صفحة 7 من 14 الأولىالأولى ... 56789 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 25 إلى 28 من 54

الموضوع: تجارب أمم المجلد الخامس


  1. #25
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وفيها خلع على نجح الطولونى وردّ إلى إصبهان لولاية أعمال المعاون بها.
    وفيها ورد رسول ملك الروم ومعه أبو عمير ابن عبد الباقي ووصل إلى السلطان وأوصله معه هدايا والتمس الهدنة والفداء فأجيب إلى ذلك بعد الغزاة الصائفة وخلع عليهما ورجع الرسول إلى بلد الروم.
    وفيها خلع على جنّى الصفواني وكان ورد من ديار مضر واستدعى محاربة أبي طاهر القرمطي.
    قدوم سليمان وابن مقلة وعلي بن عيسى إلى بغداد

    وكان سليمان بن الحسن بن مخلد وأبو عليّ ابن مقلة مبعدين بشيراز في يد أبي عبد الله جعفر بن القاسم الكرخي. فذكر أبو عليّ أنّه كان مجتمعا مع سليمان في دار واحدة مصونين مكرمين، فورد عليه الخبر بالقبض على ابن الفرات، وكان أبو الحسن ابن أبي البغل معتقلا في يد صارفه جعفر بن القاسم الكرخي. قال: فاطّلعت الجماعة على الخبر وكان ابن أبي البغل قد وقف على ما كان رسمه ابن الفرات والمحسّن في أمره فحين وقف على الخبر وقّع في حاشية التقويم:
    « وفي هذا اليوم ولد محمّد بن أحمد بن يحيى وله إحدى وثمانين سنة. » ولمّا وقف الكرخي على الخبر أطلق أبا عليّ ابن مقلة وسليمان بن الحسين وهنّأهما بالسلامة قبل أن يرد عليه كتاب بإطلاقهما، ثم ورد كتاب الخاقاني على المسمعي والكرخي بإطلاقهما ومراعاتهم حتى لا يخرجا من شيراز فأقام سليمان مدّة أسبوع حتى أحكم أمره.
    ودعا المسمعي جعفر بن القاسم الكرخي دعوة عظيمة وأقام على حال سرور يومين متواليين، فخفى عنهما الخبر في خروج سليمان وكان خرج في زيّ الفيوج. فلمّا كتبا إلى الخاقاني بهرب سليمان عظم عليه واشتدّت الأراجيف بوزارة سليمان ودخل سليمان بغداد مستترا وأقام أبو عليّ ابن مقلة بشيراز إلى أن توصّلت زوجته إلى أسباب الخاقاني وعنى به شفيع المقتدري وأمر الخاقاني بإطلاقه والإذن له في المصير إلى الأهواز، وكتب له بإجراء مائتي دينار في كلّ شهر عليه ومنعه من الخروج، فأقام مدّة ثم أذن له في قدوم بغداد بشفاعات الناس له.
    وفيها خاطب مونس المظفّر الوزير الخاقاني في أمر عليّ بن عيسى وأن يكتب إلى أبي جعفر صاحب اليمن بالإذن له بالرجوع إلى مكّة فكتب إليه بذلك فأذن له أبو جعفر وحمل إليه طيبا وكسوة وآلات نحو خمسين ألف دينار وعاد عليّ بن عيسى إلى مكّة مع حاجّ اليمن.
    فلمّا حصل بها قلّده الخاقاني بمسألة مونس الإشراف على مصر والشام.
    وكتب عليّ بن عيسى لمّا وصل إلى مكّة وقبل تقلّده الإشراف على مصر والشام إلى الوزير الخاقاني كتابا يهنّئه فيه بالوزارة ويعزّيه بأبي على أبيه ويسأله صيانة أهله وولده والعناية بهم في ضيعته ومعيشته. فأجابه الخاقاني بجواب جميل وأنّه قد رعى حقّه في أهله وولده وحاشيته غير معتدّ عليه ولا متحمّد به.
    ذكر الأسباب التي اتفقت على الخاقاني حتى صرف عن الوزارة

    كان أبو العبّاس ابن الخصيبي وقف على مكان زوجة المحسّن بنت حنزابة فسأل أن يولّى النظر في أمرها واستخراج مالها. ففعل ذلك واستخرج منها سبعمائة ألف دينار وصحّحها في بيت مال الخاصّة. فتمهّدت له بذلك حال جليلة عند المقتدر ورشّحه للوزارة وبلغ ذلك الخاقاني فحمل ابن بعد شرّ على أن بذل خطّه أنّه يستخرج من الخصيبي مائة ألف دينار معجّلة وصلت إليه من مال المحسّن وزوجته زيادة على ما صحّحه من هذه الجهة.
    وعرض الخاقاني الرقعة فلم تقع موقعها واتصل الخبر بأبي العبّاس الخصيبي فكتب إلى المقتدر رقعة يذكر فيها معايب الخاقاني وابنه وكتّابه وضياع الأموال وفساد التدبير وسلّمها إلى من يعرضها على المقتدر والسيّدة.
    وبلغ ذلك الخاقاني واشتدّت به الأراجيف وضعفت نفسه وكان عليلا فزادت عليه حتى أقام شهورا لا يقدر على أكل لحم حمل ولا طائر وكان يأكل كلّ يوم وزن أربعين درهما خبزا، ثم صار عشرين درهما، وظهر به ورم في يديه ورجليه ووجهه وكان يتجلّد ويركب في كلّ شهر مرّة أو مرّتين إلى دار السلطان وينوب عنه ابنه في أيّام المواكب.
    فشغب الفرسان لطلب أرزاقهم وخرجوا إلى المصلّى فوعدوا به وتأخّر عنهم فعادوا وطمعوا في النهب.
    وأشرفت بغداد على فتنة عظيمة وخرج إليهم ياقوت بتوقيع المقتدر بالله إلى الخاقاني بإطلاق رزقة تامّة لهم وضمن ياقوت ذلك. فراسل المقتدر الوزير الخاقاني بإطلاق نفقاتهم، فذكر أنّه لا يقدر على ذلك وكان عليلا، فعاوده برسالة يأمره فيها أن يحتال في مائة ألف دينار ليضيف إليها مائتي ألف دينار ينفق فيهم. فأقام على أنّه لا يقدر على احتيال مائة ألف درهم وأنّ له في توجيه مال النوبة للرجّالة ومال الغلمان الحجريّة والحشم وخلفاء الحجّاب شغلا طويلا. فتقدّم المقتدر بإخراج ثلاثمائة ألف دينار من بيت مال الخاصّة واعتمد على ياقوت في تفرقتها.
    وكان مونس المظفّر بواسط فاستدعاه المقتدر لمّا شغب الفرسان فوافى وتلقّاه الأمير أبو العبّاس والوزير الخاقاني ونصر وسائر الأستاذين والقوّاد ولقي المقتدر فعرّفه ضيق الأموال وتبلّح الخاقاني وشاوره في صرفه، فأشار عليه بالتوقف ليلقاه ويواقفه. فلقيه مونس فعرّفه الخاقاني أنّه لا حيلة له في شيء يصرفه في المهمّ واحتجّ بأنّه عليل لا فضل فيه للعمل.
    فأشار مونس لمّا رأى تبلّح الخاقاني الشديد باستحضار عليّ بن عيسى وتقليده الوزارة، فاستبعد المقتدر ذلك فأشارت السيدة والخالة بأبي العبّاس الخصيبي فقبض على الخاقاني واستتر ابنه عبد الوهّاب وإسحاق بن علي القنّاى وأخوه وابن بعد شرّ وخاقان بن أحمد بن يحيى بن خاقان وظهر الباقون.
    فكانت مدّة وزارته سنة واحدة وستة أشهر.
    ذكر سبب وزارة أبي العباس الخصيبي

