الخلايا الجذعية هي نمط غير متمايز من الخلايا والتي تملك القدرة على التمايز إلى أنماط متخصصة من الخلايا. بشكل عام, تنشأ الخلايا الجذعية من مصدرين رئيسين • منشأ جنيني خلال مرحلة الكيسة الأرومية blastocyst من مراحل التطور الجنيني ( خلايا جذعية جنينية)
• منشأ نسيج بالغ ( خلايا جذعية بالغة)
كلا النمطين عادة يوصفان حسب الفعالية أو القدرة على التمايز إلى أنماط خلوية مختلفة ( مثل : جلد, عضلات , عظام , ...إلخ)
الخلايا الجذعية البالغة :
تتواجد الخلايا الجذعية البالغة أو الجسدية في الجسم بعد مرحلة التطور الجنيني, ضمن أنماط مختلفة من الأنسجة. وقد اكتشف وجود الخلايا الجذعية في أنسجة مثل الدماغ , نقي العظم , الدم , الأوعية الدموية , العضلات الهيكلية , الجلد , والكبد .
وتبقى هذه الخلايا في حالة هجوع أو عدم انقسام مدة سنوات وذلك إلى أن تتفعل لسبب مرضي أو أذية نسيجية .
تنقسم الخلايا الجذعية البالغة أو تتجدد ذاتيا بشكل غير محدد ., مما يساعدها على توليد أنماط مختلفة من الخلايا .بدءاً من القدرة على تجديد عضو وحتى إعادة تجديد كامل العضو. ولكن بشكل عام قدرة الخلايا الجذعية على التجدد تعتمد على نوع النسيج أو العضو _ التي تكون متواجدة فيه – ولكن هناك بعض الدلائل التي تقترح قدرة هذه الخلايا الجذعية البالغة على التمايز لتعطي أنماط خلوية أخرى
الخلايا الجذعية الجنينية :
الخلايا الجذعية الجنينية تشتق من مضغة إنسانية بعمر 4 أو 5 أيام والتي تكون في مرحلة الكيسة الأرومية, تؤخذ هذه الخلايا عادة من مضغة تم تخصيبها خارج الجسم البشري ( في الزجاج ) ضمن العيادات الطبية حيث يكون هناك عدة بويضات تُخصب في أنبوب اختبار, ولكن واحدة فقط تعاد إلى رحم المرأة ( داخل المرأة )
يبدأ التكاثر الجنسي عندما تلقح نطاف الذكر بويضات الأنثى لتشكل خلية واحدة يطلق عليها البيضة الملقحة ( الزيجوت)
هذه الخلية المفردة (الزيجوت) تدخل في سلسلة من الانقسامات , مشكلة 2, 4 , 8 , 16 , خلية .. إلخ ...
بعد 4 إلى 6 أيام – قبل التعشيش في الرحم - هذه الكتلة من الخلايا تدعى الكيسة الأرومية.
تتألف الكيسة الارومية من كتلة خلوية داخلية ( الأرومة الجنينية ) و كتلة خلوية خارجية ( الأرومة المغذية)
الكتلة الخلوية الخارجية ستشكل جزء من المشيمة و الكتلة الخلوية الداخلية هي مجموعة الخلايا التي ستتمايز لتعطي أنسجة العضو البالغ . هذه الكتلة الداخلية هي مصدر الخلايا الجذعية الجنينية (وهي خلايا تامة الفعالية أي : خلايا تملك القدرة الكاملة على التطور إلى أي خلية في الجسم )
تستمر مرحلة الكيسة الأرومية في الحمل الطبيعي , حتى تعشيش ( المضغة ) في الرحم وعند هذه المرحلة يطلق على المضغة اسم جنين وهذا عادة يحدث في نهاية الأسبوع الـ10 من الحمل عندما تكون الأعضاء الرئيسة من الجسم قد اكتملت .
ولكن عند استخراج الخلايا الجذعية الجنينية تدلنا مرحلة الكيسة الأرومية على الوقت المناسب لعزل الخلايا الجذعية وذلك بوضع الكتلة الخلوية الداخلية الموجودة في الكيسة الأرومية ضمن طبق زرع يحوي مرق مغذي غني. وبسبب نقص التحفيز اللازم للتمايز تبدأ هذه الخلايا بالانقسام والتضاعف مع محافظتها على قدرتها على التحول إلى أي نمط خلوي في جسم الإنسان .
