تحقيقات

مركز الثقة يتم تأهيل المرأة لتستطيع العمل بمهنة لائقة حال خروجها من المركز
يأوي المهددات بالقتل أو التشرد أو ضحايا الاتجار بالبشر والاغتصاب.. بدأ عمله كهاتف ثقة بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا العنف 25/11 وسرعان ما تحول إلى مركز سرّي يأوي النساء المعنفات..


واليوم توسّع عمل "مركز الثقة لضحايا العنف الأسري" والذي يعمل بشكل غير حكومي تحت غطاء ديني, وأصبح ملجأً آمناً للكثيرات اللاتي هربن من بيوتهن وكان من الممكن أن يقتلن ببساطة لأسباب تتعلق بالشرف أو الإرث أو يستغللن من قبل البعض ليعملن في "الدعارة".. المركز لا يميز بين جنسية محدّدة أو دين أو عمر ويقدم خدمات مجانية (قانونية واجتماعية ونفسية) لأي امرأة معنّفة تحتاج لمساعدة إما عبر الهاتف أو عن طريق استقبالها في المركز إن لزم الأمر..

حالات العنف الجنسي تصل إلى 50%
المسؤولة الإعلامية في المركز رهادة عبدوش قالت لسيريانيوز "منذ إنشاء خط هاتف الثقة برقمه الرباعي (9219) في العام 2007 استطعنا مساعدة عدد كبير من النساء المعنفات واليوم عملنا يتطور ويتوسع, فالمركز يقدم جميع الخدمات التي تحتاجها المرأة (قانونية, اجتماعية, نفسية) بشكل سري حيث لا نأخذ اسم المرأة أو رقمها, وإنما لكل معنفة اسم رمزي وملف معين, فضلاً عن فريق الإصغاء المختص الذي تم تأهيله عن طريق دورات معينة للاستماع للمشكلات التي تعترض المرأة ومحاولة معرفة المشكلة بالضبط ونحن نساعدها على أن تجد خيوط مشكلتها ونعمل على حلها على هذا الأساس ونوجهها لنقاط القوة لديها", مضيفة "حالات العنف الجنسي تصل إلى حوالي 50% من الحالات التي تأتينا".

المركز يأوي النساء المعنفات بشكل شديد
أما عن المركز السري الذي يتبع لخط هاتف الثقة توضح عبدوش "المركز الذي يعتبر الوحيد والأول من نوعه في سورية يأوي النساء المعنفات بشكل شديد كالمهددات بالقتل أو التشرد, إضافة إلى ضحايا الاتجار بالبشر, وهؤلاء يعيشون حياة طبيعية ونقدم لهم الدعم الذي يحتاجونه عن طريق المختصين المتطوعين, ويهمنا أن تساعد المرأة نفسها بنفسها عن طريق تعليمها مهنة معينة أو تأهيلها بدورات اللغات والكمبيوتر لتعمل في مهنة لائقة حال خروجها من المركز, عن طريق التواصل مع سيدات أعمال تكون مشاريعهن ومعاملهن بحاجة إلى أيدي عاملة", مشيرة إلى أن "المركز لا يأوي النساء مدى الحياة وإنما لفترة محددة قرابة الشهرين أو الثلاثة ريثما تستطيع المرأة الاعتماد على نفسها".

هدفنا الوصول إلى كافة المحافظات
ولدير راهبات الراعي الصالح دور كبير في مساعدة النساء المعنفات وإيوائهن في الدير الذي يحوي أيضاً روضة تستقبل أطفال النساء المعنفات, وحول تعاون الدير مع فريق خط الثقة تشرح رئيسة الدير ماري كلود النداف والتي تم اختيارها مؤخراً في واشنطن من بين أشجع عشر نساء في العالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة "الدير يستقبل الفتيات اللواتي تركن منازلهن منذ الثمانينات, وقد كنت صاحبة الفكرة الأساسية لإنشاء خط هاتف الثقة من خلال اجتماعات مع راهبات من أكثر 72 من دولة, وعملنا تشابكي مع الجمعيات الوطنية والمجتمع الأهلي وهدفنا أن نطال أكبر عدد ممكن من النساء اللاتي يتعرضن للعنف ونتمنى الوصول إلى كافة المحافظات وإنشاء مراكز لإيواء النساء المعنفات".

