أثارت قضية اغتصاب وقتل الطفل " فيصل " البالغ من العمر أربع سنوات ، الذي قتل بطريقة " وحشية " في حلب ، غضب الشارع السوري بشكل عام ، والشارع الحلبي خصوصاً .
وفي متابعة لـ عكس السير لقضية الطفل ، زرنا منزله في حي " الباسل " القريب من المقبرة الاسلامية بحلب ، ففوجئنا بحي بسيط ، يفتقد إلى أدنى مقومات الحياة ، شوارع ترابية ، بيوت مبنية من حجر ، فقط وحده الحجر المرصوف ، حجر علقت عليه جثة طفل مجرد من الثياب ، مربوط بحبل من عنقه ، ودماؤه سالت إلى أن جفت .
لحظة اكتشاف الجريمة ، تواصل عكس السير مع عدد من المصادر بعضها طبي وبعضها قضائي ، وبعضها من الأمن الداخلي ، لنقل تفاصيل الخبر الذي نشر صباح الثلاثاء .
وعلى الرغم من غياب الصور المرتبطة بالخبر الأولي ، حركت تفاصيله مشاعر كل من قرأه ، وضجت لبشاعة وصف الحادثة نفوس وقلوب وعقول الجميع .
وأثناء متابعة الحادثة ، تمكن عكس السير من الحصول على صور الطفل ، صور تعجز كل الكلمات عن وصفها ، صور تسقط أمام وحشية تفاصيلها جميع الحروف والتعابير .
والد الطفل : اغتصبوا ابني وحطموا راسه بالحجر ..ومن ثم شنقوه
وقال والد الطفل" زكريا الأحمد" لـ عكس السير " كان فيصل يلعب أمام البيت عند الساعة الحادية عشر ظهرا ، حيث فقدناه لساعات ، قبل ان يصل خبر مقتله ، حيث أخبرنا أحد السائقين بوجود طفل معلق على جدار قريب من منزلنا ".
وتابع " ركضنا بالاتجاه الذي أشار له السائق ، فوجدنا فيصل معلق ، دماؤه جافة ، ثيابه منزوعة .. لم أتمكن من النظر اليه ، وجهه كان مشوهاً ، حضرت الشرطة وقامت بإنزاله ، وعلمت أن الكشف الطبي بين أنه تعرض للاغتصاب ".
و اتهم خال الطفل " عبد الرحمن الجاسم " عدد من الشبان الذين يتعاطون الحبوب المخدرة ، مؤكداً أن من ارتكب هذه الجريمة " مدمن مخدرات لا محالة " ، وقال لـ عكس السير : " إن من يتعاطى الحبوب المخدرة يرتكب مثل هذه الجرائم , فالمخدرات تفقدهم إنسانيتهم ، وتجعلهم وحوش بشرية ".
و ناشد والد الطفل الجهات المختصة بالاسراع في القبض على مرتكبي الجريمة ، وإنزال أقصى العقوبات بحقهم .
وأثناء وجودنا في الحي الذي يعيش فيه الطفل ، همس أحد جيران الطفل لـ عكس السير أن " والد الطفل لا يتمتع بسمعة جيدة في المنطقة ، حيث يعمل بائع قهوة اكسبريس ، وقد سجن قبل مدة " .
أخصائي نفسي : هذا النوع من الحوادث يكون سببها " الانتقام "
وفي متابعة للتحقيق ، التقى عكس السير الأخصائي بعلم النفس الدكتور محمد دندن ، الذي قال " إن هذا النوع من الاعتداءات غالباً ما يكون دافعه الانتقام ، ولكن الامعان في تفاصيل هذه الجريمة ، وطبيعة مرتكبها يدل حتماً على وجود ة اضطرابات شديدة في السلوك ، وغالباً ما يكون مرتكب هذه الجرائم فاقد لحس الغيرة و الندم ، وضميره غائب ولا يشعر بالألم " .
و تابع " من المحتمل ان يكون الفاعلون ضحية لتحرشات جنسية منذ الطفولة في عمر معين و هنا يتحول المعتدى عليه الى معتدي " .
