صفحة 9 من 25 الأولىالأولى ... 789101119 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 33 إلى 36 من 100

الموضوع: تجارب أمم المجلد الرابع


  1. #33
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    المؤمنين، وأرجو أن يجعل الله لأمير المؤمنين الخير وللمسلمين. » فعقد له وأمر أن يقطع حبال القصّارين عن طريقه، وتنحّى عن الطرقات المظالّ لئلّا يكون في طريقه ما يردّ لواءه، ثم عقد له لواء مكتوب عليه بصفرة ما يكتب على الألوية. وزاد فيه: « المأمون يا منصور. » فركب إليه الناس وركب إليه الفضل بن الربيع فأكرمه عبد الله وقال له: « قد تقدّم أبي وأخوك إليّ ألّا أقطع أمرا دونك. وأحتاج أن أستطلع رأيك واستضئ بمشورتك. » فأقام عنده إلى الليل وسأله المبيت فأبى واعتذر. فمشى معه عبد الله إلى صحن داره وودّعه.
    وفي هذه السنة ولّى عبد الله بن طاهر إسحاق بن إبراهيم أمر الجسر وجعله خليفته على ما كان أبوه طاهر استخلفه فيه من الشرط وأعمال بغداد وشخص هو إلى الرقّة لحرب نصر بن شبث.
    ودخلت سنة سبع ومائتين

    وفاة ذي اليمينين

    وفيها كانت وفاة ذي اليمينين طاهر من حمّى وحرارة أصابته. وذكر أنّه وجد في فراشه ميتا. فحكى خواصّه وعمّه عليّ بن مصعب أنّهم صاروا إليه يعودونه، فسألوا الخادم عن خبره وكان يغلّس بصلاة الصبح، فقال الخادم:
    « هو نائم لم ينتبه. » فانتظروه ساعة، فلمّا تأخّر قالوا للخادم:
    « أيقظه. » قال:
    « لا أجسر. » فقالوا له:
    « طرّق لنا لندخل إليه. » فدخلوا فوجدوه ملتفّا في دوّاج قد أدخله تحته وشدّه عليه من عند رأسه ورجليه، فحرّكوه فلم يتحرّك، فكشفوا عن وجهه فوجدوه قد مات، ولم يعلم أحد الوقت الذي توفّى فيه.
    وذكر أبو سعده كلثوم بن ثابت قال: كنت على بريد خراسان ومجلسي يوم الجمعة في أصل المنبر، فلمّا كانت سنة سبع ومائتين بعد ولاية طاهر بن الحسين بسنتين حضرت الجمعة، فصعد طاهر المنبر فخطب، فلمّا بلغ إلى ذكر الخليفة أمسك عن الدعاء له وقال:
    « اللهم أصلح أمّة محمد بما أصلحت به أولياءك واكفها مؤونة من بغى لها السوء وأرادها بمكروه بلمّ الشعث وحقن الدماء وإصلاح ذات البين. » قال: فقلت في نفسي: أنا أوّل مقتول لأنّى لا أكتم الخبر. فانصرفت واغتسلت ووصّيت وائتزرت بإزار ولبست قميصا وارتديت رداء وطرحت السواد وكتبت إلى المأمون.
    قال: فلمّا صلّى العصر دعاني، وحدث حادث في جفن عينه وفي ماقه فسقط ميتا. فخرج طلحة بن طاهر فقال:
    « ردّوه ردّوه ».
    وقد خرجت فردّونى وقال:
    « هل كتبت بما كان؟ » قلت: « نعم. » قال: « فاكتب بوفاته. » فأعطاني مالا وثيابا. فكتبت بوفاته وقد قام طلحة بالجيش.
    قال: فوردت الخريطة على المأمون بخلعه. فدعا ابن أبي خالد فقال:
    « اشخص الآن فأت به كما زعمت وضمنت. » قال: « أبيت ليلتي؟ » قال: « لا لعمري ولا تبيت إلّا على الظهر. » فلم يزل يناشده حتى أذن له في المبيت، ووافت الخريطة بموته ليلا، فأمر بمكاتبة طلحة وأقامه مقامه فبقى طلحة واليا على خراسان في أيّام المأمون سبع سنين بعد موت طاهر ثم توفّى وولّى عبد الله خراسان.
    وذكر بعض خواصّ المأمون قال: شهدت مجلسا للمأمون وقد أتاه نعى طاهر فقال:
    « لليدين وللفم. الحمد لله الذي قدّمه وأخّرنا. » ثم وجّه المأمون أحمد بن أبي خالد إلى خراسان للقيام بأمر طلحة، فشخص أحمد إلى ما وراء النهر فافتتح أسروشنة، وأسر كاووس وابنه وبعث بهما إلى المأمون، ووهب طلحة لأحمد ثلاثة آلاف ألف درهم وعروضا بألفي درهم ووهب لإبراهيم بن العبّاس كاتب أحمد خمسمائة ألف درهم.
    ودخلت سنة ثمان ومائتين