فريق متطوع ومتخصص من كلّ الشرائح والأديان
وتضيف النداف "نستقبل جميع المعنفات دون تفرقة بالدين أو بالجنسية، ونقدم لهنَّ الخدمات الأولية ليشعرن وكأنهن في منزلهن كما نقدم لهن كافة أشكال الدعم بسرية تامة، من خلال فريق متطوع ومتخصص من كلّ الشرائح والأديان", مضيفة "لكل حالة في الدار خصوصيتها، حيث تدرس كل حالة وتعالج على حدة, وبعد فترة تدخل المرأة في مرحلة التأهيل، من خلال المحامين والاختصاصيين الاجتماعيين وهذه المرحلة مهمة ففيها يتمّ تحضير الفتاة من أجل الدمج في المجتمع, وفي هذه المرحلة أيضاً يتمّ العمل مع عائلة المرأة وأولادها حتى يتمّ دمجها بشكل تدريجي وبعد مرحلة الدمج وخروج الفتاة إلى مجتمعها، يستمرّ التواصل مع الفتاة لفترة معينة حتى تستطيع الوقوف على قدميها".

ضرب عنيف.. واغتصاب من الأقارب
الأخصائية الاجتماعية ريم والتي تعمل في المركز منذ حوالي العام تقول "تردنا مشاكل من أعمار ومحافظات وجنسيات مختلفة, وبدورنا نعالج مشاكل النساء حسب مدى تفاقم المشكلة, فمثلاً هناك حالات ضرب عنيف أو اغتصاب حتى من قبل الأقارب وهناك حالات انهيار تام تحتاج لإعادة تأهيل اجتماعي للتواصل مع الناس عن طريق برامج معينة توضع بالتعاون مع الأخصائيين", مضيفة "هناك مشاكل تتعلق بكيفية تواصل الأهل مع أبناءهم وخصوصاً أثناء فترة المراهقة, وهناك مشاكل تتعلق بالطلاق والخلافات الزوجية والتي تتعلق أحياناً بالحياة الجنسية ويكون دورنا هنا حل المشكلة آو التدخل بين الزوجين وقد نجحت معنا حالات كثيرة وآخر حل نلجأ إليه هو الطلاق".

وللرجال حصة أيضاً..
الأخصائية النفسية في المركز ربى السعدي تقول "أحياناً تردنا مكالمات من قبل رجال يعانون من مشاكل نفسية وأسرية, والعلاج النفسي يتم غالباً عن طريق الهاتف ويستلزم وقتاً طويلاً لأن أغلب النساء اللاتي يعانين من مشاكل نفسية لا يفضلون الحضور الشخصي لأسباب تتعلق بشعورهن بالإحراج لانتشار ثقافة العيب في المجتمع تجاه المريض النفسي", مشيرة إلى أن "أكثر المشاكل التي تواجهن هي الآثار النفيسة الناتجة عن الطلاق والإجراءات الطويلة التي يستلزمها في المحاكم أو مشاكل تتعلق بحضانة الأولاد, فضلاً عن مشاكل العجز المكتسب لدى المعنفات وهو ما يعني أن المرأة تشعر أنها لوحدها وخاصة بعد تخلي أهلها عنها ووقوف المجتمع ضدها نتيجة ارتكابها لخطأ معين".

هاربات من جرائم شرف.. ومهددات بالقتل لآجل الإرث
أما عن الدعم القانوني الذي يقدمه المركز للنساء المعنفات تقول المستشارة القانونية بمركز الثقة مجدولين حسن "المركز يقدم استشارات وخدمات مجانية قانونية للنساء ضحايا العنف, ومن الممكن أن ننظم وكالة بشكل طبيعي بعد الحصول على الوثائق اللازمة ونتابع كافة الإجراءات القضائية", وتتابع حسن "هناك حالات كثيرة تتعرض للعنف الجسدي (الضرب) من قبل الزوج أو الأخ أو الأقارب أومن قبل الأمهات للأسف, ونساء كثيرات يأخذن استشارات للطلاق, أو استشارات بما يخص الإرث في حال الحرمان منه ومن الممكن أن تهدد المرأة بالقتل إن رفضت التنازل عن حصتها في الإرث لأخيها أو أبيها, وتردنا حالات كثيرة حول نساء هاربات من جرائم شرف وللأسف فهنا العنف مكرّس بقوة القانون".

وتضيف حسن "للأسف لدينا ثقافة في مجتمعنا بان من حق الرجل ضرب المرأة ولكن من المهم تغيير ثقافة العنف ونشر ثقافة بديلة عنها, ونتمنى تعديل القوانين التي تسهم بتكريس العنف ضد المرأة وإلغائها, من قانون الأحوال الشخصية لقانون العقوبات والعمل والجنسية وأي قانون تمييزي ضد المرأة", مضيفة "التعديل الأخير الذي طرأ على قانون جرائم الشرف والذي مدد فترة العقاب للقاتل إلى سبع سنوات مبادرة مبشرة لأننا لم نكن نحلم بوجود خطوة ايجابية بهذه الطريقة".