««صديقة الدرب»»
هل تعرف القندورة !
تتوسط الأزياءَ الشعبية السورية في "قصر العظم" بـ"دمشق"، "القندورة" وهي الزي الشعبي للمرأة في "سراقب" فقط، دون غيرها من القرى والمدن السورية، لها حكايات مع التاريخ وسهرات الشتاء ومتاحف العالم،
كلمة "قندورة" لم نجد لها معنى محدداً لا في العربية ولا في السريانية، واعتمدنا الظنَّ في تسميتها اشتقاقاً من "الغندورة" (وهي الفتاة الجميلة اللينة الأعطاف)، معتمدين على أن كثيراً من القبائل العربية يقلبون القاف غيناً، وكون "سراقب" بوابة البادية حقيقةً والحامل الأمين لعاداتها وتقاليدها لا نستبعد أن تكون "القندورة" مأخوذة من "الغندورة"، خاصة وأن خياطتها والتباهي بها من عمل الصبايا».
* "القندورة" السراقبية شديدة الشبه بالزي الفلسطيني "الكنعاني"، فماذا عن أصولها التاريخية؟
** تنتمي تزيينات "القندورة" حتماً إلى فن "الأرابيسك" من حيث أنها نقوشٌ على خلفية محايدة (سوداء حصراً) وتختلف عنه بأنها لم تعتمد الأقواس الإسلامية ولا فن الأشكال الهندسية المتداخلة، وإنما اعتمدت المربعات الصغيرة والكبيرة، وهذا أقرب إلى الفن البيزنطي، ولا غرابة في ذلك فـ"القندورة" نشأت في بلاد تنتشر فيها العمارة البيزنطية بشكل واسع، ولعلنا نرى في بعض النقوش القديمة ما
يشبه أشكال الزينة المشغولة في " القندورة" حتى في عصر "حمورابي"
.
بل ونجد هذا التشابه في "القندورة" الفلسطينية التي لا تختلف كثيراً عن السراقبية إلا في امتداد النقوش حتى الركبتين تقريباً، وهذا الرأي ليس أحفورياً وإنما استقراءً من المعطيات الموجودة في المنطقة، والخلاصة أنها قديمة جداً، ولا نعرف عن مراحل تطورها فقد وصلتنا كما هي، كما وصلنا الشعر العربي كما هو.
وعن آلية خياطة "القندورة
كانت الصبايا يبدأن بخياطتها مع أواخر الخريف بعد الانتهاء من الأعمال الزراعية، ويستمر العمل حتى أواخر الربيع،
وكانت "القندورة" من الأساسيات التي تخرجها العروس في عرسها، وبعضهنّ كنّ يخرجن عدداً قد يصل إلى ست أو سبع "قندورات" حسب المكانة الاجتماعية والاقتصادية للعائلة.
وكانت الفتيات والنساء بشكل عام يلبسنها بإصرار عند الخروج من المنزل وذلك احتراماً للشرط الإسلامي في اللباس والذي يقول بأن يكون لباس المرأة غير شفافٍ ولا يرسم ملامح جسدها، فخيطتْ "القندورة" فضفاضةً سوداء اللون سميكة القماش حصراً، فالمستخدم فيها من الأقمشة نوعان: إما (الدُبك) وهي تسمية شعبية لنوع من قماش "الكاباردين" الإنكليزي، أو نوع من "الساتان" اللامع، وكلاهما غالي الثمن، هذا بالإضافة إلى الكلفة العالية للحرير الباهظ الثمن الذي تطرز به "القندورة" لأنه طبيعي وشديد النقاء، وهنا نستطيع الإجابة عن سؤال يراودنا دائماً وهو لماذا عاشت "القندورة" في "سراقب" دون غيرها من البلدان المجاورة؟
فالسبب اقتصادي بحت، فـ"سراقب" تقع في سهل خصيب كثير الأمطار وفير الخيرات، وفر لسكانه حياة لا تخلو من الرفاه والدعة والوفرة المادية، ولذلك استطاعوا الاستمرار في اقتناء "القندورة" الباهظة الثمن والتي يصل ثمنها حالياً إلى عشرات الألوف من الليرات، رغم أنها أصبحت تخاط آلياً وتتحول إلى سلعة تجارية، أما اليدوي منها فقد أصبح قليلاً وعالي القيمة مادياً وفنياً حتى لقد دخلت معظم متاحف الفن الأوربي والعالمي».