    ولم يحدث فيها حدث ينسخ في هذا الكتاب.
    ودخلت سنة تسع ومائتين

    وفيها حصر عبد الله بن طاهر نصر بن شبث وضيّق عليه حتى طلب الأمان.
    ويقال: إنّ ثمامة حكى أنّ المأمون سأله أن يحمل إليه رجلا له عقل وبيان يحمّله رسالة إلى نصر بن شبث. قال: فحملت إليه رجلا من بنى عامر يقال له جعفر بن محمد فقال: أحضرنى المأمون بين يديه فكلّمنى بكلام كثير، ثم أمرنى أن أبلغه نصرا. قال: فأتيت نصرا وهو بسروج بموضع يقال له كفرغزون فأبلغته رسالته فأذعن وشرط شروطا منها أن لا يطأ له بساطا. قال: فأتيت المأمون فأخبرته فقال:
    « لا أجيبه إلى هذا أبدا ولو أفضيت إلى بيع ما عليّ حتى يطأ بساطي وما باله ينفر مني. » قال: قلت:
    « لجرمه وما تقدّم منه. » قال: « أتراه أعظم جرما عندي من الفضل بن الربيع ومن عيسى بن أبي خالد أتدرى ما صنع بي الفضل؟ أخذ قوّادى وأموالى وجنودي وسلاحي وجميع مالي ممّا أوصى به لي أبي فذهب به إلى
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #34
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    محمد وتركني بمرو وحيدا وأسلمنى وأفسد عليّ أخي حتى كان من أمره ما كان. أتدرى ما صنع بي عيسى بن أبي خالد؟ طرد خليفتي من مدينتي ومدينة آبائي وذهب بخراجى وفيئى وأخرب عليّ دياري وأقعد إبراهيم خليفة بإزائى ودعاه باسمى. » قال: قلت: « يا أمير المؤمنين تأذن لي في الكلام فأتكلّم؟ » قال: « تكلّم. » قال: قلت:
    « الفضل بن الربيع رضيعكم ومولاكم وحال سلفه حالهم يرجع إليه بضروب كلّها تردّك إليه وعيسى بن أبي خالد رجل من أهل دولتك وسابقته وسابقة من مضى من سلفه سابقتهم، وهذا رجل لم تكن له يد قطّ فتحتمل عليها ولا لمن مضى من سلفه، إنّما كانوا جند بني أمية. » قال: « إنّ ذلك لكما تقول، فكيف بالحنق والغيظ. لست أقلع عنه حتى يطأ بساطي. » قال: « فأتيت نصرا فأخبرته بذلك. قال: فصاح بالخيل صيحة فجالت عليه ثم قال:
    « ويلي عليه هو؟ لم يقو على أربعمائة ضفدع تحت جناحه - يعنى الزطّ - يقوى على حلبة العرب؟ » فذكر أنّ عبد الله بن طاهر لمّا جادّه القتال بلغ منه حتى طلب الأمان فأعطاه وبعث به إلى المأمون.
    ودخلت سنة عشرة ومائتين