أخيراً : يمكن أن يتم تحفيز هذه الخلايا غير المتمايزة لتكوّن خلايا معينة.
زرع الخلايا الجذعية :
الخلايا الجذعية إما أن تنتزع من النسيج البالغ أو من تقسم الخلية البيضية في طبقة الزرع. عند الانتزاع يضع العلماء الخلايا في مزرعة مسيطر عليه والذي يمنعها من التخصص والتميز ولكن يسمح لها بالانقسام والمضاعفة. كانت عملية زيادة أعداد الخلايا الجنينية أسهل من زيادة أعداد الخلايا البالغة ، ولكن التقدم حدث في كلا النوعين من الخلايا.
خطوط الخلايا الجذعية :
بعد أن تم انقسام الخلايا الجذعية وتكاثرها في وسط مسيطر عليه نطلق على مجموعة الخلايا السليمة المنقسمة غير المتمايزة بـ :خط الخلية الجذعية. بعد ذلك تتم عملية إدارة ومشاركة لهذه الخطوط بين الباحثين. وحالما تصبح كامل العملية تحت السيطرة تتم عملية تحفيز لهذه الخلايا نحو التخصص بما يريده الباحث, وتعرف هذه العملية بالتمايز المباشر directed differentiation.
مع ملاحظة أن الخلايا الجذعية المضغية قادرة على التمايز إلى أنواع أكثر من الخلايا الجذعية البالغة.
الفعالية :
تصنف الخلايا الجذعية تبعاً لقدرتها على التمايز إلى أنواع أخرى من الخلايا, وتعد الخلايا الجذعية الجنينية هي الأكثر مقدرة على التمايز بسبب قدرتها على إعطاء أي نوع خلوي في الجسم ويضم التصنيف الكامل :
• تام الفعالية Totipotent (بوسعه التطور لجميع أشكال الخلايا الممكنة ) : كمثال عنها البيضة الملقحة المتشكلة بعملية الإخصاب وكذلك الخلايا الأولى التي تشكلت نتيجة انقسامها .
• وافر الفعالية Pluripotent ( بوسعه التطور لكل أشكال الخلايا تقريباً) : كمثال عنها الخلايا الجذعية الجنينية، والخلايا التي تنشأ من الطبقات الخلوية المتوسطة والخارجية والداخلية التي تتشكل في المراحل الأولى من تمايز الخلايا الجذعية الجنينية .
• متعدد الفعالية Multipotent (القدرة على التمايز إلى عائلات خلوية قريبة منها ومرتبطة بها ) : كمثال عنها الخلايا الجذعية المكونة للدم (عند البالغ ) والتي يمكن أن تتطور إلى كريات دم حمراء وبيضاء أو صفيحات.
• قليل الفعالية Oligopotent ( القدرة على التمايز إلى خلايا قليلة) : كمثال عنها الخلايا الجذعية اللمفاوية والنقوية (عند البالغ) .
• وحيد الفعالية Unipotent (القدرة على إنتاج الخلايا التي من نوعها فقط لكنها تملك خاصية التجديد الذاتي التي تكسبها صفة الخلايا الجذعية) وكمثال عنها الخلايا الجذعية العضلية عند البالغ.
هذا وقد أصبحت الخلايا الجذعية الجنينية تصنف على أنها من النوع الوافر الفعالية عوضاً عن تصنيفها ضمن تامة الفعالية لأنها لا تملك القدرة على أن تصبح جزء من الأغشية الجنينية الإضافية أو المشيمة .
تعريف الخلايا الجذعية :
بالرغم من أنه لا يوجد اتفاق كامل بين العلماء على تعريف للخلايا الجذعية إلا أن معظم الاختبارات تجرى للتأكد من أن الخلايا الجذعية هي خلايا غير متمايزة ولكن قادرة على التجدد الذاتي (self-renewal ) وهذه الاختبارات تجرى عادة في المختبرات للتأكد من خواصها .
من الطرق التي تستخدم لتعريف الخلايا الجذعية في المختبر – وهي من الإجراءات المعيارية المتبعة لاختبار نقي العظم أو الخلايا الجذعية المكونة للدم (HSC)- استئصال خلية واحدة وعزلها لوحدها بعيداً عن الخلايا الأخرى المماثلة لها (HSCs )، فإذا تمكنت هذه الخلية من إنتاج خلايا دموية ومناعية جديدة فهذا يؤكد صحة فعاليتها .
