في كتاب أستمتع بحياتك للدكتور محمد العريفي ، أورد في فصل( أختر الكلام المناسب ) بعض الحكم والقصص ومن أجمل ما قرأت له هذه القصة التي حدثت في ع حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان بها معلماً لحسن أختيار الكلام والمواضيع وذلك وفقاً للشخص الذي يحادثه.
يقول الدكتور محمد العريفي:
وفي أحد الأيام يجلس إلى النبي صلى الله عليه و سلم شاب اسمه جليبيب .. من خيار شباب الصحابة .. لكنه كان فقيراً معدماً ..
وكان رضي الله عنه في وجهه دمامة ..
جلس يوماً عند رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فما هي الأحاديث التي حرص النبي صلى الله عليه و سلم على إثارتها معه ؟ شاب في ريعان شبابه .. أعزب ..
هل يتحدث معه عن أنساب العرب والرفيع منها والوضيع ؟
أم يتحدث عن الأسواق وأحكام البيوع ؟
لا .. فهذا شاب له نوع خاص من الأحاديث يفضله على غيره ..
أثار معه صلى الله عليه و سلم موضوع الزواج والحديث حوله .. فلطالما طرب الشباب لهذه المواضيع ..
ثم عرض عليه رسول الله التزويج ..
فقال : إذن تجدني كاسداً ..
فقال : غير أنك عند الله لست بكاسد ..
فلم يزل النبي صلى الله عليه و سلم يتحين الفرص لتزويج جليبيب ..
حتى جاء رجل من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب على رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ليتزوجها ..
فقال صلى الله عليه و سلم : نعم يا فلان .. زوجني ابنتك ..
قال : نعم ونعمين .. يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه و سلم : إني لست أريدها لنفسي ..
قال : فلمن ؟!
قال : لجليبيب ..
قال الرجل متفاجئاً : جليبيب !! جليبيب !! يا رسول الله !! حتى استأمر أمها ..
أتى الرجل زوجته فقال : إن رسول الله يخطب ابنتك ..
قالت : نعم .. ونعمين .. زوِّج رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
قال : إنه ليس يريدها لنفسه ..
قالت : فلمن ؟
قال : يريدها لجليبيب ..
فتفاجأت المرأة أن تُزف ابنتها إلى رجل فقير دميم .. فقالت : حَلْقَى !! لجليبيب ..؟ لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً .. وقد منعناها فلاناً وفلاناً ..
فاغتم أبوها لذلك .. وقام ليأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها : من خطبني إليكما ؟
قالا : رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
قالت : أتردان على رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره ؟ ادفعاني إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فإنه لن يضيعني ..
فكأنما جلَّت عنهما .. واطمأنّا ..
فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله .. شأنك بها فزوِّجها جليبيباً ..
فزوجها النبي صلى الله عليه و سلم جليبيباً ..
ودعا لها وقال : اللهم صب عليهما الخير صباً .. ولا تجعل عيشهما كداً كداً ..
فلم يمض على زواجه أيام .. حتى خرج النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة .. وخرج معه جليبيب ..
فلما انتهى القتال .. وبدأ الناس يتفقد بعضهم بعضاً ..
سألهم النبي صلى الله عليه و سلم : هل تفقدون من أحد قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً ..
فسكت قليلاً ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
قالوا : نفقد فلانا وفلانا ..
فسكت ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً ..
قال : ولكني أفقد جليبيباً ..
فقاموا يبحثون عنه .. ويطلبونه في القتلى .. فلم يجدوه في ساحة القتال ..
ثم وجدوه في مكان قريب .. إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه ..
فوقف النبي صلى الله عليه و سلم ينظر إلى جثته .. ثم قال : قتل سبعة ثم قتلوه .. قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني وأنا منه ..
ثم حمله رسول الله صلى الله عليه و سلم على ساعديه .. وأمرهم أم يحفروا له قبره ..
قال أنس : فمكثنا نحفر القبر .. وجليبيب ماله سرير غير ساعدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
حتى حفر له ثم وضعه في لحده ..
قال أنس : فوالله ما كان في الأنصار أيم أنفق منها ..
أي تسابق الرجال إليها كلهم يخطبها بعد جليبيب ..
هكذا كان صلى الله عليه و سلم يختار لكل أحد ما يناسبه من أحاديث .. حتى لا تمل مجالسه ..
يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهـن القـاع والأكـم
نفسي الـفـداء لـقبـر أنـت ساكـنـه *** فيه العفاف وفيـه الجـود والكـرم
مشكور حبيب
بارك الله فيك
يعطيك العافية
قصة في قمة الروعة والموعظة
طرح مميز ,, جزاك الله خيرا
تم التقييم
سأضل أذكرك ويعتصر القلب حزناً وتبكيك عيونيأودعك رغم أنفي وليس بيدي حيلة
فأعذرني وقد أشربوك كأس المنوني وأشربوني
لا اله ال الله محمد رسول
شكرا اخي على الموضوع الرائع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)