صفحة 8 من 25 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 29 إلى 32 من 100

الموضوع: تجارب أمم المجلد الرابع

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    « حرّضت علينا الناس وعبت أمرنا. »
    فقال له:
    « إنّما كانت دعوتي عباسية، وإنّما كنت أدعو إلى العمل بالكتاب والسنّة، وأنا على ما كنت عليه، أدعوكم إليه الساعة. » فقالوا: « لا نقبل ما تقول، اخرج إلى الناس وقل لهم إنّ ما كنت أدعوكم إليه باطل. » فقال: « نعم. » فأخرج إلى الناس فقال:
    « يا معشر الناس قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه من العمل بالكتاب والسنّة وأنا أدعوكم إليه الساعة. » فلمّا قال لهم هذا وجئوا في عنقه وضربوا وجهه. فقال لهم:
    « يا معشر الحربية، المغرور من غررتموه؟ » فأخذ وأدخل إلى إسحاق فقيّده، ثم أخرجوه إلى إبراهيم بن المهدي بالمدائن فحبسه مع قوم من أصحابه. وأشاعوا أنّ عيسى قتله تخوّفا من الناس أن يعلموا بمكانه فيخرجوه. وكان بين خروجه وبين أخذه اثنا عشر شهرا.
    شخوص المأمون من مرو إلى العراق

    وفي هذه السنة شخص المأمون من مرو يريد العراق.
    والسبب في ذلك أنّ عليّ بن موسى بن جعفر الرضا أخبر المأمون بما فيه الناس من الفتنة والقتال منذ قتل أخوه محمد، وبما كان الفضل بن سهل يستره عنه من أخبار الناس، وأنّ أهل بيته قد نقموا عليه أشياء، وأنّهم يقولون إنّه مسحور مجنون، وأنّهم لمّا رأوا ذلك بايعوا إبراهيم بن المهدي بالخلافة.
    فقال له المأمون:
    « إنّهم ما بايعوه بالخلافة وإنّما صيّروه أميرا يقوم بأمرهم على ما كان أخبره به الفضل. » فأعلمه أنّ الفضل قد كذبه وغشّه، وأنّ الحرب قائمة بين إبراهيم والحسن، وأنّ الناس ينقمون عليك مكانه ومكان أخيه ومكاني ومكان بيعتي من بعدك. » فقال: « ومن يعلم هذا من أهل عسكري؟ » فقال له:
    « يحيى بن معاذ وعبد العزيز بن عمران وعدّة من وجوه أهل العسكر. » فقال له:
    « أدخلهم عليّ حتى أسائلهم عمّا ذكرت. » فأدخلهم عليّ وهم هؤلاء وجماعة آخرون فيهم عليّ بن أبي سعيد وهو ابن أخت الفضل، فسألهم المأمون عمّا أخبره به عليّ بن موسى الرضا، فأبوا أن يخبروه حتى يجعل لهم الأمان من الفضل بن سهل ألّا يعرض لهم، فضمن ذلك لهم وكتب لكلّ رجل منهم كتابا بخطّه ودفعه إليهم، فأخبروه بما فيه الناس من الفتن وبيّنوا ذلك له وأخبروه بغضب أهل بيته ومواليهم وقوّاده في أشياء كثيرة، وبما موّه عليه الفضل من أمر هرثمة، وأنّ هرثمة إنّما جاء لنصحه وليبيّن له ما يعمل عليه وأنّه إن لم يتدارك أمره خرجت الخلافة من يده ومن أهل بيته، وأنّ الفضل دسّ إلى هرثمة من قتله حين أراد نصحه، وأنّ طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعته ما أبلى وافتتح له ما افتتح وقاد إليه الخلافة مزمومة، حتى إذا وطّأ له الأمر أخرج من ذلك كلّه وصيّر في زاوية من الأرض بالرقّة وقد حظرت عليه الأموال حتى ضعف أمره وشغب عليه جنده، ولو أنّه كان على خلافتك ببغداد لضبط الملك ولم يجترأ عليه بمثل ما اجترئ عليه من الحسن بن سهل، وأنّ الدنيا قد تفتّقت من أقطارها، وأنّ طاهر بن الحسين قد تنوسى في هذه السنين منذ قتل محمد، فهو بالرقّة لا يستعان به في شيء من هذه الحروب، وسألوا المأمون الخروج إلى بغداد وقالوا:
    « إنّ بنى هاشم والموالي والقوّاد لو قد رأوا عزّتك سكنوا وبخعوا بالطاعة لك. » فلمّا تحقّق ذلك عنده أمر بالرحيل إلى بغداد. فلمّا أمر بذلك علم الفضل بن سهل ببعض أمرهم فتعنّتهم حتى ضرب بعضهم بالسياط وحبس بعضا ونتف لحى بعض.
    فعاوده عليّ بن موسى في أمرهم، وأعلمه ما كان من ضمانه لهم.
    فقال له:
    « إني أدارى أمري وسأبلغ ما فيه الصلاح بمشيئة الله. »
    قتل الفضل بن سهل في الحمام بضرب السيوف

