[ تتمة تجارب العصر الأموي ]
[ تتمة خلافة يزيد بن عبد الملك ]
بسم الله الرّحمن الرّحيم وحسبنا الله ونعم الوكيل الحمد لله ربّ العالمين، وصلواته على محمّد النّبيّ وآله الأخيار أجمعين
ودخلت سنة أربع ومائة
فغزا الحرشيّ وقطع النّهر وعرض النّاس، ثم سار فنزل قصر الرّيح على فرسخين من الدّبوسية ولم يجتمع إليه جنده، وأمر النّاس بالرّحيل.
فقال له هلال بن عليم الحنظلي:
« يا هناه، إنّك وزيرا خير منك أميرا. إنّ الأرض حرب شاغرة برجلها، ولم يجتمع لك جندك، وقد أمرت بالرّحيل. » قال:
« فكيف لي؟ » قال:
« تأمر بالنّزول. » فقبل ونزل.
وخرج ابن عمّ لملك فرغانة يقال له السّلار إلى الحرشيّ، فقال له:
« إنّ أهل السّغد بخجندة. » وأخبره خبرهم وقال:
« عاجلهم قبل أن يصيروا إلى الشّعب، فليس علينا لهم جوار حتى يمضى الأجل. »
فوجّه الحرشيّ مع السّلار عبد الرّحمن القشيري في جماعة، ثم ندم بعد ما فصلوا، وقال:
« جاءني علج لا أدري صدقنى أم كذبني، فغررت بجند من المسلمين. » وارتحل في أثرهم حتى نزل بأسروشنة، فصالحهم على شيء يسير، وسار جادّا مغذّا حتى لحق القشيريّ بعد ثالثة، وسار حتى انتهى إلى خجندة، فاستشار الفضل بن بسّام وقال:
« ما ترى؟ » قال:
« أرى المعاجلة. » قال:
« لكني لا أرى ذلك، إن جرح رجل فإلى من يرجع، أو قتل قتيل إلى من يحمل؟ ولكني أرى النّزول والتّأنّى، والاستعداد للحرب. » فنزل، ورفع الأبنية، وأخذ في التّأهب، فلم يخرج أحد من الغد، فجبّن النّاس يومئذ الحرشيّ وقالوا:
« كان هذا يذكر رأيه وبأسه بالعراق، فلمّا صار إلى خراسان ماق. » فحمل رجل من العرب، فضرب بعمود باب خجندة حتى فتح الباب، وقد كانوا حفروا في ربضهم وراء الباب الخارج خندقا، وغطّوه بقصب وعلّوه بالتّراب مكيدة، وأرادوا، إذا التقوا، إن انهزموا، أن يكونوا قد عرفوا الطّريق، ويشكل على المسلمين، فسقطوا في الخندق. فلمّا خرجوا قاتلوهم وأخطئوا هم الطّريق، فسقطوا في الخندق دهشا فأخرجوا من الخندق أربعين رجلا على الرّجل درعان درعان. وحصرهم الحرشيّ ووضع عليهم المجانيق.
فأرسلوا إلى ملك فرغانة:
« غدرت بنا. » وسألوه النّصر. فقال:
« أغدر ولا أنصركم. فانظروا لأنفسكم، فقد أتوكم قبل انقضاء الأجل، ولستم في جواري. » فلمّا يئسوا من نصره طلبوا الصّلح وسألوا الأمان، وأن يردّهم إلى السّغد.
فاشترط عليهم أن يردّوا ما في أيديهم من نساء العرب وذراريّهم، وأن يؤدّوا ما كسروا من الخراج، ولا يغتالوا أحدا، ولا يتخلّف منهم بخجندة أحد، فإن أحدثوا حدثنا حلّت دماؤهم.
فخرج إليه كارذنج. فقال له:
« إنّ لي إليك حاجة أحبّ أن تشفعني فيها. » قال:
« ما هي؟ » قال:
« أحبّ، إن جنى منهم رجل جناية بعد الصّلح، ألّا تأخذنى بما جنى. » فقال الحرشيّ:
« ولى حاجة فاقضها. » قال:
« وما هي؟ » قال:
« لا تلحقنّ في شرطي ما أكره. » ثم أخرج التّجّار والملوك من الجانب الشّرقيّ، وترك أهل خجندة الّذين هم أهلها على حالهم.
فقال كارذنج للحرشيّ:
« ما تصنع؟ » قال:
« أخاف عليك معرّة الجند. » فكان عظماؤهم مع الحرشيّ في العسكر، ونزلوا على معارفهم في الجند، ونزل كارذنج على أيّوب بن أبي حسّان.
وبلغ الحرشيّ أنّهم قتلوا امرأة من نساء كنّ في أيديهم. فقال لهم:
« بلغني أنّ ثابتا صاحب اشتيخنج قتل امرأة ودفنها تحت حائط. » فجحدوا. فأرسل الحرشيّ إلى قاضى خجندة، فنظروا، فإذا المرأة مقتولة.
