قال: فأقام الرجل حيناً متوارياً ثم إنه ظهر بمدينة السلام فكان ظاهراً كغائب خائفاً مترقباً. فبينا هو يمشي في بعض نواحيها إذ بصر به رجل من أهل الكوفة فعرفه فأهوى إلى مجامع ثوبه وقال: هذا بغية أمير المؤمنين فأمكن الرجل من قياده ونظر إلى الموت أمامه. فبينما هو على الحالة إذ سمع وقع الحوافر من وراء ظهره فالتفت فإذا معن بن زائدة فقال: يا أبا الوليد أجرني أجارك الله فوقف وقال للرجل الذي تعلق به: ما شأنك قال: بغية أمير المؤمنين الذي أهدر دمه وأعطى لمن دل عليه مائة ألف. فقال: يا غلام انزل عن دابتك واحمل أخانا. فصاح الرجل: يا معشر الناس يحال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين! قال له معن: اذهب فأخبره أنه عندي. فانطلق إلى باب أمير المؤمنين فأخبر الحاجب فدخل إلى المهدي فأخبره فأمر بحبس الرجل ووجه إلى معن من يحضر به. فأتته رسل أمير المؤمنين وقد لبس ثيابه وقربت إليه دابته فدعا أهل بيته ومواليه فقال: لا يخلصن إلى هذا الرجل وفيكم عين تطرف. ثم ركب ودخل حتى سلم على المهدي فلم يرد عليه. فقال: يا معن أتجير علي قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ونعم أيضاً! واشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين قتلت في طاعتكم باليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفاً ولي أيام كثيرة قد تقدم فيها بلائي وحسن غنائي فما رأيتموني أهلاً أن تهبوا لي رجلاً واحداً استجار بي فأطرق المهدي طويلاً ثم رفع رأسه وقد سري عنه فقال: قد أجرنا من أجرت. قال معن: فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله فيكون قد أحياه وأغناه فعل. قال: قد أمرنا له بخمسين ألف. قال: يا أمير المؤمنين إن صلات الخلفاء تكون على قدر جنايات الرعية وإن ذنب الرجل عظيم فأجزل له الصلة. قال: قد أمرنا له بمائة ألف. قال: فتعجلها يا أمير المؤمنين فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها. فدعا لأمير المؤمنين بأفضل دعاء ثم انصرف ولحقه المال. فدعا الرجل فقال له: خذ صلتك والحق بأهلك وإياك ومخالفة خلفاء الله تعالى. قال عمرو بن معد يكرب: الفزعات ثلاث: فمن فزعته في رجليه فذلك الذي لا تقله رجلاه ومن كانت فزعته في رأسه فذلك الذي يفر عن أبويه ومن كانت فزعته في قلبه فذلك الذي يقاتل. وقال الأحنف بن قيس: أسرع إلى الفتنة أقلهم حياء من الفرار. وقامت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: إن لله خلقاً قلوبهم كقلوب الطير كلما خفقت الريح خفقت معها فأف للجبناء! أف للجبناء! وقال الشاعر: يفر الجبان عن أبيه وأمه ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه ويرزق معروف الجواد عدوه ويحرم معروف البخيل أقاربه وقال خالد بن الوليد عند موته. لقد لقيت كذا وكذا زحفاً وما في جسمي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية ثم هأنذا أموت حتف أنفى كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء. ومن أشعار الفرارين الذين حسنوا فيها الفرار على قبحه حتى حسن قول الفرار السلمي: وكتيبة لبستها بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي هل ينفعنى أن تقول نساؤهم وقتلت دون رجالها: لا تبعد وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ما اعتذر أحد من الفرارين بأحسن مما اعتذر به الحارث بن هشام حيث يقول: الله يعلم