« أما والله، لو جعلتم حدّكم هذا على من خالفكم من غيركم، لكان أصوب.
فسيروا إلى مضر وإلى ربيعة فقاتلوهم. » وشيخهم أبو القلوص ساكت لا يتكلّم، فقالوا:
« ما رأيك؟ » فقال:
« قال الله عز وجل: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ من الْكُفَّارِ، وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً. قوموا! » فقاموا، فمشى بهم قيس رمحين أو ثلاثة، ثم قال:
« اجلسوا. » فجلسوا. ثم مشى بهم الثانية أنفس من ذلك شيئا، ثم الثالثة كذلك، ثم قعد، فقالوا له:
« يا با القلوص، والله إنك عندنا لأشجع العرب، فما يحملك على الذي تصنع؟ » قال:
« إنّ المجرّب ليس كمن لم يجرّب، إني أردت أن ترجع إليكم أنفسكم، وكرهت أن أحملكم على القتال وأنتم على حال دهش. » قالوا:
« أنت أبصر بما صنعت. » فلما خرجوا إلى جبّانة السبيع استقبلهم قوم، فهزموهم وقتلوا رئيسهم ودخلوا الجبّانة في آثارهم يتنادون:
« يا لثارات الحسين. » فأجابهم ابن شميط:
« يا لثارات الحسين. » وقاتل يومئذ رفاعة بن شدّاد حتى قتل، وقتل خلق من الأشراف واستخرج من دور الوادعيّين خمسمائة أسير. فأتى بهم المختار مكتّفين، فأخذ رجل من بنى نهد من رؤساء أصحاب المختار يقال له عبد الله بن شريك لا يخلو بعربيّ إلّا خلّى سبيله. فرفع ذلك إلى المختار، فقال المختار:
« اعرضوهم عليّ، فانظروا كلّ من شهد منهم قتل الحسين فأعلمونى به. » فأخذوا لا يمرّ عليه رجل شهد قتل الحسين إلّا قالوا له:
« هذا ممن شهد قتله. » فقدّمه، فيضرب عنقه، حتى قتل منهم قبل أن يخرج مائتين وأربعين قتيلا، وأخذ أصحابه كلّما رأوا رجلا قد كانوا تأذّوا به، وكان يماريهم، أو يضرّبهم، خلوا به فقتلوه، حتى قتل ناس كثير منهم، وما يشعر بهم المختار.
ثم أخبر به المختار من بعد، فدعا بمن بقي من الأسارى فأعتقهم وأخذ عليهم المواثيق ألّا يجامعوا عليه عدوه ولا يبغوه ولا لأصحابه غائلة، إلّا سراقة بن مرداس البارقيّ، فإنّه أمر به أن يساق معه إلى المسجد، ونادى منادى المختار من أغلق عليه بابه فهو آمن إلّا رجلا شرك في دم آل محمّد.
وكان يزيد بن الحارث بن رؤيم وحجّار بن أبجر بعثا لهما رسلا، فقالا لهم:
« كونوا قريبا من أهل اليمن، فإن ظهروا، فلتكن علامتكم كذا وإن ظهر عليكم فلتكن علامتكم كذا. » فلما هزم أهل اليمن أتتهم رسلهم بعلامتهم، فقاما جميعا فقالا لقومهما:
« انصرفوا إلى بيوتكم. » فانصرفوا.
فأما عمرو بن الحجاج الزبيدي، فإنّه كان ممن شهد قتل الحسين، فركب راحلته، ثم ذهب عليها، فأخذ طريق شراف وواقصة، فلم ير حتى الساعة، ولا يدرى أرض لحسته، أم سماء حصبته!
مقتل شمر بن ذي الجوشن
وأما شمر بن ذي الجوشن، فإنّ المختار أنفذ في طلبه غلاما يدعى رزينا.
فحدّث مسلم بن عبد الله الكنانيّ، قال: تبعنا رزين غلام المختار فلحقنا، وقد خرجنا من الكوفة على خيولنا مضمّرة، فأقبل يتقطّر به فرسه. فلما دنا منه قال لنا شمر:
« اركضوا وتباعدوا، فلعلّ العبد يطمع فيّ. » قال: فركضنا وأمعنّا، وطمع العبد في شمر، وأخذ شمر يستطرد له، حتى إذا انقطع عن أصحابه حمل عليه شمر، فدقّ ظهره، وأتى المختار فأخبر بذلك، فقال:
« بؤسا لرزين، أما لو يستشيرنى ما أمرته أن يخرج لأبي السابغة. » ومضى شمر حتى نزل ساتيدما، فنزل إلى جانب قرية يقال لها: الكلبانية على شاطئ نهر إلى جانب تلّ، ثم أرسل إلى تلك القرية، فأخذ منها علجا فضربه، ثم قال:
« النجا بكتابي إلى مصعب بن الزبير. » [ وكتب عنوانه: للأمير مصعب بن الزبير ] من شمر بن ذي الجوشن. فمضى العلج حتى دخل قرية فيها بيوت وفيها أبو عمره، وكان المختار بعثه في تلك الأيام إلى تلك القرية لتكون مسلحة في ما بينه وبين أهل البصرة، فلقى ذلك العلج علجا من تلك القرية، فأقبل يشكو إليه ما لقي من شمر، فسألوا العلج عن مكانه، فأخبرهم به، فإذا ليس بينهم إلّا ثلاثة فراسخ فساروا إليه.
