صفحة 7 من 11 الأولىالأولى ... 56789 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 25 إلى 28 من 41

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثامن)


  1. #25
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال: وكان الهادي قد استخلف على حجابته بعد الربيع ابنه الفضل، فقال له: لا تحجب عني الناس؛ فإن ذلك يزيل عني البركة، ولا تلق إلي أمرًا إذا كشفته أصبته باطلا؛ فإن ذلك يوقع الملك، ويضر الرعية.
    وقال موسى بن عبد الله: أتى موسى برجل، فجعل يقرعه بذنوبه ويتهدده، فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين، اعتذاري مما تقرعني به رد عليك، وإقراري يوجب علي ذنبًا؛ ولكني أقول:
    فإن كنت ترجو في العقوبة رحمةً ** فلا تزهدن عند المعافاة في الأجر
    قال: فأمر بإطلاقه.
    وذكر عمر بن شبة أن سعيد بن سلم كان عند موسى الهادي، فدخل عليه وفد الروم وعلى سعيد بن سلم قلنسوة - وكان قد صلع وهو حدث - فقال له موسى: ضع قلنسوتك حتى تتشايخ بصلعتك.
    وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق أن أباه حدثه، قال: خرجت إلى عيساباذ أريد الفضل بن الربيع، فلقيت موسى أمير المؤمنين وهو خليفة؛ وأنا لا أعرفه؛ فإذا هو في غلالة على فرس، وبيده قناة لا يدرك أحدًا إلا طعنه. فقال لي: يا بن الفاعلة! قال: فرأيت إنسانًا كأنه صم، وكنت رأيته بالشام، وكان فخذاه كفخذي بعير، فضربت يدي إلى قائم السيف، فقال لي رجل: ويلك! أمير المؤمنين، فحركت دابتي - وكان شهريًا حملني عليه الفضل بن الربيع، وكان اشتراه بأربعة آلاف درهم - فدخلت دار محمد بن القاسم صاحب الحرس، فوقف على الباب، وبيده القناة، وقال: اخرج يا بن الفاعلة! فلم أخرج، ومر فمضى. قلت للفضل: فإني رأيت أمير المؤمنين؛ وكان من القصة كذا وكذا، فقال: لا أرى لك وجهًا إلا ببغداد؛ إذا جئت أصلي الجمعة فالقني، قال: فما دخلت عيساباذ حتى هلك الهادي.
    وذكر الهيثم بن عروة الأنصاري أن الحسين بن معاذ بن مسلم - وكان رضيع موسى الهادي - قال:
    لقد رأيتني أخلو مع موسى، فلا أجد له هيبةً في قلبي عند الخلوة، لما كان يبسطني. وربما صارعني فأصرعه غير هائب له، وأضرب به الأرض، فإذا تلبس لبسة الخلافة ثم جلس مجلس الأمر والنهي قمت على رأسه؛ فوالله ما أملك نفسي من الرعدة والهيبة له.
    وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق أن محمد بن سعيد بن عمر بن مهران، حدثه عن أبيه، عن جده، قال: كانت المرتبة لإبراهيم بن سلم بن قتيبة عند الهادي، فمات ابن لإبراهيم يقال له سلم، فأتاه موسى الهادي يعزيه عنه على حمار أشهب، لا يمنع مقبل ولا يرد عنه مسلم؛ حتى نزل في رواقه، فقال له: يا إبراهيم، سرك هو عدو وفتنة، وحزنك وهو صلاة ورحمة. فقال: يا أمير المؤمنين، ما بقي مني جزء كان فيه حزن إلا وقد امتلأ عزاء. قال: فلما مات إبراهيم صارت المرتبة لسعيد بن سلم بعده.
    وذكر عمر بن شبة أن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كان يلقب بالجرزي، تزوج رقية بنت عمرو العثمانية - وكانت تحت المهدي - فبلغ ذلك موسى الهادي في أول خلافته، فأرسل إليه فجهله وقال: أعياك النساء إلا امرأة أمير المؤمنين، فقال: ما حرم الله على خلقه إلا نساء جدي ؛ فأما غيرهن فلا ولا كرامة. فشجه بمخصرة كانت في يده، وأمر بضربه خمسمائة سوط، فضرب، وأراده أن يطلقها فلم يفعل، فحمل من بين يديه في نطع فألقى ناحية؛ وكان في يده خاتم سري فرآه بعض الخدم وقد غشي عليه من الضرب، فأهوى إلى الخاتم، فقبض على يد الخادم فدقها، فصاح. وأتى موسى فأراه يده، فاستشاط وقال: يفعل هذا بخادمي، مع استخفافه بأبي، وقوله لي! وبعث إليه: ما حملك على ما فعلت؟ قال: قل له وسله، ومره أن يضع يده على رأسك وليصدقك. ففعل ذلك موسى، فصدقه الخادم، فقال: أحسن والله، أنا أشهد أنه ابن عمي؛ لو لم يفعل لانتفيت منه. وأمر بإطلاقه.
    وذكر أبو إبراهيم المؤذن، أن الهادي كان يثب على الدابة وعليه درعان، وكان النهدي يسميه ريحاني.
    وذكر محمد بن عطاء بن الواسطي، أن أباه حدثه أن المهدي قال لموسى يومًا - وقد قدم إليه زنديق، فاستتابه، فأبى أن يتوب، فضرب عنقه وأمر بصلبه: يا بني إن صار لك هذا الآمر فتجرد لهذه العصابة - يعني أصحاب ماني - فإنها فرقة تدعو الناس إلى ظاهر حسن، كاجتناب الفواحش والزهد في الدنيا والعمل للآخرة، ثم تخرجها إلى تحريم اللحم ومس الماء الطهور وترك قتل الهوام تحرجًا وتحوبًا، ثم تخرجها من هذه إلى عبادة اثنين: أحدهما النور والآخر الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات والاغتسال بالبول وسرقة الأطفال من الطرق، لتنقذهم من ضلال الظلمة إلى هداية النور؛ فارفع فيها الخشب، وجرد فيها السيف، وتقرب بأمرها إلى الله لا شريك له؛ فإني رأيت جدك العباس في المنام قلدني بسيفين، وأمرني بقتل أصحاب الاثنين. قال: فقال موسى بعد أن مضت من أيامه عشرة أشهر: أما والله لئن عشت لأقتلن هذه الفرقة كلها حتى لا أترك منها عينًا تطرف.
    ويقال: إنه أمر أن يهيأ له ألف جدع، فقال: هذا في شهر كذا، ومات بعد شهرين.
    وذكر أيوب بن عنابة أن موسى بن صالح بن شيخ، حدثه أن عيسى بن دأب كان أكثر أهل الحجاز أدبًا وأعذبهم ألفاظًا؛ وكان قد حظي عند الهادي حظوة لم تكن عنده لأحد؛ وكان يدعو له بمتكأ، وما كان يفعل ذلك بأحد غيره في مجلسه. وكان يقول: ما استطلت بك يومًا ولا ليلة، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت ألا أرى غيرك. وكان لذيذ المفاكهة طيب المسامرة، كثير النادرة، جيد الشعر حسن الانتزاع له. قال: فأمر له ذات ليلة بثلاثين ألف دينار؛ فلما أصبح ابن دأب وجه قهرمانة إلى باب موسى، وقال له: الق الحاجب، وقل له: يوجه إلينا بهذا المال، فلقي الحاجب، فأبلغه رسالته؛ فتبسم وقال: هذا ليس إلي، فانطلق إلى صاحب التوقيع ليخرج له كتابًا إلى الديوان، فتدبره هناك ثم تفعل فيه كذا وكذا. فرجع إلى ابن دأب فأخبره، فقال: دعها ولا تعرض لها، ولا تسأل عنها. قال: فبينا موسى في مستشرف له ببغداد، إذ نظر إلى دأب قد أقبل وليس معه إلا غلام واحد! فقال لإبراهيم الحراني: أما ترى ابن دأب؛ ما غير من حاله، ولا تزين لنا؛ وقد بررناه بالأمس ليرى أثرنا عليه! فقال له إبراهيم: فإن أمرني أمير المؤمنين عرضت له بشيء من هذا؛ قال: لا، هو أعلم بأمره؛ ودخل ابن دأب، فأخذ في حديثه إلى أن عرض له موسى بشيء من أمره، فقال: أرى ثوبك غسيلًا، وهذا شتاء يحتاج فيه إلى الجديد اللين، فقال: يا أمير المؤمنين، باعي قصير عما أحتاج إليه، قال: وكيف وقد صرفنا إليك من برنا ما ظننا أن فيه صلاح شأنك! قال: ما وصل إلي ولا قبضته، فدعا صاحب بيت مال الخاصة، فقال: عجل له الساعة ثلاثين ألف دينار، فأحضرت وحملت بين يديه.
