««صديقة الدرب»»
مهما كانت الأسباب والمبررات التي ساقتها وزارة الاقتصاد والتجارة لإقناع المستهلكين بأن قرار إضافة 5% على قيمة الكميات المستوردة من مادتي السكر والرز للقطاع الخاص إلى بنود التكلفة التي يدفعها المستورد فعلياً عند استيراد هاتين المادتين... فهي لم تأتِ أُكلها لأن معظم المستهلكين يدركون أن صدور القرار المذكور جاء لتلبية رغبة مستوردي السكر والرز وإرضائهم على حساب المستهلك والخزينة العامة للدولة.
فضلاً عن أن هذا القرار يعيد إلى أذهان الجميع حالة التخبط التي سادت الوزارة سابقاً خلال فترة تحرير التجارة الخارجية وما نتج عن ذلك من آثار سلبية على مصداقية القرار الاقتصادي وفقدان قطاع الاستثمار بعض المشروعات الاستثمارية الاستراتيجية التي تجد من استقرار القرارات الاقتصادية والمالية الأرض الصلبة لإقامتها.
حالة ضغط جديدة
كما أن هذا القرار يكرس حالة من الضغط على المؤسسة الاقتصادية من قبل بعض التجار والمنتجين الذين من نمرة (مدعوم) فيستطيعون في كل مرة لا يعجبهم الوضع تغييره عبر إصدار قرارات وليس فقط بالتمرد عليه وممارسة أعمال مناقضة له تماماً.. فاليوم مستوردي السكر والرز وغداً البن والشاي وبعده المتة والزيوت... الخ، والنتيجة أن أسعار هذه المواد في الأسواق الداخلية إلى ارتفاع وقدرة شراء المستهلك إلى الوراء تسير والتاجر تزداد أرباحه وأمواله على حساب الدولة بكل فئاتها ومؤسساتها (مستهلك، تهرب ضريبي، إدخال مواد منتهية الصلاحية، أسعار مرتفعة) وغيرها من الممارسات التي تدل صراحة على الاحتكار واتباع أساليب غير شرعية في المنافسة أو ربما المفقودة تماماً.
المستهلك متخوّف
المتابع لردود فعل المجتمع السوري على القرار المذكور أعلاه يلاحظ مدى الأثر السلبي الذي تركه في نفوس عدد كبير من المستهلكين لجهة خوفهم الشديد من أن هذه الزيادة في قيمة التكلفة ستؤدي إلى رفع أسعار السكر والرز في السوق المحلية وأن هذا الارتفاع سيؤثر على أسعار عشرات المواد الاستهلاكية والغذائية الأخرى التي يعتبر السكر مادة أساسية في صناعتها وإنتاجها ومنها الحلويات بينما نحن قبل أيام من عيد الأضحى المبارك وبعده أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية.
أسعار على الورق فقط
سمعنا بعض الأصوات الصادرة من قبل معنيين في وزارة الاقتصاد تقول: إننا بالغنا بالكلام المنشور أمس على هذه الصفحة وأن أسعار السكر وفق البورصة العالمية متوافقة مع الأسعار المحلية لهذه المادة وبالتالي المستورد لا يربح سوى القليل وبعض المستوردين يستوردون السكر والرز ويعبئون هاتين المادتين في أكياس ويوصلونها إلى البقاليات في أحياء المستهلكين بأسعار التكلفة.
السامع لهذه العبارات يقول صراحة إما مدفوع ثمنها أو أنهم لا يعلمون شيئاً لا عن حال السوق المحلي ولا الخارجي ولا وضع المستهلك ويجهلون تماماً قيادة دفة حماية المستهلك نحو مزيد من الحماية والاستقرار والطمأنينة على صحته ودخله المادي.