    ثم ارتحل من مرو. فلمّا أتى سرخس شدّ قوم على الفضل بن سهل وهو في الحمّام فضربوه بالسيوف حتى مات، وذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان سنة اثنتين ومائتين.
    وكان الذين قتلوه أربعة نفر من حشم المأمون: غالب بن الأسود الشّعوذى، وقسطنطين الرومي، وفرج الديلمي، وموفّق الصقلبى - وقتل الفضل وله ستّون سنة - وهربوا.
    فبعث المأمون في طلبهم وجعل لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار فجيء بهم، فساءلهم المأمون فقال بعضهم:
    « إنّ عليّ بن أبي سعيد بن أخت الفضل دسّهم. » ومنهم من أنكر.
    وقد حكى أنّ منهم من قال:
    « أنت أمرتنا بقتله. » فأمر المأمون بهم، فضربت أعناقهم.
    ثم بعث إلى عبد العزيز بن عمران وعليّ ومونس وغيرهم ممّن كانوا سعوا بالفضل إليه، فساءلهم فأنكروا أن يكونوا علموا بشيء من ذلك. فلم يقبل ذلك منهم وأمر بهم فقتلوا، وبعث برؤوسهم إلى الحسن بن سهل إلى واسط، وأعلمه ما دخل عليه من المصيبة بقتل الفضل، وأنّه قد صيّره مكانه.
    ورحل المأمون من سرخس نحو العراق وقد كان المطّلب بن عبد الله بن مالك يدعو في السرّ إلى المأمون وإلى خلع إبراهيم على أنّ منصور بن المهدي خليفة المأمون. فأجابه منصور وخزيمة وجماعة من القوّاد، وكاتب المطّلب حميدا وعليّ بن هشام أن يتقدّما فنزل حميد صرصر وعليّ النهروان، وتحقّق عند إبراهيم الخبر، فخرج من المدائن إلى نحو بغداد وطلب المطّلب وأصحابه، فامتنع المطّلب فنادى:
    « من أراد النهب فليأت دار المطّلب. » فانتهبوا داره ودور أهل بيته ولم يظفر به.
    وندم إبراهيم حيث صنع بالمطّلب ما صنع ثم لم يظفر به. وبلغ الخبر حميدا وابن هشام. فأمّا حميد فبعث من جهته من أخذ المدائن وقطع الجسر ونزلها. وأمّا عليّ بن هشام فبعث من جهته من أتى نهر ديالى وقطع الجسر.
    زواجات ثلاثة

    وفي هذه السنة تزوّج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل، وزوّج عليّ بن موسى الرضا ابنته أمّ حبيب، وزوّج محمد بن عليّ بن موسى ابنته أمّ الفضل.
    ودخلت سنة ثلاث ومائتين

    وفي هذه السنة مات عليّ بن موسى الرضا وذلك بطوس
    ذكر الخبر عن ذلك

    لمّا صار إليها المأمون أقام عند قبر أبيه أيّاما، ثم إنّ عليّ بن موسى - على ما حكى - أكل عنبا فأكثر منه فمات فجأة، فأمر به المأمون فدفن عند قبر الرشيد.
    وكتب إلى الحسن بن سهل بذلك وإلى وجوه بنى العبّاس والموالي ويعرّفهم أنّهم إنّما نقموا بيعته له من بعده ويسألهم الدخول في طاعته. ورحل المأمون إلى بغداد، فلمّا صار إلى الريّ أسقط من وظيفتها ألفي ألف درهم.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    غلبة السوداء على الحسن بن سهل

