212690421.jpgزواجه و عائلته
إبراهيم بن سليمان آغا بن محمد هنانو، ولد في بلد "كفر تخاريم" في محافظة إدلب غربي حلب في سوريا. نشأ في أسرة كردية غنية، حيث كان والده سليمان آغا أحد أكبر أثرياء مدينة حلب، و والدته كريمة الحاج علي الصرما من أعيان كفر تخاريم؛ أتم الدراسة الابتدائية في كفر تخاريم، ثم انتقل إلى حلب حيث أتم دراسته الثانوية. قام أبراهيم بأخذ أربعة آلاف ليرة ذهبية من والده بدون علمه ليدرس بالجامعة السلطانية في الآستانة، حيث كان والده يرفض سفره إلى الآستانة، و عاد إلى أهله بعد أربعة سنين ثم غادر مرة ثانية إلى استانبول لينهي دراسة الحقوق بعد ثلاث سنين أخرى.
أثناء عمله في استانبول، حيث تزوج أثناء بفتاة من أرضروم، و رزق وقتها بإبنته نباهت، و بعد ولادتها باثنتي عشرة سنة رزق بإبنه طارق، وتوفيت زوجته بعد ولادة إبنه بخمسة عشر يوما.
عمله
بعد إنهاء دراسته عين مديرا للناحية في ضواحي استانبول لمدة ثلاث سنوات، حيث تزوج وبعد إنقضاء هذه المدة تم تعينه قائم مقام بنواحي أرضروم ليبقي فيها أربع سنوات، ثم ليتم تعينه بعدها قاضي تحقيق في كفر تخاريم، حيث بقي فيها ما يقارب الثلاث سنوات.
انتخب عضوا في مجلس إدارة حلب لمدة أربع سنوات، و عين بعدها رئيسا لديوان الولاية لمدة سنتين و ذلك عند رشيد طليع والي حلب، و الذي شجعه على الثورة في الشمال بالتنسيق مع الملك فيصل. و تم انتخابه ممثلا لمدينة حلب في المؤتمر السوري الأول في دمشق في دورة ( 1919 - 1920 )
مقاومة الإحتلال
تم عقد اجتماع في منزل قائم مقام ادلب عمر زكي الأفيوني نهاية عام 1919 برئاسة هنانو، ضم الإجتماع كبار و وجهاء ادلب والمناطق المجاورة لها (وكان جمعة سليم آغا النجاري ممثلا عن منطقة جسر الشغور)، وعدد من الوطنيين من انطاكيا و الحفة و اللاذقية، لتنظيم شؤون الثورة، و تم الاتفاق على اختيار هنانو لتأليف قوات عربية على شكل عصابات من المجاهدين لمشاغلة الفرنسين الذين إحتلو مدينة انطاكية و التي كانت تحت سيطرة عزة هنانو أخ إبراهيم، و الذي إضطر لتسليم المدينة بناء على أوامر الحكومة العربية في سوريا.
قام هنانو بجمع أثاث بيته وأحرقه معلنا بداية الثورة وقال جملته المشهورة : لا أريد أثاثاً في بلد مستعمر، و كان أول صدام مسلح بين الثوار و القوات الفرنسية في 23 أكتوبر 1919، حيث استمر القتال لقرابة السبع ساعات. و أقام هنانو محكمة للثورة لكل من يتعامل مع فرنسا أو يسيء للثورة.
قامت فرق المجاهدين التابعة له، بإزعاج الفرنسين محققة نجاحات ضخمة، فذاع صيت هنانو وكثر مريديه، بل حتى ان إبنته طلبت خمسة رؤوس لجنود فرنسيين كمهر لها.
قام الأمير فيصل بالتوقيع على معاهدة الانتداب مع فرنسا في عام 1920، الأمر الذي رفضه الكثير من السوريين، حيث تصادم مع عبد الرحمن الشهبندر قائلا أنا من سلالة النبي، فرد الشهبندر: و انا ابن هذا البلد، وأرفض كل وصاية. وأطالب بتشكيل حكومة قومية ثورية. إلا أن محمد كرد علي ساند الأمير، و إندلع الخلاف بين السوريين.
