Eبسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرأة مخلوق عظيم ولطيف ...
أشبه ما يكون بالملاك الطاهر والفردوس الحالم ...
هي في زمننا الجزيرة الرائعة المفقودة ...
هي ألحان أنشودة ...
هي الحياة ولا معنى للحياة بدون المرأة .
تمهل ... !
أنا لا أقصد بالمرأة تلك الفتاة المراهقة الفاتنة ... !
والتي طالما لوعت مجانينها من شعراء الليل ...
وأسهرتهم الليالي الطوال يرقبون النجوم ويسامرون الأفلاك في مداراتها ... !
كلا ...
ولم أقصد بالمرأة ... تلك الفتاة الجميلة ... بشعرها الأسود المسدول على كتفيها !
أو تلك الحوراء التي تقلب الرجل الحليم حيران ... !
بل أقصد بالمرأة ... تلك الانسانة التي بدا على وجهها الشاحب عناء الكد والكدح ...
أراها من بعيد قادمة يفصل بيني وبينها السراب البعيد ...
ويثقل مشيها أغلال التشرد والعناء ... ويشوه قرع أقدامها رنين القيود !
أتأمل وجهها فأرى الفحم الحجري قد غير لون وجهها الزهري ...
تتحسس الانسانية يدها ليتألم قلب العالم الحر من تشققها وخشونتها ...
تضع الكرامة يدها على صدر المرأة ... فتسمع صوت قلبها يخفق في خوف وذهول ...
ويقول :
أنا المخلوق المظلوم ... !
أنا الملاك المهضوم ... !
أنا الوردة المقتولة ... !
أنا الطفلة الموؤودة ...!
أنا القمر المخسوف ... !
أنا الشمس المكسوفة ... !
أنا لوحة الدموع وأنا دموع اللوحة ... !
أنا الأم ... الأخت ... البنت !
ألا تشعرون ؟!
ألا تحسون ؟!
ألا تسمعون ؟!
ثم نظرت الي بنظرة اليأس القاتلة ، وذهبت تخترق السراب الساخن تتوارى خلف أدخنة المصانع الضخمة
ذهبت تجر ذيول الخيبة والخسران !
ذهبت وهي تلعق جروحها في صمت رهيب !
ذهبت وهي تلعن الرجل ( البرغماتي ) الذي أخرجها من دفء البيت الى صقيع الآلات !
ذهبت وهي تلعن الرجل ( الديوث ) الذي تخلى عن حمايتها ليلقي بها في أحضان الغرباء .
ذهبت وفي نظراتها شرود مذهل وكأن أحزان العالم القديم مصبوبة في عينيها ...
ذهبت المرأة المسكينة لمصنعها ولعملها وهي تغص بحسرتها ... وتتمتم آهاتها ...
آه
آه
هذه هي المرأة الانسانة التي عانت وتعاني جور الحضارات وخسف الجهالات ...
خلقت حواء الرائعة لتكون حبيبة قلب آدم ...
ورافقته حياته وشاركته أحزانه ...
وتحملت معه أخطاءه ... وبكت لبكائه ، وتبسمت لضحكاته ، كانت نعم البيت له في شتاته ، ونعم المؤتمن على سره ، كانت له كل شئ ، وكان لها الطفل المدلل والمطيع .
ودارت دواليب الحياة الى أن خرج الرجل من رجولته وفرد عضلاته على شقيقته وحبيبته ...
قامت حضارة من أعظم الحضارات ، الحضارة اليونانية ...
وأنتجت أعظم أطروحات فلسفية ...
ودخل اليونان التاريخ من أوسع أبوابه حتى اقترنت الفلسفة باليونان
وصارا كوجهين لعملة واحدة ...
في هذه الحضارة العظيمة ... ماهو الدور الذي قامت به المرأة ؟
يقول ( ول . ديورانت ) في كتابه ( حياة اليونان )
( في أوج مدينة اليونان تبذلت المرأة ، واختلطت بالرجال في الأندية والمراقص ، فشاعت الفاحشة ، حتى أصبح الزنى أمرا غير منكر ، وغدت دور البغايا مراكز للسياسة والأدب )
وقال خطيب اليونان ( ديموستين ) :
( اننا نتخد العاهرات للذة ، ونتخد الخليلات للعناية بصحة أجسامنا ، ونتخد الزوجات ليكون لنا الأبناء الشرعيون )
ولما رأى فيلسوف آخر شيوع البلاء والفواحش في مجتمعه قال :
( يجب علينا أن نمحوا وجود المرأة كما محونا اسمها )
مسكينة هي المرأة !