    وفيها أخذ إبراهيم بن المهدي ليلة الأحد لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر وهو متنقّب بين امرأتين في زيّ امرأة أخذه حارس أسود ليلا فقال:
    « من أنتنّ وأين تردن في هذا الوقت؟ » فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت كان في إصبعه له قدر عظيم، وقال:
    « خلّنا ولا عليك أن تعلم من نحن. » فلمّا نظر الحارس إلى الخاتم استراب وقال في نفسه: هذا خاتم رجل له شأن فرفعن إلى صاحب المسلحة، فأمرهنّ أن يسفرن. فتمنّع إبراهيم فجبذه فبدت لحيته. فرفعه إلى صاحب الجسر، فرفعه فذهب به إلى باب المأمون فأعلم به فأمر بالاحتفاظ به في الدار. فلمّا كان غداة الأحد أقعد في دار المأمون لينظر إليه بنو هاشم والقوّاد والجند وصيّروا المقنعة التي كان متنقّبا بها في عنقه والملحفة في صدره ليراه الناس ويعلموا كيف أخذ، فلمّا كان يوم الخميس حوّل إلى منزل أحمد بن أبي خالد فحبس عنده.
    بناء المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل

    وفي هذه السنة بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل في شهر رمضان. وكان الحسن بالصّلح، فشخص المأمون إلى الصّلح، وأمر بحمل إبراهيم بن المهدي خلفه. وكان العبّاس بن المأمون قد تقدّم أباه على الظهر ووافى المأمون وقت العشاء فأفطر هو والحسن والعبّاس ودينار بن عبد الله قائم على رجله حتى فرغوا من الإفطار، فدعا المأمون بشراب فأتى بجام ذهب فصبّ فيه وشرب ومدّ يده بجام فيه شراب إلى الحسن، فتباطأ عنه الحسن فغمزه دينار بن عبد الله، فقال الحسن:
    « يا أمير المؤمنين أشربه بإذنك. » فقال له:
    « لو لا أمري لم أمدّ يدي إليك بها. » فأخذ الجام فشربه فلمّا كان في الليلة دخل على بوران. فلمّا جلس المأمون معها نثرت عليها جدّتها ألف درّة كانت في صينيّة ذهب وكان تحتها حصير ذهب معمول على السامان. فقال المأمون:
    « قاتل الله أبا نواس كأنّه حاضر هذا المنظر في قوله:
    « حصباء درّ على أرض من الذهب. » ثم أمر المأمون أن يجمع وسألها عن عدد الدرّ كم كان فقالت:
    « ألف حبّة. » فأمر بعدّها فنقصت عشرا فقال:
    « من أخذها فليردّها. »
    فقال حسين رخلة:
    « يا أمير المؤمنين إنّما نثر لنأخذه وإلّا فالعقد أولى به. » قال: « ردّها فإني أخلفها عليك. » فردّت. فجمعها المأمون في الآنية كما كانت، ووضع في حجرها، وقال:
    « هذه نحلتك وسلى حوائجك. » فأمسكت، فقالت جدّتها:
    « كلّمى سيّدك وسليه حوائجك، فقد أمرك. » فسألته الرضا عن إبراهيم بن المهدي. فقال:
    « قد فعلت. » وسألته الإذن لأمّ جعفر في الحجّ، فأذن لها. وألبستها أمّ جعفر البدنة الأموية. وابتنى بها من ليلته وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون منّا في تور ذهب فأنكر المأمون ذلك عليهم وقال:
    « هذا سرف. » فلمّا كان من الغد دعا إبراهيم بن المهدي، فجاء يمشى من شاطئ دجلة.
    فلمّا دخل على المأمون قال:
    « هيه يا إبراهيم. » فقال: « يا أمير المؤمنين، وليّ الثأر محكّم في القصاص والعفو أقرب للتقوى ومن تناوله الاغترار بما مدّ له من أسباب الشقاء أمكن عادية الدهر من نفسه، وقد جعلك الله فوق كلّ ذي ذنب كما جعل كلّ ذي ذنب. دونك فإن تعاقب فبحقّك وإن تعف فبفضلك. »
    قال: « بل أعفو يا إبراهيم. » فكبّر وسجد وقال إبراهيم يمدح المأمون:
    يا خير من حملت يمانية به ** بعد الرّسول لآيس ولطامع
    عسل الفوارع ما أطعت فإن تهج ** فالصّاب يمزج بالسّمام النّاقع
    ملئت قلوب النّاس منك مخافة ** وتبيت تكلؤهم بقلب خاشع
    بأبي وأمي فدية وبنيهما ** من كلّ معضلة وذنب واقع
    ما ألين الكنف الّذى بوّأتنى ** وطنا وأمرع ريعه للرّائع
    نفسي فداؤك إذ تضلّ معاذرى ** وألوذ منك بفضل حلم واسع
    أملا لفضلك والفواضل شيمة ** رفعت بناءك بالمحلّ اليافع
    فعفوت عمّن لم يكن عن مثله ** عفو ولم يشفع إليك بشافع
    إلّا العلوّ عن العقوبة بعد ما ** ظفرت يداك بمستكين خاضع
    فرحمت أطفالا كأفراخ القطا ** وعويل عانسة كقوس النّازع
    الله يعلم ما أقول فإنّها ** جهد الأليّة من حنيف راكع
    ما إن عصيتك والغواة تمدّنى ** أسبابها إلّا بنيّة طائع
    حتى إذا علقت حبائل شقوتي ** بردى إلى حفر المهالك هائع
    لم أدر أنّ لجرم مثلي غافرا ** فوقفت أنظر أيّ حتف صارعى
    ردّ الحيوة عليّ بعد ذهابها ** ورع الإمام القادر المتواضع
    أحياك من ولّاك أطول مدّة ** ورمى عدوّك في الوتين بقاطع
    إنّ الّذى قسم الخلافة حازها ** في صلب آدم للإمام السّابع
    جمع القلوب عليك جامع أمرها ** وحوى رداؤك كلّ خير جامع