قال: وكنّا قلنا لشمر تلك الليلة:
« لو أنّك ارتحلت بنا من هذا المكان، فإنّا نتخوّف به. » فقال:
« أكلّ هذا فرقا من الكذّاب، والله لا أتحوّل منه ثلاثة أيام، ملأ الله قلوبكم رعبا. » فو الله ما شعرنا إلّا وقد أشرفوا علينا من التلّ، فكبّروا، ثم أحاطوا بنا وخرجنا نشتدّ على أرجلنا وتركنا خيلنا، وأعجل شمر عن لبس سلاحه.
قال: فأمر على شمر وإنّه لمؤتزر ببرد يقاتلهم، وكان أبرص، فكأني أنظر إلى بياض ما بين كشحيه وهو يطاعن الأقوام، فما هو إلّا أن أمعنت ساعة إذ سمعت التكبير وقائلا يقول:
« قتل الله الخبيث. »
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
سراقة حلف أنه رأى الملائكة
فأما سراقة بن مرادس البارقيّ، فإنّه حلف واجتهد في اليمين أنه رأى الملائكة معهم تقاتل على خيول بلق، وقال لهم:
« أنتم أسرتمونى؟ ما أسرنى إلّا قوم على دوابّ لهم بلق، عليهم ثياب بيض. » فقال المختار:
« أولئك الملائكة، اصعد المنبر، فأعلم الناس ذلك. » فصعد واجتهد في اليمين وأخبرهم بذلك. ثم نزل فخلا به المختار وقال:
« إني علمت أنك لم تر الملائكة، وإنما أردت ما قد عرفت: ألّا أقتلك، فاذهب عني حيث أحببت، لا تفسد عليّ أصحابي. »
فخلّى عنه، وذهب حتى لحق بمصعب بن الزبير، وقال:
ألا أبلغ أبا إسحاق أنّى ** رأيت الخيل دهما مصمتات
أرى عينيّ ما لم تراءاه ** كلانا عالم بالتّرّهات
وانجلت وقعة السبيع عن سبعمائة وثمانين قتيلا وكانت يوم الأربعاء لستّ ليال بقين من ذي الحجّة سنة ستّ وستّين.
تجرد المختار لقتلى الحسين
وخرج أشراف الناس، فلحقوا بالبصرة، وتجرّد المختار لقتلى الحسين، وقال:
« ما من ديننا ترك قوم قتلوا الحسين أحياء يمشون في الدنيا آمنين. بئس ناصر آل محمد إذا أنا في الدنيا، أنا إذا الكذّاب كما سمّونى. الحمد لله الذي جعلني سيفا ضربهم به، ورمحا طعنهم به، وطالب وترهم، والقائم بحقّهم، سمّوهم، ثم تتبّعوهم، حتى تفنوهم. إنه لا يسوغ لي طعام ولا شراب حتى أطهّر الأرض منهم وأنقّى المصر منهم. » ودلّ عبد الله بن دبّاس، على نفر ممن قتل الحسين. منهم: عبد الله بن أسيد بن النزال الجهنيّ، ومالك بن النّسير البدّيّ وحمل بن مالك المحاربي. فبعث إليهم المختار، فأخذوا وأدخلوا عليه عشاء.
فقال لهم المختار:
« يا أعداء الله وأعداء كتابه وأعداء رسوله وآل رسوله! قتلتم من أمرتم بالصلاة عليه في الصلاة. » فقالوا:
« رحمك الله، بعثنا ونحن كارهون، فامنن علينا، واستبقنا. » قال المختار:
« فهلّا مننتم على الحسين بن بنت نبيكم واستبقيتموه وسقيتموه. » ثم قال المختار للبدّيّ:
« أنت صاحب برنسه؟ » فقال عبد الله بن كامل:
« نعم، هو هو. » فقال المختار:
« اقطعوا يد هذا ورجله، ودعوه يضطرب حتى يموت. » ففعل به ذلك، وأمر بالآخرين فقتلا.
