن هذا متعمد بالإجماع، ولا نعلم أحدًا من الناس حتى من أهل الجهل والضلالة زعم أن كلمة "متعمدًا" تخرج هذا، وإنما وجد من أهل الجهل والضلال من تشبث بكلمة "عليَّ" فقال: نحن نكذب له لا عليه. فلو شكك أبو رية في كلمة "عليَّ" لكان أقرب.
    وذكر أبو رية (ص38) حديث الزبير، ودونك تلخيص حاله: أشهر طرقه رواية شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن الزبير، رواه عن شعبة جماعة بدون كلمة (متعمدًا) ورواه معاذ بن معاذ -وهو من جبال الحفظ- فذكرها. فنظرنا في رواية غندر عن شعبة فإن غندرًا ضبط كتابه عن شعبة وعرضه عليه وحققه، قال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم. فوجدنا الإمام أحمد رواه في مسنده عن غندر عن شعبة وفيه الكلمة (متعمدًا). وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار بندار عن غندر، ورواه ابن ماجه عنهما، لكن في الفتح أن الإسماعيلي أخرجه من طريق غندر بدونها. وفي الفتح أن الزبير بن بكار روى الخبر في كتاب النسب من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير بدونها، ولا أدري كيف سنده. وكذلك أخرجه الدارمي بدونها من طريق أخرى عن ابن الزبير، في سندها عبد الله بن صالح كاتب الليث، وفيه كلام. وقد أخرجه أبو داود بسند صحيح عن عامر بن عبد الله بن الزبير بسنده وفيه الكلمة. وقال المنذري في اختصاره لسنن أبي داود: (والمحفوظ في حديث الزبير أنه ليس فيه "متعمدًا"). نظر فيه العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله في تعليقه على المسند فذكر أن ابن سعد روى الخبر في طبقاته (3/1/ 74) عن عفان، ووهب بن جرير وأبي الوليد، ثلاثتهم عن شعبة. فذكر الحديث وفي آخره: قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير: «والله ما قال (متعمدًا) وأنتم تقولون (متعمدًا)». رأى أحمد شاكر أن هذا من قول وهب بن جرير لزملائه الذين رووا معه عن شعبة، يريد وهب: والله ما قال شعبة…إلخ: فنسبتها إلى الزبير وهم.


  • #20
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    أقول: أما ظاهر قول ابن سعد (قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير) فإنه يقتضي أن وهبًا ذكرها في الحديث نفسه. وفي مشكل الآثار للطحاوي (1: 166) (حدثنا يزيد بن سنان حدثنا أبو داود ووهب بن جرير حدثنا شعبة) فذكر الحديث وقال في آخره: (زاد وهب في حديثه: والله ما قال: (متعمدًا) وأنتم تقولون: (متعمدًا)، لكن يعلو على ذلك أن الحديث روي من عدة طرق عن شعبة وغيره، وليس فيه هذه الزيادة (والله ما قال… إلخ) ولا هي موجودة في رواية غندر عن شعبة، فيشبه أن تكون من كلام وهب قالها متصلة فحسبها السامع منه فقال: قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير… إلخ) فأما قول ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص49): (روي عن الزبير أنه
    51
    رواه وقال: «أراهم يزيدون فيه (متعمدًا)، والله ما سمعته قال (متعمدًا)» فأخشى أن يكون ابن قتيبة إنما أخذه من ابن سعد وتغيير اللفظ من الرواية بالمعنى. وعلى فرض صحة هذه الزيادة عن الزبير فإنما يفيد ذلك خطأ من ذكر الكلمة في حديث الزبير، ثم تكون هذه الزيادة نفسها حجة على صحة الكلمة في الجملة؛ لأن الزبير ذكر أنه سمع إخوانه من الصحابة يذكرونها في الحديث، والظاهر كما تقدم أن النبي ص كرر التشديد في عدة مواقع، والحمل على أنه ترك الكلمة في موقع فسمعه جماعة منهم الزبير وذكرها في موقع آخر فسمعه آخرون، أوضح وأحق من الحمل على الغلط.
    والغريب ما علقه أبو رية في حاشية (ص 39) من الهُجْر وفيه: (ولعنة الله على الكاذبين متعمدين وغير متعمدين ومن يروجه لهم من الشيوخ الحشويين) مع أنه ذكر (ص49) وقوع الخطأ من عمر وابن عمر وعتبان بن مالك أحد البدريين وأبي الدرداء وأبي سعيد وأنس وغيرهم؛ والمخطئ عنده كاذب، بل مر في كلامه ما يقتضي أن كل من حدث من الصحابة -ومنهم الخلفاء الأربعة وبقية العشرة وأمهات المؤمنين وغيرهم- لا بد أن يكون وقع في الخطأ، فكلهم عنده كاذبون تنالهم لعنته. وأشد من هذا وأمر ما مرت الإشارة إليه (ص 17-18)، وهذه من فوائد عداوة السنة وأهلها.
    البحث الثاني في حقيقة الكذب: بنى أبو رية على أنه (ليس بخاف أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء أكان عن عمد أم غير عمد) وهو يعلم -فيما يظهر- أن هذا مخالف لقول شيخيه اللذين يقدسهما، وإياهما ونحوهما عنى بقوله (ص4): (العلماء والأدباء) وقوله (ص196): (أصحاب العقول الصريحة) وهما النظام والجاحظ، فالكذب عند النظام مخالفة الخبر لاعتقاد المخبر، وهو عند الجاحظ مخالفته لكلا الأمرين معًا: الواقع، واعتقاد الخبر، فعلى القولين ما طابق اعتقاد المخبر فليس بكذب وإن خالف الواقع. وقد ذكر أبو رية (ص50) قول عائشة الذين حدثوها عن عمر وابنه بخبر رأت أنهما وهما فيه (إنكم لتحدثون عن غير كاذبين، ولكن السمع يخطئ)، وقولها في خبر رواه ابن عمر (إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ). والراجح ما عليه الجمهور أن الكذب مخالفة الخبر الواقع، لكن المتبادر من قولك: كذب فلان أو فلان كاذب، ونحو ذلك أنه تعمد؛ فمن ثم لا يقال ذلك للمخطئ، إلا أنه ربما قيل له ذلك تنبيهًا على أنه قصر (راجع كتاب الرد على الأخنائي ص21). ولما أرادت عائشة أن تنفي عن عمر وابنه التعمد والتقصير نفت عنهما الكذب البتة، ثم رأيت الطحاوي ذكر هذه القضية في مشكل الآثار، فذكر كثيرًا من الروايات ثم قال (1: 173) ما ملخصه: من كذب فقد تعمد، وذكر "متعمدًا" في بعض الروايات إنما هو توكيد كقولك: نظرت بعيني وسمعت بأذني، وفق القرآن (والسارق والسارقة) و (الزاني والزانية)، (لم يذكر في شيء من ذلك التعمد كأن هذه الأشياء لا تكون إلا عن تعمد؛ لأنه لا يكون كاذبًا ولا يكون زانيًا ولا يكون سارقًا إلا بقصده إلى ذلك وتعمده).
    وقال أبو رية (ص41): حديث: «من كذب عليَّ…» ليس بمتواتر. وقد قال الحافظ ابن حجر وهو سيد المحدثين بإجماع وأمير المؤمنين في الحديث ما يلي.. ) فذكر عن فتح الباري (1: 168) اعتراض بعضهم على تواتره، وسكت.
    52
    وفي فتح الباري بيان الجواب الواضح عن ذلك الاعتراض، فراجعه.
    وقال (ص42): (الكذب على النبي قبل وفاته).
    أقول: سأنظر في هذا وما يليه إلى (ص53) بعد الكلام على عدالة الصحابة الذي ذكره ص (310)، فانتظر.
    الرواية بالمعنى