ما تركت قتالهم حتى رموا مهري بأشقر مزبد وعلمت أني إن أقاتل واحداً أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي فصدفت عنهم والأحبة فيهم طمعاً لهم بعقاب يوم مرصد وهذا الذي سمعه رتبيل فقال: يا معشر العرب حسنتم كل شيء فحسن حتى الفرار. وبعد هذا يأتي قول حسان في ذلك. وأسلم الحارث يوم فتح مكة وحسن إسلامه وخرج في زمن عمر إلى الشام من مكة بأهله وماله مجاهداً فأتبعه أهل مكة يبكون فرق وبكى وقال: أما لو كنا نستبدل داراً بدارنا أو جاراً بجارنا ما رأينا بكم بدلا ولكنها النقلة إلى الله. فلم يزل هنالك مجاهداً حتى مات. وقال آخر: قامت تشجعني هند وقد علمت أن الشجاعة مقرون بها العطب لا والذي منع الأبصار رؤيته ما يشتهي الموت عندي من له أدب ولست منهم ولا أبغي فعالهم لا القتل يعجبني منهم ولا السلب وقال محمود الوراق: أيها الفارس المشيح المغير إن قلبي من السلاح يطير ليس لي قوة على رهج الخيل إذا ثور الغبار مثير واستدارت رحى الحروب بقوم فقتيل وهارب وأسير حيث لا ينطق الجبان من الذعر ويعلو الصياح والتكبير أنا في مثل ذا وهذا بليد ولبيب في غيره بحرير وقال أيمن بن خريم: إن للفتنة ميطاً بيناً فرويد الميط منها يعتدل فإذا كان عطاء فأتهم وإذا كان قتال فاعتزل إنما يوقدها جهالها حطب النار فدعها تشتعل ومما يحتج به الفرارون ما قاله صاحب كليلة ودمنة: إن الحازم يكره القتال ما وجد بداً منه لأن النفقة فيه من النفس والنفقة في غيره من المال. ومن الفرارين: عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فر من الأزارقة وكان في عشرة آلاف وكان قد بعث إليه المهلب: يا بن أخي خندق على نفسك وعلى أصحابك فإني عالم بأمر الخوارج ولا تغتر. فبعث إليه: أنا أعلم بهم منك وهم أهون علي من ضربة الجمل. فبيته قطري صاحب الأزارقة فقتل من أصحابه خمسمائة وفر لا يلو على أحد. فقال فيه الشاعر: تركت ولداننا تدمى نحورهم وجئت منهزماً يا ضرطة الجمل ومن الفرارين: أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. فر يوم مرداء هجر من أبي فديك. فسار من البحرين إلى البصرة في ثلاثة أيام فجلس يوماً بالبصرة فقال: سرت على فرسي المهرجان من البحرين إلى
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
البصرة في ثلاثة أيام. فقال له بعض جلسائه: أصلح الله الأمير فلو ركبت النيروز لسرت إليها في يوم واحد. فلما دخل عليه أهل البصرة لم يروا كيف يكلمونه ولا ما يلقونه من القول أيهنئونه أم يعزونه حتى دخل عليه عبد الله بن الأهتم فاستشرف الناس له وقالوا: ما عسى أن يقال للمنهزم فسلم ثم قال: مرحباً بالصابر المخذول الذي خذله قومه الحمد لله الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك علينا فقد تعرضت للشهادة جهدك ولكن علم الله تعالى حاجة أهل الإسلام إليك فأبقاك لهم بخذلان من معك لك. فقال أمية بن عبد الله: ما وجدت أحداً أخبرني عن نفسي غيرك. إذا صوت العصفور طار فؤاده وليث حديد الناب عند الثرائد أتي الحجاج بدواب أمية قد وسم على أفخاذها عدة فأمر الحجاج أن يكتب تحت ذلك: للفرار. وقال أبو دلامة: كنت مع مروان أيام الضحاك الحروري فخرج فارس منهم فدعا إلى البراز فخرج إليه رجل فقتله ثم ثان فقتله ثم ثالث فقتله فانقبض الناس عنه وجعل يدنو ويهدر كالفحل المغتلم. فقال مروان: من يخرج إليه وله عشرة آلاف قال: فلما سمعت عشرة آلاف هانت