أصبح وضعه بعد فترة صعبا بسبب حاجته الماسة للسلاح و العتاد، فقد كان الضغط الفرنسي كبيرا، فاضطر إلى الإستعانة بأصدقائه في تركيا لطلب العون. مما أمن له سلاحا و ذخيرة كانت كافية لإلحاق أضرار فادحة بالفرنسيين في جميع المواجهات، سواء من ناحية الأفراد أو العتاد. و يبلغ عدد المواجهات بين الطرفين التي قادها بنفسه سبعا و عشرين معركة. بل أنه في معركة مزرعة السيجري، استطاع أسر جنود فرنسيين و قام بإسترداد مناطق واسعة من السيطرة الفرنسية منها منطقته التي ولد بها كفر تخاريم.
قام الفرنسيون على إثر ذلك بدخول دمشق و من ثم حلب لقمع الثورة، ولجأ هنانو و قواته إلى جبل الزاوية؛ ضمن المنطقة الحصورة بين حماة و حلب و إدلب، فقام الكثير بلإنضمام إلبه هنالك مما سمح له بإنشاء قاعدة عسكرية و لتصبح المنطقة مقرا له أطلق عليه أتباعه لقب المتوكل على الله بسبب قوله توكلنا على الله كلما ذهب مع قواته للإغارة على الفرنسيين.
قام بعدها بنقل منطقة قيادته إلى جبل الأربعين و ازداد عدد أتباعه بسرعة بعد انتصاراته على الفرنسيين، فقام هنانو بإعلان دولة حلب و إقامة حكومة مستقلة بإدارته. على إثر ذلك بدأت مفاوضات بينه و بين الفرنسيين ممثلة بكل من الكولونيل فوان و الجنرال غوبو، وإشترط هنانو للبدء بالمفاوضات إيقاف تحرك القوات الفرنسية.
قام مصطفى كمال أتاتورك بتوقيع اتفاقية مع فرنسا، وأوقف معونته للثوار السوريين مما أدى إلى إضعاف موقف هنانو في المفاوضات. وأصر الفرنسيون على أن تصبح الدولة التي يطالب بها في المناطق التي تخضع لثورته (إدلب - حارم - جسر الشغور -أنطاكية )، مكبلة بقيود عسكرية مع الفرنسيين الأمر الذي رفضه هنانو، ورأى به اتفاقا مذلا. و إتضح له لاحقا أن فرنسا تجمع قواتها كلها إلى الساحل السوري. ولهذا كانت تفاوض هنانو لإلهائه فقد قام غورو بجمع 100,000 جندي على الساحل السوري.
الأوضاع السياسية
قام غورو بتقديم إنذار تضمن عدة شروط منها: تسليم خط رياق، حلب، وحل الجيش السوري وقبول الانتداب الفرنسي. كما إشترط قبول العملة الورقية الفرنسية وطالب بتغير الحكومة. فقام الملك فيصل بقبول الإنذار، وأرسل برقية لغورو يعلمه بذلك. إلا أن العسكريون رفضوا الإنذار و قام يوسف العظمة بتقسم سوريا إلى عدة جبهات للتحضير لقتال الفرنسيين. قام بعد ذلك الملك فيصل بتكيلف ياسين الهاشمي بتشكيل حكومة جديدة. مما أدى إلى خروج السكان في مظاهرات ومهاجمة القلعة (مقر الملك) مطالبين بتسليحهم، لكن الحرس الملكي يقتل منهم ما يقارب الـ 200 شخص. و لينسحب يوسف العظمة من المؤتمر الوطني.
كما قام الفرنسيون بعد معركة ميسلون بتقسيم سوريا إلى خمس دول. وضعت صبحي الحديدي رئيساً لدولة حلب، بدلا من هنانو، الذي حاول احتلال دولة حلب بدون فائدة.
الأسر
حكم على هنانو أربع أحكام غيابية بالإعدام من قبل محكمة الجنايات العسكرية الفرنسية، و مع سيطرة الفرنسيون على الطرق، و نقص الدعم العسكري لهنانو، إضطر في يوليو 1921 إلى مغادرة معاقله إلى الجنوب حيث حاول التفاوض مع الشريف عبداالله. في الطريق إلى شرق الأردن تعرض لكمين قرب جبل الشعر بالقرب من حماة في 16 يوليو 1921م، في معركة م**ر الحصان حيث فقد معظم من كان معه واستطاع هو النجاة بنفسه وتم القضاء على ثورته.
