تعريف بالكاتب
1050 - 1143 هـ / 1641 - 1730 م
عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي.
شاعر عالم بالدين والأدب مكثر من التصنيف، تصوف ولد ونشأ في دمشقورحل إلى بغداد وعاد إلى سورية وتنقل في فلسطين ولبنان وسافر إلى مصر والحجاز واستقر في دمشق وتوفي فيها.
له مصنفات كثيرة جداً منها: (الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية - ط) و(تعطير الأنام في تعبير الأنام -ط) و(ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأَحاديث -ط)، و(علم الفلاحة - ط)، و(قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان - خ)، و(ديوان الدواوين - خ) مجموع شعره وله عدة دواوين.
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والله بكل شي عليم الحمد لله الذي أنزل من السماء ماء فأحياه به الأرض وأخرج ثمرات كل شيء بقدرته كما يخرج الخلائق يوم العرض والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بين لنا المشروع وغير المشروع وكمل بالسنة وألزم بالفرض وعلى جميع آله وأصحابه وتابعيه وأنصاره وأحزابه الذي أقرضوا الله قرضا حسنا، فضاعفه لهم أضعافا كثيرة، فيا له من قرض أما بعد، فيقول العبد الفقير إلى مولاه الغني الراجي حسن القبول من المنعم وهو المدعو بعبد الغني أخذ الله تعالى بيده وأمده بمدده لما وجدت كتاب الفلاحة المسمى بجامع فوائد الملاحة للشيخ الإمام العالم العلامة والعمدة الحجة الفهامة رضي الدين لأبي الفضل محمد بن محمد بن أحمد الغزي العامري الشافعي تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه فسيح جنانه كتاب جليل المقدار عظيم النفع لمن يعاني زراعة الأراضي وتربية الأشجار ولكنه مما حسن فيه الاختصار بذكر ما لا بد منه من الفوائد التي لها الاعتبار وحذف ما المهم حذفه والمواخذة والتكرار فجمعت الهمة ولخصت غالب ما فيه من المسائل المهمة واكتفيت بما هو في الصدد من المراد وحذفت ما وقع فيه من الزوائد بطريق الاستطراد وسميته علم الملاحة في علم الفلاحة ومن الله تعالى استمد العناية والتوفيق وأن يهديني إلى أقوم طريق.
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الباب الأولفي معرفة الأراضي
اعلم، أن الأرض الطيبة هي الحارة الرطبة، وسواد الأرض دليل على الحرارة، فإن الأرض السوداء تحمل الأمطار أكثر من غيرها، ثم الأرض البنفسجية اللون، إذا كانت منتفشة، فإنه يجود بها الشجر كثيرا، ثم الأرض الحمراء، ثم الصفراء، وأبردها الأرض البيضاء. والحاجة إلى رطوبة الأرض ودسمها وانتفاشها أكثر من الحاجة إلى حرها. واعلم، أن الشمس والهواء يُصلحان الأرض، ولذلك تقلب الأرض إذا أريد إنشاء الغراس فيها، وهو أن يؤخذ ما كان على وجه الأرض من ترابها الذي أثرت فيه الشمس والهواء، فيجعل أسفل الأرض المحفورة، ليظهر أثره الجميل مما اكتسب من الشمس والهواء في أصول الأشجار المغروسة، وعروقها، فيربي حملها وينميه بحرارته ورطوبته. والتراب الذي يخرج من أعماق الأرض ومن الآبار والمطامير، لا ينبت أول عام حتى تطبخه الشمس، وتلطف أجزاءه، ويكتسب من حرارتها، لأن التراب طبعه بارد يابس، ولولا تسخُّنه بالشمس وترطيبه بالمطر، لم ينشأ به نبات البتة.
وأراضي الجزائر طيبة لمكان الحمأة التي فيها يسوق إليها مما يتقشر عن وجه الأرض من التراب الذي سخنته الشمس ورطبته الأمطار، وعدّله الهواء، ولما يحمله السيل من الزبل والغثاء، فتحسن بذلك وتترطب، والأرض التي تتشقق غير محمودة بالنسبة إلى الأرض السوداء المنتفشة، والأرض الرملية تزيد حرا في الصفي وبردا في الشتاء، وكذا الحجرية، وذلك يؤذي الغروس، وأرض الجبل أبرد من السهل وأيبس، والأرض الحمراء تصلح للزرع لا للشجر، وإن كانت محجَّرة وافقت الشجرة. والأرض الجبلية، يصلح فيها الزيتون والخروب والزعرور والأجاص والقراصيا، ولا تصلح للتين والخوخ، فإنه لا يطول عمره فيها، ولا يكبر حمله. والأرض التي تتشقق شوقا كبارا لا تغرس، وتجود فيها الحنطة والقطاني والبقول والشلحم والفجل والبصل والثوم ونحو ذلك كالشونيز والكراويا. ومن الأرض ما لا يصلح للغراس ولا للزرع، ولا ينجب فيها شيء، وهي الترابية الصفراء الفاقعة، والحمراء القانية، وهي المغرة والبرقاء البيضاء، التي يظهر منها رائحة الكبريت، والجصية، وهي البيضاء التي تحتها حجارة يعمل منها الجير، والترابية الزرقاء، التي تخلط بطين الفخار لعمل الخوابي، والصفراء التي تشبه حجر الكدان الرطب، والأرض السنجية والمعدنية كالكبريتية والنحاسية والزرنيخية والحديدية ونحوها. وقيل من أراد أن يعرف الأرض الزكية والوسط والردية، يحفر فيها قدر ما بدا له، ثم يعيد التراب في تلك الحفرة، فإن زاد على حشوة تلك الحفرة فالأرض جيدة طيبة، وإن كان كفافا قدر ما يستوي في الأرض، فهي أرض وسط، وإن نقص عنها فهي ردية.
واعلم أن الأرض تمتحن باللمس والشم والذوق والنظر. فاللمس يكون بمرس الطين باليد، فإن كان ملتصقا بها شديدا شبيها بالشمع، فهي ردية غير موافقة، وإذا غسل التراب بالماء فكان الطين أكثر كانت جيدة، وإن كان المل أكثر فغير جيدة. والشمّ بأن يؤخذ التراب من أسفل حفرة ويوضع في إناء من زجاج، ويصب عليه ماء عذب طيب، ويمرس، ثم يشم، فالمنتن الرائحة والكريه والخبيث لا خير فيه وهو وردي. والذوق، بأن يؤخذ تراب الأرض من حفرة، ويوضع في إناء زجاج ويطرح عليه ماء عذب ويذاق، فالمالح ردي لا يصلح لشيء من الزروع، والشجر أصلا - إلا النخل - فقط فإنه يجود فيها نباتا وثمرا. وقيل الكرنب والقثاء يطيب بها ويحلو. والنظر بمشاهدة خصب ما ينبت فيها من العشب وعظمه واتفاقه، وتوسط ذلك، يدل على الوسط والنحافة والدقة وسرعة الجفاف يدل على الضعف. وتمتحن الأرض أيضا بالميزان، بأن يملأ إناء من تراب غير ندي ويوزن، ثم يملأ من تراب آخر ويوزن. واعلم أن إصلاح الأرض الخارجة عن الاعتدال بالمطر الخفيف اللين الدائم أربع وعشرون ساعة، ويتلوه المطر الفسَّال، وهو ضعف الأول، ويتلوه الماء الكدر، وخلَّف ما حمله من تراب طيب.
