من الحالات النادرة التي أجدني أحدق فيها ببياض الصفحة الموجودة أمامي ،دون أن أكتب حرفا .مشاعر مختلطة تضطرب في نفسي ،فلا أكاد أصدق ،فأزعم أن ما ورد إنما هو محض خيال مريض.لكن المستندات الموجودة أمامي و الصور التي أطالعها ،تصرخ بي :إنه واقع مشين وجرم يندى له الجبين.
استباحة المحرم،و إفساد واحدة من أطهر العلاقات الإنسانية،علاقة الإخوة الصافية،صفاء ماء رائق،العذبة عذوبة نهر دافق.
شرذمة آثمة ،كان من المفترض أن تتحلى بأخلاق القرية الليبية التي نموا على أرضها و ترعرعوا في كنفها ، أخلاق المروءة و الشهامة و البراءة و الطهر.هذه الشرذمة عاثت فسادا بأنبل رابطة اجتماعية،و أسمى وشيجة أخوية.فتلبسهم الشيطان الذي لا أظنه إلا خاجلا مما اقترفوه.بعد أن زين لهم سوء عملهم.
الشيخ و الجن والدموع المدرارة
تفاصيل هذه الكارثة الأخلاقية تبدأ مع نهار 10-8-2010م،حين سارع المدعو”م.ح .ع” إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن وفاة زوجته الحامل في الشهر التاسع،جراء سقوطها بدورة المياه.و بحسب رواية الزوج فإنه كان نائما حين أيقظته زوجة شقيقه لتبلغه بالأمر ،إلا أنه لم يهتم بإسعافها بالمستشفى ،وعوضا عن ذلك ،قام بإحضار (شيخ) على أساس أن بها مسا جنيا.
و غلب الحزن على الزوج ولم يتوقف عن البكاء وحين وجهت له تهمة القتل ،صرخ أنا بريء .كيف أقتل زوجتي أنا أحبها و لا توجد بيننا أية مشاكل.وهي على وشك أن تنجب صدقوني.وعن آثار الضرب التي كشف تقرير الطبيب الشرعي أنها تمت بأداة صلبة ،أنكر ذلك و قال إنها نتيجة “ضرب”الشيخ المعالج”لها بخرطوم كي يطرد الجن!
ربما صدقه بعضهم، إلا أن أهل القتيلة لم يصدقوا حرفا مما قاله،ولم يثقوا في دمعة مما ذرفها.كانوا على يقين أنه القاتل .وأن ابنتهم لم تكن تعاني من أي (مس جني ) أو مرض نفساني.
استمرت القضية في التداول بنيابة الحزام الاخضر في محاولات مستمرة من جهات الاستدلال لإثبات الحقيقة و الإجابة على سؤال:من قتل الزوجة؟
أودع الزوج (م.ح.ع) السجن لاعترافه بتعاطيه المخدرات و شرب الخمر و كذلك شقيقته (ف.ح.ع) لوجود إصابات لاحقة بها أسفل الرقبة ،ادعت هي أنها نتيجة لطمها وجهها بعد وفاة زوجة شقيقها (المجني عليها)،إلا أن تقرير الطبيب الشرعي دحض هذا و أكد ن الإصابات ناتجة عن تعرضها للإيذاء.
النيابة العامة تنصت ليقينها
اجتمعت كل الأحداث أمام النيابة العامة،و توافرت المؤشرات،فتكون يقين لديها بأن ثمة جريمة قتل قد وقعت و أن هناك ملابسات لم تزل غائبة.
انتقلت القضية (جنايات)المتعلقة بمقتل”ع.ص.أ” برمتها إلى بنغازي حيث أحال الأستاذ المحامي العام بمحكمة استئناف بنغازي “فهيمة أنور الهوني“ ملف القضية إلى قسم البحث الجنائي بنغازي، بموجب كتاب مؤرخ في 22-11-2010م ليتولى الاستدلال في الواقعة.الذي باشر على الفور التحقيق بتأشيرة من رئيس قسم البحث الجنائي عميد “علي قاطش“ ،ليتولى ضابط مأمور قضائي م .ع “ناصر بن زبلح“التحقيق في الواقعة بداية من 25-11-2010م.
