يقع كراج دمشق أو ما يسمى مركز انطلاق البولمان في منطقة حرستا ، الكراج الذي ما إن وقعت عينك عليه سترى فيه ما يعيب حركة السياحة في بلدنا ، فالكراج صغير جداً نسبة إلى عدد المسافرين يومياً ، و عدد البولمانات المنطلقة و القادمة من و إلى المحافظات ، و المكاتب التي فاق عددها عدد الركاب .

الكراج الذي أصبح قديماً مهترءً تصدعت جدرانه البالية ، قد ترى فيه مكبات للقمامة دون أي عناء في كل زاوية من زواياه ، هذا إن دل فسيدل على واقع الخدمات التعيس و الضعيف و عدم الاهتمام و اللامبالاة بنظافة المركز و أموره الخدمية .


و من الإشكاليات المعيبة لحركة الكراج وجود ما يسمى الوشيش في كل مكتب تقريباً من مكاتب شركات البولمانيدعوهم البعض بهذا الاسم . و منهم من يدعوهم بالحويصة أو الحساسين . و هناك من أطلق عليهم لقب العتالين لأنهم كانوا يختبئون وراء هذه المهنة في محاولة لكسب الزبائن عن طريقها .

أما الوشيش فهو شخص تقوم شركة البولمان بتوظيفه للعمل خارج المكتب و داخله لكسب الزبائن و إقناعهم للسفر على متن بولماناتهم مقابل مبلغ مادي " كومسيون " .

فقد يصيح بهم بعبارات مختلفة مثل (حلب ماشي حلب فوري ) بصوت عالي جداً، و في بعض الأحيان يقف أمام المدخل الرئيسي للكراج فيتعرض للزبائن بطريقة غير حضارية و قد تصل به الأمور إلى شد الزبون من يده و التشاجر عليه مع وشيش آخر .

فهو إذاً يشوه صورة السياحة و يعرقلها بدون حياء، و يضطر في كثير من الأحيان لاستعمال الكذب و الخداع مع المسافرين ليقبلوا السفر معهم ، فمن صفاته الذكاء – الحركة و النشاط – الإقناع .

تعد هذه الطرق غير شرعية أو قانونية في عرف السفر و الكراجات ، لكن أصحاب الشركات قد لا يستغنون عن " الوشيش " لأنه محرك العمل الرئيسي في الشركة ، و قد يصل بهم الحد لأن يدفعوا لهم أكثر من 25 % مقابل كل راكب .

بالنسبة لمخفر شرطة الكراج فهم يمنعون عمل الوشيش و يحاربونه .



يقول شرطي في ذلك : نحن نعمل على منع وجود الوشيش في حرم الكراج ، و بدورنا ننبه الشركات بين الحين و الآخر ، فكم من مرة ألقينا فيها القبض على الوشيشن و أودعناهم السجن لأكثر من شهر.

زياد. ف وشيش قديم لاحظنا عليه همته العالية و نشاطه في الكراج يعمل لدى إحدى الشركات التقيناه و بادرنا بسؤاله بعض من الأسئلة .

منذ متى و أنت تعمل وشيشاً ؟

منذ 6 سنوات

و لماذا هذا العمل بالتحديد ؟

لست دارساً أو من بيده حرفة يمتهنها ..فوجدت نفسي في الكراج بين ليلة و ضحاها ، أتنفل من مسافر لآخر و الحمد لله فأنا أكسب منها ما يعيلني و عائلتي

و ما هي المهارات التي يجب أن تتواجد في شخص الوشيش ؟


يجب أن يكون خفيف الحركة لسرعة التنقل من شخص لآخر ذو صوت عالي ينده بالناس ، و أن يكون سليط اللسان مقنعاً ، و الأهم من كل ذلك أن يكون متيقظاً لرجال الشرطة ، فهم يلاحقوننا على الدوام فما بيننا و بينهم كما القطة و الفأر ، فقد وصل لحد أن يراقبوننا حتى بالكاميرات ، يعتبرون عملنا غير قانوني و مخل بالسياحة .



و هل قبض عليك أثناء عملك ؟


قبض علي 4 مرات و في كل مرة كنت آخذ نصيبي في السجن شهراً كاملاً .


إذن هي مهنة متاعب فكم تقبضون مقابل هذه المهنة التي تضحون بأنفسكم لأجلها ؟


هي كذلك ... نقبض حسب المجهود الذي نبذله و حسب المسافرين الذين يسافرون عن طريقك ، فالمسافر من دمشق إلى القامشلي مثلاً تكون نسبتي من 50 إلى 100 ل.س ، و من دمشق إلى حمص 25 ل.س و هكذا ، أما في أيام الأعياد فلا نرضى بأقل من 7 آلاف ل.س في اليوم .


زياد كمثله من زملاءه الوشيشن دفعتهم الحاجة للعمل في هذه المهنة , و لا ندري إن كان هذا السبب كافياً لتشويه السياحة و عرقلته في بلدنا الحبيب , فهم يمارسون عملهم بطريقة تكون أبعد ما تكون عن الرقي و الحضارة ، فما أبشع أن ترى إثنين منهما يتشاجران علانية شادين يدي مسافر لكسب بعض الليرات .


إزعاج للمواطن و عكس صورة سيئة عن البلد هو ما يميز هذا الشخص .


قد تكون الشرطة تقوم بواجبها تجاههم على أتم وجه ، و قد يقول قائل أنه باب رزق فلم سده ؟

لا ضير في ذلك إن كان ضمن ضوابط معينة و بطرق أكثر حضارية .










ريبوار بوسكي - شوالأخبار - دمشق