ثم بعث رجالا كانوا معه يقال لهم: الدبّابة، إلى دار في الحمراء فيها عبد الرحمن بن أبي خشكارة، وعبد الرحمن بن قيس الخولاني وغيرهما فجئنا بهم حتى أدخلناهم عليه، فقال لهم:
« يا قتلة الصالحين، يا قتلة سيد شباب أهل الجنّة، ألا ترون الله قد أقاد منكم اليوم؟ لقد جاءكم الورس بيوم نحس. » وكانوا أصابوا من الورس الذي كان مع الحسين، أخرجوهم إلى السوق، فضربوا رقابهم، ففعل ذلك بهم وكانوا أربعة.
وأخذ السائب بن مالك الأشعريّ - وكان في خيل للمختار - ثلاثة نفر ممن شهد قتل الحسين، فانتهى بهم إلى المختار، فأمر بهم فقتلوا في السوق.
وبعث المختار عبد الله بن كامل إلى عثمان بن خالد، وإلى أبي أسماء بسر بن أبي سمط، وكانا ممن شهدا قتل الحسين وفي سلبه، فأحاط عبد الله بن كامل عند العصر بمسجد بنى دهمان، ثم قال:
« عليّ مثل خطايا بنى دهمان منذ خلقوا إلى يوم يبعثون إن لم أوت بعثمان بن خالد، إن [ لم ] أضرب أعناقكم من عند آخركم. » فقلنا له: « أمهلنا حتى نطلبه. » فخرجوا مع الخيل في طلبه، فوجدوهما جالسين في الجبّانة يريدان أن يخرجا إلى الجزيرة، فأتى بهما عبد الله بن كامل، فضرب أعناقهم، ثم رجع فأخبر المختار خبرهما، فأمره بأن يرجع فيحرقهما بالنار، وقال:
« لا يدفنا، بل ليحرقا بالنار. » وبعث أبا عمرة صاحب حرسه حتى أحاطوا بدار خولي بن يزيد الأصبحيّ وهو صاحب رأس الحسين فاختبى في مخرجه فخرجت امرأته إليهم، فقالوا لها:
« أين زوجك؟ » فقالت:
« لا أدري، أين هو.. » وأشارت بيدها إلى المخرج. فدخلوا، فوجدوه وقد وضع على رأسه قوصرة، وأخرجوه.
وكان المختار خرج يسير بالكوفة ومعه ابن كامل، فأخبروه الخبر، وأقبل حتى قتله إلى جانب أهله، ثم دعا بنار فحرّقه.
وكانت امرأته نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين.
وكان عبد الله بن جعدة بن هبيرة أكرم خلق الله على المختار لقرابته بعليّ، فكلّم عمر بن سعد عبد الله بن جعدة، وقال:
« خذ لي من هذا الرجل أمانا. » فكتب له:
« بسم الله الرحمن الرحيم» « هذا أمان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد بن أبي وقّاص. إنك آمن بأمان الله على نفسك ومالك وأهلك وأهل بيتك وولدك، لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت وأطعت ولزمت رحلك ومصرك وأهلك، ولم تحدث حدثا.
فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمد ومن غيرهم من الناس، فلا يعرض له إلّا بخير. شهد السائب بن مالك، وأحمر بن شميط، وعبد الله بن شدّاد، وعبد الله بن كامل. » وجعل المختار على نفسه عهد الله وميثاقه ليفينّ لعمر بن سعد بما أعطاه من الأمان، إلّا أن يحدث حدثا، وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيدا. » فكان أبو جعفر محمد بن عليّ الباقر يقول: « أما أمان المختار لعمر بن سعد: إلّا أن يحدث حدثا، فإنّه كان يريد: إذا دخل الخلا وأحدث. » فقال المختار ذات يوم وهو يحدّث جلساءه:
« لأقتلنّ رجلا عظيم القدمين، غائر العينين، مشرف الحاجبين، يسرّ قتله المؤمنين والملائكة المقرّبين. » فكان الهيثم بن الأسود النخعي عند المختار، فسمع هذه المقالة، فوقع في نفسه أنّ الذي يريده عمر بن سعد بن أبي وقّاص. فلما رجع إلى منزله دعا ابنه العريان، فقال:
« الق عمر بن سعد الليلة، فخبّره بكذا وكذا وقل له: خذ حذرك. » قال: فأتاه فاستخلاه، ثم حدّثه الحديث.
فقال له عمر بن سعد:
« جزى الله أباك عن الإخاء خيرا، كيف يريد هذا بي بعد الذي أعطاني من العهود والمواثيق. » ثم خرج من ليلته حتى أتى حمّامه، وأخبر مولى له بما أريد به، فقال له:
« وأيّ حدث أعظم مما صنعت، إنك تركت رحلك وأهلك، إرجع إلى رحلك، لا تجعل للرجل عليك سبيلا. » فرجع إلى منزله، وأتى المختار بخبر انطلاقه، فقال:
« كلّا، إنّ لي في عنقه سلسلة ستردّه. » فلما أصبح المختار بعث أبا عمرة وأمره أن يأتيه به. فجاء حتى دخل عليه، فقال:
« أجب. » فقام عمر، فعثر في جبّة له ويضربه أبو عمرة بسيفه فقتله، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار.
