صفحة 9 من 19 الأولىالأولى ... 7891011 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 33 إلى 36 من 73

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر الخبر عن دخول شبيب الكوفة مرة ثانية

    وفي هذه السنة دخل شبيب الكوفة دخلته الثانية.
    ذكر الخبر عن ذلك وما كان من حربه بها الحجاج
    قال هشام: حدثني أبو مخنف، عن موسى بن سوار، قال: قدم سبرة بن عبد الرحمن بن مخنف من الدسكرة الكوفة بعدما قدم جيش الشام الكوفة، وكان مطرف بن المغيرة كتب إلى الحجاج: إن شبيبًا قد أطل علي، فابعث إلى المدائن بعثًا. فبعث إليه سيرة بن عبد الرحمن ابن مخنف في مائتي فارس، فلما خرج مطرف يريد الجبل خرج بأصحابه معه وقد أعلمهم ما يريد، وكتم ذلك سبرة، فلما انتهى إلى دسكرة الملك دعا سبرة فأعلمه ما يريدن ودعا إلى أمره، فقال له: نعم أنا معك، فلما خرج من عنده بعث إلى أصحابه فجمعهم، وأقبل بهم فصادف عتاب ابن ورقاء قد قتل وشبيبًا قد مضى إلى الكوفة، فأقبل حتى انتهى إلى قرية يقال لها بيطرى، وقد نزل شبيب حمام عمر، فخرج سبرة حتى يعبر الفرات في معبر قرية شاهي، ثم أخذ الظهر حتى قدم على الحجاج، فوجد أهل الكوفة مسخوطًا عليهم، فدخل على سفيان بن الأبرد، فقص قصته عليه وأخبره بطاعته وفراقه مطرفًا، وانه لم يشهد عتابًا ولم يشهد هزيمة في مواطن أهل الكوفة، ولم أزل للأمير عاملًا، ومعي مائتا رجل لم يشهدوا معي هزيمة قط، وهم على طاعتهم ولم يدخلوا في فتنة. فدخل سفيان إلى الحجاج فخبره بخبر ما قص عليه سبرة بن عبد الرحمن، فقال: صدق وبر! قل له: فليشهد معنا لقاء عدونا، فخرج إليه فأعلمه ذلك. وأقبل شبيب حتى نزل موضع حمام أعين، ودعا الحجاج الحارث بن معاوية بن أبي زرعة بن مسعود الثقفي فوجهه في ناس من الشرط لم يكونوا شهدوا يوم عتاب، ورجال كانوا عمالًا في نحو من مائتي رجل من أهل الشام، فخرج في نحو من ألف، فنزل زرارة، وبلغ ذلك شبيبًا، فتعجل إليه في أصحابه، فلما أنتهى إليه حمل عليه فقتله، وهزم أصحابه، وجاءت المنهزمة فدخلوا الكوفة. وجاء شبيب حتى قطع الجسر، وعسكر دونه إلى الكوفة، وأقام شبيب في عسكره ثلاثة أيام؛ فلم يكن في أول يوم إلا قتل الحارث بن معاوية، فلما كان في اليوم الثاني أخرج الحجاج مواليه وغلمانه عليهم السلاح، فأخذوا بأفواه السكك مما يلي الكوفة، وخرج أهل الكوفة فأخذوا بأفواه سككهم، وخشوا إن لم يخرجوا موجدة الحجاج وعبد الملك بن مروان. وجاء شبيب حتى ابتنى مسجدًا في أقصى السبخة مما يلي موقف أصحاب القت عند الإيوان، وهو قائم حتى الساعة، فلما كان اليوم الثالث أخرج الحجاج ابا الورد مولىً له عليه تجفاف، وأخرج مجففة كثيرة وغلماناُ له، وقالوا له: هذا الحجاج، فحمل عليه شبيب فقتله، وقال: إن كان هذا الحجاج فقد أرحمتكم منه. ثم إن الحجاج أخرج له غلامه طهمان في مثل تلك العدة على مثل تلك الهيئة، فحمل عليه شبيب فقتله، وقال إن كان هذا الحجاج فقد أرحمتكم منه. ثم إن الحجاج خرج ارتفاع النهار من القصر فقال: ائتوني ببغل أركبه ما بينى وبين السبخة، فأتى ببغل محجل، فقيل له: إن الأعاجم أصلحك الله تطير أن تركب في مثل هذا اليوم مثل هذا البغل، فقال: أدنوه منى، فإن اليوم يوم أغر محجل؛ فركبه ثم خرج في أهل الشام حتى أخذ في سكة البريد، ثم خرج في أعلى السبخة، فلما نظر الحجاج إلى شبيب وأصحابه نزل، وكان شبيب في ستمائة فارس، فلما رأى الحجاج قد خرج إليه أقبل بأصحابه، وجاء سبرة بن عبد الرحمن إلى الحجاج فقال: أين يأمرني الأمير أن أقف؟ فقال: قف على أفواه السكك، فإن جاءوكم فكان فيكم قتال فقاتلوا، فانطلق حتى وقف في جماعة الناس، ودعا الحجاج بكرسي له فقعد عليه، ثم نادى: يا أهل الشام، أنتم أهل السمع والطاعة والصبر واليقين، لا يغلبن باطل هؤلاء الأرجاس حقكم، غضوا الأبصار، واجثوا على الركب، واستقبلوا القوم بأطراف الأسنة، فجثوا على الركب، وأشرعوا الرماح، وكأنهم حرة سوداء. وأقبل إليهم شبيب حتى إذا دنى منهم عبى أصحابه ثلاثة كراديس، كتيبة معه، وكتيبة مع سويد بن سليم، وكتيية مع المحلل بن وائل، فقال لسويد. احمل عليهم في خيلكن فحمل عليهم، فثبتوا له، حتى إذا غشي أطراف الأسنة وثبوا في وجهه ووجوه أصحابه، فطعنوهم قدمًا حتى انصرف، وصاح الحجاج: يا أهل السمع والطاعة، هكذا فافعلوا. قدم كرسي يا غلام، وأمر شبيب المحلل. فحمل عليهم، ففعلوا به مثل ما فعلوا بسويد، فناداهم الحجاج: يا أهل السمع والطاعة؛ هكذا فافعلوا، قدم كرسي يا غلام. ثم إن شبيبًا حمل عليهم في كتيبته فثبتوا له، حتى إذا غشى أطراف الرماح وثبوا في وجهه، فقاتلهم طويلًا. ثم إن أهل الشام طعنوه قدمًا حتى ألحقوه بأصحابه، فلما رأى صبرهم نادى: يا سويد، احمل في خيلك على أهل هذه السكة - يعني سكة لحام جرير - لعلك تزيل أهلها عنها، فتأتي الحجاج من ورائه، ونحمل نحن عليه من أمامه. فانفرد سويد بن سليم فحمل على أهل تلك السكة؛ فرمى من فوق البيوت رأفواه السكك، فانصرف، وقد كان الحجاج جعل عروة بن المغيرة بن شعبة في نحو من ثلثمائة رجل من أهل الشام ردءًا له ولأصحابه لئلا يؤتوا من ورائه. قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط: إن شبيبًا قال لنا يومئذ: يا أهل الإسلام إنما شرينا الله. ومن شرى الله لم يكبر عليه ما أصابه من أذى والألم في جنب الله. الصبر الصبر، شدة كشداتكم في مواطنكم الكريمة. ثم جمع أصحابه، فلما ظن الحجاج أنه حامل عليهم قال لأصحابه:
    يا أهل السمع والطاعة، اصبروا لهذه الشدة الواحدة. ثم ورب السماء ما شيء دون الفتح. فجثوا على الركب. وحمل عليهم شبيب بجميع أصحابه. فلما غشيهم نادى الحجاج بجماعة الناس. فوثبوا في وجه، فما زالوا يطعنون ويضربون قدمًا ويدفعون شبيبًا وأصابه وهو يقاتلهم حتى بلغوا موضع بستان زائدة. فلما بلغ ذلك المكان نادى شبيب أصحابه: يا أولياء الله، الأرض الأرض. ثم نزل وأمر أصحابه فنزل نصفهم وترك نصفهم مع سويد بن سليم، وجاء الحجاج حتى انتهى إلى مسجد شبث، ثم قال: يا أهل الشام، يا أهل السمع والطاعة، هذا أول الفتح والذي نفس الحجاج بيده! وصعد المسجد معه نحو من عشرين رجلًا معهم النبل، فقال: إن دنوا منا فارشقوهم، فاقتتلوا عامة النهار من أشد قتال في الأرض، حتى أقر كل واحد من الفريقين لصاحبه. ثم إن خالد بن عتاب قال للحجاج: إئذن لي في قتالهم فإني موتور، وأنا ممن لا يتهم في نصيحة، قال: فإني قد أذنت لك، قال: فإني آتيهم من ورائهم حتى أغير على عسكرهم، فقال له: افعل ما بدا لك، قال: فخرج معه بعصابة من أهل الكوفة حتى دخل عسكرهم من ورائهم، فقتل مصادًا أخا شبيب، وقتل غزالة امرأته، قتلها فروة بن الدفان الكلبي، وحرق في عسكره، وأتى ذلك الخبر الحجاج وشبيبًا، فأما الحجاج وأصحابه فكبروا تكبيرة واحدة، وأما شبيب فوثب هو وكل راجل معه على خيولهم، وقال الحجاج لأهل الشام: شدوا عليهم فإنه قد أتاهم ما أرعب قلوبهم. فشدوا عليهم فهزموهم، وتخلف شبيب في حامية الناس. قال هشام: فحدثني أصغر الخارجي، قال: حدثني من كان مع شبيب قال: لما انهزم الناس فخرج من الجسر تبعه خيل الحجاج، قال: فجعل يخفق برأسه، فقلت: يا أمير المؤمنين، التفت فانظر من خلفك؛ قال: فالتفت غير مكترث، ثم أكب يخفق برأسه؛ قال: ودنوا منا؛ فقلنا يا أمير المؤمنين، قد دنوا منك، قال: فالتفت والله غير مكترث، ثم جعل يخفق برأسه. قال: فبعث الحجاج إلى خيله أن دعوه في حرق الله وناره، فتركوه ورجعوا. قال هشام: قال أبو مخنف: حدثني أبو عمرو العذرى، قال: قطع شبيب الجسر حين عبر. قال: وقال لي فروة: كنت معه حين انهزمنا فما حرك الجسر، ولا اتبعونا حتى قطعنا الجسر. ودخل الحجاج الكوفة، ثم صعد المنبر فحمد الله، ثم قال: والله ما قوتل شبيب قبلها، ولى والله هاربًا، وترك امرأته يكسر في أستها القصب. وقد قيل في قتال الحجاج شبيبًا بالكوفة ما ذكره عمر بن شبة قال: حدثني عبد الله بن المغيرة بن عطية، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا مزاحم بن زفر بن جساس التيمي، قال: لما فض شبيب كتائب الحجاج أذن لنا فدخلنا عليه في مجلسه الذي يبيت فيه وهو على سرير عليه لحاف، فقال: إني دعوتكم لأمر فيه أمان ونظر، فأشير علي؛ إن هذا الرجل قد تبحبح بحبوحتكم، ودخل حريمكم، وقتل مقاتلتكم، فأشيروا على؛ فأطرقوا. وفصل رجل من الصف بكرسيه فقال: إن أذن لي الأمير تكلمت، فقال: تكلم، فقال: إن الأمير والله ما راقب الله، ولا حفظ أمير المؤمنين. ولا نصح للرعية. ثم جلس بكرسيه في الصف. قال: وإذا هو قتيبة، قال: فغضب الحجاج وألقى اللحاف، ودلى قدميه من السرير كأني أنظر إليهما؛ فقال: من المتكلم؟ قال: فخرج قتيبة بكرسيه من الصف فأعاد الكلام، قال: فما الرأي؟ قال: أن تخرج إليه فتحاكمه؛ قال: فارتد لي معسكرًا ثم اغد إلى، قال: فخرجنا نلعن عنسبة بن سعيد، وكان كلم الحجاج في قتيبة، فجعله من أصحابه، فلما أصيحنا وقد أوصينا جميعًا. غدونا في السلاح، فصلى الحجاج الصبح ثم دخل، فجعل رسوله يخرج ساعة بعد ساعة فيقول: أجاء بعد؟ أجاء بعد؟ ولا ندري من يريد! وقد أفعمت المقصورة بالناس، فخرج الرسول فقال: أجاء بعد؟ وإذا قتيبة يمشي في المسجد عليه قباء هروى أصفر، وعمامة خز أحمر، متقلدًا سيفًا عريضًا قصير الحمائل كأنه في إبطه، قد أدخل بركة قبائه في منطقته، والدرع يصفق ساقيه وفتح له الباب فدخل ولم يحجب، فلبث طويلًا ثم خرج، وأخرج معه لواءً منشورًا. فصلى الحجاج ركعتين، ثم قام فتكلم، وأخرج اللواء من باب الفيل. وخرج الحجاج يتبعه، فإذا بالباب بغلة شقراء غراء محجلة فركبها، وعارضه الوصفاء بالدواب، فأبى غيرها. وركب الناس. وركب قتيبة فرسًا أغر محجلا كوميتًا كأنه في سرجه رمانة من عظم السرج، فأخذ في طريق دار السقاية حتى خرج إلى السبخة وبها عسكر شبيب، وذلك يوم الأربعاء، فتواقفوا، ثم غدوا يوم الخميس للقتال، ثم غادوهم يوم الجمعة. فلما كان وقت الصلاة انهزمت الخوارج. قال أبو زيد: حدثني خلاد بن يزيد، قال: حدثنا الحجاج بن قتيبة، قال: جاء شبيب وقد بعث إليه الحجاج أميرًا فقتله، ثم آخر فقتله. أحدهما أعين صاحب حمام أعين، قال: فجاء حتى دخل الكوفة ومعه غزالة، وقد كانت نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين تقرأ فيهما البقرة وآل عمران. قال: ففعلت. قال: واتخذ شبيب في عسكره أخصاصًا، فقام الحجاج فقال: لا أراكم تناصحون في قتال هؤلاء القوم يا أهل العراق! وأنا كاتب إلى أمير المؤمنين ليمدني بأهل الشام. قال: فقام قتيبة فقال: إنك لم تنصح لله ولا لأمير المؤمنين في قتالهم. قال عمر بن شبة: قال خلاد: فحدثني محمد بن حفص بن موسى ابن عبيد الله بن معمر بن عثمان التميمي أن الحجاج خنق قتيبة بعمامته خنقًا شديدًا. ثم رجع الحديث إلى حديث الحجاج وقتيبة. قال: فقال: وكيف ذاك؟ قال: تبعث الرجل الشريف وتبعث معه رعاعًا من الناس فينهزمون عنه. ويستحي فيقاتل حتى يقتل؛ قال: فما الرأي؟ قال: أن تخرج بنفسك ويخرج معك نظراؤك فيؤاسونك بأنفسم. قال: فلعنه من ثم. وقال: والله لأبرزن له غدًا؛ فلما كان الغد حضر الناس، فقال قتيبة: اذكر يمينك أصلح الله الأمير! فلعنوه أيضًا. وقال الحجاج: اخرج فارتد لي معسكرًا، فذهب فتهيأ وهو وأصحابه فخزجوا، ف أتى على موضع فيه بعض القذر: موضع كناسة، فقال: ألقوا لي هاهنا. فقيل: إن الموضع قذر، فقال: ما تدعونني إليه أقذر، الأرض تحته طيبة، والسماء فوقه طيبة. قال: فنزل وصف الناس وخالد بن عتاب بن ورقاء مسخوط عليه فليس في القوم، وجاء شبيب وأصحابه فقربوا دوابهم، وخزجوا يمشون، فقال لهم شبيب: الهوا عن رميكم، ودبوا تحت تراسكم، حتى إذا كانت أسنتهم فوقها، فأصدقوها صعدًا، ثم ادخلوا تحتها لتستقلوا فتقطعوا أقدامهم، وهي الهزيمة بإذن الله. فأقبلوا يدبون إليهم. وجاء خالد بن عتاب في شاكريته، فدار من وراء عسكرهم، فأضرم أخصاصهم بالنار. فلما رأوا ضوء النار وسمعوا معمعتها التفتوا فرأوها في بيوتهم، فولوا إلى خيلهم وتبعهم الناس، وكانت الهزيمة. ورضي الحجاج عن خالد، وعقد له على قتالهم. قال: ولما قتل شبيب عتابًا أراد دخول الكوفة ثانية، فأقبل حتى شارفها فوجه إليه الحجاج سيف بن هانىء ورجلًا معه ليأتياه بخبر شبيب، فأتيا عسكره، ففطن بهما، فقتل الرجل، وأفلت سيف، وتبعه رجل من الخوارج، فأوثب سيف فرسه ساقية، ثم سأل الرجل الأمان على أن يصدقه، فآمنه، فأخبره ان الحجاج بعثه وصاحبه ليأتياه بخبر شبيب. قال: فأخبره أنا نأتيه يوم الاثنين. فأتى سيف الحجاج فأخبره؛ فقال: كذب وماق، فلما كان يوم الاثنين توجهوا يريدون الكوفة، فوجه إليهم الحجاج الحارث بن معاوية الثقفي، فلقيه شبيب بزرارة فقتله، وهزم أصحابه ودنا من الكوفة فبعث البطين في عشرة فوارس يرتاد له منزلًا على شاطىء الفرات في دار الرزق. فأقبل البطين وقد وجه الحجاج حوشب بن يزيد في جمع من أهل الكوفة، فأخذوا بأفواه السكك، فقاتلهم البطين فلم يقوى عليهم، فبعث إلى شبيب فأمده بفوارس، فعقروا فرس حوشب وهزموه ونجا، ومضى البطين إلى دار الرزق، وعسكر على شاطىء الفرات. وأقبل شبيب فنزل دون الجسر، فلم يوجه إليه الحجاج أحدًا، فمضى فنزل السبخة بين الكوفة والفرات، فأقام ثلاثًا لا يوجه إليه الحجاج أحدًا، فأشير على الحجاج ان يخرج بنفسه، فوجه قتيبة بن مسلم، فهيأ له عسكرًا ثم رجع، فقال: وجدت المآتي سهلًا، فسر على الطائر الميمون؛ فنادى في أهل الكوفة فخرجوا، وخرج معه الوجوه حتى نزلوا في ذلك العسكر وتواقفوا، وعلى ميمنة شبيب البطين. وعلى ميسرته قعنب مولى بني أبي ربيعة بن ذهل، وهو في زهاء مائتين. وجعل الحجاج على ميمنته مطر بن ناجية الرياح. وعلى ميسرته خالد بن عتاب بن ورقاء الرياح في زهاء أربعة آلاف. وقيل له: لاتعرفه موضعك، فتنكر وأخفي مكانه، وشبه له أبا الورد مولاه، فنظر إليه شبيب، فحمل عليه، فضربه بعمود وزنه خمسة عشر رطلًا فقتله، وشبه له أعين صاحب حمام أعين بالكوفة، وهو مولىً لبكر بن وائل فقتله، فركب الحجاج بغلة غراء محجلة، وقال: إن الدين أغر محجل، وقال لأبي كعب: قدم لواءك، أنا ابن أبي عقيل. وحمل شبيب على خالد بن عتاب وأصحابه، فبلغ بهم الرحبة، وحملوا على مطر بن ناجية فكشفوه، فنزل عند ذلك الحجاج وأمر أصحابه فنزلوا، فجلس على عباءة ومع عنبسة بن سعيد، فإنهم على ذلك إذ تناول مصقلة بن مهلول الضبي لجام شبيب؛ فقال: ما تقول في صالح بن مسرح؟ وبم تشهد عليه؟ قال: أعلى هذا الحال، وفي هذه الحزة؟! والحجاج ينظر، قال: فبرىء من صالح، فقال مصقلة: برىء الله منك. وفلرقوه إلا أربعين فارسًا هم أشد أصحابه، وانحاز الآخرون إلى دار الرزق؛ وقال الحجاج: قد اختلفوا، وأرسل إلى خالد بن عتاب فأتاهم فقاتلهم، فقتلت غزالة، ومر برأسها إلى الحجاج فارس فعرفه شبيب، فأمر علوان فشد على الفارس فقتله وجاء بالرأس، فأمر به فغسل ودفنه وقال: هي أقرب إليكم رحمًا - يعني غزالة.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ومضى القوم على حاميتهم، ورجع خالد إلى الحجاج فأخبره بانصراف القوم. فأمره أن يحمل على شبيب فحمل عليهم. وأتبعه ثمانية، منهم قعنب والبطين وعلوان وعيسى والمهذب وابن عويمر وسنان، حتى بلغوا به الرحبة، وأتى شبيب في موقفه بخطوط بني عمير السدوسي. فقال له شبيب: يا خوط، لاحكم إلا لله، فقال: لاحكم إلا لله، فقال شبيب: خوط من أصحابكم. ولكنه كان يخاف، فأطلقه. وأتى بعمير بن القعقاع، فقال له: لاحكم إلا لله يا عمير، فجعل ****قه عنه، ويقول: في سبيل الله شبابي. فردد عليه شبيب: لاحكم إلا لله. ليتخلصه، فلم يفقه، فأمر بقتله، وقتل مصاد أخو شبيب، وجعل شبيب ينتظر النفر الذين تيعوا خالدًا فأبطئوا. ونعس شبيب فأيقظه حبيب بن خدرة، وجعل أصحاب الحجاج لايقدمون عليه هيبة له، وسار إلى دار الرزق، فجمع رثة من قتل من أصحابه، وأقبل الثمانية إلى موضع شبيب فلم يجدوه، فظنوا أنهم قتلوه، ورجع مطر وخالد إلى الحجاج فأمرهما فأتبعا الرهط الثمانية. واتبع الرهط شبيبًا، فمضوا جميعًا حتى قطعوا جسر المدائن، فدخلوا ديرًا هناك وخالد يقفوهم. فحصرهم في الدير، فخرجوا عليه فهزموه نحوًا من فرسخين حتى ألقوا أنفسهم في دجلة بخيلهم، وألقى خالد نفسه بفرسه فمر به ولواؤه في يده، فقال شبيب: قاتله الله فارسًا وفرسه! هذا أشد الناس، وفرسه أقوى فرس في الأرض؛ فقيل له: هذا خالد بن عتاب، فقال: معرق له في الشجاعة؛ والله لو علمت لأقحمت خلفه ولو دخل النار. رجع الحديث إلى حديث أبي مخنف، عن أبي عمرو العذري، أن الحجاج دخل الكوفة حين انهزم شبيب، ثم صعد المنبر، فقال: والله ما قوتل شبيب قط قبلها مثلها، ولى الله هاربًا، وترك امرأته يكسر في أستها القصب. ثم دعا حبيب بن عبد الرحمن الحكمي فبعثه في أثره ثلاثة آلاف من أهل الشام، فقال له الحجاج: احذر بياته، وحيثما لقيته فنازله، فإن الله قد فل حده، وقصم نابه. فخرج حبيب بن عبد الرحمن في أثر شبيب حتى نزل الأنبار، وبعث الحجاج إلى العمال أن دسوا إلى أصحاب شبيب أن من جاءنا منهم فهو آمن؛ فكان كل من ليست تلك البصيرة ممن قد هده القتال يجيء فيؤمن، وقبل ذلك ما قد نادى فيهم الحجاج يوم هزموا: عن من جاءنا منكم فهو آمن، فتفرق عنه ناس كثير من أصحابه، وبلغ شبيبًا منزل حبيب بن عبد الرحمن الأنبار، فأقبل بأصحابه حتى إذا دنا من عسكرهم نزل فصلى بهم المغرب. قال أبو مخنف: فحدثني أبو يزيد السكسكي، قال: أنا والله في أهل الشام ليلة جاءنا شبيب بيتنا. قال: فلما أمسينا