  • #35
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فقال المأمون حين أنشده إبراهيم هذه القصيدة:
    « أقول ما قال يوسف لإخوته: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ الله لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. » فأمّا الحسن بن سهل فإنّه أضاف المأمون وجميع من معه وخلع على القوّاد على مراتبهم وحملهم ووصلهم، وكان مبلغ ما لزمه عليهم خمسين ألف ألف درهم سوى ما نثره.
    وكان كتب رقاعا فيها أسماء ضياعه ونثرها على القوّاد وبنى هاشم فمن وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضيعة بعث فتسلّمها.
    افتتاح مصر

    وفي هذه السنة افتتح عبد الله بن طاهر مصر واستأمن إليه عبيد الله بن السرى بن الحكم.
    ذكر الخبر عن ذلك

    لمّا فرغ عبد الله بن طاهر من نصر بن شبث ذهب إلى مصر، فلمّا قرب منها وصار على مرحلة قدّم قائدا من قوّاده ليرتاد لمعسكره موضعا يعسكر فيه، وقد خندق ابن السريّ على نفسه خندقا. فاتصل الخبر بابن السريّ عن مسير القائد إلى ما قرب منها فخرج بمن استجاب له من أصحابه إلى القائد الذي كان يطلب موضع العسكر، فأبرد القائد إلى عبد الله بريدا بخبره وخبر خروج ابن السريّ إليه، فحمل عبد الله رجاله على البغال على كلّ بغل رجلين بآلاتهما وجنبوا الخيل وأسرعوا السير حتى لحقوا القائد وابن السرى وأصحابه، فلم يكن من أصحاب عبد الله إلّا حملة واحدة حتى انهزم ابن السريّ وأصحابه وتساقطت عامّة أصحاب ابن السريّ في الخندق. فمن هلك منهم بسقوط بعضهم على بعض في الخندق أكثر ممّن قتله الجند. وانهزم ابن السرى فدخل الفسطاط وأغلق على نفسه وأصحابه ومن فيها الباب وحاصره عبد الله بن طاهر، فلم يعاوده ابن السريّ الحرب حتى خرج إليه في الأمان.
    فحكى ابن ذي القلمين قال: بعث ابن السريّ إلى عبد الله بن طاهر لمّا ورد مصر، ومانعه من دخولها بألف وصيف ووصيفة، مع كلّ واحد منهم ألف دينار في كيس حرير، وبعث بهم إليه ليلا. قال: فردّهم عليه عبد الله وكتب إليه:
    « لو قبلت هديّتك نهارا لقبلتها ليلا - بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ. » قال: فحينئذ طلب الأمان وخرج إليه.
    خلع أهل قم السلطان وما كان من عاقبته