فدعا الحرشيّ بثابت وأرسل كارذنج غلامه إلى باب السّرادق ليأتيه بالخبر، وسأل الحرشيّ ثابتا وغيره عن المرأة، وكان الحرشيّ تيقّن أنّه قتلها من جهات، فقتله. فرجع غلام كارذنج إليه بقتل ثابت. فجعل يعضّ على لحيته ويقرضها بأسنانه، وخاف كارذنج أن يستعرضهم الحرشيّ، فقال لأيّوب بن أبي حسّان:
« إني ضيفك وصديقك، ولا يجمل بك أن تقتل ضيفك في سراويل خلق ربما بدا منه عورته. » قال:
« فخذ سراويلي. » قال:
« وهذا أيضا لا يجمل، أقتل في سراويلاتكم! ولكن سرّح غلامي إلى ابن أخي يجيئني بسراويل جديد. »
وكان قال لابن أخيه:
« إذا أرسلت إليك أطلب سراويلا، فاعلم أنّه القتل. » فلمّا بعث بالسّراويل، أخرج قديدة خضراء، فقطّعها عصائب، وعصبها برؤوس شاكريّته. ثم خرج هو وشاكريّته، فاعترض النّاس، فقتل خلقا وتضعضع العسكر، ولقي النّاس منه شرّا، حتى انتهى إلى ثابت بن عثمان بن مسعود في طريق ضيّق، فقتله ثابت. وكان في أيدى السّغد أسرى من المسلمين، فقتلوا خمسين ومائة، وأفلت منهم غلام، فأخبر الحرشيّ، فأرسل من علم علمهم، فوجد الخبر حقّا، فأمر بقتل من عنده، وعزل التّجّار عنهم، وكان التّجار أربعمائة، كان معهم مال عظيم قدموا به من الصّين. فامتنع أهل السّغد، ولم يكن لهم سلاح، فقاتلوا بالخشب، فقتلوا عن آخرهم. فكان عدد الحرّاثين خاصّة سبعة آلاف.
ثم أرسل من يحصى أموال التّجّار، وكانوا اعتزلوا وقالوا: لا نقاتل.
فاصطفى أموال السّغد وذراريّهم، فأخذ منه كلّ ما أعجبه. ثم دعا مسلم بن بديل العدويّ، فقال:
« قد ولّيتك المقسم. » فقال:
« بعد ما عمل فيه عمّالك ليلة؟ ولّه غيري. » فولّاه عبيد الله بن زهير بن حيّان العدويّ، فأخرج الخمس وقسم الأموال، وكتب الحرشيّ إلى يزيد بن عبد الملك ولم يكتب إلى عمر بن هبيرة.
وكان هذا ممّا وجد عليه فيه عمر بن هبيرة.
عجيب ما حكى في تلك الحال
فمن عجيب ما حكى في تلك الحال أنّ رجلا اشترى جونة بدرهمين من صاحب الأقباض، فانصرف بها. فلمّا حلّها، وجد فيها سبائك ذهب، فرجع وهو واضع يده على وجهه وكأنّه رمد. فردّ الجونة وأخذ الدّرهمين. ثم طلب، فلم يوجد.
فتح قلعة
وسرّح الحرشيّ سليمان بن أبي السّريّ، وهو مولى لبنى عوافة، الى قلعة ليفتحها. وكان يمرّ بوادي السّغد من وجه واحد، وأنفذ معه خوارزم شاه، وشوكر بن ختلّ، وعودم صاحب أجرون. فوجّه سليمان بن أبي السّريّ على مقدّمته المسيّب بن بشر الرياحيّ. فتلقّاه أصحاب القلعة على فرسخ، فقاتله، فهزمهم المسيّب، حتى ردّهم إلى القلعة، فحصرهم سليمان ودهقانها يقال له: ديوشتى فكتب الحرشيّ إلى سليمان يعرض عليه المدد. فأرسل إليه:
« ملتقانا ضيّق، فسر أنت إلى كسّ، فأنا في كفاية إن شاء الله. ».
فلمّا طال الحصار على ديوشتى، طلب النّزول في أمان. فقال سليمان:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
« لا، إلّا على حكم سعيد الحرشيّ. »
فرضي بذلك، ونزل على أن يوجّهه مع المسيّب بن بشير الحرشيّ. فوفى له سليمان، ووجّهه إلى الحرشيّ، فألطفه وأكرمه مكيدة، وطلب أهل القلعة الصّلح بعد مسيره على ألّا يعرض لمائة أهل بيت منهم ونسائهم وأبنائهم ويسلّمون إليه القلعة. فكتب سليمان إلى الحرشيّ أن يبعث الأمناء لقبض ما في القلعة، فبعث ثقاته فباعوا ما في القلعة مزايدة، فأخذ الخمس، وقسم الباقي بينهم.
خروج الحرشي إلى كس وربنجن
وخرج الحرشيّ إلى كسّ، فصالحوه على عشرة آلاف رأس، وصالح دهقانها على أن يوفيه ذلك في أربعين يوما على ألّا يأتيه.