بالدليل القاطع
إلا أن الرد على هذه الأصوات النشاز بين أيدينا حيث حصلنا على كتاب موقع بقلم وزيرة الاقتصاد والتجارة بتاريخ 2/11/2010 ينص:
إشارة إلى الطلب المقدّم إلى الوزارة من قبل شركة (م.ع) والمسجل لدينا برقم 2199 تاريخ 29/9/2010 والمتضمن تسعير مادة السكر الأبيض المستورد من البرازيل بموجب الإجازة رقم 2612 لعام 2010 والبيان الجمركي 27260 تاريخ 4/9/2010 والبيان رقم 27005 تاريخ 1/9/2010 نعلمكم وبعد الاطلاع على المستندات المبرزة ودراسة التكلفة أن الأسعار لهذه المادة تترتب على الشكل التالي: - سعر الكغ من المستورد وتاجر الجملة إلى بائع المفرّق هو 29.35 ليرة سورية.
- سعر الكغ من بائع المفرق إلى المستهلك 32 ل.س واعتبرت الاقتصاد هذه الأسعار حد أقصى لا يجوز تجاوزها ويمكن البيع بسعر أقل منه.
من خلال هذا الكتاب نستنتج صراحة أن هناك بعض البائعين يبيعون سكر أبيض بسعر 32 ليرة للكغ ولكن أتحدى أن يكون هذا السعر موجوداً في أية بقالية على ساحة القطر أو حتى في منافذ المؤسسات العامة..؟
بل الجميع يلاحظ أكياس السكر الأبيض المعبأ ذات الأوزان واحد كيلوغرام مطروحة في الأسواق بسعر 50 ليرة سورية مع أن هذه المادة غير محررة بل مسعّرة مركزياً من قبل مديرية الأسعار في وزارة الاقتصاد وتصدر في كتاب وفق المذكور أعلاه.
فمن أين جاءت هذه الجرأة ليقوم تاجر أو منتج ما بكتابه هذا السعر الدائم على السكر المعبأ من دون خوف ولا وجل من حماية مستهلك أو وزارة اقتصاد ولا حتى جمارك أو مالية..؟ بل على عينك يا مراقب..!
بين السعر المركزي والرائج
سألنا وفاء الغزي مديرة مديرية الأسعار في وزارة الاقتصاد والتجارة عن توقعاتها بأن يؤدي صدور القرار المذكور سابقاً إلى خفض أسعار السكر والرز في الأسواق المحلية فأجابت: سيؤدي هذا القرار إلى انخفاض السعر الرائج (السعر الذي يشتري به المستهلك) إلى سوية السعر المحدد مركزياً المبني على أساس التكاليف الحقيقية للمادة المستوردة ابتداء من المستورد وصولاً إلى المستهلك في كل المحافظات.
وحول إجراءات تنفيذ هذا القرار أشارت إلى أن جميع الطلبات المقدمة من المستوردين والمرفق بها إجازات الاستيراد وجميع بيانات النفقات وبنود التكلفة ستدرس أصولاً من قبل المديرية اعتباراً من 9/11/2010 وسيصدر بها سعراً مركزياً يعمم على كل المحافظات ويتوجب التقيد بها من قبل المستوردين وتجار الجملة والمفرق وكذلك التقيد ومتابعة هذا السعر من قبل مديريات التجارة الداخلية في المحافظات لكي يكون هناك تطابق بين السعر المركزي والسعر الرائج.. لافتة إلى أنه في حال وجود اختلاف بين هذين السعرين تتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين من قبل جهاز حماية المستهلك.
وأضافت: في حال رغبة المستورد أو تاجر الجملة طرح المادة معبأة للمستهلك بعبوات نظامية يتوجب عليه تقديم بيان يتضمن نفقات التعبئة إلى مديرية التجارة الداخلية في المحافظة التي يقع نشاطه التجاري ضمنها حيث تقوم المديرية المذكورة بدراسة نفقات التعبئة وفق مضمون القرار 251 لعام 2008 على أن لا تتجاوز نسبتها 7% من قيمة الشراء مضافاً إليها نسب الأرباح المحددة أصولاً وتحديد السعر النهائي للمستهلك قبل طرحها في السوق.