فقال المختار لابنه حفص بن عمر، وهو جالس عنده:
« أتعرف هذا الرأس؟ » فاسترجع، وقال:
« نعم، ولا خير في العيش بعده. » قال له المختار:
« صدقت، فإنّك لا تعيش بعده. ألحقوا حفصا بأبي حفص! » فقتل، فإذا رأسه مع رأس أبيه.
ثم قال المختار:
« هذا بالحسين، وهذا بعليّ بن الحسين ولا سواء. والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامل الحسين. » وبعث المختار برأسيهما إلى محمد بن الحنفيّة، وكتب إليه:
« بسم الله الرحمن الرحيم» « للمهديّ محمد بن عليّ من المختار بن أبي عبيد. سلام عليك أيها المهديّ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلّا هو. أما بعد، فإنّ الله بعثني نقمة على أعدائكم، فهم بين أسير وطريد وقتيل وشريد، فالحمد لله الذي قتل قاتليكم، ونصر مؤازريكم، وقد بعثت إليك برأس عمر بن سعد وابنه، وقد قتلنا ممن شرك في دم الحسين وأهل بيته - رضي الله عنهم - كلّ من قدرنا عليه، ولن يعجز الله من بقي ولست بمنجم عنهم حتى لا يبلغني أنّ على أديم الأرض منهم أرما، فاكتب إليّ أيها المهديّ برأيك أتّبعه وأكن عليه، والسلام عليك أيها المهديّ ورحمة الله وبركاته. » وطلب المختار كلّ من ذكر له من قتلة الحسين وشيعته، وأعدائه، فقتلهم وأحرقهم، ومن هرب ولم يقدر عليه هدم داره.
ثم إنّ المختار بلغه أنّ أهل الشام قد أقبلوا نحو العراق، فعرف أنه يبدأ به، فخشي أن يأتيه أهل الشام من المغرب، ويأتيه مصعب بن الزبير من قبل البصرة، فأخذ يدارى ابن الزبير ويكايده. وكان عبد الملك بن مروان قد بعث عبد الملك بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص إلى وادي القرى.
ذكر مكيدة للمختار على ابن الزبير لم يتم له
كتب المختار إلى ابن الزبير:
« أما بعد، فقد بلغني أنّ عبد الملك بن مروان بعث إليك جيشا، فإن أحببت أن أمدّك بمدد فعلت. » فكتب إليه عبد الله بن الزبير:
« أما بعد، فإن كنت على طاعتي فلست أكره أن تبعث الجيش إلى بلادي وتبايع لي الناس قبلك، فإذا أتتنى بيعتك صدّقتك في مقالتك، وعجّل إليّ بتسريح الجيش، ومرهم أن يسيروا إلى من بوادي القرى من جند ابن مروان، فيقاتلوهم، والسلام. » فدعا المختار شرحبيل بن ورس بن همدان، فسرّحه في ثلاثة آلاف أكثرهم الموالي، ليس فيهم من العرب إلّا سبعمائة رجل، فقال:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
« سيروا مع شرحبيل وأطيعوه. » وقال لشرحبيل:
« إذا دخلت المدينة فاكتب إليّ حتى يأتيك أمري. » وهو يريد: إذا دخلوا المدينة أن يبعث عليهم أميرا من قبله، ويأمر ابن ورس أن يمضى إلى مكة حتى يحاصر ابن الزبير، ويقاتله. فخرج يسير قبل المدينة.
وخشي ابن الزبير أن يكون المختار إنما يكيده. فبعث من مكة إلى المدينة عباس بن سهل في ألفين، وأمره أن يستنفر الأعراب، وقال له ابن الزبير:
« إن رأيت القوم في طاعتي، فاقبل منهم، وإلّا فكايدهم حتى تهلكهم. » ففعلوا:
وأقبل عباس بن سهل حتى لقي ابن ورس وقد عبّى ابن ورس أصحابه ميمنة وميسرة. فدعا وسلّم عليه، ونزل هو يمشى في الرجّالة وميمنته وميسرته على الخيول.