أخرجها الرجل من بيتها ليلهو بها ، ثم حملها وحدها سبب الفساد !
وهكذا أخرجت المرأة من بيتها ، وخرجت هي استجابة لوساوس الرجل .
لم تخرج فيلسوفة ولا قائدة جيش ، بل خرجت تعمل في بيوت الدعارة ومواخير الفسق ...
خرجت لتكون من الكمليات التي يقتنيها الرجل ...
تصب له كأس الخمر ...
ترقص له وتغني بحضوره وأمامه ...
تبكي خلفه تحن لبيتها وتشكوا ظلمه ...
تتمنى عطفه ... ولكن بعد فوات الاوان !
وعقارب الساعة أبدا لا تعود للوراء ... الا بمعجزة .
وهكذا لم تستمر هذه الحضارة وانهارت على يد الرومان والفرسان القادمين من روما العظمى !!!
ومرت المرأة عبر أطوار التاريخ تحمل معها جراحها وتكفكف دمعاتها وتحبس آهاتها كي لا يسمعها الرجل الشيطان !!
وينزلها التاريخ في القرن العشرين ليكمل مسيرة آلامها وليضرب ظهرها بسياط النفاق والازدواجية ...
وليصنع منها أكبر مصيدة عرفها التاريخ ...
لقد صنع منها الغرب أكبر مصيدة رخيصة يروج بها صناعاتها الكاسدة .
ندم التاريخ وبكى من شدة ألم المرأة وحكى . أن الظلم هذه المرة أشد وأنكى ...
أخرجت المرأة ...
لتكون عصرية ...
وعاملة تكسب قوتها من عرق جبينها ، ولتسكن في بيت الخوف وحدها ...
خرجت لتعمل مذيعة في القنوات الفضائية ...
ولكن للأسف ليس كل النساء يستطعن العمل في القنوات ...
اذ يجب عليها أن تكون متكسرة تذوب المشاهد في روعة لهجتها وعباراتها وخديها ...
خرجت المرأة لتروج بصورتها الدعايات ...
أي دعايات ... ؟!
دعاية حرثات ( تركتر ) تسوقه امرأة شبه عارية ...
خرجت المرأة لتكون ( كومبارس ) في الأغنيات الجميلة
والأغنيات الفاشلة ينجحها وجه جميل وخد حسن ... !
خرجت المرأة هذه المرة من منزلها لتدخل وراءها امرأة غريبة مربية ( الخادمة ) ...
ترعى أولادها والمرأة الأم الحنون ترعى المجتمع !!!
يالها من مفارقة عجيبة !
ان المرأة في القرن الواحد والعشرين تواجه ظاهرة خطيرة تسمى ظاهرة النفاق الرجولي ...
الذي يدفعها دفعا للخروج من كيان الأسرة ومن كيان البيت ومن كيان الرجل الزوج لتتمرد على كل ذلك وتقع رهينة الرجل الغريب.
يأمرها بالقوة والجبر أن تحترم عملها وتنضبط له والا هددها بالفصل ...
ثم يأمرها بالثورة على الرجل الأخ والرجل الزوج والرجل الأب .
قالوا لها في بداية التحرر
وراء كل رجل عظيم امرأة
ثم تطور الوضع وتطور الغلو ... فقالوا :
ان القول بأن وراء كل رجل عظيم امرأة هضم لحقوق المرأة بل يجب أن يقول المتحضرون :
بجانب كل رجل عظيم امرأة
قالوا لها أن يجب أن تسوقي السيارة ... فقيادتك للسيارة قمة التحضر والرقي !
ويجب أت تتحرري من الخيام التي تحملينها فوق رقبتك .
ويجب أن تتبعي آخر الصيحات والصرعات لتكوني امرأة عصرية .
ولم يقولوا لها يوما من الأيام :
لكي تكوني امرأة عصرية يجب عليك أن تهتمي بأولادك وتربيتهم
تربية صالحة
يجب عليك أن تحني عليهم ، وترحميهم في زمن الضياع الأخلاقي
أمني خوفهم . احتضني فراخك
الفزعة من الخوف والمستقبل المجهول
لم يقولوا لها يوما :
كيف تدير بيت الزوجية بنجاح .
لم يقولوا لها يوما :
نحن نهتم بك اذا تجاوزت سن الخمسين .
لم ينادوا يوما بحقوق المرأة الأم والمرأة العجوز ... !
للأسف لقد كان كل اهتمامهم بالمرأة بين السابعة عشر والثلاثين .
اليك أيتها المرأة المخلصة المظلومة ...
أم محترمة ، أو أخت مبجلة ، أو زوجة حبيبة غالية ، أو بنت مصانة
مكرمة
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)