    وذكر علي بن محمد، أن أباه حدثه عن علي بن يقطين، قال: إني لعند موسى ليلة مع جماعة من أصحابه؛ إذ أتاه خادم فسار بشيء، فنهض سريعًا، وقال: لا تبرحوا، ومضى فأبطأ، ثم جاء وهو يتنفس، فألقى بنفسه على فراشه يتنفس ساعة حتى استراح، ومعه خادم يحمل طبقًا مغطى بمنديل، فقام بين يديه، فأقبل يرعد، فعجبنا من ذلك. ثم جلس وقال للخادم: ضع ما معك، فوضع الطبق، وقال: ارفع المنديل، فرفعه فإذا في الطبق رأسًا جاريتين؛ لم أراد والله أحسن من وجوههما قط ولا من شعورهما، وإذا على رءوسهما الجوهر منظوم على الشعر، وإذا رائحة طيبة تفوح، فأعظمنا ذلك، فقال: أتدرون ما شأنهما؟ قلنا: لا، قال: بلغنا أنهما تتحابان قد اجتمعتا على الفاحشة، فوكلت هذا الخادم بهما ينهي إلي أخبارهما، فجاءني فأخبرني أنهما قد اجتمعتا، فجئت فوجدتهما في لحاف واحد على الفاحشة فقتلتهما، ثم قال: يا غلام، ارفع الرأسين قال: ثم رجع في حديثه كأنه لم يصنع شيئًا.
    وذكر أبو العباس بن أبي مالك اليمامي أن عبد الله بن محمد البواب، قال: كنت أحجب الهادي خليفةً للفضل بن الربيع، قال: فإنه ذات يوم جالس وأنا في داره، وقد تغدى ودعا بالنبيذ، وقد كان قبل ذلك دخل على أمه الخيزران، فسألته أن يولي خاله الغطريف اليمن، فقال: أذكريني به قبل أن أشرب، قال: فلما عزم على الشرب وجهت إليه منيرة - أو زهرة - تذكره، فقال: اختاري له طلاق ابنته عبيدة أو ولاية اليمن، فلم تفهم إلا قوله: اختاري له فمرت، فقالت: قد اخترت له ولاية اليمن، فطلق ابنته عبيدة، فسمع الصياح، فقال: ما لكم؟ فأعلمته الخبر، فقال: أنت اخترت له، فقالت: ما هكذا أديت إلي الرسالة عنك. قال: فأمر صالحًا صاحب المصلى أن يقف بالسيف على رءوس الندماء ليطلقوا نساءهم، فخرج إلي بذلك الخدم ليعلموني ألا آذن لأحد. قال: وعلى الباب رجل واقف متلفع بطيلسانه، يراوح بين قدميه، فعن لي بيتان، فأنشدتهما وهما:
    خليلي من سعد ألما فسلما ** على مريم، لا يبعد الله مريما
    وقولا لها: هذا الفراق عزمته ** فهل من نوالٍ بعد ذلك فيعلما!
    قال: فقال لي الرجل المتلفع بطيلسانه: فنعلما، فقلت: ما الفرق بين يعلما ونعلما؟ فقال: أنا أعلم بالشعر منك، قال: فلمن الشعر؟ قلت: للأسود بن عمارة النوفلي، فقال لي: فأنا هو؛ فدنوت منه فأخبرته خبر موسى، واعتذرت إليه من مراجعتي إياه. قال: فصرف دابته، وقال: هذا أحق منزل بأن يترك. قال مصعب الزبيري: قال أبو المعافي: أنشدت العباس بن محمد مديحًا في موسى وهارون:
    يا خيزران هناك ثم هناك ** إن العباد يسوسهم إبناك
    قال: فقال لي: إني أنصحك، قال اليماني: لا تذكر أمي بخير ولا بشر.
    وذكر أحمد بن صالح بن أبي فنن، قال: حدثني يوسف الصقيل الشاعر الواسطي، قال: كنا عند الهادي بجرجان قبل الخلافة ودخوله بغداد، فصعد مستشرفا له حسنًا؛ فغنى بهذا الشعر:
    واستقلت رجالهم ** بالرديني شرعا
    فقال: كيف هذا الشعر؟ فأنشدوه، فقال: كنت أشتهي أن يكون هذا الغناء في شعر أرق من هذا، اذهبوا إلى يوسف الصقيل حتى يقول فيه، قال: فأتوني فأخبروني الخبر، فقلت:
    لا تلمني أن اجزعا ** سيدس قد تمنعا
    وابلائي إن كان ما ** بيننا قد تقطعا
    إن موسى بفضله ** جمع الفضل أجمعا
    قال: فنظر فإذا أمامه، فقال: أوقروا هذا دراهم ودنانير، واذهبوا بها إليه. قال: فأتوني بالبعير موقرًا.
    وذكر محمد بن سعد، قال: حدثني أبو زهير، قال: كان ابن دأب أحظى الناس عند الهادي، فخرج الفضل بن الربيع يومًا، فقال:
    إن أمير المؤمنين يأمر من بابه بالانصراف؛ فأما أنت يا بن دأب فادخل، قال ابن دأب: فدخلت عليه وهو منبطح على فراشه؛ وإن عينيه لحمراوان من السهر وشرب الليل، فقال لي: حدثني بحديث في الشراب، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، خرجت رجله من كنانة ينتجعون الخمر من الشأم، فمات أخ لأحدهم، فجلسوا عند قبره يشربون، فقال أحدهم:
    لا تصرد هامةً من شربها ** أسقه الخمر وإن كان قبر
    أسق أوصالًا وهامًا وصدى ** قاشعًا يقشع قشع المبتكر
    كان حرًا فهوى فيمن هوى ** كل عود وفنون منكسر
    قال: فدعا بدواة فكتبها، ثم كتب إلى الحراني بأربعين ألف درهم، وقال: عشرة آلاف لك، وثلاثون ألفًا للثلاثة الأبيات. قال: فأتيت الحراني، فقال: صالحنا على عشرة آلاف، على أنك تحلف لنا ألا تذكرها لأمير المؤمنين، فحلفت ألا أذكرها لأمير المؤمنين، حتى يبدأني، فمات ولم يذكرها حتى أفضت الخلافة إلى الرشيد.
    وذكر أبو دعامة أن سلم بن عمرو الخاسر مدح موسى الهادي، فقال:
    بعيساباذ حر من قريش ** على جنباته الشرب الرواء
    يعوذ المسلمون بحقوتيه ** إذا ما كان خوف أو رجاء
    وبالميدان دور مشرفات ** يشيدهن قوم أدعياء
    وكم من قائلٍ إني صحيح ** وتأبه الخلائق والرواء
    له حسب يضن به ليبقى ** وليس لما يضن به بقاء
    على الضبي لؤم ليس يخفي ** يغطيه فينكشف الغطاء
    لعمري لو أقام أبو خديج ** بناء الدار ما انهدم البناء
    قال: وقال سلم الخاسر لما تولى الهادي الخلافة بعد المهدي:
    لقد فاز موسى بالخلافة والهدى ** ومات أمير المؤمنين محمد
    فمات الذي عم البرية فقده ** وقام الذي يكفيك من يتفقد
    وقال أيضًا:
    تخفى الملوك لموسى عند طلعته ** مثل النجوم لقرن الشمس إذ طلعا
    وليس خلق يرى بدرًا وطلعته ** من البرية إلا ذل أو خضعا
    وقال أيضًا:
    لولا الخليفة موسى بعد والده ** ما كان للناس من مهديهم خلف
    ألا ترى أمة الأمى واردةً ** كأنها من نواحي البحر تغترف
    من راحتي ملك قد عم نائله ** كأنه نائله من جوده سرف
    وذكر إدريس بن أبي حفصة أن مروان بن أبي حفصة حدثه، قال: لما ملك موسى الهادي دخلت عليه فأنشدته:
    إن خلدت بعد الاٍمام محمد ** نفسي لما فرحت بطول بقائها
    قال: ومدحت فقلت فيه:
    بسبعين ألفًا شد ظهري وراشني ** أبوك وقد عاينت من ذاك مشهدا
    وإني أمير المؤمنين لواثق ** بألا يرى شربي لديك مصردا
    فلما أنشدته قال: ومن يبلغ مدى المهدي! ولكنا سنبلغ رضاك. قال: وعاجلته المنية فلم يعطني شيئًا، ولا أخذت من أحد درهمًا حتى قام الرشيد.
    وذكر هارون بن موسى الفروي، قال: حدثني أبو غزية، عن الضحاك بن معن السلمي، قال: دخلت على موسى فأنشدته:
    يا منزلي شجو الفؤاد تكلما ** فلقد أرى بكما الرباب وكلثما
    ما منزلان على التقادم والبلى ** أبكي لما تحت الجوانح منكما
    ردا السلام على كبير شاقة ** طللان قد درسا فهاج فسلما
    قال: ومدحته فيها، فلما بلغت:
    سبط الأنامل بالفعال أخاله ** أن ليس يتركفي الخزائن درهمًا
    التفت إلى أحمد الخازن، فقال: ويحك يا أحمد! كأنه نظر إلينا البارحة، قال: وكان قد أخرج تلك الليلة مالًا كثيرًا ففرقه.