والمتكرر من ذلك كله أكثر إصلاحا وجميع الأراضي الفاسدة بسائر أنواعها من الملوحة والحموضة والرقة وغير ذلك، إذا أقام عليها ماء السيل المكدر، وخلف ترابا كثيرا أصلحها وقواها إذا كانت ضعيفة أو رقيقة، ويقوم مقام الزبل المصلح. والأرض المالحة علاجها أن تفلح بعد مجيء المطر الأول، فإن تأخر فيؤخر إلى دخول تشرين الأول بعد عشر فيه، وإن تأخر المطر ففي آخره. والأرض المشوبة بغير الملوحة من الطعوم، تفلح في تشرين الثاني، ويدق عيدان الباقلاء اليابسة زرع العام الماضي ناعما دقا، وينثر على الأرض بعد كربها، ويرش عليه الماء ثم تبن الشعير، ثم الحنطة، ثم مدقوق خشب العلفي، ثم ورق الخطمي يابسا وإن جمعت أو بعضها فجيد إلا العليق فلا يستعمل إلا مخلوطا بغيره من الأتبان، وتترك الأرض كذلك إلى الصفي، ينثر عليها من سرجين البقر مدا بالماء، فإنه يحيلها إلى العذوبة. وإذا جاء الخرفي ودخل تشرين الأول تسرجن به مخلوطا بسرجين الخيل والحمير لا البغال، ثم يزرع فيها الشعير والباقلاء والعدس والحمص، ويبدر بين ذلك بزر الكتان، وتسقى. ويصلح جميع الأرض الفاسدة أيضا ورق الكرم وقضبانه، وورق جميع الشجر التي حملها دهين كاللوز والجوز والزيتون والفستق والبندق والخروع ونحوها وقضبان ذلك. ويصلح هذه الأرض أيضا أن يرش دردي الزيت المأخوذ من عصر الزيتون الذي لا ملح فيه ولا غيره، يرش عليها وهي غير مقلوبة، ثم تقلب، ثم يعاد الرش ويكرر، ثم اخثاء البقر كثيرا ثم تترك ثم تقلب بسكك صغار ولا تعمق ثم تزرع الشعير والحلبة والحمص والقرع والسلق والخطمي ويغرس فيها النخل مفرقا.
والأرض التي غلب عليها المرارة تهلك كل بزر قبل نباته. وعلاجها أن يساق إليها الماء العذب في النصف الثاني من نيسان لا قبله، بل في أول أيار، ويقام عليها كثيرا، فيؤخذ من القرع المجفف بلحمه، ومن البقلة الباردة، وورق الكرم، ويجفف ويسحق الجميع، ويخلط بالماء العذب في قرب من جلود، ثم ترش الأرض به بعد الحرث الخففي، ويلقى لكل عشرة أجربة عشرون قربة من هذا الماء في آخر الليل، وأول النهار، فهو أجود وإن كرّر فهو أجود. وتكرب ندّية وترش بتراب طيّب في الماء وغيره، ويكرر عليها الكرب سنة، كل شهر مرتين أو مرة. وإن كانت الملوحة والقبوضة زائدتين عن الحد، يزرع فيها لأشياء اللعابية كالحلبة والماش والبزرقطونا والباقلاء والشعير وحب الرشاد. وإن اتفق أن تغيم السماء أربعين يوما على الأرض المُرّة والحرفية والمنتنة وشبهها بحيث لا تطلع عليها الشمس، صلحت صلاحا جيدا من غير علاج، وربما يكتفي بزرع الحبوب اللعابية مرة واحدة. والأرض الخرفية - وهي التي يعلوها شبه الخزف لونا وقواما - تقلب قلبا عميقا وتدق حتى تخلط تلك الأجزاء التي تخزفت، ويعاد عليها ويدر وينثر الباقلاء والشعير مخلوطين بروث البقر. والأرض الخزفية تصلح بالباقلاء خاصة، فإنها تُفسد بحرارتها كل ما يزرع فيها.
واعلم أن الحرث والحفر ينفع الأرض لأربعة أشياء:
1 - لخلخلة الأرض لتتنفس الأصول بولوج الهواء، فهو كالحل عن المخنوق.
2 - ولقلب باطن الأرض ظاهرها، لتطبه بحر الشمس فتحمى وتتلطف. ولامساك الأرض المحروثة للرطوبة والماء الذي داخلها فتبرد به الأصول في القيظ وتترطب.
4 - ولقطع العشب عن الأرض لئلا يذهب بطيب غذاء الأرض فيزاحم الشجر في ذلك، والأرض الطيبة الجيدة القوية، يكبر بعمارتها من أول الخرفي، ولا سيما العشبية. والأرض الدّون، تعمر بعد الاعتدال الربيعي.
وقيل، إن الأرض الحمراء والبيضاء التي في التلول وفي الزوايا، تعمّر في الشتاء.
واعلم أن تعمير الأرض بالزبل والتبن يُصلح الأرض، لا سيما من الفول أو الشعير. والأرض كلَّها اذا زبٍّلت فوق الحاجة احترقت، واحترق ما فيها. والزبل فيتح مسام الأرض ويجوّدها، وينفِّشها، لولوج العروق، ويزكي الحار الغريزي من النبات أيضا. وزبل كل طير نافع، إلا الأوز وطير الماء فردي إلا أن خلط بغيره. وقيل زرق الطير سم قاتل للنبات إلا زرق الحمام، وأضرها طيور الماء والدجاج والأوز، وأجود زرق الحمام، ثم زبل الناس، ثم زبل الحمير، ثم المعز، ثم الضأن، ثم البقر، ثم الخيل، والبغال أخسَّها، إلا أن خلط بغيره. ولا يستعمل الزبل في سنة إلا معتَّقا، وكلما عتق كان أحسن، ليذهب نتن رائحته وطراوته، لأن الطري يتولد منه الهوام المفسدة للبقول. والمستعمل للشجر ما أتى عليه سنة أو أقل، والبقل أكثر لضعفه. وزق الحمام يكثر ثمر الشجر وينميه. وزبل الناس العتيق الأسود المختلط بسحيق التراب أنفع الأزبال. والأتبان نافعة، وأنفعها تبن الباقلاء، ثم الشعير، ثم القمح والقرع والعليق والخبازي والخطمي، وورق الشحم والجزر والخس، وعيدان التين وورقه. وجميع ما ذكر إذا حرق وأخذ رماده، فأجود لمنابت الشجر والأرض. ويستعمل رماد كل شجرة لمثلها، وكذا الكروم والحبوب والبقول وجميع النبات جملة، كبيرة وصغيرة، فإن ذلك ينفعه ويقويه.