    واستحضر المقتدر أبا العبّاس الخصيبي وهو أحمد بن عبيد الله يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. فقلّده الوزارة والدواوين وخلع عليه وركب معه هارون بن غريب وياقوت ونازوك وأكثر القوّاد، واستكتبت ثمل القهرمانة مكانه على ديوان ضياع السيّدة أبا يوسف عبد الرحمن بن محمّد وكان قد تاب من عمل السلطان. فلمّا أسند إليه هذا العمل الجليل كسر التوبة فسمّاه الناس المرتد، واستدرك أموالا جليلة كان الخصيبي أضاعها، فتنكّرت ثم للخصيبي في الباطن.
    وكان أبو العبّاس الخصيبي يواصل شرب النبيذ بالليل والنوم بالنهار في أيّام وزارته كلّها، وإذا انتبه يكون مخمورا لا فضل فيه للعمل، فردّ فضّ الكتب الواردة من عمّال الخراج والمعاون وقراءتها والتوقيع عليها وإخراجها إلى الدواوين، وقراءة الكتب النافذة والتعليم عليها إلى مالك بن الوليد، ويعمل جوامع مختصرة للمهمّ ممّا يرد وينفذ فيعرضه عليه إذا انتبه فربّما قرأه وربّما لم يقرأه فيقرأه أبو الفرج إسرائيل ويوقّع فيه على حسب رأيه.
    وكانت الجوامع تعمل بخطّ أبي سعيد وهب بن إبراهيم بن طازاذ فتبقى أيّاما بحضرته فإذا كثرت تقدّم بأن يقرأ عليه ويتقدّم بالتوقيع تحت كلّ فصل بما عنده فيه ويخرج ذلك الجامع إلى مالك بن الوليد فيبقى عنده يوما أو يومين ثم يخرج إلى صاحب الديوان فيقرأه ويوقّع تحته بما يراه ويجاب عن الكتاب من الديوان بما ينفذ إلى صاحب الديوان فيقرأه ويعلم عليه وإلى أن ينفذ الجواب ما قد تمرّدت البثوق واتسعت الفتوق واحتملت الأعراب الغلّات وحدثت الحوادث المفسدة لمعنى ذلك الكتاب.
    فلمّا رأى الكلوذانى ذلك ورأى الضرر يزيد والخطأ لا يتلافى كتب إلى العمّال بأن ينفذوا نسخة لما يكتبونها إلى الوزير إليه فكانوا يكتبون إليه نسخا بما ينفذ منهم إلى الوزير فيوقّع على ظهرها بما يجابون به وتخرج إليه الكتب المكتوبة عن الوزير بعد جمعة وأكثر.
    وتقدّم الوزير الخصيبي إلى الحسن بن ثوّابة بأن يقرأ قصص المتظلّمين ويوقّع عنه فيها في غير يوم المظالم ويجمع القصص في يوم المظالم ويختصر ما في الرقعة فإذا قرأها وقّع بحسبه وكان أكثر اعتماده على أموال المصادرين. وكان أوّل المصادرين أبو القاسم الخاقاني واعتنق مونس أمره وذكر للمقتدر أنّه لا فضل فيه للحركة وأنّه قد قرّر أمر مصادرته عن نفسه وابنه وكتّابه المختصين به على مائتي ألف وخمسين ألف دينار. فأمضى المقتدر ذلك وأنفذ خطّه به إلى الخصيبي ووضع الخصيبي، يده على العمّال والكتّاب وجازفهم فيما صادرهم عليه، فصادر جعفر بن قاسم الكرخي على مائة وخمسين ألف دينار وقبض على المالكي وعلى هشام وعليّ بن الحسين بن هندي وورثة أبي أحمد الكرخي والحسن بن أبي الحسن ابن الفرات ويحيى بن عمرويه وأبي الحسن بن مابنداذ وإسحاق بن إسماعيل النوبختي ومحمّد بن يعقوب المصري وورثة نصر بن الفتح صاحب بيت المال وابن عبد الوهّاب وعبد الله بن جبير.
    وكثرت الأراجيف بالخصيبي وأنّه مصروف عن الوزارة، لأنّه حمار لا يحسن شيئا غير المصادرات وهو مشغول بالشرب واللعب وأنّ الأمور كلّها ضائعة والمهمّات واقفة، وأرجف بالوزارة لجماعة.
    وفيها كانت وقعة أبي طاهر سليمان بن الحسن القرمطي بالكوفة وأسر قوّاد السلطان.
    ذكر الخبر عن دخول القرمطي الكوفة

    كان جعفر بن ورقاء يتقلّد أعمال الكوفة وطريق مكّة. فلمّا شخص الحاجّ من بغداد تقدّمهم خوفا من أبي طاهر القرمطي وكان معه ألف رجل من بنى عمّه من بنى شيبان، ثم خرج في القافلة الأولى ثمل صاحب البحر وفي قافلة الشمسة جنّى الصفواني وطريف السبكرى وسياشير الديلمي. فكانت عدّة من بذرق بالقوافل من أصحاب السلطان ستة آلاف رجل فتلقاهم أبو طاهر الجنّابى وكان أوّل من لقي جعفر بن ورقاء فناوشه قليلا، ثم طلع على جعفر قوم من أصحاب أبي طاهر على نجب يقودون خيلا فنزلوا عن النجب وركبوا الخيل وخالطوا جعفر بن ورقاء فلم يثبت لهم وانهزم بمن معه من بنى شيبان فلق القافلة وقد نزلوا من العقبة فردّهم وأخبرهم الخبر فولّوا مبادرين حتى دخلوا الكوفة.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #26
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وتبع أبو طاهر رجال السلطان والقوافل حتى بلغ باب الكوفة فخرج قوّاد السلطان الذين ذكرناهم، فأوقع بهم وهزمهم وأسر جنّيّا الصفواني، وأقام أبو طاهر بظاهر الكوفة ستّة أيّام يدخل البلد بالنهار ويخرج بالليل فيبيت في معسكره ويحمل كلّ ما قدر على حمله. فكان في جملة ما حمل أربعة آلاف ثوب وشى وثلاثمائة راوية زيت. فلمّا حمل كلّ ما قدر عليه رحل إلى بلده.
    ودخل جعفر بن ورقاء وجماعة المنهزمين إلى بغداد فتقدّم المقتدر بالله إلى مونس بالخروج إلى الكوفة لمحاربة القرمطي، واضطرب أهل بغداد اضطرابا شديدا وانتقل أكثر أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ودخل مونس الكوفة وقد رحل أبو طاهر الجنّابى عنها فاستخلف مونس بها ياقوتا وسار هو إلى واسط ولم يتمّ الحجّ لأحد.
    ودخلت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة

    وفيها ورد الخبر بمسير عليّ بن عيسى إلى مكّة حاجّا في هذه السنة من مصر وورد سلامة حاجبة بغداد ومعه سفاتج بمائة ألف وسبعة وأربعين ألف دينار وبآثار واستدراكات أثرها. وكان الخصيبي قد أقرّ عليّ بن عيسى على ما كان إليه من الإشراف على مصر والشام.
    وفيها فتح إبراهيم المسمعي ناحية القفص وأسر منهم خمسة آلاف إنسان وحملهم إلى فارس.
    وفي هذه السنة كثرت الأرطاب ببغداد حتى عمل منها التمور وحملت إلى البصرة فنسبوا إلى البغي.
    وفيها كتب ملك الروم إلى أهل الثغور يرسم لهم أداء الخراج إليه ويقول:
    « إن فعلتم ذلك طائعين وإلّا قصدتكم فقد صحّ عندي ضعفكم. »
    ودخلت سنة أربع عشرة وثلاثمائة

    وفيها دخل الروم ملطية فأخرجوا وسبوا وأقاموا ستّة عشر يوما.
    وفيها وصل ثمل إلى عمله من الثغور عند انصرافه من بغداد.
    وفيها مات أبو القاسم عبد الله بن محمّد الخاقاني وكان أطلق إلى منزله.
    فلمّا ارتفعت الصرخة بوفاته كبست داره لطلب عبد الوهّاب ابنه فلم يوجد.
    وفيها دخل أهل ملطية بغداد مستغيثين ممّا نزل بهم من الروم.
    وفيها خرج أهل مكّة منها ونقلوا حرمهم وأموالهم لاتصال خبر القرمطي بهم وأنّه قريب منهم فتخوّفوا على أنفسهم وأموالهم منه.
    وكتب الكلوذانى إلى الخصيبي بأنّ أبا طالب زيد بن عليّ النوبندجانى قد صار يجرى مجرى أصحاب الأطراف وأنّه قد تغلّب على ضياع السلطان وأنّه يلزمه ممّا استغلّه منها ثلاثة آلاف ألف درهم.
    وعمل بذلك عملا أحال فيه على ما كان كتبه أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بسطام وقت تقلّده فارس. وكتب إلى الحسن بن إسماعيل وكان شخص ليقرّر خلافا كان بين المسمعي والكرخي بأن يصادره على مائة ألف دينار فاستدعى الحسن بن إسماعيل أبا طالب زيد بن عليّ وأخذ خطّه بمائة ألف دينار.
    ذكر تدبير سيئ دبره الخصيبي أخرج به أكثر المماليك عن يده ولم يمكن تلافيه