يمكن أيضاً استخدام اختبار خلية منتجة لمستعمرة من الخلايا الذي يجرى أيضاً في الزجاج (in vitro ) لاختبار قدرة خلية واحدة على التمايز والاستقلال الذاتي ، كما أجرى الباحثون أيضاً فحص مجهري للخلايا للتأكد من سلامتها وقدرتها على الانقسام أو لفحص الكروموزومات .
لاختبار ما إذا كانت الخلايا الجذعية الجنينية هي من النوع وافر الفعالية، سمح العلماء للخلايا بالتمايز بشكل ذاتي في منبت خلوي ، أو قاموا بالتحكم بهذه الخلايا بحيث تتمايز إلى نوع خلوي معين ، أو بحقن الخلايا في فأر مثبط المناعة لاختبار تشكيل ورم عجائبي (ورم سليم مكون من مزيج من الخلايا المتمايزة)
أبحاث في الخلايا الجذعية :
اهتم العلماء والباحثون بالخلايا الجذعية لعدة أسباب . فعلى الرغم من أنها لا تقوم بأي وظيفة إلا أن معظمها يملك القدرة على القيام بأي وظيفة بعد أن يتم توجيهها للتمايز. فمثلاً تنتج أي خلية في الجسم من بضعة خلايا جذعية تشكلت خلال المراحل الأولى من التطور الجنيني ولذلك يمكن توجيه الخلايا الجذعية المستخلصة من الأجنة لتشكيل أي نوع من الخلايا المرغوب بها وهذه الخاصية تجعل الخلايا الجذعية فعالة بشكل كافي لإعادة بناء الأنسجة المخربة, طبعاً ضمن شروط مناسبة .
تجديد الأعضاء والأنسجة :
تجديد الأنسجة ربما هو التطبيق الممكن الأكثر أهمية لأبحاث لخلايا الجذعية ، في الوقت الحاضر الأعضاء يتم التبرع بها ونقلها ولكن هذا التبرع يتخطى الإمكانات المتوافرة, لذا يمكن استخدام الخلايا الجذعية في إنماء نوع نسيجي أو عضو معين عن طريق توجيه التمايز في طريق معين ، فمثلاً الخلايا الجذعية المتواجدة تحت الجلد استخدمت لهندسة نسيج جلدي جديد أصبح بالنتيجة كطعم لضحايا الحروق .
معالجة الأمراض الدماغية :
إضافة لما سبق, يمكن استخدام خاصية استبدال الخلايا والأنسجة في معالجة الأمراض الدماغية مثل مرض باركنسون ، الزهايمر من خلال ترميم الأنسجة التالفة ، وإعادة توليد الخلايا الدماغية المتخصصة (الطبيعية) التي تمنع العضلات غير اللازمة من الحركة .
حالياً يتم توجيه الخلايا الجذعية نحو التمايز لهذه الأنواع من الخلايا ولعل علاجات من هذا النوع تحمل نتائج واعدة.
معالجة عوز الخلايا :
ربما يتم نقل الخلايا القلبية السليمة المطورة في المختبرات يوماً ما إلى مرضى القلب لتنضم إلى خلايا القلب في النسيج السليم. وبشكل مماثل يمكن لمرضى السكري من النمط الثاني الحصول على خلايا بنكرياسية لاستبدال الخلايا المنتجة للأنسولين المفقودة أو التي دمرت من قبل جهاز مناعة المريض نفسه. علماً أن العلاجات الوحيدة الحالية هي زراعة البنكرياس وهذه أيضاً من المستبعد إجراؤها بسبب قلة توفر البنكرياس من أجل الزراعة.
علاج أمراض الدم :
تم استخدام الخلايا الجذعية المولدة للدم الموجودة في الدم ونقي العظم عند البالغين منذ عدة سنوات لمعالجة عدة أمراض مثل اللوكيميا وفقر الدم المنجلي وأمراض العوز المناعي الأخرى . ولهذه الخلايا القدرة على إنتاج جميع أنماط خلايا الدم كالكريات الحمر التي تحمل الأكسجين والكريات البيض التي تقاوم الأمراض. وتكمن الصعوبات في الحصول على هذه الخلايا عبر عملية زرع نقي العظم الباضعة. ولكن اكتشف وجود الخلايا الجذعية المولدة للدم أيضاً في الحبل السري والمشيمة. وهذا ما قاد بعض العلماء إلى طلب إيجاد بنك دم للحبل السري لتسهيل الحصول على هذه الخلايا العظيمة وتقليل احتمال رفض الجسم للمعالجة.
