صفحة 1 من 14 12311 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 54

الموضوع: تجارب أمم المجلد الخامس


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    تجارب أمم المجلد الخامس

    [ تتمة العصر العباسي ]

    [ تتمة خلافة المعتضد ]

    الحمد لله واهب العقل
    ودخلت سنة أربع وثمانين ومائتين

    قدوم رسول عمرو بن الليث برأس ابن هرثمة

    وفيها قدم رسول عمرو بن الليث برأس رافع بن هرثمة في المحرّم. فأمر المعتضد برفعه ونصبه في الجانب الشرقيّ، ثم تحويله إلى الجانب الغربيّ إلى الليل، ثم ردّه إلى دار السلطان.
    أمور قام بها المعتضد

    وفي هذه السنة عزم المعتضد على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر، وأمر بإنشاء كتاب يقرأ على الناس.
    فخوّفه عبيد الله بن سليمان ذلك وقال:
    « إنّ العامّة تضطرب. »
    فلم يلتفت إليه.
    فكان أوّل ما ابتدأ به من ذلك أن تقدّم إلى العامّة بلزوم أعمالهم، وترك الاجتماع والعصبيّة والشهادات عند السلطان، وأن لا يسألوا عن شهادة إن كانت عندهم، ومنع القصّاص من الجلوس على الطرقات، وعملت بذلك نسخ قرئت بالجانبين بمدينة السلام وفي الأرباع والمحالّ والأسواق.
    ثم منع يوم الجمعة أهل الجانبين من أهل الحلق والفتيا وغيرهم من القعود في المسجد الجامع، ومنع الباعة من القعود في رحابها، ونودى في المسجد الجامع بنهي الناس عن الاجتماع على قاصّ وغيره، ثم نودى في الجانبين والجامعين بأنّ الذمّة بريئة ممّن اجتمع على مناظرة أو جدل، وأنّ من فعل ذلك أحلّ بنفسه. وتقدّم إلى من يسقى الماء وأمثالهم في الجامعين ألّا يترحّموا على معاوية ولا يذكروه.
    إخراج كتاب اللعن

    ثم تقدّم المعتضد بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه وفيه مثالب معاوية، ولعنه بعد ذلك فأخرج وهو كتاب طويل.
    فحكى أنّ عبيد الله بن سليمان أحضر يوسف بن يعقوب القاضي وأمره أن يعمل الحيلة في إبطال ما عزم عليه المعتضد خوفا من فتنة تقع.
    فمضى القاضي يوسف فكلّم المعتضد وقال:
    « إني أخاف أن تضطرب العامّة عند سماع هذا الكتاب، وتكون لها حركة. » فقال: « إن تحركت العامّة أو نطقت، وضعت سيفي فيها. » فقال: « يا أمير المؤمنين فما تصنع بالطالبيّين الذين هم في كلّ ناحية يخرجون ويميل إليهم خلق كثير ومآثرهم في هذا الكتاب، وإذا سمع الناس هذا كانوا إليهم أميل أو كانوا هم أبسط ألسنة وأثبت حجّة منهم اليوم. ».
    فأمسك عنه المعتضد فلم يردّ عليه جوابا ولم يأمر بعد ذلك في الكتاب بشيء.
    لحوق بكر بمحمد بن زيد العلوي بطبرستان

    وفيها لحق بكر بن عبد العزيز بمحمّد بن زيد العلوي بطبرستان وبدر مقيم بالجبل ينتظر أمر بكر إلى ما ذا يؤول. فورد الخبر بعد زمان أنّه مات بطبرستان.
    وثوب أبي ليلى على شفيع الخادم وقتله

    وورد الخبر من إصبهان بوثوب أبي ليلى الحارث بن عبد العزيز على شفيع الخادم الموكّل به وقتله.
    ذكر الخبر عن ذلك

    كان أخوه عمر أخذه فقيّده وحمله إلى قلعة لأبي دلف بالزّز وحبسه فيها وكلّ ما كان لأبي دلف من مال ومتاع نفيس وجوهر كان في هذه القلعة، وشفيع مولاهم يحفظ القلعة وكلّ ما فيها ومعه جماعة من غلمان عمر وثقاته. فلمّا استأمن عمر إلى السلطان وهرب بكر عاصيا للسلطان بقيت القلعة بما فيها في يد شفيع وأبو ليلى مقيّد مسلّم إليه.
    فكلّمه أبو ليلى في إطلاقه فأبى وقال:
    « لا أخون صاحبي عمر. » فحكت جارية لأبي ليلى في الحبس، أنّه كان معه غلام صغير يخدمه وآخر يخرج في حوائجه ولا يبيت عنده، فأمّا الصغير فيبيت عنده. فقال أبو ليلى لغلامه الذي يدخل ويخرج في حوائجه:
    « احتل لي في مبرد كيف شئت. » ففعل الغلام وأدخله في شيء من طعامه. وكان شفيع يجيء في كلّ ليلة إذا أراد أن ينام إلى البيت الذي فيه أبو ليلى، حتى يراه، ثم يقفل عليه باب البيت هو بنفسه ويمضى فينام وتحت فراشه سيف مسلول. وكان أبو ليلى قد سأل أن تدخل إليه جارية، فأدخلت إليه جارية صغيرة السن.
    فذكر عن دلفاء جارية أبي ليلى عن هذه الجارية الصغيرة أنّها قالت:
    برد أبو ليلى مسمار قيده، حتى كان يخرجه من رجله إذا شاء ويردّه.
    قالت: وجاء شفيع عشيّة من العشايا إلى أبي ليلى فقعد معه يحدّثه، فسأله أبو ليلى أن يشرب معه أقداحا، ففعل. ثم قام الخادم لحاجته، فأمرنى أبو ليلى ففرشت فراشه فجعل عليه ثيابا في موضع الإنسان من الفراش، وصيّره كهيئة الرجل النائم وغطّاه، وأمرنى أن أقعد عند رجل ذلك الشيء المعمول من الثياب كأنّى أغمّزه. وقال:
    « إذا جاء شفيع لينظر إليّ فقولي: هو نائم. ليقفل الباب على عادته، ويظنّ أنّى في الفراش. » ثم خرج أبو ليلى واختفى في موضع فيه متاع في صفّة فيها باب هذا البيت، وجاء شفيع فنظر إلى الفراش وسأل الجارية عن خبر أبي ليلى، فأخبرته أنّه نائم وأقفل الباب. فلمّا نام الخادم ومن معه في الدار التي في القلعة خرج أبو ليلى، فأخذ السيف من تحت فراش شفيع وضربه به حتى برد. ووثب الغلمان الذين كانوا حوله نياما فزعين، فاعتزلهم أبو ليلى والسيف بيده، وقال لهم:
    « أنا أبو ليلى وقد قتلت شفيعا ولئن تقدّم إليّ واحد منكم لأقتلنّه، وأنتم آمنون، فاخرجوا من هذه الدار حتى أكلّمكم بما أريد. » ففتحوا باب القلعة واجتمع كلّ من كان في القلعة فكلّمهم ووعدهم بالإحسان وأخذ عليهم الأيمان. فلمّا أصبح نزل ووجّه إلى الأكراد وأهل الرموم فجمعهم وفرّق فيهم مالا وخرج مخالفا على السلطان.
    ثم مضى إلى إصبهان، فواقعه عيسى النّوشرى، فأصاب أبا ليلى سهم في حلقه فنحره، فسقط إلى الأرض، وانهزم أصحابه فحمل إلى إصبهان.
    ودخلت سنة خمس وثمانين ومائتين