    دبّر الوزير أبو العبّاس الخصيبي أن يقلّد يوسف بن ديوداذ جميع نواحي المشرق ليسلّم أموالها إليه فيكون مع مال ضمانه أرمينية وأذربيجان مصروفة إلى قوّاده وجنده وغلمانه، وكاتبه في المصير إلى واسط لينفذه إلى هجر لمحاربة أبي طاهر الجنّابى وأشار بتكنيته وبأن يكون مونس المظفّر ببغداد ليقوى بمكانه أمر الخلافة وتعظم الهيبة في قلوب الأعداء.
    فلمّا قرب ابن أبي الساج من واسط وكان فيها مونس المظفّر رحل مونس إلى بغداد ودخل ابن أبي الساج واسط وأنفذ قبل وصوله إليها أبا عليّ الحسن بن هارون كاتبه وكان يخدمه في خاصّ أمره على سبيل الخلافة لأبي عبد الله محمّد بن خلف النيرمانى كاتبه واختصّ به وخفّ على قلبه، فصار إلى بغداد ليواقف الخصيبي على مال رجاله وأموال الأعمال التي كانت معقودة عليه والأموال التي جعل مالها مصروفا إلى رجاله زيادة على الأموال المتقدّم ذكرها، فإنّ الخصيبي جعل أموال الخراج والضياع بنواحي همذان وساونة ورونة وقمّ وماه البصرة وماه الكوفة والإيغارين وما سبذان ومهرجانقذق لابن أبي الساج لمائدته لمحاربة الجنّابى.
    فأمضى المقتدر ذلك وتقدّم بتقليده أعمال الصلاة والمعاون والخراج والضياع بسائر كور الجبل وأنفذ إليه اللواء وكنّاه. فكان يوسف يتكنّى على جميع الناس إلّا على الوزير ومونس المظفّر.
    والتمس الحسن بن هارون أن يجعل لابن أبي الساج مائدة مبلغها في الشهر خمسة ألف دينار وقال:
    « ليس هو بدون أحمد بن صعلوك. » وكان قد جعلت له مائدة في أيّام وزارة حامد بن العبّاس مبلغها ثلاثة آلاف دينار في الشهر وجعل له عشرة آلاف دينار في كلّ شهرين من شهور المماليك لأرزاق غلمان لا يحضرون. وسام الكتاب الحسن بن هارون أن يشرط على نفسه أن ينفذ السلطان منفقا ينفق أموال تلك النواحي في رجالة غلمانه، فاستجاب إلى جميع ما طالبوه به وأعطى خطّه إلّا أمر المنفق فانّه زعم أنّ صاحبه لا يصوّر نفسه عند أصحاب الأطراف بصورة من لم يوثق به على مال رجاله.
    ولمّا عقد لابن أبي الساج على الجبل وندب لمحاربة القرمطي عقد لصاحب خراسان على الريّ فصار إلى الريّ وأنفذ إليه من يخاطبه على المال الذي ووقف على حمله من الريّ. وصار ابن أبي الساج إلى الريّ وحمل إليه المقتدر خلعا سلطانيّة وسيفا ومنطقة ذهب وخيلا بمراكب ذهب وفضّة وطيبا وسلاحا.
    ذكر الخبر عن القبض على الخصيبي وتقليد علي بن عيسى الوزارة

    أضاق أبو العبّاس إضاقة شديدة واضطرب أمره وأشار مونس بعليّ بن عيسى فأنفذ ضحوة نهار يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة إلى الخصيبي حتى قبض عليه وعلى ابنه وكتّابه وحملوا إلى دار السلطان وحبسوا عند زيدان القهرمانة. وفرّق بين الخصيبي وبين ابنه وحمل باقى المعتقلين إلى دار الوزارة بالمخرّم فاعتقلوا فيها، وأنفذ نازوك وقت قبضه على الخصيبي حتى حفظت داره القديمة من النهب.
    واستدعى المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانى وأوصله إلى حضرته وعرّفه أنّه قد قلّد أبا الحسن عليّ بن عيسى الوزارة وأنّه قد استخلفه له ويقدم إليه بالنيابة عنه واستحضر سلامة الطولونى وتقدّم إليه بالنفوذ في البرّيّة إلى دمشق واستحضار عليّ بن عيسى منها.
    وانصرف أبو القاسم الكلوذانى من دار السلطان في الطيّار الذي قبض على الخصيبي إلى دار الوزارة بالمخرّم ونظر في الأعمال وكتب إلى العمّال في النواحي وإلى جميع الأمراء وأصحاب البرد والخبر والقضاة بما قلّد عليّ بن عيسى من الوزارة واستخلاف أمير المؤمنين إيّاه وأمر ونهى وصرف وولّى.
    وظهر في ذلك اليوم أبو عليّ ابن مقلة وأبو الفتح الفضل بن جعفر ابن حنزابة وصارا إلى الكلوذانى وسلّما عليه.
    ذكر خلافة أبي القاسم الكلوذانى لعلي بن عيسى وتمشيته للأمور

    قد كان جمع الخصيبي عنده جميع رقاع المصادرين وكفالات من كفل منهم وضمانات العمّال بما ضمنوا من المال بالسواد والأهواز وفارس والمغرب، وكان عنده خطّ كاتب المسمعي عن مال فارس بما يعجّله عن الزيادة في ضمانه وهو ألف ألف درهم وخطّ سليمان بن الحسن بما استدركه على ابن عبد الوهّاب وهو أربعمائة ألف دينار وكسر، وما ضمن حمله عن أعمال الشام وهو خمسمائة ألف دينار، وخطوط ضمناء واسط والبصرة وطريق خراسان والنهروانات ونهر بوق والذئب الأسفل وجازر والمدينة والعتيقة وغيرهم. فحفظ جميع ذلك الكلوذانى إلى أن قدم عليّ بن عيسى فسلّمه إليه.
    وأدّى نصير بن عليّ إليه مائتي ألف درهم وأحمد بن إسحاق بن زريق عشرة آلاف دينار وورد بعد أسبوع من صرف الخصيبي فيج بكتب سليمان بن الحسن وفي درجها سفاتج بثمانين ألف دينار. وورد ما كان حمله عليّ بن عيسى على الظهر من مال مصر ووصل من جهة البرجمالى من قمّ عشرة آلاف دينار ووردت من جهة أبي عليّ ابن رستم من مال الضمان سفاتج بأربعمائة ألف درهم فكان ذلك سبب تمشيته الأمور.
    واتفق الكلوذانى في سائر المرتزقة وفي الفرسان قبل العيد ولم يزل أبو القاسم الكلوذانى يدبّر الأمور وقد تمكّنت الهيبة لعليّ بن عيسى في الصدور فاستعان بذلك على أمره.
    وسار عليّ بن عيسى من دمشق إلى جسر منبج، ثم انحدر في الفرات إلى بغداد وشخص الناس في استقباله سنة خمس عشرة، فمنهم من أبعد إلى الرقّة.
    ودخلت سنة خمس عشرة وثلاثمائة

    ذكر ما دبره علي بن عيسى في وزارته هذه وما جرى في أيامه

    وصل عليّ بن عيسى إلى بغداد وبدأ بدار المقتدر ووصل إلى حضرته بعد عشاء الآخرة ومعه مونس. فخاطبه أجمل خطاب وانصرف إلى منزله ووجّه المقتدر إليه في ليلته بكسوة فاخرة وفرش ومال يقال إنّه بقيمة عشرين ألف دينار، وخلع عليه من الغد، وسار معه مونس المظفّر إلى أن بلغ داره وحلف عليه عليّ بن عيسى فنزل في داره، وسار بين يديه هارون ابن غريب وشفيع ومفلح ونسيم وياقوت ونازوك وجميع القوّاد حتى وصل إلى داره بباب البستان.
    وكان قد ضرّب عليّ بن عيسى على هشام فتأخّر عنه واستوحش فكاتبه وونّسه حتى حضر مجلسه ثم قال له:
    « ما مذهبي أن أذكر إساءة لأحد من الناس ولما خلّصنى الله من صنعاء وعدت إلى مكّة عاهدت الله على ترك الإساءة إلى أحد ممّن سعى عليّ في ولايتي ونكبتى ووكلت جميعهم إلى الله ولك خدمة متقدّمة توجب لك حقّا وعليك أضعافه فإن كنت لا ترعى ذلك فلن أدع رعايته. » وقلّد عليّ بن عيسى الكلوذانى ديوان السواد وقال له:
    « هذا أجلّ الدواوين ومتى تشاغلت بخلافتى اختلّ وليس يقوم به أحد كقيامك. » ثم نظّم الأعمال وقلّد العمّال ورتّب الدواوين واعتمد على إبراهيم بن أيّوب في إثبات أمر المال بحضرته وفي موافقه صاحب بيت المال على ما يطلقه وينفقه في كلّ يوم ومطالبته بالرّوزنامجات في كلّ أسبوع ليتعجّل معرفة ما حلّ وما قبض وما بقي. وكان الرسم إذا عملت الختمة لم يرفع إلى الديوان للشهر الأوّل إلّا في النصف من الثاني.
    وقلّد أبا الفتح الفضل بن جعفر بن حنزابة ديوان المشرق، وأبا بكر محمّد بن جني ديوان المغرب، وأبا عليّ ابن مقلة ديوان الضياع الخاصة والمستحدثة، وأبا محمّد الحسين بن أحمد المادرائى ديوان الضياع الفراتيّة، وأبا محمّد بن روح ديوان زمام الخراج والضياع العامّة بالسواد والأهواز وفارس وكرمان وما يجرى فيه.
    وقلّد أبا القاسم ابن النّفاط ديوان زمام النفقات والخزائن. وأبا جعفر القمّى ديوان الدار، وأبا أحمد عبد الوهّاب بن الحسن ديوان البرّ وديوان الصدقات، وأبا الفتح محمّد بن أحمد قلنسوة ديوان زمام الجيش، ومحمّد بن عيسى ديوان الحرم، وأبا يوسف ديوان الفصّ والخاتم.
    وقلّد أيضا كفاة العمّال واقتصر في أرزاقهم على عشرة أشهر في كلّ سنة وبأصحاب البرد والمنفقين على ثمانية أشهر في كلّ سنة. وحطّ من مال الرجّالة برسم النوبة ومن مال الفرسان وجميع أرزاق من كان يرتزق بهذين الرسمين من الكتّاب والتجار ومن لا يحمل السلاح. وحطّ أولاد المرتزقة الذين في المهود وحطّ من مال الخدم والحشم وجميع أرزاق الجلساء والندماء والمغنّين والتجّار وأصحاب الشفاعات، وحطّ أرزاق غلمان وأسباب أصحاب الدواوين. ولازم النظر بنفسه في العمل ليلا ونهارا والجلوس لأصحاب الدواوين في الليل وكان يسهر أكثر الليل حتى استقامت الأمور وتوازن الدخل والخرج.
    وكان إلى أبي عبد الله البريدي في الوقت الضياع الخاصّة ضمانا واقطاع الوزراء. وكان أبو يوسف البريدي يتولّى لعليّ بن عيسى الخراج برامهرمز سهلها وجبلها.
    شرح ما جرى بين الوزير أبي الحسن علي بن عيسى وبين أبي العباس أحمد بن عبيد الله من المناظرة