اكتشافات علمية عامة:
تفيد أبحاث الخلايا الجذعية أيضا في تعلم المزيد عن التطور البشري. فالخلايا الجذعية غير المتمايزة ستتمايز في النهاية بشكل جزئي وذلك بسبب وجود جين معين قد يكون مفعلاً أو خاملاً. وقد يساعدنا الباحثون في مجال الخلايا الجذعية في توضيح الدور الذي تلعبه هذه الجينات في تحديد أي صفات جينية أو طفرات ستظهر.
السرطان والتشوهات الولادية أيضاً تتأثر بالانقسامات والتمايزات الشاذة. لذا قد يتم تطوير طرق معالجة جديدة لهذه الأمراض إذا فهمنا بشكل أفضل كيف تهاجم هذه العوامل جسم الانسان.
السبب الآخر لمواصلة أبحاث الخلايا الجذعية هو تطوير أدوية جديدة. فقد يتمكن العلماء من قياس تأثير الدواء على نسيج طبيعي سليم وذلك بتجربة الدواء على نسيج نما من الخلايا الجذعية وذلك أفضل من تجربة الدواء على متطوعين من البشر
الجدل حول الخلايا الجذعية :
تمت إثارة الجدال حول أبحاث الخلايا الجذعية عند التطرق للأبحاث التي تهتم بالخلايا الجذعية الجنينية. وهذا ما حصل لأول مرة عام 1998 في جامعة ويسكونسن- ماديسن في الولايات المتحدة حيث تم الحصول على أول خلية جذعية جنينية بشرية وإبقائها حية في المختبر. والنقد الأساسي لهذا البحث أنه يتطلب تخريب الكيسة الأرومية البشرية وبالتالي عدم إعطاء البيضة الملقحة فرصة لتتطور إلى إنسان مكتمل التطور
متى تبدأ الحياة ؟
إن جوهر هذا الجدال - كما في الجدال حول الإجهاض – يركز على التساؤل : متى تبدأ الحياة؟. ويؤكد الكثيرون أن الحياة تبدأ عند الحمل أي عندما يتم تلقيح البويضة .وغالباً يكون الجدال حول أن الجنين يستحق نفس الوضع القانوني كأي إنسان مكتمل التطور, ولذلك فإنه ينبغي اعتبار تخريب الكيسة الأرومية مشابه للقتل. بالمقابل حدد آخرون محطات مختلفة أثناء الحمل تميز بدء الحياة وذلك بعد تطور أعضاء معينة أو بعد مضي فترة محددة من عمر الحمل.
الخيمر Chimeras :
يناقش الناس أيضا قضية خلق "الخيمر" وهو عضوية حية تضم خلايا أو نسج بشرية وحيوانية معاً . وغالبا في أبحاث الخلايا الجذعية يتم حقن الخلايا البشرية في الحيوانات (كالفئران أو الجرذان) والسماح لها بالتطور. وهذا يتيح الفرصة للباحثين لرؤية ما يحصل للخلايا الجذعية عند زرعها.ولكن العديد من الناس معارض لخلق عضوية جزء منها بشري.
مسائل قانونية :
ارتفع الجدل حول الخلايا الجذعية في بعض البلدان إلى أعلى المستويات في المحاكم. علماً أن إنتاج خطوط الخلايا الجذعية الجنينية غير قانوني في النمسا, الدنمارك, فرنسا, ألمانيا, وإيرلندا ولكن مسموح به في فيلندا, اليونان, هولندا, السويد, والمملكة المتحدة .
من القانوني في الولايات المتحدة العمل مع الخلايا الجذعية الجنينية أو خلقها . ولكن الجدل في الولايات المتحدة هو حول التمويل. وفي الحقيقة فقد تم منع استخدام التمويل الفدرالي في أبحاث الخلايا الجنينية التي تم انشاؤها بعد آب 2001.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)