    وذكر عن إسحاق الموصلي - أو غيره - عن إبراهيم، قال: كنا يوما عند موسى، وعنده ابن جامع ومعاذ بن الطيب - وكان أول يوم دخل علينا معاذ؛ حاذقًا بالأغاني، عارفًا بقديمها - فقال: من أطربني منكم فله حكمه؛ فغناه ابن جامع غناءً فلم يحركه، وفهمت غرضه في الأغاني، فقال هات يا إبراهيم، فغنيته:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #26
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    سليمى أجمعت بينا ** فأين تقولها أينا!
    فطرب حتى قام من مجلسه، ورفع صوته، وقال: أعد، فأعدت، فقال: هذا غرضي فاحتكم، فقلت يا أمير المؤمنين، حائط عبد الملك وعينه الخرارة، فدارت عيناه في رأسه حتى صارتا كأنهما جمرتان، ثم قال: يا بن اللخناء، أردت أن تسمع العامة أنك أطربتني وأني حكمتك فأقطعتك! أما والله لولا بادرة جهلك التي غلبت على صحيح عقلك لضربت الذي فيه عيناك. ثم أطرق هنيهة، فرأيت ملك الموت بيني وبينه ينتظر أكره. ثم دعا إبراهيم الحراني فقال: خذ بيد هذا الجاهل فأدخله بيت المال، فليأخذ منه ما شاء، فأدخلني الحراني بيت المال، فقال: كم تأخذ؟ قلت: ماءة بدرة، قال: دعني أؤامره، قال: قلت: فثمانين، قال: حتى أؤامره، فعملت ما أراد، فقلت: سبعين بدرة لي، وثلاثين لك، قال: الآن جئت بالحق، فشأنك. فانصرفت بسبعمائة ألف وانصرف ملك الموت عن وجهي.
    وذكر علي بن محمد، قال: حدثني صالح بن علي بن عطية الأضخم عن حكم الوادي، قال كان الهادي يشتهي من الغناء الوسط الذي يقل ترجيعه، ولا يبلغ أن يستخف به جدًا. قال: فبينا نحن ليلة عنده، وعنده ابن جامع والموصلي والزبير بن دحمان والغنوي إذ دعا بثلاث بدور وأمر بهن فوضعن في وسط المجلس، ثم ضم بعضهن إلى بعض، وقال: من غنائي صوتًا في الطريق الذي أشتهيه، فهن له كلهن. قال: وكان فيه خلق حسن؛ كان إذا كره شيئًا لم يوقف عليه، وأعرض عنه. فغناه ابن الجامع، فأعرض عنه، وغنى القوم كلهم؛ فأقبل يعرض حتى تغنيت، فوافقت ما يشتهي فصاح أحسنت أحسنت! اسقوني، فشرب وطرب، فقمت فجلست على البدور، وعلمت أني قد حويتها، فحضر ابن جامع، فأحسن المحضر، وقال: يا أمير المؤمنين، هو والله كما قلت، وما منا أحد إلا وقد ذهب عن طريقك غيره، قال: هي لك، وشرب حتى بلغ حاجته على الصوت، ونهض، فقال: مروا ثلاثة من الفراشين يحملونها معه، فدخل وخرجنا نمشي في الصحن منصرفين، فلحقني ابن جامع، فقلت: جعلت فداك يا أبا القاسم! فعلت ما يفعل مثلك في نسبك؛ فانظر فيها بما شئت. فقال: هنأك الله، ووددنا أنا زدناك. ولحقنا الموصلي، فقال: أجزنا، فقلت: ولم لم تحسن محضرك! لا والله ولا درهمًا واحدًا.
    وذكر محمد بن عبد الله، قال: قال لي سعيد القارئ العلاف - وكان صاحب أبان القارئ -: إنه كان عند موسى جلساؤه، فيهم الحراني وسعيد بن سلم وغيرهما؛ وكانت جارية لموسى تسقيهم؛ وكانت ماجنةً، فكانت تقول لهذا: يا جلفي؛ وتعبث بهذا وهذا؛ ودخل يزيد بن مزيد فسمع ما تقول لهم، فقال لها: والله الكبير؛ لئن قلت لي مثل ما تقولين لهم لأضربنك ضربة بالسيف، فقال لها موسى: ويلك! إنه والله يفعل ما يقول؛ فإياك. قال: فأمسكت عنه ولم تعابثه قط. قال: وكان سعيد العلاف وأبان القارئ إباضيين.
    وذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود الكاتب، قال: حدثني ابن القداح، قال: كانت للربيع جارية يقال لها أمة العزيز، فائقة الجمال، ناهدة الثديين، حسنة القوام، فأهداها لإلى المهدي، فلما رأى جمالها وهيئتها، قال: هذه لموسى أصلح، فوهبها له؛ فكانت أحب الخلق إليه، وولدت له بنيه الأكابر. ثم إن بعض أعداء الربيع قال لموسى: إنه سمع الربيع يقول: ما وضعت بيني وبين الأرض مثل أمة العزيز، فغار موسى من ذلك غيرة شديدة، وحلف ليقتلن الربيع، فلما استخلف دعا الربيع في بعض الأيام، فتغدى معه وأكرمه، وناوله كأسًا فيها شراب عسل؛ قال: فقال الربيع: فعلمت أن نفسي فيها، وأني إن رددت الكأس ضرب عنقي؛ مع ما قد علمت أن في قلبه علي من دخولي على أمه، وما بلغه عني، ولم يسمع مني عذرًا. فشربتها. وانصرف الربيع إلى منزله، فجمع ولده، وقال لهم: إني ميت في يومي هذا أو من غد، فقال له ابنه الفضل: ولم تقول هذا جعلت فداك! فقال: إن موسى سقاني شربة سم بيده، فأنا أجد عملها في بدني، ثم أوصى بما أراد، ومات في يومه أو من غده. ثم تزوج الرشيد أمة العزيز بعد موت موسى الهادي، فأولدها علي بن الرشيد.
    وزعم الفضل بن سليمان بن إسحاق الهاشمي أن الهادي لما تحول إلى عيساباذ في أول السنة التي ولي الخلافة فيها، عزل الربيع عما كان يتولاه من الوزارة وديوان الرسائل، وولى مكانه عمر بن بزيع، وأقر الربيع على الزمام؛ وأوذن بموته فلم يحضر جنازته، وصلى عليه هارون الرشيد؛ وهو يومئذ ولي عهد، وولى موسى مكان الربيع إبراهيم بن ذكوان الحراني، واستخلف على ما تولاه إسماعيل بن صبيح، ثم عزله واستخلف يحيى بن سليم، وولى إسماعيل زمام ديوان الشام وما يليها.
    وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق، خال الفضل بن الربيع، أن أباه حدثه، أن موسى الهادي قال: أريد قتل الربيع؛ فما أدري كيف أفعل به! فقال له سعيد بن سلم: تأمر رجلًا باتخاذ سكين مسموم، وتأمره بقتله، ثم تأمر بقتل ذلك الرجل. قال: هذا الرأي، فأمر رجلًا فجلس له في الطريق، وأمره بذلك، فخرج بعض خلفاء الربيع، فقال له: إنه قد أمر فيك بكذا وكذا، فأخذ في غير ذلك الطريق، فدخل منزله، فتمارض، فمرض بعد ذلك ثمانية أيام؛ فمات ميتة نفسه.
    وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة؛ وهو الربيع بن يونس.
    خلافة هارون الرشيد

    بويع للرشيد هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بالخلافة ليلة الجمعة الليلة التي توفي فيها أخوه موسى الهادي. وكانت سنة يوم ولي اثنتين وعشرين سنة. وقيل كان يوم بويع بالخلافة ابن إحدى وعشرين سنة. وأمه أم ولد يمانية جرشية يقال لها خيزران، وولد بالري لثلاث بقين من ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة في خلافة المنصور.
    وأما البرامكة فإنها - فيما ذكر - تزعم أن الرشيد ولد أول يوم من المحرم سنة تسع وأربعين ومائة؛ وكان الفضل بن يحيى ولد قبله بسبعة أيام، وكان مولد الفضل لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وأربعين ومائة، فجعلت أم الفضل ظئرًا للرشيد، وهي زينب بنت منير، فأرضعت الرشيد بلبان الفضل، وأرضعت الخيزران الفضل بلبان الرشيد.
    وذكر سليمان بن أبي شيخ أنه لما كان الليلة التي توفي فيها موسى الهادي أخرج هرثمة بن أعين هارون الرشيد ليلًا فأقعده للخلافة، فدعا هارون يحيى بن خالد بن برمك - وكان محبوسًا، وقد كان عزم موسى على قتله وقتل هارون الرشيد في تلك الليلة - قال: فحضر يحيى، وتقلد الوزارة، ووجه إلى يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب فأحضره، وأمره بإنشاء الكتب؛ فلما كان غداة تلك الليلة، وحضر القواد قام يوسف بن القاسم، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد ، ثم تكلم بكلام أبلغ فيه، وذكر موت موسى وقيام هارون بالأمر من بعده، وما أمر به للناس من الأعطيات.