و خاطب الطبيب النفسي كافة شرائح المجتمع بالقول " إن الطفل بشكل عام مهمل بشكل فظيع حتى عند اكبر الناس علما وثقافة و خاصة بما يتعلق بالاتصال المحيط العام ، و هذا الاهمال يثمر أشخاصاً منحرفين عن المجتمع وسلوكه ".
إعلامية : هذه الجريمة نتيجة ثقافة تستسهل القتل وتشجع الانتقام
وبدورها ، أعادت الاعلامية " شهيناز عبد الغفور " سبب وقوع هذا النوع من الجرائم إلى مجموعة من العوامل التي تشجع على الانتقام ، وتخلق ثقافة تبسط عملية القتل ، وتقتل الضمير الانساني .
وقالت " عبد الغفور " لـ عكس السير : " من هذه العوامل الدراما ، والأفلام ، التي تشجع على العنف ، وتنمي السلوك الوحشي والعدواني لدى الانسان ، فماذا تتصورون من جيل يشاهد بطل مسلسل أو فيلم يحرق إنساناً ، أو يفجره انتقاماً ؟؟ ".
وأكدت الاعلامية على ضرورة متابعة ودراسة هذه الحوادث بكل تفاصيلها ، لإيجاد طريقة نستطيع من خلالها إيقاف هذه الجرائم والحد منها ، مؤكدة أن نشر صور هذه الحوادث مهما كانت وحشيتها فهي وسيلة تساعد على ردع شريحة من المجتمع ، وتنمي الضمير الانساني ، فوحشية الجرائم التي تظهرها الصور تشكل " صفعة " للمتلقي وتنمي لديه إنسانيته وضميره وأحاسيسه .
غياب للإحصاءات الرسمية
وفي محاولة لـ عكس السير لرصد عدد الحالات التي راجعت دائرة الطب الشرعي في حلب فوجئنا برفض رئيس الطبابة الشرعية في حلب الدكتور " عبد التواب شحرور "إعطاءنا أية معلومة بسبب وجود كتاب رسمي موقع من قبل مدير صحة حلب يمنع الدائرة الإفصاح عن أي معلومة، في تصرف يعتم ويضيق الخناق على بيانات ومعلومات الظاهرة.
وفي ذات السياق ، قام عدد من الباحثين والمختصين بإحصاء ودراسة بعض الحالات، وقال الأخصائي في الطب الشرعي ونائب رئيس الرابطة السورية للطب الشرعي الدكتور " بسام المحمد " لـ عكس السير: " قمنا بإعداد دراسة تحليلية لحالات الطفل المضطهد والتي راجعت دائرة الطب الشرعي في حمص خلال عام 2007 ففوجئنا بأرقام ليست بالقليلة مقارنة بعدد الحالات المتستر عنها ".
وتابع " فقد بلغ عدد الحالات التي استقبلنها في دائرة الطب الشرعي في حمص 27 حالة من الأطفال المضطهدين سبعة أطفال منهم تعرضوا لحالات العنف الجنسي والجسدي بنسبة تشكل 25.2% من حالات العنف التي استقبلناها والبالغ عددها 107 حالات خلال عام 2007 ".
وتفاوتت الحالات السبع التي تنوعت بين اغتصاب واغتصاب مقترن بالعنف الجسدي، وقال الدكتور " المحمد " لـ عكس السير: " خمس حالات (ذكرين وثلاثة إناث) من الحالات السبع تعرضوا لاضطهاد جنسي، فيما تعرضت الحالتان المتبقيتان لاضطهاد جنسي وجسدي ".
وأضاف الأخصائي بالطب الشرعي في حمص " على الرغم من محاولاتنا المستمرة لجمع المعلومات، إلا أن الأرقام التي حصلنا عليها لا تعطي تصوراً واضحاً عن عدد الحالات الفعلية التي شهدتها محافظة حمص بسبب تستر الأهالي على تعرض أبنائهم للعنف الجنسي بحجة منع الفضيحة، وغالباً ما تكون حالات العنف الجنسي المتستر عليها ارتكبها أحد أبناء العائلة "، ولم يحدد الدكتور " بسام المحمد " النسبة التي تشكلها الحالات المعلن عنها من الحالات الكلية، في الوقت الذي أكد فيه عدد من الباحثين أن النسبة لا تتجاوز الـ 10%.