    وفي هذه السنة غلبت السوداء على الحسن بن سهل حتى شدّ في الحديد وحبس. وكتب بذلك قوّاد الحسن إلى المأمون فأتاهم الجواب: أن يكون على عسكره دينار بن عبد الله ويعلمهم أنّه قادم على إثر كتابه.
    ضرب إبراهيم بن المهدي عيسى بن محمد

    وفي هذه السنة ضرب إبراهيم بن المهدي، عيسى بن محمد بن أبي خالد وحبسه.
    ذكر السبب في ذلك

    كان عيسى بن محمد يكاتب حميدا والحسن ويظهر لإبراهيم طاعة ونصيحة، وكلّما قال له إبراهيم: تهيّأ لقتال حميد، تعلّل عليه بأرزاق الجند وأشباه ذلك، حتى واقف الحسن وحميدا على أن يسلّم إبراهيم إليهم يوم الجمعة انسلاخ شوّال. وسعى بعيسى بعض أهله إلى إبراهيم وكان عيسى سأل إبراهيم أن يصلّى الجمعة بالمدينة فأجابه إلى ذلك، فلمّا تكلّم عيسى بما بلغه وسعى إليه حذر وبعث إلى عيسى يسأله أن يصير إليه ليناظره في بعض أموره. فلمّا صار إليه عاتبه ساعة فأخذ عيسى ينكر بعض ما يقول.
    فلمّا واقفه على أشياء وعلامات أمر به فضرب وحبسه، وأخذ أمّ ولد له وصبيانا صغارا فحبسهم، وطلب خليفة له يقال له العبّاس فاختفى.
    فلمّا عرف أهل بيت عيسى وإخوته وأصحابه خبره مشى بعضهم إلى بعض وحرّضوا الناس على إبراهيم فاجتمعوا، وكان رأسهم العبّاس خليفته، فشدّوا على عامل إبراهيم على الجسر فطردوه وقطعوا الجسر وطردوا كلّ عامل لإبراهيم في الكرخ وغيره في الجانب الغربي.
    وكتب العبّاس إلى حميد يسأله أن يقدم عليهم حتى يسلّموا إليه بغداد.
    فجاء حميد حتى نزل نهر صرصر طريق الكوفة وخرج إليه قوّاد أهل بغداد، فوعدهم ومنّاهم فقبلوا ذلك منه، ووعدهم أن يضع لهم العطاء في الياسرية على أن يصلّوا يوم الجمعة فيدعوا للمأمون، ويخلعوا إبراهيم.
    فأجابوه إلى ذلك.
    فبلغ ذلك إبراهيم فأخرج عيسى من الحبس وسأله أن يكفيه أمر هذا الجانب وأخذ منه كفلاء، فعبر إليهم عيسى واخوته مع قوّاد الجانب الشرقي وعرض عليهم العطاء، فشتموه وقالوا:
    « لا نرضى إبراهيم. »
    احتيال من عيسى

    ثم تكاثر الناس على عيسى، فانصرف بأصحابه نحو باب خراسان، ثم رجع عيسى كأنّه يريد قتالهم واحتال حتى صار في أيديهم شبه الأسير، فأخذه بعض قوّاده فأتى به منزله، ورجع الباقون إلى إبراهيم فأخبروه، فاغتمّ وقلق، وقد كان المطّلب مستترا فظهر ليلحق بحميد فغمز به فأخذ وحمل إلى إبراهيم فحبسه. ثم عرف إبراهيم انخراق الأمر فأطلقه وأطلق سهل بن سلامة وكان عند الناس أنّه مقتول. فلمّا دخل حميد بغداد أخرجه إبراهيم.
    وكان يدعو في مسجد الرصافة كما كان يدعو. فإذا كان الليل ردّه إلى حبسه. فلمّا كان بعد أيّام خلّى سبيله فذهب واستتر.
    وكثر العيث ببغداد وظهر الشطّار والعيّارون، واختفى الفضل بن الربيع، وأخذ القوّاد وبنو هاشم يلحقون بحميد واحدا واحدا، فسقط في يد إبراهيم وشقّ عليه مداواة أمره.
    ذكر الخبر عن هرب إبراهيم بن المهدي واستتاره

