مقدمة المؤلف
قال الشيخ الإمام العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي رحمه الله: الحمد لله المحمود بكل لسان المعبود في كل زمان الذي لا يخلو من عمله مكان ولا يشغله شأن عن شأن جل عن الأشباه والأنداد وتنزه عن الصاحبة والأولاد ونفذ حكمه في جميع العباد لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
الكلام في أسماء الله تعالى وصفاته
له الأسماء الحسنى والصفات العلى { الرحمن على العرش استوى * له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى * وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى } أحاط بكل شيء علما وقهر كل مخلوق عزة وحكما ووسع كل شيء رحمة وعلما: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما }
الواجب على المسلم نحو أسماء الله وصفاته:
موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان نبيه الكريم وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل
الكلام في المشكل من النصوص:
وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا وترك التعرض لمعناه ونرد علمه إلى قائله ونجعل عهدته على ناقله اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى: { والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا }
التأويل المذموم:
وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله } فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم ثم حجبهم عما أملوه وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه: { وما يعلم تأويله إلا الله }
كلام أئمة السلف في الصفات:
قول الإمام أحمد في هذا الباب:
قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي : [ إن الله ينزل إلى سماء الدنيا ] و: [ وإن الله يرى في القيامة ] وما أشبه هذه الأحاديث: نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ونقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين
نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدى القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول وتثبيت القرآن
قول الإمام الشافعي في هذا الباب:
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء رسول الله على مراد رسول الله
وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله
الترغيب في السنة والتحذير من البدعة وأقوال العلماء في ذلك
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
واجب المسلم نحو السلف:
وقد أمرنا باقتفاء آثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات فقال النبي : [ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ]
قول ابن مسعود في هذا الباب:
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم
قول عمر بن عبد العزيز في هذا الباب:
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه: قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ولهم على كشفها كانوا أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى فلئن قلتم: حدث بعدهم فما أحدثه إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم وقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر لقد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوزهم آخرون فغلوا وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم
قول الإمام الأوزاعي في هذا الباب:
وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجل وإن زخرفوا لك بالقول
قول الإمام الأدرمي في هذا الباب:
وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها ؟ قال: لم يعلموها قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت ؟ قال رجل: فإني أقول: قد علموها قال: أفوسعهم أن لا يتكلموا به ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم ؟ قال: بلى وسعهم قال فشيء وسع رسول الله وخلفاؤه لا يسعك أنت ؟ فانقطع الرجل فقال الخليفة - وكان حاضرا -: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم
وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان والأئمة من بعدهم والراسخين في العلم من تلاوة آيات الصفات وقراءة أخبارها وإمرارها كما جاءت فلا وسع الله عليه
أمثلة لبعض الآيات والأحاديث التي أثبتت بعض الصفات
أولا: الآيات:
الصفة الأولى: الوجه:
فمما جاء من آيات الصفات قول الله تعالى: { ويبقى وجه ربك }
الصفة الثانية: اليدان:
وقوله تعالى: { بل يداه مبسوطتان }
الصفة الثالثة: النفس:
وقوله تعالى إخبارا عن عيسى عليه السلام أنه قال: { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك }
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الصفة الرابعة: المجيء والإتيان:
وقوله سبحانه: { وجاء ربك } وقوله: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله }
الصفة الخامسة: الرضى
الصفة السادسة: المحبة
الصفة السابعة: الغضب
الصفة الثامنة: السخط
الصفة التاسعة: الكراهية:
وقوله: { رضي الله عنهم ورضوا عنه } وقوله: { يحبهم ويحبونه } وقوله في الكفار: { غضب الله عليهم } وقوله: { اتبعوا ما أسخط الله } وقوله: { كره الله انبعاثهم }
ثانيا: الأحاديث:
الصفة العاشرة: النزول:
ومن السنة قوله : [ ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا ]
الصفة الحادية عشر: العجب
الصفة الثانية عشر: الضحك:
وقوله: [ يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة ] وقوله: [ يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة ] فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته نؤمن به ولا نرده ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره ولا نشبه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين ونعلم أن الله سبحانه لا شبيه له ولا نظير: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه
الصفة الثالثة عشر: الاستواء:
ومن ذلك قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى }
الصفة الرابعة عشر: العلو والفوقية:
وقوله: { أأمنتم من في السماء } وقول النبي : [ ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك ] وقال للجارية: وقال للجارية: [ أين الله ؟ ] قالت: في السماء قال: [ أعتقها فإنها مؤمنة ] رواه مالك بن أنس ومسلم وغيرهما من الأئمة وقال النبي لحصين: [ كم إلها تعبد ؟ ] قال: سبعة ستة في الأرض وواحدا في السماء قال: [ ومن لرهبتك ورغبتك ؟ ] قال: الذي في السماء قال: [ فاترك الستة واعبد الذي في السماء وأنا أعلمك دعوتين ] فأسلم وعلمه النبي أن يقول: [ اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ] وفيما نقل من علامات النبي وأصحابه في الكتب المتقدمة أنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلههم في السماء
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
حديث الأوعال:
وروى أبو داود في سننه أن النبي قال: [ إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا - وذكر الخبر إلى قوله -: وفوق ذلك العرش والله سبحانه فوق ذلك ] فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله ولم يتعرض لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله
قول الإمام مالك في الاستواء:
سئل مالك بن أنس الإمام رضي الله عنه فقيل: يا أبا عبد الله: { الرحمن على العرش استوى } كيف استوى فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ثم أمر بالرجل فأخرج
فصل في إثبات صفة الكلام
الصفة الخامسة عشر: الكلام:
ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم يسمعه منه من شاء من خلقه سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة ومن أذن له من ملائكته ورسله وأنه سبحانه يكلم المؤمنون في الاخرة ويكلمونه ويأذن لهم فيزورونه وقال الله تعالى: { وكلم الله موسى تكليما } وقال سبحانه: { يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي } وقال سبحانه: { منهم من كلم الله } وقال سبحانه: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب }
الصفة السادسة عشر: كلام الله بحرف وصوت مسموع:
وقال تعالى: { فلما أتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك } وقال: { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } وغير جائز أن يقول هذا إلا الله
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [ إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء ] وروي ذلك عن النبي وروى عبد الله بن أنيس عن النبي أنه قال: [ يحشر الله الخلائق يوم القيامة حفاة عراة بهما فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمه من قرب: أنا الملك أنا الديان ] رواه الأئمة واستشهد به البخاري
وفي بعض الاثار: أن موسى عليه السلام ليلة رأى النار فهالته وفزع منها ناده ربه: يا موسى ! فأجاب سريعا استئناسا بالصوت: لبيك لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت ؟ فقال: أنا فوقك ووراءك وعن يمينك وعن شمالك فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى قال فكذلك أنت يا إلهي أفكلامك أسمع أم كلام رسولك ؟ قال: بل كلامي يا موسى
فصل في أن القرآن كلام الله حقيقة
ومن كلام الله تعالى: القرآن العظيم وهو كتاب الله المبين وحبله المتين وتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)