ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين
وأولها يوم الاثنين للتاسع والعشرين من حزيران، ولخمس وتسعين ومائة وألف من عهد ذي القرنين.
ذكر الخبر عما كان فيه الأحداث الجليلة
فمن ذلك ما كان فيها من ورود الخبر في غرة صفر بدخول محمد وعلي ابني الحسين بن جعفر بن موسى بن محمد بن علي بن حسين المدينة وقتلهما جماعة من أهلها ومطالبتهما أهلها بمال، وأخذهما من قوم منهم مالًا.
وأن أهل المدينة لم يصلوا في مسجد رسول الله أربع جمع؛ لا جمعة ولا جماعة، فقال أبو العباس بن الفضل العلوي:
أخربت دار هجرة المصطفى الب ** ر فأبكى إخرابها المسلمينا
عين أبكى مقام جبريل والقب ** ر فبكى والمنبر الميمونا
وعلى المسجد الذي أسه التق ** وى خلاء أضحى من العابدينا
وعلى طيبة التي بارك الل ** ه عليها بخاتم المرسلينا
قبح الله معشرًا أخربوها ** وأطاعوا متبرًا ملعونا
وفيها أدخل على المعتمد من كان حضر بغداد من حاج خراسان، فأعلمهم أنه قد عزل عمرو بن الليث عما كان قلده، ولعنه بحضرتهم، وأخبرهم أنه قد قلد خراسان محمد بن طاهر؛ وكان ذلك لأربع بقين من شوال. وأمر أيضًا بلعن عمر بن اليث على المنابر، ولثمان بقين من شعبان من هذه السنة شخص صاعد بن مخلد من معسكر أبي أحمد بواسط إلى فارس لحرب عمرو بن الليث. ولعشر خلون من شهر رمضان منها عقد لأحمد بن محمد الطائي على المدينة وطريق مكة. وفيها كانت بين أبي العباس بن الموفق وبين خمارويه بن أحمد بن طولون وقعة بالطواحين، فهزم أبو العباس خمارويه، فركب خماروية حمارًا هاربًا منه إلى مصر، ووقع أصحاب أبي العباس في النهب.
ونزل أبو العباس مضرب خمارويه، ولا يرى أنه بقي له طالب، فخرج عليه كمين لخمارويه كان كمنه لهم خمارويه، وفيهم سعد الأعسر وجماعة من قواده وأصحابه، وأصحاب أبي العباس قد وضعوا السلاح ونزلوا.
فشد كمين خمارويه عليهم فانهزموا، وتفرق القوم، ومضى أبو العباس إلى طرسوس في نفر من أصحابه قليل، وذهب كل ما كان في العسكرين؛ عسكر أبي العباس وعسكر خمارويه من السلاح والكراع والأثاث والأموال، وانتهب ذلك كله؛ وكانت هذه الوقعة يوم السادس عشر من شوال من هذه السنة - فيما قيل.
وفيها وثب يوسف بن أبي الساج - وكان والي مكة - على غلام للطائي يقال له بدر، وخرج واليًا على الحاج فقيده، فحارب ابن أبي الساج جماعة من الجند، وأغاثهم الحاج، حتى استنقذوا غلام الطائي، وأسروا ابن أبي الساج، فقيد وحمل إلى مدينة السلام، وكانت الحرب بينهم على أبواب المسجد الحرام.
وفيها خربت العامة الدير العتيق الذي وراء نهر عيسى، وانتهبوا كل ما كان فيه من متاع، وقلعوا الأبواب والخشب وغير ذلك، وهدموا بعض حيطانه وسقوفه؛ فصار إليهم الحسين بن إسماعيل صاحب شرطة بغداد من قبل محمد بن طاهر، فمنعهم من هدم ما بقي منه؛ وكان يتردد إليه أيامًا هو والعامة؛ حتى يكاد يكون بين أصحاب السلطان وبينهم قتال، ثم بنى ما كانت العامة هدمته بعد أيام، وكانت إعادة بنائه - فيما ذكر - بقوة عبدون بن مخلد، أخي صاعد بن مخلد.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى العباسي.
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ومائتين
أولها يوم الجمعة للثامن عشر من حزيران، سنة ست وتسعين ومائة وألف لذي القرنين.
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
فمما كان فيها من ذلك إخراج أهل طرسوس أبا العباس بن الموفق من طرسوس؛ لخلاف كان وقع بينه وبين يازمان؛ فخرج عنها يريد بغداد للنصف من المحرم من هذه السنة.
وفيها توفي سليمان بن وهب في حبس الموفق يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة بقيت من صفر.
وفيها تجمعت العامة، فهدموا ما كان بني من البيعة يوم الخميس لثمان خلون من شهر ربيع الآخر.
