كم مرة سمعت مثل هذه العبارات :
-لم أكن اعلم انك تحب ذلك.
-آسف ! ظننت أن الموعد الآن.
-إن الوصول إلى عقله مستحيل.
-ظننت أننا اتفقنا على غير ذلك!
-حسبتك لا تريد ذلك!
تعزى جميع المواقف السابقة إلى سوء التواصل بين الناس, فعندما تكون حياتك مليئة بالمشاكل, ستجد أن هنالك مشكلة في علاقاتك مع من حولك وستتحول حياتك بالتالي إلى عزلة حقيقية, بعيدة عن التطور والازدهار والنجاح, أما عندما تكون حياتك مليئة بالسعادة والنجاح ..فلا بد أن علاقاتك مع الآخرين ستكون مميزة ومزدهرة.
فنلاحظ أن التواصل الفعال هو المحدد الأساسي لنجاح أي علاقة مع الآخرين, فهو بالنسبة للعلاقة بمثابة القلب للجسد.
ولو أدرك كل طرفين في علاقتهما أن التواصل هو الأساس لكانت الأمور الحياتية أفضل، أكدت الأبحاث التي تمت على شريحة كبيرة من الناس بأن عملية التواصل مهمة في الدقائق الأربعة الأولى، فالناس يحكمون على الشخص في الدقيقة الأولى و يحاولون تبرير ذلك الحكم في الدقائق الثلاث التالية.
وهناك خطأ شائع بين الناس فأكثر الناس يعتقدون بأننا لدينا حرية تشغيل أو إيقاف التواصل وكأن لدينا زر تشغيل وإيقاف ولكن في الحقيقة نحن لدينا حرية ، ولكن تكمن حريتنا في أن نختار تواصلاً جيداً أو تواصلاً غير جيد ولن نستطيع أن نوقف التواصل والقاعدة الذهبية تقول : لا نستطيع إلا أن نتواصل، فالتواصل أمر حاصل دوماً، بمعنى أنك تستطيع أن لا تسلم على أحد، وأن لا تكلم أحد، وأن لا تعمل مع أحد والحقيقة فإنك قد أوصلت رسالة بذلك للآخرين بأنك لا تريد الاحتكاك بأحد.
"نعم"حتى عندما لا تتكلم فإنك تنقل رسالة للآخرين، قد يظن البعض بأنك تفكر في شيء ما، وبالتالي فقد وصلته رسالة، وقد يظن البعض بأنك مهموم، وهكذا وصلته رسالة.
إذاً فالموضوع ذو أهمية كبيرة, لأن هنالك تواصلاً دائماً بينك وبين الآخرين , ويمكنك أن تجعله فاشلاً أو أن تجعله ناجحاً , فإذا كان لابد من التواصل , فليكن تواصلنا بطريقة ايجابية .
فالمقصود بالتواصل ليس هو الكلمات التي نقولها فقط, ولكن في الحقيقة فان لغة التواصل لها ثلاثة عناصر هي:
1- الكلمات : وهي المفردات اللفظية المستخدمة في الكلام.
2- النبرات الصوتية :وهي أسلوب الكلام , أي الطريقة التي نلفظ بها المفردات (الكلام بشكل واضح ومريح ومبسط , أو الكلام بشكل متوتر ومحتد...الخ)
3- حركات الجسد : وتتضمن طريقة الجلوس,الابتسامة اللطيفة أثناء الحديث, حركات اليدين أثناء الكلام .........الخ.
لذا لابد أن نسعى دائما للوصول إلى طريقة تواصل ايجابية مثلى, حتى نتجنب الفهم الخاطئ من قبل الآخرين وذلك باستخدام العناصر الثلاثة السابقة.
أثبتت الدراسات بأن أكثر عناصر لغة التواصل أثراً هي حركات الجسد, فحركات الجسد تشكل 55% من عملية التواصل ,أما النبرات فتشكل38%, والكلمات تلعب الدور الأقل في التواصل فهي تشكل 7% فقط.
- ولذلك فاللغة إما أن تكون محكية : الكلمات, وإما أن تكون غير محكية: وهي النبرات وحركة الجسد.
- وغالبا ما تكون لغة الجسد والنبرات غير مقصودة ولا واعية فهي تعطي رسائل غالباً لا يقصد صاحبها إرسالها .