    وأخذ إبراهيم يدارى أصحابه يوم الثلاثاء لاثنتي عشر ليلة بقيت من ذي الحجّة سنة ثلاث ومائتين. فلمّا جنّ به الليل هرب واستتر، وبعث المطّلب إلى حميد:
    « إني قد أحدقت بدار إبراهيم. » وكتب إلى عليّ بن هشام بمثل ذلك. فأقبلوا إلى دار إبراهيم فطلبوه فيها فلم يجدوه. ولم يزل إبراهيم متواريا حتى قدم المأمون، وكان من أمره ما كان.
    وكانت أيّام إبراهيم كلّها سنة وأحد عشر شهرا واثنى عشر يوما.
    وغلب عليّ بن هشام على شرقيّ بغداد وحميد بن عبد الحميد على غربيّها.
    ودخلت سنة أربع ومائتين

    قدوم المأمون العراق والرجوع إلى لبس السواد

    وفيها قدم المأمون العراق وانقطعت مادّة الفتن ببغداد.
    ذكر الخبر عن ذلك

    لمّا صار المأمون إلى النهروان أقام ثمانية أيّام، وخرج إليه أهل بيته وقوّاده ووجوه الناس، وكان كتب إلى طاهر وهو بالرقّة أن يوافيه إلى النهروان، فوافاه بها ثم. دخل مدينة السلام ولباسه ولباس أصحابه: أقبيتهم وقلانسهم وطرزهم وأعلامهم كلّها، الخضرة وطاهر معه، فلم يكن يدخل إليه أحد من القوّاد والناس كافّة إلّا في ثياب خضر مدّة، ثم تكلّم في ذلك بنو العبّاس خاصّة وخاطبوا طاهر بن الحسين وكاتبه أيضا قوّاد خراسان. وكان المأمون أمر طاهر أن يسأله حوائجه. فكان أوّل حاجة سأله أن يرجع إلى لبس السواد وزيّ دولة الآباء.
    فلمّا رأى المأمون طاعة الناس له في لبس الخضرة مع كراهتهم لها جمع الناس. ثم دعا بسواد فلبسه، ودعا بخلعة سواد فألبسها طاهرا. ثم دعا لقوّاده بخلع السواد، وطرح الناس الخضرة.
    ودخلت سنة خمس ومائتين

    ولاية طاهر بن الحسين

    وفيها ولّى المأمون طاهر بن الحسين من مدينة السلام إلى أقصى عمل المشرق.
    ذكر السبب في ذلك


