كان جيش الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بدر شبابا خرجوا معه لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فحطموا الأصنام، وداسوا الأزلام، وحذفوا رؤوس الأقزام، واستمر الشباب في كل أمة وفي كل جيل يصنعون أملها المنشود ومجدها الموعود.
والذي شرح خاطري في شباب تونس ومصر الذين صنعوا التغيير أنهم جمعوا بين الإيمان والعمل.. الإيمان بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا، والعمل من أجل حياة كريمة وحضارة راقية ومجتمع سليم معافى، كانوا يصلون الصلوات الخمس في الميدان، ويحفظون الأمن، وينظفون السكك، ويداوون الجرحى، وينظمون المرور، جمعوا بين ثقافة المسجد والمصنع، والمصلى والشركة، والمصحف والميدان، والقلم والمشرط والريشة، فأذهلوا العالم بإيمانهم وصبرهم وثقافتهم.
كنت قبل أسبوع في الهند مع بعض الدعاة السعوديين، فزرنا خمس جامعات في ولاية كجيرات وجمعية العلماء بنيودلهي وندوة العلماء بلكنو، فوجدنا شبابا مؤمنا بالله جمع بين دراسة صحيح البخاري والـ«فيس بوك»، بين التسبيح وتعلم الكيمياء، بين اتباع السنة ودراسة الكون، وكان أستاذهم في الهند الدكتور أبو الكلام الفيزيائي المسلم المصلي الذي اكتشف القنبلة الذرية، فأكرمه الشعب الهندي بأن توجه رئيسا للهند، كان عنده معمل فيزيائي معه ثمانية موظفين، إذا أذن المؤذن ترك العمل، وذهب إلى المسجد، وهذا الذي نريده من الشباب.
وعجبي من شباب مفلسين محبطين فاشلين ليسوا ناجحين في الدين ولا في الدنيا، بل تجدهم متذمرين من الطاعة لله، عندهم خجل من التدين، ما أخذوا من الغرب إلا ركوب الـ«بنز»، ولبس الجنز، فصار أحدهم كالعنز، قلوبهم فارغة من الإيمان، وأدمغتهم فاضية من الثقافة والمعرفة، وهم ممتازون في السهر الضائع وقتل الوقت في نفث سجائر الدخان والأحلام الوردية والوساوس الشيطانية.. صلينا صلاة الجمعة في الهند في اليوم الذي سقط فيه رأس النظام المصري فيما يقارب عشرين ألف شاب مسلم درسوا علم الشريعة والرياضيات والكيمياء والفيزياء، وأخذوا يدعون الله أن ينصر الشعب المصري كما نصر الشعب التونسي، فهم يحملون رسالة الإسلام التي جمعت بين الأبيض والأحمر والأسود، وبين العربي والهندي والفارسي والتركي والكردي وكل أجناس البشر.
إن الأمة الإسلامية لا يصنع تغييرها إلى الأفضل والأجمل والأكمل إلا شباب مؤمن يعترف بالقبلة والمصحف والشريعة، مؤمن بالعمل، وينتشر بعد الصلاة إلى المكتب والثكنة والعيادة والمزرعة والجندية والجامعة والسوق، يشارك في صنع الحياة، فيبني ويعمر، ويخطط ويهندس، ويحرث الأرض، ويبيع ويشتري، ويحرس الأمة، ويكون عضوا صالحا في المجتمع المسلم.
لا نريد شبابا فاجرا يستهزئ بالديانة، ويخون الأمانة، لا يشارك في صنع الحياة، وإنما هو غدة زائدة في الجسم، وصفر مهمل في عدد الأمة، من أين أتتهم الفكرة التي تقول: لن يحصل تقدم دنيوي إلا بالتنكر للدين؟! «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا». لقد شاهدنا الشباب المسلم الناجح في الشرق والغرب الذي حصل على أعلى الشهادات وأعظم الجوائز في كل تخصص، وهو يحافظ على الصلوات الخمس، ورأينا الشباب الفاشل المهزوم المسحوق وقد تنكر للعبادة، ففشل في الدراسة والوظيفة والإنتاج..
نريد أن نجمع بين المسجد والمصنع، والجامعة والميدان، والمصحف والمختبر، بين المجد في الدنيا والنجاة في الآخرة، وأعوذ بالله من الكفر والفقر والفجور والكسل. يقول الله تعالى في كتابه عن الشباب المؤمن صانع التغيير: «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى».
</I>__________________
.
.
اتق الله حيثمــــــــــــا كنت
واتبع السيئة الحسنة تمحها
وخالق الناس بخلق حسـن
متـــــــــى
الزفاف ياعروس الربيع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)