    خروج صالح بن مدرك على الحاج

    وفيها خرج صالح بن مدرك على الحاجّ في جماعة من طيّ بالأجفر في المحرّم. فحاربه الجنّى وكان أمير القافلة فهزمه الأعراب وظفروا بالقافلة فأخذوا جميع ما فيها وأخذوا جماعة من النساء الحرائر. وبلغ قيمة ما أخذوا من الناس ألفي ألف دينار.
    حمل رأس أبي ليلى إلى بغداد

    وحمل رأس أبي ليلى المقتول بإصبهان إلى بغداد، فاستوهبه أخوه عمر من المعتضد، فوهبه له، فدفنه، وخلع على عمر في هذا اليوم.
    ورود الخبر بوفاة ابن عيسى

    وفيها ورد الخبر بوفاة محمّد بن عيسى بن شيخ، وقام ابنه أحمد بن محمّد بن عيسى بما كان في يد أبيه بآمد على سبيل التغلّب. فخرج إليه المعتضد قاصدا لحربه.
    هارون بن خمارويه يوجه رسلا إلى المعتضد

    وفيها وجّه هارون بن خمارويه بن أحمد ومن معه رسلا إلى المعتضد، يلتمسون مقاطعتهم على ما في أيديهم من مصر والشام، ويسألونه إجراء هارون على ما كان يجرى عليه أمر أبيه. فردّ المعتضد رسله مع رسول له بمشافهات وشروط.
    ودخلت سنة ستّ وثمانين ومائتين

    توجيه محمد بن أبي الساج ابنه إلى بغداد رهينة

    وفيها وجّه محمّد بن أبي الساج ابنه المعروف بأبي المسافر إلى بغداد رهينة، بما ضمن له من الطاعة والمناصحة. فقدم في المحرّم منها ومعه هدايا والمعتضد غائب. وكان المعتضد في السنة المتقدمة قد حمل إليه الخلع وكتب الولاية على ما كان تغلّب عليه من بلاد أذربيجان.
    وصول المعتضد إلى آمد

    وفيها وصل المعتضد إلى آمد، فأناخ بجنده عليها وأغلق محمّد بن أحمد بن شيخ أبواب مدينة آمد وعلى من فيها من أشياعه. ففرّق المعتضد جيوشه حولها وحاصرهم وذلك لأيّام بقيت من شهر ربيع الأوّل.
    ثم جرت بينهم حروب، ونصب أهل آمد على سورهم المجانيق، ونصب المعتضد عليها المجانيق وتراموا بها.
    وفي يوم السبت لإحدى عشرة بقيت من جمادى الأولى، توجّه محمّد بن أحمد بن شيخ في هذا اليوم ومن معه من أصحابه وأوليائه، فوصلوا إلى المعتضد فخلع عليه وعلى رؤساء أصحابه وانصرفوا إلى مضرب قد أعدّ لهم، وتحوّل المعتضد من معسكره إلى منازل ابن عيسى بن شيخ ودوره، وكتب بذلك كتابا إلى مدينة السلام.
    ورود كتب هارون بن خمارويه إلى المعتضد

    ووردت كتب هارون بن خمارويه يبذل أعمال قنّسرين والعواصم ويحمل إلى بيت المال بمدينة السلام في كلّ سنة أربعمائة وخمسين ألف دينار، ويسأل أن يحدّد له ولاية مصر والشام، وأن يوجّه المعتضد بخادم من خدمه إليه بذلك. فأجابه إلى ما سأل وتسلّم المعتضد أعمال قنّسرين والعواصم من أصحاب هارون، وارتحل نحو الرقّة، وخلّف ابنه عليّا بآمد مع جيوش ضمّهم إليه، ليضبط الناحية وأعمال قنّسرين والعواصم وديار ربيعة ومضر.
    وكان كاتب عليّ بن المعتضد يومئذ الحسين بن عمرو النصراني، وأمر المعتضد بهدم سور آمد فهدم.
    موافاة هدية من عمرو بن الليث من نيسابور
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وفيها وافت هديّة عمرو بن الليث من نيسابور. فكان مبلغ ما أنفذه أربعة آلاف ألف درهم وعشرين من الدوابّ بالسروج واللجم المغرقة بالجلال المشهرة وكسوة وطيب وبزاة.
    ظهور أبي سعيد الجنابى بالبحرين على مذهب القرامطة