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    كان المأمون ولّاه الحربة والشّرط وجانبي بغداد ومعاون السواد. فاتفق أنّ محمد بن أبي العباس ناظر عليّ بن الهيثم بين يدي المأمون في التشيّع ودار الكلام بينهما إلى أن قال محمد لعليّ: « يا نبطيّ، ما أنت والكلام؟ » وكان المأمون متّكئا، فجلس وقال: « الشتم عيّ والبذاء لؤم. وقد أبحنا الكلام، فمن قال الحقّ حمدناه ومن جهل وقفناه. فاجعلا بينكما أصلا ترجعان إليه. » فعادا إلى المناظرة وعاد محمد لعليّ بالسفه. فقال عليّ:
    « لو لا جلالة مجلسه وما وهب الله من رأفته وما نهى عنه آنفا، لعرّقت جبينك. وكفاك من جهلك غسلك المنبر بالمدينة. » فجلس المأمون وكان متّكئا فقال:
    « وما غسلك المنبر، ألتقصير مني في أمرك أم لتقصير المنصور في أمر أبيك؟ لو لا أنّ الخليفة إذا وهب استحى أن يرجع فيه لكان أقرب شيء بيني وبينك إلى الأرض رأسك. قم، وإيّاك ما عدت. » فخرج محمد بن أبي العبّاس ومضى إلى طاهر وهو زوج أخته، فقال له:
    « كان من قصّتى كيت وكيت. » وكان يحجب المأمون على الشراب فتح الخادم وحسين يسقيه. فركب طاهر إلى الدار ودخل فتح يستأذن له، فقال المأمون:
    « إنّه ليس من أوقاته ولكن ائذن له. » فدخل طاهر فسلّم، فردّ وقال:
    « اسقوه رطلا. » فأخذه في يده اليمنى وقال له:
    « اجلس. » فجلس وشربه، ثم شرب المأمون وقال:
    « اسقوه الثاني. »
    ففعل كفعله الأوّل، ثم نهض. فقال له المأمون:
    « اجلس. » فقال: « يا أمير المؤمنين ليس لصاحب الشرط أن يجلس بين يدي سيّده. » قال المأمون:
    « ذاك في مجلس العامة، فأمّا في مجلس الخاصّة فطلق. » قال: وبكى المأمون وتغرغرت عيناه، فقال له طاهر:
    « يا أمير المؤمنين لا تبك عيناك. فو الله لقد دانت لك البلاد وأذعن لك العباد وصرت إلى المحبّة في كلّ أمرك. » فقال: « أبكى لأمر ذكره ذلّ وستره حزن، ولن يخلو أحد من شجن.
    فتكلّم بحاجتك التي جئت لها. » قال: « يا أمير المؤمنين، محمد بن أبي العبّاس أخطأ، فأقله عثرته وارض عنه. » قال: « قد رضيت عنه وأمرت بصلته، ورددت عليه منزلته. ولو لا أنّه ليس من أهل الأنس لأحضرته. » قال: وانصرف طاهر ثم دعا طاهر بهارون بن جبعويه فقال:
    « إنّ أهل خراسان يتعصّب بعضهم لبعض وإنّ لي إليك حاجة. خذ معك ثلاثمائة ألف درهم فأعط الحسين الخادم مائتي ألف درهم وأعط كاتبه محمد بن هارون مائة ألف، وسله أن يسأل المأمون: لم بكى؟ » قال: ففعل ذلك. فلمّا تغدّى المأمون قال:
    « يا حسين اسقني. »
    قال: « لا والله لا سقيتك، أو تقول لي لم بكيت حين دخل عليك طاهر. » قال: « يا حسين وكيف عنيت بهذا حتى سألتنى عنه؟ » قال: « لغمّى بذلك. » قال: « يا حسين، أمر إن خرج من رأسك قتلتك. » قال: « يا سيّدي ومتى أخرجت لك سرّا؟ » قال: « إني ذكرت محمدا أخي وما ناله من الذّلة، فخنقتني العبرة، فاسترحت إلى الإفاضة، ولن يفوت طاهرا مني ما يكره. » فأخبر حسين طاهرا بذلك. فركب طاهر إلى أحمد بن أبي خالد فقال له:
    « إنّ الثناء مني ليس برخيص، وإنّ المعروف عندي ليس بضائع، فغيّبنى عن عينه. » فقال له:
    « سأفعل، فبكّر عليّ غدا. » وركب ابن أبي خالد إلى المأمون، فلمّا دخل إليه قال له:
    « ما بتّ البارحة. » فقال له:
    « ولم ويحك؟ » قال: « لأنّك ولّيت خراسان غسّان وهو ومن معه أكلة رأس، وأخاف أن تخرج عليه خارجة من الترك فتصطلمه. » قال: « لقد فكّرت في ذلك، فمن ترى؟ » قال: « طاهر بن الحسين. » قال: « ويلك يا أحمد، هو والله خالع. »
    قال: « أنا الضامن له. » قال: « فأنفذه. » قال: فدعا طاهرا من ساعته فعقد له وشخص من ساعته. فنزل في بستان جليل يحمل إليه في كلّ يوم ما أقام فيه مائة ألف. فأقام شهرا ثم شخص إلى خراسان.
    وكان طاهر استخلف ابنه بالرقّة على قتال نصر بن شبث.
    ذكر نادرة لكاتب صارت سببا لصلاح حاله وحال الكتاب ببغداد

