بيبرس بصوت عال جدا , امرأة تنادي وتطرق الباب بقوة , طرقات قوية جعلتني استيقظ مذعورا من نومي ,افتح يا بيبرس ... افتح يا بني أرجوك .... فتحت الباب وأنا مابين النوم والصحو .
دفعتني جانبا ودخلت , إنها الخالة أم إبراهيم , جارتي ومقامها كأمي تقريبا .
تساءلت وأنا احضر لها كاس ماء لتهدأ قليلا , ما الذي جعل تلك المرأة المعروفة بهدوئها أن تصاب بحالة عصبية مرعبة ؟
ناولتها كأس الماء قائلا اهدئي يا أماه واخبريني ما حصل .
كفكفت دموعها وقالت بتنهد حزين ألا تعتبر نفسك مثل أولادي ؟
قلت لها نعم وأنا احبك كأمي , لكن ما الأمر ؟
قالت أولادي كبروا ولم اعد أطيق حياتي , إنهم يعذبونني , فأنت تعلم أن والدهم قد مات منذ زمن , وتكفلت أنا بالعمل حتى أتمموا دراستهم .الآن هم موظفون , وتزوجوا جميعا وتركوني في البيت ,
بيبرس يا بني لا يسألوا عني إلا بفترات متباعدة , لا احزن بل ادعوا لهم واختلق الأعذار دائما , لا يرسلوا لي مالا أعيش به , لا احزن وكما العادة أقول لديهم أولاد ومصاريف كثيرة أعانهم الله . كل أمور الدنيا التي تغضبني منهم سأتحملها وادعوا لهم.
لكن يا بني عندما تصل بهم الأمور , بان يتفقوا ليرسلوني لبيت العجزة ويبيعوا البيت , إلا هذا يا بني أموت بعدها والله
يا بني أرجوك أن تجد لي حلا , لا أريد الموت بعيدا عن بيتي , ولا أريد أن اغضب على أولادي .
دلني ماذا افعل ؟
عقلي ذهب وتشتت ولم اعد أجد حلا للأمور .
أم إبراهيم .. أرملة لها خمس أولاد من الذكور , عملت طيلة حياتها كي تؤمن لهم خبزا حلالا وكتابا ذو قيمة , هي اليوم عالة على أولادها حيث الحل أن تذهب هي لجحيم حياة الملاجئ , ويبيع أولادها , تلك الجدران المتهالكة الساترة لشيبتها النقية .
لا يكفيها أن تركوها وحيدة , دون مال , لا يكفيها غدر الزمان لها جاءها الغدر من أولادها .
صنعت لها فنجانا من القهوة , وآخر لي , أخرجت كيس دخانها , وبدأت بلف سيجارتها ذات الرائحة المميزة أشعلتها نظرت إلي وقالت :
ما الحل يا بني ؟
قلت لها هو حل لا بديل عنه .
قالت ما هو؟
قلت لا يوجد يا أمي شخص على سطح الأرض , يستطيع أن يجبرك بان تفعلي مالا تريدين .
وإن جاءوا مرة أخرى وكرروا طلبهم , جمدي قلبك وعواطفك قليلا وقومي على طردهم من البيت . وبصوت عال وكوني جادة بعدها سيشعرون بما يطلبون , ومن جهتي سأتحدث معهم مطولا بهذا فلا تقلقي .
بعد هذه الحادة الخاصة بالخالة أم إبراهيم , أتساءل بشكل يومي ما هو الشيء الذي جعل من أبناء أم إبراهيم ومن يشبههم أن يتنكروا لأكثر الأشياء قدسية على الأرض ؟
إخوتي لم أجد إجابة لتساؤلاتي , اعذروني فانا ما زلت أتساءل عندما أجد إجابة سأخبركم بها .
أخبار من العالم بنكهة سورية
نص جميل...سرد هادئ و لكن يحتاج الى بعض التكثيف اللغوي و الاشتغال على الوصف و الصورة في رأيي
قصة نعيش الكثير منها في واقعنا...العصيان و التمرّد على أكثر الأشخاص قدسية على هذه الارض
أم ابراهيم ...كانت شخصا في نصّك...
و مثيلاتها الكثيرات في واقع مليء بالتناقضات
تحياتي الى قلمك و ننتظر منك المزيد
تقبّل مروري
شكرا لك أختاه على مرورك الهادئ الجميل
أخبار من العالم بنكهة سورية
يسلمو دياتك اخي
شو الاخبار
تم النقل الى ملتقى الثقافة والادب
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)