وفيها حكم شار في طريق خراسان، وصار إلى دسكرة الملك، فقتل وانتهب.
وفيها ورد الخبر مدينة السلام بدخول حمدان بن حمدون وهارون الشاري مدينة الموصل، وصلى الشاري بهم في مسجد الجامع.
وفيها قدم أبو العباس بن الموفق منصرفًا من وقعته مع ابن طولون بالطواحين لتسع بقين من جمادى الآخرة.
وفيها نقب المطبق من داخله، وأخرج الذوائبي العلوي ونفسان معه، وكانوا قد أعدت لهم دواب توقف في كل ليلة ليخرجوا فيركبوها هاربين.
فنذر بهم، وغلقت أبواب مدينة أبي جعفر المنصور، فأخذ الذوائبي ومن خرج معه، وركب محمد بن طاهر، وكتب بالخبر إلى الموفق وهو مقيم بواسط، فأمر أن تقطع يد الذوائبي ورجله من خلاف، فقطع في مجلس الجسر بالجانب الغربي، ومحمد بن طاهر واقف على دابته، وكوى يوم الاثنين لثلاث خلون من جمادى الآخرة.
وفيها قدم صاعد بن مخلد من فارس، ودخل واسط في رجب، فأمر الموفق جميع القواد أن يستقبلوه، فاستقبلوه، وترجلوا له، وقبلوا كفه.
وفيها قبض الموفق على صاعد بن مخلد بواسط وعلى أسبابه، وانتهب منازلهم يوم الاثنين لتسع خلون من رجب، وقبض على ابنيه أبي عيسى وأبي صالح ببغداد، وعلى أخيه عبدون وأسبابه بسامرا، وذلك كله في يوم واحد، وهو اليوم الذي قبض فيه على صاعد، واستكتب الموفق إسماعيل بن بلبل، واقتصر به على الكتابة دون غيرها.
ووردت الأخبار فيها أن مصر زلزلت في جمادى الآخرة زلازل أخربت الدور والمسجد الجامع، وأنه أحصى في يوم واحد بها ألف جنازة.
وفيها غلا السعر ببغداد؛ وذلك أن أهل سامرا منعوا - فيما ذكر - سفن الدقيق من الانحدار إليها، ومنع الطائي أرباب الضياع من دياس الطعام وقسمه، يتربص بذلك غلاء الأسعار، فمنع أهل بغداد الزيت والصابون والتمر وغير ذلك من حمله إلى سامرا، وذلك في النصف من شهر رمضان.
وفيها ضجت العامة بسبب غلاء السعر، واجتمعت للوثوب بالطائي، فانصرفوا من مسجد الجامع للنصف من شوال إلى داره بين باب البصره وباب الكوفة، وجاءوه من ناحية الكرخ، فأصعد الطائي أصحابه على السطوح، فرموهم بالنشاب، وأقام رجاله على بابه وفي فناء داره بالسيوف والرماح، فقتل بعض العامة، وجرحت منهم جماعة، ولم يزالوا يقاتلونهم إلى الليل، فلما كان الليل انصرفوا، وباكروه من غد، فركب محمد بن طاهر، فسكن الناس وصرفهم عنه.
وفيها توفي إسماعيل بن بريه الهاشمي، يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال منها.
ولثمان بقين منها توفي عبيد بن عبد الله الهاشمي.
وفيها كانت للزنج بواسط حركة، فصاحوا: أنكلاى، يا منصور! وكان أنكلاى والمهلبى وسليمان بن جامع والشعراني والهمداني وآخر معهم من قواد الزنج محتبسين في دار محمد بن عبد الله بن ظاهر بمدينة السلام في دار البطيخ، في يد غلام من غلمان الموفق، يقال له: فتح السعيدي، فكتب الموفق إلى فتح أن يوجه برءوس هؤلاء الستة، فدخل إليهم، فجعل يخرج الأول فالأول منهم، فذبحهم غلام له، وقلع رأس بالوعة في الدار، وطرحت أجسادهم فيها، وسد رأسها، ووجه رءوسهم إلى الموفق.
وفيها ورد كتاب الموفق على محمد بن طاهر في جثث هؤلاء الستة المقتولين، فأمره بصلبها بحضرة الجسر، فأخرجوا من البالوعة، وقد انتفخوا، وتغيرت روائحهم، وتقشر بعض جلودهم، فحملوا في المحامل: المحمل بين الرجلين؛ وصلب ثلاثة منهم في الجانب الشرقي، وثلاثة في الجانب الغربي، وذلك لسبع بقين من شوال من هذه السنة، وركب محمد بن طاهر حتى صلبوا بحضرته. وفيها صلح أمر رسول الله صلى الله علية وسلم، وعمرت، وتراجع الناس إليها.