    تحدّث محمد بن خالد بن رودى المدائني الكاتب قال:
    كان مخلد يلقّب بلبد لطول عمره فحدّثني أنّ المأمون أوّل ما قدم العراق حظر أن يقلّد الأعمال إلّا الشيعة الذين قدموا معه من خراسان. فطالت عطلة كتّاب السواد وعمّاله وكانوا يحضرون داره في كلّ يوم حتى ساءت حال أكثرهم. فخرج يوما بعض مشايخ الشيعة وكان مغفّلا، فتأمّل وجوههم فلم ير فيهم أسنّ من مخلد، فجلس إليه ثم قال له:
    « إنّ أمير المؤمنين قد أمرنى أن أتخيّر ناحية من نواحي الخراج صالحة المرفق ليوقّع بتقليدى إيّاه، فاختر لي أنت ناحية. »
    فقال: « إني لا أعرف لك عملا أولى من مرتدات البحر وصدقات الوحش وخراج وبار. » فقال: « اكتبه لي بخطّك. » فكتب ذلك له بخطّه، فذهب الشيعي حتى عرض الرقعة على المأمون وسأله تقليده ذلك العمل. فقال له:
    « من كتب لك هذه الرقعة؟ » قال: « شيخ من الكتّاب يحضر الدار كلّ يوم. » قال: « هلمّه. » فلمّا أدخل، قال له المأمون:
    « ما هذا يا جاهل، قد بلغ بك الفراغ إلى مثل هذا؟ » فقال: « يا أمير المؤمنين أصحابنا هؤلاء ثقات يصلحون لحفظ ما تحصّل استخراجه وصار في أيديهم. فأمّا شروط الخراج، حكمه، وما يجب تعجيل استخراجه، وما يجب تأخيره، وما يجب إطلاقه، وما يجب منعه، وما يجب إنفاقه، وما يجب الاحتساب، به فلا يعرفونه، وتقليدهم يعود بذهاب الارتفاع، فإن كنت يا أمير المؤمنين لا تثق بنا فمر بأن يضمّ إلى كلّ رجل منهم رجل منّا، فيكون الشيعي يحفظ الأموال ونحن نجمعه. » فاستصاب المأمون كلامه، وأمر بتقليد عمّال السواد وكتّابهم، وأن يضمّ إلى كلّ واحد منهم واحد من الشيعة. وضمّ مخلد إلى ذلك الشيخ، فقلّده ناحية جليلة.
    وفيها ولّى المأمون عيسى بن محمد بن أبي خالد أرمينية وأذربيجان لمحاربة بابك.
    ودخلت سنة ست ومائتين

    وفيها ولّى المأمون عبد الله بن طاهر الجزيرة إلى مصر
    ذكر السبب في ذلك

    كان يحيى بن معاذ بالجزيرة فمات في هذه السنة، فدعا المأمون عبد الله بن طاهر فقال:
    « يا عبد الله، إني أستخير الله عز وجل منذ شهر وأرجو أن يخير الله لي.
    إنّ الرجل يصف ابنه ليطريه لرأيه فيه، وليرفعه، وقد رأيتك فوق ما وصفك أبوك. وقد مات يحيى بن معاذ واستخلف ابنه وليس بشيء. وقد رأيت توليتك مصر ومحاربة نصر بن شبث. » فقال: « السمع والطاعة لأمير


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    المؤمنين، وأرجو أن يجعل الله لأمير المؤمنين الخير وللمسلمين. » فعقد له وأمر أن يقطع حبال القصّارين عن طريقه، وتنحّى عن الطرقات المظالّ لئلّا يكون في طريقه ما يردّ لواءه، ثم عقد له لواء مكتوب عليه بصفرة ما يكتب على الألوية. وزاد فيه: « المأمون يا منصور. » فركب إليه الناس وركب إليه الفضل بن الربيع فأكرمه عبد الله وقال له: « قد تقدّم أبي وأخوك إليّ ألّا أقطع أمرا دونك. وأحتاج أن أستطلع رأيك واستضئ بمشورتك. » فأقام عنده إلى الليل وسأله المبيت فأبى واعتذر. فمشى معه عبد الله إلى صحن داره وودّعه.
    وفي هذه السنة ولّى عبد الله بن طاهر إسحاق بن إبراهيم أمر الجسر وجعله خليفته على ما كان أبوه طاهر استخلفه فيه من الشرط وأعمال بغداد وشخص هو إلى الرقّة لحرب نصر بن شبث.
    ودخلت سنة سبع ومائتين

