إذا ما خبت من اخر الليل خبوة ** أعيد لها بالمندلي فتثقب ومما يدل على أن أيلة جبل. قول كثير أيضا:
ولو بذلت أم الوليد حديثها ** لعصم برضوى أصبحت تتقرب
تهبطن من أركان ضاس وأيلة ** إليها ولو أغرى بهن المكلب
إيلياء: بكسر أوله واللام وياء وألف ممدودة، اسم مدينة بيت المقدس. قيل معناه بيت الله وحكى الحفصي فيه القصر وفيه لغة ثالثة حذف الياء الأولى فيقال إلياء بسكون اللام والمد، قال أبو علي وقد سمي البيت المقدس إيلياء بقول الفرزدق:
وبيتان بيت الله نحن ولاته ** وقصر بأعلى إيلياء مشرف
فإيلياء الهمزة في أولها فاء لتكون بمنزلة الجربياء والكبرياء وتكون الكلمة ملحقة بطرمساء وجلخطاء وهو الأرض الحزن والياء التي بعد الهمزة لا تخلوا من أن تكون منقلبة من الهمزة أو من الواو وقياس قول سيبويه أن يكون من الواو ولا تكون منقلبة من الهمزة على هذا القول لأن الهمزتين إذا لم يجتمعا حيث يكثر التضعيف نحو شددت ورددت فإن لم يجتمعا حيث يقل التضعيف أجدر ألا ترى أن باب ددن وكوكب من القلة بحيت لا نسبة له إلى باب رددت ولم تجتمع الهمزتان فيه كما اجتمع سائر حروف الحلق في هذا الباب في قلة مهاه والبعاع والبعة ولج وسج ونج وإذا جعلتهما من الياء كان من لفظة قولهم في اسم البلد أيلة هذا إن كان فعلة وإن كان مثل ميتة أمكن أن تكون من الواو، ومما جاء على لفظه من ألفاظ العرب الإيل وهو فعل مثل الهيخ في الزنة وكون العين ياء ومن بنائه الإمر ولد الضائن والقنف، وقالوا للبراق الإلق وللقصير دنب ومجيء البناء في الاسم والصفة يدل على قوته. فإن قيل هل يجوز أن تكون إيلياء إفعلاء فتكون الهمزة ليست بأصل كما كانت أصلا في الوجه الأول، فالقول في ذلك أنا لا نعلم هذا الوزن جاء في شيء وإذا لم يجىء في شيء لم يسع حمل الكلمة عليه ولوجاء منه شيء لأمكن أن تكون الياء الأولى منقلبة عن الواو أو منقلبة عن الهمزة كالإيمان ونحوه ولم يجز أن يكون انقلابها عن الياء لأنه لم يجيء من نحو سلس في الياء إلا يديت وأيديت.
قيل إنما سميت إيلياء باسم بانيها وهو إيلياء بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام وهو أخو دمشق وحمص وأردن وفلسطين. قال بعض الأعراب:
فلو أن طيرا كلفت مثل سيره ** إلى واسط من إيلياء لكلت
سمى بالمهاري من فلسطين بعدما ** دنا الفيء من شمس النهار فولت
فما غاب ذاك اليوم حتى أناخها ** بميسان قد حلت عراها وكلت
كأن قطاميا من الرحل طاويا ** إذا غمرة الظلماء عنه تجلت
الإيم: بالفتح. جبل أسود بحمى ضرية يناوح الأكوام، وقيل جبل أسود في ديار بني عبس بالرمة وأكنافها. قال جامع بن عمرو بن مرخية.
تربعت الدارات دارات عسعس ** إلى أجلى أقصى مداها فنيرها
إلى عاقر الأقوام فالأيم فاللوى ** إلى ذي حسا روضا مجودا يصورها
أين: وهو يين، وقد ختم به هذا الكتاب. وفي كتاب نضر أين، قرية قرب إضم وبلاد جهينة بين مكة والمدينة وهي إلى المدينة أقرب وهناك عيون، وقيل أين مدينة في أقصى المغرب، وقيل بدله يين وهو موضع قريب من الحيرة.
أيناون: نونان وواو مفتوحة. اسم واد.
