إن بعض الصفحات الصفراء من التاريخ تروي أحداث طريفة عن سكان حمص في حبّهم
لتأليف الطرائف والنكت حيث عُرِفَ أهلها منذ القديم بالطيبة والذكاء الحاد والفكاهة فكانت معظم النكات الشعبية السورية الشائعة تدور حول أهل حمص وهم يتلقّونها برحابة صدر بل إنهم إذا لم يسمعوا نكتاً جديدة عليهم ، يؤلّفون هم النكات حتى لو نسبوها لأنفسهم وينشرونها ليضحكوا بطيبة وعفويّة . يقول المؤرّخ الحمصي فيصل شيخاني : إن النكتة أو النادرة المضحكة في حمص تعود إلى عصور قديمة ، وكانت أحياناً تأخذ منحى السخرية وهذا بعض ما ذُكِر :
فابن العبري ( أبو الفرَج غريغوريوس 1226 ـ 1286م) في كتابه ( الضاحكون ) : إن حمص اشتهرت عبر العصور بالنكتة وإن أهل حمص يروونها حتى لو كانت تنال منهم ويجدون متعة في ذلك ويفسّرون الوصف بالجاذبية ولذلك استمرّوا في تأليف النكات عن أنفسهم لأنه تعبير عن ذكائهم ووسيلة لنقد المجتمع .
وروى المــؤرّخ الـروماني( كيكرون ) عن الإمبراطورة الحمصية ( جوليا دومنا 158 ـ 217 م ) التي حكمـت روما إلى جانب زوجها الإمبراطور ( سبتيموس سيفيروس 193ـ 211م ) بأنها كانت تحب النكات الناعمة الساخرة والنادرة ، حيث طلبت مرّة من المفكّر والنابغة في فقه الحقوق الروماني بابنيانوس الحمصي الأصل الذي كان يعمل لديها في البلاط أن يروي لضيوفها ما حدث بينه وبين موظف الأمن الحمصي عند عبوره نهر الفرات . فقال : أردت أن أعبر نهر الفرات فسألني موظف الأمن ماذا تحمل معك ؟ ... ولما كنت لا أحمل شيئاً فقلت مازحاً : إني أحمل الصدق والوفاء والعدل (وهذه الألفاظ باللآتينية تنتهي بمقطع مؤنّث ) فقال لي الموظّف باستعجال : جهّز ثلاث جوازات سفر للفتيات الثلاث وأهلاً بك .
ويُذكَر أنه بعد دخول صلاح الدين الأيوبي ( يوسف بن أيوب 1138 ـ 1193 م ) إلى حمص صادر أموال أسد الدين شيركوه حاكم حمص وفرض عليه حفظ القرآن الكريم لعلمه إنه شرب الخمر ، ويُروَى أن صلاح الدين سأله مرّة : أين وصلتَ في حفظ القرآن الكريم ؟ فردّ شيركوه : وصلت إلى الآية التي فيها ( ولا تأكلوا أموال اليتامى ) ليذكِّره بأنه أخذ أمواله فضحك صلاح الدين وقال : اعطوه أموال أبيه وخلّصونا منه .
ويُروَى أنه بعد عمليات النهب والسلب والتخريب والحرق التي قام بها القائد المغولي تيمورلنك ( تيمور الأعرج 1336 ـ 1405 م ) عند دخوله حماه والسلمية وحلب ثم واصل زحفه إلى دمشق الذي بذل أهلها جهوداً مستميتة في الدفاع عن مدينتهم ، لكنهم لم يستطيعوا مقاومة جيشه الجرّار فاضطرّوا لتسليم دمشق . ولما دخل المدينة أشعل فيها النار ثلاثة أيام حتى أتت على ما فيها ، وأصبحت أطلالاً . وبعد ثمانين يوماً رحل عنها مصطحباً معه أفضل علمائها وأمهر صنّاعها ، واتّجه إلى طرابلس وبعلبك فدمّرهما . وكانت حمص المدينة الوحيدة التي نجت من بطش جيش المغول فعندما اقترب هذا الجيش من حمص خرج جميع سكّانها إلى خارج السّور وتركوا أبواب المدينة مفتوحة, ولبسوا ( القباقيب ) بالمقلوب وانهالوا على براميل الحديد العتيقة ضرباً غير عابئين بجيش المغول وقائده ، فلما رأى تيمورلنك هذا المشهد ، أمر جيشه بعدم دخول حمص أو الاختلاط بأهلها لئلاّ تنتقل إليهم عدوى الجنون .
وهذه شذرات من النكت الحمصية :
ـ حماصنة سمعوا بقدوم عاصفة قوية على حمص ، فكتبـوا لوحة عند مدخـل المـدينة :
( درعا تُرَحِّب بِكُمْ ) .
ـ حمصي سأل واحد بالشارع : أخي وين الرصيف ؟ قالو : مقابيلك . قالو الحــمصي :
سألت هونيك قالولي هون .
ـ حمصي راح يخطب وحدة بنت ، قالولو أهلها : البنت عم تدرس . قالهم : طيّب برجع بعد
ســاعة .
ـ حمصي راح ع الدكتور وبعد ما فحصو قالو : بدّك تمشي كل يوم 5 كم ، وبعد 8 أيــام
اتّصل بالدكتور وقالو : دكتور أنا هلأّ بحماه شو ساوي ؟
ـ حمصي سأل البائع : عندك تلفزيونات ملوّنة ؟ قالو : في ، قالو بدي واحد أزرق .
ـ حمصي أوّل مرّة بحياتو بياكل علكة ، فحلف يمين ما ينام إلاّ لمّا يخلّصها .
ـ سأل سائح مواطن حمصي بدمشق : ممكن تدلّني على شارع 29 أيار ؟ قالو الحمصي :
ممكن يا أخي بس قولّي أي سنة ؟ .
ـ حمصي قال لصاحبو : إذا عرفت شو طابخــة مرتي اليوم بعطيك نص الكوسايات ،
قالو : طابخة شاكرية .
ـ حمصي عمل باب دارو بللور وركّب عين سحرية .
ـ حمصي بحب الهدوء ، فاشترى CD فارغ .
ـ حمصي قال لخطيبتو : بَس زمّرلِك بتزلي ، قالت لو : ياي اشتريت سيارة ؟ قال لها :
لأ ، اشتريت زمّور .
ـ ليش الحمصي بصير ذكي برّات حمص ؟ لأنه بيطلع خارج التغطية .

مشاركت الأولة أهيها للحنون بمناسبة أشرافه على الملتقى
مبروك