وتعالج المنابت والأشجار بأرمدة من أجزائها مع الزبل، وكذا عجم ثمرها ونواه، أما محرقة أو معفنة مع الزبل، بل قيل أرمدة جميع النبات نافعة. وزبل الخبازي يحرق لا خير فيه، وكفييته أن يلقى في حفائر كالأحواض أو السواقي العميقة مجمعة ويخلط ويرش عليه من دردي الخمر وأبوال الناس للكروم خاصة، ويقلب حتى فيوح نتنه، كل يوم أو أيام فإذا أسود أضفي إليه الأرمدة، ويقلب ثم يترك ويبال عليه كل يوم، ثم يبسط بعد عفنه ليضربه الهواء ويجف. والسرجين، لكل شجرة كالمان والسفرجل والتفاح والكمثري والخوخ والمشمش والعناب وما أشبه ذلك. وسرجين البقر والحمير مخلوطان، للموز والبطيخ الأخضر. والغبار الذي على الكروم، يقوم مقام التارب الغريب. وإذا تراكم عليها نفعها، وتغبير الكروم بالزبل يضرها، وإنما التغبير به يصلح للخضر ونحوها، كالباذنجان والبطيخ والقثاء والخيار.
والبقول الكبار: كالكرنب والسلق والخس يزبل ثم يغبر بتراب أرض غريبة جدا طيبة، ومن تراب المزابل والصحاري والبراري. ورماد الحمامات ينفع الأرض والبساتين التي تولد فيها ديدان وحيوانات مضرة. والرماد خير للبقول من جميع السرجين، ويخلط معه زبل رطب، وإن احترقت الزبول المشهورة بالنار حتى صارت أرمدة، واستعملت نفعت أكثر الشجر والخضر، ولا ينبغي أن تزبل الزروع ولا الشجر ولا شيء من المنابت الصغار من أول الشهر إلى نصفه، ويبدأ من نقصان الشهر إلى آخره. وقيل تزبل الكروم في زيادة ضوء القمر إلى نصفه وهو أنفع. وأعلم أن من الأشجار والخضر ما لا يحتمل التزبيل، ومنها ما يوافقه ويحتمله، ومنها ما يحتاج إليه. فالذي يحتمل الزبل، الموز والنخل والكمثري والرمان والزيتون والتين والعنب والفستق وما أشبه ذلك. والذي لا يحتمل الزبل الريحان والياسمين والأترجّ والنارنج والموز. والتي يهلكها الزبل، السفرجل والقراصيا والتفاح والورد والصنوبر والمشمش وذوات الصموغ كلها فيسدها الزبل، وكذلك البنفسج والريحان والمردكوش والنعناع والموز والفجل واللفت والجزر. والذي لا يحتاج إلى زبل، الجوز والبندق والخروب الشامي والغار والحبة الخضراء والبلوط والزيتون البري والورد. وكذلك جميع الأشجار التي لها دُهن. والكرم يتسارع نموه كثيرا بزبل الناس وزرق الحمام والتراب المختلط، وصفته أن يحفر حول الكرم حفرة يجعل الزبل فيها مقدار ارتفاع أربعة أصابع ملاصقا للكرم ويغطى بقليل من التراب. وقيل لا يلاصق أصل الكرم البتة وهو متجه. والزيتون لا يزبل بقاذورات الناس أبدا، ويزبل بكل روث ولا يقارب أصله، وزرق الحمام أوفق له. وبعر الغنم والمعز مفردين إذا كثر منهما ربما أحرقا أصول الشجر. ووقت التزبيل من آب إلى كانون الثاني، وفي تشرين الأول. وقليل من زبل المعز يجود ويثمر الكروم إذا استعمل في أيلول وفي كانون الأول وفي كانون الثاني لا سيما في البلاد الباردة. وقلل الزبل للخضر في الصفي، وفي الأرض الحارة. أما في الأرض المعتدلة الحرارة فاستعماله يكون وسطا ويكثر منه في الشتاء وفي الأرض الباردة.
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الباب الثانيسقي الأرض
اعلم أن السواقي التي تجري فيها الماء يكون حفرها في أرفع مكان ليكون مسلطا على جميع الأرض عند السقي. وطريقة حفر البئر تكون كما يلي: تحفر البئر حتى يصل الحفار إلى الماء فإذا رآه متغيرا أمسك عن العمل قليلا ثم يذوقه مرة أخرى، فإن تغير إلى الملوحة استمر في العمل، وإن تغير إلى المرارة غطيت البئر إلى الغد ثم يعاود الحفر حتى يتم العمل. فإذا كان عمق البئر خمس قامات، فليكن وسع فمها ستة عشر شبرا يدخل منها في الطي نحو ذراعين وتبقى تسعة أشبار. وإن كان عمقها أكثر من خمس قامات يوسع فمها أكثر، وإن أريد تكثير مائها زيد في تعميقها. وإن أردت أن يكثر ماؤها جدا بحيث يكون معينا، فاحفر بئر أخرى إلى جانبها غير متصلة بها، حتى تصل إلى الماء، ويكون عمقها أقل من الأولى بنحو ذراع ونصف، ثم احفر ثالثة كذلك، ورابعة ثم نفذ الآبار الأربعة إلى الأولى من قعر كل واحدة لتكون الأولى أما لها لتجمع مياه الجميع فيكثر ماؤها ويتضاعف. ومما يزيد في المنابع الظاهرة، وفي الآبار أيضا، أن يؤخذ مكوك ملح عذب فيخلط بمثله من الرمل المأخوذ من نهر جار وينجَّم تحت القمر ليلة، ثم يؤخذ من الغد، فيذر في أصل الينبوع أو يلقى منه في البئر كل يوم سبع حشيشات بقدر ما تحتمله الكف اليمنى فقط، فإنه عند استكمال ذلك يزيد الماء كثيرا، وإن خفت أن يكون للبئر بخار مؤذ مانع من الدخول فيه للعمل فإن البخار يخرج منه بالتلويح فيه بالأكسية وشبهها. وصفته أن يدلى فيه كساء كبير مروبط في حبل ويحرك بسرعة ثم يسحب إلى فم البئر بسرعة، وينزل بسرعة، فيخرج البخار الردي، أو يقوم على فم البئر عشرة رجال أو أكثرهم وبأيديهم أوان مملوءة بماء بارد، كل إناء يسع عشرة أرطال تصب كلها معا في وقت واحد ثم يطبقون العملية المذكورة سابقا فيخرج البخار. أو يقذف فيها ماء شديد السخونة ويغطى فمها بقماش كثفي ثم يزال عنها فيخرج البخار، أو يؤتى بآنية فيها تبن ونحوه ويوقد فيها نار، فإذا دخن أنزل في البئر وأخرج ويكرر مرات، فإنه يُخرج البخار لا محالة. ويعرف البخار بإضاءة شمعة وتدلى في البئر فإن لم تنطفئ فالبئر سليمة من البخار المؤذي، وإن انطفأت فالبخار ما زال هناك. ثم يمتحن بالشمعة مرة أخرى فإن لم تنطفئ فقد زال البخار. ويعمل لإزالة البخار أيضا حزم قصب وشبهه من البردي أو غيره، وتدلى بحبال وتحرك ثم ترفع وتنزل فيزول البخار.