    وذكر أحمد بن القاسم، أنه حدثه عمه علي بن يوسف بن القاسم هذا الحديث، فقال: حدثني يزيد الطبري مولانا أنه كان حاضرًا يحمل دواة أبي يوسف بن القاسم، فحفظ الكلام. قال: قال بعد الحمد لله عز وجل والصلاة على النبي :
    إن الله بمنه ولطفه من عليكم معاشر أهل بيت نبيه بيت الخلافة ومعدن الرسالة، وأتاكم أهل الطاعة من أنصار الدولة وأعوان الدعوة، من نعمه التي لا تحصى بالعدد، ولا تنقضي مدى الأبد، وأياديه التامة، أن جمع ألفتكم وأعلى أمركم، وشد عضدكم، وأوهن عدوكم، وأظهر كلمة الحق؛ وكنتم أولى بها وأهلها، فأعزكم الله وكان الله قويًا عزيزًا؛ فكنتم أنصار دين الله المرتضى والذابين بسيفه المنتضى؛ عن أهل بيت نبيه . وبكم استنقذكم من أيدي الظلمة، أئمة الجور، والناقضين عهد الله، والسافكين الدم الحرام، والآكلين الفيء، والمستأثرين به؛ فاذكروا ما أعطاكم الله من هذه النعمة، واحذروا أن تغيروا فيغير بكم. وإن الله جل وعز استأثر بخليفته موسى الهادي الإمام، فقبضه إليه، وولى بعده رشيدًا مرضيًا أمير المؤمنين رءوفًا بكم رحيمًا، من محسنكم قبولًا، وعلى مسيئكم بالعفو عطوفًا؛ وهو - أمتعه الله بالنعمة وحفظ له ما اترعاه إياه من أمر الأمة، وتولاه بما تولى به أولياءه وأهل طاعته - يعدكم من نفسه الرأفة بكم، والرحمة لكم. وقسم أعطياتكم فيكم عند استحقاقكم، ويبذل لكم من الجائزة مما أفاء الله على الخلفاء مما في بيوت الأموال ما ينوب عن رزق كذا وكذا شهرًا، غير مقاص لكم بذلك فيما تستقبلون من أعطياتكم، وحامل باقي ذلك؛ للدفع عن حريمكم، وما لعله أن يحدث في النواحي والأقطار من العصاة المارقين إلى بيوت الأموال؛ حتى تعود الأموال إلى جمامها وكثرتها، والحال التي كانت عليها؛ فاحمدوا الله وجددوا شكرًا يوجب لكم المزيد من إحسانه إليكم؛ بما جدد لكم من رأي أمير المؤمنين، وتفضل به عليكم، أيده الله بطاعته. وارغبوا إلى الله له في البقاء؛ ولكم به في إدامة النعماء، لعلكم ترحمون. وأعطوا صفقة أيمانكم، وقوموا إلى بيعتكم، حاطكم الله وحاط عليكم، وأصلح بكم وعلى أيديكم، وتولاكم ولاية عباده الصالحين.
    وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق، قال: حدثني محمد بن هشام المخزومي، قال: جاء يحيى بن خالد إلى الرشيد وهو نائم في لحاف بلا إزار؛ لما توفي موسى، فقال: قم يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: كم تروعني إعجابًا منك بخلافتي! وأنت تعلم حالي عند هذا الرجل؛ فإن بلغه هذا، فما تكون حالي! فقال له: هذا الحراني وزير موسى وهذا خاتمه. قال: فقعد في فراشه، فقال: أشر علي، قال: فبينما هو يكلمه إذ طلع رسول آخر، فقال: قد ولد لك غلام، فقال: قد سميته عبد الله، ثم قال ليحيى: أشر علي، فقال: أشير عليك أن تقعد لحالك على أرمينية، قال: قد فعلت؛ ولا والله لا صليت بعيساباذ إلا عليها، ولا صليت الظهر إلا ببغداد؛ وإلا ورأس أبي عصمة بين يدي. قال: ثم لبس ثيابه، وخرج فصلى عليه، وقدم أبا عصمة، فضرب عنقه، وشط جمته في رأس قناة، ودخل بها بغداد؛ وذلك أنه كان مضى هو وجعفر بن موسى الهادي راكبين. فبلغا إلى قنطرة من قناطر عيساباذ، فالتفت أبو عصمة إلى هارون، فقال له: مكانك حتى يجوز ولي العهد، فقال هارون: السمع والطاعة للأمير؛ فوقف حتى جاز جعفر؛ فكان هذا سبب قتل أبي عصمة.
    قال: ولما صار الرشيد إلى كرسي الجسر دعا بالغواصين، فقال: كان المهدي وهب لي خاتمًا شراؤه مائة ألف دينار يسمى الجبل، فدخلت على أخي وهو في يدي؛ فلما انصرفت لحقني سليم الأسود على الكرسي. فقال: يأمرك أمير المؤمنين أن تعطيني الخاتم، فرميت به في هذا الموضع. فغاصوا فأخرجوه، فسر به غاية السرور.
    وقال محمد بن إسحاق الهاشمي: حدثني غير واحد من أصحابنا، منهم صباح بن خاقان التميمي، أن موسى الهادي كان خلع الرشيد وبايع لابنه جعفر؛ وكان عبد الله بن مالك على الشرط، فلما توفي الهادي هجم خزيمة بن خازم في تلك الليلة، فأخذ جعفرًا من فراشه؛ وكان خزيمة في خمسة آلاف من مواليه معهم السلاح، فقال: والله لأضربن عنقك أو تخلعها، فلما كان الغد، ركب الناس إلى باب جعفر، فأتى به خزيمة، فأقامه على باب الدار في العلو، والأبواب مغلقة، فأقبل جعفر ينادي: يا معشر المسلمين، من كان لي في عنقه بيعة فقد أحللته منها؛ والخلافة لعمي هارون؛ ولا حق لي فيها.
    وكان سبب مشي عبد الله بن مالك الخزاعي إلى مكة على اللبود؛ لأنه كان شاور الفقهاء في أيمانه التي حلف بها لبيعة جعفر، فقالوا له:
    كل يمين لك تخرج منها إلا المشي إلى بيت الله؛ ليس فيه حيلة. فحج ماشيًا. وحظي خزيمة بذلك عند الرشيد.
    وذكر أن الرشيد كان ساخطًا على إبراهيم الحراني وسلام الأبرش يوم مات موسى، فأمر بحبسهما وقبض أموالهما، فحبس إبراهيم عند يحيى بن خالد في داره، فكلم فيه محمد بن سليمان هارون، وسأله الرضا عنه وتخلية سبيله، والإذن له في الانحدار معه إلى البصرة، فأجابه إلى ذلك.
    وفي هذه السنة عزل الرشيد عمر بن عبد العزيز العمري عن مدينة الرسول ؛ وما كان إليه من عملها، وولى ذلك إسحاق بن سليمان بن علي.
    وفيها ولد محمد بن هارون الرشيد، وكان مولده - فيما ذكر أبو الكرماني عن محمد بن يحيى بن خالد - يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال من هذه السنة، وكان مولد المأمون قبله في ليلة الجمعة النصف من شهر ربيع الأول.
    وفيها قلد الرشيد يحيى بن خالد الوزارة، وقال له: قد قلدتك أمر الرعية، وأخرجته من عنقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، واعزل من رأيت، وأمض الأمور على ما ترى. ودفع إليه خاتمه؛ وفي ذلك يقول إبراهيم الموصلي:
    ألم تر أن الشمس كانت سقيمة ** فلما ولي هارون أشرق نورها
    بيمن أمين الله هارون ذي الندى ** فهارون واليها ويحيى وزيرها
    وكانت الخيزران هي الناظرة في الأمور، وكان يحيى يعرض عليها ويصدر عن رأيها.
    وفيها أمر هارون بسهم ذوي القربى، فقسم بين بني هاشم بالسوية.
    وفيها آمن من كان هاربًا أو مستخفيًا، غير نفر من الزنادقة؛ منهم يونس بن فروة ويزيد بن الفيض.
    وكان ممن ظهر من الطالبيين طبابا؛ وهو إبراهيم بن إسماعيل، وعلي بن الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن.
    وفيها عزل الرشيد الثغور كلها عن الجزيرة وقنسرين، وجعلها حيزًا واحدًا وسميت العواصم.
    وفيها عمرت طرسوس على يدي أبي سليم فرج الخادم التركي ونزلها الناس.
    وحج بالناس في هذه السنة هارون الرشيد من مدينة السلام، فأعطى أهل الحرمين عطاء كثيرًا، وقسم فيهم مالًا جليلًا.
    وقد قيل: إنه حج في هذه السنة وغزا فيها، وفي ذلك يقول داود بن رزين:
    بهارون لاح النور في كل بلدة ** وقام به في عدل سيرته النهج
    إمام بذات الله أصبح شغله ** وأكثر ما يعني به الغزو والحج
    تضيق عيون الناس عن نور وجهه ** إذا ما بدا للناس منظره البلج
    وإن أمين الله هارون ذا الندى ** ينيل الذي يرجوه أضعاف ما يرجو
    وغزا الصائفة في هذه السنة سليمان بن عبد الله البكائي.
