الحلقة السابعة و الثلاثون
لم يكن للضربة التي تلقيتها بيدي في آخر لحظة أي أثر على وجهي أو يدي... لكن أثرها كان غزيرا غائرا في قلبي و مشاعري...
ليس فقط لأنني اكتشفت مدى الكره الذي تكنّه رغد لي، بل و لأنني اكتشفت أن وليد متساهل معها لأقصى حد ... بل و بلا حدود ...
و فوق كونها فتاة مراهقة شديدة التدلل و الغنج، و قليلة التفكير في مشاعر الآخرين و ظروفهم، و فوق فرضها لوجودها و احتلالها مساحة كبيرة جدا من اهتمام وليد و مسؤوليته، و فوق كرهها لي و غيرتها الواضحة مني، فوق كل هذا و هذا، رغد تحب خطيبي !
إنني و مذ سمعتها تلك الليلة... تهمس له – و هو نائم في السيارة –
( وليد قلبي )
و أنا في حالة عصيبة و رغما عني بدأت أراقب كل تصرفاتها و أترجم كل أفعالها على أنها ولع بوليد !
فكيف أصحو ذات صباح، و أذهب إلى غرفة خطيبي فأراها نائمة على المقعد في غرفته ؟؟
يومها أخبرت أمي بكل ما جد... و أطلعتها على اكتشافي... و بكيت بمرارة
إنها و منذ أن ظهرت في حياتي ... قبل عدّة أشهر... منذ تلك الليلة التي حضرت مع وليد و دانة هاربين من القصف ... و هي تشغل اهتمام وليد و تفكيره !
و بالرغم من أنني تعاطفت معها كثيرا ... للظروف المفجعة التي مرّت بها خلال أشهر ... و بالرغم من أنني أحسنت معاملتها و آويتها و أسرتي إلى منزلنا ... و أسكنتها غرفتي كذلك ... و عاملتها و أهلي كفرد منا و حاولنا توفير كل ما احتاجت إليه ... بالرغم من كل ذلك، ها أنا أشعر الآن برغبة قوية في إخراجها من حياتي أنا و وليد ...
وليد خذلني في الموقف الأخير ...
فعوضا عن زجرها أو تأنيبها و ردعها... ما إن هربت إلى غرفتها بعد رميي بهاتفه المحمول حتى حثّ الخطى سيرا خلفها هي !
هتف :
" رغد "
و لم تكترث له فتوقف في منتصف الطرق و ضرب راحته اليسرى بقبضته اليمنى غضبا ...
التفت إلى ّ أخيرا و قال :
" لماذا فعلت ِ ذلك ؟؟ أروى ! ماذا أصابك ؟؟ "
تفاجأت من سؤاله، فعوضا عن أن يقف إلى جانبي و يواسيني أراه غاضبا منّي أنا ! إنني أنا من تلقيت تلك الضربة من رغد ... ألم تر َ ذلك جليا يا وليد ؟؟
قلت :
" ماذا فعلت ُ أنا ؟؟ وليد هل رأيت كيف ضربتني ابنة عمّك ؟؟ أليس لديك شيء تقوله من أجلي ؟؟ "
بدا على وليد العصبية أكثر من ذهول المفاجأة... و ظهر كالمستاء من كلامي أكثر من استيائه من فعلة رغد ...
قلت :
" وليد ... تحدّث ! "
التقط وليد نفسا أو اثنين عميقين ، ثم قال و هو يعود أدراجه نحو قلب الصالة :
" كلماتك كانت قاسية و جارحة "
و أذهلني موقفه أكثر و أكثر . ..
قلت بانزعاج :
" أليست هذه هي الحقيقة يا وليد؟؟ ألست تبالغ جدا في تدليل ابنة عمّك و كأنها اليتيمة الوحيدة على وجه الأرض ؟؟ أنا أيضا يتيمة يا وليد ... ولو كان ابن عمّي عمّار حيا و يرعاني كما ترعى أنت ابنة عمّك، لألصقت جبيني في الأرض سجودا و شكرا لله مدى الحياة ! "
و لا أدري لم استفزّت هذه الجملة وليد بشكل مبالغ به فصرخ بوجهي :
" اسكتي "
اعترتني رغبة مباغتة في البكاء لحظتها فآثرت ُ الانسحاب و هرعت إلى المطبخ ، حيث كانت أمي ترتب الملاعق على مائدة الغذاء
خاصمت ُ وليد للساعات التالية و رفضت الذهاب معه إلى المحكمة كما كان يخطط.. يحق لي أن أغضب حين أرى الموقف البارد من خطيبي ...
و يحق لي أن أطالب رغد باعتذار علني أمام وليد... و سوف لن أتخلى عن هذين الحقين هذه المرّة... و سأجعل رغد تفهم أنني المرأة الأولى في حياة وليد... رغما عن قرابتهما و ذكرياتهما السابقة... و رغما عن أي شعور تحمله هي تجاه خطيبي ... و أيا كان !
........................
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)