    قال أبو رية (ص8): (ولما رأى بعض الصحابة أن يرووا للناس من أحاديث النبي، ووجدوا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بالحديث عن أصل لفظه.. استباحوا لأنفسهم أن يرووا على المعنى).
    أقول: أنزل الله تبارك وتعالى هذه الشريعة في أمة أمية، فاقتضت حكمته ورحمته أن يكفلهم الشريعة، ويكلفهم حفظها وتبليغها، في حدود ما يتيسر لهم، وتكفل سبحانه أن يرعاها بقدره ليتم ما أراده لها من الحفظ إلى قيام الساعة. وقد تقدم شيء من بيان التيسير (ص20، 21، 22). ومن تدبر الأحاديث في إنزال القرآن على سبعة أحرف وما اتصل بذلك، بان له أن الله تعالى أنزل القرآن على حرف هو الأصل، ثم تكرر تعليم جبريل للنبي ص لتمام سبعة أحرف، وهذه الأحرف الستة الزائدة عبارة عن أنواع من المخالفة في بعض الألفاظ للفظ الحرف الأول بدون اختلاف في المعنى، [12] فكان النبي ص يلقن أصحابه فيكون بين ما يلقنه ذا وما لقنه ذاك شيء من ذاك الاختلاف في اللفظ، فحفظ أصحابه كل بما لقن، وضبطوا ذلك في صدورهم ولقنوه الناس، ورفع الحرج مع ذلك عن المسلمين، فكان بعضهم ربما تلتبس عليه كلمة مما يحفظه أو يشق عليه النطق بها فيكون له أن يقرأ بمرادفها. فمن ذلك ماكان يوافق حرفًا آخر ومنه ما لا يوافق، ولكنه لا يخرج عن ذاك القبيل، وفي فتح الباري: (ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعًا له). فهذا ضرب محدود من القراءة بالمعنى رخص فيه لأولئك وكتب القرآن بحضرة النبي ص في قطع من الجريد وغيره تكون في القطعة الآية والآيتان وأكثر، وكان رسم الخط يومئذ يحتمل -والله أعلم- غالب الاختلافات التي في الأحرف السبعة، إذ لم يكن له شكل ولا نقط، وكانت تحذف فيه كثير من الألفات ونحو ذلك كما تراه في رسم المصحف، وبذلك الرسم عينه نقل ما في تلك القطع إلى صحف في عهد أبي بكر، وبه كتبت المصاحف في عهد عثمان، ثم صار على الناس أن يضبطوا

  • صفحة 5 من 21 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الجزيرة يقيل مدربه العراقي عماد توما رغم بقاء الفريق بدوري الأضواء
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-13-2010, 02:30 AM
    2. «أصيلة» الإماراتي يخطف الأضواء في مهرجان سينما الأطفال
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 03:46 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1