    وكان العامل فيها على المدينة إسحاق بن سليمان الهاشمي، وعلى مكة والطائف عبيد الله بن قثم، وعلى الكوفة موسى بن عيسى، وخليفته عليها ابنه العباس بن موسى، وعلى البصرة والبحرين والفرض وعمان واليمامة وكور الأهواز وفارس محمد بن سليمان بن علي.
    ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فما كان فيها من ذلك قدوم أبي العباس الفضل بن سليمان الطوسي مدينة السلام منصرفًا عن خراسان، وكان خاتم الخلافة حين قدم مع جعفر بن محمد بن الأشعث، فلما قدم أبو العباس الطوسي أخذه الرشيد منه، فدفعه إلى أبي العباس، ثم لم يلبث أبو العباس إلا يسيرًا حتى توفي. فدفع الخاتم إلى يحيى بن خالد، فاجتمعت ليحيى الوزارتان.
    وفيها قتل هارون أبا هريرة محمد بن فروخ - وكان على الجزيرة - فوجه إليه هارون أبا حنيفة حرب بن قيس، فقدم به عليه مدينة السلام، فضرب عنقه في قصر الخلد.
    وفيها أمر هارون بإخراج من كان في مدينة السلام من الطالبيين إلى مدينة الرسول ، خلا العباس بن الحسن بن عبد الله بن علي بن أبي طالب، وكان أبوه الحسن بن عبد الله فيمن أشخص.
    وخرج الفضل بن سعيد الحروري فقتله أبو خالد المروروذي.
    وفي هذه السنة كان قدوم روح بن حاتم إفريقية، وخرجت في هذه السنة الخيزران إلى مكة في شهر رمضان، فأقامت بها إلى وقت الحج فحجت.
    وحج بالناس في هذه السنة عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس.
    ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمن ذلك شخوص الرشيد فيها إلى مرج القلعة مرتادًا بها منزلا ينزله.


  • #27
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر السبب في ذلك
    ذكر أن الذي دعاه إلى الشخوص إليها أنه استثقل مدينة السلام، فكان يسميها البخار، فخرج إلى مرج القلعة، فاعتل بها، فانصرف، وسميت تلك السفرة سفرة المرتاد.
    وفيها عزل الرشيد يزيد بن مزيد عن إرمينية، وولاها عبيد الله بن المهدي.
    وغزا الصائفة فيها إسحاق بن سليمان بن علي.
    وحج بالناس في هذه السنة يعقوب بن أبي جعفر المنصور.
    وفيها وضع هارون عن أهل السواد العشر الذي كان يؤخذ منهم بعد النصف.
    ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    ذكر الخبر عن وفاة سليمان

    فمن ذلك وفاة محمد بن سليمان بالبصرة، لليال بقين من جمادى الآخرة منها.
    وذكر أنه لما مات محمد بن سليمان وجه الرشيد إلى كل ما خلفه رجلًا أمره باصطفائه، فأرسل إلى ما خلف من الصامت من قبل صاحب بيت ماله رجلًا، وإلى الكسوة بمثل ذلك، وإلى الفرش والرقيق والدواب من الخيل والإبل، وإلى الطيب والجوهر وكل آلة برجلٍ من قبل الذي يتولى كل صنف من الأصناف، فقدموا البصرة، فأخذوا جميع ما كان لمحمد مما يصلح للخلافة، ولميتركوا شيئًا إلا الحرثي الذي لا يصلح للخلفاء، وأصابوا له ستين ألف ألف فحملوها مع ما حمل، فلما صارت في السفن أخبر الرشيد بمكان السفن التي حملت ذلك؛ فأمر أن يدخل جميع ذلك خزائنه إلا المال؛ فإنه أمر بصكاك فكتب للندماء، وكتب للمغنين صكاك صغار لم تدر في الديوان، ثم دفع إلى كل رجل صكًا بما رأى أن يهب له، فأرسلوا وكلاءهم إلى السفن، فأخذوا المال على ما أمر لهم به في الصكاك أجمع؛ لم يدخل منه بيت ماله دينار ولا درهم، واصطفى ضياعه؛ وفيها ضيعة يقال لها برشيد بالأهواز لها غلة كثيرة.
    وذكر علي بن محمد، عن أبيه، قال: لما مات محمد بن سليمان أصيب في خزانة لباسه مذ كان صبيًا في الكتاب إلى أن مات مقادير السنين؛ فكان من ذلك ما عليه آثار النقش. قال: وأخرج من خزائنه ما كان يهدى له من بلاد السند ومكران وكرمان وفارس والأهواز واليمامة والري وعمان؛ من الألطاف والأدهان والسمك والحبوب والجبن، وما أشبه ذلك، ووجد أكثره فاسدًا. وكان من ذلك خمسمائة كنعدة ألقيت من دار جعفر ومحمد في الطريق؛ فكانت بلاء. قال: فمكثنا حينًا لا نستطيع أن نمر بالمربد من نتنها.
    ذكر وفاة الخيزران أم الهادي والرشيد

    وفيها توفيت الخيزران أم هارون الرشيد وموسى الهادي.
    ذكر الخبر عن وقت وفاتها
    ذكر يحيى بن الحسن أن أباه حدثه، قال: رأيت الرشيد يوم ماتت الخيزران، وذلك في سنة ثلاث وسبعين ومائة، وعليه جبة سعيدية وطيلسان خرق أزرق، قد شد به وسطه، وهو آخذ بقائمة السرير حافيًا يعدو في الطين؛ حتى أتى مقابر قريش فغسل رجليه، ثم دعا بخف وصلى عليها، ودخل قبرها، فلما خرج من المقبرة وضع له كرسي فجلس عليه، ودعا الفضل بن الربيع، فقال له: وحق المهدي - وكان لا يحلف بها إلا إذا اجتهد - إني لأهم لك من الليل بالشيء من التولية وغيرها، فتمنعني أمي فأطيع أمرها، فخذ الخاتم من جعفر. فقال الفضل بن الربيع لإسماعيل بن صبيح: أنا أجل أبا الفضل عن ذلك؛ بأن أكتب إليه وآخذه؛ ولكن إن رأى أن يبعث به! قال وولى الفضل نفقات العامة والخاصة وباد وريا والكوفة، وهي خمسة طساسيج، فأقبلت حاله تنمي إلى سنة سبع وثمانين ومائة.
    وقيا إن وفاة محمد بن سليمان والخيزران كانت في يوم واحد.
    وفيها أقدم الرشيد جعفر بن محمد بن الأشعث من خراسان، وولاها ابنه العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث.
    وحج بالناس فيها هارون؛ وذكر أنه خرج محرمًا من مدينة السلام.
    ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمن ذلك ما كان بالشام من العصبية فيها.
    وفيها ولى الرشيد إسحاق بن سليمان الهاشمي السند ومكران.
    وفيها استقضى الرشيد يوسف بن أبي يوسف، وأبوه حي.
    وفيها هلك روح بن حاتم.
    وفيها خرج الرشيد إلى باقردى وبازبدى، وبنى بباقردى قصرًا، فقال الشاعر في ذلك:
    بقردى وبازبدى مصيف ومربع ** وعذب يحاكي السلسبيل برود
    وبغداد، ما بغداد، أما ترابها ** فخرء، وأما حرها فشديد
    وغزا الصائفة عبد الملك بن صالح.
    وحج بالناس فيها هارون الرشيد، فبدأ بالمدينة، فقسم في أهلها مالًا عظيمًا، ووقع الوباء في هذه السنة بمكة، فأبطأ عن دخولها هارون، ثم دخلها يوم التروية، فقضى طوافه وسعيه ولم ينزل بمكة.
    ثم دخلت سنة خمس وسبعين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    ذكر الخبر عن البيعة للأمين

    فمن ذلك عقد الرشيد لابنه محمد بمدينة السلام من بعده ولاية عهد المسلمين وأخذه بيعة القواد والجند، وتسميته إياه الأمين، وله يومئذ خمس سنين، فقال سلم الخاسر:
    قد وفق الله الخليفة إذ بنى ** بيت الخليفة للهجان الأزهر
    فهو الخليفة عن أبيه وجده ** شهدًا عليه بمنظر وبمخبر
    قد بايع الثقلان في مهد الهدى ** لمحمد بن زبيدة ابنة جعفر
    ذكر الخبر عن سبب بيعة الرشيد له
    وكان السبب في ذلك - فيما ذكر روح مولى الفضل بن يحيى، فقال له: أنشدك الله لما عملت في البيعة لابن أختي - يعني محمد بن زبيدة بنت جعفر بن المنصور - فإنه ولد لك وخلافته لك، فوعده أن يفعل، وتوجه الفضل على ذلك؛ وكانت جماعة من بني العباس قد مدوا أعناقهم إلى الخلافة بعد الرشيد؛ لأنه لم يكن له ولي عهد؛ فلما بايع له، أنكروا بيعته لصغر سنه.