    وفاة ذي اليمينين

    وفيها كانت وفاة ذي اليمينين طاهر من حمّى وحرارة أصابته. وذكر أنّه وجد في فراشه ميتا. فحكى خواصّه وعمّه عليّ بن مصعب أنّهم صاروا إليه يعودونه، فسألوا الخادم عن خبره وكان يغلّس بصلاة الصبح، فقال الخادم:
    « هو نائم لم ينتبه. » فانتظروه ساعة، فلمّا تأخّر قالوا للخادم:
    « أيقظه. » قال:
    « لا أجسر. » فقالوا له:
    « طرّق لنا لندخل إليه. » فدخلوا فوجدوه ملتفّا في دوّاج قد أدخله تحته وشدّه عليه من عند رأسه ورجليه، فحرّكوه فلم يتحرّك، فكشفوا عن وجهه فوجدوه قد مات، ولم يعلم أحد الوقت الذي توفّى فيه.
    وذكر أبو سعده كلثوم بن ثابت قال: كنت على بريد خراسان ومجلسي يوم الجمعة في أصل المنبر، فلمّا كانت سنة سبع ومائتين بعد ولاية طاهر بن الحسين بسنتين حضرت الجمعة، فصعد طاهر المنبر فخطب، فلمّا بلغ إلى ذكر الخليفة أمسك عن الدعاء له وقال:
    « اللهم أصلح أمّة محمد بما أصلحت به أولياءك واكفها مؤونة من بغى لها السوء وأرادها بمكروه بلمّ الشعث وحقن الدماء وإصلاح ذات البين. » قال: فقلت في نفسي: أنا أوّل مقتول لأنّى لا أكتم الخبر. فانصرفت واغتسلت ووصّيت وائتزرت بإزار ولبست قميصا وارتديت رداء وطرحت السواد وكتبت إلى المأمون.
    قال: فلمّا صلّى العصر دعاني، وحدث حادث في جفن عينه وفي ماقه فسقط ميتا. فخرج طلحة بن طاهر فقال:
    « ردّوه ردّوه ».
    وقد خرجت فردّونى وقال:
    « هل كتبت بما كان؟ » قلت: « نعم. » قال: « فاكتب بوفاته. » فأعطاني مالا وثيابا. فكتبت بوفاته وقد قام طلحة بالجيش.
    قال: فوردت الخريطة على المأمون بخلعه. فدعا ابن أبي خالد فقال:
    « اشخص الآن فأت به كما زعمت وضمنت. » قال: « أبيت ليلتي؟ » قال: « لا لعمري ولا تبيت إلّا على الظهر. » فلم يزل يناشده حتى أذن له في المبيت، ووافت الخريطة بموته ليلا، فأمر بمكاتبة طلحة وأقامه مقامه فبقى طلحة واليا على خراسان في أيّام المأمون سبع سنين بعد موت طاهر ثم توفّى وولّى عبد الله خراسان.
    وذكر بعض خواصّ المأمون قال: شهدت مجلسا للمأمون وقد أتاه نعى طاهر فقال:
    « لليدين وللفم. الحمد لله الذي قدّمه وأخّرنا. » ثم وجّه المأمون أحمد بن أبي خالد إلى خراسان للقيام بأمر طلحة، فشخص أحمد إلى ما وراء النهر فافتتح أسروشنة، وأسر كاووس وابنه وبعث بهما إلى المأمون، ووهب طلحة لأحمد ثلاثة آلاف ألف درهم وعروضا بألفي درهم ووهب لإبراهيم بن العبّاس كاتب أحمد خمسمائة ألف درهم.
    ودخلت سنة ثمان ومائتين

    ولم يحدث فيها حدث ينسخ في هذا الكتاب.
    ودخلت سنة تسع ومائتين

    وفيها حصر عبد الله بن طاهر نصر بن شبث وضيّق عليه حتى طلب الأمان.
    ويقال: إنّ ثمامة حكى أنّ المأمون سأله أن يحمل إليه رجلا له عقل وبيان يحمّله رسالة إلى نصر بن شبث. قال: فحملت إليه رجلا من بنى عامر يقال له جعفر بن محمد فقال: أحضرنى المأمون بين يديه فكلّمنى بكلام كثير، ثم أمرنى أن أبلغه نصرا. قال: فأتيت نصرا وهو بسروج بموضع يقال له كفرغزون فأبلغته رسالته فأذعن وشرط شروطا منها أن لا يطأ له بساطا. قال: فأتيت المأمون فأخبرته فقال:
    « لا أجيبه إلى هذا أبدا ولو أفضيت إلى بيع ما عليّ حتى يطأ بساطي وما باله ينفر مني. » قال: قلت:
    « لجرمه وما تقدّم منه. » قال: « أتراه أعظم جرما عندي من الفضل بن الربيع ومن عيسى بن أبي خالد أتدرى ما صنع بي الفضل؟ أخذ قوّادى وأموالى وجنودي وسلاحي وجميع مالي ممّا أوصى به لي أبي فذهب به إلى

  • صفحة 8 من 25 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    2. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    3. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    4. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    5. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1