أسماء الله الحسنى – مقدمة 1: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة ـ لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
image001.gif
أيها الإخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى ، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله .
1 – القوة الإدراكية في الإنسان :
بادئ ذي بدء ، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية ، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات ، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة ، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة ، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا ، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة ، وما لم يبحث عن سر وجوده ، وعن غاية وجوده ، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته ، هناك حاجات سفلى ، وحاجات دنيا ، وهناك حاجات عليا مقدسة .
فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى ، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة ، والذي يتعرف إلى سر وجوده ، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته ، ويحقق وجوده في الأرض .
2 – أصلُ الدين معرفةُ الله :
النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله ، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه ، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض ، المسافة كبيرة جداً ، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ )) .
والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه ، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل :[ رواه الدارمي في سننه] .
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء)) .
أيها الإخوة الكرام ، لو أن طفلاً صغيراً قال : معي مبلغ عظيم ، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً ، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى : أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب ، فإنك تقدره مئتي مليار ، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم ، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم ، فإذا قال خالق السماوات والأرض :[ ورد في الأثر ] .
3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم :( سورة النساء ) .
لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم ، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
بالمناسبة ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ .
4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر :
أيها الإخوة الكرام ، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله ، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله ، وتتعرف إلى أمره ونهيه ، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر ، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، بينما إذا عرفت الأمر ، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر .
كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى ، الصحابة الكرام قلة ، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا ، لأنهم عرفوا الله ، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره ، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإنانا لسنا ممكَّنين ، والله عز وجل يقول :
نحن كما في الآية الكريمة ، وهذا هو الواقع المرّ ، نحن لسنا مستخلَفين ، ولسنا ممكَّنين ، ولسنا آمنين ، والكرة في ملعبنا ، لأنه :( سورة النور)
إذاً : الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله ، وطبقوا منهجه ، فاستحقوا وعود الله عز وجل ، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .( سورة مريم)
على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً ، قال بعض العلماء : هناك علم بخلقه ، يعني عندنا واقع ، والعلم وصف ما هو كائن ، هناك ظواهر فلكية ، علم الفلك ، ظواهر فيزيائية ، علم الفيزياء ظواهر كيميائية ، علم الكيمياء ، ظواهر نفسية علم نفس ، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع ، فالعلم مختص بما هو كائن ، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، هذا هو العلم .
5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا ، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة :
لكن هناك شيء آخر ، هناك علم بأمره ، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم ، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم ، والطب ، والهندسة ، والصيدلة ، وما إلى ذلك ، هذا علم بخلقه ، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا ، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء ، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا ، أما العلم بأمره فأصل في العبادة ، قال تعالى :
image006.gif( سورة الذاريات ) .
1 – تعريف العبادة :
والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
2 – الكليات الثلاث في العبادة :
هذا التعريف فيه كليات ثلاث ، فيه كلية معرفية ، وكلية سلوكية ، وكلية جمالية :
الكلية السلوكية هي الأصل ، وما لم يستقم المسلم على أمر الله فلن يستطيع أن يقطف من الدين شيئاً ، هذه الكلية السلوكية .
المؤمن ملتزم ، المؤمن مقيَّد بمنهج الله عز وجل ، المؤمن في حياته منظومة قيم ، عنده فرض ، عنده واجب ، عنده سنة مؤكدة ، سنة غير مؤكدة ، مباح ، مكروه تنزيهاً ، مكروه تحريماً ، حرام ، العلم بأمره أصل في قبول العبادة .
3 – العبادات شعائرية وتعاملية :
بالمناسبة العبادة واسعة جداً ، هناك عبادة شعائرية ، وهناك عبادة تعاملية ، العبادات الشعائرية منها الصلاة والصوم لا تصح ، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لذلك قال بعض العلماء : " ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام ، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة :
(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا )) .
[ الترغيب والترهيب عن ابن عباس بسند ضعيف]
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)