جميعًا حبيب بن عبد الرحمن فجعلنا أرباعًا. وقال لكل ربع منا: ليجزي كل ربع منكم جانبه، فإن قاتل هذا الربع فلا يغثهم هذا الربع الآخر، فإنه قد بلغني أن هذه الخوارج منا قريب، فوطنوا أنفسكم على أنكم مبيتون ومقاتلون؛ فما زلنا على تعبيتنا حتى جاءنا شبيب فبيتنا، فشد على ربع منا، عليهم عثمان بن سعيد العذري فضاربهم طويلًا، فما زالت قدم إنسان منهم، ثم تركهم وأقبل على الربع الآخر، وقد جعل عليهم سعيدبن بحل العامري فقاتلهم، فما زالت قدم إنسان منهم، ثم تركهم وأقبل على الربع الآخر وعليهم النعمان بن سعيد الحميري فما قدر منهم على شيء، ثم أقبل على الربع الآخر وعليهم ابن أقيصر الخثعمي فقاتلهم طويلًا، فلم يظفر بشيء، ثم أطاف بنا يحمل علينا حتى ذهب ثلاثة أرباع الليل، وألز بنا حتى قلنا، ****ارقنا، ثم نازلنا راجلًا طويلًا، فسقط والله بيننا وبينهم الأيدي، وفقئت الأعين، وكثرت القتلى، قتلنا منهم نحوًا من ثلاثين، وقتلوا منا نحوًا من مائة، والله لو كانوا فيما نرى يزيدون على مائة رجل لأهلكونا، وايم الله على ذلك ما فارقونا حتى مللناهم وملونا، وكرهونا وكرهناهم، ولقد رأيت الرجل منا يضرب بسيفه الرجل منهم فما يضره شئ من الإعياء والضعف، ولقد رأيت الرجل منا يقاتل جالسًا ينفح بسيفه ما يستطيع أن يقوم من الإعياء، فلما يأسوا منا ركب شبيب ثم قال لمن كان نزل من أصحابه: أركبوا، فلما استووا على متون خيولهم وجه منصرفًا عنا. قال أبو مخنف: حدثني فروة بن لقيط، عن شبيب، قال: لما انصرفنا عنهم وبنا كآبة شديدة، وجراحة ظاهرة، قال لنا: ما أشد هذا الذي لو كنا إنما نطلب الدنيا! وما أيسر هذا في ثواب الله! فقال أصحابه: صدقت يا أمير المؤمنين، قال: فما أنسى منه إقباله على سويد بن سليم ولا مقاتلته له: قتلت منهم أمس رجلين: أحدهما أشجع الناس، ولآخر أجبن الناس، خرجت عشية أمس طليعة لكم فلقيت منهم ثلاثة نفر دخلوا قرية يشترون منها حوائجهم، فاشترى أحدهم حاجته، ثم خرج قبل أصحابه وخرجت معه، فقال: كأنك لم تشتر علفًا، فقلت: إن لي رفقاء قد كفوني ذلك، فقلت له: أين ترى عدونا هذا نزل؟ قال: بلغني أنه قد نزل منا قريبًا، وايم الله لوددت اني قد لقيت شبيبهم هذا، قلت: فتحب ذلك؟ قال: نعم، قلت: فخذ حذرك، فأنا والله شبيب، وانتضيت سيفي، فخر والله ميتًا، فقلت له: ارتفع ويحك! وذهبت أنظر فإذا هو مات، فانصرفت راجعًا، فأستقبل الآخر خارجًا من القرية، قال: أين تذهب هذه الساعة؟ وإنما يرجع الناس إلى عسكرهم! فلم أكلمه، ومضيت يقرب بي فرسي، وأتبعني حتى لحقني، فقطعت عليه فقلت له: ما لك؟ فقال: أنت والله من عدونا؟ فقلت: أجل والله، فقال: والله لا تبرح حتى تقتلني أو أقتلك، فحملت عليه وحمل علي، فاضربنا بسيفنا ساعة، فوالله ما فضلته في شدة نفس ولا إقدام إلا أن سيفي كان أقطع من سيفه، فقتلته؛ قال: فمضينا حتى قطعنا دجلة، ثم أخذنا في أرض جوخى حتى قطعنا دجلة مرة أخرى من عند واسط، ثم أخذنا إلى الأهواز ثم إلى فارس، ثم ارتفعنا إلى كرمان.
    ذكر الخبر عن مهلك شبيب

    وفي هذه السنة في قول هشام بن محمد، وفي قول غيره كان هلاكه سنة ثمان وسبعين.
    ذكر سبب هلاكه
    قال هشام: عن أبي مخنف: قال: حدثني أبو يزيد السكسكي، قال: أقفلنا الحجاج إليه - يعني إلى شبيب - فقسم فينا مالًا عظيمًا، وأعطى كل جريح منا وكل ذي بلاء، ثم أمر سفيان بن الأبرد أن يسير إلى شبيب، فتجهز سفيان، فشق ذلك على حبيب بن عبد الرحمن الحكمي، وقال: تبعث سفيان إلى رجل قد فللته وقتلت فرسان أصحابه! فأمضى سفيان بعد شهرين، وأقام شبيب بكرمان، حتى إذا انجبر واستراش هو وأصحابه أقبل راجعًا، فيستقبله سفيان بجسر دجيل الأهواز، وقد كان الحجاج كتب إلى الحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل، وهو زوج ابنة الحجاج وعامله على البصرة. أما بعد، فابعث رجلًا شجاعًا شريفًا من أهل البصرة في أربعة آلاف إلى شبيب، ومره فليلحق بسفيان بن الأبرد، وليسمع له وليطع.
    فبعث إليه زياد بن عمرو العتكي في أربعة آلاف، فلم ينته إلى سفيان حتى التقى سفيان وشبيب، ولما أن التقيا بجسر دجيل عبر شبيب إلى سفيان فوجد سفيان قد نزل في الرجال، وبعث مهاصر بن صيفي العذري على الخيل، وبعث على ميمنته بشر بن حسان الفهري، وبعث على ميسرته عمر بن هبيرة الفزاري، فأقبل شبيب في ثلاثة كراديس من أصحابه، وهو كتيبة وسويد في كتيبة، وقعنب المحلمي في كتيبة، وخلف المحلل بن وائل في عسكره. قال: قلما حمل سويد وهو في ميمنته على ميسرة سفيان، وقعنب وهو في ميسرته على ميمنته حمل هو على سفيان، فاضطربنا طويلًا من النهار، حتى انحازوا فرجعوا إلى المكان الذي كانوا فيه. فكر علينا هو وأصحابه أكثر من ثلاثين كرة، كل ذلك لا نزول من صفنا. وقال لنا سفيان بن الأبرد: لاتنصرفوا. ولكن لتزحف الرجال إليهم زحفًان فوالله لازلنا نطاعنهم ونضاربهم حتى اضطررناهم إلى الجسر، فلما اتنهى شبيب إلى الجسر نزل ونزل معه نحو من مائة رجل، فقاتلناهم حتى المساء أشد قتال قاتله قوم قط، فما هو إلا أن نزلوا فأوقعوا لنا من اطعن والضرب شيئًا ما رأينا مثله من قوم قط. فلما رأى سفيان أنه لا يقدر عليهم، ولا يأمن من ذلك ظفرهم. دعا الرماة فقال: ارشقوهم بالنبل، وذلك عند المساء، وكان التقاؤهم نصف النهار، فرماهم أصحاب النبل بالنبل عند المساء، وقد صفهم سفيان بم الأبرد على حدة، وبعث على المرامية رجلًا، فلما رشقوهم بالنبل ساعة شدوا عليهم، فلما شدوا على رماتنا شددنا عليهم، فشغلناهم عنهم، فلما رموا بالنبل ساعة ركب شبيب وأصحابه ثم كروا على أصحاب النبل كرة صرع منهم أكثر من ثلاثين رجلًا، ثم عطف بخيله علينا، فمشى عامدًا نحونا؛ فطاعناه حتى اختلط الظلام، ثم انصرف عنا. فقال سفيان لأصحابه: أيها الناس، دعوهم لا تتبعوهم حتى نصبحهم غدوة. قال: فكففنا عنهم وليس شيء أحب إلينا من أن ينصرفوا عنا. قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط، قال: فما هو إلا أن انتهينا إلى الجسر، فقال: اعبروا معاشر المسلمين، فإذا أصبحنا باكرناهم إن شاء الله، فعبرنا أمامه، وتخلف في أخرانا، فأقبل على فرسه، وكانت بين يديه فرس انثى ماذيانة، فنزا فرسه عليها وهو على الجسر فاضطربت الماذيانة، ونزل حافر رجل فرس شبيب على حرف السفينة، فسقط في الماء، فلما سقط قال: " ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا ". فارتمس في الماء، ثم ارتفع فقال: " ذلك تقدير العزيز العليم ". قال أبو مخنف: فحدثني أبو يزيد السكسكي بهذا الحديث - وكان ممن يقاتله من أهل الشام. وحدثني فروة بن لقيط، وكان ممن شهخد مواطنه - فأما رجل من بني رهطة من بني مرة بن همام فإنه حدثني انه كان معه قوم يقاتلون من عشيرته، ولم يكن لهم تلك البصيرة النافذة، وكان قد قتل من عشائرهم رجالًا كثيرًا، فكأن ذلك قد أوجع قلوبهم، وأوغر صدورهم؛ وكان رجل يقال له مقاتل من بني تيم بن شيبان من أصحاب شبيب، فلما قتل شبيب رجالًا من بني تيم بن شيبان أغار هو على بني مرة بن همام فأصاب منهم رجلًا، فقال له شبيب: ما حملك على قتلهم بغير أمري! فقال له: أصلحك الله! قتلت كفار قومي، وقتلت كفار قومك، قال: وأنت الوالي علي حتى تقطع الأمور دوني! فقال: أصلحك الله! أليس من ديننا قتل من كان على غير رأينا، منا كان أو من غيرنا! قال بلى، قال: فإنما فعلت ما كان ينبغي، ولا والله يا أمير المؤمنين ما أصبت م رهطك عشر ما أصبت من رهطي، وما يحل لك يا أمير المؤمنين أن تجد من قتل الكافرين؛ قال: إني لا أجد من ذلك. وكان معه رجال كثير قد أصاب من عشائرهم، فزعموا انه لما تخلف في أخريات أصحابه قال بعضهم لبعض: هل لكم أن نقطع به الجسر فندرك ثأرنا الساعة! فقطعوا الجسر، فمالت السفن، ففزع الفرس ونفر، ووقع في الماء فغرق. قال أبو مخنف: فحدثني ذلك المري بهذا الحديث، وناس من رهط شبيب يذكرون هذا أيضًا؛ وأما حديث العامة فالحديث الأول. قال أبو مخنف: وحدثني أبو يزيد السكسكي، قال: إنا والله لنتهيأ للانصراف إذ جاء صاحب الجسر فقال: أين اميركم؟ قلنا: هو هذا، فجاءه فقال: أصلحك الله! عن رجلًا منهم وقع في الماء فتنادوا بينهم: غرق أمير المؤمنين! ثم إنهم انصرفوا راجعين، وتركوا عسكرهم ليس فيه أحد، فكبر سفيان وكبرنا، ثم أقبل حتى انتهى إلى الجسر، وبعث مهاصر بن صيفي فعبر إلى عسكرهم، فإذا ليس فيه منهم صافر ولا آثر. فنزل فيه، فإذا أكثر عسكر خلق الله خيرًا، وأصبحنا فطلبنا شبيبًا حتى استخرجناه وعليه الدرع، فسمعت الناس يزعمون أنه ثق شق بطنه فأخرج قلبه، فكان مجتمعًا صلبًا كأنه صخرة، وإنه كان يضرب به الأرض فيثب قامة إنسان؛ فقال سفيان: إحمدوا الله الذي أعانكم فأصبح عسكرهم في أيدينا.