فلمّا فرغ من كسّ خرج إلى ربنجن فقتل ديوشتى، وصلبه على ناؤوس، وكتب على أهل ربنجن كتابا بمائة رأس إن فقد من موضعه، وولّى نصر بن سيّار قبض صلح كسّ، ثم عزل سورة بن أبجر، وولّى نصر بن سيّار، وبعث برأس ديوشتى إلى العراق.
وكانت خران منيعة لا يطمع فيها فأشير على سليمان أن يوجّه المسربل بن الخرّيت النّاجى، وكان المسربل صديقا لملكها وكان محببا إليهم، فوجّهه، فلما وصل إلى القوم خبّر ملكها بما صنع الحرشيّ بأهل خجندة وخوّفه. قال:
« فما ترى لي؟ » قال:
« أن تنزل بأمان. » قال:
« فما أصنع بمن لحق بي من عوامّ النّاس؟ » قال:
« تصيّرهم معك في أمانك. » فصالحهم، وآمنوه وبلاده، ورجع الحرشيّ إلى مرو ومعه هذا الملك واسمه سبغرى. فلمّا نزل أسباذ، قتل سبغرى ومعه أمانه.
ويقال: إنّ دهقان بن ماخر قدم على ابن هبيرة، فأخذ أمانا لأهل السّغد، فحبسه الحرشيّ بمرو. فلمّا قدم دعا به فقتله وصلبه في الميدان. فقال راجزهم:
إذا سعيد سار في الأخماس في رهج يأخذ بالأنفاس دارت على الشّرك أمرّ الكاس وطارت التّرك على الأحلاس ولّوا فرارا عطل القياس وفي هذه السّنة رحل أبو محمّد الصّادق وعدّة من أصحابه من خراسان إلى محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس، وقد ولد له أبو العبّاس قبل ذلك بخمس عشرة ليلة، فأخرجه إليهم في خرقة وقال لهم:
« والله، ليتمّنّ هذا الأمر حتى تدركوا ثاركم من عدوّكم. »
عزل سعيد بن عمرو الحرشي عن خراسان
وفي هذه السّنة، عزل عمر بن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشيّ عن خراسان، وولّاها مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي.
ذكر السبب في ذلك
كان عمر بن هبيرة وجد على الحرشيّ في أشياء. أحدها أنّه قد كان كتب إليه بتخلية ديوشتى، فقتله، وكتب أمانا لدهقان بن ماخر، فصلبه، وكان يستخفّ بأمر ابن هبيرة، وإذا ورد عليه له رسول قال له: كيف « أبو المثنّى »، ويقول لكاتبه: « أكتب إلى أبي المثنّى » ولا يقول: « الأمير. » فبلغ ذلك ابن هبيرة، فدعا جميل بن حمران، وقال له:
« قد بلغني أشياء عن الحرشيّ، فأخرج إلى خراسان، وأظهر أنّك قدمت تنظر في الدّواوين، واعلم لي علمه. » فقدم جميل، فقال له الحرشيّ:
« كيف تركت أبا المثنّى؟ » وجعل جميل ينظر في الدّواوين. فقيل للحرشيّ:
« إنّ جميلا ما قدم للنّظر في الدّواوين، وما قدم إلّا ليعلم علمك. » فدسّ إليه طعاما مسموما، فأكله ومرض، وتساقط شعره، وبادر بالخروج إلى هبيرة، فعولج واستبلّ وصحّ، فقال لابن هبيرة:
« الأمر أعظم ممّا بلغك، ما يرى سعيد إلّا أنّك بعض عمّاله. » فغضب وعزله وعذّبه، حتى نفخ في بطنه النّمل.
وكان سعيد يقول حين عزله عمر:
« لو سألنى ابن هبيرة درهما يضعه على عينه ما أعطيته. » فلمّا عذّب أدّى شيئا كثيرا. فقيل له:
« ألم تزعم أنّك لا تعطيه درهما؟ » فقال:
« ما كنت ذقت العذاب. »
ذكر السبب في ولاية مسلم بن سعيد خراسان
لمّا قتل سعيد بن أسلم ضمّ الحجّاج ابنه مسلما مع ولده، وهو مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة بن عمرو بن الصّعق، واسم الصّعق خويلد، فتأدّب ونبل. فلمّا قدم عديّ بن أرطاة، أراد أن يولّيه لما رأى من أدبه ونبله. فشاور كاتبه فقال « ولّه ولاية خفيفة، ثم ارفعه. » فولّاه ولاية، فقام بها وضبطها وأحسن. فلمّا وقعت فتنة يزيد بن المهلّب، حمل تلك الأموال إلى الشّام. فلمّا قدم عمر بن هبيرة أجمع على أن يولّيه ولاية، فدعاه ولم يكن شاب بعد، ثم نظر فرأى شيبة في لحيته، فكبّر.
