نشهد جميعا ما يجري في جارتنا الشمالية الشرقية ونتابع ما يحدث هناك في دأب. الآن أصبح السؤالان المركزيان هما: ما هي احتمالات نجاح الثورة في سورية واسقاط نظام حكم الاسد؟ وما هو الأفضل لاسرائيل؟.
الواضح أمر واحد وهو انه على خلفية التغييرات الحادة في الدول العربية تونس وليبيا واليمن ومصر ـ قد بلغت الثورة المدنية ـ الاسلامية جارتنا الشمالية. بيد انه توجد أشياء تميز شكل السلطة في سورية قياسا بسائر الدول التي تجري عليها تغييرات. في حين أن تلك الدول التي ذُكرت مسلمة، يوجد في سورية نظام علوي لمجموعة يعدها الاسلام من الكفار. إن العلويين يناقضون تصور أن محمدا خاتم الأنبياء، وبهذا جعلوا أنفسهم في الحقيقة مرتدين حكمهم الموت في نظر الاسلام.
توجه والد بشار الاسد، حافظ، في سنة 1977 الى الشيخ موسى الصدر ـ الذي اعتبر في حينه سلطة دينية شيعية رفيعة المستوى ـ وطلب اليه أن يزوده بفتوى تقول إن العلويين مسلمون.
منح الشيخ الصدر الاسد الرخصة المطلوبة، لكن علم الجميع ان الحديث عن فتوى كاذبة لانه أُرغم على فعل ذلك. كان الامتحان في الواقع في شباط (فبراير) 1984 (الصحيح في 1982) عندما بدأ رجال دين في المدينة السورية الشمالية حماة ـ في ضمن صلوات يوم الجمعة ـ يُسمعون خطبا عن انه لا يمكن ان يُدبر الكفار أمور سورية التي كانت في الماضي تُعد مهد الاسلام. أفضت هذه الخطب الى جعل الاسد الأب 'يقنع' المسلمين في المدينة بطريقته المميزة الأصيلة: فقد أرسل عشرات الدبابات الى حماة فحرثت ذهابا وإيابا الحي القديم. دُمر كل ما عرض لها مع ساكنيه. في غضون نحو 36 ساعة قُتل نحو 30 ألف مسلم في تلك المنطقة. ومنذ ذلك الحين لم يجرؤ أحد على الثورة على الاسد أو على زعم أن العلويين غير مسلمين.
الوضع في ايامنا يختلف. فالاسد الابن ليس كأبيه. ليس هو 'الاسد' من سورية. وهو غير قادر على استعمال الدبابات التي 'تقنع' السكان بأنه مسلم. ولم يعد السكان نفس السكان، ولم يعودوا المدنيين الذين فاجأتهم الدبابات.
من الصور التي تم تهريبها من المظاهرات في سورية، لوحظ ان السكان مملوؤون غضبا في الصعيد الديني وفي صُعد مدنية ايضا. في سورية بطالة كبيرة وفقر مدقع. اذا أضفنا الى كل ذلك الثورات التي ذُكرت آنفا، فسنحصل على بواعث تعزيز ارادة التمرد على السلطة التي يترأسها الاسد. ما عاد المواطنون يخافون من السلطة وهم يؤمنون بأنه يمكن اسقاطها. لم يقرر ناس المدينة الجنوبية درعا رفع راية التمرد وحدهم. فقد بلغ الامر اماكن لم نكن نتوقع ان تبلغها النار مثل المدينة الساحلية اللاذقية، وهي مدينة تقع في منطقة 90 في المئة من سكانها من العلويين. وكذلك بلغت المظاهرات الى دمشق موئل الحكم العلوي.
اذا كان الامر كذلك فهل هو أحسن لاسرائيل أن يسقط الرئيس الاسد؟.
تشير التجربة غير الكبيرة في الحقيقة الى انه اذا كان ثمة احتمال للسلام بين اسرائيل وجاراتها فقد يكون مع مسلمين. تشهد بذلك مصر والاردن، وتشهد على خلاف ذلك لبنان وسورية غير المسلمتين. إن التعقيد الديني في لبنان، مثل الهوية الدينية للعلويين في سورية يُصعبان جدا امكانية ايجاد حل معقول لقضايا معقدة بين اسرائيل وهاتين الدولتين.
ليست خلفية الصعوبة هي الصعوبات الموضوعية وحدها بل في الأساس خوف الطوائف غير المسلمة من ان تُرى تعيد مناطق كي تعجب الغرب واسرائيل مخالفة التصور الاسلامي. أي أن مسلما حقيقيا فقط يستطيع صنع سلام واتفاق على الاراضي مع اسرائيل. ومن هنا فان الاستنتاج ان من المعقول فرض ان يتغير النظام في سورية في المستقبل القريب وأن هذا سيزيد في احتمالات التطبيع الاقليمية ومن المؤكد ان يُحسن العلاقات بين اسرائيل وجاراتها.









صحيفة اسرائيل اليوم