واشنطن—التقى علماء ومندوبون من هيئات علمية وتقنية في الولايات المتحدة ومصر بشركاء لهم من شركات صناعية ومعاهد أكاديمية في القاهرة لدراسة الدور الذي تقوم به أجهزة الاستشعار عن بعد وغير ذلك من تكنولوجيات فضائية في مساعدة مصر على معالجة قضايا بيئية متعددة بما فيها مسألة التغير المناخي.
والمؤتمر الذي استضافته وكالة الفضاء المصرية التي تعرف بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد والعلوم الفضائية (والتي تعرف باختصار بالإنكليزية بـ"نارس") هي واحدة من بين شراكات عديدة في مجال العلوم والتكنولوجيا التي كانت ثمرة التزام قطعه الرئيس باراك أوباما في مصر بإعادة إحياء التواصل مع بلدان ذات غالبيات سكانية مسلمة.
وتعتبر مصر دولة مستجدة في مشاريع الفضاء كونها أطلقت أول قمر صناعي في مدار حول الأرض في 2007.
وشارك أيمن الدسوقي إبراهيم مدير "نارس" في ورشة العمل، فيما ألقى مدير وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تشارلز بولدن كلمة في المؤتمر ورد على أسئلة الحضور.
قال بولدن لمستمعيه بجامعة القاهرة، مقر المؤتمر، يوم 15 الشهر الماضي: "في حين أن الجزء الأكبر من تعاون ناسا يتم مع دول لديها مهمات فضائية أي تلك التي صنعت وأطلقت عربات فضائية مأهولة، "فإن دولا سواها تعتمد بصورة متزايدة على القدرات الفريدة للفضاء من أجل نشاطات اعتيادية مثل تخطيط المدن، وإدارة الموارد، والاتصالات، وتنبؤات المناخ، والملاحة والإغاثة وتدبّر الكوارث."
وكان من بين المشاركين المئة في أعمال الورشة علماء تابعون للحكومة المصرية ومن ناسا والإدارة القومية (الأميركية) للمحيطات والغلاف الجوي، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الطاقة الأميركية، ومن المركز الإقليمي لحصر موارد التنمية بنيروبي كينيا، ومن هيئة "هابيتات" وهي وكالة الأمم المتحدة التي تروج للتنمية الحضرية المستدامة والوصول إلى المياه النظيفة.
وفي هذا الصدد قالت مارشا غولدبيرغ من جمعية الجغرافيين الأميركيين إحدى الهيئات الراعية لملتقى القاهرة: "إن من أحد أهداف ورشة العمل جمع مهنيين وفنيين معا لتبادل الأفكار ومساعدتهم في التواصل في مجال العمل هذا. وأنا أعتقد أن المؤتمر نجح في إنجاز ذلك لأن المشاركين غادروا المؤتمر بعد أن التقوا بنظرائهم."
المعارف من الأجواء
والمعلومات والمعارف عن الأرض المستقاة من أقمار صناعية والتي تعرف أحيانا بالمعلومات الجغرو-فضائية هي نتاج الجمع بين تكنولوجيا معلومات مستجدة مثل الاستشعار عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية، ومنظومات المعلومات الجغرافية والأنظمة العالمية لتحديد المواقع وأدوات رسم خرائط ومواقع مثل Google Earth لغرض وضع خرائط متعددة الأبعاد لمنطقة تشمل معلومات عن ارتفاعها وغطائها الحرجي وسكانها وطرقاتها وبناها التحتية للماء وشبكات كهربائها من جملة أمور أخرى.
ويشمل جمع واستخدام المعلومات الجغرو-فضائية الناس والأقمار الصناعية والحواسيب والبرمجيات وأجهزة كومبيوتر خاصة وتدريبات. وتلتقط أجهزة الاستشعار بواسطة الأقمار الصناعية صورا للأرض وتبث البيانات إلى محطات التقاط في العالم أجمع. وحينما تتم معالجة وتحليل الصور الملتقطة بحلتها الطبيعية يمكنها أن توثق ظروفا بيئية متغيرة مثل إزالة الأحراج والتصحر والتلوث والفيضانات والنمو العمراني والتغير المناخي الكوني.
