وأما الطُرف :
وأما الطُرف : وهي جمع طُرفة ، ونريد بها هنا كل كلام طيب نادر وحديث مستحسن له قصة أو حكاية أو واقعة عجيبة تدل على ذكاء وفطنة صحبها وبطل قصتها ،
وتدخل فيها جميع المناظرات والاحتجاجات التي فيها لطف وقصيرة البحث وعلى عجالة ، وإلا إذا لم تكن قصيرة تبقى مناظرة أو احتجاج وإن كان فيه طرافة ، و مثال الطرف :

1_مر مسرعاً لصلاة الجماعة الشهيد أبو محمد الشاكري (قبل استشهاده) ببعض المؤمنين والذي أيضاً كان في طريقه لصلاة الجماعة ولكن كان يمشي على بطأ وهدوء ، فخاطب أبو محمد الشاكري صاحبه وهو على سرعته بقول الله تعالى : ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ))
الفرقان 63،
فأجابه صاحبه على الفور بقوله تعالى : ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ )) الواقعة 10 ، فتعجب المؤمنون والمارة الذين كانوا برفقتهما من سرعة الجواب المناسب ،
وأقول : حقاً كان من السابقين حيث أستشهد بعد حين .

2_ ركب أحد الخلفاء مع بعض ندمائه يوما في سفينة ، فسأل نديمه قالاً : أي الطعام أشهى عندك وألذ ؟ قال : مخ بيض مسلوق .

فعبر حتى أتفق عودهما بعد سنة إلى نفس مكان السؤال السابق ، فقال الخليفة : مع أي شيء ؟ قال
النديم : مع الملح ، فتعجب من استحضاره .

3_خطب المأمون في بعض الجهات وأخذ يتبختر بها ، فوقعت ذبابة فوق عينيه فطردها ، ثم عادت حتى قطعت عليه خطبته ، فلما فرغ من الصلاة بعث إلى بعض العلماء فسأله : لم خلق الله الذباب ؟
فقال له : ليذل به الجبابرة ! فقال له صدقة .

4_ خرج الرشيد إلى بعض الرساتيق فتظلمت إليه امرأة من فعال جنده ، فقال : أما تقرئين كتاب الله ((إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها )) ؟! فقالت المرأة إنما قرأت (( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا )) .

قال : صدقت فأمر بإخراج العسكر من تلك الناحية .

5_ قال بعض العلماء لنصراني : لو أسلمت ؟ فقال النصراني : ما زلت محباً للإسلام إلا أنه يمنعني حب شرب الخمر !
فقال العالم : لا بأس اسلم وأشربها ، فقبل منه واسلم .
فقيل له بعد أن أسلمت لا يحق لك شرب الخمر :
أن شرب حددناك ، وإن ارتددت قتلناك ، فقبل وحسن إسلامه .


ودمتم بخير