    وفي هذه السنة خلع أهل قم السلطان ومنعوا الخراج.
    ذكر سبب ذلك

    كان المأمون وقت اجتيازه بالريّ حطّ عن أهلها من الخراج على ما ذكرت، فطمع أهل قم في مثل ذلك وكان خراجهم ألفي ألف درهم، فكانوا يستكثرونها. فرفعوا إلى المأمون يشكون ثقل الخراج ويسألونه الحطّ فلم يجبهم المأمون، فامتنعوا ولم يؤدّوا شيئا، فوجّه المأمون إليهم عليّ بن هشام ثم أمدّه بعجيف فحاربهم فظفر بهم وقتل يحيى بن عمران وهدم سور قم وجباها سبعة آلاف ألف، بعد ما كانوا يتظلّمون من ألفي ألف درهم.
    ودخلت سنة إحدى عشرة ومائتين

    المأمون يدس رجلا إلى عبد الله بن طاهر

    وفيها قال بعض إخوة المأمون للمأمون:
    « يا أمير المؤمنين، إنّ عبد الله بن طاهر يميل إلى ولد أبي طالب وكذا كان أبوه قبله. » قال: فدفع المأمون ذلك وأنكره.
    ثم عاد لمثل هذا القول، فدسّ إليه رجلا وقال له:
    « امض في هيئة القرّاء والنسّاك إلى مصر فادع جماعة من كبرائها إلى القاسم بن إبراهيم بن طباطبا واذكر مناقبه وعلمه وفضائله ثم صر بعد ذلك إلى بعض بطانة عبد الله بن طاهر ثم ائته فادعه ورغّبه في استجابته له، وابحث عن دفين نيّته بحثا شافيا، وأتنى بما تسمع منه. » قال: ففعل الرجل ما قال له وأمره به، حتى إذا دعا جماعة من الرؤساء والأعلام قعد يوما بباب عبد الله بن طاهر وقد ركب إلى عبيد الله بن السريّ بعد صلحه وأمانه. فلمّا انصرف قام إليه الرجل فأخرج من كمّه رقعة فدفعها إليه فأخذها بيده. قال: فما هو إلّا أن دخل خرج الحاجب، فأدخله عليه وهو قاعد على بساطه ما بينه وبين الأرض غيره وقد مدّد رجليه وخفّاه فيهما. فقال له:
    « قد فهمت ما في رقعتك من جملة كلامك، فهات ما عندك. » قال: « ولى أمانك ذمّة من الله معك؟ » قال: « لك ذلك. » فأظهر له ما أراد، ودعاه إلى القاسم وأخبره بفضائله وعلمه وزهده.
    فقال له عبد الله:
    « أتنصفني؟ » قال: « نعم. » قال: « هل يجب شكر الله على العباد؟ » قال: « نعم. » قال: « فهل يجب شكر بعضهم على بعض عند الإحسان والمنّة والتفضل؟ » قال: « نعم. » قال: « فتجيء إليّ وأنا على هذه الحال التي ترى، لي خاتم في المشرق جائز وخاتم في المغرب كذلك، وفيما بينهما أمير مطاع وقولي مقبول. ثم ما ألتفت يميني ولا شمالي ولا ورائي ولا قدّامى إلّا رأيت نعمة لرجل أنعمها عليّ ومنّة ختم بها رقبتي ويدا لائحة بيضاء ابتدأنى بها كرما وتفضّلا فتدعوني إلى الكفر بهذه النعمة وهذا الإحسان وتقول: اغدر بمن كان أوّلا لهذا وآخرا واسع في إزالة خيط رقبته وسفك دمه، تراك لو دعوتني إلى الجنّة عيانا من حيث أعلم، أكان الله عز وجل يحبّ أن أغدر به وأكفر إحسانه ومنّته وأنكث بيعته؟ » فسكت الرجل. فقال له عبد الله:
    « أما إنّه قد بلغني أمرك وبالله ما أخاف عليك إلّا نفسك، فارحل عن هذا البلد، فإنّ السلطان الأعظم إن بلغه أمرك كنت الجاني على نفسك ونفس غيرك. » فعاد الرجل إلى المأمون فأخبره الخبر. فاستبشر فقال:
    « ذلك غرس يدي وإلف أدبى. » ولم يظهر من حديثه هذا شيء لأحد إلّا بعد موت المأمون.
    وكتب المأمون إلى عبد الله بن طاهر وهو بمصر كتابا بخطّه. فكان في أسفله هذه الأبيات:
    أخي أنت ومولاي ** ومن أشكر نعماه
    فما أحببت من أمر ** فإني الدّهر أهواه
    وما تكره من شيء ** فإني لست أرضاه
    لك الله على ذاك ** لك الله لك الله