وجاء عباس مع أصحابه وهم متقطّعون على غير تعبئة، فيجد ابن ورس على الماء قد عبّى أصحابه تعبئة القتال، فدنا منه، فسلّم عليه، ثم قال له:
« اخل معي. » فخلا به، فقال:
« رحمك الله، ألست في طاعة ابن الزبير؟ » فقال له ابن ورس:
« بلى. » قال:
« فسر بنا إلى عدوّ الله وعدوّه الذي بوادي القرى، فإنّ ابن الزبير حدّثني أنّه إنّما أشخصكم صاحبكم إليه. » قال ابن ورس:
« ما أمرت بطاعتكم. إنما أمرت أن آتى المدينة، فإذا تركتها كاتبت صاحبي. » فقال عباس بن سهل:
« إن كنت في طاعة ابن الزبير، فقد أمرنى أن أسير بك وبأصحابك إلى عدوّنا بوادي القرى. » فقال ابن ورس:
« ما أمرت بطاعتك وما أنا بمتّبعك دون أن أدخل المدينة، ثم أكتب إلى صاحبي، فيأمرنى بأمره. » فلما رأى العباس لجاجه عرف خلافه، وكره أن يعلمه أنّه فطن له، فقال:
« فرأيك أفضل، اعمل بما بدا لك، فأمّا أنا فإني سائر إلى وادي القرى. »
ذكر مكيدة عباس بن سهل بأصحاب المختار
ثم جاء عباس بن سهل، فنزل بالماء، وبعث إلى ابن ورس بجزر كانت معه، فأهداها له مع دقيق وغنم مسلّخة، وكان ابن ورس وأصحابه قد هلكوا جوعا، وبعث عباس إلى كلّ عشرة منهم شاة، فذبحوها واشتغلوا بها، وتركوا تعبئتهم، واختلطوا على الماء.
فلما رأى عباس بن سهل أنهم قد شغلوا، جمع من أصحابه نحوا من ألف رجل من ذوي البأس والنجدة، ثم أقبل نحو فسطاط شرحبيل بن ورس، فلما رءاهم ابن ورس مقبلين إليه، نادى في أصحابه، فلم تتواف إليه مائة رجل. حتى انتهى إليه عباس وهو يقول:
« يا شرطة الله، إليّ إليّ، قاتلوا المحلّين أولياء الشيطان الرجيم، فقد غدروا، وفجروا. » قال: فو الله ما اقتتلنا إلّا شيئا ليس بشيء، حتى قتل ابن ورس في سبعين من أهل الحفاظ، ورفع ابن سهل راية الأمان لأصحاب ابن ورس، فأتوها إلّا نحوا من ثلاثمائة رجل انصرفوا مع سلمان بن حميد الهمدانيّ.
فلما وقعوا في يد عباس بن سهل أمر بهم فقتلوا إلّا نحوا من مائة رجل كره ناس ممن دفعوا إليهم قتلهم، فخلّوا سبيلهم، فرجعوا، فمات أكثرهم في الطريق.
وبلغ المختار أمرهم، فخطب الناس وقال:
« ألا، إنّ الفجّار الأشرار قتلوا الأبرار الأخيار. »
ثم كتب إلى محمد بن الحنفيّة مع صالح بن مسعود الخثعمي:
« بسم الله الرحمن الرحيم» « أما بعد، فإني كنت بعثت إليك جندا ليذلّوا لك الأعداء، وليحوزوا لك البلاد، فساروا حتى إذا أظلّوا على طيبة، لقيهم جند الملحد، فخدعوهم بالله، وغرّوهم، فلما اطمأنّوا إليهم وثبوا بهم فقتلوهم، فإن رأيت أن أبعث إلى المدينة من قبلي جندا كثيفا وتبعث إليهم من قبلك رسلا حتى يعلم أهل المدينة أنّى في طاعتك، وإنما بعثت الجند عن أمرك، فافعل، فإنّك ستجدهم أعرف بحقّكم أهل البيت، وأرأف بكم منهم بآل الزبير والملحدين، والسلام. » فكتب إليه محمد بن الحنفيّة:
« أما بعد، فإنّ كتابك لمّا بلغني قرأته وفهمته، وعرفت تعظيمك لحقّى وما تنوي به من سروري، وإنّ أحبّ الأمور إليّ ما أطيع الله فيه، فأطع الله ما استطعت في ما أعلنت وأسررت. واعلم أنّى لو أردت القتال لوجدت الناس إليّ سراعا، والأعوان لي كبيرا، ولكني أعتزلهم وأصبر حتى يحكم الله لي وهو خير الحاكمين. » فأقبل صالح بن مسعود إلى ابن الحنفيّة، فودّعه، وسلّم عليه، وهو كان حامل كتاب المختار، فأعطاه جواب الكتاب، وقال:
« قل له: فليتّق الله، وليكفف عن الدماء. » قال: فقلت له:
« أصلحك الله، أو لم تكتب إليه بهذا؟ » قال ابن الحنفيّة:
« قد أمرته بطاعة الله، وطاعة الله تجمع الخير كلّه، وتنهى عن الشرّ كلّه. » فلما قدم كتابه على المختار، أظهر للناس:
« إني قد أمرت بأمر يجمع البرّ واليسر، ويضرح الكفر والغدر. »
ذكر رأي رءاه ابن الزبير بعد حبسه محمد بن الحنفية ومن معه بزمزم
ثم إنّ عبد الله بن الزبير حبس محمد بن الحنفيّة ومن معه من أهل بيته وسبعة عشر رجلا من أهل الكوفة بزمزم كرهوا البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمّة وهربوا إلى الحرم، وتوعّدهم القتل والإحراق، وأعطى الله عهدا - إن لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعّدهم به، وضرب لهم في ذلك أجلا.
