في مقالة سابقة بعنوان «البيولوجيا النفسية والقلب المفطور» وعدت أن أجيب على سؤالين أحدهما: كيف يمكن أن يتخلص الإنسان أو يخفف حدة الانفطار القلبي؟
إن أسباب الانفطار القلبي متعددة، لكنها جميعا عاطفية ولو لم تكن كذلك لما كان لها علاقة بالقلب أساسا لأن القلب هو محل العاطفة ومسكنها وبيتها الذي تأوي إليه، خاصة عند هجران الحبيب والتلاعب بالمعشوق أو عند فقدان من يعز على النفس من الأقارب والأصدقاء أو عند حلول مصيبة ونزول حادثة فيصبح القلب مفطورا بالكمد والحزن والألم قد أثرت فيه الهرمونات أيما تأثير وتتفاوت القلوب بانسكاب الهرمونات البيولوجية في داخلها بسبب الناحية النفسية كما ذكرنا في المقال السابق. إن القلب الهرموني هو أكثر القلوب حدة في التعرض لمشاكل الحياة، إن هناك أشياء تساعد صاحب القلب الهرموني أن يتخطى ما يتعرضه بسلام من مستجدات الحياة السلبية نذكرها هنا باختصار، يفضل أن يبدأ صاحب القلب المفطور بإسعاف حاله ما أمكن بالدموع والبكاء بغية تخفيف حدة الانفطار القلبي لأن في ذلك راحة وهو مطلب فطري أيده الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام) عند ما قال في مصابه مع ابنه إبراهيم «إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون»، وبكى سيدنا يعقوب (عليه السلام) ابنه يوسف حتى فاضت عيناه كما قال تعالى «وفاضت عيناه من الحزن فهو كظيم». والقنوات الدمعية التي ركبها الله سبحانه في العينين لها ارتباط كبير بالناحية النفسية وقد أشارت أبحاث علم النفس أن التواصل بين القلب والبكاء يخفف من حدة الهرمونات البيولوجية، أما ثاني الأمور المساعدة للقلب الهرموني أن يتجاوز أزمته فهي الممارسة المباشرة للصبر والصبر من الصفات القلبية وهو بمثابة «التضميد» الذي يوقف النزيف للانفطار القلبي لذلك ورد في الحديث الشريف: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» لأن تركيز هرمون الأدرينالين والنور أدرينالين والمواد الكيميائية عال جدا في تلك اللحظة فمواجهته بالصبر يعمل على تخفيف مستوى تلك الهرمونات. إن المهارات المساعدة على الصبر كثيرة منها ذكر الله تعالى والدعاء وبث الشكوى لله سبحانه وتعالى كما قال تعالى «قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله»، والفضفضة وبث مافي داخل الإنسان من ألم إلى صديق أو قريب يريح كثيرا وقد يحتاج الأمر أحيانا في الحالات الصعبة إلى خبرة مرشد اجتماعي أو مستشار نفسي، ثم يجيء بعد عملية «الإسعاف» و«التضميد» المعالجة من خلال جهاز «التفكير» لأن أسلوب التفكير هو اكتشاف بالغ الأهمية بالنسبة لصاحب القلب المفطور، إن حياتنا هي ما تصوره لنا أفكارنا ولحديث النفس الداخلي دور كبير للعافية من المصائب القلبية لأنها تعمل على تخليص القلب من الحزن والكمد والألم وتذهب ما قد يعلق بشغافه وغرفه وأوردته وشرايينه من الترسبات الهرمونية.
ويبقى السؤال الثاني حول ذاكرة القلب وصحة تسجيله للذكريات داخل خلاياه والذي طرح في نهاية مقالة «البيولوجيا النفسية والقلب والمفطور» فسوف نجيب عليه بإذن الله في مقالة مستقلة.
متـــــــــى
الزفاف ياعروس الربيع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)