وأما معرفة الأراضي التي تحتها الماء، والتي لا ماء تحتها فاعلم أن الجبال والأراضي التي تحتها مياه كثير محتبسة قريبة من وجه الأرض، يظهر على سطوحها نداوة ظاهرة تحس باللمس وترى باعلين، لا سيما في أول ساعة من النهار وفي آخر ساعة منه، ويظهر ذلك على وجه الأرض ويظهر فيها شبيه عرَق نداوة. ومتى أردت التيقن من ذلك فخذ شيئا من التراب السحقي فغبر به وجه حجارة تلك الجبال وسطح الأرض وانتظر إلى المساء فإن رأيت ذلك التراب قد تندى ففيه ماء قريب من وجه الأرض. وبقدر كثرة النداوة وقلتها، تكون كثرة الماء وقلته وقربه أيضا وبعده. ويستدل أيضا بما على وجه الأرض من التراب من حيث نعومته وخشونته وغير ذلك من الأحوال. وكذا إذا عجن شيئا من ترابها ووجدت فيها صمغية فهي ريَّانة فيها ماء كثير، وإذا رأيت المدار الذي على وجهها يابسا جدا فلا ماء فيها. وكذا يستدل بالسمع وذلك بوضع الأذن قريبا من الأرض فإن سمع في باطنها دوي في غور من الجبل فثمَّ الماء.
وأما الاستدلال بما جربه الحكماء، فمنه أن يحفر في الأرض التي ينبت فيها النبات حفرة عمقها ثلاثة أذرع، ويؤخذ إناء أو قدر نحاس أو نحوه كالرصاص، شبه الطست أو السطل الكبير سعته عشرة أرطال وقيل من فخار وتؤخذ قطعة صوف أبيض وتغسل حتى لا يبقى فيها طعم، وتنفش وتنفش وتربط بخيط وتلصق بقير في وسط الإناء وعلى جوانبه من الداخل بحيث لا تمس الأرض إذا انكفأ الإناء على وجهه، ويدهن جوف الإناء بقير مذاب أو شحم أو دهن.، ولا سيما إن كان القدر من فخار. فإذا غربت الشمس كفأت ذلك الإناء على وجهه في أسفل تلك الحفرة وغطيته بحشيش أو تراب قدر ذراع وقيل حتى تمتلئ الحفرة، فإذا كان من الغد قبل طلوع الشمس يزال ما غطي به ذلك الإناء برفق، ثم يقلب وينظر في ذلك الصوف، فإن كان قد استنقع الصوف في النداوة، ففي ذلك الموضع ماء كثير قريب وإن كان قد ترطب وتندى الصوف فالماء فيه وسط وإن لم يكن كذلك فالماء في غاية البعد، وإن كان جافا فليس فيه ماء أصلا أو حالت دونه طبقة من حجر صلد وإن كان في الصوف الذي قد استنقع حبات من الماء قد تعلقت، فالماء كثير وقريب، وتذاق تلك النداوة المتعلقة بالصوف فعلى قدر طعمها طعم الماء الدال عليه أو نحوه، وهذا مما جرّب مرارا كثيرة.
ومما يعمل به أيضا، أن تحفر حفرة عمق ذراع، ويؤخذ من تراب أسفلها فينقع فيه ماء عذب في إناء نظفي وتذاق التربة، فإن كان في طعمها المرارة فتلك الأرض عديمة الماء البتة، وإن كان يضرب إلى الملوحة الحادة فعديمة الماء أيضا، وإن كان طعمها إلى الملوحة الخفيفة فهي أقرب إلى الماء قليلا، وإن كان لا طعم له فالماء أقرب إلى وجه الأرض، وإن كان إلى التفاهة فالماء قريب من سطحها. ويشم ذلك التراب، فإن كانت رائحته كرائحة التراب المستخرج من السواق والأنهار الدائمة الماء، فبين الماء وبين وجه الأرض أذرع يسيرة، وكذا الرائحة الشبيهة بالعفونة تدل على قرب الماء، وكذا الشبيهة برائحة الطحلب ومما يدل على قرب الماء أيضا في الأرض السهلة أن ينبت فيها البطم والصعتر والسرو والسماق. ولسان الجمل والطرفا والخروع فإنها تنبت في المواضع الرطبة بالماء. وأما لسان الثور والبابونج والخطمي وكزبرة البير وإكليل الملك والخروع والخبازي والحندقوق فتنبت في مواضع تدل على كثرة الماء وقوتها وكثرتها وأغصانها وورقها وعروقها إذا خصبت تدل على كثرة الماء في باطن تلك الأرض وعلى قربه. ومما يدل على قرب الماء وعذوبته أيضا نبات القصب، لا سيما في الصفي والخرفي، فهو دال على كثرة الماء في باطن الأرض.
واعلم بأن أحمد المياه للسقي على الإطلاق الماء العذب، وهو أخفها وزنا وأوفقها للناس والحيوان والنبات. وماء لا مطر يصلح لما لطف من النبات، كالزرع والقطاني والخضر، وماء النهر العذب الصافي يصلح لسقي النبات على الإطلاق ولا سيما الخضر. والخضر كلها تحتاج إلى ماء كثير وماء الآبار والعيون يصلح لما له أصل كبير غائر في الأرض كالجزر واللفت الطويل. والحاجة إلى الماء في ثلاث أوقات من السنة: في الشتاء، وفي الخرفي، وفي الربيع. ففي الشتاء، لتحريك النبات بالدفء والرقة، وفي الخرفي لتعريضه للزبل الكثير، وفي الربيع للنمو والنشوء ونحو ذلك. وأردأ المياه المرّ، ثم المالح الأجاج وهما يصلحان للرجلة وهي البقلة والاسفاناخ والخس والهندبا والسوسن الأبيض، وهو الزنبق والملوخية. ومن أردأ المياه أيض القابض العفص، ثم ما غلب عليه طعم المعدن، والماء المالح الذي ينعقد منه الملح، وماء البحر، فيسدان ولا يصلحان لسقي شيء البتة.