- والناس بما فيهم أنت , عندما يقرؤون.. تسقط عندهم لغة الجسد,لأنها لغة غير محكية,مما يؤدي إلى قراءة غير صحيحة لما يقصده صاحب الرسالة , ولذلك تظهر مشكلة الاسترسال في التخيل بين المتواصلين , حيث يقرأ الشخص ذهن الشخص الآخر من خلال ما فهمه من حركاته ونبرات كلامه, وتبدأ الظنون عملها بين الشخصين ويبدأ السماح للأفكار السلبية بالتوارد إلى الأذهان, فإذا قلت لك :
"أعتقد أن تصرفك يمكن أن يكون أفضل من ذلك " وأنا أعني ما قلته ببساطة, فهل ستأخذ قولي على بساطته ؟ أم أنك ستطلق العنان لمخيلتك, فتقول في داخلك :"إنه لا يحبني, والموضوع لا يتعلق بتصرفي الآن " , وقد تقول "إنه يحاول أن ينتقم لأنني انتقدت كلماته البارحة".
هذا مثال على ما قد يحدث عندما نقرأ أذهان الآخرين ونسترسل في مخيلتنا السلبية فندخل في متاهات كثيرة .
-ومن المشاكل الأخرى في التواصل أننا تعتقد بأننا وما نقوله مفهومين للآخرين, دون التعبير والإفصاح عن مشاعرنا , وبناءً على ذلك فإننا نستغرب عدم مراعاة الآخرين لمشاعرنا , والحقيقة بأن الآخرين لا يمكنهم أن يعرفوا ما بداخلنا إلا إذا أفصحنا عن ذلك , ولا يمكن أن نعرف ما بداخل الآخرين دون أن نشجعهم على الإفصاح عن ما يجول في نفوسهم , فكلما عبرنا عن مشاعرنا أكثر...كلما ضاق مجال الاسترسال السلبي, وحل محله التفاهم والمحبة...... وعلينا أن نعلم دائماً أن النجاح في التواصل يحتاج إلى دراية وممارسة فهو فن من فنون الحياة, فنحن كبشر تمكنا من السماع (كما أثبتت الدراسات العلمية) منذ كنا أجنة في بطون أمهاتنا, وأغلبنا تعلم الكلام في أول سنتين من حياته, ولكن المؤسف أن الكثير منا يظن أن السماع والكلام يكفيان لتحقيق تواصل جيد.وهذا الاعتقاد أشبه بمن يعتقد بأنه يستطيع أن يصنع قالب حلوى فقط لأن لديه المكونات اللازمة للتحضير.
التواصل هو من الأمور التي تحتاج للتدريب والممارسة حتى يتطور عندك بحيث تحقق نتائج فعالة وإيجابية ، ونقول عندها أنك أصبحت فناناً في التواصل.
أما التواصل السلبي، فإننا نقصد به إرسال رسالة غير إيجابية للآخر من خلال ((اللغة- تعابير الوجه- حركات الجسد))، كما هو الحال في الحديث غير المهذب أو الكلام الذي لا يراعي احترام الآخرين و احترام وجهات نظرهم، أو حركات الجسد المسيئة، الصمت غير المبرر، اللامبالاة ..الخ..
وما يهمنا ونريده هو التواصل الإيجابي الفعال الذي يقوي الروابط الاجتماعية ويثري العلاقات ويوسع نطاقها, ويساعد على معرفتنا لذاتنا وحسن تقديرها، وذلك من خلال مراقبة استجابات الناس لنا, ومراقبة ردود أفعالهم ويعمق كذلك الحس الديمقراطي لدينا, لذا لا بد من ذكر مقومات التواصل الفعال وهي :
1) حسن الاستماع وعدم المقاطعة غير المدروسة واحترام الآخر و احترام رأيه و إن كان مخالفاً لرأينا، و القبول بمبدأ الحوار و تقبل النقد البناء 2) المرونة في التعامل مع الآخرين ومفتاح ذلك أن نبدأ من موقع الآخر, أي أن نقف مكانه و نشعر بمشاعره و نرى مايراه و نفكر بما يفكر به ..و الأهم أن نضع في اعتبارنا أن الأكثر مرونة هو الأكثر تحكماً في النتائج, ففي الأسرة مثلاً الأكثر مرونة هو الذي يستوعب و يتفهم باقي الأفراد و يحسن التواصل معهم.
3) نحن المسؤولون أولاً عن نجاح التواصل مع الآخر، وليس الآخر ، خاصة عندما نعلم أنه لا يوجد أشخاص مقاومين للتواصل، فكل شخص له مفتاح أو مدخل و علينا اكتشافه، لذا يجب أن نغير باستمرار طرقنا في التواصل حتى نحصل على النتائج المثمرة و الإيجابية .
