الالتهاب الروماتويدي المفصلي Rheumatoid arthritis
الدكتور أحمد الحازمي ، استشاري أمراض الروماتيزم
الالتهاب الروماتويدي المفصلي أو الالتهاب المفصلي الروماتويدي هو عبارة عن التهاب مزمن غير معروف السبب يصيب المفاصل في أجزاء الجسم المختلفة بصورة متوازية في الجهتين ويؤثر في أغلب الأوقات على مفاصل اليد الصغيرة ، سبب المرض غير معروف ، ولكنه يعزى إلى خلل في جهاز المناعة . بعض خلايا المناعة المنوط بها مهاجمة الميكروبات ، وبصدد المرض الذي نتحدث عنه تهاجم الخلايا المبطنة للمفاصل .

هناك نظريات على أن الخلل في جهاز المناعة يعود إلي عوامل جينية أو عوامل بيئية أو يعود إلي أنواع من الفيروسات غير المحدد ، وأيضا يؤثر على أجزاء أخرى من الجسم خارج المفاصل التي تشترك مع المفاصل بالتركيبة للغشاء المبطن للمفاصل ، ومن ضمن هذه الأجزاء هي الرئة ، والأوعية والشعيرات الدموية ، ومنها العين أيضا .

ما هي أعراض المرض ؟

  • أعراض غير مرئية :
    عندما يأتي المريض إلى الطبيب غالبا يشتكي من ألم وأيضا تصلب في فترة الصباح الأولى حيث يكون هناك صعوبة في فتح أو ضم الأصابع وحركتها وصعوبة في استخدامها وتتراوح حسب حدة المرض ، وتستمر إلى أكثر من ساعة أو أكثر عند الأغلبية من المرضى وأيضا يصاحب ذلك أعراض تعب في الجسم وخمول بشكل عام وسخونة بسيطة حيث تكون غير ملاحظة بشكل عام .

    وأعراضه ممكن أن تؤثر على أجهزة الجسم المختلفة ، فقد يشتكي المريض من جفاف بالعين كالإحساس بوجود أجسام غريبة أو شعر أو تراب بالعين ، وأيضا جفاف بالفم ، وأيضا يكون هناك في مرحلة متقدمة من تجمع سوائل بين أغشية الرئة ، وأي جزء بالجسم أيضا فهو معرض إلى التأثر .
  • أعراض المرئية :
    يشتكي المريض من انتفاخ في المفاصل التي تكون متأثرة بالمرض ، ويصاحب ذلك صعوبة في القيام في الأعمال اليومية (الوظائف الحيوية) ، مثل الأكل وعملية اللبس واستخدام اليدين ، ويعتمد هذا على المفاصل الأخرى المتأثرة بالمرض ، وهذا عبارة عن تعب مفصلي نتيجة لالتهاب ، والالتهاب يولد ألم وصعوبة في الحركة وبالتالي صعوبة في عمل الوظائف التي تتطلب أن يكون المفصل صحيح.

ما هي مضاعفات المرض ؟
إذا لم يتم التعامل مع المرض بتشخيص وعلاج مبكر وطريقة مناسبة ، فذلك سوف يؤدي إلى التهاب مفاصل مزمن ومن ثم تآكل مفاصل ، ونتيجة لذلك يحدث نوع من التشوهات وضمور في العضلات ، وأيضا ينتقل المصاب إلي مرحلة مزمنة يصعب فيها أداء العمليات الحيوية ، وهذا عند أغلب المرضى وإن كان هناك بعض الاختلافات حول كم من الوقت يحتاج المريض في حالة عدم العلاج لكي تحدث عنده هذه التشوهات والخلل ، وتخلف من حالة إلى أخرى، ولكن بشكل عام هذه هي النتيجة الطبيعية إذا لم يتم التعامل مع المرض بطريقة سليمة من البداية .