واعلم بأن أحسن السقي في الصفي بالعشاء، وإذا كان السقي والقمر فوق الأرض فيكون أردأ منه إذا كان القمر تحت الأرض، ولا يبالغ في سقي الأرض الرملية. ويحمد سقي الأشجار في شهر آب، حيث يكون الحر على أشده. وكذلك في تشرين الأول في شدة البرد ولا يغفل عن ذلك، فإن السقي في شدة البرد يقتل الهوام والدول المتولد في أصول الشجر. ويحمد السقي أيضا وقت تفتح الأشجار بالورق والزهر، وإذا أفرط في سقيها والنهار كامل في شدة الحر لم يأمن من جفافها. وتسقى الأشجار حتى يصل الماء إلى أصولها. والبعل لا يسقى، وإن سقي الماء ضره، ويكفيه ماء المطر. والأشجار الجبلية لا تتحمل كثرة السقي، كالفستق والبندق والآس والكمثري والقراصيا وأشباهها. والزيتون يسقى فير تشرين الأول رمات عديدة وسقيه في الربيع حسن، ولا يسقى حتى يبتدئ بالنور، بل حتى يصير عقده قدر الحمص، فحينئذ يتابع سقيه إذا أريد حمله كل عام ولا سيما إذا جنيت ثمرته باليد برفق، ولم يُنفض بالعيدان والعصي، وإذا ضرب به أو نفض تكسر الأغصان ذات الحمل. والرمان يوافقه السقي الكثير، وإن لم يسقَ لم يضره. والورد يسقى في تشرين الأول، ولا يهمل سقيه فيه، ولا يغفل عن ذلك، ولا يدمن سقيه في آب، ولا يغفل عنه. والآس البستاني يتحمل الماء الكثير ولا سيما في الحر ويختلف عن الجبلي والقراصيا في كونه يبح الماء الكثير. وكذا العناب، وإن ترك لم يضره، والموز يحب الماء الكثير ويصلحه، وإن قلل عنه يضره وربما فسد. وكذا التفاح، يحب الماء الكثير، والسفرجل، ولسان العصفور، والبندق والأترج، والنارنج، والخوخ، والاجاص، والكمثري. أما الياسمين فيحب الماء المعتدل، والكرم يسقى بالعشي في نيسان وعند قطافه. والتين يسقى في تشرين الأول سقيا مبالغا فيه إلى أن يثمر وينضج، وقيل كثرة الماء والندى يضران الجبلي منه، لأنه بعل لا يشرب إلا من المطر. واللوز لا يحتمل كثرة الماء، وكذا الجوز. ويسقى الصنوبر بماء قليل، وكذا السرو، والشجر البستاني إذا زرع في البر يكثر حرثه ولا يحتاج إلى السقي. وغالب الأشجار من الفواكه وغيرها تنبت في البر والجبال ولا يسقيها إلا المطر. وكذلك غالب الحبوب كالحنطة والشعير والعدس والسمسم والحمص، بل يكاد أن يكون كل نبات من الأشجار وغيرها ينبت في بعض البلاد بغير سقي، إلا القليل من أشجار الشطوط والخضر والبقول، والكبار والصغار، فلاعتماد في ذلك كله على نزول الغيث في وقته.
واعلم أنه حال المطر من حيث كثرته وقلته ووقته يعرف من أحوال الشمس والقمر والسحاب والشهب التي ترمي بها الكواكب، والرعد والبرق وقوس قزح والضباب وما أشبه ذلك. أما الشمس فإذا طلعت شديدة الحمرة، ثم كلما ارتفعت اسود مكان الحمرة، دل على مطر شديد دائم، وربما كان أياما، وإذا طلعت وظهر معها سواد وسحاب أسود مظلم غليظ دل على مطر، وإذا طلعت أو غربت وفي جرمها ألوان تغلب عليها الحمرة أو كان شعاعها يميل إلى الصفرة أو السواد فدليل الشتاء والأمطار. وإذا طلعت من مشرقها نقية لا يحول بين الأبصار وبينها حائل من بخار أو قتام، دل ذلك على صحو. وكذا إذا كانت وقت غروبها في نقاء من غيم دل على صحو الغد وأيام أخر أيضا. وإن بدا قبل طلوع الشمس غيم ثم تقشع دل على صحو. وأما القمر فإذا أهل الهلال في الليلة الثالثة والرابعة من استهلاله وحوله نقط حمراء أو سوداء، دل على المطر الخفيف. وكذا إذا كان القمر في الاستقبال، وظهر حوله شيء أسود دل على مطر غزير، وكلما كان أشد سوادا كان المطر أكثر والبرد أشد. وكذا إذا ظهرت دائرة حمراء بلون النار، دلت على مطر مع ريح غريبة باردة شديد البرد. وإذا طلع القمر ليلة امتلائه وعلى رأسه كالبخار الحائل بين نوره والأبصار دل على مطر بعد ثلاثة أيام أو أقل، وإن ظهرت حوله هالة أو هالتان أو ثلاث دلت على مطر مع برد شديد، أما معه أو بعده. وإذا امتلأ القمر ليلة كماله وظهرت في السماء بعد ذلك بنحو ثلاث ساعات سحابة سوداء، فامتدت نحو القمر وظللته، دل على مطر شديد مع ريح وبرق. وكذا إذا رؤي الهلال في الليلة الثالثة أو الرابعة ضخما صافيا في يوم دجن، فذلك دليل المطر، والدارات التي تكون حول القمر إذا كانت ثلاثا أو اثنتين، فالمطر واقع، والدارة الواحدة الصافية إذا تمحقت بنوره، فهي دليل الصحو، والسحاب إذا كان أسود دل على المطر، وكذلك إن كان فيه رعد وبرق. والشهب التي ترمي بها الكواكب تدل على الريح والمطر، فإن كان الرمي في زاوية واحدة، فمعناه يكون الريح، وإن كان من الزوايا الأربع دلت على الأمطار من جهات متفرقة، وإن كان من أمكنة شتى دل على رياح مختلفة. وقال ابن قتيبة كانت العرب إذا رأت البرق لامعا من جهة الجنوب وما والاها استبشروا بالمطر ووعدوا أنفسهم بالسقي، وإذا لمع من جهة الشمال سموه خُلبَّا وهو الذي لا يمطر، وقوس قزح إذا كان في أثر الصحو دل على الشتاء، وإن كان في أثر الشتاء دل على الصحو، والريح الشرقية تهب من مشرق الشمس، والغربية تهب من مقابلها والت تهب من تلقاء يمين من يستقبل الشرق هي ريح الجنوب ومن تلقاء يساره ريح الشمال، والشرقية تسمى الصبا، والغربية وتسمى الدّبُور،. والموافق لجميع المنابت على العموم ريح الجنوب الحارة الرطبة، ويليها الصبا، ثم الدبور، ثم الشمال. وإذا هب ريح الجنوب وقد ابتدأ الأرتج في العقد أو بعده بيسير، يكبر وينمو ويطيب جدا. وريح الشمال تصحح الأشجار وثمارها من الأدواء وتسلم بتتابع هبوبه.