4) التركيز على نقاط التشابه مع الآخر سواء في الحركات، طريقة الجلوس، نبرة الصوت، أسلوب و طريقة الحديث، التشابه في الأفكار و القناعات و القيم و العادات .
5) التواصل هبة من الله و لكنها مهارة مكتسبة يمكن تعلمها و التدريب على ممارستها بنجاح من خلال الإطلاع على علوم التنمية البشرية، و الدورات التدريبية، و قراءة الكتب و المجلات المتخصصة في هذا المجال ..
6) توفر البيئة المناسبة للتواصل ( المكان و الزمان ) و الخالية من المشقات .
7) إعداد الذات للتواصل ( أي الحالة الصحية و النفسية السليمة ) و التحرر من الشواغل الذهنية و الأفكار الذهنية المسبقة ، ومن الجدير ذكره أن مفهوم الإنسان الإيجابي عن ذاته يعطيه فرصة أكبر ليتواصل بفعالية و نجاح مع الآخرين ( الثقة بالنفس ، حسن التكيف ، و تقدير الذات)..
ما هو التواصل إذاً ؟؟
التواصل فهم واحترام متبادل لآراء ووجهات نظر الآخر، بغض النظر عن توفر عناصر الاتفاق أو المحبة, و الأهم من عملية التواصل الناجح هو النتيجة التي نحصل عليها و ليس المضمون اللفظي..
إرشادات هامة لكيفية تأسيس علاقات صحيحة :
1) التأكد من جاهزية الطرف الآخر للقاء و التواصل.
2) افتتاح اللقاء بموضوع يثير اهتمام الطرفين (هوايات _ اهتمامات _ هموم مشتركة).
3) ترك انطباع حسن يدعو للتواصل مرة أخرى .
4) التواصل البصري ( التركيز على المتحدث بالنظر )
5) الابتسامة اللطيفة .
6) اتخاذ وضع جسماني متقابل مع الآخر أثناء الحديث.
7) الثناء على سلوكيات الآخر الإيجابية .
8) تبادل عبارات لطيفة ، جميلة تبعث على الراحة النفسية و السلام الاجتماعي .
9) التأكيد على النقاط الإيجابية في الحديث و تفادي السلبيات و التأكيد على الأمور المشتركة .
10) تفادي الأسئلة التي إجابتها نعم أو لا ، و تجنب الأسئلة المحرجة .
وتذكر دائماً أن:
التواصل الإيجابي يحسن الصحة النفسية والجسدية نتيجة زيادة فرص العلاقات الإيجابية البناءة وحل المشكلات النفسية والاجتماعية, ويزيد فرص النجاح في الحياة عموماً, وبالتالي فإن التواصل الناجح يشكل البوابة الرئيسية للسعادة والنجاح التي ترضي جميع الأطراف.
يتبع ..
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
تكلمنا في الفصل السابق عن مفهوم التواصل ومتطلباته, وسنضع الآن بين أيديكم الخطوات السبع للاتصال الفعال...
سـبع خطـوات لاتصـّال فـعّال...
1.استمع لتتعلم :
يعطي الاستماع انطباعاً أنك تهتم بوجهة نظر الطرف الآخر. غالباً ما يحتاج المتكلم إلى التعبير عن أفكاره بشكل واضح ثم الإدلاء برأيه النهائي. وإذا استمعت فلتسمع جيداً ، و لتعطي المتحدث اهتمامك كله، و اطرح جانباً أية مواضيع هامشية أخرى.
2. فكّر قبل أن تتكلم :
تعلم أن تقوم بتأجيل استجابتك لما تسمعه لفترة. و إذا شعرت بالحاجة الملحة للرد على كلمات الطرف الآخر، توقف و خذ نفساً عميقاً، و عدّ الأرقام بداية من واحد إلى عشرة فسوف تساعدك تلك الوقفة على ترتيب أفكارك و عرضها بأسلوب لائق فالصمت من الأشياء المفضلة في المحادثات.
3. لا تلعب دور القاضي:
ضع ذاتك في مكان الطرف الآخر، واستمع جيداً لتتفهم جيداً فأنت لست مجبراً على الموافقة, لكن الناس بحاجة لشخص يستمع إليهم أكثر من احتياجهم لشخص يوافق على ما يقولونه. احترم حرية الآخرين في التمسك بآراء مختلفة عنك فإنك عندما تقبل الآخر- مهما كان ذلك الآخر- تتحسن مهارات الاتصال لديك.