    قال أبو زيد عمر بن شبة: حدثني خلاد بن يزيد الأرقط، قال: كان شبيب ينعى لأمه فيقال: قتل فلا تقبل قال: فقيل لها: إنه غرق، فقبلت، وقالت: إني أعلم أني لما ولدته أنه خرج مني شهاب من نار، فعلمت إنه لا يطفئه إلا الماء. قال هشام عن أبي مخنف: حدثني فروة بن لقيط الأزدي ثم الغامري أن يزيد بن نعيم أبا شبيب كان ممن دخل في جيش سليمان بن ربيعة إذ بعث به وبمن معه الوليد بن عقبة عن أمر عثمان إياه بذلك مددًا لأهل الشام أرض الروم، فلما قفل المسلمون أقيم السبي للبيع، فرأى يزيد ابن نعيم أبو شبيب جارية حمراء، لا شهلاء ولا زرقاء طويلة جميلة تأخذها العين، فابتاعها ثم أقبل بها، وذلك سنة خمس وعشرين اول السنة، فلما أدخلها الكوفة قال: أسلمي، فأبت عليه، فضربها فلم تزدد إلا عصيانًا، فلما رأى ذلك امر بها فأصلحت، ثم دعا بها فأدخلت عليه، فلما تغشاها تلقت منه بحمل فولدت شبيبًا، وذلك سنة خمس وعشرين في ذي الحجة في يوم النحر يوم السبت. وأحبت مولاها حبًا شديدًا - وكانت حدثة - وقالت: إن شئت أجبتك إلى ما سألتني من الإسلام، فقال لها: شئت، فأسلمت، وولدت شبيبًا وهي مسلمة، وقالت: إني رأيت فيما يرى النائم انه خرج من قبلي شهاب فثقب يسطع حتى بلغ السماء وبلغ الآفاق كلها، فبينا هو كذلك إذ وقع في ماء كثير جار فخبا، وقد ولدته في يومكم هذا الذي تهرقون فيه الدماء، وإني قد أولت رؤياي هذه إني أرى ولدي هذا غلامًا، أراه سيكون صاحب دماء يهريقها، وإني أرى أمره سيعلو ويعظم سريعًا. قال: فكان أبوه يختلف به وبأمه إلى البادية إلى أرض قومه على ماء يدعى اللصف. قتال أبو مخنف: وحدثني موسى بن أبي سويد بن رادي أن أن جند أهل الشام الذين جاؤوا حملوا معهم الحجر فقالوا: لانفر من شبيب حتى يفر هذا الحجر؛ فبلغ شبيبًا امرهم، فأراد أن يكيدهم، فدعا بأفراس أربعة. أذنابها ترسة في ذنب كل فرس ترسين، ثم ندب معه ثمانية نفر من أصحابه، وعه غلام له يقال له حيان، وأمره أن يحمل معه إدواة من ماء، ثم سار حتى يأتي ناحية من المعسكر، فأمر أصحابه أن يكونوا في نواحي العسكر، وأن يجعلوا مع كل رجلين فرسًا، ثم يمسوها الحديد حتى تجد حره ويخلوها في العسكر، وواعدهم تلعة قريبة من العسكر، فقال: من نجا منكم فإن موعده هذه التلعة؛ وكره أصحابه الإقدام على ما أمرهم به، فنزل حيث رأى منهم حتى صنع بالخيل مثل الذي أمرهم، ثم وغلت في العسكر، ودخل يتلوها محكمًا فضرب الناس بعضهم بعضًا، فقام صحبهم الذي كان عليهم، وهو حبيب بن عبد الرحمن الحكمي، فنادى: أيها الناس، إن هذه مكيدة، فالزموا الأرض حتى يتبين لكم الأمر، ففعلوا وبقي شبيب في عسكرهم، فلزم الأرض حيث رآهم قد سكنوا، وقد أصابته ضربة عمود وأوهنته، فلما أن هدأ الناس ورجعوا إلى أبنيتهم خرج في غمارهم حتى أتى التلعة، فإذا هو بحيان، فقال: أفرغ يا حيان على رأسي من الماء، فلما مد رأسه ليصب عليه الماء هم حيان أن يضرب عنقه، فقال لنفسه لا أجد لي مكرمة ولا ذكرًا أرفع من قتلي هذا، وهو أماني عند الحجاج، فاستقبلته الرعدة حيث هم بما هم به، فلما أبطأ بحل الإدواة قال: ما يبطئك بحلها! فتناول السكين من موجزه فخرقها به، ثم ناولها إياه، فأفرغ عليه الماء. فقال حيان: منعني والله الجبن وما أخذني من الرعدة أن أضرب عنقه بعد ما هممت به. ثم لحق شبيب بأصحابه في عسكره.
    خروج مطرف بن المغيرة على الحجاج وعبد الملك

    قال أبو جعفر: وفي هذه السنة خرج مطرف بن المغيرة بن شعبة على الحجاج، وخلع عبد الملك بن مروان ولحق بالجبال فقتل. ذكر السبب الذي كان عند خروجه وخلعه عبد الملك بن مروان: قال هشام عن أبي مخنف، قال: حدثني يوسف بن يزيد بن بكر الأزدي أن بني المغيرة بن شعبة كانوا صلحاء نبلاء، أشرافًا بأبدانهم سوى شرف أبيهم ومنزلتهم في قومهم. قال: فلما قدم الحجاج فلقوه وشافههم علم أنهم رجال قومه وبنو أبيه، فاستعمل عروة بن المغيرة على الكوفة، ومطرف بن المغيرة على المدائن، وحمزة بن المغيرة على همذان.
    قال أبو مخنف: فحدثني الحصين بن يزيد بن عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، قال: قدم علينا مطرف بن المغيرة بن شعبة المدائن فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن الأمير الحجاج أصلحه الله قد ولاني عليكم، وأمرني بالحكم بالحق، والعدل في السيرة، فإن عملت بما أمرني فأنا أسعد الناس، وإن لم أفعل فنفسي أوبقت، وحظ نفسي ضيعت، ألا إني جالس لكم العصرين، فارفعوا إلى حوائجكم، وأشيروا علي بما يصلحكم ويصلح بلادكم، فإني لن آلوكم خيرًا ماستطعت. ثم نزل. وكان بالمدائن إذ ذاك رجال من أشراف أهل المصر وبيتوتات الناس، وبها مقاتلة لا تسعها عدة، عن كان كون بأرض جوخى أو بأرض الأنبار فأقبل مطرف حين نزل حتى جلس للناس في الإيوان، وجاء حكيم بن الحارث الأزدي يمشي نحوه، وكان من وجوه الأزد وأشرافهم، وكان الحجاج قد استعمله بعد ذلك على بيت المال - فقال له: أصلحك الله! إني كنت منك نائيًا حين تكلمت، وإني أقبلت نحوك لأجيبك، فوافق ذلك نزولك، إنا قد فهمنا ماذكرت لنا، أنه عهد إليك، فأرشد الله العاهد والمعهود إليه، وقد منيت من نفسك العدل، وسألت المعونة على الحق، فأعانك الله على ما نويت، إنك تشبه أباك في سرته برضا الله والناس، فقال له مطرف: هاهنا إلي؛ فأوسع له وجلس في جنبه. قال أبو مخنف: فحدثني الحصين بن يزيد انه كان من خير عامل قدم عليهم قط، أقمعه لمريب، وأشده إنكارًا للظلم، فقدم عليه بشر بن الأجدع الهمداني، ثم الثوري، وكان شاعرًا فقال:
    إني كلفت بخود غير فاحشة ** غراء وهنانة حسانة الجيد
    كأنها الشمس يوم الدجن إذ برزت ** تمشي مع الآنس الهيف الأماليد
    سل الهوى بعلنداة مذكرة ** عنها إلى المجتدي ذي العرف والجود
    إلى الفتى الماجد الفياض نعرفه ** في الناس ساعة يحلى كل مردود
    من الأكارم أنسابًا إذا نسبوا ** والحامل الثقل يوم المغرم الصيد
    إني أعيذك بالرحمن من نفر ** حمر السبال كأسد الغابة السود
    فرسان شيبان لم نسمع بمثلهم ** أبناء كل كريم النجل صنديد
    شدوا على ابن حصين في كتيبته ** فغادره صريعًا ليلة العيد
    وابن المجالد أردته رماحهم ** كأنما زل عن خوصاء صيخود
    وكل جمع بروذابار كان لهم ** قد فيض بالطعن بين النخل والبيد
    فقال له: ويحك! ما جئت إلا لترغبنا. وقد كان شبيب أقبل من ساتيدما، فكتب مطرف إلى الحجاج: أما بعد، فإني أخبر الأمير أكرمه الله أن شبيبًا قد أقبل نحونا، فإن رأى الأمير أن يمدني برجال أضبط بهم المدائن فقل، فإن المدائن باب الكوفة وحصنها. فبعث إليه الحجاج بن يوسف سبرة بن عبد الرحمن بن مخنف في مائتين وعبد الله بن كناز في مائتين، وجاء شبيب فأقبل حتى نزل قناطر حذيفة، ثم جاء حتى انتهى إلى كلواذا، فعبر منها دجلة، ثم أقبل حتى نزل مدينة بهرسير ومطرف بن المغيرة في المدينة العتيقة التي فيها منزل كسرى والقصر الأبيض، فلما نزل شبيب بهرسير قطع مطرف الجسر فيما بينه وبين شبيب، وبعث إلى شبيب أن ابعث إلى رجالا من صلحاء أصحابك أدارسهم القرآن، وأنظر ما تدعون إليه، فبعث إليه رجالا منهم سويد بن سليم وقعنب والمحلل بن وائل، فلما أدنى منهم المعبر وأرداوا أن ينزلوا فيه أرسل إليهم شبيب ألا تدخلوا السفينة حتى يرجع إلي رسولي من عند مطرف، وبعث إلى مطرف: أن ابعث إلي بعدة من أصحابك حتى ترد علي أصحابي، فقال لرسوله: القه فقل له: فكيف أمنك على أصحابي إذا بعثتهم الآن إليك، وأنت لا تأمنني على أصحابك! فأرسل إليه شبيب: إنك قد علمت أنا لا نستحل في ديننا الغدر، وأنتم تفعلونه وتهونونه. فسرح إليه مطرف الربيع بن يزيد الأسدي، وسليمان بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني، ويزيد بن أبي زياد مولى المغيرة - وكان على حرس مطرف - فلما وقعوا في يديه بعث أصحابه إليه. قال أبو مخنف: حدثني النضر بن صالح، قال: كنت عند مطرف بن المغيرة بن شعبة فما أدري أقال: إني كنت في الجند الذين كانوا معهم، أو قال: كنت بإزائه حيث دخلت عليه رسل شبيب! وكان لي ولأخي ودًا مكرمًا، ولم يكن ليستر منا شيئًا، فدخلوا عليه وما عنده أحد من الناس غيري وغير أخي حلام بن صالح، وهم ستة ونحن ثلاثة، وهم شاكون في السلاح، ونحن ليس علينا إلا سيوفنا، فلما دنوا قال سويد: السلام على من خاف مقام ربه وعرف الهدى وأهله، فقال له مطرف: أجل، فسلم الله على أولئك، ثم جلس القوم، فقال لهم مطرف: قصوا على أميركم، وخبروني ماالذي تطلبون؟ وإلام تدعون؟ فحمد الله سويد بن سليم وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن الذي ندعوا إليه كتاب الله وسنة محمد ، وإن الذي نقمنا على قومنا الاستئثار بالفئ وتعطيل الحدود والتسلط بالجبرية. فقال لهم مطرف: ما دعوتم إلا إلى حق، ولا نقمتم إلا جورًا ظاهرًا، أنا لكم على هذا متابع، فتابعوني إلى ما أدعوكم إليه ليجتمع أمري وأمركم، وتكون يدي وأيديكم واحدة، فقالوا: هات، اذكر ما تريد أن تذكر فإن يكن ما تدعون إليه حقًا نجبك؛ قال: فإني أدعوكم إلى أن نقاتل هؤلاء الظلمة العاصين على إحداثهم الذي أحدثوه، وأن ندعوهم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وأن يكون هذا الأمر شورى بين المسلمين، يؤمرون عليهم من يرضون لأنفسهم على مثل الحال التي تركهم عليها عمر بن الخطاب؛ فإن العرب إذا علمت أن ما يراد بالشورى الرضا من قريش رضوا، وكثر تبعكم منهم وأعوانكم على عدوكم، وتم لكم هذا الأمر الذي تريدون. قال: فوثبوا من عنده، وقالوا: هذا ما لا نجيبك إليه أبدًا، فلما مضوا فكادوا أن يخرجوا من صفة البيت التفت إليه سويد بن سليم، فقال: يا بن المغيرة لو كان القوم عداةً غدرًا كنت قد أمكنتهم من نفسك، ففزع لها مطرف، وقال: صدقت وإله موسى وعيسى. قال: ورجعوا إلى شبيب فأخبروه بمقالته، فطمع فيه، وقال لهم: إن أصبحتم فليأته أحدكم؛ فلما أصبحوا بعث إليه سويدًا وأمره بأمره، فجاء سويد حتى انتهى إلى باب مطرف، فكنت أنا المستأذن له، فلما دخل وجلس أردت أن انصرف، فقال لي مطرف: اجلس فليس دونك ستر؛ فجلست وأنا يومئذ شاب أغيد، فقال له سويد: من هذا الذي ليس لك دونه ستر؟ فقال له: هذا الشريف الحسيب، هذا ابن مالك بن زهير بن جذيمة، فقال له: بخ أكرمت فارتبط، إن كان دينه على قدر حسبه فهو الكامل، ثم أقبل عليه فقال: إن لقينا أمير المؤمنين بالذي ذكرت لنا، فقال لنا: القوه فقولوا له: ألست تعلم أن إختيار المسلمين منهم خيرهم لهم فيما يرون رأي رشيد! فقد مضت به السنة بعد الرسول ، فإذا قال لكم: نعم، فقولوا له: فإن قد اخترنا لأنفسنا أرضانا فينا، وأشدنا إضطلاعًا لما حمل، فما لم يغير ولم يبدل فهو ولي أمرنا. وقال لنا: قولوا له فيما ذكرت لنا من الشورى حين قلت: إن العرب إذا علمت أنكم إنما تريدون بهذا الأمر قريشًا كان أكثر لتبعكم منهم؛ فإن أهل الحق لا ينقصهم عند الله أن يقلوا، ولا يزيد الظالمين خيرًا أن يكثروا، وإن تركنا حقنا الذي خرجنا له، ودخولنا فيما دعوتنا إليه من الشورى خطيئة وعجز ورخصة إلى نصر الظالمين ووهن، لأنا لا نرى أن قريشًا أحق بهذا الأمر من غيرها من العرب. وقال: فإن زعم أنهم أحق بهذا الأمر من غيرها من العرب فقولوا له: ولم ذاك؟ فإن قال: لقرابة محمد بهم فقولوا له: فوالله ما كان ينبغي إذًا لأسلافنا الصالحين من المهاجرين الأولين أن يتولوا على أسرة محمد، ولا على ولد أبي لهب لو لم يبقى غيرهم؛ ولو لا أنهم علموا أن خير الناس عند الله أتقاهم، وأن أولاهم بهذا الأمر أتقاهم وأفضلهم فيهم، وأشدهم اضطلاعًا بحمل أمورهم ما تولى أمور الناس. ونحن أول من أنكر الظلم وغير الجور وقاتل الأحزاب، فإن اتبعنا فله ما لنا وعليه ما علينا، وهو رجل من المسلمين وإلا يفعل، فهو كبعض من نعادي ونقاتل من المشركين. فقال له مطرف: قد فهمت ما ذكرت، ارجع يومك هذا حتى تنظر في أمرنا.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فرجع، ودعا مطرف رجالًا من أهل ثقاته وأهل نصائحه؛ منهم سليمان بن حذيفة المزني، والربيع بن يزيد الأسدي. قال النضر بن صالح: وكنت أنا ويزيد بن أبي زياد مولى المغيرة بن شعبة قائمين على رأسه بالسيف، وكان على حرسه، فقال لهم مطرف: يا هؤلاء، إنكم نصحائي وأهل مودتي ومن أثق بصلاحه وحسن رأيه، والله مازلت لأعمال هؤلاء الظلمة كارهًا، أنكرها بقلبي، وأغيرها ما استطعت بفعلي وأمري، فلما عظمت خطيئتهم، ومر بي هؤلاء القوم يجاهدونهم، لم أر أنه يسعني إلا مناهضتهم وخلافهم إن وجدت أعوانًا عليهم، وإني دعوت هؤلاء القوم فقلت لهم كيت وكيت، وقالوا لي كيت وكيت، فلست أرى القتال معهم، ولو تابعوني على رأيي وعلى ما وصفت لهم لخلعت عبد الملك والحجاج، ولسرت إليهم أجاهدهم. فقال له المزني: إنهم لن يتابعوك، وإنك لن تتابعهم فأخف هذا الكلام ولا تظهره لأحد، وقال له الأسدي مثل ذلك، فجثا مولاه ابن أبي زياد على ركبتيه ثم قال: والله لا يخفى مما كان بينك وبينهم على الحجاج كلمة واحدة، وليزادن على كل كلمة عشرة أمثالها، والله أن لو كنت في السحاب هاربًا من الحجاج ليلتمسن أن يصل إليك حتى يهلكك أنت ومن معك؛ فالنجاء النجاء من مكانك هذا، فإن أهل المدائن من هذا الجانب ومن ذاك الجانب، وأهل عسكر شبيب يتحدثون بما كان بينك وبين شبيب، ولا تمس من يومك هذا حتى يبلغ الخبر الحجاج؛ فاطلب دارًا غير المدائن. فقال له صاحباه: ما نرى الرأي إلا كما ذكر لك، قال لهما مطرف: فما عندكما؟ قالا: الإجابه إلى ما دعوتنا إليه والمؤاساة لك بأنفسنا على الحجاج وغيره. قال: ثم نظر إلي، فقال: ما عندك؟ فقلت: قتال عدوك، والصبر معك ما صبرت، فقال لي: ذاك الظن بك. قال: ومكث حتى إذا كان في اليوم الثالث أتاه قعنب فقال له: إن تابعتنا فأنت منا، وإن أبيت فقد نابذناك، فقال: لا تعجلوا اليوم فإنا ننظر. قال: وبعث إلى أصحابه أن ارحلوا الليلة من عندي آخركم حتى توفوا الدسكرة معي لحدث حدث هنالك. ثم أجدلج وخرج أصحابه معه حتى مر بدير يزد جرد فنزله، فلقيه قبيصة بن عبد الرحمن القحافي من خثعم، فدعاه إلى صحبته، فصحبه فكساه وحمله. وأمر له بنفقة، ثم سار حتى نزل الدسكرة، فلما أراد أن يرتحل منها لم يجد بدًا من أن يعلم أصحابه ما يريد، فجمع إليه رؤوس أصحابه، فذكر الله بما هو أهله وصلى على رسوله، ثم قال لهم: أما بعد، فإن الله كتب الجهاد على خلقه، وأمر بالعدل والإحسان، وقال فيما أنزل علينا: " وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب " وإني أشهد الله أني قد خلعت عبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف، فمن أحب منكم صحبي وكان على مثل رأيي فليتابعني، فإن له الأسوة وحسن الصحبة، ومن أبى فليذهب حيث شاء، فإني لست أحب أن يتبعني من ليست له نية في جهاد أهل الجود، أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإلى قتال الظلمة، فإذا جمع الله لنا أمرنا كان هذا الأمر شورى بين المسلمين يرتضون لأنفسهم من أحبوا. قال: فوثب إليه أصحابه فبايعوه، ثم إنه دخل رحله وبعث إلى سبر بن عبد الرحمن بن مخنف وإلى عبد الله بن كناز النهدي فاستخلاهما، ودعاهما إلى مثل ما دعا إليه عامة أصحابه، فأعطياه الرضا، فلما ارتحل انصرفا بمن معهما من أصحابه حتى أتيا الحجاج فوجداه قد نازل شبيبًا، فشهدا معه وقعة شبيب. قال: وخرج مطرف بأصحابه من الدسكرة موجهًا نحو حلوان، وقد الحجاج بعث في تلك السنة سويد بن عبد الرحمن السعدي على حلوان وماسبذان؛ فلما بلغه أن مطرف بن المغيرة قد أقبل نحو أرضه عرف أنه إن رفق في أمره أو داهن لا يقبل ذلك منه الحجاج، فجمع له سويد أهل البلد والأكراد، فأما الأكراد فأخذوا عليه ثنية حلوان، وخرج إليه سويد وهو يحب أن يسلم من قتاله، وأن يعافى من الحجاج، فكان خروجه كالتعذير. قال أبو مخنف: فحدثني عبد الله بن علقم الخثعمي أن الحجاج بن جارية الخثعمي حين سمع بخروج مطرف من المدائن نحو الجبل أتبعه في نحو من ثلاثين رجلا من قومه وغيرهم. قال: وكنت فيهم فلحقناه بحلوان، فكنا ممن شهد معه قتال سويد بن عبد الرحمن. قال أبو مخنف: وحدثني بذلك أيضًا النضر. قال أبو مخنف: وحدثني عبد الله بن علقمة. قال: ما هو إلا أن قدمنا على مطرف بن المغيرة، فسر بمقدمنا عليه. وأجلس الحجاج ابن جارية معه على مجلسه. قال أبو مخنف: وحدثني النضر بن صالح. وعبد الله بن علقمة، أن سويدًا لما خرج إليهم بمن معه وقف في الرجال ولم يخرج بهم من البيوت، وقدم ابنه القعقاع في الخيل، وما خيله يومئذ بكثير. قال أبو مخنف: قال النضر بن صالح: أراهم كانوا مائتين، وقال ابن علقمة: أراهم كانوا ينقصون عن الثلثمائة. قال: فدعا مطرف الحجاج