المسجد -أو الحرم- الإبراهيمي الواقع في قلب مدينة الخليل، بجنوب الضفة الغربية هو ثاني أهم معلم إسلامي بالنسبة للفلسطينيين بعد المسجد الأقصى، ويأتي في المرتبة الرابعة بعد الحرمين المكي والمدني والمسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين عامة.
وقد ظل هذا المسجد -على مدى العصور وحتى يومنا- يستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم، ولا تزال شواهد ذلك موجودة، إذ استقر بعض الزوار في محيطه، ومن ذلك عائلة الأفغاني التي ما زالت موجودة حتى الآن، وتعود جذورها إلى رجل أفغاني حضر إلى مكة في موسم الحج ثم جاء لزيارة الحرم واستقر في محيطه.
وبحسب الباحث المختص في شؤون الحرم محمد ذياب أبو صالح فإن المسجد ينسب إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام الذي دفن فيه قبل أربعة آلاف عام، وسميت الخليل باسمه.
وتوجد داخل المسجد قباب مغطاة، تقول بعض المصادر التاريخية إنها قبور للأنبياء، إبراهيم وزوجته سارة، وإسحق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وزوجاتهم عليهم السلام.
وقد أحضر الملك هيرودوس بن انتيبيتار الأدومي ملك الأدوميين العرب -الذي جاء في الفترة بين عامي 37 و4 قبل الميلاد- الحجارة، وأقام سورا بطول ثمانين ذراعا وعرض أربعين ذراعا حول مقابر الأنبياء، حسب الباحث الفلسطيني.
وقد بنى 13 مدماكا، ثم جاءت الملكة هيلاني سنة 324 ميلادية وأمرت بسقفه، لكن الفرس هدموه ثم أعاد بناءه الرومان.
مسجد إسلامي
وفي عام 15 هـ حوّل المسلمون -مع الفتوحات الإسلامية- البناء إلى مسجد، لأنه بني مسجدا أصلا، بدليل أنه بني باتجاه القبلة قبل الإسلام، حسب الباحث أبو صالح.
وطوال عهدي الأمويين والعباسيين بقي المسجد مسجدا إسلاميا حتى الحروب الصليبية، حين حوله الصليبيون إلى كاتدرائية لمدة تسعين عاما، ثم حرره صلاح الدين الأيوبي سنة 587 هـ، وثبت عشر عائلات في الخليل لتشرف على سدانة الحرم وخدمته.
ويعد منبر الحرم أقدم منبر إسلامي، وهو تحفة فريدة، صنع في مصر سنة 484 هـ، ثم نُقل إلى عسقلان، وخاض صلاح الدين الأيوبي 52 معركة حتى وضعه في مكانه الحالي في صدر المسجد.
ومما يميز المنبر أنه مصنوع من خشب الأبانوس المطعم، ولا يوجد به أي مسمار وإنما ركب بطريقة التعشيق.
بقي المكان إسلاميا حتى عام 1967، حين وضع الاحتلال عليه العلم الإسرائيلي في الثامن من يونيو/حزيران 67، لكنه بقي مسجدا إسلاميا حتى عام 1994 حين وقعت مجزرة الحرم الإبراهيمي.مجزرة الخليل
كانت 1994 محطة هامة في تاريخ المسجد، حين وقعت المجزرة وتحديدا فجر الجمعة 25 فبراير/شباط (15 رمضان 1415هـ)، ثم شكلت لجنة تحقيق أسفرت عن أول قرار بتقسيم مسجد إسلامي إلى كنيس يهودي ومسجد، ووضعت على مداخله بوابات إلكترونية وفرضت قيود على دخول المسلين إليه.
ومنذ ذلك الوقت توالت الاعتداءات على المسجد، وأغلقت البلدية القديمة في محيطه، وما زالت الأسواق القريبة منه، وبها أكثر من خمسمائة محل تجاري مغلقة، كما يمنع رفع الأذان فيه عشرات المرات شهريا.
وتحيط بالمسجد خمسة مواقع ومبان فلسطينية احتلها المستوطنون وحولوها إلى بؤر استيطانية، هي أبراهام أبينو، وهي سوق الحسبة المركزي، وقد أقيمت عام 1984، ورامات يشاي وهي حي تل الرميدة، وبيت رومانو وهي مدرسة فلسطينية كانت تسمى مدرسة أسامة أقيمت عام 1980، وبيت هداسا وكانت تسمى مدرسة بنات الدبوية وقد أقيمت عام 1979، وهوتنيك سنتر، وكانت تسمى الاستراحة، ويقدر عدد سكانها بنحو خمسمائة مستوطن.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)