وبخصوص آثار القرار على خفض أسعار السكر والرز قالت الغزي: إن هذا الإجراء سينعكس إيجابياً من حيث:
- توفير السكر والرز لدى الاستهلاكية والخزن بالكمية المناسبة والسعر المحدد أصولاً وذلك من خلال وجوب إلزام المستوردين ببيع هاتين المادتين بنسبة 15% من الكميات المستوردة من قبلهم إلى المؤسسات العامة التابعة للوزارة.
- وجود تطابق وتقيد بالسعر المحدد للمستورد مركزياً مع السعر الرائج في السوق المحلية حيث لم يعد للمستورد أي حجة بأن هناك نفقات حقيقية يدفعها أثناء عمليات الاستيراد والنقل والتحميل والهدر ولا تؤخذ بعين الاعتبار وهي تمثل 5% من قيمة البضاعة المستوردة وليس من إجمالي التكاليف.
- سيلجأ المستورد إلى الاستيراد بالأسعار الفعلية والعالمية الواقعية لمادتي السكر والرز لأن القرار المذكور أوجب عليه أن تتقارب أسعاره مع الأسعار الفعلية وذلك حرصاً على السعر المحلي للمستهلك وواردات الخزينة العامة للدولة وعدم المبالغة في سعر الاستيراد لاسيما أن هذا القرار صدر بالتنسيق والمشاركة بعد عدة اجتماعات عقدت بحضور ممثلين عن اتحاد غرف التجارة السورية وبعض غرف التجارة في المحافظات ومديرية الجمارك العامة وبعض المعنيين في وزارة الاقتصاد.
الانخفاض لن يكون كبيراً بالأسعار
وبناء على كلام الغزي بأن مديريات التجارة الداخلية مسؤولة عن متابعة أسعار السكر والرز في الفترة القادمة سألنا زياد هزاع معاون مدير التجارة الداخلية بدمشق عن آلية التنفيذ فقال:
على ضوء ورود كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة المحدد فيه سعر مبيع المستهلك لكل إجازة استيراد من مادتي السكر والرز يعمم هذا الكتاب على دوائر الأسعار وحماية المستهلك التي يتوجب على الأخيرة توجيه دورياتها للتحقق من صحة مبيع المستوردين وتجار الجملة بأسعار مطابقة لكتاب التسعير الوارد المذكور أعلاه والمبين فيه اسم المستورد ومصدر المادة ورقم الإجازة والبيان.
وأضاف: على ضوء التدقيق يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين للأسعار مشيراً إلى أن هذا القرار سيؤدي إلى حدوث انخفاض في أسعار السكر والرز في الأسواق المحلية إذا قامت مديريات التجارة الداخلية في المحافظات بدورها لافتاً إلى أنه لن يكون هناك اختلاف كبير بالسعر بل سيكون هناك تفاوت بسيط بين سعر السكر المنتج محلياً والمستورد من البرازيل أو الاتحاد الأوروبي.
غاية لن تدرك
بكل الأحوال مهما كانت الإطراءات وعمليات التجميل التي تحاول الاقتصاد أن تطلي بها هذا القرار للتغطية على سلبياته على المستهلك والسوق المحلية والاقتصاد الوطني فإن الأيام القادمة ستثبت بالدليل القاطع أن «إرضاء التجار غاية لن تدركها الوزارة».
يَا سُـــورْيَا لاَ تنْحَنِيِ .. .. أَنَا لاَ أُذَلُ وَلاَ أُهَــــاَنْ
خَلِّي جَبِينَكِ عَاَلِيـــــاً .. .. مَادُمْتِ صَاحِبَةُ الْمَكَانْ
للاستفسار او مساعدة راسلوني على هاد الايميل
[email protected]
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)