  • #36
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    المأمون واظهار القول بخلق القرآن وبفضل علي بن أبي طالب (ع)

    وفي هذه السنة قدم عبد الله بن طاهر مدينة السلام من المغرب وتلقّاه العبّاس بن المأمون وأبو إسحاق المعتصم وسائر طبقات الناس وقدم معه بالمتغلّبين على الشام.
    وفيها أمر المأمون مناديا فنادى:
    « برئت الذمّة ممّن ذكر معاوية بخير. »
    وأظهر القول بخلق القرآن وبفضل عليّ بن أبي طالب.
    ودخلت سنة ثلاث عشرة ومائتين

    وفيها مات طلحة بن طاهر بن الحسين بخراسان.
    وفيها ولّى المأمون أخاه أبا إسحاق الشام ومصر وولّى ابنه العبّاس بن المأمون الجزيرة وأمر لكلّ واحد منهما ومن عبد الله بن طاهر بخمسمائة ألف دينار. فقيل إنّه لم يفرّق في ساعة من يوم من المال مثل ذلك.
    ودخلت سنة أربع عشرة ومائتين

    وفيها استفحل أمر بابك وقتل محمد بن حميد وفضّ عسكره وقتل أكثر من كان معه.
    وفيها بعث المأمون إلى عبد الله بن طاهر إسحاق بن إبراهيم ويحيى بن أكثم يخيّرانه بين خراسان والجبال وإرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك.
    فاختار خراسان وشخص إليها.
    ودخلت سنة خمس عشرة ومائتين

    وفيها شخص المأمون من مدينة السلام لغزو الروم في المحرّم. فافتتح بها حصونا وعاد إلى دمشق.
    ودخلت سنة ستّ عشرة ومائتين

    فكرّ المأمون إلى أرض الروم، وكان سبب ذلك ورود الخبر على المأمون بقتل ملك الروم قوما من أهل طرسوس والمصّيصة وكانوا نحو ألفى رجل، فشخص المأمون حتى دخل بلاد الروم. فما نزل على حصن إلّا خرج إليه أهله على صلح حتى افتتح ثلاثين حصنا، ثم أغار على طوانة وسبى وقتل وأحرق. ثم ارتحل إلى دمشق.
    ودخلت سنة سبع عشرة ومائتين

    وعاد المأمون إلى أرض الروم. وكان سبب ذلك كتاب ورد عليه من ملك الروم يسأله الموادعة، وبدأ فيه بنفسه. فغزا المأمون هذه الغزوة بحنق، وأنزل ابنه بطوانه من أرض الروم، ووجّه معه الفعلة وابتدأ بها في بناء عظيم وجعل سورها على ثلاثة فراسخ وجعل لها أربعة أبواب وبنى على كلّ باب حصنا، وكتب إلى أخيه أبي إسحاق أن يفرض على جند دمشق وما والاها أربعة آلاف رجل وأنّه يجرى على الفارس مائة درهم وعلى الراجل أربعين درهما وفرض على مصر وغيرها من البلدان.
    وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم وهو خليفته ببغداد، ففرض على أهل بغداد فرضا.
    المأمون يختبر الآراء في التشبيه وخلق القرآن