وفي عام 2007 نشرت صحيفة محلية تحقيقاً حول الاستغلال الجنسي للأطفال، وقالت حينها أن الاستغلال الجنسي تضاعف ثلاث مرات، وأوردت الصحيفة في تحقيقها إحصائيات دائرة الطبابة الشرعية في دمشق، وقالت الصحيفة ان نسبة الأطفال المتعرضين الاستغلال الجنسي عام 2004 بلغ 65 حالة ارتفعت عام 2005 إلى 99 حالة بينما بلغت عام 2006، 189 حالة، أي بنسبة زيادة ثلاثة أضعاف عن عام 2004.
وتابع التحقيق الذي نشرته صحيفة محلية انه وفي الثلاث سنوات المدروسة كانت نسبة الذكور والإناث متقاربة حيث بلغت نسبة الذكور 56.6%، والإناث 43.4% عام 2006، بينما سجلت " الملامسة " النسبة الأعلى وفقاً للتقارير الطبية الواردة حيث بلغت نسبتها 69.84% عام 2006، إضافة لحالات ارتخاء في "المعصرة الشرجية " نتيجة تكرار الاعتداءات الجنسية والتي بلغت نسبتها16.4% عام 2006 "، و" تمزق في غشاء البكارة " بنسبة 13.76% عام 2006.
وقالت دراسة نشرتها صحيفة " الثورة " الرسمية أنجزها عام 2002 الأخصائي في الصحة النفسية الدكتور " مطاع بركات " عن طريق توزيع استمارات البحث على 400 طالب وطالبة من جامعة دمشق، مئة منهم فقط أجابوا على الأسئلة المطروحة، ان 40% من المفحوصين تعرضوا "لتجربة جنسية في فترة الطفولة" ولم يخبروا بها أحداً، وأن نسبة الأطفال الذين قاموا بفعل جنسي لمن هم أصغر منهم سناً وهم بعمر لا يتجاوز الـ 12 سنة بلغت 16%، في حين بلغت نسبة من قاموا بهذا الفعل وهم في عمر " فوق 12 عاماً " 15%.
وعن تعرض المفحوصين لنفس الفعل من جهة " أطفال يكبرونهم سناً " قالت الدراسة ان نسبة من مرّوا بمثل هذه التجربة وهم تحت سنة 12 سنة بلغ 40%، فيما بلغت النسبة لمن تعرض لتجربة جنسية وهو بسن يفوق الـ 12 سنة بلغ 21%، وتوصلت الدراسة حينها إلى أن " 76% من المفحوصين تعرضوا لتجارب جنسية قبل سن 18 ".
كما قالت دراسة تحليلية قدمها الدكتور "محمد فوزي النجار " حول حالات العنف الأسري الجنسي التي استقبلتها مراكز الطبابة في سورية، والتي شملت جميع المدن والمحافظات السورية عدا حلب وريف دمشق، ان المراكز استقبلت 467 حالة أذى جنسي من ضمنها 25 حالة فقط ضمن الأسرة الواحدة وتفاوتت أعمار الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجنسي بين عامين و10 أعوام، وذلك بحسب الدراسة.‏
وفي عام 2008 أعدت الهيئة السورية لشؤون الأسرة تقريراً عرف باسم التقرير الوطني حول سوء معاملة الأطفال في سورية، والذي بين أرقام احصائية وصفها بالتقريبية حول وضع الأطفال في سوريا، وذكر التقرير أن "19.4 % من الأطفال يتعرضون إلى عنف جنسي تبدأ بالإساءة اللفظية وتنتهي بسلوك جنسي صريح مع الطفل إلا انه لم يتم التوصل إلى نسب محددة في هذا الموضوع "، وقال التقرير حينها ان دراسة العنف الجنسي عند الأطفال " تشكل إشكالية كبيرة بسبب العادات الاجتماعية وصعوبة الحصول على المعلومات من الأطفال وغيرها "، كما دعت الدراسة حينا إلى " تأسيس مراكز بحثية متخصصة بظاهرة العنف ضد الأطفال في سوريا ".