    تقدّم المقتدر إلى أبي الحسن عليّ بن عيسى بمناظرة أبي العبّاس الخصيبي. فأخرج إليه وناظره في دار السلطان بحضرة الأستاذين والقوّاد والقضاة مناظرة جميلة وسأله عن مبلغ ما أنفق بالحضرة من بيت المال فلم يحفظه، وسأله عمّا صحّ له من مال المصادرين وعن رقاعهم بالمصادرات وعن كفالات من كفل منهم وعن ضمانات ما ضمنه عنهم.
    فقال:
    « أمّا المصادرات فقد صحّ لي منها في مدّة أربعة عشر شهرا تولّيت فيها الوزارة نحو ألف ألف دينار. » فقال له:
    « كم منها من جهة الخاقاني فإنّ أمير المؤمنين عرّفنى أنّك ضمنتهم بخمسمائة ألف دينار. » فقال: « دفع عنه مونس المظفّر. » فردّت الجماعة قوله وقالوا له:
    « قد سلّم إليك حتى شنّع عليك بأنّك سممته ثم أطلقته. » ثم قال له عليّ بن عيسى:


  • #27
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    « لأيّ شيء استحضرت يوسف بن أبي الساج إلى واسط وسلّمت إليه أعمال المشرق بأسرها سوى إصبهان وكيف وقع لك أنّه يجوز أن يخرج هو مع قوم اعتادوا الجبل والمقام فيه في طريق البرّ يقصدون طريق السواحل في بلدان حوالى هجر؟ » قال: « كان عندي أنّ هذا صواب. » فقال له:
    « فحيث فعلت ذلك لم لم تقتصر على أن يعرض رجاله وغلمانه ويجرى مال عسكره مجرى مال عسكر مونس المظفّر، فانّه يسبّب له مال ويطلق على أيدى منفقين من قبل السلطان ويرفع الحساب بذلك إلى دواوين الجيش ولا يقتصرون على ديوان منها دون جميعها ولا يزاد أحد ولا ينقل عنه من رسم إلى رسم إلّا على استقبال معروف ثم يوفّر المعطون كلّ شهر من التوفيرات بسبب الغرم ولأجل سقوط من يسقط جملة من المال ولم لم تترك الأعمال في أيدى عمّال السلطان ويسبّب له عليهم مال رجاله كما يسبّب مال رجال أبي الحسن مونس المظفّر؟ » قال: « لم أفعل هذا لأنّه تكلّف من هذا الأمر عظيما احتيج معه إلى فضل مسامحة. » فقال له:
    « فلأيّ سبب ضمّنت إبراهيم بن عبد الله المسمعي أعمال فارس وكرمان؟ » فقال: « لأجل زيادة بذلها. » فقال له:
    « أما علمت أنّ حفظ الأصول أولى من طلب الأرباح؟ وهبك رغبت في الزيادة لم لم تستدعه إلى الحضرة فإذا وردها وأردت تضمينه أقام بها واستعمل على العمل خلفاءه وأقام لك الضمناء الثقات بالمال ومضى بعد ذلك. » فقال: « إنّما رغب في الضمان ليعمله بنفسه. » فقال عليّ بن عيسى:
    « أرجو أن يسلّم الله. » ثم قال:
    « لم قبضت جارى ابنك محمّد ألفى دينار في كلّ شهر وهو لا يقرأ كتابا ولا يحضر ديوانا ولا يحسن أن يعمل شيئا؟ » قال: « سألت أمير المؤمنين له رزق المحسّن وعبد الوهّاب بن الخاقاني
    فأجابنى إليه. » قال: « المحسن ربّى في الدواوين ودبّر الأمور وكان مع شرّه واستحلاله وقبح ديانته كاتبا، وابن الخاقاني كان ينوب عن أبيه ويأمر وينهى ويخدم وهو فهم وابنك لا يجرى مجرى واحد منهما فاكتب خطّك انّك تردّ ما قبضه. » فقال: « كيف أردّ مالا قبضه ابني وأنفقه؟ » فقال له:
    « على أيّ شيء أنفقه؟ » قال: « على ما ينفق مثله الأحداث. » ثم سأله عن أموال المصادرين وما صحّ من جهتهم فقال:
    « لا أحفظه إلّا انّه ثابت في ديوان المصادرين. » قال: « فعنه أسألك. » قال: « هو عند هشام وإن سئل عنه خبّر به، فإنّ رقاع المصادرين والكفالات والأعمال في يده. » فقال له:
    « ما سبقك أحد إلى تسليم خطوط المصادرين إلى صاحب ديوان المصادرات لأنّ سبيل الخطوط أن تكون في خزائن الوزراء محفوظة يتسلّمها وزير بعد وزير فإن كنت أردت عمارة الديوان فكان ينبغي أن تأخذ الخطوط على نسختين: نسخة للديوان ونسخة تكون عندك، فلو باع صاحب الديوان رقاع المصادرين والكفالات وضمانات الضّمناء هل كان على السلطان مضرّة في هذا المال أعظم منك، وإذا كان هذا تدبيرك فيما لم تكن تحسن سواه فأيّ شيء دبّرت غيره من أعمال الدواوين؟ فإمّا أن تكون خنت الأمانة وإمّا أن لم تحسن ضبط شيء من الأعمال؟ » وكلّ ذلك يخاطبه به عن غير إسماع مكروه ولا صياح.
    ثم قال:
    « غررت المملكة فضرب النساء والحرم بالمقارع وهتكت الستور بما فعلت من تسليمهنّ إلى الرجال فلأيّة حال سلّمت بنت جعفر بن الفرات إلى أفلح وهو رجل شاب جميل الوجه يتصنّع حتى تزوّج بها في حبسك ولأيّة حال ضربت دولة وإنها بحضرتك، ثم لم ترض بذلك حتى اعتقلت الجماعة في يد غلمانك وحجّابك عدّة شهور؟ » ثم قال:
    « ارتزقت لنفسك خمسة آلاف دينار في الشهر يكون في مدّة أربعة عشر شهرا سبعين ألف دينار سوى ما ارتزقه ابنك وأخذت من أقطاعك في مدّة سنة وشهرين ما ثبت في الختمات الموجودة لجهبذك في ديوانك مائة وثمانين ألف دينار يصير الجميع مائتين وخمسين ألف دينار. » ثم أخرج عملا بخطّ عليّ بن محمّد بن روح بهذا المبلغ وبأنّه أنفق في كلّ شهر من النفقات الراتبة ألفى وخمسمائة دينار تكون في أربعة عشر شهرا خمسة وثلاثين ألف دينار وفي النفقات الحادثة والصلات والمؤونة مع ثمن الطيب والكسوة عشرين ألف دينار وفي ثمن عقارات أضافها إلى داره مع ما أنفقه على البناء أربعين ألف دينار وفي ثمن الهدايا في النوروز والمهرجان إلى الخليفة وإلى الأميرين أبي العبّاس وهارون ابنيه وإلى السيدة والخالة وزيدان ومفلح خمسة وثلاثين ألف دينار. وفي ثمن بغال ودوابّ وجمال وخدم وغلمان عشرة آلاف دينار.
    وفيما يحتاج إلى إنفاقه وصرفه إلى من برسم دار الوزارة من خلفاء الحجّاب والبوّابين وأصحاب الرسائل وإنزال الفرسان والرجّالة عشرين ألف دينار. » فقال في الجواب:
    « هذا عمل صحيح وليس كلّ ما أنفقته كتبته فقد كنت أصوغ لحرمي وأولادى وأنفق نفقات أسترها عن كاتبي وما سرقت ولا خنت. » فقال له عليّ بن عيسى:
    « ما يقول أحد أنّك سرقت أو خنت ولكنّك أضعت وأسأت التدبير ودخلت فيما لا تحسنه ولو أخذت أضعاف ما أخرجناه وعليك لما ناظرك أمير المؤمنين فيه لا سيّما وهو منسوب إلى أرزاقك وإقطاعك ونفقات معروفة لك، وكيف نناظرك في ذلك وما نعيش ولا أحد من كتّاب أمير المؤمنين إلّا في نعمته وإحسانه ولنا ضياع استفدناها في خدمته وخدمة أسلافه رضي الله عنهم. » ولم يزل يرفق به إلى أن أخذ خطّه بأربعين ألف دينار يؤدّيها في مدّة أربعين يوما بعد أن حلف إنّه لا يتّجه له حيلة في غيرها، وسلّم عليّ بن عيسى رقعته بها إلى مفلح وقال له:
    « تعرضها على أمير المؤمنين وتقول: إنّ هذا وإن كان قد غرّ من نفسه وأضاع وأهمل فقد تحرّم بخدمة أمير المؤمنين وحلف بأيمان بيعته على أنّه غاية ما يقدر عليه وليس له ذنب وإنّما الذنب لمن غرّك منه ولم ينصحك في أمره. » ثم كتب رقعة إلى المقتدر بقبول ما بذله الخصيبي ويحمله إلى ثمل القهرمانة إلى أن يؤدّى ما فورق عليه.
    ذكر ما دبره علي بن عيسى من الأمور في وزارته هذه