قال: ثم سمر ذات ليلة ومسلم في سمره، فتخلّف مسلم بعد السّمّار وفي يد ابن هبيرة سفرجلة، فألقاها إليه تحيّة، وقال:
« أيسرّك أن أولّيك خراسان؟ » قال:
« نعم. » قال:
« أغد إليّ إن شاء الله. » فلمّا أصبح جلس، ودخل النّاس، فدعا مسلما، وعقد له على خراسان، وكتب عهده، وكتب إلى عمّال الخراج أن يكاتبوا مسلم بن سعيد.
فسار مسلم، فقدم خراسان نصف النّهار، ووافى دار الإمارة، فوجد بابها مغلقا، فأتى المسجد، فوجد باب المقصورة مغلقا، فصلّى. وخرج وصيف من باب المقصورة فقيل له: الأمير. فمشى بين يديه حتى أدخله مجلس الوالي في دار الإمارة، وأعلم الحرشيّ بمكانه، فأرسل إليه:
« أقدمت أميرا أو وزيرا أو زائرا؟ » فأرسل إليه:
« مثلي لا يقدم خراسان زائرا ولا وزيرا. » فأتاه الحرشيّ، فشتمه، وأمر بحبسه. فقيل له:
« إن أخرجته نهارا قتل. » فحبسه عنده حتى أمسى، ثم قيّده.
وبعث مسلم على كورة رجلا من قبله على حربها، وكان ابن هبيرة أخذ قهرمانا ليزيد بن المهلّب، له علمّ بأهل خراسان وبأشرافهم، وأمره أن يكتب له كلّ من عنده مال، وعليه طريق للسّلطان. فلم يدع شريفا إلّا قرفه.
فكتب ابن هبيرة إلى مسلم مع أبي عبيدة العنبري يأمره بجباية تلك الأموال.
فأراد مسلم أخذ النّاس بتلك الأموال الّتى فرّقت عليهم. فقال له نصحاؤه:
« إن فعلت هذا بهؤلاء لم يكن لك بخراسان قرار، وإن لم تعمل في هذا حتى يوضع عنهم فسدت عليك وعليهم خراسان، لأنّ هؤلاء أعيان النّاس، قرفوا بالباطل. إنّما كان على مهزم بن جابر ثلاثمائة ألف، فزادوا مائة ألف، فصار أربعمائة ألف، وعامّة من سمّى لك ممّن كثير عليه، هو بمنزلته. » فكتب مسلم بذلك إلى ابن هبيرة، وأوفد وفدا فيهم مهزم بن جابر. فلمّا وصلوا قال مهزم بن جابر: « أيّها الأمير، إنّ الّذى رفع إليك رفع الباطل والظّلم. ما علينا من هذا كلّه إلّا القليل الّذى لو أخذنا، به أدّيناه. » فقال ابن هبيرة:
« إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها. » قال:
« فليقرأ الأمير ما بعده: وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل. » فقال ابن هبيرة:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
« لا بدّ من هذا المال. » قال:
« أما والله، إن أخذته لتأخذنّه من قوم شديدة شوكتهم ونكايتهم في عدوّك وليضرّنّ ذلك بأهل خراسان في عدّتهم وكراعهم وحلقتهم، ونحن في ثغر نكابد فيه الأعداء لا تنقضي حربهم، وإنّ أحدنا ليلبس الحديد حتى يلتبس صدأه بجلده، وحتى إنّ الخادمة التي تخدمه لتصرف وجهها عن مولاها، أو عمّن تخدمه لسهوكة الحديد، وأنتم في بلادكم متفضّلون في الرّقاق وفي المعصفرات، والّذين قرفوا بهذه الأحوال وجوه أهل خراسان، وأهل الولايات والكلف العظام في المغازي، وقبلنا قوم قدموا علينا، فجاؤوا على الحمرات، فولّوا الولايات، واقتطعوا الأموال، فهي عندهم موفّرة جمّة. » فكتب ابن هبيرة إلى مسلم بأن يستخرج هذه الأموال ممّن ذكر الوفد أنّها عندهم، وكما ذكروا. فلمّا أتى مسلما كتاب ابن هبيرة أخذ أهل العهد بتلك الأموال فأمر حاجب بن عمرو الحارثي أن يعذّبهم، ففعل حتى استوفى منهم ما قرفوا به.
موت يزيد بن عبد الملك
وفي هذه السّنة مات يزيد بن عبد الملك، وكان بالبلقاء من أرض دمشق، وله ثمان وثلاثون سنة، وكانت خلافته في قول هشام بن محمّد وأبي معشر أربع سنين وشهرا، ويكنّى أبا خالد، وكان صاحب لهو وطرب، وكانت عنده حبابة، وهي الّتى تسمّى العالية، وسلامة، وهو الّذي طرب يوما فقال:
« أطير والله. » فقالت له حبابة:
« فعلى من تدع الأمّة! »
خلافة هشام بن عبد الملك
واستخلف هشام بن عبد الملك
أتت هشاما الخلافة وهو بالزّيتونة، في دويرة صغيرة كانت له. فجاءته الخلافة على البريد، وسلّم إليه العصا والخاتم، وسلّم عليه بالخلافة.