    وفيها ظهر أبو سعيد الجنّابى بالبحرين على مذهب القرامطة فاجتمع إليه القرامطة والأعراب. فقوى أمره وكثر عيثه وأظهر أنّه يريد البصرة. وكتب عامل البصرة إلى المعتضد بذلك، فكتب إليه بعمل سور على البصرة فقدّرت النفقة عليه أربعة عشر ألف دينار، فأمر ببنائه.
    ودخلت سنة سبع وثمانين ومائتين

    غلظة أمر القرامطة

    وفيها غلظ أمر القرامطة بالبحرين وأغاروا على نواحي هجر وقرب بعضهم من نواحي البصرة. وولّى المعتضد العبّاس بن عمرو الغنوي اليمامة والبحرين ومحاربة أبي سعيد الجنّابى والقرامطة وضمّ إليه زهاء ألفى رجل فشخص العبّاس إلى البصرة ومنها إلى البحرين واليمامة.
    أسر عمرو بن الليث الصفار

    وفيها ورد الخبر على المعتضد بأنّ إسماعيل بن أحمد أسر عمرا الصفّار واستباح عسكره.
    ذكر الخبر عن ذلك

    كان عمرو سأل المعتضد أن يولّيه ما وراء النهر، فولّاه ذلك، ووجّه إليه وهو بنيسابور بالخلع واللواء، فخرج عمرو لمحاربة إسماعيل بن أحمد، فكتب إليه إسماعيل:
    « إنّك قد ولّيت دنيا عريضة، وإنّما في يدي ما وراء النهر وأنا في ثغر، فاقنع بما في يدك واتركني بهذا الثغر. » فأبى إجابته، فذكر له أمر نهر بلخ وشدّة عبوره فقال:
    « لو شئت أن أسكره ببدر الأموال وأعبره لفعلت. » فلمّا يئس إسماعيل من انصرافه عنه جمع من معه من الجند والتّنّاء والدهاقين وعبر النهر إلى الجانب الغربي. وجاء عمرو فنزل بلخ وأخذ إسماعيل عليه النواحي فصار كالمحاصر، وندم على ما فعل وطلب المحاجزة، فأبى إسماعيل عليه ذلك. فلم يكن بينهما كثير قتال حتى هزم عمرو فولّى هاربا ومرّ بأجمة في طريقه قيل له: إنّها أقرب. فقّال لعامّة من معه:
    « امضوا في الطريق الواضح. » ومضى في نفر يسير فدخل الأجمة، فوحلت دابّته ولم يكن له في نفسه حيلة. ومضى من معه ولم يلووا عليه، وجاءت أصحاب إسماعيل فأخذوه أسيرا.
    وبلغ المعتضد خبرهما فمدح إسماعيل وذمّ عمرا.
    ورود الخبر بهروب وصيف

    وفيها ورد الخبر على المعتضد بأنّ وصيفا خادم ابن أبي الساج هرب من برذعة ومضى إلى ملطية مراغما لمحمّد بن أبي الساج في أصحابه. وكتب إلى المعتضد يسأله أن يولّيه الثغور ليقوم بها فكتب المعتضد إليه: يأمره أن يصير إليه، فتباطأ، وكان رسله بحضرة المعتضد.
    فذكر أنّ المعتضد أمر بتقرير الرسل ليخبروه عن السبب الذي من أجله فارق وصيف صاحبه ابن أبي الساج وقصد الثغور فأقرّوا بالضرب.
    وذكروا أنّه فارقه على مواطأة بينه وبين صاحبه على أنّه إذا استقرّ في موضعه الذي هو به لحق به صاحبه فصارا جميعا الى مصر وتغلّبا عليها، وشاع ذلك في الناس وتحدّثوا به.
    وفيها ولّى حامد بن العبّاس أعمال فارس الخراج والضياع، وكانت في يد العبّاس بن عمرو الغنوي.
    خروج العباس بن عمرو الغنوي

