يعتبر الخجل أو الخوف الاجتماعي واحداً من الاضطرابات النفسية الأكثر انتشاراً في العالم بعد مشكلات الصحة العقلية الأكثر سيادة بعد مشكلتي الاكتئاب والكحولية.
وهو موجود منذ أقدم العصور حيث ذكره سقراط عالم الطب اليوناني بوصف دقيق ومن القصص على سبيل المثال أن شخصاً كان يتلعثم ويصيبه الارتباك أمام الناس فصار يذهب إلى شاطىء البحر وحيداً حيث لا يراه أحد ويضع حصاة صغيرة تحت لسانه ثم يتحدث بصوت عال وكأنه يخطب أمام الناس وداوم على تكرار ذلك فأصبح فيما بعد من أشهرخطباء اليونان.
فالخجل شيء جميل ومن الضروري تواجده لدى كل شخص منا، مثلاً الخجل من عمل شيء أو الخجل من التكلم مع فتاة لأول مرة وكذلك في حالات الأكل والشراب علنا أمام الآخرين هي مشاعر طبيعية فطرية من شأنها أن تدفعنا إلى الأداء بشكل أفضل ولكن عندما تزداد شدته كثيراً ويصبح معطلاً ،ويؤدي الزمن إلى تجنب الكثير من المواقف الاجتماعية للشخص فهذا يعتبر خطراً وعندما يصيب الخجل الطفل فإنه يشتت طاقاته الفكرية و يبعثر إمكاناته الإبداعية وقدراته المعرفية ويشل قدرته في السيطرة على سلوكه وتصرفاته تجاه نفسه وتجاه المجتمع والسبب يعود في كل هذا إلى الشعور بعدم الأمان والحماية الزائدة من قبل الوالدين للطفل، وعدم إعطائه الثقة بنفسه ما يضعف لديه سلوك المغامرة كما أن بعض الآباء يحمون أطفالهم لدرجة كبيرة نتيجة لجهلهم.
لا يصرخ في وجه ولده «لا توقف»
حيث أشار السيد أبو حسن أنه يعطي ولده حسن الحرية الكاملة ويسمح له بأن يفعل ما يشاء، كما يعطيه الثقة الكاملة بنفسه ولا يقول له ( لا توقف) عن فعل هذا العمل وبذلك لا يتكون لديه الخجل والخوف من التعامل مع أهله ومع الآخرين.
وأضاف أن الجميع أثنى على ولده أنه ذكي وجريء في التعامل مع الآخرين، ورد السبب في هذا إلى أنه علمه كي يكون جريئاً حيث جعله ينطلق في المجتمع بقوة وحمد كل تصرف يفعله، ولم يمنعه عن اللعب والمغامرة وقضاء الطفولة البريئة حتى في بيوت الآخرين، وذلك لأنه لا يريد أن يعود الماضي ويكون لديه نسخة عنه فقد تعود ألا يتحدث أو يتصرف أي تصرف إلا بإذن والديه حيث عوداه عندما يحضر شخص أكبر منه أن يحترمه ولا يناقش في أي حديث بحضرته.
مثل آبائهم
بينما أوضحت لنا السيدة ميساء المحمد( أم لطفلين) أنها تريد أن تغير شخصية طفلها وتقضي على خجله وخوفه من التعامل مع الآخرين فهي تريده أن يكون جريئاً واثقاً بنفسه حيث أرسلته إلى الروضة علّها تكون وسيلة في القضاء على خجله ،وأشارت في حديثها إلى أن أباها كان خجولاً جداً وكان يسكت عن كل حقوقه عند الآخرين بسبب خجله وطيبته، وقد انعكس هذا سلباً على أولاده عندما كانوا صغاراًحيث تكوّن لديهم الخوف من الإجابة على أي سؤال أمام الضيف لانه عودهم على الصمت أمام الآخرين وذلك من باب الاحترام حيث إنهم عندما كانوا يناقشون الضيف في أي موضوع كان يصرخ في وجههم ما شكل لديهم الخجل من الجلوس مع الآخرين.
بين الخجل والحياء
إضافة إلى هذه الآراء استنبطنا أيضاً رأي السيدة عتاب الراعي ( خريجة تربية علم نفس) حيث بينت لنا أن الخجل يختلف عن الحياء فالحياء سمة مقبولة تنطوي على غض البصر وعدم التطفل والفضولية، بيد أن الخجل اضطراب انفعالي قد يصبح مرضياً والعلاج إذا أصبح مرضاً نفسياً يكون بتحسين الشروط المحيطة والأسرية وغرس الثقة بنفوس الأطفال ،وإعطاء الفرص لهم للاختلاط والأخذ والعطاء حتى تنفتح قدراتهم وتنضج مواهبهم من غير قسر أو تساهل ولاتنمو هذه الخصائص إلا في وسط أسري متفهم ومتفاعل،ودور المدرسة أيضاً في إيقاف العقاب البدني أو السخرية من الطفل والنظر إليه أنه يحمل بين ثناياه كل الأمل والمستقبل المشرف الذي تتوخاه، لذلك لابد من التنبيه إلى القاعدة الطبية الذهبية في الطب الجسدي وهو( درهم وقاية خير من قنطار علاج)
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)