فأشار بعض من كان مع ابن الحنفيّة عليه أن يبعث إلى المختار وإلى من كان بالكوفة رسولا يعلمهم حالهم وحال من معهم وما توعّدهم به ابن الزبير، فوجّه ثلاثة نفر من الكوفة حين نام الحرس على باب زمزم، وكتب معهم إلى المختار وأهل الكوفة يعلمهم حاله وحال من معه وما توعّدهم به ابن الزبير من القتل والحرق بالنار، ويسألهم ألّا يخذلوه كما خذلوا الحسين وأهل بيته.
فقدموا على المختار، ودفعوا إليه الكتاب. فلما قرأه قال:
« هذا كتاب مهديّكم وصريخ أهل بيت نبيكم! قد حظر عليهم كما يحظر على الغنم، ينتظرون القتل والتحريق بالنار في آناء الليل وتارات النهار، ولست أبا إسحاق إن لم أنصرهم نصرا مؤزّرا. » ووجّه أبا عبد الله الجدليّ في سبعين رجلا من أهل القوة، ووجّه ظبيان بن عثمان التميمي في أربعمائة، وأبا المعتمر في مائة، وهانئ بن قيس في مائة وعمير بن طارق في أربعين، ويونس بن عمران في أربعين، وكتب إلى محمد بن عليّ بتوجيه الجنود إليه، فخرج الناس بعضهم في أثر بعض.
وجاء أبو عبد الله الجدليّ في سبعين راكبا حتى نزل ذات عرق ولحقه عقبة في أربعين، ويونس في أربعين، فتمّوا مائة وخمسين فارسا. فسار بهم حتى دخلوا مسجد الحرام ومعهم الكافر كوبات وهم ينادون:
« يا لثارات الحسين. » حتى انتهوا إلى زمزم وقد أعدّ ابن الزبير الحطب ليحرقهم وقد كان بقي من الأجل يومان.
فطردوا الحرس، وكسروا أعواد زمزم، ودخلوا على محمد بن الحنفيّة، فقالوا له:
« خلّ بيننا وبين عدوّ الله ابن الزبير! » فقال لهم:
« إني لا أستحلّ القتال في حرم الله. » فقال ابن الزبير:
« أتحسبون أنّى مخلّ سبيلهم دون أن يبايع وتبايعوا؟ » فقال أبو عبد الله الجدليّ:
« إى وربّ الركن والمقام، لتخلّينّ سبيله أو لنجالدنّك بأسيافنا جلادا يرتاب منه المبطلون. » فقال ابن الزبير:
« ما هؤلاء إلّا أكلة رأس، والله لو أذنت لأصحابي لقطفت رؤوسهم في ساعة. » فقال له قيس بن مالك: « إن رمت ذلك، رجوت أن يوصل إليك قبل أن ترى ما تحبّ. » فكفّ ابن الحنفيّة أصحابه وحذّرهم الفتنة.
ثم قدم أبو المعتمر وبقيّة الناس ومعه المال حتى دخلوا المسجد فكبّروا:
« يا لثارات الحسين. » فلما رءاهم ابن الزبير خافهم، وخرج محمد بن الحنفيّة ومن معه إلى شعب عليّ وهم يسبّون ابن الزبير، ويستأذنون محمد بن الحنفيّة فيه، ويأبى عليهم.
واجتمع في الشعب مع محمد بن عليّ أربعة آلاف رجل، فقسم بينهم ذلك المال.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
ذكر ما كان من المختار بعد وقعة السبيع بالكوفة
ثم إنّ المختار بعد أن فرغ من قتال من ذكرناهم في وقعة السبيع، ما ترك إبراهيم بن الأشتر إلّا يومين حتى أشخصه إلى الشام لحرب عبيد الله بن زياد، وأخرج معه وجوه أصحابه ممن شهد الحروب وجرّبها، وخرج المختار يشيّعه ويوصيه ومعه الكرسيّ ويليه قوم كالسدنة. وسنذكر خبر الكرسيّ إن شاء الله.