علي الدنيا وسخوت بنفسي في سبيل عشرة آلاف وبرزت إليه فإذا عليه فرو قد أصابه المطر فارمعل ثم أصابته الشمس فاقفعل وله عينان تتقدان كأنهما جمرتان. فلما رآني فهم الذي أخرجني فأقبل نحوي وهو يرتجز ويقول: وخارج أخرجه حب الطمع فر من الموت وفي الموت وقع " من كان ينوي أهله فلا رجع " فلما رأيته قنعت رأسي ووليت هارباً ومروان يقول: من هذا الفاضح لا يفتكم فدخلت في غمار الناس. وقيل لأعرابي: ألا تغزو العدو قال: وكيف يكونون لي عدواً وما أعرفهم ولا يعرفوني وقيل لآخر: ألا تغزو العدو قال: والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أخب إليه راكضاً. ومما قيل في الفرارين والجبناء من الشعر قول حسان بن ثابت يعير الحارث بن هشام بفراره يوم بدر وقد تقدم ذكر ذلك: إن كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجى الحارث هشام ترك الأحبة لم يقاتل دونهم ونجا برأس طمرة ولجام ملأت به الفرجين فارمدت به وثوى أحبته بشر مقام وقال بعض العراقيين في رجل أكول جبان: إذا صوت العصفور طار فؤاده وليث حديد الناب عند الثرائد وقال فيه: ضعيف القلب رعديد عظيم الخلق والمنظر رأى في النوم عصفوراً فوارى نفسه أشهر وقال آخر: لو جرت خيل نكوصاً لجرت خيل ذفافه وقال آخر: خرجنا نريد مغاراً لنا وفينا زياد أبو صعصعة فستة رهط به خمسة وخمسة رهط به أربعة ولم يقل أحد في وصف الجبن والفرار مثل قول الطرماح في بني تميم: تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا ولو سلكت طرق المكارم ضلت ولو أن برغوثاً على ظهر قملة رأته تميم يوم زحف لولت ولو جمعت يوماً تميم جموعها على ذرة معقولة لاشمعلت وليس يعاب الشجاع والبهمة البطل بالفرة الواحدة تكون منه خاصة لا عامة وقليلة لا عادة كما قال زفر بن الحارث وفر يوم مرج راهط عن أبيه وأخيه فقال: أيذهب يوم واحد إن أسأته بصالح أيامي وحسن بلائيا ولم تر مني زلة قبل هذه فراري وتركي صاحبي ورائيا وفر عمر بن معد يكرب من عباس بن مرداس السلمي وأسر أخته ريحانة. وفيها يقول عمرو: أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع وفر عن بني عبس وفيهم زهير بن جذيمة العبسي وولده شأس بن زهير وقيس بن زهير أجاعلة أم الثوير خزاية علي فراري إذ لقيت بني عبس لقيت أبا شأس وشأساً ومالكاً وقيساً فجاشت من لقائهم نفسي لقونا فضموا جانبينا بصادق من الطعن مثل النار في الحطب اليبس ولما دخلنا تحت فيء رماحهم خبطت بكفي أطلب الأرض باللمس وليس يعاب المرء من جبن يومه إذا عرفت منه الشجاعة بالأمس وقال أيضاً: ولقد أجمع رجلي بها حذر الموت وإني لفرور ولقد أعطفها كارهة حين للنفس من الموت هرير كل ما ذلك مني خلق وبكل أنا في الروع جدير وابن صبح سادراً يوعدني ما له في الناس ما عشت مجير وقال الحارث لامرأته وذلك أنها نظرت إليه وهو يحد حربة يوم فتح مكة فقالت له: ما تصنع بهذه قال: أعددتها لمحمد وأصحابه. فقالت: ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء! قال: والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم قم أنشأ يقول: فلما لقيهم خالد بن الوليد يوم الخندمة انهزم الرجل فلامته امرأته فقال: إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ فر صفوان وفر عكرمة وأبو يزيد قائم كالموتمة ولحقتنا بالسيوف المسلمة يفلقن كل ساعد وجمجمة ضرباً فلا تسمع إلا غمغمة لهم نهيت خلفنا وهمهمة لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة وكان أسلم بن زرعة وجهه عبيد الله بن زياد لحرب أبي بلال الخارجي في ألفين وأبو بلال في أربعين رجلاً فشدوا عليه شدة رجل واحد فانهزم هو وأصحابه فما دخل على ابن زياد عنفه في ذلك وقال: أتمضي في ألفين وتنهزم. عن أربعين! فخرج عنه وهو يقول لأن يذمني ابن زياد حياً خير من أن يمدحني ميتاً. وفي رواية أخرى: أن يشتمني الأمير وأنا حي أحب إلي من أن يدعو لي وأنا ميت. فقال شاعر الخوارج: أألفا مؤمن لستم كذاكم ولكن الخوارج مؤمنونا هم الفئة القليلة قد علمتم على الفئة الكثيرة ينصرونا ومثل ذلك قول عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي وكان فر يوم الحرة من جيش مسلم بن أنا الذي فررت يوم الحرة والشيخ لا يفر إلا مرة فاليوم أجزى فرة بكره لا بأس بالكرة بعد الفره فلم يزل يقاتل حتى قتل. وأحسن ما قيل في الفرار كله ما قال قيس بن الخطيم: إذا ما فررنا كان أسوا فرارنا صدود الخدود وازورار المناكب أجالدهم يوم الحديقة حاسراً كأن يدي بالسيف مخراق لاعب وقر عتيبة بن الحارث بن شهاب يوم ثبرة عن ابنه حزوة وقال: يا حسرتا لقد لقيت حسرة يالتميم غشيتني غمره نعم الفتى غادرته بثبرة نجيت نفسي وتركت حزرة هل يترك الحر الكريم بكره وفر أبو خراش الهذلي من فائد وأصحابه ورصدوه بعرفات فقال: رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع فقلت -
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
وأنكرت الوجوه - هم هم وقلت وقد جاوزت أصحاب فائد أأعجزت أولى الخيل أم أنا أحلم وفر خبيب بن عوف يوم مرداء هجر من أبي فديك فقال: بذلت لهم يا قوم حولي وقوتي ونصحي وما ضمت يداي من التبر فلما تناهى الأمر بي من عدوكم إلى مهجتي وليت أعداءكم ظهري وطرت ولم أحفل ملامة عاجز يقيم لأطراف الردينية السمر فلو كان لي روحان عرضت واحداً لكل رديني وأبيض ذي أثر رجع بنا القول إلى الفرارين والجبناء وما قيل فيهم. فر خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن مصعب بن الزبير يوم الجفرة بالبصرة فقال فيه الفرزدق: وكل بني السوداء قد فر فرة فلم يبق إلا فرة في است خالد فضحتم أمير المؤمنين وأنتم تمرون سودانا غلاظ السواعد وقيل لرجل جبان في بعض الوقائع: تقدم. فأنشأ يقول: وقالوا تقدم قلت لست بفاعل أخاف على فخارتي أن تحطما فلو كان لي رأسان أتلفت واحداً ولكنه رأس إذا راح أعقما ولو كان مبتاعاً لدى السوق مثله فعلت ولم أحفل بأن أتقدما وقالت هند بنت النعمان بن بشير لزوجها روح بن زنباع الجذامي: عجباً منك! كيف سودك قومك وأنت جبان غيور قال: أما الجبن فإن لي نفساً واحدة فأنا أحوطها وأما الغيرة فما أحق بها من كانت له امرأة حمقاء مثلك مخافة أن تأتيه بولد من غيره فترمي به في حجره. وقال كعب بن زهير: بخلاً علينا وجبناً من عدوكم لبئست الخلتان: البخل والجبن فضائل الخيل قال النبي (ص) في صفة الخيل: أعرفها أدفاؤها وأذنابها مذابها والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة. وقال النبي (ص): عليكم بإناث الخيل فإن بطونها كنز وظهورها حرز وأصحابها معانون عليها. وسأل رجل النبي (ص) فقال: إني أريد أن اشتري فرساً أعده في سبيل الله. فقال له: اشتره أدهم أو كميتاً أقرح أرثم أو محجلاً مطلق اليمين فإنها ميامن الخيل. وقيل لبعض الحكماء: أي الأموال أشرف قال فرس يتبعها فرس في بطنها فرس.