فركب هشام من الرّصافة حتى أتى دمشق.
قدوم بكير بن ماهان من السند
وفي هذه السّنة قدم بكير بن ماهان من السّند، وكان بها مع الجنيد بن عبد الرّحمن ترجمانا له. فلمّا عزل الجنيد قدم الكوفة ومعه أربع لبنات من فضّة ولبنة من ذهب. فلقى أبا عكرمة الصّادق، وميسرة، ومحمّد بن خنيس، وسالما الأعين، وأبا يحيى مولى بنى سلمة. فذكروا له أمر دعوة بنى هاشم، فقبل ذلك ورضيه، وأنفق عليهم ما معه، ودخل إلى محمّد بن عليّ، ومات ميسرة، فوجّه محمّد بن عليّ بكير بن ماهان إلى العراق مكان ميسرة، فأقامه مقامه.
عزل عمر بن هبيرة
وفي هذه السّنة عزل هشام بن عبد الملك عمر بن هبيرة عن العراق، وما كان إليه من عمل المشرق، وولّى ذلك كلّه خالد بن عبد الله القسري.
ودخلت سنة ستّ ومائة
بب الوقعة بين المضرية واليمانية وربيعة ببلخ
وفيها ولد عبد الصّمد بن عليّ، وفيها كانت الوقعة بين المضريّة واليمانيّة وربيعة بالبروقان من أرض بلخ. وكان سبب ذلك أنّ مسلمة بن سعيد غزا، فقطع النّهر، وتباطأ عنه النّاس، وكان ممّن تباطأ عنه البختري بن درهم.
فلمّا أتى النّهر ردّ نصر بن سيّار وسليمان بن موسى بن عبد الله بن خازم وبلعاء بن مجاهد بن عبد الله العنبري وجماعة أمثالهم إلى بلخ، وعليهم جميعا نصر بن سيّار، وأمرهم أن يخرجوا النّاس إليه. فأحرق نصر باب البختري وزياد بن طريف الباهلي، فمنعهم عمرو بن مسلم بن عمرو من دخول بلخ، وكان واليا عليها. فنزل نصر البروقان، وأتاه أهل صغانيان، وأتاه سلمة العقفانى من بنى تميم وحسّان بن خالد الأسدى، وكلّ واحد في خمسمائة، وأتاه سنان الأعرابى، وزرعة بن علقمة، سلمة بن أوس، والحجّاج بن هارون النّميرى في أهل بيته.
وتجمّعت بكر والأزد بالبروقان رأسهم البختري، وعسكر أيضا بالبروقان على نصف فرسخ منهم. فأرسل نصر إلى أهل بلخ:
« قد أخذتم أعطياتكم، فالحقوا بأميركم، فقد قطع النّهر. » فخرجت مضر إلى نصر، وخرجت ربيعة والأزد إلى عمرو بن مسلم بن عمرو ثم تكلّم النّاس المكرهون، فقال قوم من ربيعة:
« إنّ مسلم بن سعد يريد أن يخلع، فهو يكرهنا على الخروج. » واجتمع قوم من تغلب إلى عمرو بن مسلم:
« إنّك منّا. » وقال بعضهم شعرا ينسب فيه باهلة إلى تغلب. فقال عمرو بن مسلم حين عزاه التّغلبى إلى تغلب:
« أمّا القرابة فما أعرفها، وأمّا المنع فسأمنعكم. » فسفر الضحّاك بن مزاحم ويزيد بن المفضّل الحدّانى وكلّما نصرا في الانصراف.
فناشداه بالله، فانصرف. فحمل أصحاب عمرو بن مسلم والبختري، ونادوا:
« يال بكر. » فكرّ عليهم نصر، فكان أوّل قتيل رجل من باهلة من أصحاب عمرو بن مسلم، وقتل بعده ثمانية عشر رجلا سوى من قتل في السّكك. وانهزم عمرو بن مسلم إلى القصر، وأرسل إلى نصر:
« ابعث إلى بلعاء بن مجاهد. » فأتاه بلعاء فقال:
« خذ لي أمانا. » فآمنه نصر، وقال:
« لولا أن أشمت بك بكر بن وائل لقتلتك. » وقيل: بل أصابوا عمرو بن مسلم في طاحونة، وأخذ البختري في غيضة دخلها، وأخذ زياد بن طريف الباهلي، فضربهم نصر مائة مائة، وحلق رؤوسهم ولحاهم، وألبسهم المسوح.
ثم إنّ مسلما غزا في هذه السنّة، وكان خطب في ميدان يزيد، فقال:
« ما أخلّف بعدي شيئا أهمّ عندي من قوم يتخلّفون بعدي مخلّقى الرّقاب، يتواثبون الجدران على نساء المجاهدين، اللهمّ افعل بهم وافعل، وقد أمرت نصرا ألّا يأخذ متخلّقا إلّا قتله، وما أرى لهم من عذاب ينزله الله بهم. » يعنى عمرو بن مسلم وأصحابه.