    لمّا نظر عليّ بن عيسى في الأمور وجد أهمّ ما يحتاج إليه أمر الرجّالة المصافيّة وكان مبلغ مالهم في أيّامه ثمانين ألف دينار ومال رجال مونس المظفّر وهو ستمائة ألف دينار في كلّ سنة سوى مال الرجّالة معه ومال الحجريّة برسمه فانّه يطلق مع أرزاق نظرائهم.
    وكان يسبّب مال رجال مونس على نواح اختارها مونس فإذا أزاح العلّة فيما ذكرناه نظر بعد ذلك في أمر مال خلفاء الحجّاب والحشم والمتطبّبين والفرسان برسم التفاريق والمنجّمين والفرّاشين والطبّاخين والساسة وسائر المرتزقة من الخدم. فخرج عليّ بن عيسى يوما من حضرة المقتدر بالله ليركب في طيّاره فوثب به الخدم والحشم بألسنتهم وثوبا قبيحا.
    وورد الخبر على عليّ بن عيسى بأنّ إبراهيم بن المسمعي اعتلّ علّة حادّة وتوفّى بالنوبندجان فأشار عليّ بن عيسى بتقليد ياقوت أعمال الحرب والمعاون بفارس وتقليد أبي طاهر محمّد بن عبد الصمد أعمال المعاون بكرمان فخلع عليهما وعقد لهما لواءان.
    وكتب عليّ بن عيسى إلى القاسم بن دينار بالمبادرة إلى فارس وقلّده أعمال الخراج والضياع بها وقلّد ما كان إليه من أعمال الأهواز أبا الحسن أحمد بن محمّد بن مابنداذ وابن السلاسل.
    فحكى أبو الفرج ابن هشام قال: لمّا بلغ أبا عبد الله البريدي ما تقلّده هؤلاء من أعمال الأهواز وما حولها قال:
    « يقلّد هؤلاء هذه الأعمال ويقتصر بأخي أبي يوسف على سرّق وبي على ضمان الضياع الخاصّة، خذ يا أبا هشام هذا الكتاب - يعنى الكتاب الوارد عليه بما قلّد - وأعطه ابنك حتى يمثّل عليه ويتعلّم منه الخطّ، فإنّ لطبلى صوتا سوف تسمعه بعد أيّام. » وكان أبو عبد الله البريدي أنفذ أخاه أبا الحسين إلى الحضرة لمّا بلغه اضطراب أمر عليّ بن عيسى ووافقه على أن يخطب له عمل الأهواز إذا تجدّدت وزارة لمن يرتفق، فإنّ عليّ بن عيسى يعفّ ولا يرتفق.
    فلمّا تمّت الوزارة لأبي عليّ ابن مقلّة صار أبو الحسين إلى أبي أيّوب السمسار وبذل له عشرين ألف دينار فقلّد أخوه أبو عبد الله البريدي أعمال الأهواز سوى السوس وجنديسابور وقلّد أبو الحسين الفراتيّة وأبو يوسف الخاصّة والأسافل على أن يكون المال في ذمّته إلى أن يقع الوفاء لهم فوفى لهم وقبض المال.
    وكتب أبو عليّ ابن مقلة في القبض على أبي السلاسل فخرج أبو عبد الله بنفسه إلى تستر حتى حصله وأسبابه ووجد له في صناديقه وعند جهبذه عشرة آلاف دينار فأخذها ووافقه على أن يصكّ بما كان عند الجهبذ بنفقات باطلة وأخذ من كاتبه ألفى دينار ومن خليفته ثلاثة آلاف دينار ومن حاجبه ألفى دينار.
    وكان أبو عبد الله البريدي أحد دجّالى الدنيا وشياطينها.
    ثم كثّر على أبي عليّ ابن مقلة بأنّه أهلّه لما لا يستحقّه فصرفه بأبي محمّد الحسين بن أحمد المادرائى وقلّده إشرافا وقلّد الأصل جماعة من العمّال فما أحلى أبو محمّد ولا أمرّ وكان كاتبه عليّ بن يوسف وخليفته صحبته من الحضرة فبان من تجلّفه وسقوطه ما صار به نكالا وحديثا.
    وحسبك أنّ أبا عبد الله البريدي أخذ عليه الطرقات فكان كلّ ما كتب به يؤخذ من رسله فما قرئ له كتاب منذ دخل الأهواز إلى أن صرف عنها.
    ثم صرفه بعد ذلك أبو عليّ بأبي عبد الله البريدي وقال:
    « اغتررت بطلل ذلك الشيخ وما كلّ من يصلح للكتابة ينفذ في العمالة. »
    وعدنا إلى تمام حديث علي بن عيسى وما دبره به المملكة

    ولمّا أخرج إليه الارتفاعات كان فيه مبلغ ارتفاع لضياع إقطاع الوزراء بعد نفقاتهم الراتبة مائة وسبعين ألف دينار. فكتب إلى المقتدر بأنّه غنيّ عن هذا الإقطاع وأنّه قد وفّر ماله فإنّ أمر ضيعته قد صلح وكذلك وقفه بإعادته إيّاه إلى خدمته وأنّه يوفّر أيضا رزق الوزارة وهو مع ألفى دينار أجريت لابن الخصيبي سبعة آلاف دينار في كلّ شهر.
    وكتب إليه المقتدر بالشكر وانّه لا بدّ من أن يقبض الرزق على الرسم فحلف عليّ بن عيسى إنّه لا يقبض رزقا لهذه الخدمة لأنّ مذهبه ترك التنعّم.
    حوادث أخرى

    وفيها شغب الفرسان برسم التفاريق وخرجوا إلى المصلّى فنهبوا القصر المعروف بالثريّا وذبحوا الوحش الذي في الحائر وذبحوا البقر التي لأهل القرى التي حوله وخرج إليهم مونس وضمن لهم أرزاقهم فرجعوا إلى منازلهم.
    وفيها خلع على مونس للخروج إلى الثغر لأنّ ملك الروم دخل سميشاط وضرب في مسجد الجامع بالنواقيس وصلّى فيه الروم صلاتهم.
    وفيها ظهرت وحشة مونس المظفّر
    ذكر السبب في ذلك

    كان السبب في ذلك أنّ خادما من خدم المقتدر بالله حكى لمونس انّ المقتدر تقدّم إلى خواصّ خدمه بحفر زبية في الدار المعروفة بدار الشجر من دار السلطان حتى إذا حصل مونس فيها عند الوداع إذا أراد الخروج إلى الثغر، حجب الناس وأدخل مونس وحده إلى ذلك الصحن، فإذا اجتاز على تلك الزبية وهي مغطاة وقع فيها ونزل إليه الخدم وخنقوه ويظهر أنّه وقع في سرداب فمات. فامتنع مونس من دار السلطان وركب إليه جميع القوّاد والغلمان والحاشية وعبد الله بن حمدان وأخوته وأكثر العرب وخلت دار السلطان من الجند.
    وقال عبد الله بن حمدان:
    « نقاتل بين يديك أيّها الأستاذ إلى أن تنبت لك لحية. »
    فوجّه إليه المقتدر بنسيم الشرابي ومعه رقعة بخطّة إليه يحلف له فيها على بطلان ما بلغه. فصرف مونس جميع من اجتمع إليه من الجيش وأجاب عن الرقعة بما يجب في مثل ذلك وانّه لا ذنب له في حضور من حضر عنده، لأنّه لم يستدعهم. وامتنع ابن حمدان من الانصراف وحلف إنّه لا يبرح من دار مونس ليلا ونهارا إلى أن يركب معه إلى دار السلطان ويطمئن إلى سلامته، ولازم مونسا أيّاما كثيرة.
    وانضاف إلى ذلك أنّ إسحاق بن إسماعيل كان سبّب عليه مال مونس ومال رجاله فبلّح فيها. وكان عليّ بن عيسى متنكّرا له لأشياء بلغته عنه في غيبته فشغب الفرسان لتأخّر أموالهم، فجدّ عليّ بن عيسى بإسحاق بن إسماعيل واعتقله وأخذ خطّه بخمسين ألف دينار من مال ضمانه واعتقل أحمد بن يحيى الجلخت كاتبه وعدّة من أصحابه حتى استوفى ذلك، ثم صرفه عن أعماله وجدّ بعمّال السواد حتى صحّ له في مدّة ثلاثة أيّام ما أنفقه في أصحاب مونس.
    وكتب المقتدر إلى جماعة من وجوه القوّاد بأنّه قد صفح عمّا كان منهم في نهب الثريّا وإحراقها وقرئت عليهم فشكروا وسألوا أن يضمّ جماعة منهم ممّن اتّهم بذلك إلى مونس المظفّر لينحدر معهم إلى حضرته. فانحدر معهم ووصل إلى المقتدر بالله وقبّل الأرض بحضرته وحلف المقتدر له على صفاء نيّته وودّعه مونس.
    وقرأ عليه عليّ بن عيسى كتابا ورد عليه من وصيف البكتمرى بأنّ المسلمين عقبوا على الروم وظفروا بهم وبجميع من في عسكرهم وقتلوا منهم وغنموا غنائم جليلة. وخرج مونس من داره إلى مضربه بباب الشماسيّة وشيّعه الأمير أبو العبّاس والوزير عليّ بن عيسى ونصر الحاجب وهارون ابن غريب. وورد رسول ملك الروم ومعه كتاب من وزير الملك وهو اللعثيط إلى الوزير عليّ بن عيسى يلتمس فيه الهدنة.
    ظهور الديلم