صفة جياد الخيل
كان رسول الله (ص) يستحب من الخيل الشقر. وقال: لو جمعت خيل العرب في صعيد واحد ما سبقها إلا أشقر. وسأله رجل: أي المال خير قال: سكة مأبورة ومهرة مأمورة. وكان عليه الصلاة والسلام يكره الشكال في الخيل. ووصف أعرابي فرساً فقال: إذا تركته نعس وإذا حركته طار. وأرسل مسلم بن عمرو لابن عم له بالشام يشتري له خيلاً. فقال له: لا علم لي بالخيل. فقال: ألست صاحب قنص قال: بلى. قال: انظر كل شيء تستحسنه في الكلب في الفرس. فأتى بخيل لم يكن في العرب مثلها. وقال بعض الضبيين في وصف فرس: متقاذف عبل الشوى شنج النسا سباق أندية الجياد عميثل وإذا تعلل بالسياط جيادها أعطاك نائله ولم يتعلل سأل المهدي مطر بن دراج عن أي الخيل أفضل قال: الذي إذا استقبلته قلت نافر وإذا استدبرته قلت زاخر وإذا استعرضته قلت زافر. قال: فأي هذه أفضل قال: الذي طرفه إمامه وسوطه عنانه. وقال آخر: الذي إذا مشى ردى وإذا عدا دحا وإذا استقبل أقعى وإذا استدبر جبى وإذا استعر استوى. وسأل معاوية بن أبي سفيان صعصعة بن صوحان: أي الخيل أفضل! قال: الطويل الثلاث القصير الثلاث العريض الثلاث الصافي الثلاث. قال: فسر لنا. قال: أما الطويل الثلاث فالأذن والعنق والحزام. وأما القصر الثلاث فالصلب والعسيب والقضيب. وأما العريض الثلاث فالجبهة والمنخر والورك وأما الصافي الثلاث فالأديم والعين والحافر. وقال عمر بن الخطاب لعمرو بن معد يكرب: كيف
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
معرفتك بعراب الخيل قال: معرفة الإنسان بنفسه وأهله وولده. فأمر بأفراس فعرضت عليه. فقال: قدموا إليها الماء في التراس فما شرب ولم يكتف فهو من العراب وما ثنى سنبكه فليس منها. قلت: إنما المحفوظ أن عمر شك في العتاق والهجن فدعا سلمان بن ربيعة الباهلي فأخبره. فأمر سلمان بطست من ماء فوضع بالأرض ثم قدم إليه الخيل فرساً فرساً فما ثنى سنبكه وشرب هجنه وما شرب ولم يثن سنبكه عربه. وقال حسان بن ثابت يصف طول عنق الفرس: بكل كميت جوزه نصف خلقه أقب طوال مشرف في الحوارك وقال زهير: وملجمنا ما أن ينال قذاله ولا قدماه الأرض إلا أنامله وقال آخر: له ساقا ظليم خا ضب فوجئ بالرعب وقال آخر: هريت قصير عذاب اللجام أسيل طويل عذار الرسن لم يرد بقوله. قصير عذار اللجام قصر خده وإنما أراد طول شق الفم. وأراد بطول عذار الرسن: طول الخد. وقال آخر: بكل هريت نقي الأديم طويل الحزام قصير اللبب وقال أبو عبيدة يستدل على عنق الفرس برقة جحافله وأرنبته وسعة منخريه وعري نواهقه ودقة حقويه وما ظهر من أعالي أذنيه ورقة سالفتيه وأديمه ولين شعره. وأبين من ذلك كله لين شكير ناصيته وعرفه. وكانوا يقولون. إذا اشتد نفه ورحب متنفسه وطال عنقه واشتد حقوه وانهرت شدقه وعظمت فخذاه وانشبخت أنساؤه وعظمت فصوصه وصلبت حوافره ووقحت