يمثل الجنوب السوري جزءا مهما من الاكتشافات المتعلقة بالدولمن المدافن المقدسة إذ ظهرت في موقع الميسري جنوب شرق مدينة درعا وفي قرى عين ذكر وتسيل والبكار وجبيلية غرب المحافظة عدة قبور من طراز الدولمن دلت على أن الإنسان هناك عرف الدفن في القبور ولو بشكلها البدائي قبل نحو 5000عام وهي فترة العصر الحجري النحاسي
ويدل انتشار هذه المدافن في مناطق قليلة من سورية كدرعا ودمشق وريفها على أن إنسان تلك العصور بحث عن المادة الأولية لبناء القبور وهي الكتل الحجرية الكبيرة التي نتجت عن البراكين الثائرة قبل آلاف السنين لتشكل هذه المدافن سبيلا للتعرف على حضارات هذه المنطقة .
اكتشافات الدولمن في موقع الميسري جنوب شرق مدينة درعا بنحو4 كيلو مترات أظهرت سقف ببلاطات حجرية ضخمة إضافة إلى وجود رسومات حيوانية وانتشار كثيف للأدوات الحجرية والصوانية ,ما يميز هذه المدافن قربها من نبع ماء الميسري إضافة إلى أن موقع الميسري يعد من أهم المواقع السورية العائدة للعصر الحجري النحاسي مابين 4500-7000 عام قبل الميلاد
الآثار التي تدل على وجود هذه المدافن تشير إلى قصص خيالية مماثلة عن الجبابرة في عصور ماقبل التاريخ كون قبور الدولمن الموجودة في درعا تمتاز بضخامتها التي توحي بأن إنسان تلك العصور بالفعل كان عملاقا و قويا أو على الأقل يزيد طوله على إنسان هذه الأيام بمتر إلى متر ونصف المتر
بعثات التنقيب التي كشفت عن وجود الدولمن شمال غرب مدينة انخل بنحو 4كيلو مترات قرب خربة الطيرة أظهرت وجود قبرين متلاصقين يشتركان بالضلع الأوسط اتجاههما شمال جنوب ويرتفعان نحو مترين عن سطح الأرض ., هذه المدافن تعرضت للتخريب والحفر السري بحثا عن الكنوز
تم أيضا اكتشاف مقابر الدولمن شمال غرب مدينة نوى بنحو5 كيلو مترات خلف تل الجابية بالقرب من الرصيف الروماني إذ يتوضع حقل كبير من المدافن النيوليتية باتجاه جسر الرقاد إلى الشمال الشرقي من قرية عين ذكر بنصف ميل و يوجد نبع صغير وعلى مسافة 200متر منه يتوضع حقل آخر من المدافن
هذه القبور بنيت على مصطبة مزدوجة لها مسقط دائري من الحجارة البازلتية يبلغ ارتفاعها 3 أقدام و يرتكز عليها صف من البلاطات العلوية يتراوح ارتفاعها بين 10-17 سنتميترا تحيط بحجرة مغطاة لها جوانب غير متناظرة .. مدافن عين ذكر امتازت بخصوصيات عن باقي المدافن كونها بنيت على مصاطب دائرية أمنت لها ارتفاع 3 أقدام وهي تتشكل من 6بلاطات علوية وبلاطتين للسقف وتتجه نحو الشرق والغرب أما الجانب الغربي منها فهو أكثر اتساعا من الشرقي ومتنوعة الأحجام إذ يتراوح طولها بين 7-13قدما
خربة حمادة قرب غدير البستان في المنطقة الممتدة بين رجم قريان و خربة كوكب ظهرت فيها نماذج مدافن دولمن مختلفة عن عين ذكر حيث تمت الاستعاضة عن المصاطب بجدار حجري محيط لجسم المدفن و تم العثور أيضا غرب بلدة التسيل على مدافن تمتد من البلدة حتى جسر علان بطول ميل ونصف الميل ومايميزها وجود صفوف من الحجارة المصقولة غير المنتظمة بشكل مستقيم بين المدافن.
جوانب هذه المدافن غير متقنة التشكيل كتلك الموجودة في عين ذكر فالكتل وضعت دون تشذيب ولا يوجد فيها تجاويف ظاهرة لكن محورها يأخذ اتجاه غرب شرق مبينا أن تلة رجم الخليف عند النهاية الغربية لحقل الدولمن مغطاة بكتل بازلتية حيث يوجد طريق حجري مرصوف قديما من المرجح أنه كان يصل إلى التلة مايعطي احتمالات بأنها مقدسة كما يوجد شبيهات لهذه الكتل في جملة وتخوم الجولان الغربية.
طريقة الدفن في التسيل وما جاورها حسب الدراسة التي أجراها عالم الآثار شوماخر عام 1886 والمتمثلة بوضع الرأس والصدر جهة الغرب ليقابل الشرق حيث الشمس بينما تحاط الأجزاء الأخرى بالألواح ولا تغطى بها إطلاقا ويفهم من امتدادها الكبير أنها متصلة بمقبرة عين ذكر.
إن مدافن الدولمن في درعا تعرضت للتخريب والتنقيب السري بحثا عن الكنوز من قبل السكان المحليين منذ أكثر من 200 عام ,, المظاهر الأولية للأشخاص المدفونين توحي بأنهم رعاة متنقلين يبحثون عن الماء و الكلأ إضافة إلى وجود بيوت دائرية ومستطيلة ومربعة بجوار الدولمن ورموز ورسوم حيوانية غير مكتملة الدلالات ما يدل على أن جنوب سورية تمتع منذ أقدم العصور بالخصوبة وكثافة مصادر المياه .
المعطيات الأولية تشير إلى أن هذا النمط من الدفن ظل سائدا من آلالف الخامس حتى الألف الأول قبل الميلاد إذ تنتشر شبيهات لها في مناطق اللجاة والجولان و شمال الأردن ,,, إنسان حوران عرف كيف يطوع ماتنتجه الطبيعة من عناصر متنوعة في وقت مبكر.
الدولمن : يقدم تعريفا لأشكال الحياة التي كانت سائدة قبل آلاف السنين وقد أعدت دائرة آثار درعا خطة للأعوام القادمة تنطلق من اختيار أحد مواقع عصور ماقبل التاريخ لدراستها بشكل واف بهدف التعرف على نوعية الغذاء و طقوس الدفن والمعتقدات السائدة في تلك الفترات والأدوات التي استخدمها إنسان تلك العصور .
ومصطلح الدولمن يعني منضدة الحجر أو المدافن المقدسة ويشير إلى بدايات فن العمارة البشرية كما سمي ب ما نهير إشارة للمسلات الموجودة على القبور ومغليت وتعني النصب الحجرية وكروملخ وهي الساحات المبنية من الحجر الخام .
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تسجيل نحو 5 آلاف قبر دولمن في العالم حتى الآن معظمها في آسيا وتحديدا سورية والأردن وفلسطين وفي آسيا الصغرى و كذلك في أوروبا وخاصة بريطانيا والدنمارك والسويد.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)