فلمّا صار ببخارى أتاه الخبر بولاية خالد بن عبد الله القسري على العراق.
ثم أتاه كتاب خالد:
« أتمم غزاتك. »
فسار إلى فرغانة، وأتاه الخبر أنّ خاقان قد أقبل، ثم أتاه أنّ خاقان معسكر في موضع كذا. فأمر بالاستعداد للمسير. فلمّا أصبح ارتحل بالعسكر، فسار ثلاث مراحل في يوم. ثم سار من غد حتى قطع وادي السبّوح، وأقبل إليهم خاقان، وتوافت إليه الخيل، فأنزل عبد الله بن أبي عبد الله قوما من العرفاء والموالي، فأغار التّرك على ذلك الموضع، وعلى الّذين أنزلهم عبد الله، فقتلوهم، وأصابوا دوابّ لمسلم، وقتل المسيّب بن بشر الرياحيّ، وقتل البراء، وكان من فرسان المهلّب، وقتل أخو غورك، وثار النّاس في وجوههم، فأخرجوهم من العسكر، ودفع مسلم لواءه إلى عامر بن ماعز الحماني، ورحل هو بالنّاس. فسار ثمانية أيام وهم مطيفون بهم.
فلمّا كان الليلة التاسعة، أراد النّزول. فشاور النّاس، فأشاروا عليه بالنّزول، وقال:
« إذا أصبحنا وردنا الماء والماء منّا غير بعيد، وإنّك إن نزلت المرج تفرّق النّاس في الثّمار وانتهب عسكرك. » فقال لسورة بن أبجر:
« ما ترى يا بالعلاء؟ » قال:
« أرى ما رأى النّاس. » ونزلوا ولم يرفع بناء في العسكر، وأحرق النّاس ما ثقل من الأبنية والامتعة، فحرّقوا قيمة ألف ألف وأصبح النّاس، فساروا ووردوا الماء، فإذا دون النّهر أهل فرغانة والشّاش.
- قال مسلم بن سعيد:
« أعزم على كلّ رجل إلّا اخترط سيفه. » ففعلوا، فسارت الدّنيا كلّها سيوفا. فتركوا الماء، وعبروا. فأقام يوما، ثم قطع من غد، واتّبعهم ابن لخاقان.
قال: فأرسل حميد بن عبد الله وهو على السّاقة إلى مسلم:
« قف لي ساعة، فإنّ خلفي مائتي رجل من التّرك، حتى أقاتلهم. » وهو مثقل جراحة. فوقف النّاس، وعطف على التّرك، فأسر أهل السّغد وقائدهم وقائد التّرك في سبعة، وانصرف البقيّة، ورمى حميد بنشّابة في ركبته فمات.
وعطش النّاس بعد قطع النّهر، وكان عبد الرّحمن بن نعيم الغامدى حمل عشرين قربة على إبله. فلمّا رأى جهد النّاس أخرجها، فشربوا جرعا، واستسقى يوم العطش مسلم بن سعيد، فأتوه بإناء، فأخذه جابر، أو حارثة بن كثير من فيه. فقال مسلم:
« دعوه، فما نازعنى شربتى إلّا من حرّ دخله. » فأتوا خجندة، وقد أصابتهم شدّة ومجاعة. فانتشر النّاس، وورد الخبر بولاية أسد بن عبد الله خراسان، ولّاه خالد القسريّ وعزل مسلم بن سعيد.
فبينا النّاس بخجندة إذا فارسان يركضان ويسألان عن عبد الرّحمن بن نعيم، فأتياه بعهده من أسد بن عبد الله فأقرأه عبد الرّحمن مسلما، فقال:
« سمعا وطاعة. »
فكان عبد الرّحمن أوّل من اتّخذ الحياض في مفازة آمل.
وقيل: إنّ أعظم النّاس غناء يوم العطش إسحاق بن محمّد الغدانى. وكان عمر بن هبيرة قال لمسلم بن سعيد حين ولّاه خراسان:
« ليكن حاجبك من صالح مواليك، فإنّه لسانك والمعبّر عنك، وحثّ صاحب شرطتك على الأمانة، وعليك بعمّال العذر. » قال: « ومن عمّال العذر؟ » قال:
« مر أهل كلّ بلد أن يختاروا لأنفسهم. فإذا اختاروا رجلا فولّه، فإن كان خيرا كان لك، وإن كان شرّا كان لهم دونك وكنت معذورا. »
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
توبة بن أبي أسيد وما كان منه
وكان مسلم بن سعيد كتب إلى ابن هبيرة واستدعى منه توبة بن أبي أسيد مولى بنى العنبر، فكتب ابن هبيرة إلى عامله بالبصرة:
« احمل إليّ توبة بن أبي أسيد. » فحمله، فقدم، وكان جميلا وسيما جهيرا له سمت. فلمّا دخل على ابن هبيرة قال: « مثل هذا فليولّ. » ووجّه به إلى مسلم. فلمّا ورد عليه، قال له مسلم:
« هذا خاتمي، فاعمل برأيك. » فلم يزل معه حتى قدم أسد بن عبد الله، فأراد توبة أن يشخص مع مسلم. فقال له أسد:
« أقم معي، فأنا أحوج إليك من مسلم. » فأقام معه، فأحسن إلى النّاس، وألان جانبه، وأجمل مع الجند وأعطاهم أرزاقهم. فقال له أسد يوما:
« أحلفهم بالطّلاق، لا يتخلّف أحد عن مغزاه، ولا يدحل بديلا سواه. » فأبى ذلك توبة ولم يره صوابا وأحلفهم بأيمان أخر. فلمّا قدم عاصم بن عبد الله، أراد أن يحلّف النّاس بالطّلاق، وقالوا:
« نحلف بأيمان توبة. » فهم يعرفون ذلك له.