    وفيها خرج العبّاس بن عمرو الغنوي عن البصرة بمن ضمّ إليه من الجند مع من خفّ معه من مطوّعة البصرة نحو أبي سعيد الجنّابى، فلقيتهم طلائع أبي سعيد، فخلّف العبّاس سواده وسار نحوهم، فلقى أبا سعيد وأصحابه مساء، فتناوشوا ثم حجز الليل بينهم، فانصرف كلّ فريق منهم إلى موضعهم.
    فلمّا كان الليل انصرف من كان مع العبّاس من الأعراب والمطوّعة وأصبح العبّاس، فغادى القرامطة الحرب، فاقتتلوا قتالا شديدا.
    ثم إنّ صاحب ميسرة العبّاس حمل في زهاء مائة من أصحابه على ميمنة أبي سعيد، فوغلوا فيهم فقتل هو وجميع من معه، وحمل الجنّابى وأصحابه على العبّاس فانهزم أصحابه واستأسر العبّاس وأسر من أصحابه زهاء سبعمائة رجل، واحتوى الجنّابى على ما في عسكر العبّاس.
    فلمّا كان الغد من يوم الوقعة أحضر الجنّابى من أسر من أصحاب العبّاس، فقتلهم جميعا ثم أمر بحطب فطرح عليهم وأحرقهم.
    وصار الجنّابى إلى هجر وآمن أهلها وانصرف فلّ العبّاس يريدون البصرة ولم يكن أفلت منهم إلّا القليل بغير أزواد. فخرج إليهم جماعة من البصرة بنحو من أربعمائة راحلة عليها الأطعمة والكسى والماء فخرج عليهم بنو أسد فأخذوا تلك الرواحل بما عليها، وقتلوا جماعة ممّن كان مع تلك الرواحل ممّن أفلت من أصحاب عمرو، فاضطربت البصرة لذلك اضطرابا شديدا وهمّوا بأن ينتقلوا عنها وخافوا هجوم القرامطة عليهم.
    ثم وردت على السلطان خريطة من الأبلّة بموافاة العبّاس بن عمرو في مركب من مراكب البحر، وأنّ أبا سعيد أطلقه خادما له. ثم ورد العبّاس بن عمرو مدينة السلام وصار إلى دار المعتضد بالثريّا.
    فذكر أنّه بقي عند الجنّابى أيّاما بعد الوقعة ثم دعا به فقال:
    « أتحب أن أطلقك؟ » قال: « نعم. » قال: « امض وعرّف الذي وجّه بك ما رأيت. » وحمله على رواحل وضمّ إليه قوما من أصحابه وحمّلهم ما يحتاجون إليه من الزاد والماء وأمر الرجال الذين وجّههم معه أن يردّوه إلى مأمنه فساروا به إلى بعض سواحل البحر فصادف به مركبا فحمله حتى صار إلى الأبلّة فخلع عليه المعتضد وصرفه إلى منزله.
    فتحدّث القاضي أبو الحسين محمّد بن عبد الواحد الهاشمي قال:
    سمعت العبّاس بن عمرو الغنوي يقول: لمّا أسرنى أبو سعيد الجنّابى القرمطي وكسر العسكر الذي كان أنفذه المعتضد لقتاله وجعلت أسيرا في يده، يئست من الحياة. فإني يوما على ذلك إذ جاءني رسوله فأخذ قيودي وغيّر ثيابي وأدخلنى إليه فسلّمت وجلست فقال:
    « أتدرى لم استدعيتك؟ » قلت: « لا. » قال: « أنت رجل عربي ومن المحال أن أستودعك أمانة فتخفرها ولا سيما مع مني عليك بنفسك. » فقلت: « هو كذلك. » قال: « إني فكّرت في قتلك فلم أر فيه طائلا وفي نفسي رسالة إلى المعتضد لا يجوز أن يؤدّيها غيرك فرأيت إطلاقك وتحميلك إيّاها فإن حلفت لي إنّك تؤدّيها سيّرتك إليه. » فحلفت له، فقال:
    « تقول للمعتضد: يا هذا لم تخرق هيبتك وتقتل رجالك وتطمع أعداءك في نفسك بإنفاذ الجيوش إليّ، وإنّما أنا رجل في فلاة لا زرع عندي ولا ضرع، ولا لي بلد وقد رضيت بخشونة العيش والأمن على المهجة والعزّ بأطراف الرماح.
    « وانظر فإني ما اغتصبتك بلدا كان في يدك ولا أزلت سلطانك عن عمل جليل ومع هذا فوالله لو أنفذت إليّ جيشك كلّه ما جاز أن تظفر بي ولا تنالني. لأنّى رجل نشأت في هذا القشف فتعوّدته أنا ورجالي، فلا مشقّة علينا فيه ونحن في أوطاننا مستريحون وأنت تنفذ جيشك من الحموش والثلج والرياحين والندّ ثم يجيئون من مسافة بعيدة وطريق شاقّ وقد قتلهم السفر قبل قتالنا، وإنّما غرضهم أن يبلوا عذرا في قتالنا ومواقعتنا ساعة ثم يهربون. فإن حقفوا مع ما قد لحقهم من وعثاء السفر وشدّة الجهد كان أكبر أعوانى عليهم، فما هو إلّا أن حققت عليهم حتى ينهزموا، « وتقول وأكثر ما يقدرون عليه أن يجيئوا فيستريحوا ثم تكون عدّتهم كثيرة وبصيرتهم قويّة، فحينئذ لا تكون لي بهم قبل فانهزم، فلا يقدر جيشك أن يتبعوني إلّا مسافة قريبة، فما هو [ إلّا ] أن أبعد عشرين فرسخا أو ثلاثين وأجول في الصحراء شهرا أو شهرين، ثم أكبسهم على غرّة حتى أقتل جميعهم. وإن لم يتمّ لي هذا وكانوا متحرزين فما يمكنهم أن يطوفوا حولي وخلفي في البراري ولا يتبعني الطلب في البوادي.
    « ثم لا يحملهم البلد في المقام ولا الزاد إن كانوا كثيرين، فلا بدّ أن ينصرف الجمهور ويبقى الأقلّ فهم قتلى سيوفى أوّل يوم نلتقي فيه. هذا إن سلموا من وباء هذه الناحية ورداءة ماءها وهواءها الذي نشأوا في غيره وضدّه.
    « ففكّر في هذا ونحوه وانظر هل يفيء تعبك وتغريرك بعسكرك وجيشك وإنفاقك الأموال وتجهيزك الرجال وتكلّفك هذه الأخطار بطلبي وأنا مع هذا خالي الذرع منها سليم النفس والأصحاب من جميعها. فأمّا هيبتك فتنخرق، وأمّا الأطراف فتنتقض، وأمّا الملوك من الأعداء فتتجاسر. ثم لا تظفر من بلدي بطائل ولا تصل إلى حال ولا مال. فإن اخترت بعد هذا محاربتى فأقدم على بصيرة وأنفذ من شئت واضطرب كيف أحببت، وإن أمسكت فذاك إليك. » قال: ثم جهّزنى وأنفذ معي عشرة من أصحابه إلى الكوفة، فسرت منها إلى الحضرة ودخلت على المعتضد فتعجّب من سلامتي، وسألنى عن خبري سؤالا حفيّا فقلت:
    « أخبرك يا أمير المؤمنين سرّا. » فتشوّق إليه وخلا بي. فلم أزل أقصّ عليه الخبر وهو يتمعّط غليظا حتى ظننت أنّه سيسير إليه بنفسه وخرجت من بين يديه، فما رأيته بعد ذلك ذكره بحرف.
    ورود الخبر بقتل محمد بن زيد العلوي