بن جارية فسرحه إليهم في نحو من عدتهم، فأقبلوا نحو القعقاع وهم جادون في قتاله، وهم فرسان متعالمون، فلما رآهم سويد قد تيسروا نحو ابنه أرسل إليهم غلامًا يقال له رستم - قتل معه بعد ذلك بدير الجماجم - وفي يده راية بني سعد، فانطلق وغلامه حتى انتهى إلى الحجاج بن جارية، فأسر إليه: إن كنتم تريدون الخروج من بلادنا هذه إلى غيرها فاخرجوا عنا، فإنا لا نريد قتالكم، وإن كنتم إيانا تريدون فلا بد من منع ما في أيدينا. فلما جاءه بذلك قال له الحجاج بن جارية: إئت أميرنا فاذكر له ماذكرت لي، فخرج حتى أتى مطرفًا فذكر له مثل الذي ذكر للحجاج بن جارية، فقال له مطرف: ما أريدكم ولا بلادكم، فقال له: فالزم هذا الطريق حتى تخرج من بلادنا، فإنا لا نجد بدًا من أن يرى الناس وتسمع بذلك أنا قد خرجنا إليك. قال: فبعث مطرف إلى الحجاج فأتاه، ولزموا الطريق حتى مروا بالثنية فإذا الأكراد بها، فنزل مطرف ونزل معه عامة أصحابه وصعد إليهم في الجانب الأيمن الحجاج بن جارية، وفي الجانب الأيسر سليمان بن حذيفة، فهزماهم وقتلاهم، وسلم مطرف وأصحابه فمضوا حتى دنوا من همذان، فتركها وأخذ ذات اليسار إلى ما دينار، وكان أخوه حمزة بن المغيرة على همذان، فكره أن يدخلها فيتهم أخوه عند الحجاج، فلما دخل مطرف أرض ماه دينار كتب إلى أخيه حمزة: أما بعد، فإن النفق قد كثرت والمؤنة قد اشتدت، فامدد أخاك بما قدرت عليه من مال وسلاح. وبعث إليه يزيد بن أبي زياد مولى المغيرة بن شعبة، فجاء حتى دخل على حمزة بكتاب مطرف ليلًا، فلما رآه قال له: ثكلتك أمك! أنت قتلت مطرفًا؟ فقال له: ما أنا قتلته جعلت فداك! ولكن مطرفًا قتل نفسه وقتلني، وليته لا يقتلك، فقال له: ويحك! من سول له هذا الأمر! فقال: نفسه سولت هذا له. ثم جلس إليه فقص عليه القصص، وأخبره بالخبر، ودفع كتاب مطرف إليه، فقرأه ثم قال: نعم، وأنا باعث إليه بمال وسلاح، ولكن أخبرني ترى ذلك يخفى لي؟ قال: ما أظن أن يخفى، فقال له حمزة: فوالله لئن أنا خذلته في أنفع النصرين له نصر العلانية، لا أخذله في أيسر النصرين نصر السريرة. قال: فسرح إليه مع يزيد بن أبي زياد بمال وسلاح، فأقبل به حتى أتى مطرفًا ونحن نزول في رستاق من رساتيق ماه دينار، يقال له: سامان متاخم أرض أصبهان، وهو رستان كانت الحمراء تنزله. قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح، قال: والله ما هو إلا أن مضى يزيد بن أبي زياد، فسمعت أهل العسكر يتحدثون أن الأمير بعث إلى أخيه يسأله النفقة والسلاح، فأتيت مطرفًا فحدثته بذلك، فضرب بيده على جبهته ثم قال: سبحان الله! قال الأول: ما يخفى إلا ما لا يكون، قال: وما هو إلا أن قدم يزيد بن أي زياد علينا. فسار مطرف بأصحابه حتى نزل قم وقاشان وأصبهان. قال أبو مخنف: فحدثني عبد الله بن علقمة أن مطرفًا حين نزل قم وقاشان واطمئن، دعا الحجاج بن جارية فقال له: حدثني عن هزيمة شبيب يوم السبخة أكانت وأنت شاهدها، أم كنت خرجت قبل الوقعة؟ قال: لا. بل شهدتها؛ قال: فحدثني حديثهم كيف كان؟ فحدثه، فقال: إني كنت أحب أن يظفر شبيب وإن كان ضالًا فيقتل ضالًا. قال: فظننت أنه تمنى ذلك لأنه كان يرجوا أن يتم له الذي يطلب لو هلك الحجاج، قال: ثم إن مطرفًا بعث عماله. قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح أن مطرفًا عمل عملًا حازمًا لو لا أن الأقدار غالبة. قال: كتب مع الربيع بن يزيد إلى سويد ابن سرحان الثقفي، وإلى بكير بن هارون البجلي: أما بعد، فإنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وإلى جهاد من عند عن الحق، واستأثر بالفئ، وترك حكم الكتاب، فإذا ظهر الحق ودمغ الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا، جعلنا هذا الأمر شورى بين الأمة يرتضي المسلمون لأنفسهم الرضا، فمن قبل هذا منا كان أخانا في ديننا. وولينا في محيانا ومماتنا، ومن رد ذلك علينا جاهدناه واستنصرنا الله عليه فكفى بنا عليه حجة، وكفى بتركه الجهاد في سبيل الله غبناُ، وبمداهنة الظالمين في أمر الله وهنًا! إن الله كتب القتال على المسلمين وسماه كرهًا، ولن ينال رضوان الله إلا بالصبر على أمر الله، وجهاد أعداء الله، فأجيبوا رحمتكم الله إلى الحق. وادعوا إليه من ترجون إجابته، وعرفوه ما لا يعرفه، وليقبل إلى كل من رأى رأينا، وأجاب دعوتنا، ورأى عدوه عدونا. أرشدنا الله وإياكم، وتاب علينا وعليكم، إنه هو التواب الرحيم. والسلام. فلما قدم الكتاب على ذينك الرجلين دبًا في رجال من أهل الري ودعوا من تابعهما، ثم خرجا في نحو من مائة من أهل الري سرًا لا يفطن بهم، فجاءوا حتى وافوا مطرفًا. وكتب البراء بن قبيصة، وهو عامل الحجاج على أصبهان: أما بعد، فإن كان للأمير أصلحه الله حاجة في أصبهان فليبعث إلى مطرف جيشًا كثيفًا يسأصله ومن معه، فإنه لا تزلا عصابة قد انتفحت له من بلدة من البلدان حتى توافيه بمكانه الذي هو به، فإنه قد استكشف وكثر تبعه، والسلام. فكتب إليه الحجاج: أما بعد، إذا أتاك رسولي فعسكر بمن معك، فإذا مر بك عدي بن وتاد فاخرج معه في أصحابك، واسمع له وأطع. والسلام. فلما قرأ كتابه خرج فعسكر، وجعل الحجاج بن يوسف يسرح إلى البراء بن قبيصة الرجال على دواب البريد عشرين عشرين. وخمسة عشر خمسة عشر، وعشرة وعشرة، حتى سرح إليه نحوًا من خمسمائة، وكان في ألفين. وكان الأسود بن سعد الهمذاني أتى الري في فتح الله على الحجاج يوم لقي شبيبًا بالسبخة، فمر بهمذان والجبال، ودخل على حمزة فاعتذر إليه، فقال الأسود: فأبلغت الحجاج عن حمزة، فقال: قد بلغني ذاك، وأراد عزله، فخشي أن يمكر به، وأن يمتنع منه، فبعث إلى قيس بن سعيد العجلي - وهو يومئذ على شرطة حمزة بن المغيرة ولبني عجل وربيعة عدد بهمذان - فبعث إلى قيس بن سعد بعهده على همذان، وكتب إليه أن أوثق حمزة ابن المغيرة في الحديد، واحبسه قبلك حتى يأتيك أمري. فلما أتاه عهده وأمره أقبل ومعه ناس من عشيرته كثير، فلما دخل المسجد وافق الإقامة لصلاة العصر. فصلى حمزة، فلما انصرف حمزة انصرف معه قيس بن سعد العجلي صاحب شرطة، فأقرأه كتاب الحجاج إليه، وأراه عهده، فقال حمزة. سمعًا وطاعةً؛ فأوثقه وحبسه في السجن، وتولى أمر همذان، وبعث عماله عليها، وجعل عماله كلهم من قومه؛ وكتب إلى الحجاج: أما بعد، فإني أخبر الأمير أصلحه الله، أني قد شددت حمزة بن المغيرة في الحديد، وحبسته في السجن وبعث عمالي على الخراج، ووضعت يدي في الجباية، فإن رأي الأمير أبقاه الله أن يأذن لي في المسير إلى مطرف أذن لي حتى أجاهده في قومي، ومن أطاعني من أهل بلادي؛ فإني أرجو أن يكون الجهاد أعظم أجرًا من جباية الخراج. والسلام. فلما قرأ الحجاج كتابه ضحك ثم قال: هذا جانب آثرًا ما قد أمناه. وقد كان حمزة بهمذان أثقل ما خلق الله على الحجاج مخافة أن يمد أخاه بالسلاح والمال، ولا يدري لعله يبدو له فيعق، فلم يزل يكيده حتى عزله؛ فاطمأن وقصد قصد مطرف. قال أبو مخنف: فحدثني مطرف بن عامر بن واثل أن الحجاج لما قرأ كتاب قيس بن سعد العجلي وسمع قوله: إن أحب الأمير سرت إليه حتى أجاهده في قومي، قال: ما أبغض إلى أن تكثر العرب في أرض الخراج. قال: فقال لي ابن الغرق: ما هو إلا أن سمعتها من الحجاج فعلمت أنه لو قد فرغ له قد عزله. قال: وحدثني النضر بن صالح أن الحجاج كتب إلى عدي بن وتاد الإيادي وهو على الري يأمره بالمسير إلى مطرف بن المغيرة وبالممر على البراء ابن قبيصة، فإذا اجتمعوا فهو أمير الناس. قال أبو مخنف: وحدثني أبي عند عبد الله بن زهير، عن عبد الله بن سليم الأزدي، قال: إني لجالس مع عدي بن وتاد على مجلسه بالري إذ أتاه كتاب الحجاج، فقرأه ثم دفعه إلي، فقرأته فإذا فيه: أما بعد، فإذا قرأت كتابي هذا فانهض بثلاثة أرباع من معك من أهل الري، ثم أقبل حتى تمر بالبراء بن قبيصة بجي، ثم سيرا جميعًا، فإذا لقيتهما فأنت أمير الناس حتى يقتل الله مطرفًا، فإذا كفى الله المؤمنين مؤنته فانصرف إلى عملك في كنف من الله وكلاءته وستره، فلما قرأته قال لي: قم وتجهز. قال: وخرج فعسكر، ودعا الكتاب فضربوا البعث على ثلاثة أرباع الناس، فما مضت جمعة حتى سرنا فانتهينا إلى جي، ويوافينا بها قبيص القحافي تسعمائة من أهل الشام، فيهم عمر بن هبيرة، قال: ولم نلبث بجي إلا يومين حتى نهض عدي بن وتاد بمن أطاعه من الناس ومعه