تطلعات هنانو السياسية لم تكن ملائمة للشريف عبد الله و لم يتم اللقاء بينهما، فأكمل هنانو طريقه إلى القدس حيث قبض عليه الإنجليز في 13 أغسطس 1921م و سلموه إلى الفرنسيين.
محاكمة هنانو
وبعد القبض علي هنانو قدم إلى محكمة الجنايات العسكرية الفرنسية بتهمة الإخلال بالأمن و القيام بأعمال إجرامية، وعقدت المحاكمة أول جلساتها في (16 رجب 1340 هـ = 15 مارس 1922 م) في ظل إجراءات أمن مشددة، وترافع فتح الله الصقال أبرز محامي حلب للدافع عن هنانو. حيث أظهر ان التهمة باطلة كون هنانو خصم سياسي وليس مجرما، بدليل أن الفرنسيين قبلوا بالتفاوض معه مرتين ووقعوا معه هدنة.
في 25 مارس 1922م طالب النائب العام الفرنسي المحكمة بإعدامه قائلا " لو أن لهنانو سبعة رؤوس لطلبت قطعها جميعاً" لكن القاضي الفرنسي أطلق سراح هنانو معتبراً ثورته ثورة سياسية مشروعة، معلنا استقلالية السلطة القضائية الفرنسية عن السلطة العسكرية.
صورة تعبر عن فرحة الجماهير بالإفاراج عن إبراهيم هنانو
بعد انتهاء المحاكمة وإطلاق سراح هنانو حاول الصقال أن يُدخل هنانو لشكر رئيس المحكمة على حكم البراءة، فإعتذر الرئيس عن إستقبال هنانو في مكتبه قائلا: أنا لا أصافح رجلاً تلوثت يداه بدماء الفرنسـيين، عند الحكم كنت على منصة القضاء، أما الآن فأنا مواطن فرنسي.
محاولة اغتياله
في ايلول 1933م قام شخص يدعى نيازي الكوسى، بإطلاق النار على هنانو في أثناء وجوده في قريته إلا أن الرصاص أصاب قدمه، وتم القبض على الكوسى في انطاكية، وحكم بالسجن عشر سنوات، إلا أن المفوض السامي الفرنسي أصدر عفوا خاصا بحق الكوسى مما دفع الجميع للإعتقاد بعلاقة الفرنسيين بحادثة الإغتيال.
وفاته
قصد الزعيم إبراهيم هنانو قريته "السيدة عاتكة " للإشراف على بعض أعماله الزراعية هناك قبل الذهاب إلى دمشق ، بعد أن استأجر بيتاً للإقامة فيها خلال فصلي الشتاء والربيع . كان الزعيم يتمتع بكامل صحته وفي صباح الخميس الثاني عشر من تشرين الثاني 1935 تناول قهوته ثم قصد إلى كرم زيتون ليشرف على العمال ويتريض قليلاً ولكنه أحس بشيء من البرد والألم فعاد إلى غرفته وما لبث الألم أن اشتد عليه فأرسل ابنه طارق إلى حلب ليحضر له سيارة تنقله إلى حلب وحين تأخر طارق في العودة أمسك الزعيم ساعة وصار يعد نبضه وحين شعر أن عدد نبضاته يتجاوز المائة، ألقى الساعة من يده ، وقال لمن حوله : قولوا لإخوتي " الوطن بين أيديهم وتوفي في يوم الخميس الموافق 21 نوفمبر 1935م، و صلي عليه في الجامع الاموي بحلب.
جدير بالذكر أن مسلسل حمام القيشاني تناول في جزئه الثاني فترة كفاح هنانو وصالح العلي، كذلك مسلسل إخوة التراب.
كما أن جميع المحافظات السورية قد خصصت شارع رئيسي يحمل اسم إبراهيم هنانو تكريما له ......
انشاء الله يكون نال اعجابكم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)