العودة إلى نقطة الصفر
وبحسب الإجراءات المتبعة تم فتح محضر تحريات ،وانطلق عناصر البحث في جمع الأدلة و المعلومات و الاطلاع على محضر النيابة العامة الذي تبين من خلاله أن المجني عليها ع.ص.أ قد توفيت بتاريخ 10-8-2010م و هي متزوجة وحبلة في الشهر التاسع وزوجة للمدعو م.ح .ع .اطلع فريق البحث على تفاصيل المحضر المحال من مركز الشرطة.إلا أن ضبط مأمور قضائي م.ع “ناصر بن زبلح”لم يأخذ أقوال المتهمين في المحضر على علاتها ،أي على حالتها،بل قام بحنكة و براعة بالتدقيق فيها و مقارنة بعضها ببعض،ليكتشف أنها متناقضة و متضاربة و مختلفة،فيما بين أقارب زوج المجني عليها م.ح.ع(أشقائه و زوجاتهم و شقيقاته ووالدته).
تحول في مجرى التحقيق وتلاحق المفاجآت
4-12-2010م
بتكليف من ضبط مأمور قضائي م.ض”ناصر بن زبلح” انتقل أعضاء التحريات إلى منطقة غوط السلطان و ضبط جميع المذكورين في محضر مركز الشرطة،ما عدا م.ح.ع زوج المجني عليها و شقيقته ف.ح .ع لوجودهما في مؤسسة الإصلاح و التأهيل ب .و عاد برفقة فريق البحث كل من أشقاء زوج المجني عليها ووالدته وزوجة أخيه و شقيقة زوجته..وعلى الرغم من التناقض في روايتهم لحادثة وفاة المجني عليها ف .ص.أ.إلا أنهم أجمعوا على أنها توفيت نتيجة سقوطها في دورة المياه في ساعة متأخرة من الليل.و أنهم لم يقوموا بإسعافها في المستشفى لاعتقادهم بأنها( ممسوسة)و أنهم جلبوا لها شيخا أخذ يضربها بواسطة أنبوب بلاستيكي (توبو)
لإخراج الجن على حد أقوالهم.
من هنا اتسعت دائرة الشك لدى المحقق ناصر بن زبلح حيث تعارضت هذه الأقوال مع تقرير الطبيب الشرعي الذي أكد أن المجني عليها
قد تعرضت للضرب بواسطة أداة صلبة kنتج عنها كدمات بمؤخرة الرأس و بالجبهة من الناحية اليسرى وتكدم بالعضل الأيمن وكدمات بالمرفق و الردف الأيسر.
زوجة شقيق القاتل تفجر مفاجآة
تزاحمت الشكوك في ذهن ضابط التحقيق و في لحظة أرادها الله سبحانه و تعالى مفتاحا لكشف الحقيقة التي حاول الجناة طمسها،استدعى م.ض ناصر بن زبلح زوجة شقيق الجاني ن .ع .ص وسألها عن علاقة المجني عليها بزوجها و ذويه.فكانت الإجابة مفاجأة محورية في سير التحقيقات حيث ذكرت في استجوابها أن شقيقات زوجها(س.ح .ع)و(ف.ح.ع) قد سبق و أن قامتا بعمليات إجهاض عقب حملهن حملا غير شرعي لكونهن غير متزوجات.
كانت هذه المعلومات تحولا جذريا في مجريات القضية التي كان التركيز فيها على كشف القاتل ،لتظهر حقائق مشينة،تقشعر من وقعها الأبدان.وعلى الفور تم استدعاء المدعوة ف.ح.ع شقيقة زوج المجني عليها من مؤسسة الإصلاح و التأهيل وبمواجهتها بأمر الإجهاض .كانت الطامة حيث اعترفت بأنها على علاقة جنسية مع شقيقها م.ح.ع زوج المجني عليها و أنها قامت في شهر 12-2009 بإسقاط الجنين و هو في الأشهر الأخيرة من الحمل ورمته في خزان الصرف الصحي.و بالاستدلال مع م.ح.ع اعترف بعلاقته الجنسية مع شقيقته و أن ذلك كان قبل زواجه.
و تمضي التحقيقات و تتكشف المفاجآت فتعترف الشقيقة الأخرى س.م.ع أيضا بعلاقة جنسية مع شقيقها ل.ح.ع نتج عنها حمل بجنين و تم إسقاطه في الشهر الخامس.