ثلاثة آلاف مقاتل من أهل الري وألف مقاتل مع البراء بن قبيص بعثهم إليه الحجاج من الكوفة، وسبعمائة من أهل الشام، ونحو ألف رجل من أهل أصبهان والأكراد، فكان في قريب من ستة آلاف مقاتل، ثم أقبل حتى دخل على مطرف بن المغيرة. قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح، عن عبد الله بن علقمة. أن مطرفًا لما بلغه مسيرهم إليه خندق على أصحابه خندقًا، فلم يزالوا فيه حتى قدموا عليه. قال أبو مخنف: وحدثني يزيد مولى عبد الله بن زهير، قال: كنت مع مولاي إذ ذاك؛ قال: خرج عدي بن وتاد فعبى الناس، فجعل على ميمنته عبد الله بن زهير، ثم قال للبراء بن قبيصة: قم في الميسرة، فغضب البراء، وقال: تأمرني بالوقوف في الميسرة وأن أمير مثلك! تلك خيلي في الميسرة، وقد بعثت عليها فارس مصر الطفيل بن عامر بن واثلة، قال: فأنهي ذلك إلى عدي بن وتاد، وقال لابن أقيصر الخثعمي: إنطلق فأنت على الخيل، وانطلق إلى البراء بن قبيص فقل له: إنك قد أمرت بطاعتي، ولست من الميمنة والميسرة والخيل والرجالة في شئ، إنما عليك أن تؤمر فتطيع، ولا تعرض لي في شئ أكرهه فأتنكر لك - قد كان له مكرمًا. ثم إن عديًا بعث على الميسرة عمر بن هبيرة، وبعث في مائة من أهل الشام، فجاء حتى وقف برايته، فقال رجل من أصحابه للطفيل بن عامر: خل رايتك وتنح عنا، فإنما نحن أصحاب هذا الموقف، فقال الطفيل: إني لا أخاصمكم، إنما عقد لي هذه الراية البراء من قبيصة، وهو أميرنا، وقد علمنا أن صاحبكم على جماعة الناس، فإن كان قد عقد لصاحبكم هذا فبارك الله له، ما أسمعنا وأطوعنا! فقال لهم عمر بن هبيرة: مهلًا، كفوا عن أخيكم وابن عمكم، رايتنا رايتك، فإن شئت آثرناك بها. قال: فما رأينا رجلين كانا أحلم منهما في موقفهما ذلك. قال: ونزل عدي بن وتاد ثم زحف نحو مطرف. قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح وعبد الله بن علقمة أن مطرفًا بعث على ميمنته الحجاج بن جارية، وعلى ميسرته الربيع بن يزيد الأسدي، وعلى الحامية سليمان بن صخر المزني، ونزل هو يمشي في الرجال، ورأيته مع يزيد بن أبي زياد مولى أبيه المغيرة بن شعبة. قال: فلما زحف القوم بعضهم إلى بعض وتدانوا قال لبكير بن هارون البجلي: اخرج إليهم فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وبكتم بأعماله الخبيثة. فخرج إليهم بكير بن هارون على فرس لهم أدهم أرح ذنوب عليه الدرع والمغفر والساعدان، في يده الرمح، شد درعه بعصابة حمراء من حواشي البرود، فنادى بصوت عال رفيع: يا أهل قبلتنا، وأهل ملتنا، وأهل دعوتنا، إنا نسألكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي علمه بما تسرون مثل علمه بما تعلنون لما أنصفتمونا وصدقتمونا، وكانت نصيحتكم لله لا لخلقه، وكنتم شهداء لله على عباده بما يعلمه الله من عباده. خبروني عن عبد الملك بن مروان، وعب الحجاج بن يوسف، ألستم تعلمونهما جبارين مستأثرين يتبعان الهوى، فيأخذان بالظنة، ويقتلان على الغضب. قال: فتنادوا من كل جانب: يا عدو الله كذبت، ليسا كذلك، فقال لهم: ويلكم " لا تفترون على الله كذبًا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى " ويلكم، أو تعلمون من الله ما لا يعلم، إني قد استشهدتكم وقد قال الله في الشهادة: " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ".
    فخرج إليه صارم مولى عدي بن وتاد وصاحب رايته، فحمل على بكير ابن هارون البجلي، فاضربا بسيفهما، فلم تعمل ضربة مولى عدي شيئًا، وضربه بكير بالسيف فقتله، ثم استقدم، فقال: فارس لفارس، فلم يخرج إليه أحد، فجعل يقول:
    صارم قد لاقيت سيفًا صارمًا ** وأسدًا ذا لبدة ضارمًا


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    قال: ثم إن الحجاج بن جارية حمل وهو في الميمنة على عمر بن هبيرة وهو في الميسرة، وفيها الطفيل بن عامر بن واثلة، فالتقى هو والطفيل - وكانا صديقين متؤاخيين - فتعارفا، وقد رفع كل منهما السيف على صاحبه، فكفا أيديهما، واقتتلوا طويلًا، ثم إن ميسرة عدي بن وتاد زالت غير بعيد، وانصرف الحجاج بن جارية إلى موقفه. ثم إن الربيع بن يزيد حمل على عبد الله بن زهير، فاقتتلوا طويلًا، ثم إن جماعة الناس حملت على الأسدي فقتلته، وانكشف ميسرة مطرف ابن المغيرة حتى انتهت إليه. ثم إن عمر بن هبيرة حمل على الحجاج بن جارية وأصحابه فقاتله قتالًا طويلًا، ثم إنه حذره حتى اتنهى إلى مطرف، وحمل ابن أقيصر الخثعمي في الخيل على سليمان بن صخر المزني فقتله، وانكشف خيلهم، حتى انتهى إلى مطرف، فثم اقتتلت الفرسان أشد قتال رآه الناس قط، ثم إنه وصل إلى مطرف. قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح أنه جعل يناديهم يومئذ: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ". قال: ولم يزل يقاتل حتى قتل، واحتز رأسه عمر بن هبيرة، وذكر أنه قتله، وقد كان أسرع إليه غير واحد، غير أن ابن هبيرة احتز رأسه وأوفده إلى عدي بن وتاد وحظي به، وقاتل عمر بن هبيرة يومئذ وأبلى بلاء حسنًا. قال أبو مخنف: وقد حدثني حكيم بن أبي سفيان الأزدي أنه قتل يزيد بن زياد مولى المغيرة بن شعبة، وكان صاحب راية مطرف. قال: ودخلوا عسكر مطرف، وكان مطرف قد جعل على عسكره عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف الأزدي، فقتل، وكان صالحًا ناسكًا عفيفًا. أبو مخنف: حدثني زيد مولاهم أنه رأى رأسًا مع ابن أقيصر الخثعمي، فما ملكت نفسي أن قلت له: أما والله قد قتلته من المصلين العابدين الذاكرين الله كثيرًا. قال: فأقبل نحوي وقال: من أنت؟ فقال له مولاي: هذا غلامي ماله؟ قال: فأخبره بمقالتي؛ فقال إنه ضعيف العقل؛ قال: ثم انصرفنا إلى الري بن عدي بن وتاد. قال: وبعث رجالًا من أهل البلاء إلى الحجاج، فأكرمهم وأحسن إليهم. قال: ولما رجع إلى الري جاءت بجيلة إلى عدي بن وتاد فطلبوا لبكير بن هارون الأمان فآمنه، وطلبت ثقيف لسويد بن سرحان الثقفي الأمان فآمنه، وطلبت في كل رجل كان مع مطرف عشيرته، فآمنهم وأحسن في ذلك، وقد كان رجال مكن أصحاب مطرف أحيط بهم في عسكر مطرف، فنادوا: يا براء، خذ لنا الأمان، يا براء، اشفع لنا. فشفع لهم، فتركوا، وأسر عدي ناسًا كثيرًا فخلى عنهم.
    قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح أنه أقبل حتى قدم على سويد بن عبد الرحمن بحلوان، فأكرمه وأحسن إليه، ثم إنه انصرف بعد ذلك إلى الكوفة. قال أبو مخنف: وحدثني عبد الله بن علقمة أن الحجاج بن جارية الخثعمي أتى الري وكان مكتبه بها، فطلب إلى عدي فيه، فقال: هذا رجل مشهور قد شهر مع صاحبه، وهذا كتاب الحجاج إلى فيه. قال أبو مخنف: فحدثني أبي عن عبد الله بن زهير، قال: كنت فيمن كلمه في الحجاج بن جارية، فأخرج إلينا كتاب الحجاج بن يوسف: أما بعد: فإن كان الله قتل الحجاج بن جارية فبعدًا له. فذاك ما هو أهوى وأحب؛ وإن كان حيًا فاطلبه قبلك حتى توثقه، ثم سرح به إلى إن شاء الله. والسلام.
    قال: فقال لنا: قد كتب إلي فيه، ولابد من السمع والطاعة، ولو لم يكتب إلي فيه آمنته لكم، وكففت عنه فلم أطلبه. وقمنا من عنده. قال: فلم يزل الحجاج بن جارية خائفًا حتى عزل عدي بن وتاد، وقدم خالد ابن عتاب بن ورقاء، فمشيت إليه فيه، فكلمته فآمنته. وقال حبيب بن خدرة مولى لبنى هلال بن عامر:
    هل أتى فائد عن أيسارنا ** إذ خشينا من عدو خرقا
    إذ أتاني الخوف من مأمننا ** فطوينا في سواد أفقا
    وسلي هدية يوم هل رأيت ** بشرًا أكرم منا خلقا!
    وسليها أعلى العهد لنا ** أو يصيرون علينا حنقا!
    ولكم من خلة من قبلها ** قد صرمنا حبلها فانطلقا
    قد أصبنا العيش عيش ناعمًا ** وأصبنا العيش عيشًا رنقا
    وأصبت الدهر دهرًا اشتهى ** طبقًا منه وألوى طبقا
    وشهدت الخيل في ملومة ** ما ترى منهن إلا الحدقا
    يتساقون بأطراف القنا ** من نجيع الموت كأسا دهقا
    فطراد الخيل قد يؤنقني ** ويرد اللهو عني الأنقا
    بمشيح البيض حتى يتركوا ** لسيوف الهند فيها طرقا
    فكأني من غد وافقتها ** مثل ما وافق شن طبقا
    ذكر الخبر عن وقوع الخلاف بين الأزارقة

    قال أبو جعفر: وفي هذه السنة وقع الاختلاف بين الأزارقة أصحاب قطري بن الفجاءة، فخالفه بعضهم واعتزله، وبايع عبد ربه الكبير، وأقام بعضهم على بيعة قطري.
