تنطلق منافسات الدوري الأسباني بحلة جديدة إيذاناً ببداية عصر جديد تتبدد فيه الصورة التقليدية للبطولة الحاشدة باللاعبين الأجانب، والتي استحقت بها اسم "دوري النجوم"، لتحل محلها صورة أخرى تحمل عنوان دوري أبطال العالم. فسوف يتنافس في موسم 2010/2011 بين جنبات ملاعب أسبانيا 19 من اللاعبين الثلاثة والعشرين الذين حملوا الكأس الذهبية منذ عدة أسابيع في ملعب سوكر سيتي بجوهانسبرج.
ويطرق الباب تحدٍ جديد بين برشلونة وريال مدريد، اللذين تقاسما الألقاب الستة الأخيرة (4 لبرشلونة و2 لريال مدريد)، بعد أن حُسم اللقب الأخير في سباق رهيب بين العملاقين حطما فيه عدداً من الأرقام القياسية: فقد جمع كل منهما خلال الموسم أكثر من 90 نقطة، ولم يُحسم الصراع إلا في الجولات الأخيرة وبفارق 3 نقاط فقط، وكان الفارق بينهما وبين فالنسيا صاحب المركز الثالث في نهاية الموسم 25 نقطة كاملة! ويبدو أن الأزمة الإقتصادية قد أدت لتوسيع الفجوة بين الأندية، فكانت النتيجة الحتمية هي تلك السيطرة التامة لهاتين القوتين الكرويتين العظميين.
البطل
يسعى برشلونة للفوز باللقب المحلي للمرة الثالثة على التوالي مستعيناً في ذلك بالفريق الذي تألق في السنوات الأخيرة بأدائه الجميل وفعاليته العالية. إنه ذلك الفريق الذي قضى على أسطورة النجم الأوحد والذي يصعب اختيار أحد لاعبيه ووضعه في مكانة أعلى من زملائه. كما يحظى المدير الفني جوسيب جوارديولا بميزة هائلة تتمثل في أن فريقه يضم ثمانية لاعبين ممن اعتلوا منصة التتويج في كأس العالم fifa. ومن بين هؤلاء النجوم يبرز وجه جديد لم يكن مع الفريق في الموسم الماضي: إنه دافيد فيا، الهداف الخطير الذي جاء لينضم إلى خط هجوم جبار ما زال ليونيل ميسي يقوده باقتدار (دون إنقاص من قدر تشابي وإنييستا ورفاقهما). ويبدو أن النجم الأرجنتيني الأسطوري نجح في التغلب على أحزان زيارته التي لم تكتمل لجنوب أفريقيا مع منتخب بلاده، وعادت البسمة تملأ وجهه عندما سجل ثلاثة أهداف في إياب كأس السوبر الأسبانية ساعد بها برشلونة ليتفوق على إشبيلية الذي كان قد فاز في مباراة الذهاب 3-1.
ويثق جوارديولا في مدرسة النادي ولا يتردد في تعويض غياب أي اسم كبير من لاعبي الفريق الأساسي بأي شاب صاعد لا يعرفه أحد. ومع رحيل تييري هنري ورافائيل ماركيز ويايا توريه وتشيجرينسكي، واحتمال رحيل زلاتان إبراهيموفيتش أيضاً، سيكون على جوارديولا أن يعتمد على مزيد من خريجي هذه المدرسة الرائدة التي لا ينضب معينها.
الساعون إلى اللقب
رغم الأرقام المذهلة التي حققها ريال مدريد في الموسم الماضي لم يتمكن أبناء النادي الملكي من إقصاء برشلونة عن العرش. لذلك قرروا الإستعانة بأحد من المدربين القلائل الذين استطاعوا كبح جماح الفريق الكتالوني، ألا وهو جوزيه مورينيو. فبعد أن فاز المدرب البرتغالي المحنك في سانتياجو بيرنابيو بدوري الأبطال مع إنتر ميلان (وهي المرة الثانية له بعد الفوز باللقب القاري مع بورتو عام 2004)، قرر البقاء في العاصمة الأسبانية ليخوض تحدي إعادة الريال إلى طريق الألقاب. ولكنه لن يستفيد في مهمته الجديدة من خدمات اثنين من أعظم المدريديين في تاريخ النادي، هما راؤول وجوتي، اللذين سيلعبان هذا العام في ألمانيا وتركيا على التوالي. وفي حين ستتعلق الأنظار بحارس المرمى إيكر كاسياس باعتباره رمزاً وطنياً بعد إنجازه في جنوب أفريقيا، سيحاول كريستيانو رونالدو، أحد أعمدة الكتيبة البيضاء في الموسم الماضي، وجونزالو هيجواين إعادة تعريف دورهما في الفريق الذي ينتظر عودة كاكا وبن زيمة. أما الوافدان الجديدان، سامي خضيرة ومسعود أوزيل، فسيكون عليهما أن يواصلا في البرنابيو عروضهما الباهرة التي قدماها في بلاد مانديلا.