    وفيها ورد الخبر على السلطان بأنّ محمّد بن زيد العلوي قتل.
    ذكر مقتله

    ذكر أنّ محمّد بن زيد العلوي لمّا اتصل به أسر إسماعيل بن أحمد عمرو بن الليث، خرج في جيش كثيف نحو خراسان طامعا فيها، ظنّا منه أنّ إسماعيل لا يتجاوز عمله الذي كان يتولّاه وأنّه لا دافع له عن خراسان إذ كان عمرو قد أسر ولا عامل للسلطان بها.
    فلمّا صار إلى جرجان، واستقرّ بها كتب إليه يسأله الرجوع إلى طبرستان وترك جرجان فأبى ذلك محمّد بن زيد فندب إسماعيل له محمّد بن هارون خليفة كان لرافع، وضمّ إليه جيشا كثيفا، فشخص نحو ابن زيد فالتقيا على باب جرجان فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم عسكر محمّد بن هارون.
    ثم رجع محمّد بن بكر وقد انتقضت صفوف العلوي فانهزم عسكر محمّد بن زيد وقتل منهم بشر كثير وأصابت محمّد بن زيد ضربات وأسر ابنه زيد، وحوى محمّد بن هارون عسكره. ثم مات محمّد بن زيد من تلك الضربات وحمل ابنه إلى إسماعيل. ودخل محمّد بن هارون جرجان ثم شخص إلى طبرستان.
    ودخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين

    ذكر حوادث حدثت فيها
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وفيها توفّى محمّد بن أبي الساج فاجتمع غلمانه وجماعة أصحابه فأمّروا عليهم ديوداذ بن محمّد واعتزلهم يوسف بن أبي الساج مخالفا لهم.
    وفيها جيء بعمرو بن الليث. وذكر أنّ إسماعيل بن أحمد خيّره بين المقام عنده وبين توجيهه إلى باب أمير المؤمنين، فاختار توجيهه، فوجّهه وأرسل المعتضد برسول إسماعيل مع رسوله وحمل معه إليه بدنة وتاجا وسيفا من ذهب مركّب على جميع ذلك الجواهر وهدايا وثلاثة آلاف ألف درهم يفرّقها في جيوش خراسان. وقيل كان المال عشرة آلاف ألف وجّه بعض ذلك من بغداد وكتب بباقيه على عمّال الجبل وأمروا أن يدفعوا ذلك إلى الرسل.
    وفيها أوقع يوسف بن أبي الساج وهو في نفر يسير بابن أخيه ديوداذ، فهزم عسكره وبقي ديوداذ في جماعة قليلة فعرض عليه يوسف بن أبي الساج المقام معه فأبى وقال:
    « أمضى إلى باب السلطان. » فجعل يسايره مدّة ويسأله المقام معه، فأبى وأخذ طريق الموصل حتى وافى بغداد.
    ودخلت سنة تسع وثمانين ومائتين

    انتشار القرامطة بسواد الكوفة

    وفيها انتشر القرامطة بسواد الكوفة فوجّه إليهم شبل غلام أحمد بن محمّد الطائي فشخص إليهم فظفر بجماعة منهم وظفر برئيس لهم يعرف بابن أبي القوس فوجّه به وبهم فدعا به المعتضد وساءله ثم أمر به فقلعت أضراسه ثم خلّع مدّت إحدى يديه ببكرة وعلّق في الأخرى صخرة وترك على حاله تلك ثلاثة ساعات ثم قطعت يداه ورجلاه من غد هذا اليوم وضربت عنقه وصلب.
    سياسة المعتضد في الشيخ والمرأة المغصوبة والرجل الغاصب