الإيواز: بالكسر واخره زاي. جبل في أطراف نملى ونملى بالتحريك جبال في وسط ديار بني قريط، والإيواز جبل لبني أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
الإيوان: اخره نون. وهو إيوان كسرى، قال النحويون الهمزة في إيوان أصل غير زائدة ولو كانت زائدة لوجب إدغام الياء في الواو وقلبها إلى الياء كما في أيام فلما ظهرت الياء ولم تدغم دل على أن الياء عين وأن الفاء همزة وقلبت ياء لكسرة الغاء وكراهية التضعيف كما قلبت في ديوان وقيراط وكما أن الدال والقاف فاآن والياءين عينان كذلك التي في إيوان، وإيوان كسرى الذي بالمدائن مدائن كسرى زعموا أنه تعاون على بنائه عدة ملوك، وهو من أعظم الأبنية وأعلاها رأيته وقد بقي منه طاق الإيوان حسب وهو مبني بآجر طول كل آجرة نحو ذراع في عرض أقل من شبر وهو عظيم جدا. قال حمزة بن الحسن قرأت في كتاب الذي نقله ابن المقفع أن الإيوان الباقي بالمدائن هو من بناء سابور بن أردشير فقال لي الموبذان موبذان أميد بن أشوهست ليس الأمر كما زعم ابن المقفع فإن ذلك الإيوان خربه المنصور، أبو جعفر وهذا الباقي هو من بناء كسرى أبرويز، وقد حكي أن المنصور لما أراد بناء بغداد استشار خالد بن برمك في هدم الإيوان وإدخال الته في عمارة بغداد فقال له لا تفعل يا أمير المؤمنين فقال أبيت إلا التعصب للفرس فقال ما الأمر كما ظن أمير المؤمنين ولكنه أثر عظيم يدل على أن ملة ودينا، وقوما أذهبوا ملك بانية لدين وملك عظيم فلم يصغ إلى رأيه وأمر بهدمه فوجد النفقة عليه أكثر من الفائدة بنقضه فتركه فقال خالد الآن أرى يا أمير المؤمنين أن تهدمه لئلا يقال إنك عجزت عن خراب ما عمره غيرك ومعلوم ما بين الخراب والعمارة. فعلى قول المويذان إنه خرب إيوان سابور بن أردشير وعلى قول غيره إنه لم يلتفت إلى قوله أيضا وتركه. وما زلت أسمع أن كسرى لما أراد بناء إيوانه هذا أمر بشراء ما حوله من مساكن الناس وإرغابهم بالثمن الوافر وإدخاله في الإيوان وأنه كان في جواره عجوز لها دويرة صغيرة فأرادوها على بيعها فامتنعت وقالت ما كنت لأبيع جوار الملك بالدنيا جميعها فاستحسن منها هذا الكلام وأمر ببناء الايوان وترك دارها في موضعها منه وإحكام عمارتها، ولما رأيت الإيوان رأيت في جانب منه قبة صغيرة محكمة العمارة يعرفها أهل تلك الناحية بقبة العجوز فعجبت من قوم كان هذا مذهبهم في العدل والرفق بالرعية كيف ذهبت دولتهم لولا النبوة التي شرفها الله تعالى وشرف بها عباده، وقال ابن الحاجب يذكر الإيوان:
يا من بناه بشاهق البنيان ** أنسيت صنع الدهر بالإيوان
هذي المصانع والدساكر والبنا ** وقصور كسرى أنو شروان
كتب الليالي في ذراها أسطرا ** بيد البلى وأنامل الحدثان
إن الحوادث والخطوب إذا سطت ** أودت بكل موثق الأركان
قلت ومن أحسن ما قيل في الإيوان، قول أبي عبادة البحتري:
حضرت رحلي الهموم فوجه ** ت إلى أبيض المدائن عنسي
أتسلى عن الحظوظ وآسي ** لمحل من آل ساسان درس
ذكرتنيهم الخطوب التوالي ** ولقد تذكر الخطوب وتنسي
وهم خافضون في ظل عال ** مشرف يحسر العيون ويخسي
مغلق بابه على جبل القب ** ق إلى دارتي خلاط ومكس
حلل لم تكن كلأطلال سعدى ** في قفار من البسابس ملس
ومساع لولا المحابات مني ** لم يطقها مسعاة عنس وعبس
نقل الدهر عهدهن عن ** الجدة حتى رجعن أنضاء لبس
فكأن الحرمان من عدم ال ** أنس وأخلى به بنية رمس
لو تراه علمت أن الليالي ** جعلت فيه مأتما بعد عرس
وهو ينبيك عن عجائب قوم ** ولا يشاب البيان فيهم بلبس
فإذا ما رأيت صورة أنطا ** كية أرتعت بين روم وفرس
وقد كان في الإيوان صورة كسرى أنوشروان وقيصر ملك أنطاكية وهو يحاصرها ويحارب أهلها.