الأحصنة السوداء
كانت مسيرة أتليتيكو مدريد في الموسم الماضي مضطربة في البداية، ولكن النجاح الذي تحقق في النهاية بالفوز بلقب الدوري الأوروبي والحصول على المركز الثاني في كأس الملك جعل النادي يتمسك بلاعبيه الذين جلبوا له النصر ويطمح لتحقيق المزيد من خلال التعاقدات الجديدة التي بذل جهداً كبيراً لإتمامها خلال فترة الإنتقالات. فإلى جانب الثنائي دييجو فورلان وسيرجيو أجويرو جاء أيضاً تياجو وفران ميريدا ودييجو جودين وفيليبي لويس وماريو سواريز ودييجو كوستا.
أما إشبيلية فسوف يدخل المنافسة محبطاً بعد أن عاش أسبوعاً سيئاً أفلتت فيه من بين يديه كأس السوبر الأسبانية وانهزم أمام سبورتنج براجا في الجولة التمهيدية المؤهلة لدوري الأبطال. ولكن رغم هذه الروح المعنوية المحطمة سيعمل الفريق الأندلسي جاهداً من أجل العودة إلى القمة هذا العام، خاصة وأنه ما زال يحتفظ بمجموعته الأساسية المتوازنة من اللاعبين (باستثناء أدريانو).
أما من يشعر بالقلق حقاً فهو جمهور فالنسيا، الذي أجبرته المشاكل الإقتصادية على التخلي عن ثلاثة من أهم لاعبيه، هم فيا وسيلفا ومارشينا. ولكن رغم هذا النقص الهائل في القوة الضاربة للفريق فإن المدرب أوناي إيميري ما زال يطمح لحجز مكان بين النخبة والتألق في أوروبا، مستعيناً في ذلك بالوجوه الجديدة: أريتز أدوريز وتينو كوستا وروبرتو سولدادو ومحمد توبال. إلا أن الحرص واجب؛ فالجار فياريال يبدو الآن في حالة طيبة وهناك احتمال أن يشكل خطورة كبيرة بعد أن جدد فريقه وبث دماء جديدة في صفوفه.
أبرز الإنتقالات
مرة أخرى يتصدر ريال مدريد قائمة الفرق الأكثر سخاءً في سوق الإنتقالات، فقد تعاقد مع كل من مسعود أوزيل وسامي خضيرة وريكاردو كارفاليو وآنخيل دي ماريا وبيدرو ليون وسيرخيو كاناليس من أجل تدعيم صفوفه في حقبة ما بعد راؤول وجوتي. أما خصمه الأبدي فقد اكتفى بإضافة لاعبين اثنين فقط: المهاجم الأسباني دافيد فيا والظهير البرازيلي أدريانو.
لاعبون تحت الضوء
رغم أن معظم اهتمام المشجعين سينصب على أبطال العالم، لن يكون من الممكن أن نتجاهل بعض المواهب التي تعد بالكثير في مستقبل المنتخب الأسباني. ولنا في كاناليس خير مثال على ذلك؛ فقد نال ثقة مورينيو منذ البداية بعد أن تألق مع راسينج سانتاندير الذي لعب أولى مبارياته معه في كأس الاتحاد الأوروبي uefa وهو في سن السابعة عشرة. وقد اعتمد المدرب البرتغالي في فترة الإعداد للموسم الجديد على ناشئي مدرسة النادي، وهي فلسفة ربما تغير مسار طرق العمل في القلعة البيضاء.
وعلى الجانب الآخر نجد أن تياجو ألكانتارا وجوناثان دوس سانتوس وخيفرين سواريز سبق لهم اللعب كأساسيين مع الفريق الأول لعملاق كتالونيا وكان أداؤهم مقنعاً، وإذا انتبهنا لعدم اهتمام النادي بإجراء الكثير من التعاقدات في هذا الموسم، يمكننا أن نتوقع أن يفاجئنا جوارديولا باكتشاف جديد مثل اكتشافه السابق "بيدريتو".
شارك برأيك
هل سينجح مورينيو في أول ظهور له مع ريال مدريد؟
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)