وفيها غزا الصائفة يازمان.
وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق بين عيسى بن موسى الهاشمي.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
ففيها كانت وقعة أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وعمرو بن الليث الصفار يوم السادس عشر من شهر ربيع الأول.
وفيها كانت أيضًا وقعة بين إسحاق بن كنداج ومحمد بن أبي الساج بالرقة، فانهزم إسحاق؛ وكان ذلك يوم الثلاثاء لتسع خلون من جمادى الأولى.
وفيها قدمت رسل يازمان من طرسوس، فذكروا أن ثلاثة بنين لطاغية الروم وثبوا عليه، فقتلوه وملكوا أحدهم عليهم.
وفيها قيد أبو أحمد لؤلؤًا القادم عليه بالأمان من عند ابن طولون، واستصفى ماله، لثمان بقين من ذي القعدة من هذه السنة.
وذكر أن الذي أخذ من ماله كان أربعمائة ألف دينار.
وذكروا عن لؤلؤ أنه قال: ما عرفت لنفسي ذنبًا استوجبت به ما فعل بي إلا كثرة مالي.
وفيها كانت بين محمد بن أبي الساج وإسحاق بن كنداج وقعة أخرى لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة؛ وكانت الدبرة فيها على ابن كنداج.
وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن عباس.
ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
فمن ذلك شخوص أبي أحمد إلى كرمان لحرب عمرو بن الليث لاثني عشرة بقيت من شهر ربيع الأول.
وفيها غزا يازمان، فبلغ المسكنين، فأسر وغنم، وسلم المسلمون، وذلك في شهر رمضان منها.
وفيها دخل صديق الفرعاني دور سامرا، فأغار على أموال التجار، وأكثر العيث في الناس، وكان صديق هذا يخفر أولًا الطريق، ثم تحول لصًا خاربًا يقطع الطريق.
وحج بالناس فيها هارون بن محمد الهاشمي.
ثم دخلت سنة خمس وسبعين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
فمن ذلك ما كان من توجيه الطائي جيشًا إلى سامرا بسبب ما أحدث صديق بها وإطلاقه أخاه من السجن؛ وكان أسيرًا عنده، وذلك في المحرم من هذه السنة: ثم خرج الطائي إلى سامرا، وأرسل صديقًا ووعده ومناه وأمنه، فعزم على الدخول إليه في الأمان، فحذره ذلك غلام له يقال له هاشم، وكان - فيما ذكر - شجاعًا، فلم يقبل منه، ودخل سامرا مع أصحابه، وصار إلى الطائي، فأخذه الطائي، ومن دخل معه منهم، فقطع يد صديق ورجله ويد هاشم ورجله وأيدي جماعة من أصحابه وأرجلهم وحبسهم، ثم حملهم في محامل إلى مدينة السلام، وقد أبرزت أيديهم وأرجلهم المقطعة ليراها الناس، ثم حبسوا.
وفيها غزا يازمان في البحر، فأخذ للروم أربعة مراكب.
وفيها تصعلك فارس العبدي، فعاث بناحية سامرا، وصار إلى كوخها، فانتهب دور آل حسنج، فشخص الطائي إليه، فلحقه بالحديثة، فاقتتلا، فهزمه الطائي وأخذ سواده، وصار الطائي إلى دجلة، فدخل طيارة ليعبرها، فأدركه أصحاب العبدي فتعلقوا بكوثل الطيار، فرمى الطائي بنفسه في دجلة، فعبرها سباحة، فلما خرج منها نفض لحيته من الماء، وقال: أيش ظن العبدي؟ أليس أنا أسبح من سمكة! ثم نزل الطائي الجانب الشرقي والعبدي بإزائه في الجانب الغربي.
وفي انصراف الطائي قال علي بن محمد بن منصور بن نصر بن بسام:
قد أقبل الطائي، لا أقبلا ** قبح في الأفعال ما أجملا
كأنه من لين ألفاظه ** صبية تمضغ جهد البلا
وفيها أمر أبو أحمد بتقييد الطائي وحبسه، ففعل ذلك لأربع عشرة خلت من شهر رمضان، وختم على كل شيء له، وكان يلي الكوفة وسوادها وطريق خراسان وسامرا والشرطة ببغداد، وخراج بادوريا وقطربل ومسكن وشيئًا من ضياع الخاصة.
وفيها حبس أبو أحمد ابنه أبا العباس، فشغب أصحابه، وحملوا السلاح، وركب غلمانه، واضطربت بغداد لذلك، فركب أبو أحمد لذلك حتى بلغ باب الرصافة، وقال لأصحاب أبي العباس وغلمانه فيما ذكر: ما شأنكم؟ أترونكم أشفق على ابني مني! هو ولدي، واحتجت إلى تقويمه.