    ومن سياسة المعتضد التي تستفاد منها تجربة ما حدّث به أبو الحسين محمّد بن عبد الواحد الهاشمي أنّ شيخا من التجار كان له على بعض القوّاد مال جليل، فماطله ثم جحده. قال: فعملت على التظلّم إلى المعتضد لأنّى كنت تحمّلت عليه وتظلّمت إلى عبيد الله بن سليمان فلم ينفعني ذلك فقال لي بعض إخوانى:
    « عليّ أن آخذ المال لك ولا تحتاج إلى الظلامة إلى الخليفة، قم معي الساعة. » قال: فقمت معه فجاء بي إلى خيّاط في سوق الثلاثاء وهو جالس يخيط ويقرأ القرآن في مسجد. فقصّ عليه قصّتى، فقام معنا. فلمّا مشيت تأخّرت وقلت لصديقى:
    « إنّك قد عرّضت هذا الشيخ ونفسك وإيّاى لمكروه عظيم. » قال: « كيف؟ » قلت: « لأنّه قد استخفّ بي مرارا وبجماعة من شفعائي مرارا كثيرة ولم يلتفت إلى مثل فلان وفلان ولا إلى الوزير، وأخاف أن يصفعنا صفعا وجيعا ويطردنا. » فضحك الرجل وقال:
    « لا عليك، امش واسكت. » فجئنا إلى باب القائد فحين رآه غلمانه أعظموه وأرادوا تقبيل يده فمنعهم، وقالوا:
    « ما جاء بك أيّها الشيخ فإنّ صاحبنا راكب؟ » فقال: « أدخل وأجلس إلى أن يحضر. » فبادروا إلى الإذن له وأجلسوه في أرفع موضع. فقويت نفسي وجاء الرجل، فلمّا رأى الخيّاط أعظمه إعظاما شديدا وقال:
    « لا أنزع ثيابي حتى تأمر بأمرك. » فخاطبه في أمري فقال:
    « والله ما عندي إلّا خمسة آلاف درهم. » فسأله أن يأخذها في الوقت ويأخذ رهنا بباقي ماله إلى أن تجيئني غلّتى.
    فبادرت إلى الإجابة فأحضر الدراهم وخرجنا. فلمّا بلغنا موضع الخيّاط طرحت المال بين يديه وقلت:
    « يا شيخ إنّ الله قد ردّ المال عليّ لسعيك وبركتك، فأحبّ أن تأخذ من المال نصفه أو ثلثه حتى تطيب نفسي. » فقال: « ما أسرع ما كافأتنى على الجميل بالقبيح. انصرف بمالك، بارك الله لك فيه. » فقلت: « قد بقيت لي حاجة. »
    قال: « قل. » قلت: « تخبرني عن سبب طاعته لك مع تهاونه بأكثر أهل هذه الدولة؟ » فقال: « يا هذا، قد بلغت مرادك، فلا تقطعني عن شغلي ومعاشي. » تفألححت عليه.
    قال: « أنا رجل أؤمّ وأقرأ في هذا المسجد منذ أربعين سنة، ومعاشي من هذه الخياطة، وكنت منذ دهر قد صلّيت المغرب، وخرجت أريد منزلي، فاجتزت برجل تركيّ كان في هذه الدار وقد تعلّق بامرأة مجتازة وكانت جميلة، وأدخلها إلى داره وهي تستغيث وليس أحد يغيثها. » قال: « فرفقت بالتركيّ وسألته تركها، فضرب رأسى بدبّوس وشجّنى وشتمني، ويئست من المرأة وخلاصها، وصرت إلى المنزل وغسلت الدم وشددت الشجّة واستروحت، وخرجت أصلّى العشاء الآخرة. فلمّا فرغنا قلت لمن حضر: قوموا معي إلى عدوّ الله، هذا التركيّ، لننكر عليه ولا نبرح حتى نخرج المرأة. فقاموا معي وجئنا وصحنا على بابه فخرج إلينا في عدّة من غلمانه، وقصدني من بين الجماعة فضربني ضربا مبرّحا كدت أتلف منه.
    فحملني الجيران إلى منزلي وعالجنى أهلى ونوّمت فلم أنم إلى نصف الليل.
    فقلت في نفسي هذا قد شرب إلى الآن ولا يعرف الأوقات، فلو أذّنت لوقع له أنّه الفجر، فلعلّه يطلق عن المرأة. وكانت المرأة لمّا تعلّق بها قالت: إنّ زوجي قد حلف بطلاقى ألّا أبيت عن منزلي وأعظم ما عليّ أن أطلّق وأبين منه فطمعت أن تلحق المرأة بمنزلها قبل الفجر وتسلم من أحد المكروهين.
    فخرجت متحاملا حتى صعدت المنارة، فأذّنت وجلست أتطلّع منها إلى الطريق أرقب خروج المرأة، فإن خرجت وإلّا أقمت الصلاة لئلا يشكّ في الصبح ويخرجها. فما مضت إلّا ساعة فإذا الشارع قد امتلأ خيلا ورجلا ومشاعل وشموعا وهم يصيحون:
    « من هذا الذي أذّن الساعة، أين هو. » ففزعت وسكتّ ثم قلت أخاطبهم لعلّى أستعين بهم على إخراج المرأة.
    فصحت من المنارة:
    « أنا أذّنت. » فقالوا: « انزل فأجب أمير المؤمنين. » فقلت: قد دنا الفرج، ونزلت فإذا بدر مع الجماعة فحملني وأدخلنى إلى المعتضد. فلمّا رأيته هبته وارتعدت فسكّن مني وقال:
    « ما حملك على أن تغزّ المسلمين بأذانك في غير وقته فيخرج ذوو الحاجة في غير حينها، ويمسك المريد للصوم في وقت قد أتيح له الإفطار، وينقطع العسس عن الطوف والحرس؟ » فقلت: « يؤمنني أمير المؤمنين لأصدق؟ » قال: « أنت آمن. » فقصصت عليه قصّة التركيّ والمرأة وأريته الشجّة وآثار الضرب بي.
    فقال:
    « يا بدر، عليّ بالغلام والمرأة الساعة. » فعزلت في موضع. ومضى بدر وأحضر الغلام والمرأة فسألها المعتضد عن الصورة فأخبرته بمثل ما قلته. فقال لبدر:
    « بادر بها الساعة إلى زوجها مع ثقة من الخدم يدخلها دارها ويشرح لزوجها خبرها ويأمره عني بالتمسك بها والإحسان إليها. » ثم استدعاني فوقّفت، فجعل يخاطب الغلام وأنا قائم أسمع. وكان فيما خطبه به أن قال:
    « كم جرايتك؟ » فقال: « كذا. » قال: « وكم عطاؤك؟ » قال: « كذا. » قال: « أفما كان لك في جواريك وجاريك وفي هذه النعمة الواسعة كفاية عن معصية الله تعالى، وعن خرق هيبة السلطان، حتى استعملت القحة وتجاوزت ذلك إلى الوثوب على من أمرك بالمعروف؟ » فأسقط الغلام في يده ولم يحر جوابا. فقال:
    « هاتوا جوالقا وقيدا وغلّا ومداقّ الجصّ. » فأتى بها كلّها. فأدخله الجوالق وأمر الفرّاشين بدقّه، وأنا أرى ذلك كلّه، وهو يصيح. ثم انقطع صوته ومات. وأمر به فغرّق في دجلة وتقدّم إلى بدر بحمل ما في داره، ووصلني بألف درهم. ثم قال لي:
    « يا شيخ أيّ شيء رأيت من أجناس المنكر ولو على هذا - وأشار بيده إلى بدر - فإن لم يقبل منك، فالعلامة بيننا أن تؤذّن في هذا الوقت، فإني أسمع صوتك وأستدعيك وأفعل مثل هذا بمن لا يقبل منك أو يؤذيك. » قال: فدعوت له وانصرفت.
    وانتشر الخبر في غلمان الدار والحاشية ثم الأولياء والجند والعامّة. فما خاطبت أحدا منهم بعدها في إنصاف لأحد أو كفّ عن القبيح، إلّا طاوعنى - كما رأيت - خوفا من المعتضد وما احتجت أن أؤذن في غير وقت الأذان إلى الآن.
    خلافة المكتفي بالله