    وفي هذه السنة ظهر الديلم، وكان أوّل من غلب على الريّ منهم بعد خروج ابن أبي الساج منها، ليلى بن النعمان ثم ما كان بن كاكى. ودخل هذا الرجل في طاعة صاحب خراسان لأنّه كتب إليه واستدعاه، فمضى إليه وغلب على الريّ أسفار بن شيرويه وكان مرداويج بن زيار أحد قوّاده.
    عاقبة عسف أسفار بن شيرويه

    وكان اسفار بن شيرويه لمّا غلب على قزوين ألزم أهلها مالا جليلا وعسفهم عسفا شديدا وخبطهم وأحلّ بهم من تسليط الديلم على مهجهم وأموالهم واستباحتهم وتعذيب عمّالهم ما استعظمه هو في نفسه فضلا عن غيره، ورقّت القلوب منه وضاقت النفوس وبلغت الحناجر ويئس الناس من الحياة وتمنّوا الموت. فخرج الرجال والنساء والأطفال إلى المصلّى مستغيثين إلى الله تعالى وراغبين إليه في كشف ضرّهم فمضى لهم يوم على ذلك. وأنهى الخبر إلى اسفار فتهاون بالدعاء.
    فلمّا كان في اليوم الثاني خرج عليه مرداويج فواقعه وهزمه فمرّ على وجهه فتبعه يومه أجمع فلم يظفر به، ولحقت أسفار مجاعة في اليوم الثاني فأوى إلى رحى طحّان في قرية وسأله أن يطعمه فأخرج إليه خبزا ولبنا، وكان يأكل وأطلّ مرداويج على الموضع فوجد آثار الحافر قد انقطع هناك، فوقف يتأمّل فرأى أكّارا فتشبّث به وسأله عن اسفار فأنكر وأرهبه فقال له:
    « ما أعرفه ولكني رأيت فارسا قد دخل إلى هذه الرحى. » وكبس مرداويج الموضع فوجده يأكل خبزا فاحتزّ رأسه، وعاد إلى قزوين فسكّن أهلها وتلافاهم وأزال تلك المطالبة عنهم ووعدهم بالجميل وانصرف عنهم ووهب دعاءهم.
    ثم أنّ مرداويج ذهب فتغلّب على الريّ وإصبهان وأساء السيرة بإصبهان خاصّة وتبسّط في أخذ الأموال وانتهاك الحرم وطغى وجلس على سرير ذهب دونه سرير فضّة يجلس عليه من يرفع منه وأقام جنده يوم السلام عليه صفوفا بالبعد منه.
    وسام مرداويج رجاله الخسف وكانوا يرهبونه رهبة عظيمة وكان يقول:
    « أنا سليمان بن داود وهؤلاء الشياطين. » وكان يغضّ من الأتراك غضّا شديدا. فساءت نيّاتهم له فطلبوا كيدا يكيدونه به وتمكّنت له في نفوس الخاصّ والعامّ البغضاء وضجروا منه وضعفت نفوس أهل مملكته في أيّامه.
    مقتل مرداويج

    قال: وركب يوما في موكب عظيم وخرج إلى الصحراء وكان ينفرد عن جيشه ويسير وسطا لا يجسر أحد على القرب منه فكان العالم يتعجّبون منه ومن تمرّده وطغيانه إذ اشتقّ العسكر رجل شيخ لا يعرف، على دابّة، فقال:
    « زاد أمر هذا الكافر واليوم تكفونه قبل تصرّم النهار ويأخذه الله اليه. » فلحقت الجماعة دهشة وتبلّدوا.


  • #28
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال أبو مخلد عبد الله بن يحيى:
    وكنت في الموكب فنظر بعض الناس إلى بعض ولم ينطق أحد منهم بحرف ومرّ الشيخ كالريح، ثم قال الناس:
    « لم لا نتبعه ونستعيده الحديث ونسأله من أين علم أو نأخذه ونمضي به إلى مرداويج لئلّا يبلغه الخبر فيلومنا على تركه. » فركضوا يمينا وشمالا إلى كلّ طريق وسبيل في طلبه فلم يوجد وكأنّ الأرض ابتلعته.
    ثم عاد مرداويج ولم يلو على أحد ودخل داره ونزع ثيابه، ثم دخل الحمّام وأطال، وكان كورتكين قريبا منه وخصّيصه يحرسه ويراعيه في خلواته وحمّامه فأمره أن لا يتبعه وتأخّر عنه مغضبا فتمكّن منه الأتراك وهجموا عليه في الحمّام فقتلوه بعد أن مانع عن نفسه وقاتل بكرنيب فضّة كان في يده، فشقّ بعض الأتراك بطنه. فلمّا خرجت حشوته ظنّ أنّه قد قتله فلمّا خرج إلى أصحابه قالوا له:
    « أين رأسه؟ » فعرّفهم أنّه قد شقّ بطنه. فلم يرضوا بذلك وعاوده لحزّ رأسه فوجدوه قد قام على سريرين في الحمّام وردّ حشوة بطنه وأمسكها بيده وكسر جامة الحمّام وعاونه قيّم الحمّام وهمّ بالخروج من ذلك الموضع إلى سطح الحمّام.
    فلمّا رأوه كذلك حزّوا رأسه فظهر أمره بين الظهر والعصر بخروج الأتراك الذين كانوا معه إلى رفقائهم وإخبارهم إيّاهم بخبره وركوبهم إلى الإصطبلات للنهب.
    وفيها ارتفع ذكر أبي جعفر بن شيرزاد وعنى به عليّ بن عيسى.
    ذكر السبب في ذلك

