صفحة 7 من 7 الأولىالأولى ... 567
النتائج 25 إلى 26 من 26

الموضوع: الأجنحة المكسرة لجبران خليل جبران


  1. #25
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    مات الطفل ورنة الكؤوس تنمو بين أيدي الفرحين بمجيئه.
    ولد مع الفجر ومات عند طلوع الشمس...
    ولد مع الفجر ومات عند طلوع الشمس، فأي بشري يستطيع أن يقيس الزمن ليخبرنا ماذا كانت الساعة التي تمر بين مجيء الفجر وطلوع الشمس. هي أقصر من الدهر الذي يمر بين ظهور الأمم وتواريها.
    ولد كالفكر ومات كالتنهدة واختفى كالظل فأذاق سلمى كرامة طعم الأمومة ولكنه لم يبق ليسعدها ويزيل يد الموت عن قلبها..
    حياة قصيرة ابتدأت بنهاية الليل وانقضت بابتداء النهار فكانت مثل قطرة الندى التي تسكبها أجفان الظلام ثم تجفهها ملامس النور.
    كلمة لفظتها النواميس الأزلية ثم ندمت عليها وأعادتها إلى سكينة الأبدية.
    لؤلؤة قذفها المد إلى الشاطئ ثم جرفها الجزر إلى الأعماق.
    زنبقة ما انبثقت من كمام الحياة حتى انسحقت تحت أقدام الموت.
    ضيف عزيز ترقبت سلمى قدومه ولكنه ما حل حتى ارتحل وما فتح مصراعي الباب حتى اختفى.
    جنين ما صار طفلاً حتى صار تراباً: وهذه حياة الإنسان بل حياة الشعوب، بل حياة الشموس والأقمار والكواكب..
    وحولت سلمى عينيها نحو الطبيب وتنهدت بشوق جارح ثم صرخت قائلة "أعطني ابني لأضمه بذراعي... أعطني ولدي لأرضعه.."
    فنكس الطبيب رأسه وقال والغصات تخرسه "قد مات طفلك يا سيدتي فتجلدي وتصبري لكي تعيشي بعده".
    فصرخت سلمى بصوت هائل ثم سكتت هنيهة، ثم ابتسمت ابتسامة فرح ومسرة، ثم تهلل وجهها وكأنها عرفت شيئاً لم تكن تعرفه وقالت بهدوء "أعطني جثة ولدي، قربه مني ميتاً".
    فحمل الطبيب الطفل الميت ووضعه بين ذراعيها فضمته إلى صدرها وحولت وجهها نحو الحائط وقالت تخاطبه "قد جئت لتأخذني يا ولدي، قد جئت لتدلني على الطريق المؤدية إلى الساحل، ها أنذا يا ولدي فسر أمامي لنذهب من هذا الكهف المظلم".
    وبعد دقيقة دخلت أشعة الشمس من بين ستائر النافذة وانسكبت على جسدين هامدين منطرحين على مضجع تخفره هيبة الأمومة وتظلله أجنحة الموت.
    فخرج الطبيب باكياً من تلك الغرفة، ولما بلغ القاعة الكبرى تبدلت تهاليل المهنئين بالصراخ والعويل، أما منصور بك غالب فلم يصرخ ولم يتنهد ولم يذرف دمعة ولم يفه بكلمة بل لبث جامداً منتصباً كالصنم قابضاً بيمينه على كأس الشراب.


    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #26
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وفي اليوم التالي كفنت سلمى بأثواب عرسها البيضاء ووضعت في تابوت موشى بالمخمل الناصع، أما طفلها فكانت أقمطة أكفانه وتابوته ذراعي أمه وقبره صدرها الهادئ.
    حملوا الجثتين في نعش واحد مشوا ببطء متلف يشابه طرقات القلوب في صدور المنازعين فسار المشيعون وسرت بينهم وهم لا يعرفونني ولا يدرون ما بي.
    بلغوا المقبرة فانتصب المطران بولس غالب يرتل ويعزم ووقف الكهان حوله ينغمون ويسبحون.
    ولما أنزلوا التابوت إلى أعماق الحفرة همس أحد الواقفين: قائلاً: هذه أول مرة رأيت فيها جسدين يضمهما تابوت واحد".
    وقال آخر:
    "تأملوا بوجه منصور بك فهو ينظر إلى الفضاء بعينين زجاجيتين كأنه لم يفقد زوجته وطفله في يوم واحد".
    وظل الكهان يرتلون ويسبحون حتى فرغ حفار القبور من ردم الحفرة فأخذ المشيعون إذ ذاك يقتربون واحداً واحداً من المطران وابن أخيه يصبرونهما ويواسونهما بمستعذبات الكلام.
    أما أنا فبقيت واقفاً منفرداً وحدي وليس من يعزيني على مصيبتي كأن سلمى وطفلها لم يكونا أقرب الناس إليّ.
    عاد المشيعون وبقي حفار القبور منتصباً بجانب القبر الجديد وفي يده رفشه ومحفره، فدنوت منه وسألته قائلاً:
    "أتذكر أين قبر فارس كرامة؟
    فنظر إلي طويلاً ثم أشار نحو قبر "سلمى" وقال:
    "في هذه الحفرة قد مددت ابنته على صدره، وعلى صدر ابنته مددت طفلها وفوق الجميع قد وضعت التراب بهذا الرفش".
    فأجبته:
    "وفي هذه الحفرة أيضاً قد دفنت قلبي أيها الرجل... فما أقوى ساعديك".
    ولما توارى حفار القبور وراء أشجار السرو...
    خانني الصبر والتجلد
    فارتميت على قبر "سلمى"
    أبكيها...
    وأرثيها
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 7 من 7 الأولىالأولى ... 567

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. جبران خليل جبران
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 06-26-2010, 02:14 PM
    2. البعض نحبهم (جبران خليل جبران)
      بواسطة En.muhammed manla في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 05-03-2010, 02:31 AM
    3. هل كل الأدوية العشبية مأمونة
      بواسطة En.muhammed manla في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 04-13-2010, 09:45 PM
    4. من روائع جبران خليل جبران
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 03-14-2010, 07:58 PM
    5. نيكول جبران (فساتين)
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى المرأة السورية Syrian women forum
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 03-07-2010, 02:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1