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الباب الثالثغرس الأشجار والرياحين والأزهار
اعلم أنه يختار للبساتين أطيب الأرض بقعة، وأعذبها ماء وهي المستوية فإن لم تكن مستوية سويت ولكن قبل الغرس، لئلا تنكشف بعض أصول الأشجار. ويُستقبل بالبساتين المشرق إن أمكن، وتغرس الأشجار سطورا مستقيمة، ولا تغرس الأشجار التي لا تعظم مع التي تعظم ولا التي تتعرى أوراقها مع التي لا تتعرى، فهو أجمل. وتغرس التي لا تتعرى بقرب الباب والماء، كالأرتج والنارنج والسرو والليمون والآس. ويغرس السرو في أركان الترابيع. وكذا الحور وفي الزوايا ويجعل الشجر الشائك الكثير الظل كالصفصاف والحور الفارسي والميس والجوز والجميز مع حائط البستان من جهة الغرب والشمال. ويغرس كل نوع على حدة. وكذا ما ثمرته في وقت واحد، كالمشمش والتفاح الصيفي. ويغرس الورد على المجاري التي يسقى بها أو في ناحية. ولا يغرس الأرتج إلا في موضع مستور عن الريح الشمالي والغربي مكشوفا للريح القبلي. وينبغي ان لا يغرس غرس ولا يقلع ولا يركب تركيب في يوم ريح شديدة، ولا سيما الأيام الباردة. وكذا في الأيام الشديدة البرد وفي الريح الشمالية أو عند الهبوب لأن ما يغرس في هذه الحالة أو يزرع يكاد أن لا يثمر، ولا سيما الزيتون. وإذا قلعت الغرسات لتغرس في محل آخر وهبت الريح الباردة تدفن في التراب البري. ولا تترك في الماء إلا يوما أو يومين إلا إن طال زمنها في التراب فتنقع في الماء قليلا ثم تغرس. ولا يغرس غرس يوم الجمعة ولا يوم الأحد، فقد جربت كراهية ذلك. ويختار ابتداء الشهور وزيادة القمرن فإن الزرع في زيادة القمر يظهر النمو في الزروع واليقول والقثاء والخيار والقرع والبطيخ والباذنجان، وفي الرياحين. والفواكه يعظم ثمرها وتمتد أغصانها، وينقص ذلك في نقصان القمر، ولا ينجب زرع أبدا في نقص القمر.
وإذا كان القمر في البروج المائية والهوائية فهو أجود، ويحسن في أيام نقصان القمر قطع الأخشاب، فإنه إذا قطع الخشب في محاق الشهر لا يسوّس. وكذا يحمد فيه كسح الشوك والدغل من الأراضي. ويحمد فيه القطاف خفية الرطوبة الحادثة في زيادة القمر. والبعد بين الشجار مختلف، والقرب بينهما له آفتان: أحدهما، تقارب الفروع وتزاحمها، فيمنع الشمس من الوصول إلى المتداخل منها، وربما تكاثفت فيمنع وصولها إلى خارج الأغصان، فيقل الحمل. والثانية، تزاحم بعضها بعضا في عروقها بالأرض، فيقل وصول الغذاء المنجذب من الأرض إليها، لذلك ارتؤي التوسيع بينها. ويوسع بين الزيتون والتين والجوز مسافة خمسة وعشرين ذراعا أو خمسة عشر ذراعا على الأقل. والكرم واللوز والقراصيا عشرة إلى خمسة عشر ذراعا. والكمثري والتوت والمشمش من خمسة عشر إلى عشرين ذراعا. والتفاح والرمان دون ذلك، والأجاص أقل منهما، والأترج مثله وأكثر منه والسفرجل نحوه، والنخل من خمسة إلى سبعة أذرع، والآس مثله.
وأوقات الغرس تختلف باختلاف الأحوال والمكان، فإن كان البلد قليل الماء، فالأولى أن يكون الغرس في الخرفي ليلحق الأغراس رطوبة الأمطار خرفي وشتاء وربيعا. وقد تغرس بعد انفصال شدة البرد ودنو الأغصان من الفتح. والبلاد الباردة ينبغي أن يكون الغرس فيها بعد كسر الشتاء وقرب الأغصان من الفتح. وإن شئت غرست في الخرفي لقوة العروق في هذا الفصل، وتفضل جماعة من أهل الفلاحة القطاف إذا سقط الورق عن قضبان الكرم، ومنهم من يغرس في أول الربيع في سبعة أيام من شباط، والأجود أن تغرس المواضع المرتفعة اليابسة الضعيفة بعد القطاف، وأن تغرس المواضع الندية في آخر الأوقات. والأرض المالحة تغرس بعد القطاف. وقيل ينبغي أن تغرس البلاد الحارة في الخرفي، ويبدأ من نصف تشرين إلى أول كانون الأول، ثم يجتنب إلى سبعة أيام من شباط فيبدأ الغرس.