    كان السبب في ذلك أنّ ابن شيرزاد كان يكتب لهارون بن غريب وينظر في جميع أموره. فأطمع هارون فيه وقرّف بجنايات عظيمة فقبض عليه يوم الثلاثاء لثمان خلون من جمادى الأولى سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وسلّمه إلى خادمه مونس وأمره بالتضييق عليه ومنعه من الدواة فتأخّرت رقعته عن أخيه أبي الحسن زكريّا.
    وكان يكتب للخالة على ديوان ضياعها. فعرف الخالة صورة أخيه فشكت الخالة ذلك إلى السيدة فوجّهت السيدة بخادم لها إلى هارون حتى انتزعه من يده وحمله إلى دار السلطان وتقدّمت بإطلاقه.
    وخاطب هارون بن غريب عليّ بن عيسى في أمر ابن شيرزاد وقال له:
    « قد كان اقترض مني للخاقانى أموالا كثيرة وأخذ بها تسبيبات وفاز بها وقد عمل له المومّل كاتبي بمال عظيم وأنا أرضى بنظر ثقة من ثقات الوزير
    في العمل. » فتقدّم الوزير عليّ بن عيسى إلى أبي يوسف كاتب السيّدة بالمصير إلى دار هارون وحضر المؤمّل وكتّابه فنظروا في العمل.
    فكان أوّل باب فيه أنّه وجد في دفتر من دفاتر ديوانه ثبت ما قبض من التسبيبات التي سبّبها الخاقاني لابن شيرزاد من مال القروض التي اقترضها من مال هارون بن غريب.
    وقد حكى فيه أنّه قبض خمسة عشر ألف دينار وأنّه لم يجد هذا المال في ختمات الجهبذ الثابتة في الديوان. وكان كاتب ابن شيرزاد على ذلك الديوان ابن أبي الميمون، فقال ابن أبي الميمون:
    « قد صحّ في ختمة الجهبذ ومع صاحبي خطّ الأمير بقبضه إيّاه، لأنّه حمله إلى حضرته وصرفه في ثمن دار المحسّن التي ابتيعت من وكيل الخليفة في وزارة أبي القاسم الخاقاني. » فأخرجت الختمة بعينها فوجد ذلك فيها. ووجد محرّر هذه الختمة قد كتب هذا المال كأنّه تفصيل المال المتقدّم وكان سبيله أن يكون مخرجا بارزا عن التفصيل الأوّل. فوجد أبو يوسف ومحمّد بن جني الأمر على ما قال كاتب ابن شيرزاد وأخرج ابن شيرزاد خطّ هارون بن غريب بصحّة هذا المال منسوبا إلى تلك الجهة وأنّه أدّى في بيت المال لثمن الدار وأحضر قبض صاحب بيت المال به.
    ثم نظر في الباب الثاني أنّ المطلق للفرسان في عسكر هارون من مالهم فيه الربع الدراهم تساوى ستّة عشر درهما بدينار وأنّه لم يضع الصرف من مال الرجال وأنّه يلزمه منه في مدّة ولايته كتابة هارون نيّف وعشرون ألف دينار، فأخرجوا الختمات فوجدوا الجهبذ قد احتسب بما صرفه في أعطيات الرجال ورقا من غير أن يوضع منه شيء لفضل الصرف. فاحتجّ كاتب ابن شيرزاد بأنّ فضل الصرف في ختمة تورد في أصول الأموال في آخر باب من أبواب الأصول وهو ما يتوفّر من هذا الباب وغيره من سائر نفقات هارون بن غريب فأخرج ذلك من الختمات.
    فلمّا بطل هذان البابان وهما معظم ما كان في العمل نهض أبو يوسف ومحمّد بن جني وقام معهما ابن شيرزاد وأقبل عليه هارون فقال:
    « قد هتكني كاتبي هذا الجاهل الناقص قبّحه الله وقد جنيت على نفسي بصرفك ولكن إن تصرّفت لأحد فعلت وصنعت. » وتهدّده.
    فذهب ابن شيرزاد وشرح لعليّ بن عيسى ذلك فصار ذلك سببا لعناية عليّ بن عيسى به واشتهر حديثه وفاض في الكتّاب.
    وفيها ورد الخبر وكتاب الفارقي من البصرة بأنّه قد اجتاز بباب البصرة ممّا يلي البريّة جيش للقرمطي كثير العدد يقصد الكوفة فكتب المقتدر إلى مونس المظفّر يأمره بالرجوع إلى بغداد فرجع من تكريت ودخل بغداد بعد صلاة العصر بعد أن أنفذ قطعة من جيشه إلى الثغر.
    وخرج ياقوت إلى مضربه بالزعفرانيّة متوجّها إلى عمله بفارس.
    القبض على ابن أبي الساج وتقليد الحسن بن هارون

    وفي هذه السنة قبض يوسف بن أبي الساج على كاتبه أبي عبد الله محمّد بن خلف النيرمانى وقلّد مكانه أبا عليّ الحسن بن هارون وقيّد محمّد بن خلف بقيود ثقال وأخذ منه يوم قبض عليه من المال والفرش والكسوة والغلمان ما قيمته مائة ألف دينار وأخذ خطّه بخمسمائة ألف دينار مصادرة عن نفسه.
    ذكر السبب في ذلك

    كان السبب في ذلك ما استعمله بواسط من السرف في التكبّر والتجبّر والتوسّع في النفقات حتى إنّه جعل في داره بواسط في شراب العامّة ثلاثين غلاما وفي شراب الخاصّة عشرين غلاما وكان يخرج من داره إلى دار صاحبه يوسف ويبكّر إليه جميع قوّاد ابن أبي الساج ورؤساء غلمانه ورؤساء العمّال ويسلّمون عليه كما يفعل الناس ببغداد بالوزراء في أيّام المواكب.
    وكان قبل ذلك في مسير ابن أبي الساج من الريّ إلى واسط قد لبس القباء والسيف والمنطقة إلّا أنّه لم يكن يركب إلى دار صاحبه بسواد فرقا بينه وبين وزير السلطان واحتمله ابن أبي الساج على ذلك.
    ثم أطمع نفسه أيّام مقامه بواسط في الوزارة للسلطان، وتبيّن عداوة نصر الحاجب لابن أبي الساج فكاتبه ووجّه إليه بمن يثق به يلتمس منه أن يشير على المقتدر بتقليده الوزارة مكان عليّ بن عيسى وضمن أن يستخرج من عليّ بن عيسى وأخيه وسليمان بن الحسن وأبي زنبور المادرائى والكلوذانى وأسبابهم ألف ألف دينار ويقوم بنفقات السلطان وأرزاق الأولياء.
    سعاية