    قال: وقد كان الفضل لما تولى خراسان أجمع على البيعة لمحمد؛ فذكر محمد بن الحسين بن مصعب أن الفضل بن يحيى لما صار إلى خراسان، فرق فيهم أموالًا، وأعطى الجند أعطيات متتابعات، ثم أظهر البيعة لمحمد بن الرشيد؛ فبايع الناس له وسماه الأمين، فقال في ذلك النمري:
    أمست بمرو على التوفيق قد صفقت ** على يد الفضل أيدي العجم والعرب
    ببيعة لولي العهد أحكمها ** بالنصح منه وبالاٍشفاق والحدب
    قد وكد الفضل عقدًا لا انتقاض له ** لمصطفى من بني العباس منتخب
    قال: فلما تناهى الخبر إلى الرشيد بذلك، وبايع له أهل المشرق، بايع لمحمد، وكتب إلى الآفاق، فبويع له في جميع الأمصار، فقال أبان اللاحقي في ذلك:
    عزمت أمير المؤمنين على الرشد ** برأي هدى، فالحمد لله ذي الحمد
    وعزل فيها الرشيد عن خراسان العباس بن جعفر، وولاها خاله الغطريف ابن عطاء.
    وفيها صار يحيى بن عبد الله بن حسن إلى الديلم، فتحرك هناك.
    وغزا الصائفة في هذه السنة عبد الملك بن صالح فبلغ إقريطية. وقال الوافدي: الذي غزا الصائفة في هذه السنة عبد الملك بن صالح، قال: وأصابهم في هذه الغزاة برد قطع أيديهم وأرجلهم.
    وحج بالناس فيها هارون الرشيد.
    ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمن ذلك ما كان من تولية الرشيد الفضل بن يحيى كور الجبال وطبرستان ودنباوند وقومس وإرمينية وأذربيجان. وفيها ظهر يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بالديلم.
    ذكر الخبر عن مخرج يحيى بن عبد الله وما كان من أمره

    ذكر أبو حفص الكرماني، قال: كان أول خبر يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب أنه ظهر بالديلم، واشتدت شوكته، وقوي أمره، ونزع إليه الناس من الأمصار والكور، فاغتنم لذلك الرشيد، ولم يكن في تلك الأيام يشرب النبيذ، فندب إيه الفضل بن يحيى في خمسين ألف رجل، ومعه صناديد القواد، وولاه كور الري وجرجان وطبرستان وقومس ودنباوند والرويان، وحملت معه الأموال، ففرق الكور على قواده، فولى المثنى بن الحجاج بن قتيبة بن مسلم طبرستان، وولى علي بن الحجاج الخزاعي جرجان، وأمر له بخمسمائة ألف درهم، وعسكر بالنهرين، وامتدحه الشعراء، فأعطاهم أكثر، وتوسل إليه الناس بالشعر، ففرق فيهم أموالا كثيرة. وشخص الفضل بن يحي، واستحلف منصور بن زياد بباب أمير المؤمنين، تجري كتبه على يديه، وتنفذ الجوابات عنها إليه، وكنوا يثقون بمنصور وابنه في جميع أمورهم؛ لقديم صحبته لهم، وحرمته بهم. ثم مضى من معسكره، فلم تزل كتب الرشيد تتابع إليه بالبر واللطف والجوائز والخلع؛ فكاتب يحيى ورفق به واستماله، وناشده وحذره، وأشار عليه، وبسط أمله. ونزل الفضل بطالقان الري ودستبي بموضع يقال له أشب؛ وكان شديد البرد كثير الثلوج؛ ففي ذلك يقول أبان بن عبد الحميد اللاحقي:
    لدور أمس بالدولا ** ب حيث السيب ينعرج
    أحب إلي من دور ** أشب إذا هم ثلجوا
    قال: فأقام الفضل بهذا الموضع، وواتر كتبه على يحي، وكاتب صاحب الديلم، وجعل له ألف ألف درهم؛ على أن يسهل له خروج يحيى إلى ما قبله، وحملت إليه، فأجاب يحيى إلى الصلح والخروج على يديه، على أن يكتب له الرشيد أمانًا بخطه على نسخة يبعث بها إليه. فكتب الفضل بذلك إلى الرشيد، فسره وعظم موقعه عنده، وكتب أمانًا ليحي بن عبد الله، وأشهد عليه الفقهاء والقضاة وجلة بي هاشم ومشايخهم؛ منهم عبد الصمد بن علي والعباس ابن محمد ومحمد بن إبراهيم وموسى بن عيسى ومن أشبههم، ووجه به مع جوائز وكرامات وهدايا، فوجه الفضل بذلك إليه، فقدم يحيى بن عبد الله عليه، وورد به الفضل بغداد، فلقيه الرشيد بكل ما أحب، وأمر له بمال كثير، وأجرى له أرزاقًا سنية، وأنزله منزلا سريًا بعد أن أقام في منزل يحيى بن خالد أيامًا، وكان يتولى أمره بنفسه، ولا يكل ذلك إلى غيره، وأمر الناس بإتيانه بعد انتقاله من منزل يحيى والتسليم عليه، وبلغ الرشيد الغاية في إكرام الفضل؛ ففي ذلك يقول مروان بن أبي حفصة:
    ظفرت فلا شلت يد برمكية ** رتقت بها الفتق الذي بين هاشم
    على حين أعيا الراتقين التئامه ** فكفوا وقالوا ليس بالمتلائم
    فأصبحت قد فازت يداك بخطة ** من المجد باق ذكرها في المواسم
    وما زال قدح الملك يخرج فائزًا ** لكم كلما ضمت قداح المساهم
    قال: وأنشدني أبو ثمامة الخطيب لنفسه فيه:
    للفضل يوم الطالقان وقبله ** يوم أناخ به على خاقان
    ما مثل يوميه اللذين تواليا ** في غزوتين توالتا يومان
    سد الثغور ورد ألفة هاشم ** بعد الشتات، فشعبها متدان
    عصمت حكومته جماعة هاشم ** من أن يجرد بينها سيفان
    تلك الحكومة لا التي عن لبسها ** عظم النبأ وتفرق الحكمان
    فأعطاه الفضل مائة ألف درهم، وخلع عليه، وتغنى إبراهيم به.
    وذكر أحمد بن محمد بن جعفر، عن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن، قال: لما قدم يحيى بن عبد الله من الديلم أتيته، وهو في دار علي بن أبي طالب، فقلت: يا عم، ما بعدك مخبر ولا بعدي مخبر؛ فأخبرني خبرك، فقال: يا ابن أخي، والله إن كنت إلا كما قال يحيى ابن خطب:
    لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ** ولكنه من يخذل الله يخذل
    لجاهد حتى أبلغ النفس حمدها ** وقلل يبغي العز كل مقلل


  • #28
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وذكر الضبي أن شيخًا من النوفليين، قال: دخلنا على عيسى بن جعفر، وقد وضعت له وسائد بعضها فوق بعض؛ وهو قائم متكئ عليها؛ وإذا هو يضحك من شيء في نفسه، متعجبًا منه، فقلنا ما الذي يضحك الأمير أدام لله سروره! قال: لقد دخلني اليوم سرور ما دخلني مثله قط، فقلنا تمم الله للأمير سروره، وزاده سرورًا. فقال: والله لا أحدثكم به إلا قائمًا - واتكأ على الفراش وهو قائم - فقال: كنت اليوم عد أمير المؤمنين الرشيد، فدعا بيحيى بن عبد الله، فأخرج من السجن مكبلًا في الحديد، وعنده بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير - وكان بكار شديد البغض لآل أبي طالب، وكان يبلغ هارون عنهم، ويسئ بأخبارهم، وكان الرشيد ولاه المدينة، وأمره بالتضييق عليهم - قال: فلما دعي بيحيى قال له الرشيد: هيه هيه! متضاحكًا؛ وهذا يزعم أيضًا أنا سممناه! فقال يحي: ما معنا يزعم؟ ها هو ذا لساني - قال: وأخرج لسانه أخضر مثل السلق - قال: فتربد هارون! واشتد غضبه، فقال يحي: يا أمير المؤمنين؛ إن لنا قرابة ورحمًا، لسنا بترك ولا ديلم، يا أمير المؤمنين؛ إنا وأنتم أهل بيت واحد، فأذكرك الله وقرابتنا من رسول الله ! علام تحبسني وتعذبني؟ فال: فرق له هارون، وأقبل الزبيري على الرشيد، فقال: يا أمير المؤمنين، لا يغرك كلام هذا؛ فإنه شاق عاصي؛ وإنما هذا منه مكر وخبث؛ إن هذا أفسد علينا مدينتنا، وأظهر فيها العصيان. قال: فأقبل يحيى عليه؛ فوالله ما استأذن أمير المؤمنين في الكلام حتى قال: أفسد عليكم مدينتكم! ومن أنتم عافاكم الله! قال الزبيري: هذا كلامه قدامك؛ فكيف إذا غاب عنك! يقول: ومن أنتم! استخفافًا بنا. قال: فأقبل عليه يحي، فقال: نعم، ومن انتم عافاكم الله! المدينة كانت مهاجر عبد الله ابن الزبير أم مهاجر رسول الله ؟ ومن أنت حتى تقول: أفسد علينا مدينتنا! وإنما بآبائي هذا هاجر أبوك إلى المدينة. ثم قال: يا أمير المؤمنين؛ إنما الناس نحن وانتم؛ فإن خرجنا عليكم قلنا: أكلتم وأجعتمونا ولبستم وأعريتمونا، وركبتم وأرجلتمونا؛ فوجدنا بذلك مقالًا فيكم، ووجدتم بخروجنا عليكم مقالًا فينا؛ فتكافأ فيه القول، ويعود أمير المؤمنين على أهله بالفضل. يا أمير المؤمنين، فلم يجترئ هذا وضرباؤه على أهل بيتك؛ يسعى بهم عندك! إنه والله ما يسعى بنا إليك نصيحةً منهلك؛ وإنه يأتينا فيسعى بك عندنا عن غير نصيحة منه لنا؛ إنما يريد أن يباعد بيننا، ويشتفي من بعض ببعض. والله يا أمير المؤمنين؛ لقد جاء إلي هذا حيث قتل أخي محمد بن عبد الله، فقال: لعن الله قاتله! وأنشدني فيه مرثيةً قالها نحوًا من عشرين بيتًا وقال: إن تحركت في هذا الأمر فأنا أول من يبايعك، وما يمنعك أن تلحق بالبصرة فأيدينا مع يدك! قال: فتغير وجه الزبيري وأسود، فأقبل عليه هارون، فقال: أي شئ يقول هذا؟ قال: كاذب يا أمير المؤمنين؛ ما كان مما قال حرف قال: فأقبل على يحيى بن عبد الله، فقال: تروي القصيدة التي رثاه بها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أصلحك الله! قال: فأنشدها إياه، فقال الزبيري: والله يا أمير المؤمنين الذي لا إله إلا هو - حتى أتى على آخر اليمين الغموس - ما كان مما قاله شيء؛ ولقد تقول علي ما لم أقل. قال: فأقبل الرشيد على يحيى ابن عبد الله، فقال: قد حلف، فهل من بينة سمعوا هذه المرثية منه؟ قال: لا يا أمير المؤمنين؛ ولكن أستحلفه بما أريد، قال: فاستحلفه، قال: فأقبل على الزبيري، فقال: قل: أن بريء من حول الله وقوته موكل إلى حولي وقوتي، إن كنت قلته. فقال الزبيري: يا أمير المؤمنين، أي شيء هذا من الحلف! أحلف له بالله الذي لا إله إلا هو، ويستحلفني بشيء لا ادري ما هو! قال يحيى بن عبد الله: يا أمير المؤمنين، إن كان صادقًا فما عليه أن يحلف بما أستحلفه به! فقال له هارون: احلف له ويلك! قال: فقال: أنا بريء من حول الله وقوته موكل إلي حولي وقوتي؛ قال: فاضرب منها وأرعد، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أدري أي شيء هذه اليمين التي يستحلفني بها، وقد حلفت له بالله العظيم اعظم الأشياء! قال: فقال هارون له: لتحلفن له أو لأصدقن عليك ولأعاقبنك، قال: فقال: أنا بريء من حول الله وقوته، موكل إلي حولي وقوتي إن كنت قلته. قال: فخرج من عند هارون فضربه الله بالفالج، فمات من ساعته.
    قال: فقال عيسى بن جعفر: والله ما يسرني أن يحيى نقصه حرفًا مما كان جرى بينهما، ولا قصر في شيء من مخاطبته إياه.
    قال: وأما الزبيريون فيزعمون أن امرأته قتلته؛ وهي من ولد عبد الرحمن بن عوف.
    وذكر إسحاق بن محمد النخعي أن الزبير بن هشام حدثه عن أبيه، أن بكار بن عبد الله تزوج امرأةً من ولد عبد الرحمن بن عوف، وكان له من قلبها موضع، فاتخذ عليها جارية، وأغارها؛ فقالت لغلامين له زنجيين: أنه قد أراد قتلكما هذا الفاسق - ولاطفتهما - فتعاوناني على قتله؟ قالا: نعم، فدخلت عليه وهو نائم، وهما جميعًا معها، فقعدا على وجهه حتى مات. قال: ثم إنها سقتها نبيذًا حتى تهوعا حول الفراش، ثم أخرجتهما ووضعت عند رأسه قنينة؛ فلما أصبح اجتمع أهله، فقالت: سكر فقاء فشرق فمات. فأخذ الغلامان؛ فضربا ضربًا مبرحًا، فأقرا بقتله، وأنها أمرتهما بذلك؛ فأخرجت من الدار ولم تورث.
    وذكر أبو الخطاب أن جعفر بن يحيى بن خالد حدثه ليلة وهو في سمره، قال: دعا الرشيد اليوم بيحيى بن عبد الله بن حسن، وقد أحضره أبو البختري القاضي ومحمد بن الحسن الفقيه صاحب أبي يوسف، وأحضر الأمان الذي كان أعطاه يحيى، فقال لمحمد بن الحسن: ما تقول في هذا الأمان؟ أصحيح هو؟ قال: هو صحيح، فحاجه في ذلك الرشيد، فقال له محمد بن الحسن: ما تصنع للأمان؟ لو كان محاربًا ثم ولى كان آمنًا. فاحتملها الرشيد على محمد بن الحسن، ثم سأل البختري أن ينظر في الأمان، فقال أبو البختري: هذا منتقض من وجه كذا وكذا، فقال الرشيد: أنت قاضي القضاة؛ وأنت أعلم بذلك؛ فمزق الأمان، وتفل فيه أبو البختري - وكان بكار بن عبد الله بن مصعب حاضرًا المجلس - فأقبل على يحيى بن عبد الله بوجهه، فقال: شققت العصا، وفارقت الجماعة، وخالفت كلمتنا، وأردت خليفتنا؛ وفعلت بنا وفعلت. فقال يحيى: ومن أنتم رحمكم الله! قال جعفر: فوالله ما تمالك الرشيد أن ضحك ضحكًا شديدًا. قال: وقام يحيى ليمضي إلى الحبس، فقال له الرشيد: انصرف، أما ترون به أثر علة! هذا الآن إن مات قال للناس: سموه. قال يحيى: كلا ما زلت عليلًا منذ كنت في الحبس؛ وقبل ذلك أيضًا كنت عليلًا. قال أبو الخطاب: فما مكث يحيى بعد هذا إلا شهرًا حتى مات.
    وذكر أبو يونس إسحاق بن إسماعيل، قال: سمعت عبد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي، الذي يعرف بالخطيب، قال: كنت يومًا على باب الرشيد أنا وأبي، وحضر ذلك اليوم من الجند والقواد ما لم أر مثلهم على باب خليفة قبله ولا بعده، قال: فخرج الفضل بن الربيع إلى أبي، فقال له: ادخل، ومكث ساعة ثم خرج إلي، فقال: ادخل، فدخلت، فإذا أنا بالرشيد معه امرأة يكلمها، فأومأ إلى أبي أنه لا يريد أن يدخل اليوم أحد، فاستأذنت لك لكثرة من رأيت حضر الباب؛ فإذا دخلت هذا المدخل زادك ذلك نبلًا عند الناس. فما مكثنا إلا قليلًا حتى جاء الفضل بن الربيع، فقال: إن عبد الله بن مصعب الزبيري يستأذن في الدخول، فقال: إني لا أريد أن أدخل اليوم أحدًا، فقال: قال: إن عندي شيئًا أذكره. فقال: قل له يقله لك، قال: قد قلت له ذلك، فزعم أنه لا يقوله إلا لك، قال: أدخله. وخرج ليدخله، وعادت المرأة وشغل بكلامها، وأقبل علي أبي، فقال: إنه ليس عنده شيء يذكره؛ وإنما أراد الفضل بهذا ليوهم من على الباب أن أمير المؤمنين لم يدخلنا لخاصة خصصنا بها؛ وإنما أدخلنا لأمر نسأل عنه كما دخل هذا الزبيري.