السائل الهلامي الموجود في المفاصل بكمية بسيطة له دور في تغذية المفاصل وكذلك في مساعدة المفصل على الحركة ، لكن مع الإصابة بالمرض يحدث التهاب في الغشاء حيث يحدث تجمع سائلي كبير إن جاز التعبير ، ويكون هذا التجمع مليء بالخلايا الالتهابية ، وأيضاً تكون ضارة بالمفصل ، ويحدث هنا تآكل وبالتالي تؤدي إلى تحطم المفصل وتشوهه ، وعدم القدرة على استخدامه .
أين تكمن خطورة المرض ؟
بالنسبة للخطورة ، فلنتخيل أن هناك مريض لا يستطيع استخدام احد مفاصله ، وأيضا يكون بسبب الألم والتهاب بالبداية أو يكون بتلف وتحطم المفصل في نهاية المطاف ، إذا لم يتم التعامل معه . وكنتيجة لذلك سوف يكون المريض غير قادر على أداء الوظائف الحيوية وبالتالي تكون النتيجة بأن المريض قد لا يستطيع العمل بوظيفة يقتات منها ، بل لا يمكنه العناية بنفسه ، فهذه نقطة مهمة جدا جدا .

أما النقطة الثانية : أن تشوهات المفاصل قد تؤثر على المريض من ناحية جمالية ، وشكل المفصل سوف يكون محطم من الداخل مما يؤدي إلى تغير وتشوه في شكله الخارجي .

أما النقطة الثالثة : المرض يمكن أن يسبب هشاشة العظام عندما يكون هناك ضمور في العضلات و غيره من مضاعفات ، وقد تؤدي هشاشة العظام إلى سهولة تكسر المفاصل والعظام وتشوهها ، هذا من جهة المفصل العضلي ، أما من جهة الأجزاء الأخرى من الجسم ، الرئة ممكن تأثرها ويحدث فيها تليف ، وتجمع السوائل ما بين أغشية الرئة الداخلية والخارجية ، والعين ممكن أن تتأثر أيضا ويمكن أن يصيبها العمى في نهاية المطاف وان كانت النسبة ضئيلة في ذلك ولكن تحدث في حالة كون المضاعفات قوية ، وأيضا من المضاعفات الناتجة عن المرض أن الأعصاب الطرفية قد تتأثر وأيضا في الحالات المتقدمة ممكن أن يؤثر المرض على عمل الكلى ويحدث زلال في البول وأمور أخرى تابعة لنشاط عمل الكلى .

ويمكن أن يؤدي الالتهاب الروماتويدي الحاد إلى إيقاف حركة بعض الأجزاء في الجسم كعدم حركة الأصابع ومفاصل الركبة ومفاصل الحوض ومفصل الكتف أيضا مما يؤدي إلى شبه شلل حركي ناتج عن تهتك وتلف المفصل .

ما الفئة العمرية التي تكون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض ؟
الالتهاب الروماتويدي المفصلي 1% من عدد سكان العالم ويصيب بشكل كبيير الفئة العمرية المتوسطة والتي تتراوح أعمارهم بين 38- 45 سنة ، ولكن بشكل عام يمكن أن يصيب جميع الفئات العمرية بدون استثناء ، أما بالنسبة للجنس فأن فئة النساء هي الأكثر إصابة بهذا المرض بشكل أكبر من الرجال .

هل هناك فرق في النسبة بين أعداد المرضى المصابين بالمرض في الماضي وفي الوقت الحاضر ؟
الحالات في الماضي لم تكن تشخص بشكل دقيق أو كانت تعزي لأسباب أخرى ولكن الآن أصبحت تشخص بشكل أدق بواسطة الجهات المخبرية والجهة المختصة بالأشعة ، وأصبحت هناك تطورات وتوفر معلومات جدا مهمة حول هذا المرض وهذا ساعد جدا في التشخيص المبكر والدقيق للحالات ، وأصبح هناك أيضا تخصص بحد ذاته يختص بأمراض الروماتيزم والمفاصل ، والوعي العام بالموضوع أصبح اكبر من الماضي . وإن كان يظهر أن النسبة في الوقت الحاضر قد زادت فذلك يعزى إلى اكتشاف الحالات أكثر منه في الماضي ، وسوف يبقى هذا الموضوع قيد الدراسة لكي نستطيع الوصول إلي استنتاجات بشكل أدق .