    ذكر الخبر عن ذلك وعن السبب الذي من أجله حدث الاختلاف بينهم حتى صار أمرهم إلى الهلاك
    ذكر هشام عن أبي مخنف، عن يوسف بن يزيد، أن المهلب أقام بسابور فقاتل قطريًا وأصحابه من الأزارقة بعدما صرف الحجاج عتاب بن ورقاء عن عسكره نحوًا من سنة. ثم إنه زاحفهم يوم البستان فقاتلهم قتالًا شديدًا، وكانت كرمان في أيدي الخوارج، وفارس في يد المهلب، فكان قد ضاق عليهم مكانهم الذي هم به، لا يأتيهم من فارس مادة، وبعدت ديارهم عنهم، فخرجوا حتى أتوا كرمان وتبعهم المهلب حتى نزل بجيرفت - وجيرفيت مدينة كرمان - فقاتلهم بها أكثر من سنة قتالًا شديدًا. وحازهم عن فارس كلها، فلما صارت فارس كلها في يد المهلب بعث الحجاج عليها عماله وأخذها من المهلب، فبلغ ذلك عند عبد الملك، فكتب إلى الحجاج: أما بعد، فدع بيد المهلب خراج جبال فارس، فإنه لا بد للجيش من قوة، ولصاحب الجيش من معونة، ودع له كورة فساودرابجرد. وكورة إصطخر. فتركها للمهلب، فبعث المهلب عليها عماله، فكانت له قوة على عدوه وما يصلحه، ففي ذلك يقول الشاعر الأزد وهو يعاتب المهلب:
    نقاتل عن قصور درابجرد ** ونجبي للمغيرة والرقاد
    وكان الرقاد بن زياد بن همام - رجل من العتيك - كريمًا على المهلب، وبعث الحجاج إلى المهلب البراء بن قبيصة. وكتب إلى المهلب: أما بعد، فإنك والله لو شئت فيما أرى لقد اصطلمت هذه الخارجة المارقة، ولكنك تحب طول بقائهم لتأكل الأرض حولك. وقد بعثت إليك البراء بن قبيصة لينهضك إليهم، فانهض إليهم إذا قدم عليك بجميع المسلمين، قم جاهدهم أشد الجهاد. وإياك والعلل والأباطيل، والأمور التي ليست لك عندي بسائغة ولا جائزة؛ والسلام.
    فأخرج المهلب بنيه؛ كل ابن له في كتيبة، وأخرج الناس على راياتهم ومصافهم وأخماسهم، وجاء البراء بن قبيصة فوقف على تل قريب منهم حيث يراهم. فأخذت الكتائب تحمل على الكتائب، والرجال على الرجال، فيقتلون أشد قتال رآه الناس من صلاة الغداة إلى انتصاف النهار، ثم انصرفوا. فجاء البراء بن قبيصة إلى المهلب فقال له: لا والله ما رأيت كبنيك فرسانًا قط، ولا كفرسانك من العرب فرسانًا قط، ولا رأيت مثل قوم يقاتلونك قط أصبر ولا أبأس، أنت والله المعذور. فرجع بالناس المهلب، حتى إذا كان عند العصر خرج إليهم بالناس وبنيه في كتائبهم، فقاتلوه كقتالهم في أول مرة. قال أبو مخنف: وحدثني أبو المغلس الكناني، عن عمه أبي طلحة، قال: خرجت كتيبة من كتائبهم لكتيبة من كتائبنا، فاشتد بينهما القتال، فأخذت كل واحدة منهما لا تصد عن الأخرى، فاقتتلتا حتى حجز الليل بينهما، فقالت إحداهما للأخرى: ممن أنتم؟ فقال هؤلاء: نحن من بني تميم؛ وقال هؤلاء: نحن من بني تميم؟ فانصرفوا عند المساء، قال المهلب للبراء: كيف رأيت؟ قال: رأيت قومًا والله ما يعينك عليهم إلا الله. فأحسن إلى البراء بن قبيصة وأجازه. وحمله وكساه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، ثم انصر إلى الحجاج فآتاه بعذر المهلب، وأخبره بما رأى، وكتب المهلب إلى الحجاج: أما بعد، فقد آتاني كتاب الأمير أصلحه الله. واتهامه إياي في هذه الخارجة المارقة، وأمرني الأمير بالنهوض إليهم، وإشهاد رسوله ذلك، وقد فعلت، فليسأله عما رأى، فأما أنا فوالله لو كنت أقدر على استئصالهم وإزالتهم عن مكانهم ثم أمسكت عن ذلك لقد غششت المسلمين، وما وفيت لأمير المؤمنين، ولا نصحت للأمير - أصلحه الله - فمعاذ الله أن يكون هذا من رأيي، ولا مما أدين الله به، والسلام. ثم إن الهلب قاتلهم بها ثمانية عشر شهرًا لا يستقل منهم شيئًا، ولا
    يرى في موطن ينقعون له ولمن معه من أهل العراق من الطعن والضرب ما يردعونهم به ويكفونهم عنهم. ثم إن رجلًا منهم كان عاملًا لقطرى على ناحية من كرمان خرج في سرية لهم يدعى المقعطر من بني ضبة، فقتل رجلًا قد كان ذا بأس من الخوارج، ودخل منهم في ولاية، فقتله المقعطر، فوثبت الخوارج إلى قطرى، فذكروا له ذلك، وقالوا: أمكنا من الضبي نقتله بصاحبنا، فقال لهم: ما أرى أن أفعل! رجل تأول فأخطأ في التأويل ما أرى أن تقتلوه، وهو من ذوي الفضل منكم، والسابقة فيكم، قالوا: بلى! قال لهم: لا، فوقع الاختلاف بينهم، فولوا عبد ربه الكبير، وخلعوا قطريًا، وبايع قطريًا منهم عصابة نحوًا من ربعهم أو خمسهم، فقاتلهم نحوًا من شهر غدوة وعشية. فكتب بذلك المهلب إلى الحجاج: أما بعد، فإن الله قد ألقى بأس الخوارج بينهم، فخلع عظمهم قطريًا وبايعوا عبد رب، وبقيت عصابة منهم مع قطري، فهم يقاتل بعضهم بعضأ غدوًا وعشيًا، وقد رجزت أن يكون ذلك من أمرهم سبب هلاكهم إن شاء الله! والسلام. فكتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه اختلاف الخوارج بينها، فإذا آتاك كتابي هذا فناهضهم على حال اختلافهم وافتراقهم قبل أن يجتمعوا، فتكون مأونتهم عليك أشد، والسلام. فكتب إليه: أما بعد، فقد بلغني كتاب الأمير، وكل ما فيه قد فهمت، ولست أرى أن أقاتلهم ما داموا يقتل بعضهم بعضًا، وينقص بعضهم عدد بعض، فإن تموا على ذلك فهو الذي نريد وفيه هلاكهم، وإن اجتمعوا لم يجتمعوا إلا وقد رقق بعضهم بعضًا. فأناهضهم على تفئة ذلك، وهم أهون ما كانوا وأضعفه شوكة، إن شاء الله، والسلام. فكف عنه الحجاج، وتركهم المهلب يقتتلون شهرًا لا يحركهم. ثم إن قطريًا خرج بمن اتبعه نحو طبرستان. وبايع عامتهم عبد ربه الكبير، فنهض إليهم المهلب، فقاتلوه قتالًا شديدًا. ثم إن الله قتلهم فلم ينج منهم إلا قليل، وأخذ عسكرهم وما فيه وسبوا، لأنهم كانوا يسبون المسلمين. وقال كعب الأشقري - والأشقر بطن من الأزد - يذكر يوم رامهرمز، وأيام سابور. وأيام جيرفت:
    يا حفص إن عداني عنكم السفر ** وقد أرقت فآذى عيني السهر
    علقت يا كعب بعد الشيب غانية ** والشيب فيه عن الأهواء مزدجر
    أممسك أنت عنها بالذي عهدت ** أم حبلها إذ نأتك اليوم منبتر
    علقت خودًا بأعلى الطف منزلها ** في غرفة دونها الأبواب والحجر
    درمًا مناكبها ريا مآكمها ** تكاد إذ نهضت بالمشي تنبتر
    وقد تركت بشط الزابيين لها ** دارًا بها يسعد البادون والحضر
    واخترت دارًا بها حي أسر بهم ** ما زال فيهم لمن تختارهم خير
    لما نيت بي بلادي سرت منتجعًا ** وطالب الخير مرتاد ومنتظر
    أبا سعيد فإني جئت منتجعًا ** أرجو نوالك لما مسني الضرر
    لولا المهلب ما زرنا بلادهم ** ما دامت الأرض فيها الماء والشجر
    فما من الناس من حي علمتهم ** إلا يرى فيهم من سيبكم أثر
    أحييتهم بسجال من نداك كما ** تحيا البلاد إذا ما مسها المطر
    إني لأرجو إذا ما فاقه نزلت ** فضلا من الله في كفيك يبتدر
    فاجبر أخًا لك أوهى الفقر قوته ** لعله بعد وهي العظم ينجبر
    جفا ذوو نسبي عني وأخلقني ** ظني فلله دري كيف آتمر
    يا واهب القينة الحسناء سنتها ** كالشمس هر كولة في طرفها فتر
    وما تزال بدور منك رائحة ** وآخرون لهم من سيبك الغرر
    نماك للمجد أملاك ورثتهم ** شم العرانين في أخلاقهم يسر
    ثاروا بقتلى وأوتار تعددها ** في حين لاحدث في الحرب يتئر
    واستسلم الناس إذ حل العدو بهم ** فما لأمرهم ورد ولا صدر
    وما تجاوز باب الجسر من أحد ** وعضت الحرب أهل المصر فانجحروا
    وأدخل الخوف أجواف البيوت على ** مثل النساء رجال ما بهم غير
    واشتدت الحرب والبلوى وحل بنا ** أمر تشمر في أمثاله الأزر
    نظل من دون خفض معصمين بهم ** فشمر الشيخ لما أعظم الخطر
    كنا نهون قبل اليوم شأنهم ** حتى تفاقم أمر كان يحتقر
    لما وهنا وقد حلوا بساحتنا ** واستنفر الناس تارات فما نفروا
    نادى امرؤ لا خلاف في عشيرته ** عنه وليس به في مثله قصر
    أفشى هنالك مما كان مذ عصروا ** فيهم صنائع مما كان يدخر
    تلبسوا لقراع الحرب بزتها ** فأصبحوا من وراء الجسر قد عبروا
    ساروا بألوية للمجد قد رفعت ** وتحتهن ليوث في الوغى وقر
    حتى إذا خلفوا الأهواز واجتمعوا ** برامهرمز وافاهم بها الخبر
    نعي بشر فجال اليوم وانصدعوا ** إلا بقايا إذا ما ذكروا ذكروا
    ثم استمر بنا راض ببيعته ** ينوي الوفاء ولم نغدر كما غدروا
    حتى اجتمعنا بسابور الجنود وقد ** شبت لنا ولهم نار لها شرر
    نلقي مساعير أبطالًا كأنهم ** جن نقارعهم ما مثلهم بشر
    نسقى ونسقيهم سمًا على حنق ** مستأنفي الليل حتى أسفر السحر
    قتلى هنالك لا عقل ولا قود ** منا ومنهم دماء سفكها هدر
    حتى تنحوا لنا عنها تسوقهم ** منا ليوث إذا ما أقدموا جسروا

  • صفحة 9 من 19 الأولىالأولى ... 7891011 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 50
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 06:18 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1