وكان موضع عسكر إبراهيم بموضع حمّام أعين، فلما أراد أن ينصرف عنه قال لابن الأشتر:
« خذ عنى ثلاثا: خف الله سرّ أمرك وعلانيته، وعجّل السير، وإذا لقيت عدوّك فناجزهم ساعة تلقاهم، وإن لقيتهم ليلا فاستطعت ألّا تصبح حتى تناجزهم فافعل، وإن لقيتهم نهارا فلا تنتظر بهم الليل. » ثم قال:
« هل حفظت ما أوصيتك به؟ » قال:
« نعم. » قال:
« صحبك الله. » ثم انصرف.
خبر الكرسي
كان طفيل بن جعدة بن هبيرة قد ضاقت يده، وكانت أمّه أمّ هانئ بنت أبي طالب أخت عليّ لأبيه وأمّه، وكان المختار يطالب آل جعدة بكرسيّ عليّ بن أبي طالب، فيقولون:
« لا والله، ما هو عندنا. » فيقول المختار:
« لا تكونوا حمقى» - ويتوعّدهم.
قال طفيل: فاحترت يوما وأنا على إضاقتى تلك، فرأيت كرسيّا عند جار لي زيّات قد ركبه الوسخ. فخطر ببالي أن لو قلت للمختار: هذا كرسيّ عليّ بن أبي طالب، لقبله. فأرسلت إلى الزيّات أن:
« ابعث إليّ بكرسيّك. » فأرسل به إليّ، فأتيت المختار، فقلت له:
« إني كنت أكتمك أمر الكرسيّ الذي كنت تلتمسه، وقد بدا لي أن أظهره، لأنّ جعدة بن هبيرة كان يجلس عليه كأنّه يرى أنّ فيه أثرة من علم. » فقال:
« سبحان الله! فأخّرت هذا إلى اليوم! ابعث به! » قال: وقد كنت تقدّمت بغسله وقد غسل، فخرج عود نضار، وقد كان تشرّب الزيت، فخرج أبيض وقد غشّى. فأمر لي المختار باثنى عشر ألفا، ثم دعا:
« الصلاة جامعة. » وخطب، فقال:
« إنه لم يكن في الأمم الخالية أمر إلّا هو كائن في هذه الأمّة مثله، فإنّه كان في بني إسرائيل التابوت، فيه بقيّة مما ترك آل موسى وال هارون تحمله الملائكة، وإنّ هذا فينا مثل التابوت، اكشفوا عنه. » فكشفوا عنه أثوابه، وقامت السبائيّة، فكبّروا ثلاثا. فلما خرج المختار مع إبراهيم بن الأشتر لوجه عبيد الله بن زياد، أخرج الكرسيّ على بغل يمسكه عن يمينه سبعة وعن يساره سبعة. فقتل أهل الشام مقتلة لم يقتلوا مثلها، فزادهم ذلك فتنة، فارتفعوا فيه حتى غلوا، وكان أول من سدنه موسى بن أبي موسى الأشعري، ثم حوشب البرشمى، فكانوا يرون أنّ المختار يتكلّم عنه بوحي، وأشباه هذا.
فأما إبراهيم بن الأشتر، فإنّه سار من يومه مسرعا لا ينثني، يريد أن يلقى عبيد الله بن زياد وأهل الشام قبل أن يدخلوا أرض العراق، فسبقهم إلى أرض الموصل، وأسرع إليه السير حتى لقيه بخازر إلى جنب قرية يقال لها: باربيثا بينها وبين الموصل خمسة فراسخ، وأخذ ابن الأشتر لما دنا من ابن زياد لا يسير إلّا على تعبئة ويسير بهم جميعا لا يفرّقهم إلّا أنّه يبعث الطفيل بن لقيط في الطلائع، وكان شجاعا بئيسا.
ثم أرسل عمير بن الحباب السلمى إلى ابن الأشتر أنّى معك وأريد لقاءك الليلة.
فأرسل إليه ابن الأشتر أن: القنى إذا شئت.
فأتاه عمير ليلا، فبايعه وأخبره أنه على ميسرة صاحبه، وواعده أن ينهزم بالناس، فقال له ابن الأشتر:
« فإني أستشيرك في أمر، فأشر عليّ. » قال:
« نعم. » قال:
« أترى أن أخندق عليّ وأتلوّم يومين أو ثلاثة؟ » قال عمير بن الحباب:
« لا تفعل، إنّا لله، وهل يريد القوم إلّا هذه، إن طاولوك وماطلوك هو خير لهم هم كثير أضعافكم، وليس يطيق القليل الكثير في المطاولة، ولكن ناجز القوم، فإنّهم قد ملئوا منكم رعبا وإنهم إن شامّوا أصحابك وقاتلوهم يوما بعد يوم ومرة بعد مرة، أنسوا بهم واجترأوا عليهم. » قال إبراهيم:
« الآن علمت أنّك لي مناصح، صدقت الرأي وما رأيت. أما إنّ صاحبي، بهذا الرأي أمرنى. » قال عمير:
« فلا تعدونّ رأيه، فإنّ الشيخ قد ضرّسته الحروب، وقاسى منها ما لم تقاس.