والبلاد الشتوية، ولا سيما الجبلية، ينبغي أن يكون الغرس فيها في آخر الربيع على ان يؤخذ في الغرس من الساعة الثالثة من النهار إلى العاشرة وتكون الأرض لا رطبة جدا ولا يابسة. والكروم في سائر البلاد شرقا وغربا، تغرس في الربيع، وقيل الأشجار الصلبة، كالزيتون والفستق والبلوط والدردار وأشباهها تغرس في الشتاء. والمتوسطة، كالتفاح والسفرجل والخوخ والمشمش والتين والعنب ونحوها، ففي الربيع بعد تفتحها. ولا يغرس شجر بعد ظهور ورقه إلا الرمان خاصة. وقيل الأجاص والتين لا يضرهما ذلك. ولا يغرس شيء من الأشجار البعل بعد الاستواء الربيعي. وهلاك الأشجار سقيها في الصفي. وأجود الغرس ما ينقل بعد أن ينزع باليد ما ينبت في أصول الأغراس وما حولها وهي طرية قبل أن يشتد لئلا تمتص قوتها وما تعوّج من الغروس يقوّم بالدعائم حتى يشتد ويستقيم. وتغرس الأشجار: أما من نوى فيما له نوى، أو من حب الثمر الذي لا نوى له، أو من أغصان تملخ ملخا وتقطع من الجهة التي تصلح، أو من أوتاد تعمل من أسفل صالحة، أو من أغصان نابتة في أصول بعض الشجر بقربها. فالذي من النوى يختار له النوى الجديد السليم من الآفة من ثمر نضج على شجرة قد عرفت بكثرة الحمل وطيب الطعم. ويغرس النوى في الأحواض أو أوعية الخزف الكبار الجديدة بعد أن يكون ترابها قد عولج بالزبل القديم وبالماء. ثم يوضع فيها النوى صفوفا في حفر عمقا ثلثا شبر أو أقل بحسب قوة النوى أ ضعفه ويغطى بالتراب. ويكون بين كل نواة وأخرى مقدار ذراع، ولا تترك أرضه دون سقي حتى ينبت ويصير قدره شبر. والذي يغرس من حبوب الأشجار التي لا نوى لها كالسفرجل والتفاح والكمثري والأترج والليمون والسرو والعنب وحب التين والتوت وما أشبه ذلك يوضع في إناء من فخار مثقوب الأسفل فيه تراب مأخوذ من وجه الأرض الصالحة لهذه الأنواع بعد أن يكون خلط بزبل قديم سليم ويسقى بالماء على حصير وشبهه لئلا يجرف الماء الحب، وإن أكن الرش باليد فهو أحسن، ولا يترك في الأواني أكثر من عام ثم ينقل ويُدَرّك ما يتخذ من الحب بعد أربعة أعوام أما ما أصله من القوي فبعد ستة أعوام. والذي يغرس من أغصان تملخ ملخا هو الآس والقراصيا والبندق والزعرور، وبعضهم يميل هذه الفروع وهي ملصقة ويطمرها في التراب حتى يصير لها أصول ثم ينقلها. والأغصان الصالحة للملخ تؤخذ من أشجار مزروعة في جهة الشرق أو الجنوب، وأما ما كان من جهة الشمال فلا خير فيه على ألا يتجاوز عمر الأغصان السنتين وأحسنها ما أخذ من وسط الشجر من جزئها الأعلى. ولا خير في أغصان أشجار الظل السبطة حتى لو نمت سريعا فإنها قليلة الحمل وتؤخذ الأغصان بعد طلوع الشمس عليها وتملخ باليد بلحاها ولا تقطع بحديدة حادة قاطعة، ويكون طول الملخ ذراعين فأكثر، ويحفر لها في الأرض قدر شبرين إن كانت مما ينقل، وأكثر من ذلك لما لا ينقل. ويكون الحفر على قدر الملخ، ثم يمدد مبسوطا ويجعل طرفه في كعب الحفرة ويتحرك أعلاه على وجه الأرض بطول اصبع، ويخلط تراب وجه الأرض بزبل قديم سليم ويذر عليه أقل من ملء الحفرة ثم يداس بالأقدام ويسوى، وقد تغرس الملوخ على السواقي.
وغرس الأوتاد يؤخذ لسنتين أو ثلاث، والوتد القصير يسرع نباته ونموه والوتد الكبير لا يدفع دفعا ويكون طوله نحو ذراع أو أكثر وغلظه غلظ الذراع أو يد القدوم وغلظ الرمح. ويكون في التوت والأترج والسفرجل والزيتون والجوز والنارنج، ويغرس على السواقي. وطريقته أن يعمل أولا وتد من عود بلوط أو خشب صلب، ويضرب في الموضع الذي يراد الغرس فيه، ويكون أطول قليلا وأغلظ، حتى يغيب منه في الأرض القدر الذي يراد حفره ثم يخرج وينزل في موضعه الوتد الذي يراد غرسه، ويضرب قليلا، ويجعل حواليه تراب مزبل أو زبل قديم حتى يمتلئ الفراغ إن كان هناك فراغ، ويسقى بالماء، وبعد حين ينقل ويغرس في مكان آخر فيجود. ومما يغرس أوتادا الفرصاد والكمثري والرمان، والغرس من الأغصان النابتة في أصول بعض الشجر أو بقربها والأحسن أن يقلع بعروقه إن أمكن ويغرس.
واعلم أنه يمكن تكثير الأشجار من شجرة واحدة في مدة قصيرة، وذلك بأن يؤخذ أواني من الفخار، كالقدور الواسعة الأفواه فيوضع غصن واحد بعد أن يثقب من أسفله بقدر ما يدخل الغصن إن كان من الياسمين أو الأترج أو الكمثرى أو الكرم أو غير ذلك ويسحب فم الإناء ثم ينزل فيه إلى منبته على أن يهيأ تحته ما يحمله إن لم تطق الشجرة حمله. ويضيق الثقب الذي فيه الغصن بالجص والتراب لئلا يخرج منه الماء والتراب، ثم يجعل في ذلك الإناء تراب طيب مخلوط بزبل قديم ويملأه كله حتى يبقى ما يتسع لري الغصن بالماء ثم يكبس التراب باليد ثم يترك حتى يجف ثم يتوالى سقيه مدة طويلة حتى تنبت له عروق في الإناء، بعد عام أو أكثر يقطع الغصن من تحت الإناء برفق لئلا يتخلخل التراب الذي فيه ثم فيصل وينقل بظرفه إلى حفرة غرسه ويكسر الظرف الفخار برفق وينزل مع ترابه في حفرته، ثم يسقى بالماء فور غرسه. وبهذه الطريقة يمكن للشجرة الواحدة أن تصبح شجرات كثيرة أما سقيه فمرتان في الأسبوع في غير الحر ويمسك السقي عند نزول المطر الجود فإذا انحبس المطر سقيت الأغراس مدة الشتاء مرة كل خمسة عشر يوما ثم كل ثمانية أيام على أن يزال ما ينبت حولها من العشب.
وغرس الأوتاد منكسة لا يضر، وكذلك جميع الأشجار. ويعمق الحفر للهواء والغذاء، والأجود في حفر أغراس الزيتون أن تكون أوسع وأعمق وهي تحفر قبل غرسه بعام. ويعمق الحفر في البلاد الحارة أربعة أقدام، وفي البلاد الباردة - بلاد الثلج - ثلاثة أقدام. ولا يقل معدل عمق الحفرة عن ذراع ونصف، ويزرع في كل حفرة من النوى والملوخ والقضبان اثنان، ومن الأوتاد ثلاثة فأكثر. وإذا ثقل الشجر الكبير عمق له وبقي في موضعه. أما البعل فلا بأس من نقله من حيث يسقى. وشجرة الزيتون إذا كانت ذات أغصان تقطع أغصانها بحديد قاطع وتغرس، فإن غرست بأغصانها نخرت وفسدت. والشجر الكبير مطلقا يجعل عند أصله جرتان من فخار جديد مملوءتان بماء عذب في أسفل كل جرة ثقب لطفي يجري منه الماء إلى أصل الشجرة جريا لطيفا دائما، وكلما نقص شيء مليء يدوم ذلك شهرين فربما أطعمت تلك الشجرة من عامها. وتنقل الشجرة بعروقها كلها إن أمكن - ولا سيما ذوات الصموغ منها بخلاف ذوات المياه - إلا أن قطع بعض عروقها لا يضرها. وذوات المياه أسرع تعلقا بالأرض وأكثر عطاء.