هل هناك خطورة على حياة المصاب وهل يمكن أن ينتهي مطاف هذا المرض بالموت ؟
بشكل عام مريض الالتهاب الروماتويدي المفصلي عندما تتم المقارنة بنفس الجنس من مثيله من الأمراض الأخرى عادة يعيش أقل من الأشخاص الآخرين الذين لا يعانون من هذا المرض ، وهناك بعض الأدلة والأبحاث التي جرت مؤخرا والتي تقول إن مرضى الالتهاب الروماتويدي معرضين بشكل اكبر للإصابة بتصلب الشرايين وبعض الالتهابات الأخرى ، أو بشكل عام إصابتهم بالأمراض الدموية القلبية أكثر من الأشخاص الآخرين ، وهذا هو السبب الرئيسي للوفاة المبكرة للمصابين بالالتهاب الروماتويدي . إذا إجابة السؤال هي نعم إن المرض يسبب الوفاة ولكن بصورة غير مباشرة ، ويوجد أدلة على ذلك من أبحاث ودراسات أجرتها بعض الجهات المعنية بالموضوع .

ما العلاج والاستطبابات من الالتهاب الروماتويدي المفصلي ؟ وهل معاملة المريض تكون بعلاج طبيعي أو ببعض الأدوية ؟
إن العلاج بصورة أساسية يبتدئ بالتشخيص الدقيق والسليم للحالة ، وبعد ذلك يتم العلاج حسب الحالة كالتالي :

  • العمل على توعية المريض بشكل مختصر وواضح بصورة سهلة يستطيع أن يفهمها المريض بماهية المرض وأسبابه وما الذي يمكن أن يحصل مع المريض أثناء إصابته بهذا المرض ، وإخبار المريض أيضا بماهية المضاعفات التي سوف تصيب المريض إذا لم يتم العلاج ، وهذه التوعية تعطي دفعه وشعور بالطمأنينة للمريض ويساعده ذلك على فهم حالته وتقبل العلاج الصحيح والسليم لكي يتماثل للشفاء.
    والعلاج بعد هذه المرحلة ينقسم إلي قسمين : العلاج الدوائي ، والعلاج الغير دوائي .

    • العلاج الغير دوائي : فيتمحور حول العلاج الطبيعي للمرض ، وتكمن سهولة علاج المصاب بالعلاج الطبيعي في مدى تقدم حالة المريض ، ويتم العلاج عن طريق عمل حماية طبيعية للمفصل بالحث على تقوية العضلات التي تكون حول المفصل ، والعلاج الطبيعي خطوة مهمة جدا وأساسية للتعافي من المرض .
    • والجزء الآخر من العلاج هو العلاج الدوائي :
      الحمد لله هناك الآن أدوية كثيرة تعمل على علاج الالتهاب الروماتويدي المفصلي وأيضا هناك خيارات كثيرة حسب جنس المريض وحسب عمره وحسب وجود أمراض أخرى يحملها المريض يمكن أن يسبب بعض الأدوية المضاعفات له فيها ، وأيضا هناك خيارات للدواء تتم حسب العمر بالنسبة للسيدات المصابات ، وأيضا يعتمد الاختيار إذا كانت المرأة مرضع أو راغبة في الحمل أو حامل ، فهناك بعض الأدوية لا تستخدم إذا كان هناك حمل لإمكانية وجود تضارب وخطر على صحة الجنين ، وهناك الأدوية الأخرى التي تعمل على تثبيط الالتهاب والعمل على ضموره كمضادات الالتهاب سواء كانت الاستيرويد أو غيرها ، ومرة أخرى نقول اختيار الدواء يعتمد على وضعية الحالة المرضية ، ولكن في معظم الحالات يتم استخدام الاستيرويد (كمضاد للالتهاب) ، ونحن نعمل أيضا على إعطاء الأدوية التي تعمل على تغيير وتقليل الالتهاب بصورة تفاعل مع الجهاز المناعي للجسم بحيث أنها تعمل على تثبيط المرض في مراحله الأولى والعمل على ضموره .