    وفي هذه السنة كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم في امتحان القضاة والمحدثين والفقهاء، فمن لم يقبل منهم بنفي التشبيه وبخلق القرآن يشخصهم إليه مقيّدين.
    وكتب في ذلك كتابا بليغا فيه آيات منتزعة من القرآن وتهديد كثير مع رفق في مواقع، وطعن على أصحاب الحديث الذين لا يتفقّهون ولا يعقلون، فأشخص إليه جماعة فيهم محمد بن سعد كاتب الواقدي ومستملى يزيد بن هارون ويحيى بن معين وزهير بن حرب وعدّه يجرون مجراهم، فامتحنهم وسألهم عن القرآن فأجابوا جميعا:
    « إنّ القرآن مخلوق. » وامتحن إسحاق بن إبراهيم جماعة فيهم بشر بن الوليد وقال له:
    « ما تقول في القرآن؟ » قال: « أقول إنّه كلام الله. » قال: « لم أسألك عن هذا، أمخلوق هو؟ » قال: « الله خالق كلّ شيء. » قال: « فالقرآن شيء؟ » [ قال: نعم، هو شيء. ] قال: « فهو مخلوق. » قال: « ليس بخالق؟ » قال: « فهو مخلوق. » قال: « ما أحسن غير هذا. » ثم كلّم جماعة من وجوه الفقهاء والقضاة فقالوا قريبا من قول بشر.
    فكتب مقالات القوم رجل رجل إلى المأمون.
    فكتب المأمون في الجواب يستجهل واحدا واحدا ويحاجّه ويشتم كلّ واحد بما يعرفه فيه ويأمر في آخر الكتاب بأنّ:
    « من لم يرجع عن شركه يسفك دمه. أمّا بشر بن الوليد فابعث إليّ برأسه وكذلك إبراهيم بن الحسن، وأمّا الباقون فاحملهم في قيود وأغلال لينفذ فيهم أمري. » فأجاب القوم كلّهم:
    « إنّ القرآن مخلوق. » إلّا نفسان: أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح، فشدّا في الحديد ووجّها إلى طرسوس.
    ثم بلغ المأمون أنّ بشر بن الوليد والجماعة تأوّلوا قوله - عز وجل -: « إلّا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان » فكتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم أن:
    « قد فهم أمير المؤمنين ما كتب به صاحب الخبر أنّ بشر تأول الآية التي ذكرت وقد أخطأ التأويل، إنّما عنى الله عز وجل بهذه الآية من كان معتقدا الإيمان مظهرا الشرك، فأمّا من كان معتقدا الشرك مظهرا الإيمان فليس هذه له. » فأشخص القوم جميعا إلى طرسوس وأخذ عليهم الكفلاء، فأشخص نحوا من عشرين مع بشر بن الوليد من وجوه الفقهاء والقضاة وأصحاب الحديث. فلمّا بلغوا الرقّة أتاهم وفاة المأمون فردّوا إلى مدينة السلام، فأمرهم إسحاق بلزوم منازلهم.
    كتاب المأمون إلى عماله في البلدان

    وفي هذه السنة نفذت الكتب من المأمون إلى عمّاله في البلدان:
    « من عبد الله، عبد الله المأمون أمير المؤمنين وأخيه الخليفة من بعده أبي إسحاق ابن أمير المؤمنين إلى الرشيد. » وقيل: إنّ ذلك لم يكتبه المأمون وإنّما مرض بالبذندون وهو نهر بأرض الروم، فلمّا أفاق أمر بأن يكتب إلى العبّاس ابنه وعبد الله بن طاهر وإلى إسحاق أنّه إن حدث به حدث الموت في مرضه فالخليفة من بعده أبو إسحاق ابن الرشيد. فكتب بذلك محمد بن يزداذ وختم الكتب وأنفذها.
    فكتب أبو إسحاق إلى عمّاله:
    « من أبي إسحاق أخي أمير المؤمنين والخليفة بعد أمير المؤمنين، أمرهم بحسن السيرة وتخفيف المؤونة. وكتب إلى جمع من في أعماله من أجناد الشام جند حمص والأردن وفلسطين بمثل ذلك.
    فلمّا كان يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين صلّى إسحاق بن يحيى بن معاذ في مسجد دمشق، فقال في خطبته بعد دعائه لأمير المؤمنين:

  • صفحة 9 من 25 الأولىالأولى ... 789101119 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    2. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    3. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    4. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    5. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1