حج هشام بن عبد الملك وما استحسن له في هذا الحج
وحجّ بالنّاس في هذه السّنة هشام بن عبد الملك. فممّا استحسن له ما تحدّث به ابن أبي الزّناد عن أبيه، قال: كتب إليّ هشام بن عبد الملك قبل أن يدخل المدينة أن أكتب لي سنن الحجّ. فكتبتها له.
قال أبو الزّناد: فتلقّيته، فإني لفى موكبه أسير خلفه، إذ لقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفّان. فنزل له، وسلّم عليه، ثم سار إلى جنبه.
فصاح هشام:
« أبو الزّناد! » فتقدّمت، فسرت إلى جانبه الآخر، فأسمع سعيدا يقول:
« يا أمير المؤمنين، إنّ الله لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين وينصر خليفته المظلوم، ولم يزالوا يلعنون أبا تراب في هذه المواطن الصّالحة.
فأمير المؤمنين ينبغي أن يلعنه في هذه المواطن الفاضلة. » قال: فشقّ على هشام، وثقل عليه كلامه، ثم قال:
« إنّا ما قدمنا لشتم أحد ولا لعنه، إنّما قدمنا حجّاجا. » ثم قطع كلامه، وأقبل عليّ، فقال:
« يا عبد الله بن ذكوان، فرغت ممّا كتبت إليك؟ » قلت:
« نعم. » قال: أبو الزّناد: وثقل على سعيد، ما حضرته يتكلّم به عند هشام، فرأيته منكسرا كلّما رآنى.
هشام بن عبد الملك وظلامة إبراهيم وألسنة قريش
وفي هذه السّنة أيضا كلّم إبراهيم بن محمّد بن طلحة هشام بن عبد الملك وهشام قد صلّى في الحجر، فقال له:
« أسألك بالله وبحرمة هذا البيت والبلد الّذى خرجت معظّما له ولحقّه لمّا رددت عليّ ظلامتي. » قال:
« أيّ ظلامة؟ » قال:
« دارى. » قال:
« فأين كنت عن أمير المؤمنين عبد الملك؟ » قال:
« ظلمني. » قال:
« فعن الوليد بن عبد الملك؟ » قال:
« ظلمني. » قال:
« فعن سليمان بن عبد الملك؟ » قال:
« ظلمني. » قال:
« فعن عمر بن عبد العزيز؟ » قال:
« رحمة الله عليه، لقد ردّها. » قال:
« فعن يزيد بن عبد الملك؟ » قال:
« هو قبضها مني وظلمني بعد قبضي لها وهي اليوم في يديك. » قال هشام:
« أما والله، لو كان فيك ضرب لضربتك. » قال إبراهيم:
« فيّ والله ضرب بالسّيف وبالسّوط. » فانصرف هشام، والأبرش خلفه. فقال:
« أبا مجاشح، كيف سمعت هذا اللسان؟ » قال:
« ما أجود لسانه! » قال:
« هذه قريش وألسنتها، ولا يزال في النّاس بقايا، ما رأيت مثل هذا. »
قدوم أسد خراسان
وكنّا حكينا قدوم خالد بن عبد الله العراق أميرا، وأنّه ولّى أخاه أسد بن عبد الله خراسان. فقدمها ومسلم غاز بفرغانة. فذكر عن أسد أنّه لمّا أتى النّهر ليقطعه، منعه الأشهب بن عبد الله بن تميم أحد بنى غالب، وكان على السّفن بآموية. فقال أسد:
« أقطعنى. » قال:
« لا سبيل إلى إقطاعك، لأنّى نهيت عن ذلك. » فقال:
« لاطفوه وأطمعوه. » فأبى. فقال له:
« فإني الأمير. » « ففعل حينئذ فقال له أسد:
« اعرفوا هذا حتى نشركه في أمانتنا. » فقطع النّهر وأتى السّغد، فنزل مرج السّغد، وعلى خراج سمرقند هانئ بن أبي هانئ. فخرج في النّاس يتلقّى أسدا. فلقوه بالمرج وهو جالس على حجر. فتطيّر النّاس وقالوا:
« أسد على حجر، ما عند هذا خير. » فقال له هانئ:
« أقدمت أميرا؟ » قال:
« نعم، وما معي إلّا ثلاثة عشر درهما هي في كمّى، وإنّما أنا رجل منكم. » ودخل سمرقند، وبعث رجلين معهما عهد عبد الرّحمن بن نعيم على الجند، وكان عبد الرّحمن يومئذ على السّاقة، فدفعا إليه العهد والكتاب بالقفول والإذن لهم. فقرأ الكتاب، وأتى به مسلم بن سعيد وبعهده. فقال مسلم:
« سمعا وطاعة. » فقام عمرو بن هلال السّدوسى، فقنعه سوطين لما كان منه إلى بكر بن وائل بالبروقان، وشتمه حسين بن عثمان بن بشر بن المحتفر. فغضب عبد الرّحمن بن نعيم، وزجرهما، وأغلظ لهما، ثم أمر بهما فدفعها، وقفل بالنّاس، وشخص معه مسلم. فلمّا قدموا على أسد، وهو بسمرقند، شخص أسد إلى مرو، وعزل هانئا، واستعمل على سمرقند الحسن بن أبي العمرّطة من ولد آكل المرار.