فانصرف الناس ووضعوا السلاح، وذلك يوم الثلاثاء لست خلون من شوال من هذه السنة.
وحج بالناس فيها هارون بن محمد الهاشمي.
ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
فمن ضم الشرطة بمدينة السلام إلى عمرو بن الليث، وكتب فيها على الأعلام والمطارد والترسة - التي تكون في مجلس الجسر - اسمه، وذلك في المحرم.
ولأربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول من هذه السنة شخص أبو أحمد من مدينة السلام إلى الجبل، وكان سبب شخوصه إليها - فيما ذكر - أن الماذرائي كاتب اذكوتكين، أخبره أن له هنالك مالًا عظيمًا، وأنه إن شخص صار ذلك إليه، فشخص إليه فلم يجد من المال الذي أخبره به شيئًا، فلما لم يجد ذلك شخص إلى الكرج، ثم إلى أصبهان يريد أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف، فتنحى له أحمد بن عبد العزيز عن البلد بجيشه وعياله، وترك داره بفرشها لينزلها أبو أحمد إذا قدم.
وقدم محمد بن أبي الساج على أبي أحمد قبل شخوصه من مضربه بباب خراسان هاربًا من ابن طولون، بعد وقعات كانت بينهما، ضعف في آخر ذلك ابن أبي الساج عن مقاومته، لقلة من معه وكثرة من مع ابن طولون من الرجال، فلحق بأبي أحمد فانضم إليه، فخلع أبو أحمد عليه، وأخرجه معه إلى الجبل.
وفيها ولى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر شرطة بغداد، من قبل عمرو بن الليث في شهر ربيع الآخر.
وفيها ورد الخبر بانفراج تل بنهر الصلة - ويعرف بتل بني شقيق - عن سبعة أقبر فيها أبدان صحيحة، عليها أكفان جدد لينة، لها أهداب، تفوح منها رائحة المسك، أحدهم شاب له جمة، وجبهته وأذناه وخداه وأنفه وشفتاه وذقنه وأشفار عينيه صحيحة، وعلى شفتيه بلل، كأنه قد شرب ماء؛ وكأنه قد كحل، وبه ضربة في خاصرته، فردت عليه أكفانه.
وحدثني بعض أصحابنا أنه جذب من شعر بعضهم، فوجده قوى الأصل نحو قوة شعر الحي، وذكر أن التل انفرج عن هذه القبور عن شبه الحوض من حجر في لون المسن، عليه كتاب لا يدري ما هو! وفيها أمر بطرح المطارد والأعلام والترسة التي كانت في مجالس الشرطة التي عليها اسم عمرو بن الليث، وإسقاط ذكره، وذلك لإحدى عشرة خلت من شوال.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق الهاشمي، وكان واليًا على مكة والمدينة والطائف.
ثم دخلت سنة سبع وسبعين ومائتين
ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها
فمن ذلك دعاء يازمان بطرسوس لخمارويه بن أحمد بن طولون؛ وكان سبب ذلك - فيما ذكر - أن خمارويه وجه إليه بثلاثين ألف دينار وخمسمائة ثوب وخمسين ومائة دابة وخمسين ومائة ممطر وسلاح، فلما وصل إليه دعا له، ثم وجه إليه بخمسين ألف دينار. وفي أول شهر ربيع الآخر كان بين وصيف خادم ابن أبي الساج والبرابرة أصحاب أبي الصقر شر؛ فاقتتلوا، فقتل من غلمان الخادم أربعة غلمان ومن البرابرة سبعة؛ فكانت الحرب بينهم بباب الشأم إلى شارع باب الكوفة، فركب إليهم أبو الصقر، فكلمهم فتفرقوا، ثم عادوا للشر بعد يومين، فركب إليهم أبو الصقر فسكنهم.
وفيها ولي يوسف بن يعقوب المظالم، فأمر أن ينادي: من كانت له مظلمة قبل الأمير الناصر لدين الله أو أحد من الناس فليحضر.
وتقدم إلى صاحب الشرطة ألا يطلق أحدًا من المحبسين إلا من رأى إطلاقه يوسف، بعد أن يعرض عليهم قصصهم.
وفي أول يوم من شعبان قدم قائد من قواد ابن طولون في جيش عظيم من الفرسان والرجاله بغداد.
وحج بالناس في هذه السنة محمد بن هارون الهاشمي.