    وفيها توفّى المعتضد ليلة الاثنين من ربيع الآخر. وفي صبيحتها أحضر دار السلطان عبد الحميد بن عبد العزيز أبو حازم ويوسف بن يعقوب وأبو عمر محمّد بن يوسف، فتولّى غسل المعتضد محمّد بن يوسف، وتولّى الصلاة عليه يوسف بن يعقوب، وحضر الصلاة عليه الوزير القاسم بن عبيد الله وأبو حازم وأبو عمر والخدم والخاصّة.
    وجلس القاسم بن عبيد الله بن سليمان في دار السلطان، وأذن للناس، فعزّوه بالمعتضد، وهنّأوه بالمكتفى، وتقدّم في تجديد البيعة للمكتفى بالله، ففعلوا.
    وكتب بالخبر إلى المكتفي وكان بالرقّة فتقدّم إلى كاتبه بأخذ البيعة على من في عسكره، ووضع العطاء لهم. ففعل وشخص إلى بغداد فدخلها وكنّى بلسانه القاسم بن عبيد الله وخلع عليه.
    وفي اليوم الثاني من مقدمه هذا هلك عمرو بن الليث الصفّار.
    هلاك عمرو بن الليث الصفار ذكر الخبر عن هلاكه

    وكان المعتضد لمّا امتنع من الكلام عند موته أمر صافيا الحرمي بقتل عمرو بالإشارة والإيماء، ووضع يده على عينه وعلى رقبته، أى: اذبح الأعور. فلم يفعل ذلك صافى لقرب وفاة المعتضد وكره قتله. فلمّا دخل المكتفي سأل القاسم بن عبيد الله عن عمرو:
    « أحيّ هو؟ » قال: « نعم. » فسرّ بحياته وقال:
    « أريد أن أحسن إليه. » وكان عمرو يهدى إلى المكتفي ويبرّه برّا كثيرا فأراد مكافأته. فكره القاسم ذلك، ودسّ إلى عمرو من قتله. وفيها كان مقتل بدر غلام المعتضد.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    مقتل بدر غلام المعتضد