وكذا الملوخ والأوتاد والزيتون تغرس بعروق وبغير عروق وتغرس الأوتاد مبسوطة أو منكوسة أو مستقيمة، وتوضع معها حجارة وتداس ويدخل منها في الأرض ثلاثة أرباعها ويترك الربع فوق الأرض، ويلطخ موضع القطع بطين قد عجن بتبن. ويغرس نوى الزيتون في تشرين الأول، ويطعم بعد أربعة أعوام، ولا يتولى ذلك إلا رجل طاهر عفيف متنزه عن الفحشاء والفجور، فيكثر وينمو، ولا تقرب شجرة الزيتون امرأة حائض ولا جنب ولا عقيم، ولا سيما عند غراسها. ولا يضر الزيتون عدم السقي، ولا ينفض الزيتون ولا يضرب بالعصا وإلا تكسرت أغصانه الصغار وعيونه وإذا نفض فإنه لا يحمل في العام الثاني بانتظار أن ينشأ له عيون جديدة. وشجرة الغار تغرس قضبانها النابتة في أصولها وتقع بعروقها كلها، وإلا لم تثمر ويزرع حبه في الخرفي، وهي لا تحتمل الزبل فإن يهلكها. ويركب في شجرة الزيتون والبان والبطم ونحوها من ذوات الأدهان. وقيل يركب فيه السفرجل والتفاح، ومن خواصه العجيبة، هروب ذوات السموم من الموضع الذي يكون فيه، إلا الحيَّات. وإن دخن به على النار حتى يمتلئ الموضع بدخانه، جاءت الحيات إليه سراعا.
وشجر الآس ينبت في جميع أنواع الأرض إلا الشديدة الملوحة، وله صبر على العطش عجيب. وتوافقه الأرض الرملية، ويغرس أوتادا وملوخا أو مما يماثله أو من بزره الأسود. والآس يتبرك به في المنازل. ومن خواصه أن حبه إذا زرع في الأرض المرة امتص مرارتها أما عروقه وأصوله فإنها تفسد وتجعلها مرة ويصنع من حب الآس خبز فيؤخذ بعد نضجه واسوداده ويجفف في الشمس جدا ثم يدق، ثم يجفف المدقوق في الشمس يوما، ثم يطحن بالرحى، ثم يخبز فيكون خبزا طيبا، وينبغي أولا أن يسلق قليلا قبل تجففيه، ثم يغير ماؤه بماء عذب ويسلق به مدة طويلة، ثم يرفع ويجفف في الشمس، ثم يطحن ويخبز بخمير حنطة في الفرن أو على طبق وهو أجود ويغذي الجسم إذا أكل مع الأدهان واللحوم والسمن والحلاوة بالنشا. ولكن اللجوء إليه لا يكون إلا في أيام القحط والعياذ بالله تعالى. وشمّ الآس يحدث الأرق ويصلحه البنفسج.
والخروب أنواع، فمنه الخيار شنبر، ويغرس نواه في تراب جبلي مخلوط برمل وزبل قديم أثلاثا، ويسقى بالماء، وينقل بعد عامين في كانون الأول وشباط. ويغرس على عمق نحو أربعة أشبار وملوخه تفرخ كما أن البق لا يقرب عود شجر الخروب. والفستق يزرع ثمره غير مقشور كالفاكهة اليابسة، وبعضهم يضع الفستقة الكبيرة في صوفة منفوشة رقيقة حماية لها من الهوام، ويجعل شقها إلى أعلى، والتراب الأحمر الجبلي يوافق الفستق وطعمه الذي يزرع في المواضع اليابسة أطيب. إلا أن الأرض الرملية له أفضل، وهو يشبه البندق من حيث نباته في الجبال ودخول عروقه في الحجارة. ويغرس حبا أو عروقا مع أصولها، وغرسه عروقا أحسن من زرعه حبا. وكذلك ذوات القشور كلها لئلا تبطئ، وزرعه كاللوز والجوز متأخر من أول آذار إلى أول نيسان. ويتخذ الفستق أوتادا ويزرع النوى بعد نقعه في الماء يومين وليلتين في فخار، ويغطى بطبقة رقيقة من الزبل توضع في كل حفرة أربع حبات، اثنتين في الأسفل واثنتين فوق ثم يسقى بالماء فالذي ينبت ورأسه إلى أسفل فهو ذكر ولا يحمل. وقيل أن الأنثى لا تحمل حتى يجاورها الذكر أو يقرب منها، بحيث يلقحها مع هبوب الريح كالنحل، وينقل بعد عامين أو ثلاثة بظرفه ويسقى بالماء. وكذا القراصيا والبندق. وقيل أن الوتد والملخ من الفستق لا يثمر إلا إذا طعمت الأنثى بالذكر وبالعكس، ولا بأس من تركيبه على البطم واللوز والماء الكثير فيسد أصوله وجذوره، وزرعه بين البيوت عبث لا فائدة منه. والبندق كالفستق في جميع ما ذكر من الغراس بسائر أنواعه. وقيل أن العقرب يهرب منه.
واللوز يحب الأرض الرخوة وينمو فيها، والجزائر خير أرض له. ويغرس في الجبال لأنه يحب البرودة، وكذلك يغرس في الرمل ويمكن غرسه حبا وذلك بأن ينقع ثلاثة أيام في زبل مبلول ثم يخرج وتوضع كل واحدة في حفرة فيها تراب من وجه الأرض منكسة في الأرض على التراب المذكور، ويلقى الزبل المخلوط بالتراب عليها في عمق شبر بدعامة قائمة يصعد عليها. ولا يطمر اللوز على عمق أكثر من أربعة أصابع وإلا فإنه ينبت. وإذا نقع حبه ثلاثة أيام قبل غرسه في ماء وعسل حلا طعمه ولا بأس من وضع ثلاث حبات معا في كل حفرة، وينقل بعد عام إلى الأحواض، ثم ينقل بعد عامين إلى محل غرسه كما هو وزراعة اللوز تكون على أنواع فمنه ما يغرس أوتادا على السواقي، ومنه ما يزرع أغصانا تؤخذ من وسط الشجرة وقد تنزع قضبانه باليد جذبا، وتغرس الخلوف النابتة مه بأصولها في الخرفي لا الربيع أما حبه فيزرع في الفصلين. واللوز يورق ويزهر قبل الأشجار كلها، وإذا ربط رأس حمار ميت على شجرة اللوز لم تتناثر، والماء الكثير يضر باللوز وكذلك الأبنية ويركب في الخرفي في القراصيا والمشمش والخوخ، وفي ذوات الصموغ كلها، وإذا ركب الكمثري جاء كثيرا.
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)