شهدت العلاقات التي بدأها رئيس الحكومة التركية "رجب طيب أردوغان" مع دمشق، ومع الرئيس السوري "بشار أسد" على وجه الخصوص ازدهارا متناميا لافتا للنظر. ربما كان بعض أسباب ذلك هو الرغبة في بناء علاقات مع دول الجوار الإسلامي تعوض التعثر الذي واجهه "أردوغان" في محاولته إدخال تركية إلى السوق الأوربية المشتركة.
ربما وجد الرئيس السوري في أنقرة البديلَ المناسب عن واشنطن لمتابعة جهود السلام مع تل أبيب، التي أرادها الرئيس بشار قنطرة إلى تحسين العلاقة مع واشنطن وقد ساءت كثيرا بعد احتلال العراق وبعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق "رفيق الحريري".
الذين يفهمون جيدا "كيمياء" النظام السوري من عهد الرئيس الراحل، واستمرارا مع الرئيس "بشار"، يدركون أن العلاقة المتنامية بين دمشق وأنقرة تصب في خانة الرئيس السوري أكثر مما تصب في مصلحة تركيا، أو هكذا يجب أن تكون. ما يهمنا هنا أن نوضح أن الأسلوب الذي يفكر به النظام السوري، كما قرأناه مع الرئيس الراحل "حافظ أسد"، لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر في عهد الرئيس "بشار أسد".
فالدول والأحزاب الذين تربطهم علاقة بالنظام السوري على ثلاثة أصناف. فهو يتمسك بأي وعود قطعها على نفسه تجاه واشنطن، لأنها القوة الأعظم في العالم، ولأن الرئيس الراحل، عندما استلم السلطة بانقلاب 16 تشرين ثاني عام 1970 على صديقه ورفيق دربه "صلاح جديد"، لم يكن ذلك بعيدا عن موافقة واشنطن، بالتالي لا بد من الالتزام بما قطعه على نفسه من تعهدات تجاهها ، وإلا فإن عليه أن يخاف على استمرار سلطته.
أما الصنف الثاني فهي إيران وحزب الله. فالعلاقة مع هذه الصنف ليست قائمة على الخوف، بل على إستراتيجية بعيدة المدى، ليس يعتريها تفكير بالنكوص عنها أوتخفيف وتيرتها، فالكل يعرف الأسباب. ولا لزوم للشرح أكثر حتى لا نتهم بالطائفية. أما الصنف الثالث فأي علاقة تربط النظام به فهي علاقة مصلحة بامتياز، ومتى زالت هذه المصلحة أهمل النظام العلاقة. والعلاقة بين رئيس الحكومة التركية والرئيس السوري هي من الصنف الأخير، على الأقل بالنسبة للنظام السوري، وأخشى أن يكون الزعيم التركي يجهل ذلك. كما أخشى أن يأتي يوم يجد فيه الزعيم التركي أنه قد أضاع وقته عندما وضع أمله في غير محله.
استطرادا، أنا من المعجبين بمقاربة "أردوغان" للسياسة الوطنية التركية الملتزمة مع معظم دول العالم. لكن مقاربة موقفه من الثوار الليبيين ليس لها ما يبررها إطلاقا.
كما أن إصرار الزعيم التركي على مد يده في وقت لا يقابله الرئيس السوري بالاستجابة لا تدل على فهم لطبيعة النظام في دمشق، ابتداء من توسطه لإنهاء معاناة السوريين المهجّرين ظلما وعدوانا، وطلبه منه إلغاء قانون الذبح 49 لعام 1980 الذي أصدره الرئيس حافظ أسد بإعدام كل منمٍ للإخوان المسلمين في سورية ليفرّغ سورية من الإخوان المسلمين، وقد حدث ذلك، وها هو يطلب منه إجراء إصلاحات تجنب سورية العنف الدموي، كل ذلك لم نسمع أو نقرأ استجابة من الرئيس السوري لما تمناه عليه أردوغان.
لقد كان الشيخ "سلمان العودة" أصوب قراءة من الرئيس "أردوغان" كماجاء في صفحته على الفيس بوك: (أقول لأردوغان مع كامل الاحترام: فلا تكونن ظهيرا للمجرمين، من حق شعب سوريا وليبيا أن يحصلوا على الحرية التي حصلتم عليها). ثم عقب: (فلا تصافح يدا ملطخة بدماء شعبها وأقول لأردوغان أيضا: أنت مخير إما أن تتحالف مع الماضي أو مع المستقبل، وأرجو أن لا نخطئ نحن في القراءة ولا تخطئ أنت في الاختيار).
نحن والسيد "أردوغان" ننتظر. وقد يفاجأ الزعيم التركي أن الرئيس السوري سوف يستبدل بقانون الطوارئ قانونا للإرهاب، وأنه في أحسن الأحوال سوف يقوم بعمليات تجميلية لوجه النظام القمعي، لنرى عندها كيف سيكون رد فعل الزعيم التركي وقد خاب أمله الذي لم يكن في محله.
إذا كان الشعب السوري -واستطرادا الشعب الليبي- كان لديه كبير أمل في أن يضغط على الرئيس السوري ليجنب سورية مزيدا من الدماء التي تسيل بدواعي القمع، فإن هذا الشعب عرف الطريق. وغدا –بإذن الله- ستكون هناك مائة "درعا" ومائة "دوما"، وعندها "...سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"، وإن غدا لناظره قريب!.
مشكور على المعلومات دكتور بتمنى توصل لاردوغان
اسد علينا وفي الحروب نعامة
مشكور عالمروررر
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)