    ذكر السبب في ذلك

    كان سبب ذلك أنّ القاسم بن عبيد الله كان همّ بنقل الخلافة عن ولد المعتضد - وناظر بدرا في ذلك بعد أن استكتمه واستحلفه. فامتنع بدر وقال:
    « ما كنت لأصرفها عن ولد مولاي ووليّ نعمتي. » فلمّا علم القاسم ألّا سبيل له إلى مخالفة بدر - إذ كان بدر صاحب الجيش والمستولى على أمر المعتضد والمطاع في خدمه - اضطغنها على بدر.
    فلمّا حدث بالمعتضد حدث الموت، كان بدر بفارس لأنّه أخرج إلى محاربة طاهر بن محمّد بن عمرو بن الليث، وكان طاهر قد تغلّب على فارس فعقد القاسم للمكتفى عقد الخلافة وبايع له وهو بالرقّة، لما كان بين المكتفي وبين بدر من التباعد والتباغض في حياة والده.
    فقدم المكتفي، وبدر بعد بفارس. فلمّا قدم عمل القاسم في هلاك بدر حذرا على نفسه أن يطلع بدر المكتفي إذا قدم على ما كان همّ به القاسم.
    فوجّه المكتفي جماعة من القواد برسائل وكتب إلى القوّاد الذين مع بدر يأمرهم أن يفارقوا بدرا ويصيروا إلى حضرته وذلك في السرّ من بدر.
    فأوصلت الكتب إليهم. ثم وجّه إليه بياسر خادم الموفّق ومعه عشرة آلاف ألف ليفرّقها في عطاء أصحابه للبيعة للمكتفى، فخرج بها ياسر. فلمّا كان بالأهواز وجّه إليه بدر من قبض المال منه، فرجع ياسر إلى بغداد.
    ولمّا وصلت الكتب إلى القوّاد من المكتفي فارق بدرا جماعة منهم وانصرفوا عنه إلى مدينة السلام. فلمّا دخلوا بغداد وصلوا إلى المكتفي وخلع على نيّف وثمانين رجلا وأجاز جماعة من رؤساءهم كلّ واحد بمائة ألف، وأجاز قوما بدون ذلك، وخلع على بعضهم ولم يجزه بشيء. وانصرف بدر قاصدا واسط، واتّصل الخبر بالمكتفى بإقبال بدر. فوكّل بدار بدر وقبض على جماعة من أصحابه وقوّاده فحبسوا مثل نحرير الكبير وعريب الجبلي وغيرهما، وأمر بمحو اسم بدر من الأعلام والتراس، وكان عليها أبو النجم مولى المعتضد بالله.
    ودعا المكتفي القوّاد وقال لهم:
    « لست أؤمّر عليكم أحدا، فمن كانت له حاجة فليلق الوزير، فقد تقدّمت إليه في قضاء حوائجكم. » وكتب بدر إلى المكتفي كتابا على يد الرنداق وحمله على الجمّازات.
    فلمّا وصل إلى المكتفي قبض عليه ووكّل به وأشخص جيشا إلى واسط وقيل: إنّه قدّمهم مقدمة له.
    وكان المكتفي أرسل إلى بدر حين فصل من أرض فارس فعرض عليه ولاية أيّ النواحي شاء إن أحبّ إصبهان أو الريّ أو الجبل، ويأمره بالمصير إلى أيّ موضع أحبّ من هذه النواحي مع من أحبّ من الفرسان والرجّالة، فيقيم بها واليا عليها معهم. فأبى بدر وقال:
    « لا بدّ لي من المصير إلى باب مولاي. » فوجد القاسم مساغا للقول فيه وقال للمكتفى:
    « قد عرضنا عليه الولايات، فأبى إلّا المجيء. » ثم خوّفه غائلته وحرّض المكتفي على محاربته وقال:
    « قد أظهر العصيان واتصل ببدر أنّه قد وكّل بداره وحبس غلمانه. » « فأيقن بالشرّ فوجّه من تحتال في تخليص ابنه هلال وحدره إليه.
    فوقف القاسم بن عبيد الله على ذلك، فأمر بالتحفّظ به، ودعا أبا خازم القاضي على الشرقيّة، وأمره بالمصير إلى بدر ولقاءه وتطييب نفسه وإعطاءه الأمان من أمير المؤمنين على نفسه وماله وولده. فقال أبو خازم:
    « أحتاج إلى سماع ذلك من أمير المؤمنين حتى أؤدّيه عنه. » فقال له: « انصرف حتى أستأذن في ذلك أمير المؤمنين. »
    ثم دعا بأبي عمر محمّد بن يوسف وأمره بمثل الذي أمر به أبا خازم.
    فسارع إلى إجابته. ودفع القاسم إلى أبي عمر كتاب أمان عن المكتفي، فمضى به نحو بدر. فلمّا فصل بدر عن واسط ارفضّ عنه أصحابه وأكثر غلمانه وصاروا إلى المكتفي في الأمان.
    وخرج المكتفي إلى مضربه بنهر ديالى ومعه جميع جيوشه فعسكر هناك ولقي أبو عمر محمّد بن يوسف بدرا بالقرب من واسط. فدفع إليه الأمان وخبّره عن المكتفي ثم ما قال له القاسم وصاعد معه في حرّاقة بدر، واستقرّ الأمر بين بدر وبين أبي عمر على أن يدخل بغداد سامعا مطيعا. وعبر بدر دجلة وصار إلى النعمانيّة وأمر أصحابه وغلمانه الذين بقوا معه أن ينزعوا سلاحهم ولا يحاربوا أحدا وأعلمهم ما ورد عليه به أبو عمر من الأمان. فبينا هو يسير إذ وافاه محمّد بن إسحاق بن كنداجيق في شذاءة ومعه جماعة من الغلمان فتحوّل إلى الحرّاقة وسأله بدر عن الخبر فطيّب بنفسه وقال قولا جميلا وهم في ذلك يؤمّرونه وكان القاسم وصّاه وقال له:
    « إذا اجتمعت مع بدر في موضع واحد فأعلمني. » فوجّه إلى القاسم فأعلمه. فدعا القاسم لؤلؤا أحد غلمان السلطان النجباء، فقال له:
    « قد ندبتك لأمر ».
    فقال له:
    « سمعا وطاعة. »
    قال له:
    « امض فتسلّم بدرا من ابن كنداجيق وجئني برأسه. » فمضى في طيّار حتى استقبل بدرا ومن معه بناحية سيب بنى كوما.
    فتحوّل من الطيّار إلى الحرّاقة وقال لبدر:
    « قم. » قال: « وما الخبر؟ » قال: « إنّه لا بأس عليك. » فحوّله إلى طيّاره ومضى به إلى جزيرة، ونحّى الناس ودعا بسيف فاستلّه.
    فلمّا أيقن بدر بالقتل سأله أن يمهله حتى يصلّى ركعتين. فأمهله فصلّاهما، ثم قدّمه فضرب عنقه وذلك يوم الجمعة قبل الزوال لستّ خلون من شهر رمضان. ثم أخذ رأسه ورجع إلى طيّاره وترك جثّته هناك فبقيت أيّاما ثم وجّه عياله من أخذ جثّته سرّا فجعلوها في تابوت وحملوها أيّام الموسم إلى مكّة فدفنوها بها، وكان أوصى بذلك. وأعتق قبل أن يقتل مماليكه كلّهم وتسلّم السلطان ضياع بدر ودوره ومستغلاته.
    وورد الخبر على المكتفي بقتل بدر لتسع خلون من شهر رمضان، فرحل منصرفا إلى مدينة السلام، وجيء برأس بدر، فأمر به فنظّف ووضع في خزانة الرؤوس. ورجع أبو عمر القاضي إلى داره حزينا كئيبا. فتكلّم الناس فيه، وقالوا أشعارا كثيرة. فممّا قيل فيه:
    قل لقاضى مدينة المنصور ** بم أحللت أخذ رأس الأمير
    بعد إعطاءه المواثيق والعهد ** وعقد الأمان في منشور
    أين أيمانك الّتى شهد الله ** على أنّها يمين فجور
    يا قليل الحياء يا أكذب الأم ** مة يا شاهدا شهادة زور
    ليس هذا فعل القضاة ولا يحسن أمثاله ولاة الجسور
    في أبيات كثيرة. وفيها ظهر بالشام رجل جمع جموعا كثيرة من الأعراب وغيرهم، فأتى بهم دمشق وبها طغج بن جفّ من قبل هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون فكانت بينه وبين طغج وقعات وقتل بينهما خلق كثير.
    ذكر خبر القرامطة ومبدأ أمرهم ومآله

    كان زكرويه بن مهرويه داعية لقرمط. فلمّا تتابعت من المعتضد توجيه الجيوش إلى سواد الكوفة وألحّ في طلب القرامطة وأثخن فيهم القتل ورأى أنّه لا مدفع عن أنفسهم عند أهل السواد ولا غناء سعى في استغواء من قرب من الكوفة من أعراب أسد وطيّ وتميم وغيرهم ودعاهم إلى رأيه وزعم أنّ من بسواد الكوفة من القرامطة يطابقونهم على أمره إن استجابوا له، فلم يستجيبوا له.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 1 من 14 12311 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الرابع
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 99
      آخر مشاركة: 06-15-2010, 01:21 AM
    2. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    3. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    4. سير أعلام النبلاء الخامس
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 229
      آخر مشاركة: 06-04-2010, 02:34 AM
    5. باب الحارة الجزء الخامس
      بواسطة En.muhammed manla في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 03-09-2010, 12:41 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1