6-12-2010م
فتش عن الأب
تطورات خطيرة شهدتها هذه القضية التي كشفت عن جرائم أخلاقية ،تستهجنها الشرائع السماوية وتنبذها الأعراف و تشجبها القيم و المباديء التي تواضع عليها الناس.لم يكن أمام المحقق من بد أمام هذه التطورات ،إلا أن يفتش عن الأب.أين هو من هذا البيت الذي تحول إلى وكر تنتهك فيه الحرمات و يعتدى فيه على الشقيقات من أشقاء، أحدهما سكير و الآخر عربيد على مرأى ومسمع من زوجة الأب.أين هو حامي البيت وراعيه.أين هو من بناته اللواتي تظهر بطونهن أمامه و هن تحت جناحه و في حماه غير متزوجات.
استدعي الأب من مؤسسة الإصلاح و التأهيل وتمت مواجهته بأقوال بناته و أبنائه بشأن وقائع المعاشرة الجنسية بينهم ،و حمل بناته بأجنة من أشقائهن.وبطريقة من طرق التحري التقى الأب بابنه زوج المجني عليها وتبادلا الحديث حول المعاشرة الجنسية بين م.ح.ع وشقيقته ف.ح.ع وشقيقهما ل.ح.ع و شقيقته س.ح.ع.و خلال الحديث اعترف زوج المجني عليها م.ح.ع بأنه قام بالاعتداء على المجني عليها بالضرب ثم تركها واقعة في دورة المياه.وعقب إخطار ضابط التحقيق م.ض ناصر بن زبلح بذلك تمت مواجهة م.ح.ع الذي اعترف بقيامه بالاعتداء على المجني عليها مما سبب لها الإصابات الثابتة بتقرير الطبيب الشرعي.
خفايا الوكر
لا يمكن وصف المكان الذي ارتكبت فيه كل هذه الموبقات و الجرائم ،بأنه بيت أو مزرعة.إنه وكر اختلت فيه العلاقات الاجتماعية و انتهكت القيم الدينية و لم يراع أقدس الحرمات.طفلتان بريئتان جلبهما أبوهما من أمهما المصرية ،حزنتا على فراق أمهما لكنهما عجزتا عن فعل أي شيء.كان عمر الأولى عشر سنوات والثانية اثنتا عشرة سنة. مع مرور الوقت خضعت الفتاتان للأمر الواقع.ودارت الأيام ووجدت المسكينتان نفسيهما بين براثن ذئاب و ليس أشقاء.
تم انتقال فريق التحريات التابع لقسم البحث الجنائي بنغازي بحضور ممثل النيابة العامة إلى موقع الجرائم.حيث قام القاتل م.ح.ع بتمثيل الجريمة.بينما قامت شقيقته المعتدى عليها جنسيا منه بالإرشاد عن الخزان التي أسقطت به الجنين و تم إخراجه وكانت الجثة في حالة تحلل موضوعة داخل كيس.وعند إعادة سماع أقوال المعتدى عليها جنسيا ف.ح.ع أفادت بأنها سبق و أن أنجبت طفلا في الشهر السابع من شقيقها م.ح.ع ولد متوفيا و أنه تم توليدها عن طريق المدعوة غ.أ زوجة أبيها.وتواصلا للتحقيقات اعترفت س.ح.ع بأنها أجهضت مرة ثانية قبل أن تنجبت طفلا في 17- 8-2010م أي بعد مقتل زوجة شقيقها بأيام قلائل وقامت بقتله ورميه بخزان صرف صحي.
وبعد
تلك كانت تفاصيل هذه الجرائم المشينة التي تعطي مؤشرات خطيرة .و هي أوضح من أن تحتاج إلى خاتمة فهي نواقيس وإشارات حمراء تعلن عن نفسها بنفسها.
منور خيو معنا بمنتدانا الغالي
دمت بود
سأضل أذكرك ويعتصر القلب حزناً وتبكيك عيونيأودعك رغم أنفي وليس بيدي حيلة
فأعذرني وقد أشربوك كأس المنوني وأشربوني
حسبنـــــا الله ونعـــم الــــوكيـــــل
لاتأسفن على غدر الزمان لطالما.....رقصت على جثث الأسود كلاب
لا أنظرإلى الأقزام التي تحاربني بقدر ما انظر إلى القمة التي أرنواالوصول إليها
مشكووووووووووووووور
اذا غامرت في شرف مروم فلا تقتع بما دون النجوم
فطعم الموت في امر حقير كطعم الموت في امر عظيم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)