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
فمن ذلك الحرب التي كانت بين أصحاب وصيف الخادم والبربر وأصحاب موسى، ابن أخت مفلح أربعة أيام تباعًا، ثم اصطلحوا؛ وقد قتل بينهم بضعة عشر رجلًا، وذلك في أول المحرم، ثم وقع في الجانب الشرقي حرب بين النصريين وأصحاب يونس، قتل فيها رجل، ثم افترقوا.
وفيها انحدر وصيف خادم ابن أبي الساج إلى واسط بأمر أبي الصقر لتكون عدة له - فيما ذكر - ذلك أنه اصطنعه وأصحابه، وأجازه بجوائز كبيرة، وأدر على أصحابه أرزاقهم، وكان قد بلغه قدوم أبي أحمد، فخافه على نفسه لما كان من إتلافه ما كان في بيوت أموال أبي أحمد؛ حتى لم يبق شيء بالهبة التي يهب؛ والجوائز التي كان يجيز، والخلع التي كان يخلع على القواد، وإنفاقه على القواد، فلما نفذ ما في بيت المال، طالب أرباب الضياع بخراج سنة مبهمة عن أرضيهم، وحبس منهم بذلك جماعة؛ وكان الذي يتولى له القيام بذلك الزغل، فعسف على الناس في ذلك.
وقدم أبو أحمد قبل أن يستوظف أداء ذلك منهم، فشغل عن مطالبة الناس بما كان يطالبهم به.
وكان انحدار وصيف في يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من المحرم.
ولليلتين بقيتا من المحرم منها طلع كوكب ذو جمة، ثم صارت الجمة ذؤابة.
ذكر الخبر عن مرض أبي أحمد الموفق ثم موته
وفيها انصرف أبو أحمد من الجبل إلى العراق، وقد اشتد به النقرس حتى لم يقدر على الركوب، فاتخذ له سرير عليه قبة، فكان يقعد عليه، ومعه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة، حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج، ثم صارت علة رجله داء الفيل، وكان يحمل سريره أربعون حمالًا يتناوب عليها عشرون عشرون، وربما اشتد بهم أحيانًا، فيأمرهم أن يضعوه.
وذكر أنه قال يومًا للذين يحملونه: قد ضجرتم بحملي، بودي أن أكون كواحد منكم أحمل على رأسي وأكل وأني في عافية.
وأنه قال في مرضه هذا: أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق، ما أصبح فيهم أسوأ حالًا مني.
وفي يوم الاثنين لثلاث بقين من المحرم منها وافى أبو أحمد النهروان، فتلقاه أكثر الناس فركب الماء فسار في النهروان، ثم في نهر ديالى، ثم في دجلة إلى الزعفرانية، وصار ليلة الجمعة إلى الفرك، ودخل داره يوم الجمعة لليلتين خلتا من صفر.
ولما كان في يوم الخميس لثمان خلون من صفر، شاع موته بعد انصراف أبي الصقر من داره، وقد كان تقدم في حفظ أبي العباس، فغلقت عليه أبواب دون أبواب، وأخذ أبو الصقر ابن الفياض معه إلى داره، وكان يبقى بناحيته.
وأقام أبو الصقر في داره يومه ذلك، وإزداد الإرجاف بموت أبي أحمد، وكانت اعترته غشية، فوجه أبو الصقر يوم الجمعة إلى المدائن، فحمل منها المعتمد وولده، فجيء بهم إلى داره، وأقام أبو الصقر في داره ولم يصر إلى دار أبي أحمد؛ فلما رأى غلمان أبي أحمد المائلون إلى أبي العباس والرؤساء من غلمان أبي العباس الذين كانوا حضورًا ما قد نزل بأبي أحمد، كسروا أقفال الأبواب المغلقة على أبي العباس.
فذكر عن الغلام الذي كان مع أبي العباس في الحجرة أنه قال لما سمع أبو العباس صوت أقفال تكسر قال: ليس يريد هؤلاء إلا نفسي.
وأخذ سيفًا كان عنده، فاستله، وقعد مستوفزًا والسيف في حجره، وقال لي: تنح أنت، والله لا وصلوا إلي وفي شيء من الروح.
قال: فلما فتح الباب كان أول من دخل عليه وصيف موشكير - وهو غلام أبي العباس - فلما رآه رمى السيف من يده، وعلم أنهم لم يقصدوا إلا الخير، فأخرجوه حتى أقعدوه عند أبيه، وهو بعقب غشيته.
فلما فتح أبو أحمد عينيه، وأفاق رآه، فأدناه وقربه.
ووافى المعتمد - ذلك اليوم الذي وجه إليه في حمله، وهو يوم الجمعة نصف النهار قبل صلاة الجمعة - مدينة السلام، لتسع خلون من صفر، ومعه ابنه جعفر المفوض إلى الله ولي العهد وعبد العزيز ومحمد وإسحاق بنوه، فنزل على أبي الصقر.
