إن مادة الكولسترول شديدة الأهمية لجسم الإنسان لدرجة أنه يفرزها بنفسه. ولهذا فحتى لو تناولت أطعمة خالية تماماً من الكولسترول، فإن جسمك سوف يفرز بالتقريب 1000 ملج التي يحتاجها لأداء وظائفه بشكل جيد. ويتمتع جسم الإنسان بقدرة على تنظيم كمية الكولسترول في الدم، حيث ينتج المزيد عندما لا يمدك الغذاء الذي تتناوله بالكميات المناسبة. إن عملية تنظيم التوحيد الكيميائي للكولسترول عملية شديدة الحساسية، ويتحكم فيها الجسم بطريقة محكمة.
ويعمل هذا النظام كما يعمل منظم الحرارة في بعض الأجهزة الكهربائية حيث ينظم درجة الحرارة. ومنظم الحرارة في حالتنا تلك هو البروتين الذي يستشعر محتوى الخلايا من مادة الكولسترول، فعندما يستشعر وجود نسبة منخفضة في كولسترول الخلايا، يصدر إشارات إلى جينات الخلايا (وهى الأجهزة الكهربائية في مثالنا) لإنتاج البروتينات التي تكون الكولسترول. وتنتج الخلية المزيد من الكولسترول، كما تنتج أيضا المزيد من البروتينات على سطح الخلية لتلتقط جزيئات ldl المارة، وبالتالي تستخلص الكولسترول من الدم. وهذه الطريقة هي التي تسمح للعقاقير المستخدمة على نطاق واسع لتخفيض نسبة الكولسترول بالعمل بفعالية.
بإمكان معظم خلايا جسم الإنسان أن تنتج الكولسترول الذي تحتاجه. ومع ذلك، يعد الكبد هو المصنع الرئيسي الذي يوفي الكولسترول لجميع الخلايا، فهو يكفى لدرجة تمكنه من تصدير الفائض منه. ويغلف الكبد الكثير من الكولسترول الذي ينتجه بالبروتينات الدهنية والتي تنتقل إلى خلايا الجسد المختلفة، مما يوفر دعما إضافية لما تستطيع كل خلية أن تنتجه بنفسها . وهذه التدعيمات مهمة على وجه الخصوص للمناطق التي تستهلك الكثير من الكولسترول في الجسم مثل الخصيتين في الرجال والمبايض في النساء، حيث تتكون الهرمونات الجنسية.
وفى محاولة لتبسيط إيصال رسالة عن الصحة العامة للجماهير للمحافظة على نسبة الكولسترول الطبيعية، فإن القائمين على شرح هذا الأمر عادة ما يتجاهلون نقطة أن جميع البشر ينتجون كميات كبيرة من الكولسترول . ولكن من المهم جداً أن تتفهم هذا الأمر لأنه يفض الالتباس الذي يقع فيه من المرضى. إذاً، إفراز الجسم للكلسترول ليس شيئا غريبا أو مستبعدا، فكل البشر يفرزونه وإلا لم نكن لنعيش حتى الآن.
ويتحدد مستوى الكولسترول في الدم طبقا للكم الذي ينتجه الجسم وطبقا لما تتناوله في طعامك مطروحا منه الكم الذي يستهلكه الجسم أو يخرجه. وقد ينتج الارتفاع في نسبة الكولسترول عن وجود إحدى المشكلات في أي من المتغيرات في تلك المعادلة، فقد يفرز جسمك الكثير من الكولسترول الذي يزيد عن حاجته بسبب استعداد وراثي أو ربما تتناول الكثير منه عبر طعامك أو ربما لا يقوم جسمك بإخراج الكولسترول عبر الصفراء بشكل فعال.
ويحتاج جسمك للطعام لتزويد عملية إنتاج الكولسترول بالوقود، وقد يقوم أي نوع من الطعام بهذه المهمة بالفعل حتى الخالي من الكولسترول. فما دام الطعام يحتوى على الكربون الموجود في كل من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات، فإنه سيمد الجسم بالبنى الأساسية التي تجعله ينتج الكولسترول الخاص به. حيث يتكون الكولسترول من الكربون الذي يعاد تصنيعه من الطعام الذي تتناوله. أما الدهون المشبعة، فهي ترفع نسب الكولسترول في الدم أكثر من الأنواع الأخرى من الأطعمة، ولهذا ينصح من يودون المحافظة على نسبة الكولسترول لديهم بتجنبها. وهذا الأمر صحيح حتى لو تناولنا الدهون المشبعة في أطعمة خالية من الكولسترول (والدهون المشبعة نفسها لا تشتمل على كولسترول ولكنها موجودة دائماً في الأطعمة بنسبة عالية من الكولسترول) .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)