4. امزج الثقة بالأمانة :
قل الحقيقة دائماً، وكن سيد كلمتك، فالأمانة والثقة يشكلان أساس الارتباط. أعط الشخص المتصل معك فرصة التعبير عن آرائه بشكل واضح. فأنت عندما تتبادل المعلومات، تشرك الآخر في المحادثة وتسمح له بتبادل الأسئلة والحصول على إجابات واضحة لها .
. استجب بأمانة:
لا تتظاهر بأن الأمور تسير على ما يرام و هي ليست كذلك. فالناس تقدر الإجابة المخلصة، ودونها لا يستطيعون التطور. فاحرص عندما تستجيب على أن تكون أميناً فإذا لم تكن كذلك فتأكد أنهم سيشعرون .
6. اعترف بما تجهله :
لا أحد يمتلك إجابات لكل الأسئلة، اعرف متى تقول " لا أدري ..سوف أوافيك بالمعلومات لاحقاً "، وبعدها لا تتردد في المتابعة، حتى تصل إلى الإجابة. أعط اعتذارات مخلصة و اعترف بأخطائك. أظهر الجانب الإنساني من ذاتك، و لن يتردد الطرف الآخر في فعل ذلك.
7. أظهر تقديرك :
ينبغي أن يشعر الأمناء بأنهم مقدرون ..فالمقدرون دائماً مخلصون وسعداء ومنتجون. دائماً ما يشعر من يظهر التقدير بالسعادة أيضاً. أشعر أعضاء فريقك أنه مقدرون إلى أقصى درجة واكتب بطاقات شكر لأصحاب الأعمال الجيدة .كن قدوة باتصالاتك الفعالة واطلب من الناس أن يوافوك بتعليقاتهم على مهارات الاتصال لديك.كن قادراً على إعطاء مقترحات جديدة للتطوير، وكن مرناً ..كن أميناً .
وفي ختام حديثنا عن التواصل الفعال لا بد أن نقول بأن الخطوات السابقة تحتاج إلى وقت, فقد اخفق اليوم, لكنني سأنجح في الغد وسأكون من أرباب التواصل الفعال.
من ظلمات الإعاقة إلى نور الإرادة
ترددت على مسامعي عبارة تقول:إن الطفل إذا ما ولد وهو فاقد لثلاث حواس من حواسه, فلن تكتب له الحياة ومصيره الموت.
لكن أن يرسل الموت طفلة إلى الحياة لتكون عبرة للناس فهنا تكمن المعجزة.
هيلين كيلر امرأة استطاعت رغم عجزها الكبير أن تكون ذات شأن كبير, وأن تخط اسمها بحروف من ذهب على صفحات التاريخ الحديث .
ولدت هيلين في مدينة تسكمبيا بولاية آلا باما الأميركية في27/7/1880 , كانت طفلة سليمة الحواس مكتملة النمو ,إلى أن فاجأها القدر بحمى جرثومية خبيثة جعلتها تدخل في نوبات من الهذيان والاضطراب , وقف أمامها الأطباء مكتوفي الأيدي سائلين الله آن يصبر أبويها على فقدانها ,منذ تلك اللحظة ظهرت إرادة هيلين على تحدي العجز والضعف, فبعد يومين عادت الحمرة تعلو وجنتي هيلين لتعود من رحلة المجهول إلى الحياة, لكنها عادت وقد فقدت حاستي السمع والبصر ولتفقد فيما بعد قدرتها على الكلام فأصبحت بكماء أيضاً.
كبرت هيلين وهي في ظلمات ثلاث لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم , فانقطع كل أملها في التواصل مع العالم الخارجي , فكان التوتر والغضب والانفعال وسائل تفاهمها مع الناس .
رغم هذا استطاعت هيلين أن تحقق في حياتها أكثر مما يستطيع أن يحققه أناس طبيعيون, فاستطاعت أن تقرأ من الكتب أضعاف ما يقرؤه أصحاب البصائر السليمة, وسمعت الكثير من المعزوفات والمقطوعات الموسيقية والألحان, وألقت من المحاضرات في أميركا وأوروبا وإفريقيا أكثر من أكثر خطباء عصرها نشاطاً.
ليس هذا ضرباً من الجنون أو قصة من نسج الخيال ,إنها قصة واقعية عنوانها الإرادة .