ألحق بجياد الخيل. قيل لرجل من بني أسد: أتعرف الفرس الكريم من المقرف قال: نعم أما الكريم فالجواد الجيد الذي نهز نهز العير وأنف تأنيف السير الذي إذا عدا اسلهب وإذا أقبل أجلعب وإذا انتصب اتلأب. وأما المقرف: فإنه الذلول الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرقبة الكثير الجلبة الذي إذا أرسلته قال: أمسكني وإذا أمسكته قال: أرسلني. وكان محمد بن السائب الكلبي يحدث: أن الصافنات الجياد المعروضة على سليمان بن داود عليهما السلام كانت ألف فرس ورثها عن أبيه فلما عرضت ألهته عن صلاة العصر حتى توارت الشمس بالحجاب فعرقبها إلا أفراساً لم تعرض عليه. فوفد عليه أقوام من الأزد وكانوا أصهاره فلما فرغوا من حوائجهم قالوا: يا نبي الله إن أرضنا شاسعة فزودنا زاداً يبلغنا. فأعطاهم فرساً من تلك الخيل وقال: إذا نزلتم منزلاً فاحملوا عليه غلاماً واحتطبوا فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعامكم فساروا بالفرس فكانوا لا ينزلون منزلاً إلا ركبه أحدهم للقنص فلا يفلته شيء وقعت عينه عليه من ظبي أو بقر أو حمار إلى أن قدموا إلى بلادهم فقالوا. ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب. فسموه زاد الراكب. فأصل فحول العرب من نتاجه. ويقال إن أعوج كان منها وكان فحلاً لهلال بن عامر أنتجته أمه ببعض بيوت الحي فنظروا إلى طرف يضع جحفلته على كاذتها على الفخذ مما يلي الحياء فقالوا: أدركوا ذلك الفرس لا ينزو على فرسكم لعظم أعوج وطول قوائمه. فقاموا إليه فوجدوا المهر فسموه أعوج. وأخبرنا فرج بن سلام عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: أغير على أهل النسار وأعوج موثق بثمامة فجال صاحبه في متنه ثم زجره فاقتلع الثمامة فخرجت تحف في متنه كالخذروف وراءه. فغدا بياض يومه وأمسى يتعشى من جميم قباء. وقال الشاعر في وصف فرس: وأحمر كالديباج أما سماؤه فريا وأما أرضه فمحول قوله سماؤه: أعلاه وأرضه: أسفله. يريد قوائمه. وللطائي نظير هذا حيث يقول: مبتل متن وصهوتين إلى حوافر صلبة له ملس فهو لدى الروع والحلائب ذو أعلى مندى وأسفل يبس أو أدهم فيه كمتة أمم كأنه قطعة من الغلس صهصلق في الصهيل تحسبه أشرج حلقومه على جرس وقال حبيب أيضاً يصف فرساً أهداه إليه الحسن بن وهب الكاتب: ما مقرب يختال في أشطانه ملآن من صلف به وتلهوق بحوافر حفر وصلب صلب وأشاعر شعر وحلق أحلق ذو ألق تحت العجاج وإنما من صحة إفراط ذاك الأولق تغرى العيون به ويفلق شاعر في نعته عفواً وليس بمفلق بمصعد من حسنه ومصوب ومجمع في خلقه ومفرق قد سالت الأوضاح سيل قرارة فيه فمفترق عليه وملتقى صافي الأديم كأنما ألبسته من سندس ثوباً ومن إستبرق مسود شطر مثل ما اسود الدجى مبيض شطر كابيضاض المهرق
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)