والمنايا مواثل وأنوشروان يز ** جي الصفوف تحت الدرفس
في اخضرار من اللباس على أص ** فرار يختال في صبغة ورس
وعراك الرجال بين يديه ** جفوة منهم وأغماض جرس
من مشيح يهوي بعامل رمح ** ومليح من السنان بترس
تصف العين أنهم جد أحيا ** ء لهم بينهم إشارة خرس
يعتلي فيهم ارتيابي حتى ** تتقرى منهم يداي بلمس
قد سقاني ولم يصرد أبو الغو ** ث على العسكرين شربة خلس
من مدام تقولها هي نجم ** ضوء الليل أو مجاجة شمس
وتراها إذا أجدت سرورا ** وارتياحا للشارب المتحسي
أفرغت في الزجاج من كل قلب ** فهي محبوبة إلى كل نفس
وتوهفت أن كسرى أبرويز ** يتعاطى أو البلهبد أنسي
حلم مطبق على الشك عندي ** أم أمان غيرن ظني وحدسي
وكأن الإيوان من عجب الصن ** عة جوب في جنب أزعن جلس
يتظنى من الكابة أن يب ** دو لعيني مصبح أو ممسي
مزعجا بالفراق عن أنس إلف ** عز أو مرهقا بتطليق عرس
عكست حظه الليالي وبات ال ** مشتري فيه وهو كوكب نحس
فهو يبدي تجلدا وعليه ** كلكل من كلاكل الدهر مرسي
لم يعبه أن بز من بسط الدي ** باج واستل من ستور الدمقس
مشمخر تعلو له شرفات ** رفعت في رؤوس رضوى وقدس
لابسات من البياض فما تب ** صر منها إلا فلائل برس
ليس يدرى أصنع إنس لجن ** صنعوه أم صنع جن لإنس
غير أني أراه يشهد أن لم ** يك بانيه في الملوك بنكس
فكأني أرى الكواكب والقو ** م إذا ما بلغت آخر حسي
وكأن الوفود ضاحين حسرى ** من وقوف خلف الزحام وجلس
وكأن القيان وسط المقاصير يرجعن بين حور ولعس
وكأن اللقاء أول من أم ** س ووشك الفراق أول أمس
وكأن الذي يريد اتباعا ** طامع في لقائهم صبح خمس
عمرت للسرور دهرا فصارت ** للتعزي رباعهم والتأسي
فلها أن أعينها بدموع ** موقفات على الصبابة حبس
ذاك عندي وليست الدار داري ** باقتراب منها ولا الجنس جنسي
غير نعمى لأهلها عند أهلي ** غرسوا من رطابها خير غرس
أيدوا ملكنا وشدوا قواه ** بكماة تحت السنور حمس
وأعانوا على كتائب أريا ** ط بطعن على النحور ودعس
وأراني من بعد أكلف بالأش ** راف طرا من كل سنخ وأس
واجتاز الملك العزيز جلال الدولة البويهي على إيوان كسرى فكتب عليه بخطه من شعره.
يا أيها المغرور بالدنيا اعتبر ** بديار كسرى فهي معتبر الورى
غنيت زمانا بالملوك وأصبحت ** من بعد حادثة الزمان كما ترى أبهات: بوزن هيهات. موضع.
أيهب: بالباء الموحدة. موضع في بلاد بني أسد قليل الماء. قال النابغة:
كأن قتودي والنسوع جرى بها ** مصك يباري الجون جاب معقرب
رعى الروض حتى نشب الغدر والتوت ** بدجلاتها قيعان شرج وأيهب أيهم: بالميم. موضع في قول النابغة:
ألمم برسم الطلل الأقدم ** بجانب السكران فالأيهم
دار فتاة كنت ألهو بها ** في سالف الدهر عن الأخرم قال نصر، ولطيء الأيهم وهي أودية لبني موقع.
أية. بالفتح والتشديد. من أعمال الري.
هذا اخر كتاب الهمزة والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله أجمعين وأصحابه وذريته والتابعين وتابع التابعين ورضي الله عن السلف الصالحين، اللهم آمين
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)