فقدمت على الحسن امرأته وهي الجنوب بنت القعقاع بن الأعلم سيّد الأزد ويعقوب بن القعقاع قاضى خراسان. فخرج يتلقّاها، وغزاهم التّرك، فقيل له:
« هؤلاء التّرك قد أتوك. » وكانوا سبعة آلاف. فقال:
« ما أتونا، ولكن أتيناهم، وغلبناهم على بلادهم، واستعبدناهم. وأيم الله، مع هذا، لأدنيّن بعضكم من بعض، ولأقرننّ نواصي خيلكم بنواصي خيلهم. ثم خرج، فتباطأ حتى أغار التّرك وانصرفوا. فقال النّاس:
« خرج إلى امرأته فتلقّاها مسرعا. وخرج إلى العدوّ متباطئا. » فبلغه ذلك، فلم يحتملها فخرج إليهم، وخطبهم وقال:
« تقولون وتعيبون. اللهم اقطع آثارهم، وعجّل أقدارهم، وأنزل بهم الضرّاء، وارفع عنهم السرّاء. » فشتم النّاس جهرا وشتموه سرّا.
خطيب يحصر
وكان استخلف حين خرج إلى التّرك ثابت قطنة، وكان خطيبا شاعرا. فلمّا خطب الناس حصر فقال:
« من يطع الله ورسوله فقد ضلّ! » وأرتج عليه، فلم ينطق بكلمة. فلمّا نزل عن المنبر قال:
فإلّا أكن فيكم خطيبا فإنّنى ** بسيفي، إذا جدّ الوغى لخطيب
فقيل له:
« لو قلت هذا على المنبر كنت خطيبا. » فهجاه حاجب الفيل، وكان يهاجيه، فقال:
أبا العلاء، لقد لاقيت معضلة ** يوم العروبة من كرب وتخنيق
لمّا رمتك عيون النّاس ضاحية ** أنشأت تجرض، لمّا قمت، بالرّيق
تلوى اللسان إذا رمت الكلام به ** كما هوى زلق من شاهق النّيق
وقال أيضا:
تقضى الأمور، وبكر غير شاهدة ** بين المجاذيف والسّكان مشغول
ما يعرف النّاس منه غير قطنته ** وما سواها من الآباء مجهول
ثم دخلت سنة سبع ومائة
بكير بن ماهان يوجه أبا عكرمة وأبا محمد الصادق ومحمد بن خنيس وعمار دعاة إلى خراسان
وفيها وجّه بكير بن ماهان أبا عكرمة، وأبا محمّد الصادق، ومحمّد بن خنيس، وعمّار العبادي في عدّة من شيعتهم، معهم زياد خال الوليد الأزرق، دعاة إلى خراسان. فجاء رجل من كندة إلى خراسان. فجاء رجل من كندة إلى أسد بن عبد الله، فوشى بهم إليه، فأتى بأبي عكرمه ومحمّد بن خنيس وعامّة أصحابه، ونجا عمّار. فقطع أسد أيدى من ظفر به وأرجلهم وصلبهم. وأقبل عمار إلى بكير بن ماهان، فأخبره الخبر، فكتب إلى محمّد بن عليّ بذلك.
فأجابه:
« الحمد لله الّذى صدّق مقالتكم ودعوتكم. أما إنّه قتلى ستقتل. »
غزو جبال تمرون
وفي هذه السّنة غزا أسد جبال تمرون ملك الغرشستان ممّا يلي جبال الطّالقان. فصالحه تمرون وأسلم على يديه، فهم اليوم يتولّون اليمن.
غزو الغور
وفيها غزا أسد الغور، وهي جبال هراة. فعمد أهلها إلى أثقالهم، فصيّروها في كهف ليس إليه طريق. فأمر أسد باتّخاذ توابيت، ووضع فيها الرّجال ودلّاها بالسّلاسل، فاستخرجوا ما قدروا عليه. فقال ثابت قطنة:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)