      هناك بعض الأدوية الحيوية المتوفرة في هذا الوقت ومنها ما يعطى بالوريد أو على شكل حقنه تحت الجلد أو ما يؤخذ عن طريق الفم ، وأثبتت هذه الأدوية بان لها فعالية قوية جدا ، وممكن أن تحسن من التخلص من المرض بطريقة سريعة وفعالة ، وذلك بسبب أن المرض في هذه الحالة يصبح في حالة كامنة .


كيفيه عمل بعض الأدوية ومسماها ؟
بعض الأدوية تتعامل بصورة مباشرة مع بعض الخلايا في جهاز المناعة والتي يكون لها دور في الالتهاب ، وتعمل على تثبيط جهاز المناعة بطريقة معينة بحيث يتم قفل الالتهاب الروماتويدي أو المسبب الأساسي له ، ويعتمد بعضها على تثبيط الخلايا T والخلايا B الخ ... ، ولهذه الأدوية مؤشرات بكيفية استخدامها ووقت استخدامها ، ويعتمد ذلك على تاريخ المرض وبعض الفحوصات التي تجرى للمريض وهل كان المريض يعاني من قبل من مرض السل أو مرض الدرن . وفي حالة وجود أحد المرضين السابق ذكرهما ، فيجب أن يعالج المرض بأخذ كورس كامل والوصول لمرحلة الشفاء لمدة أسبوع أو أسبوعين ، ومن ثم تبدأ المباشرة بعلاج الالتهاب الروماتويدي المفصلي ، وأيضا لا ننسى أن هناك بعض المرضى يكون عندهم بعض موانع الاستخدام لأدوية معينة ولذلك فان كل حالة تقيم على حده .

وبصورة عامة فان الأبحاث مستمرة والعمل مستمر في إيجاد أدوية جديدة لهذا المرض ، ولذلك نلاحظ ظهور أدوية جديدة بشكل متجدد وخلال فترات زمنية تتراوح بين بعض الأشهر والسنة . دواء المابثيرا Mabthera من الأدوية الجديدة في علاج الالتهاب الروماتويدي المفصلي ، وهو يتميز عن غيرة من الأدوية من حيث أنه لا يعمل على تنشيط أي التهاب أو درن مثبط أو ضامر داخل الجسم ، ولكن الدواء لا يزال جديدا ولم تتم تجربته على الحالات بشكل كافي للحكم القاطع عليه .

في بعض المرضى يتم الكشف المبكر عن المرض وهذا يسهل العلاج كثيرا وتكون استجابة المريض للعلاج استجابة رائعة ، وهناك بعض المرضى الآخرين تم الكشف عن حالتهم بصورة متأخرة أو تمت معالجتهم في السابق بصورة خاطئة لتقصير من المريض نفسه أو لأسباب مادية وأيضا لعدم توفر الرعاية الصحية وقتها أو في ذلك المكان التي تم العلاج فيه أو لعدم توفر أخصائي خبير في علاج المرض وفي كلا الحالتين يكون هناك تقدم في المرض ، وهناك أيضا بعض الإصابات التي تكون متأخرة جدا وقد وصلت لمرحلة المفاصل المتحطمة ، أو بأن المرض وصل لمرحلة خارج نطاق السيطرة عليه ، ونقول أيضا أن هناك لكل مرحلة من المراحل السابق ذكرها أسلوب علاج نتبعه مع المريض . التشخيص المناسب وإعطاء الدواء الصحيح ساعدت بقدرة الله عز وجل على شفاء العديد من الحالات بشكل كامل وممتاز .