وينطوي نظام تحديد المواقع العالمي على عدة عناصر؛ إذ أن 24 قمرا صناعيا في مدارات لها حول
الأرض وعلى متنها ساعات ذرية ومحطات أرضية تتحكم بالنظام وأجهزة الالتقاط لمستخدميها. وبمقدور أي شخص يمتلك جهازا من هذا القبيل أن يستخدم النظام. وهذه الأجهزة تستخدم في السيارات والقوارب والطائرات والهواتف النقالة وساعات اليد والحواسيب. وتستخدم كذلك في الملاحة، والزراعة، والتعدين والإنشاءات، والمسح الأرضي، وتوجيه سيارات الأجرة ومركبات الطوارئ مثل الإسعاف والإطفاء، وشاحنات توصيل الرزم، والعديد من التطبيقات العلمية والتكنولوجية الأخرى.
الأولويات من أجل التعاون
ومن مؤتمر القاهرة تم وضع لائحة بثلاثين أولوية للتعاون بين علماء في الولايات المتحدة ومصر في ميادين وقطاعات مثل الزراعة والمياه والتنمية الحضرية والتنقيب عن الآثار وأجواء الفضاء والأقمار الصناعية الصغيرة.
ومثلا فإن تكنولوجيا أجهزة تحديد المواقع تعتبر أساسية لكفاءة استخدامات مياه الزراعة.
وحول ذلك قال فيرناندو إتشيفيريا من شعبة الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة في مكتب المحيطات والبيئة والفضاء في وزارة الخارجية الأميركية: "تعرف تلك بالزراعة الدقيقة حيث يجري وضع جهاز لتحديد المواقع على أي جزء من جرار زراعي لغرض تحسين نشر الأسمدة، والمبيدات، وغير ذلك من مدخلات بما فيها المياه، في حقل زراعي."
وتابع: "حينما يكون لديك مجموع سكان يبلغ 80 مليون نسمة كما هو الحال في مصر يمكنهم التعويل على زراعة نسبة أقل من 3 في المئة فقط من أراضي البلاد على طول قطاع على جانبي وادي النيل ودلتا النيل فإن رفع كفاءة استخدامات المياه لأغراض الزراعة يصبح ضرورة ماسة وستزيد أهمية ذلك مع تغير المناخ."
ومن المقترحات الممكنة للتعاون الأميركي-المصري مستقبلا:
- الدخول في مشاريع تشمل رصد البيئة بواسطة الأقمار الصناعية لغرض حماية السواحل والتنبؤ بالطقس وذلك بالاشتراك مع "نارس" والمنظمة القومية للمحيطات والغلاف الجوي للحكومة الأميركية.
- استخدام بيانات مستقاة من أول قمر صناعي مصري للاستشعار عن بعد، "إيجبت سات-1"، لدراسة توازن المياه وتدبير الكوارث وتحسين نماذج الغلافات الجوية، وذلك بالتعاون بين نارس ومركز غودارد الفضائي التابع لناسا.
- تقييم أثر التغير المناخي من خلال استخدام بيانات أقمار صناعية لرصد منابع مياه نهر النيل والزراعة والتغيير في استخدامات الأراضي والتصحر وانجراف التربة، وذلك بالتعاون بين نارس وناسا والمنظمة القومية للمحيطات والغلاف الجوي وجامعتي تشابمن والقاهرة.
- تحسين الإستطلاع الإقليمي للصحة العامة من خلال استخدام الاستشعار عن بعد للكشف عن، ومكافحة، أمراض معدية وتأسيس منظومات إنذار مبكر لأمراض تنتقل عدواها بواسطة البعوض وذلك بالتعاون بين جامعة بيردو الأميركية وجامعات مصرية.
وستعرض المشروعات للبت فيها على الصندوق الأميركي-المصري المشترك للعلوم والتكنولوجيا الذي قدم تمويلا أوليا لورشة عمل القاهرة.
مساهمات الحكومة الأميركية
وقدمت هيئات حكومية وجامعات أميركية أموالا وخبرات للمؤتمر الأميركي-المصري الأخير بالقاهرة.
وحضر خبراء جامعيون من كل من جامعة أريزونا الولائية، وجامعة ألاباما ببيرمينغهام، وجامعة بيردو بولاية إنديانا، وجامعة تشابمن بكاليفورنيا. وحضر ورشة العمل ممثلون من معهد أبحاث المنظومات البيئية وشركة تريمبل للملاحة المحدودة ومقرهما ولاية كاليفورنيا حيث ألقوا عددا من المحاضرات.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)