    وسعى بصاحبه وقال: إنّه كان يستر عنه مذهبه في الدين وإنّه لمّا سار إلى واسط أنس به وانبسط إليه فكشف له أنّه يتديّن بأن لا طاعة عليه للمقتدر ولا لبنى العبّاس على الناس طاعة وأنّ الإمام المنتظر هو العلوي الذي بالقيروان وأنّ أبا طاهر الهجري صاحب ذلك الإمام، وإنّه قد صحّ عنده أنّه يتديّن بدين القرامطة وإنّه إنّما صيّر العلوي متحقّقا به وبجميع أسراره بهذا السبب، وإنّه ليس له نيّة بالخروج إلى هجر، وإنّه إنّما يحتال بالوعد بالخروج إلى هجر حتى يتمّ له أخذ الأموال، وإنّه قال في شهر ربيع الآخر:
    « أيّ شيء بقي لنا على الخليفة ووزيره من الحجّة ولم ليس تخرج إلى هجر ولا أراك تستعدّ لذلك؟ » فقال له في الجواب:
    « لم لا تكون لك معرفة بالأمور من في نيّته الخروج إلى هجر. » وإنّه قال له:
    « فلم غررت السلطان من نفسك ووعدته بهذه الحال حتى سلّم إليك جميع أعمال المشرق؟ » فأجابه بأنه يرى انتقاض الخليفة وسائر ولد العبّاس الغاصبين أهل الحقّ فرضا لله - عز وجل عليه - وأنّ طاعته طاغية الروم أصلح من طاعته الخليفة. » وإنّه قال:
    « فهبك فعلت ذلك، ما الذي يؤمنك من القرمطي أن يوافى إلى واسط وإلى الكوفة فلا تجد بدّا من لقائه ومحاربته؟ » فقال في الجواب:
    « ويحك كيف أحارب رجلا هو صاحب الإمام وعدّة من عدده؟ » فقال له:
    « فإن أراد هو حربك أى شيء تعمل؟ » فقال له:
    « ليس لهذا أصل، وقد ورد عليه كتاب الإمام من القيروان بأن لا يطأ بلدا أكون فيه ولا يحاربني بوجه ولا بسبب. » وإنّه ختم القول بأن قال:
    « إني إنّما انتظر أن يقبض رجالي بأسرهم أموال سنة أربع عشرة وثلاثمائة فإذا قووا بذلك منعت أوّلا من أعمال واسط والكوفة وسقى الفرات وأنفذت إليها العمّال، فلا بدّ للسلطان أن ينكر حينئذ ما أفعله فأكاشفه وأخطب للإمام وأظهر الدعوة وأسير إلى بغداد، فإنّ من بها من الجند قوم يجرون مجرى النساء قد ألفوا الدور على دجلة والشراب والثلج والخيش والمغنيات فآخذ نعمهم وأموالهم ولا أدع الهجري يفوز بالاسم وأكون أنا سائق الدولة إلى الأمام، فإنّ أبا مسلم خرّاز النعال لم يكن له أصل وقد بلغ ما بلغ ولم يكن معه لمّا ارتفع النصف ممّن معي. وما هو إلّا أن أظهر الدعوة حتى قد اجتمع مائة ألف ضارب سيف. » ويقول محمّد بن خلف:
    « قد صدقت أمير المؤمنين عن هذا الأمر، فإن ولّانى الوزارة انقمع ابن أبي الساج وبطل عليه تدبيره وأخبّب حينئذ رجاله وغلمانه: فإمّا أسروه وإمّا هرب طائرا على وجهه إلى أذربيجان. فإني إذا تولّيت الوزارة جدّدت به في المطالبة بالخروج إلى هجر فإن كاشف دبّرت عليه. » فأنهى نصر الحاجب كلّه إلى المقتدر وعرّفه انّ محمّد بن خلف قد كتب إليه يحلف له على أنّه ما حمله على هذا الفعل إلّا الغضب للدين أوّلا ثم الأنفة من أن يتمّ لهذا القرمطي على الخليفة وسائر الخاصّة والعامّة ما دبّره.
    وكان الحسن بن هارون يخلف محمّد بن خلف ويقف دائما بين يديه على رجله ويخدمه كما يخدم ابن أبي الساج. فلمّا رأى اختصاصه بابن أبي الساج تنكّر له وعمل على القبض عليه وإتلافه وأظهر ذلك لأبي بكر ابن المنتاب وكان قد اختصّ به وغلب عليه. فاتّفق أن شرب ابن المنتاب مع جماعة من إخوانه بواسط وفيهم عبد الله بن عليّ الجرجرائي عامل الصلح والمبارك، فسأله عبد الله بن عليّ أن يشكر له أبا عليّ الحسن بن هارون لما يوليه من الجميل وقال له:
    « تعرض لي رقعة على سيّدنا أبي عبد الله محمّد بن خلف أسأله فيها أن يعرّفه شكرى ويأمره بالزيادة فيما شكرته عليه. » فقال له ابن المنتاب:
    « اتّق الله في نفسك ولا تفعل، فإنّ أبا عبد الله على غاية التنكّر للحسن بن هارون ولن يبعد أن يقبض عليه ويبلغه. » فحفظ ذلك عبد الله بن عليّ وتقرّب به إلى الحسن بن هارون.
    ووقعت بين محمّد بن خلف وبين عبد الله بن عليّ مماحكة فيما سبّب عليه لقوم يعتنى بهم محمّد بن خلف فشتمه محمّد بن خلف وهدّده وأمر بإخراجه من مجلسه على أقبح صورة.
    فاجتمع عبد الله بن عليّ والحسن بن هارون على التدبير على محمّد بن خلف ونصبا عليه أصحاب الأخبار إلى أن وقفا على ما عمله في السعى في تقلّد الوزارة للمقتدر وسعايته بصاحبه. فاطلع عبد الله بن عليّ ابن أبي الساج على ذلك وتقرّب إليه فنصب يوسف بن أبي الساج أصحاب أخبار على محمّد بن خلف إلى أن وقف على أنّ خادما له يثق به قد أنفذه دفعات إلى بغداد وأظهر أنّه إنّما ينفذه لابتياع كسوة وفرش ودوابّ وغلمان له وأنّه هو السفير بينه وبين نصر الحاجب في التدبير على ابن أبي الساج فتقدّم ابن أبي الساج إلى عبد الله بن عليّ في أخذ الطرق على هذا الخادم وإلى الحسن بن هارون بمراعاة الوقت الذي ينفذ فيه الخادم. فلمّا نفذ من واسط عرّفه الحسن ذاك فوجّه بثقاته وأمرهم أن يرصدوا الخادم في الطريق، فإذا عاد من بغدا قبضوا عليه وسلّموه إلى صاحب عبد الله بن عليّ بجرجرايا.
    وتقدّم إلى عبد الله بن عليّ بأن يوجّه بمن ينتظره بجرجرايا وأنفذت الكتب التي معه إلى ابن أبي الساج فوجدها بخطّ كاتب نصر جوابات عن كتب محمّد بن خلف إليه تدلّ على إشارات ورموز وتراجم وفيها كلّ مكروه وسعى على دم ابن أبي الساج وحاله وإطماع في ماله وحاله وتحذير من تأخّر القبض على عليّ بن عيسى. فبادر ابن أبي الساج في إنفاذ الحسن بن هارون إلى الحضرة بكتب ورسائل إلى عليّ بن عيسى على رسمه ووجّه بتلك الكتب بعينها وقال له:
    « تقول للوزير عني: قد سعى هذا الرجل على دمى ودمك ودماء أصحابك وأريد أن أقبض عليه وأكثر ذنوبه عندي سعيه عليك. » فلمّا وقف عليّ بن عيسى على جميع كتبه ورسائله تعجّب وقال له:
    « تقول لأخي أبي القاسم: إن كنت تريد أن تفعل ذلك لتريح نفسك من هذا الرجل الخائن المستحلّ فالله يوفّقك ويحسن معونتك. وإن كنت تفعل هذا بسببي فو الله ما أشكر أحدا كما أشكر من يسعى في صرفى عن الوزارة، فالحبس والنفي أسهل ممّا أقاسيه منها. » وزوّر عبد الله بن عليّ عن الخادم كتبا على أنّها من بغداد إلى محمّد بن خلف بأنّه: قد أحكم أكثر ما تحتاج إليه وأنّه سريع العود إلى واسط.
    فسكنت نفس محمّد بن خلف إلى ذلك. وصار عبد الله بن عليّ إلى محمّد بن خلف وترضّاه وبذل له أن يحمل إليه من ماله مائة ألف درهم مرفقا ليزول ما في نفسه عليه. فظنّ محمّد بن خلف أنّ ذلك صحيح ودعا عبد الله بن عليّ وواكله وشاربه. ولم يلبث الحسن بن هارون أن عاد من بغداد فبدأ بدار محمّد بن خلف ووقف بين يديه فقال محمّد بن خلف:
    « يا عاضّ، قد بلغني أنّك شنّعت عليّ عند عليّ بن عيسى وذكرت له أنّى أطلب الوزارة مكانه وأنّك مع ذلك قد ضرّبت عليّ حاشية الأمير وغلمانه. وو الله يا كلب لأضربنّك خمسمائة سوط ولآخذنّ منك ثلاثين ألف دينار قد أبطرتك. » والحسن بن هارون لا يزيد على أن يقول له:
    « الله بيني وبين من أغرى مولاي ومن أنا عبده وغرسه. » ومحمّد بن خلف يشتمه إلى أن قال له:
    « لقيت الأمير؟ » فقال الحسن بن هارون:
    « ما لقيته بعد. » فقال له:
    « فامض إلى لعنة الله فالقه وعد إليّ. » فمضى إلى ابن أبي الساج وشرح له جميع ما وقف عليه من سعى محمّد بن خلف عليه وما خاطبه به لمّا لقيه بعد قدومه من بغداد.
    فقال ابن أبي الساج لخازنه الذي يتسلّم من محمّد بن خلف الأموال المحمولة إليه التي ينفقها في رجاله وغلمانه ونفقاته:
    « قد كنت أحضرتنى منذ مدّة مالا نصفه غلّة ودراهم بهرجة وخراسانيّة، وذكرت أنّ ابن خلف حمله إليك لتنفقه في الأولياء وغيره، وذكرت أنّ الأمر مسرف في فضل الصرف وأنّه كثير فعرّفنى الآن الحال فيما يحمله إليك؟ » فقال: « الذي يحمله الآن شرّ من كلّ ما تقدّم وقد أخرجت من مائة ألف درهم حملها اليوم ألف وخمسمائة درهم جديد وألفى درهم صحاح لا سيّئة واثنين وأربعين ألف درهم غلّة رديّة. » وعظم عليه الأمر في فضل الصرف في ذلك فقال له:
    « فإذا حضر محمّد بن خلف العشيّة فادخل إليّ واحمل المال كهيئته وعرّفنى أنّ جميع غلماني ورجالي قد فسدت نيّاتهم بهذا السبب. » ففعل الخازن ذلك. فقال ابن أبي الساج:
    « يا أبا عبد الله أنت تعلم أنّ هذا المال لا يجوز لأحد أن يقبض مثله وإذا فوّت رجالي شهرا وأعطيتهم مالا جيّدا أو مقاربا للجودة كان أصلح من هذا. » فغضب محمّد بن خلف وقال له:
    « ما جرّأ هذا الكلب على خطابي بحضرتك في هذا الباب إلّا لأنّه قد وقف على فساد رأيك فيّ، وإنّما أفسدك عليّ من قدّر أن يتولّى كتابتك وهو هذا العلج الحسن بن هارون وأهون به وبهذا الخازن وبجميع غلمانك ورجالك عليّ، وأنا عقدت لك هذه الحال وهذا الأمر والآن فو الله لا نظرت في شيء من أمرك، فاعمل ما شئت. » ونفض يده في وجهه وخرج من مجلسه. فجعل ابن أبي الساج يحلف له أن يعود فلا يفعل ويحلف إنّه لا يرجع.
    فلمّا طال ذلك بينهما وبلغ أن يعطف إلى دهليز يغيب به عن عينه قال ابن أبي الساج لغلمانه:
    « ضعوا أيديكم في قفا الكلب اللاحد الخنزير فأسمعونى صوته بالصفع. » فصفع نحو من مائة صفعة وأخذ سيفه ومنطقته. واستدعى ابن أبي الساج عبد الله بن عليّ وأحضر للوقت فوجّه به إلى دار محمّد بن خلف ليحفظها ويقبض على سائر غلمانه وأسبابه وخزائنه، وكان عبد الله بن عليّ مشهورا بالعفاف والثّقة. وتقدّم إلى الحسن بن هارون بأن يتقلّد كتابته مكانه واستحلفه أن يدخل إلى الحجرة التي اعتقل فيها ويقيّده بخمسين رطلا ويلبسه قميص بايباف ففعل به الحسن بن هارون ذلك فقال له:
    « يا محمّد بن خلف أخبرني أغرّك أنّى أقول لك: يا مولاي؟ إنّما كنت أسخر منك، أيّنا كان أبعد غورا وتدبيرا، أنا أم أنت؟ »

  • صفحة 7 من 14 الأولىالأولى ... 56789 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الرابع
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 99
      آخر مشاركة: 06-15-2010, 01:21 AM
    2. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    3. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    4. سير أعلام النبلاء الخامس
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 229
      آخر مشاركة: 06-04-2010, 02:34 AM
    5. باب الحارة الجزء الخامس
      بواسطة En.muhammed manla في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 03-09-2010, 12:41 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1