قانوني: ازدياد حالات العنف الجنسي في سوريا أمر يستحق تشديد العقوبة إلى الإعدام
ومن جهته، قال المحامي " علاء السيد " لـ عكس السير: " إن قانون العقوبات السوري الصادر عام 1949 قد فرق بعقوبة الاعتداء على قاصر أن يكون القاصر دون الـ 12 عاماً من العمر لتصل حيث تصل عقوبة المعتدي إلى الحبس 20 عاماً، وفي حال تجاوز عمر القاصر سن الثانية عشر تصل العقوبة حتى 12 عاماً، ويعاقب المعتدي بالعقوبات التي ذكرناها إذا تجاوز عمره السن القانوني وهو 18 عاماً، أما في حال كان عمره بين 15 و18 عاماً يعاقب بنصف العقوبة ".
وتابع " بسبب بشاعة جريمة اغتصاب قاصر من المجدي تشديد العقوبة على البالغ السن القانوني (18 عاماً) إلى الإعدام، أما الحدث بين 15 – 18 عاماً فلا يجب تخفيض العقوبة عليه خاصة في هذه النوعية من الجرائم المقززة ومن المجدي تشديد العقوبة لتكون كعقوبة البالغ خصوصاً مع ازدياد حالات الاعتداء الجنسي ".
وختم بالقول " الرأي العام في الشارع السوري يطالب بإصدار حكم الإعدام بحق كل من يغتصب طفلاً سواء كان قاصراً أو بالغاً وأظن بأن هذه المطالب أمر يستحق تعديل القانون لأجله ".
يذكر أن سوريا صادقت على اتفاقية حقوق الطفل عام 1993، وانضمّت سوريا في عام 2002 للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، والمتعلق ببيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية، وفي عام 2005 أطلقت سوريا خطة وطنية لحماية الطفل شارك في إعدادها جهات حكومية وأهلية، وكان من أهم البنود الواردة فيها" إحداث مراكز إيواء لحماية الأسرة، وإيجاد ما يسمى بالخط الساخن، يمكّن الطفل من التبليغ في حال تعرضه لأي شكل من أشكال العنف "، إلا أن أياً من هذه البنود لم ينفذ حتى الآن.
مصدر لـ عكس السير : الأمن الجنائي أوقف أربعة اشخاص مشتبه بهم .. والتحقيقات جارية
وعلم عكس السير من مصدر مطلع ان الأمن الجنائي بحلب أوقف أربعة اشخاص مشبته بهم ، ولاتزال التحقيقات جارية معهم حتى الآن ، وأشار المصدر إلى أنه من الممكن توقيف أشخاص آخرين ، مؤكداً أن القضية لاتزال غامضة حتى الآن .
وأوضحت دراسة مسرح الجريمة أن الطفل تعرض للاغتصاب قبل أن يتم خنقه ، وبعد خنقه تم ربطه من عنقه بحبل وشحط جسده الصغير مسافة طويلة على الأرض ، قبل أن يعلق على جدار منزل مهجور " ، الأمر الذي جعل الشبهات تدور حول عدد من " المراهقين " ، على حد تعبير المصدر .
ابراهيم حزوري - عكس السير - حلب
مواضيع متعلقة :
في جريمة وحشية .. طفل يتعرض للاغتصاب والخنق والشنق قرب إحدى المقابر بحلب

الحي الذي ارتكبت فيه الجريمة الوحشية

والد " فيصل "

هنا تم اغتصابه

وهنا دُق راسه الصغير بحجر

آثار دمائه ..

الجدار الذي علقت عليه جثة " فيصل "
لمشاهدة صور جثة الطفل وهي معلقة اضغط على الأرقام ( ملاحظة : الصور مؤذية جداً )
-6-






منقول من موقع الأخبار السوري عكس السير