ثم بلغ أبا الصقر أن أبا أحمد لم يمت، فوجه إسماعيل بن إسحاق يتعرف له الخبر؛ وذلك يوم السبت.
وجمع أبو الصقر القوات والجند، وشحن داره وما حولها بالرجال والسلاح، ومن داره إلى الجسر كذلك، قطع الجسرين، ووقف قوم على الجسر في الجانب الشرقي يحاربون أصحاب أبي الصقر، فقتل بينهم قتلى، وكانت بينهم جراحات.
وكان أبو طلحة أخو شركب مع أصحابه مقيمين بباب البستان، فرجع إسماعيل، فأعلم أبا الصقر أن أبا أحمد حي، فكان أول من مضى إليه من القواد محمد بن أبي الساج، عبر من نهر عيسى، ثم جعل الناس يتسللون؛ منهم من يعبر إلى باب أبي أحمد، ومنهم من يرجع إلى منزله، ومنهم من يخرج من بغداد؛ فلما رأى أبو الصقر ذلك، وصحت عنده حياة أبي أحمد، انحدار هو وابناه إلى دار أبي أحمد؛ فما ذاكره أبو أحمد شيئًا مما جرى، ولا ساء له عنه.
وأقام في دار أبي أحمد.
فلما رأى المعتمد أنه بقي في الدار وحده، نزل هو وبنوه وبكتمر، فركبوا زورقًا، ثم لقيهم طيار أبي ليلى بن عبد العزيز بن أبي دلف، فحملهم في طياره، ومضى بهم إلى داره، وهي دار علي بن جهشيار برأس الجسر فقال له المعتمد: أريد أن أمضي إلى أخي فأحدره ومن معه من بيته إلى دار أبي أحمد.
وانتهبت دار أبي الصقر وكل ما حوته حتى خرج حرمه حفاة بغير إزار، وانتهبت دار محمد بن سليمان كاتبه، ودار ابن الواثقي انتهبت وأحرقت، وانتهبت دور أسبابه، وكسرت أبواب السجون، ونقبت الحيطان، وخرج كل من كان فيها، وخرج كل من كان في المطبق، وانتهبت مجلسا الجسر، وأخذ كل ما كان فيهما، وانتهبت المنازل التي تقرب من دار أبي الصقر.
وخلع أبو أحمد على ابنه أبي العباس وعلى أبي الصقر، فركبا جميعًا، والخلع عليهما من سوق الثلاثاء إلى باب الطاق، ومضى أبو الصقر مع أبي العباس إلى داره؛ دار صاعد.
ثم انحدر أبو الصقر في الماء إلى منزله وهو منتهب، فأتوه من دار الشاه بحصير فقعد عليه، فولي أبو العباس غلامه بدار الشرطة، واستخلف محمد بن غانم بن الشاه على الجانب الشرقي، وعيسى النوشري على الجانب الغربي؛ وذلك لأربع عشرة خلت من صفر منها.
وفيها في يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر، كانت وفاة أبي أحمد الموفق ودفن ليلة الخميس في الرصافة عند قبر والدته، وجلس أبو العباس يوم الخميس للناس للتعزية.
ذكر الخبر البيعة للمعتضد بولاية العهد
وفيها بايع القواد والغلمان لأبي العباس بولاية العهد بعد المفوض، ولقب بالمعتضد بالله، في يوم الخميس، وأخرج للجند العطاء، وخطب يوم الجمعة للمعتمد، ثم للمفوض، ثم لأبي العباس المعتضد؛ وذلك لسبع ليال بقين من صفر.
وفيها في يوم الاثنين لأربع بقين من صفر قبض على أبي الصقر وأسبابه وانتهب منازلهم، وطلب بنو الفرات - وكان إليهم ديوان السواد - فاختفوا، وخلع على عبيد الله بن سليمان بن وهب يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر منها، وولي الوزارة.
وفيها بعث محمد بن أبي الساج إلى الواسط ليرد غلامه وصيفًا إلى مدينة السلام، ومضى وصيف إلى الأهواز.
وأبى الانصراف إلى بغداد، وأنهى طيب، وعاث بالسوس.
وفيها ظفر بأبي أحمد بن محمد بن الفرات.
فحبس وطولب بأموال، وظفر معه بالزغل، فحبس، وظفر معه بمال وفيها وردت الأخبار بقتل علي بن الليث، أخي الصفار، قتله رافع بن هرثمة، كان لحق به، وترك أخاه.
ووردت الأخبار فيها عن مصر أن النيل غار ماؤه وغلت الأسعار عندهم.