قصة هذه الفتاة تبدأ عندما بلغت السابعة من العمر حيث التقت بمعلمتها الآنسة"آن سولفيان" فكانت آن شعاع النور الذي أنار لهيلين طريق نجاحها في الحياة.... فبدأت الآنسة آن تهذيب أخلاق هيلين وتعليمها الطاعة والنظام , وكانت هذه الملهمة تعلم طفلتها الهجاء عن طريق كتابة الكلمات على يديها الصغيرتين.. إلى أن جاءت لحظة التنوير في حياتها كما وصفتها هيلين في كتابها"قصة حياتي" فخلال نزهة قامت بها مع معلمتها آن إلى بئر الماء, قامت آن بوضع يد هيلين اليمنى تحت الماء وكتبت لها على يدها اليسرى كلمة "ماء", في هذه اللحظة شعرت هيلين أنها بدأت تشعر بحالة وعي ضبابية , وبدأت تتكشف أمامها أسرار اللغة..وهنا بدأت هيلين تتجاوز إعاقتها وباشرت بأولى خطواتها نحو القمة... وفي مقالنا القادم ستعرف على ما استطاعت هيلين أن تحقق الكثير الذي يعجز الأناس الطبيعيون عن تحقيقه.
يتبع ..
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
من ظلمات الإعاقة إلى نور الإرادة
تحدثنا في الجزء السابق من القصة عن هيلين ومعلمتها ,وكيف بدأت هيلين بتحدي الإعاقة من خلال لحظة تنوير واحدة في حياتها كما وصفتها هيلين في كتابها"قصة حياتي" فخلال نزهة قامت بها مع معلمتها آن إلى بئر الماء, قامت آن بوضع يد هيلين اليمنى تحت الماء وكتبت لها على يدها اليسرى كلمة "ماء", في هذه اللحظة شعرت هيلين أنها بدأت تشعر بحالة وعي ضبابية , وبدأت تتكشف أمامها أسرار اللغة الغامضة , وبدأت تدرك مسميات الأشياء الملموسة , فلم تترك شيئاً يمر عليها خلال رحلة العودة إلى المنزل دون سؤال عن اسمه ومعرفة كيفية كتابته, كم كانت فرحتها عظيمة بذلك , كيف لا وقد وجدت مفتاح الباب الذي أوصد في وجهها طيلة سبع سنوات... لا بل ووضعته في ثقب الباب وبدأت تديره لتفتح ذلك الباب .
وما أن أدركت هيلين تهجئة الحروف والكلمات, حتى بدأت تتعلم القراءة بطريقة "برييل" وانكبت على الكتب تلتهمها بأناملها,وبفضل القراءة تعلمت الكتابة, فأبدعت في أسلوبها وجمال خطها حتى فاقت كتاب عصرها .
سئلت هيلين عن سبب ولعها بالكتب فقالت: "الكتب تحدثني عن الكثير من الحقائق الممتعة, وعن الأشياء التي لا أستطيع مشاهدتها , كما أن الكتب بخلاف الناس لا تتعب ولا تتضايق, فتظل تحدثني المرة تلو الأخرى عما أود معرفته".
ولم ترضى هيلين آن تكون خرساء (بعد أن سمعت بأن فتاة صماء استطاعت الكلام), فكان هدفها التالي أن تسمع صوتها للناس , فلم ترهقها تجربة ولم يوقفها إحباط, واستطاعت من خلال تلمس شفاه معلمتها وحنجرتها إدراك مخارج الحروف, وكانت كلماتها الأولى غير مفهومة , واستمرت محاولاتها إلى أن أصبحت عباراتها واضحة بليغة , فكانت أول عبارة تنطق بها "أنا لم أعد خرساء" وأصبحت هيلين فيما بعد من أشهر المحاضرات على مستوى العالم.
إن كنت عزيزي القارئ لم تذهل مما قرأت فلعلك قد تذهل عندما تعلم أن هيلين استطاعت دراسة الجغرافيا بواسطة خرائط خاصة, وتعلمت عدة لغات وحصلت على شهادتي الدكتوراه في العلوم والفلسفة. كما أنها كانت ناشطة وصانعة للسلام , وداعية لحقوق المرأة, وكانت من أول المنادين بالتكنولوجيا الجديدة, ولعبت دوراً في صدور مشروع الكتاب الناطق لمساعدة المكفوفين في التعرف إلى العلوم والآداب, وبذلك منحت الميدالية الرئاسية للحرية عام -1964- وهي أعلى ميدالية تمنح لتكريم المدنيين.