* لـ"القندورة" أنواع تتعلق بالحالة الاقتصادية وكذلك لمناسبة عمر السيدة أو الفتاة التي ترتديها، فما هي
هذه الأنواع وما الذي يميزها عن بعضها؟
** لها نوع واحد فقط وتسميةٌ تتداولها ألسنة العامّة، فهي كلها اسمها "سكّة" و"السكة" هي المربع الذي يقع في وسطه قبة "القندورة"، ولهذا الاسم تفصيلات مثل: "قيس بطاق" وهو الإفريز الذي يحد هذا المربع من جانبيه ويكون مؤلفاً من قطبة تجاور الأخرى، أو "قيس بطاقين" ويكون نفس الإفريز إنما مؤلفاً من قطبتين متعامدتين، والمقصود بـ"قِيس" هو القياس لدقة المسافة بين القطبة والأخرى.
أما من حيث الخياطة فهناك "الطلس
وهي الأعلى ثمناً، وتكون المربعات فيها كلها مملوءة بالحرير، وهي مخصصة للصبايا وذوات الشأن العالي، أما العجائز وغير المقتدرات مادياً فتكون المربعات في "القندورة" مفرغة من الخياطة بالحرير تخفيفاً للكلفة المادية.
أما تزييناتها فهي عبارة عن مربع يغمر الصدر والظهر والكتفين ورؤوس الأكمام، وهذا المربع الكبير عليه من الداخل مربعات صغيرة تتوضع رأسياً تسمى "الطوابع"، والنقوش التي تتواجد خارج هذا المربع تسمى "النقش" إلا من الأمام فرأس هذا النقش من الأسفل يسمى "الناعورة"، وقد تُزين "القندورة" ببعض الألوان لا على التعيين وتسمى "الأشكال"، وليس لها قيمة فنية مقصودة وإنما تأتي عفوية، وبألوان غير مدروسة يغلب عليها الأبيض والأصفر، أما اللون الأساسي المستخدم في "القندورة" فهو الحرير الأحمر حصراً».
وعن انحسار ظاهرة "القندورة" والاستعاضة عنها بالعباءة أو البنطال والمعطف أضاف الأستاذ "برغل": «السبب الوحيد في ذلك هو انشغال الفتاة بالعلم والتعلم، مما لم يعد يفسح لها مجالاً ولا وقتاً في ليالي الشتاء لخياطة "القندورة" بل أصبحت هذه الليالي مكرسة للكتابة والثقافة، والمتوفر حالياً مصنوعٌ لغاية تجارية بحتة، بعد ازدياد سعر "القندورة" ووصوله إلى مبالغ كبيرة، ولها تجار مختصون في "سوق الحميدية" بـ"دمشق" وعن طريقهم تنتشر إلى كل أنحاء العالم كقطعة فنية يدوية نادرة».
يَا سُـــورْيَا لاَ تنْحَنِيِ .. .. أَنَا لاَ أُذَلُ وَلاَ أُهَــــاَنْ
خَلِّي جَبِينَكِ عَاَلِيـــــاً .. .. مَادُمْتِ صَاحِبَةُ الْمَكَانْ
للاستفسار او مساعدة راسلوني على هاد الايميل
[email protected]
شكرا ريماس ...
شكرا كتير اختي ريماس عالموضوع الحلو
تقبلي مروري ...............ز
مشكورة عمتي ريماس وهي تقيم روحي جخي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)