    وطلع الزبيري، فقال: يا أمير المؤمنين، ها هنا شيء أذكره، فقال له: قل، فقال له: إنه سر، فقال: ما من العباس سر، فنهضت، فقال: ولا منك يا حبيبي، فجلست، فقال: قل، فقال: إني والله قد خفت على أمير المؤمنين من امرأته وبنته وجاريته التي تنام معه، وخادمه الذي يناوله ثيابه وأخص خلق الله به من قواده، وأبعدهم منه. قال: فرأيته قد تغير لونه، وقال: مماذا؟ قال: جاءتني دعوة يحيى بن عبد الله بن حسن، فعلمت أنها لم تبلغني مع العداوة بيننا وبينهم، حتى لم يبق على بابك أحدًا إلا وقد أدخله في الخلاف عليك. قال: فتقول له هذا في وجهه! قال: نعم، قال الرشيد: أدخله، فدخل، فأعد القول الذي قال له، فقال يحيى بن عبد الله: والله يا أمير المؤمنين لقد جاء بشيء لو قيل لمن هو أقل منك فيمن هو أكبر مني، وهو مقتدر عليه لما أفلت منه أبدًا، ولي رحم وقرابة، فلم لا تؤخر هذا الأمر ولا تعجل، فلعلك أن تكفي مؤنتي بغير يدك ولسانك، وعسى بك أن تقطع رحمك من حيث لا تعلمه! أباهه بين يديك وتصبر قليلًا. فقال: يا عبد الله، قم فصل إن رأيت ذلك، وقام يحيى فاستقبل القبلة، فصلى ركعتين خفيفتين، وصلى عبد الله ركعتين، ثم برك يحيى، ثم قال: ابرك، ثم شبك يمينه في يمينه. وقال: اللهم إن كنت تعلم أني دعوت عبد الله بن مصعب إلى خلاف على هذا - ووضع يده عليه، وأشار إليه - فاسحتني بعذاب من عندك وكلني إلى حولي وقوتي، وإلا فكله إلى حوله وقوته، واسحته بعذاب من قبلك، آمين رب العالمين. فقال عبد الله: آمين رب العالمين. فقال يحيى بن عبد الله لعبد الله بن مصعب: قل كما قلت، فقال عبد الله: اللهم إن كنت تعلم أن يحيى بن عبد الله لم يدعني إلى الخلاف على هذا فكلني إلى حولي وقوتي واسحتني بعذاب من عندك، وإلا فكله إلى حوله وقوته، واسحته بعذاب من قبلك، آمين رب العالمين! وتفرقا، فأمر بيحيى فحبس في ناحية من الدار؛ فلما خرج وخرج عبد الله بن مصعب أقبل الرشيد على أبي، فقال: فعلت به كذا وكذا، وفعلت به كذا وكذا، فعدد أياديه عليه، فكلمه أبي بكلمتين لا يدفع بهما عن عصفور، خوفًا على نفسه، وأمرنا بالانصراف فانصرفنا. فدخلت مع أبي أنزع عنه لباسه من السواد - وكان ذلك من عادتي - فبينما أنا أحل عنه منطقته؛ إذ دخل عليه الغلام، فقال: رسول عبد الله بن مصعب، فقال: أدخله، فلما دخل قال له: ما وراءك؟ قال: يقول لك مولاي، أنشدك الله إلا بلغت إلي! فقال أبي للغلام: قل له: لم أزل عند أمير المؤمنين إلى هذا الوقت، وقد وجهت إليك بعبد الله، فما أردت أن تلقيه إلي فألقه إليه، وقال للغلام: اخرج فإنه يخرج في إثرك؛ وقال لي: إنما دعاني ليستعين بي على ما جاء به من الإفك؛ فإن أعنته قطعت رحمي من رسول الله ، وإن خالفته سعى بي؛ وإنما يتدرق الناس بأولادهم، ويتقون بهم المكاره؛ فاذهب إليه، فكل ما قال لك فليكن جوابك له: أخبر أبي؛ فقد وجهتك وما آمن عليك، وقد كان قال لي أبي حين انصرفا - وذلك أنا احتبسنا عند الرشيد: أما رأيت الغلام المعترض في الدار! لا والله ما صرفنا حتى فرغ منه - يعني يحيى - إنا لله وإنا إليه راجعون! وعند الله نحتسب أنفسنا. فخرجت مع الرسول، فلما صرت في بعض الطريق وأنا مغموم بما أقدم عليه، قلت للرسول: ويحك! ما أمره! وما أزعجه بالإرسال إلى أبي في هذا الوقت! فقال: إنه لما جاء من الدار، فساعة نزل عن الدابة صاح: بطني بطني! قال عبد الله بن عباس: فما حفلت بهذا الكلام من قول الغلام، ولا التفت إليه، فلما صرنا على باب الدرب - وكان في درب لا منفذ له - فتح البابين؛ فإذا النساء قد خرجن منشورات الشعور محتزمات بالحبال، يلطمن وجوههن وينادين بالويل، وقد مات الرجل، فقلت: والله ما رأيت أمرًا أعجب من هذا! وعطفت دابتي راجعًا أركض ركضًا لم أركض مثله قبله ولا بعده إلى هذه الغاية، والغلمان والحشم ينتظرونني لتعلق قلب الشيخ بي؛ فلما رأوني دخلوا يتعادون، فاستقبلني مرعوبًا في قميص ومنديل، ينادي: ما وراءك يا بني؟ قلت: إنه مات، قال: الحمد لله الذي قتله وأراحك وإيانا منه؛ فما قطع كلامه حتى ورد خادم الرشيد يأمر أبي بالركوب وإياي معه. فقال أبي ونحن في الطريق نسير: لو جاز أن يدعى ليحيى نبوة لادعاها أهله، رحمة الله عليه، وعند الله نحتسبه! ولا والله ما نشك في أنه قد قتل. فمضينا حتى دخلنا على الرشيد؛ فلما نظر إلينا قال: يا عباس بن الحسن، أما علمت بالخبر؟ فقال أبي: بلى يا أمير المؤمنين، فالحمد لله الذي صرعه بلسانه، ووقاك الله يا أمير المؤمنين قطع أرحامك. فقال الرشيد: الرجل والله سليم على ما يحب، ورفع الستر، فدخل يحيى، وأنا والله أتبين الارتياع في الشيخ، فلما نظر إليه الرشيد صاح به: يا أبا محمد، أما علمت أن الله قد قتل عدوك الجبار! قال: الحمد لله الذي أبان لأمير المؤمنين كذب عدوه علي، وأعفاه من قطع رحمه، والله يا أمير المؤمنين؛ لو كان هذا الأمر مما أطلبه وأصلح له وأريده فكيف ولست بطالب له ولا مريده، ولو لم يكن الظفر به إلا بالاستعانة به، ثم لم يبق في الدنيا غيري وغيرك وغيره ما تقويت به عليك أبدًا! وهذا والله من إحدى آفاتك - وأشار إلى الفضل بن الربيع - والله لو وهبت له عشرة آلاف درهم، ثم طمع مني في زيادة نمرة لباعك بها. فقال: أما العباسي فلا تقل له إلا خيرًا، وأمر له في هذا اليوم بمائة ألف دينار، وكان حبسه بعض يوم. ثم قال أبو يونس: كان هارون حبسه ثلاث حبسات مع هذه الحبسة، وأوصل إليه أربعمائة ألف دينار.
    ذكر الفتنة بين اليمانية والنزارية

    وفي هذه السنة هاجت العصبية بالشام بين النزارية واليمانية، ورأس النزارية يومئذ أبو الهيذام.
    ذكر الخبر عن هذه الفتنة
    ذكر أن هذه الفتنة هاجت بالشام وعامل السلطان بها موسى بن عيسى، فقتل بين النزارية واليمانية على العصبية من بعضهم لبعض بشر كثير، فولى الرشيد موسى بن يحيى بن خالد الشام، وضم إليه من القواد والأجناد ومشايخ الكتاب جماعة. فلما ورد الشام أحلت لدخوله إلى صالح بن علي الهاشمي، فأقام موسى بها حتى أصلح بين أهلها، وسكنت الفتنة، واستقام أمرها، فانتهى الخبر إلى الرشيد بمدينة السلام، ورد الرشيد الحكم فيهم إلى يحيى، فعفا عنهم، وعما كان بينهم، وأقدمهم بغداد، وفي ذلك يقول إسحاق بن حسان الخزيمي:
    من مبلغ يحيى ودون لقائه ** زأرت كل خنابسٍ همهام
    يا راعي الإسلام غير مفرطٍ ** في لين مغتبط وطيب مشم
    تعذى مشاربه وتسقى شربةً ** ويبيت بالربوات والأعلام
    حتى تنخنخ ضاربًا بجرانه ** ورست مراسيه بدار سلام
    فلكل ثغر خارس من قلبه ** وشعاع طرف ما يفتر سام
    وقال في موسى غير أبي يعقوب:
    قد هاجت الشام هيجًا ** يشيب رأس وليده
    فصب موسى عليها ** بخيله وجنوده
    فدانت الشأم لما ** أتى نسيج وحيده
    هو الجواد الذي ** بد كل جود بجوده
    أعداه جود أبيه ** يحيى وجود جدوده
    فجاد موسى بن يحيى ** بطارفٍ وتليده
    ونال موسى ذرى المج ** د وهو حشو مهوده
    خصصته بمديحي ** منشوره وقصيده
    من البرامك عود ** له فأكرم بعوده
    حووا على الشعر طرًا ** خفيفه ومديده
    وفيها عزل الرشيد الغطريف بن عطاء عن خراسان، وولاها حمزة بن مالك بن هيثم الخزاعي، وكان حمزة يلقب بالعروس.
    وفيها ولى الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك مصر، فولاها عمر بن مهران.

  • صفحة 7 من 11 الأولىالأولى ... 56789 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 80
      آخر مشاركة: 08-15-2010, 11:10 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 72
      آخر مشاركة: 08-14-2010, 11:05 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1