كانت في الثلاثين من عمرها
بدئت زهرات عمرها بالذبول ..وبدأت أحاسيسها بالذبول يوم بعد يوم
لم تعد تشعر بأحاسيس القصص التي تقرأها يوم بعد يوم
بدأت تتلاشى من مخيلتها إحساس عبلى وجوليت وكليو باترا وغيرهن من النساء اللواتي عشن وماتوا على قصص من الحب أشبه بالاساطير
كانت زهرة أسما على مسمى لكن أبت الاقدار أن تمنحها دفأ يروي برود عواطفها
أصبحت الأيام تتالى عليها كصفحات من كتاب فارغ لا عنوان له
إعتادت زهرتنا أن تتبضع في حانوت يقرب منزلها الحزين
وإعتادت مثل كل مرة على صوت العجوز التي تديره
... أهلا زهرة
.. أهلا جدتي
.. تبدين اليوم أجمل بهذا الثوب يا زهرة
... ههههههههه أنه من والدتي لكني وضعت عليه بعض الرتوش البسيطة فبدا لكي بأنه جديد
اانتظري يا زهرة يبدو أنه زبون لكنه مزعج فالوقت متأخر
... هههههه أنه يسأل عن بعض الدواء قلت له : هل ترى أنها صيدليه
لما لم تدليه على الصيدليه المجاورة قد يكون في وضع يحتاج لها
فخرجت الزهرة تركض لهذا الرجل
... يا سيدي .. ياسيدي
نعم .. هل أساعدك
لا .. بل أنا من أراد مساعدتك إنك تسأل عن صيدلية ؟
نعم سألت
إنها في الزقاق القريب لمنزلنا
... عفوا إني غريب عن هذه البلدة
لحظة سأخذك إليها
.. لا لا إن الجو بارد جدا لا أريد الإزعاج
.. إنها قريبة لمنزلي . والطريق واحد
شكرا على المساعدة ... لا شكر على الرحب
من أين أنت ... أنا من بلدة مجاورة وجئت أعمل بهنتي في بلدتكم
عفوا .. وما تعمل
إني أمتهن التدريس في مدرسة مجاورة
لتبدأ قصة الزهرة
مرت الإيام لكنها سريعة على قلب الزهرة
تعلقت بهذا الرجل الوسيم
.. بدأت الزهرة بإستعادة رونقها
كان اليوم الذي تعيشه أجمل بكثير من الذي قبله
أصبح لها شريان يرويها حب وحنان
صوته
قلمه
عطره
حتى تفاصيل وجهه
أصبحت وكأنها خرائط تمتلك بها حصون الحب وفرسانه
بنيا معا قلعة للحب يصعب على من يحارب بإختراقها
أحلام ... دفئ... قلبان إمتزجا ليكون ذا خفقة واحدة
... لتمر عدة أيام ولم يرن الهاتف الذي باتت نغمته المزعجة كلحن يعزف أحاسيسها
... أين ذهب ؟ ما المشكلة ؟ سافر ؟؟ ماااااااااااذا ؟ أرجوك تكلم ؟؟
وبعد مرور أيام من الدمع والقلق يرن الهاتف
لم تقدر على رفع السماعة بتلك الكفوف الصغيرة والباردة
لتستجمع قواها ... ألو ألو زهرة زهرة
وبصوت مخنوق ومرتجف ؟ من .. أنا الطبيب الذي يعالج سالم .أرجوك إسمعيني أنه بوضع يحتاج أن تكوني إلى جانبه
لم يعد للأمر أن يتحمل السكوت والكتمان سالم سيخضع غدا لعملية ويجب أن تكوني بجانبه فالوضع يحتاجك ويحتاجك أنتي بالذات
قلب الزهرة أصبح أشبه بمعبد صيني تتلى طقوسه على طرق الطبول
.. أين أنت ؟؟؟ أين أأأأأأأنت ...إني في المشفى التي بالمدينة المجاورة
سقطت السماعة لتركض الزهرة مسرعة في لية كاد شتائها أن يسقط أوراق هذه الزهرة
تركض وقطرات الدمع تجمدت من شدة البرد
ولم تعلم ولا أعلم كيف وصلت
... أين هو أرجوك
.. إهدأي أنه في الداخل قد بدئنا بالعملية
سقطت من شدة التعب والتفكير والإرهاق
مرت الدقائق وكأنا سنين لا بل عشرات من السنين
ماذا ؟؟؟؟ هل تركني وأخلف وعده ؟؟؟ ماذا
أرجوك يا الاهي ماذا بعد
ليفتح الباب ... وإذا بطبيبه يأتي
أستند ظهرها للحائط وتسمع طرقات الحذاء
بدت خطواته وكأنها أصوات رعد بليلة كاد رعدها أن يمزق السماء
خطوة تلو الخطوة
.... لتسقط الزهرة ببطئ شديد
خطوة تتلو الخطوة والزمن ما بين الخطوتين قرون على قلب الزهرة
لتغمض عينيها.....
زهرة ... زهرة ... زهرة ...
مبروك لقد نجحت العملية
زهرة .... زهرة .... زهرة
قتلها الإنتظار
ماتت وهي بدمعتين أشبه بقطرات الندا
فمن يا ترى قتل من ؟
قـيـ الشرق ـصـر
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)