هذا غيض من فيض فقد تكون هيلين كيلر معجزة جعلها الله في القرن العشرين وعبرة للكثيرين ممن يئسوا من إنتاج شيء وإضافته إلى هذه الحياة , لعلنا نفعل خيرا إن جعلنا من هذه المرأة منارة لنا تنير دروب النجاح, و قوة نقطع بها حبال الناس المحيطة بنا .
"لقد أدركت لماذا حرمني الله من السمع والبصر والنطق ,فلو أني كنت كسائر الناس, لعشت ومت كأي امرأة عادية"
هيلين كيلر
نجاح من رحم الألم
" أشعر بأنني أفضل بل أسعد مما كنت عليه قبل ولادتي كريستوفر" قارئ هذه العبارة سيعتقد أن قائلتها قد رزقت طفلاً جميلاً حوّل حياتها إلى عالم من الراحة النفسية والمتعة والاطمئنان, ولن يتوقع أحد أن تكون هذه الولادة من أصعب الولادات وأعقدها, تعرضت خلالها برناديت – قائلة العبارة السابقة- لخطر الموت من جراء هذه الولادة المتعثرة, بل لم تستطع أن ترى ولدها إلا بعد ثلاثة أسابيع من ولادته.
وُضِع بين يديها طفلاً ملتوياً -لا شيء فيه على ما يرام- عاجزاً عن الحركة والنطق والتعبير إلا, اللهم عن بعض الإيماءات بعينيه وحاسة سمع قويت مع الأيام, من خلالها وجدت برناديت بصيص أمل لتجعل من ولدها هذا معجزة المعجزات.
وكما يزيد الضرب الحديد قساوة, ازدادت برناديت والدة كريستوفر نولان الأم الحديدية الإرادة عزيمة وإصراراً فجعلت كريستوفر- الطفل التوتري- شخصاً ذا شأن على مستوى بريطانيا كلها.
لم تدع اليأس يسيطر عليها, ولا الدموع تغرقها ولا الكآبة تفترسها, بل كرست برناديت حياتها لولدها فاستطاعت أن تزرع فيه حب التحدي والإصرار على تحقيق الذات, فحولت بذلك مرارة الألم وقسوة المعاناة إلى لذة نصر ونشوة نجاح.
رغم استجابات كريستوفر البطيئة استطاعت تعليمه بعض الإيماءات البسيطة بوساطة حركات عينيه, وأخذت تحيطه بالأصدقاء والأقارب ولم تعزله عن العالم وكأنه وصمة عار يجب سترها. ومع ظهور الكمبيوتر بدأت تعلمه الكتابة بالنقر على لوحته بواسطة قلم ربطته على جبينه, استطاع بواسطته أن يكتب بعض الكلمات ليعبر عن حاجاته ورغباته, مستغرقاً ثلاث دقائق في كتابة كل كلمة,ثم أدرك كريستوفر جهود والدته الجبارة في تهيئة الظروف لجعله شخصاً ذا شأن كبير, فبدأ رحلته في عالم الكتابة, يدفعه إلى ذلك العالم إصراره على النجاح.
وبكثير من الألم وبيأس معدوم, استطاع كريستوفر أن يصرع حروف الكمبيوتر, في حين لم تصرعه الإعاقة وألّف أول قصائده وهو في الخامسة عشرة من عمره, وكانت جميلة لدرجة أن إحدى الصحف تلقفتها ونشرتها, وعندما أصبح في الواحد والعشرين أصدر سيرته الذاتية, أول كتبه باسم " تحت عيون الساعة " وعنه قال أحد النقاد: " إن هذا الكتاب الضئيل الحجم, بالنسبة للكتب المماثلة, سيدخل تاريخ الأدب الإنكليزي من أوسع أبوابه لأنه نابع من أعماق المعاقين المحطمين في أي مكان من العالم".بهذا الكتاب حصل كريستوفر على أشهر جائزة أدبية في إنكلترا, جائزة ويتبريد للأدب الرفيع.
لم يكن نجاح كريستوفر ليتحقق لولا صبر أم أبت أن يكون ولدها أقل من باقي البشر, وإصرارها أن يكون ابنها أفضل من كثيرين ولدوا سليمين لكنهم لم يحظوا بأم تفجر قطرات النجاح من صخرة
الحياة.
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
شكراً سيف
موضوع رائع
يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهـن القـاع والأكـم
نفسي الـفـداء لـقبـر أنـت ساكـنـه *** فيه العفاف وفيـه الجـود والكـرم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)