ومن حديث زيد بن أسلم عن أبيه قال: بعث معاوية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على الشام بمال وأدهم وكتب إلى أبي سفيان أن يدفع ذلك إلى عمر - يعني بالأدهم القيد - وكتب إلى عمر يقول: إني وجدت في حصون الروم جماعة من أسارى المسلمين مقيدين بقيود حديد أنفذت منها هذا ليراه أمير المؤمنين - وكانت العرب قبل ذلك تقيد بالقيد. قال الفرزدق: أو لجدل الأداهم - فخرج الرسول حتى قدم على سفيان بالمال والأدهم قال: فذهب أبو سفيان بالأدهم والكتاب إلى عمر واحتبس المال لنفسه. فلما قرأ عمر الكتاب قال له: فأين المال يا أبا سفيان قال: كان علينا دين ومعونة ولنا في بيت المال حق فإذا أخرجت لنا شيئاً قاصصتنا به. فقال عمر: اطرحوه في الأدهم حتى يأتي بالمال. قال: فأرسل أبو سفيان من أتاه بالمال. فأمر عمر بإطلاقه من الأدهم. فلما قدم الرسول على معاوية قال له: رأيت أمير المؤمنين اعجب بالأدهم قال: نعم وطرح فيه أباك. قال: ولم قال جاءه بالأدهم وحبس المال قال: إي والله والخطاب لو كان لطرحه فيه. زار أبو سفيان معاوية بالشام فلما رجع من عنده دخل على عمر. فقال: أجزنا أبا سفيان. قال: ما أصبنا شيئاً فنجيزك منه. فأخذ عمر خاتمه فبعث به إلى هند وقال للرسول: قل لها: يقول لك أبو سفيان: انظري إلى الخرجين اللذين جئت بهما فأحضريهما. فما لبث عمر أن أتي بخرجين فيهما عشرة آلاف درهم. فطرحهما عمر في بيت المال. فلما ولي عثمان ردهماً عليه. فقال أبو سفيان: ما كنت لآخذ مالا عابه علي عمر. ولما ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عتبة بن أبي سفيان الطائف وصدقاتها ثم عزله تلقاه في بعض الطريق فوجد معه ثلاثين ألفاً فقال: أنى لك هذا قال: والله ما هو لك ولا للمسلمين ولكنه مال خرجت به لضيعة أشتريها. فقال عمر: عاملنا وجدنا معه مالاً ما سبيله إلا بيت المال ورفعه. فلما ولى عثمان قال لعتبة: هل لك في هذا المال فإني لم أر لأخذ ابن الخطاب فيه وجهاً قال: والله إن بنا إليه لحاجة ولكن لا ترد على من قبلك فيرد عليك من بعدك. القحذمي قال: ضرب عمر رجلاً بالدرة فنادى: يا لقصي. فقال أبو سفيان: يا بن أخي لو قبل اليوم تنادي قصياً لأتتك منها الغطاريف. فقال له عمر: اسكت لا أبالك. قال أبو سفيان: ها ووضع سبابته على فيه. خليفة بن خياط قال: كتب يزيد بن الوليد المعروف بالناقص - وإنما قيل له الناقص لفرط كماله - إلى مروان بن محمد - وبلغه عنه تلكؤ في بيعته -: أما بعد فإني أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت والسلام. فأتته بيعته. ولما منع أهل مرو أبا غسان الماء وزجته إلى الصحارى كتب إليهم أبو غسان: إلى بني الأستاه من أهل مرو ليمسيني الماء أو لتصبحنكم الخيل. فما أمسى حتى أتاه الماء. فقال: الصدق ينبئ عنك لا الوعيد. وكتب عبد الله بن طاهر الخراساني إلى الحسن بن عمر التغلبي: أما بعد فقد بلغني ما كان من قطع الفسقة الطريق ما بلغ فلا الطريق تحمي ولا اللصوص تكفي ولا الرعية ترضي وتطمع بعد هذا في الزيادة! إنك لمنفسح الأمل! وأيم الله لتكفيني من قبلك أو لأوجهن إليك رجالا لا تعرف مرة من جهم ولا عدي من رهم ولا حول ولا قوة إلا بالله. وكتب الحجاج بن يوسف إلى قتيبة بن مسلم واليه بخراسان: أما بعد فإن وكيع بن حسان كان بالبصرة منه ما كان ثم صار لصاً بسجستان ثم صار إلى خراسان فإذا أتاك كتابي هذا فاهدم بناءه واحلل لواءه. وكان على شرطة قتيبة فعزله وولى الضبي عم مسعود بن الخطاب. وبلغ الحجاج أن قوماً من الأعراب يفسدون الطريق فكتب إليهم: أما بعد فإنكم قد استخفتكم الفتنة فلا عن حق تقاتلون ولا عن منكر تنهون وإني أهم أن ترد عليكم مني خيل تنسف الطارف والتالد وتدع النساء أيامى والأبناء يتامى والديار خراباً. فلما أتاهم كتابه كفوا عن الطريق.
