طفل كبير بالعمر والحجم وقد يكون بالعقل
لكنه ما زال طفلاً صغيراً يبحث هنا وهناك عن حنان قد يكون افتقده في طفولته حين اضطر لترك مدرسته التي كانت أغلى شيء لديه وكان يحلم بأن يكمل تعليمه ويصبح طيار لكن ظروف طيرت كل أحلامه
بدأت قصة وسام عندما بلغ عامه الثاني عشر أنها دراسته في الصف الأول الإعدادي ونجح للصف الثاني إعدادي بمجموع إن لم يكن ممتاز فهو جيد جداً.
شاء والديه أن يغتالوا حلمه ويجبراه على ترك المدرسة للعمل في إحدى المناطق الصناعية المتخصصة بصيانة السيارات وبالفعل كان لهم ذلك , ترك وسام المدرسة بعد أن زرف الدم مع الدمع حين جاءه صديقاه الذين اعتادوا على مرافقته في كل يوم وخاصة في أول يوم من أيام السنة الدراسية وسألاه مرافقتهما ولكنه تجاهل أنه على علم بالحكم الذي أصدره والديه على أمل أن يكون هذا الحكم قد نسي حاله كحال الكثير من الأحكام التي تبرم ولكنها مع مرور الزمن تصبح حبر على ورق , توسل لولداه وبكى كثيرا لكن دون جدوى حين أحس أن الحكم قد أبرم فعلا ولا مجال للطعن لا بطريقة النقد ولا بالفيتو ولا بأي وسيلة أخرى طلب منهما أن يسمحا له بمرافقة صديقاه لباب المدرسة فقط ومن ثم يتابع طريقة إلى عمله لكن سؤاله هذا رفض أيضاَ
كفكف وسام دموعه وأقفل باب غرفة والديه وأتجه نحو باب البيت ليخبر أصدقائه بنبرة صوته المخنوقة أن والداه لم يوافقوا ويسألهم الرحيل و ودعهما وأطرق عائداً إلى فراشه الأسفنجي وشد الغطاء فوق رأسه وغط في حالة من البكاء الشديد وهو يستعيد شريط ذكرياته مع صديقاه عبد الغني وعبد الرزاق اللذان كانا معه منذ نعومة أظفاره حيث قابلهما حين دخل المدرسة الابتدائية وجلسا معاً طيلة السنوات السبع الماضية على مقعد واحد , راح يتذكر كيف كانوا يتنافسون ويتسابقون لنيل العلامة الأعلى ليتباه أحدهم أمام الآخر بأنه أشطر منه أو حين يتهافتون على الإجابة على سؤال المعلمة وكل منهم يحاول أن ينال تصفيق الطلاب له لإجابته على سؤال ما أو على ترتبه وأناقة هندامه المدرسي أو حتى على حسن خطه وتنسيقه للوظيفة التي أعطتهم إياها المعلمة
بكى وسام وتذكر وضحك وابتسم كل هذا حدث تحت ذلك الغطاء الذي كان ملاذه الدائم ومصدر لحنان يبحث عنه وصدر أم يشتكي لها همومه
أدمن وسام هذا الصدر الحنون وأصبح كل ليلة يلجأ إليه ويشكي له همومه ويبكي بصمت
حتى جاء ذلك اليوم الذي أتى وسام إلى هذا الصدر الحنون يحكي له عن قصة مؤلمة حدثت معه في ذلك اليوم حين تعرض لاعتداء جنسي طاله من قبل أحد الوحوش البشرية التي كانت تحيط به في مكان عمله الذي يعرف عنه أنه ملفى لهكذا وحوش لكن هذه المرة هذا الصدر لم يكن يفي بالغرض فهو أراد أن يصرخ بأعلى صوته ويقول لمن يهمه هكذا أمر من أسرته عن فظاعة هذا الأمر الذي وقع عليه ... لكن لمن يقول ؟؟ لمن يحكي ؟؟؟
هل يحكي لأبيه ؟؟؟ لا لن يتكلم لأن الوحش الذي اعتدا عليه هو ابن صديق والده ومن الممكن أن يوبخه ويضربه ويلقي باللوم عليه
هل يحكي لأمه ؟؟؟ لا لا لن يحكي لها ربما توبخه هي الأخرى وتضربه ومن الممكن أن تحبسه في المنزل أو تبعث به للعمل لدى خاله القاسي الذي يعمل نجاراً وسبق لوسام وأن عمل عنده في أيام العطل الصيفية عندما كان في الابتدائية وكان يضربه ويقسوا عليه كثيراً
إذا ما العمل ... لمن يشكي ... من يخبر ... مع من يتكلم ... ذلك الغطاء ليس له سواه فهو الآن أصبح جزء لا يتجزء منه صار رفيقه في قر الشتاء وحر الصيف ولما لا فهو بيت أسراره
إلى اللقاء مع الجزء الثاني من قصة وسام الطفل الكبير .... اخوكم تاجر السعادة
أخبار من العالم بنكهة سورية
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)