هو المسجد الواقع بمدينة القدس في فلسطين، والذي إليه أسري بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام حسب ما ورد في القرآن الكريم بسورة الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}.
وفي المسجد الأقصى صلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم إماما بالأنبياء قبل أن يعرج به إلى السماء.
وهو أيضاً أولى القبلتين حيث صلى إليه النبي محمد والمسلمون سبعة عشر شهراً قبل أن يؤمروا بالتحول شطر المسجد الحرام، كما أنه ثالث الحرمين بعد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة.
وبالإضافة إلى ذلك فقد ظل المسجد الأقصى على مدى قرون طويلة مركزاً هاماً لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، ومركزاً للاحتفالات الدينية الكبرى، ومكانا لإعلان المراسيم السلطانية وبراءات تعيين كبار الموظفين.
يتكون المسجد الأقصى حاليا من عدة أبنية ويحتوي على عدة معالم يصل عددها إلى مائتي معلم منها مساجد وقباب وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبار وغيرها من المعالم.
ابن الخطاب والأقصى
وعندما جاء الخليفة عمر بن الخطاب من المدينة إلى القدس وتسلمها من سكانها في اتفاق مشهور بالعهدة العمرية، قام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجداً صغيراً عند معراج النبي.
وقد وفد مع عمر العديد من الصحابة منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأبو ذر الغفاري.
الأمويون والأقصى
كان اسم المسجد الأقصى قديماً يطلق على الحرم القدسي الشريف وما فيه من منشآت أهمها قبة الصخرة التي بناها عبد الملك بن مروان عام 72هـ/691م مع المسجد الأقصى والتي تعد واحدة من أروع الآثار الإسلامية، ثم أتم الخليفة الوليد بن عبد الملك البناء في فترة حكمه التي امتدت من عام 86 ـ 96هـ / 705 -714م.
ويختلف بناء المسجد الحالي عن بناء الأمويين، حيث بني المسجد عدة مرات في أعقاب زلازل تعرض لها على مدى القرون الماضية، بدءًا من الزلزال الذي تعرض له أواخر حكم الأمويين عام 130هـ/747م ومروراً بالزلزال الذي حدث في عهد الفاطميين عام 425هـ/1033م.
أروقة وأبواب
يضم المسجد الأقصى سبعة أروقة -رواق أوسط وثلاثة أروقة من جهة الشرق وثلاثة من جهة الغرب- ترتفع هذه الأروقة على 53 عموداً من الرخام و49 سارية من الحجارة.
وفي صدر المسجد قبة، كما أن له أحد عشر باباً، سبعة منها في الشمال وباب في الشرق واثنان في الغرب وواحد في الجنوب.
يوجد في ساحة الأقصى الشريف خمسة وعشرون بئراً للمياه العذبة، ثمانية منها في صحن الصخرة المشرفة وسبعة عشر في فناء الأقصى، كما توجد بركة للوضوء. وأما أسبلة شرب المياه فأهمها سبيل قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة لفتت أنظار الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا المسجد، إلى جانب سبيل البديري وسبيل قاسم باشا.
مآذن وقباب
وللمسجد الأقصى أربع مآذن، والعديد من القباب والمساطب التي كانت مخصصة لأهل العلم والمتصوفة والغرباء، ومن أشهر هذه القباب قبة السلسلة، وقبة المعراج، وقبة النبي.
أما بالنسبة للأروقة فأهمها الرواق المحاذي لباب شرف الأنبياء، والرواق الممتد من باب السلسلة إلى باب المغاربة. كما يوجد به مزولتان شمسيتان لمعرفة الوقت.
حريق الأقصى
جاء حريق المسجد الأقصى في إطار سلسلة من الإجراءات التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 بهدف طمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس، ففي يوم 21/8/1969 قطعت سلطات الاحتلال المياه عن منطقة الحرم، ومنعت المواطنين العرب من الاقتراب من ساحات الحرم القدسي، في الوقت الذي حاول فيه أحد المتطرفين اليهود إحراق المسجد الأقصى.
واندلعت النيران بالفعل وكادت تأتي على قبة المسجد لولا استماتة المسلمين والمسيحيين في عمليات الإطفاء التي تمت رغماً عن السلطات الإسرائيلية، ولكن بعد أن أتى الحريق على منبر صلاح الدين واشتعلت النيران في سطح المسجد الجنوبي وسقف ثلاثة أروقة.
وادعت إسرائيل أن الحريق بفعل تماس كهربائي، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل، ذكرت أن شاباً أسترالياً هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت بأن هذا الشاب معتوه ثم أطلقت سراحه.
استنكرت معظم دول العالم هذا الحريق، واجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره رقم 271 لسنة 1969 بأغلبية أحد عشر صوتاً وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، والذي أدان إسرائيل ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس. وجاء في القرار أن "مجلس الأمن يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى يوم 21/8/1969 تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر".
وذكّر بيان مجلس الأمن الدولي بقرارت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة ببطلان إجراءات إسرائيل التي تؤثر في وضع مدينة القدس، وبتأكيد مبدأ عدم قبول الاستيلاء على الأراضي بالغزو العسكري، ونص على أن "أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية في القدس، أو أي تشجيع أو تواطؤ للقيام بعمل كهذا يمكن أن يهدد بشدة الأمن والسلام الدوليين".
وأضاف المجلس أن تدنيس المسجد الأقصى يؤكد الحاجة الملحة إلى منع إسرائيل من خرق القرارت التي كان المجلس والجمعية العامة قد أصدراها بخصوص القدس، وإلى إبطال جميع الأعمال والإجراءات التي اتخذها لتغيير وضع المدينة المقدسة.
ردود فعل إسلامية
عم الغضب الدول العربية والإسلامية، واجتمع قادة هذه الدول في الرباط يوم 25/9/1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت في حينها ثلاثين دولة عربية وإسلامية، وأنشأت صندوق القدس عام 1976، ثم في العام التالي أنشأت لجنة القدس برئاسة العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني للمحافظة على مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية ضد عمليات التهويد التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
حفريات تحت الحرم
تعد الحفريات التي تقوم بها جماعة أمناء الهيكل تحت المسجد الأقصى من أهم الأخطار التي تحيق به، وقد بدأت هذه الحفريات منذ عام 1967 تحت البيوت والمدارس والمساجد العربية بحجة البحث عن هيكل سليمان، ثم امتدت في عام 1968 تحت المسجد الأقصى نفسه، فحفرت نفقاً عميقاً وطويلاً تحت الحرم وأنشأت بداخله كنيساً يهودياً.
ولقيت هذه الحفريات استنكاراً دولياً واسع النطاق، فعلى سبيل المثال أصدر المؤتمر العام الثامن عشر لليونسكو قراره رقم 427/3 الذي يدين فيه إسرائيل لاستمرارها في حفرياتها وعبثها بالطابع الحضاري لمدينة القدس عموماً وللمسجد الأقصى على وجه الخصوص.
لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، سواء عن طريق الحفريات التي تهدده بخطر كبير أو الاقتحامات التي تتم بشكل متكرر من جانب يهود متطرفين.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)