ذكر ابتداء أمر القرامطة
وفيها وردت الأخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة بسواد الكوفة، وكان ابتداء أمرهم قدوم رجل من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة ومقامه بموضع منه يقال له النهرين، يظهر الزهد والتقشف، ويسف الخوص، ويأكل من كسبه، ويكثر الصلاة، فأقام على ذلك مدة، فكان إذا قعد إليه إنسان ذاكره أمر الدين، وزهده في الدنيا، وأعلمه أن الصلاة المفترضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم وليلة، حتى فشا ذلك عنه بموضعه، ثم أعلمهم أنه يدعو إلى إمام من أهل بيت الرسول، فلم يزل على ذلك يقعد إليه الجماعة فيخبرهم من ذلك بما تعلق قلوبهم، وكان يقعد إلى بقال في القرية، وكان بالقرب من البقال نخل إشتراه قوم من التجار، فاتخذوا حظيرة جمعوا فيها ما صرموا من حمل النخل، وجاءوا إلى البقال فسألوه أن يطلب لهم رجلًا يحفظ عليهم ما صرموا من النخل، فأومي لهم إلى هذا الرجل، وقال: إن أجابكم إلى حفظ سمرتكم، فإنه بحيث تحبون، فناظروه على ذلك، فأجابهم إلى حفظه بدراهم معلومة؛ فكان يحفظ لهم، ويصلي أكثر نهاره ويصوم، ويأخذ عند إفطاره من البقال رطل تمر، فيفطر عليه ويجمع نوى ذلك التمر.
فلما حمل التجار مالهم من التمر، صاروا إلى البقال، فحاسبوا أجيرهم هذا على أجرته، فدفعوها إليه، فحاسب الأجير البقال على ما أخذ منه من التمر، وحط من ذلك ثمن النوى الذي كان دفعه إلى البقال؛ فسمع التجار ما جرى بينه وبين البقال في حق النوى، فوثبوا عليه فضربوه، وقالوا: ألم ترض إن أكلت تمرًا حتى بعت النوى! فقال لهم البقال: لا تفعلوا، فأنه لم يمس تمركم؛ وقص عليهم قصته، فندموا على ضربهم إياه، وسألوه أن يجعلهم في حل، ففعل.
وإزداد بذلك نبلًا عند أهل القرية لما وقفوا عليه من زهده.
ثم مرض فمكث مطروح على الطريق، وكانت في القرية رجل يحمل على أثوار له، أحمر العينين شديدة حمرتهما، وكان أهل القرية يسمونه كرميتا لحمرة عينيه، وهو بالنبطية أحمر العينين، فكلم البقال كرميتا هذا، في أن يحمل هذا العلي إلى منزله، ويوصي أهله بالإشراف عليه والعناية به، ففعل وأقام عنده حتى برء، ثم كان يأوي إلى منزله ودعا أهل القرية إلى أمره، ووصف لهم مذهبه، فأجابهم أهل القرية تلك الناحية، وكان يأخذ من الرجل إذا دخل في دينه دينارًا ويزعم أنه يأخذ ذلك للإمام؛ فمكث بذلك يدعو أهل تلك القرية فيجيبونه.
واتخذ منهم اثنى عشر نقيبًا، أمرهم أن يدعو الناس إلى دينهم، وقال لهم: أنتم كحواري عيسى ابن مريم؛ فاشتغل أكرة تلك الناحية عن أعمالهم بما رسم لهم من الخمسين الصلاة التي ذكر أنها مفترظة عليهم.
وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع، فوقف على تقصير أكرته في العمارة، فسأل عن ذلك، فأخبر أن إنسانًا طرء عليهم، فأظهر لهم مذهبًا من الدين، وأعلمهم أن الذي أفترضه الله عليهم خمسون صلاة في اليوم والليلة، فقد شغلوا بها عن أعمالهم، فوجه في طلبه، فأخذ وجيء به إليه، فسأله عن أمره، فأخبره بقصته، فحلف أنه يقتله.
فأمر به فحبس في البيت، وأقفل عليه الباب ووضع المفتاح تحت وسادته، وتشاغل بالشرب، وسمع بعض من في داره من الجواري بقصته، فرقت له.
فلما نام الهيصم أخذت المفتاح من تحت وسادته وفتحت الباب وأخرجته، وأقفلت الباب، وردت المفتاح إلى موضعه فلما أصبح الهيصم دعا بالمفتاح ففتح الباب فلم يجده، وشاع بذلك الخبر، ففتن به أهل تلك الناحية، وقالوا: رفع ثم ظهر في موضع أخر.
ولقي جماعة من أصحابه وغيرهم فسألوه عن قصته، فقال: ليس يمكن أحدًا أن يبدأني بسوء، ولا يقدر على ذلك مني، فعظم في أعينهم، ثم خاف على نفسه، فخرج إلى ناحية الشأم، فلم يعرف له خبر، وسمي باسم الرجل الذي كان في منزله صاحب الأثوار كرميته، ثم خفف فقالوا: قرمط.