ناهض الرجل إذا أصبحت. » وانصرف عمير، وأذكى ابن الأشتر حرسه تلك الليلة، الليل كلّه، ولم يدخل عينه غمض حتى إذا كان في السحر الأوّل عبّى أصحابه ميمنة وميسرة، وألحق أمير الميمنة بالميمنة، وأمير الميسرة بالميسرة، وأمير الرجّالة بالرجّالة، وضمّ الخيل وعليها أخوه لأمّه عبد الرحمن بن عبد الله، فكانت وسطا من الناس، ونزل إبراهيم يمشى، وقال للناس:
« ازحفوا. » فزحف الناس معه رويدا رويدا حتى أشرف على تلّ عظيم مشرف على القوم، فجلس عليه، وإذا أولئك لم يتحرّك منهم أحد بعد فدعا ابن الأشتر بفرس له فركبه، ثم مرّ بأصحاب الرايات، فكلما مرّ على راية وقف عليها وقال:
« يا أنصار الدين وشيعة الحقّ وشرطة الله! هذا عبيد الله بن مرجانة قاتل الحسين بن عليّ ابن فاطمة بنت رسول الله، صلّى الله عليهم، حال بينه وبين بناته ونسائه وشيعته، وبين الفرات أن يشربوا منه وهم ينظرون إليه، ومنعه أن يأتى ابن عمّه فيصالحه، ومنعه أن ينصرف إلى رحله وأهله، ومنعه الذهاب في الأرض العريضة، حتى قتله وقتل أهل بيته، قد جاءكم الله به، وجاءه بكم. وو الله إني لأرجو أنه ما جمع بينكم في هذا الموطن وبينه، إلّا ليشفى صدوركم، ويسفك دمه على أيديكم. » وسار في ما بين الميمنة والميسرة، فرغّبهم في الجهاد، وحرّضهم على القتال.
ثم رجع حتى نزل تحت رايته، وزحف القوم إليه، وقد جعل ابن زياد على ميمنته الحصين بن نمير السكوني، وعلى ميسرته عمير بن الحباب وشرحبيل بن ذي الكلاع على الخيل، وهو يمشى في الرجال.
فلما تدانى الصفّان حمل الحصين بن النمير في ميمنة أهل الشام على ميسرة أهل الكوفة وعليها عليّ بن مالك الجشمي، فثبت له هو بنفسه، فقتل، ثم أخذ رايته قرّة بن عليّ، فقتل أيضا في رجال أهل الحفاظ، وانهزمت الميسرة، فأخذ الراية عبد الله بن ورقاء السلوليّ، فاستقبل المنهزمين وقال:
« يا شرطة الله، إليّ إليّ. »
فأقبل جلّهم إليه، فقال:
« هذا أميركم يقاتل. إلى أين؟ سيروا بنا إليه. » فأقبل حتى أتاه، فإذا هو كاشف عن رأسه ينادى:
« إليّ إليّ، أنا ابن الأشتر، إنّ خير فرّاركم كرّاكم، ليس مسيئا من أعتب. » فثاب إليه أصحابه. وأرسل إلى صاحب الميمنة:
« احمل على ميسرتهم. » وهو يرجو أن ينهزم لهم عمير بن الحباب كما زعم.
فحمل عليه سفيان بن يزيد بن المغفّل صاحب الميمنة، فثبت لهم عمير بن الحباب وقاتله قتالا شديدا. فلمّا رأى إبراهيم ذلك، قال لأصحابه:
« أمّوا هذا السواد الأعظم، فو الله لو قد فضضناه لا نجفل من ترون منهم يمنة ويسرة انجفال طير زعق بها فطارت. » قال ورقاء بن عازب: فمشينا إليهم حتى إذا دنونا منهم اطّعنّا بالرماح قليلا، ثم صرنا إلى السيوف والعمد فاضطربنا بها مليّا. فو الله ما سمعت من وقع الحديد على الحديد إلّا مياجن قصّارى دار الوليد بن عقبة بن أبي معيط. ثم انهزموا، فسمعت إبراهيم بن الأشتر يقول لصاحب رايته:
« انغمس برايتك فيهم. » فيقول له:
« جعلت فداءك، إنّه ليس متقدّم. » فيقول:
« بلى، فإنّ أصحابك يقاتلون، وإنّ هؤلاء يهربون. » فإذا شدّ إبراهيم بسيفه، فلا يضرب أحدا إلّا صرعه. وكرد إبراهيم بن الأشتر الرجال بين يديه كأنّهم الحملان، وإذا شدّ، شدّ أصحابه معه شدّة رجل واحد.
فلمّا انهزم أهل الشام، قال ابن الأشتر:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)