التعرض للسلطان والرد عليه
قالت الحكماء: من تعرض للسلطان أرداه ومن تطامن له تخطاه وشبهوه في ذلك بالريح العاصفة التي لا تضر بما لان له من الشجر ومال معها من الحشيش وما استهدف لها من الدواح العظام قصفته. قال الشاعر: إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت عيدان نبع ولا يعبأن بالرتم وقال حبيب بن أوس - وهو أحسن مل قيل في السلطان -: هو السيل إن واجهته انقدت طوعه وتقتاده من جانبيه فيتبع وقال آخر: هو السيف إن لاينته لان متنه وحداه إن خاشنته خشنان وقال معاوية لأبي الجهم العدوي: أنا أكبر أم أنت فقال: لقد أكلت في عرس أمك يا أمير المؤمنين. قال: عند أي أزواجها قال: عند حفص ابن المغيرة. قال: يا أبا الجهم إياك والسلطان فإنه يغضب غضب العصبي ويأخذ أخذ الأسد. وأبو الجهم هذا هو القائل في معاوية بن أبي سفيان: نميل على جوانبه كأنا نميل إذا نميل على أبينا وقدم عقيبة الأسدي على معاوية ورفع إليه رقعة فيها هذه الأبيات: معاوي إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديد أكلتم أرضنا فجردتمونا فهل من قائم أو من حصيد أتطمع بالخلود إذا هلكنا وليس لنا ولا لك من خلود فهبنا أمة هلكت ضياعا يزيد أميرها وأبو يزيد فدعا به معاوية فقال: ما جرأك علي قال: نصحتك إذ غشوك وصدقتك إذ كذبوك. فقال: ما أظنك إلا صادقاً وقضى حوائجه. ومن حديث زياد عن مالك بن أنس قال: خطب أبو جعفر المنصور فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس اتقوا الله. فقام إليه رجل من عرض الناس فقال: أذكرك الله الذي ذكرتنا به يا أمير المؤمنين. فأجابه أبو جعفر بلا فكرة ولا روية: سمعاً وطاعة لمن ذكر بالله وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه فتأخذني العزة بالإثم فقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين وأما أنت فوالله ما الله أردت بها ولكن ليقال: قال فعوقب فصبر وأهون بها لو كانت وأنا أحذركم أيها الناس أختها فإن الموعظة علينا نزلت ومنا أخذت. ثم رجع إلى موضعه من وقام رجل إلى هارون الرشيد وهو يخطب بمكة فقال: " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ". فأمر به فضرب مائة سوط. فكان يئن الليل كله ويقول: الموت! الموت! فأخبر هارون الرشيد أنه رجل صالح فأرسل إليه فاستحله فأحله. المدائني قال: جلس الوليد بن عبد الملك على المنبر يوم الجمعة حتى اصفرت
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)