ذكر هذه القصة بعض أصحابنا عمن حدثه، أنه حضر محمد بن داود بن الجراح، وقد دعا بقوم من القرامطة من الحبس، فسألهم عن زكرويه، وذلك بعد ما قتله، وعن قرمط وقصته، وأنهم أوموا له إلى شيخ منهم، وقالوا له: هذا سلف زكرويه، وهو أخبر الناس بقصته، فسله عما تريد، فسأله فأخبره بهذه القصة.
وذكر عن محمد بن داود أنه قال: قرمط رجل من سواد الكوفة، كان يحمل غلات السواد على أثوار له، يسمى حمدان ويلقب بقرمط.
ثم فشا أمر القرامطة ومذهبهم، وكثروا بسواد الكوفة، ووقف الطائي أحمد بن محمد على أمرهم، فوظف على كل رجل منهم في كل سنة دينارًا، وكان يجبي من ذلك مالًا جليلًا، فقدم قوم الكوفة فرفعوا إلى السلطان أمر القرامطة، وأنهم قد أحدثوا دينًا غير الإسلام، وأنهم يرون السيف على أمة محمد إلا من بايعهم على دينهم، وأن الطائي يخفي أمرهم على السلطان.
فلم يلتفت إليهم ولم يسمع منهم، فانصرفوا، وأقام رجل منهم مدة طويلة بمدينة السلام، يرفع ويزعم أنه لا يمكنه الرجوع إلى بلده خوفًا من الطائي.
وكان فيما حكموا عن هؤلاء القرامطة من مذهبهم أن جاءوا بكتاب فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم " يقول الفرج بن عثمان؛ وهو من قرية يقال لها نصرانة، داعية إلى المسيح، وهو عيسى، وهو الكلمة، وهو المهدي، وهو أحمد بن محمد بن الحنفية، وهو جبريل.
وذكر أن المسيح تصور له في جسم إنسان، وقال له: إنك الداعية، وإنك الحجة، وإنك الناقة، وإنك الدابة، وإنك الروح القدس، وإنك يحيى بن زكرياء.
وعرفه أن الصلاة أربع ركعات: ركعتان قبل طلوع الشمس، وركعتان قبل غروبها، وأن الاذان في كل صلاة أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله؛ مرتين أشهد أن آدم رسول الله، أشهد أن نوحًا رسول الله، أشهد أن إبراهيم رسول الله، أشهد أن موسى رسول الله، وأشهد أن عيسى رسول الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وأشهد أن أحمد بن محمد بن الحنفية رسول الله؛ وأن يقرأ في كل ركعة الاستفتاح؛ وهي من المنزل على أحمد بن محمد بن الحنفية.
والقبلة إلى بيت المقدس، والحج إلى بيت المقدس، ويوم الجمعة يوم الاثنين لا يعمل فيه شيء، والسورة الحمد لله بكلمته، وتعالى باسمه، المتخذ لأوليائه بأوليائه.
قل إن الأهلة مواقيت للناس؛ ظاهرها ليعلم عدد السنين والحساب الشهور والأيام، وباطنها أوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي.
اتقون يا أولي الألباب؛ وأنا الذي لا أسأل عما أفعل، وأنا الحكيم، وأنا الذي أبلو عبادي، وامتحن خلقي؛ فمن صبر على بلائي ومحنتي واختباري ألقيته في جنتي، وأخلدته في نعمتي، ومن زال عن أمري، وكذب رسلي، أخلدته مهانًا في عذابي، وأتممت أجلى، وأظهرت أمري؛ على ألسنة رسلي؛ وأنا الذي لم يعل علي جبار إلا وضعته، ولا عزيز إلا أذللته؛ وليس الذي أصر على أمره ودوام على جهالته، وقالوا: لن نبرح عليه عاكفين، وبه مؤمنين: أولئك هم الكافرون.
ثم يركع ويقول في ركوعه: سبحان ربي رب العزة وتعالى عما يصف الظالمون! يقولها مرتين، فإذا سجد قال: الله أعلى، الله أعلى، الله أعظم، الله أعظم.
ومن شرائعه أن الصوم يومان في السنة، وهما المهرجان والنوروز؛ وأن النبيذ حرام والخمر حلال؛ ولا غسل من جنابة إلا الوضوء كوضوء الصلاة، وأن من حاربه وجب قتله، ومن لم يحاربه ممن خالفه أخذت منه الجزية ولا يؤكل كل ذي ناب، ولا كل ذي مخلب.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)